عبدالفتاح نافع يكتب: المنقلبون الجدد

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
عبدالفتاح نافع يكتب: المنقلبون الجدد


عبدالفتاح نافع.jpg

( 08 أكتوبر 2017)

علي الرغم من السمعة السيئة التي تحظي بها كلمة انقلاب جمعًا وتثنية وإفرادًا إلا أنها تستحق هذه السمعة بحق ، ويجب أن تلصق بها في بعض المواطن ، فالباحث عن هذه الكلمة بتصاريفها في القرآن الكريم يعلم علم اليقين أنها ما وردت إلا في مواقع الخزي والندامة ..فتأتي أحيانًا بمعني الردة "وَنُرَدُّ عَلَىٰٓ أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَىٰنَا ٱللَّهُ كَٱلَّذِى ٱسْتَهْوَتْهُ ٱلشَّيَٰطِينُ فِى ٱلْأَرْضِ حَيْرَانَ لَهُۥٓ أَصْحَٰبٌ يَدْعُونَهُۥٓ إِلَى ٱلْهُدَى ٱئْتِنَا ۗ".. وكذلك جاءت بمعني العودة إلي الجاهلية والكفر . ( وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ ) وغيرها الكثير من الآيات التي تدلل علي المعني السيئ لهذا الفعل.

ولكن وردت بمعنى غاية في الرضا والإيمان وحسن المثوبة "فَانقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ "

فالسمعة السيئة التي قد تلحق أحدًا ليس بالضرورة أبدًا أن تظل ثابتة فيه وملازمة له.

وقد يقوم بالفعل في موضع يلام عليه فيه بل قد يكون هذا الفعل في ذاك الوقت مخالفًا لشرع الله سبحانه وتعالي ، وتجب منه التوبة.

وقد يقوم بنفس الفعل في موضع يُمدح فيه من رب العالمين ، بل وتدعمه آيات السماء ، مع أنه هو هو نفس الفعل ولكن تختلف الظروف والأحوال التي تجعلنا نتعجب أشد العجب لأنها تستدعي هذا الفعل المنهي عنه بل وقد تستوجب حدوثه وهو المنهي عنه في ظرف آخر.

والدليل علي ما أقول أنه في غزوة بني النضير وهم متحصنون في بيوتهم وقلاعهم وحصونهم ، والرسول ومعه جيش العزة يحاصرونهم ، يأمر الرسول أصحابه بحرق الجيد من نخيل بني النضير ، وترك بعضه ، وحرق بعض النخيل وترك بعضه ، حتى أن اليهود لاموا علي رسول الله هذا الفعل وأنه يخالف ما يدعو إليه من الإصلاح ومن الإعمار ، فها هو صلي الله عليه وسلم يحرق ويقطع ، ونحن لو نظرنا لهذا العمل لوجدنا في أنفسنا تحفظات شديدة عليه كما فعل بعض الصحابة وتحرجوا من هذا الفعل الذي يخالف ما جاء به نبي آخر الزمان.

ولكن لأن الظرف يقتضي هذا الفعل فجاء الوحي من السماء ليزيل الهم عن المتحرجين من الصحابة ويوضح الحكمة من هذا القطع والحرق والتدمير.. فقال الله.. ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة علي أصولها فبإذن الله وليخزي الفاسقين.. فما حدث حدث بإذن الله.

فمن انقلبوا علي الدين وعلي إرادة الشعب وعلي الشرعية التي منحها الشعب لرجل أي كان هذا الرجل ؛ كانوا كمن قطع وحرق ودمر في موضع السلم ومواطن الأمان.

ولا شك أن هذا العمل مذموم ، وفيه افتئات ّ علي حقوق شرعية ومناصرة للظلم وللظالمين ، ومساهمة في وزر كل قطرة دم سالت علي هذه الأرض الطيبة في ميادينها وشوارعها.

وكذلك هم شركاء في وزر يحملونه مع من فعلوا ذلك من أجله و في أعناقهم وزركل معتقل أو سجين ، لأنهم ممن أعانوا علي فعل هذا بل وباركوه وهللوا له.

بل وصل بغيهم وظلمهم أنهم كانوا سببًا في اعتقال الكثيرين من الأبرياء المخلصين ، بوشاية لمجرمين حرق الدولة وليس أمن الدولة.

وكذلك يحملون في أعناقهم وزر كل مطارد تاركًا لأهله ولأوطانه.. يعاني مرار الغربة والهجر ، وقسوة الظروف والأحوال ، فقد يعيش المطارد أيامًا وشهورًا بلا عمل ولا سكن ولا وطن ، وهو الذي كان في أهله سيدًا.

وكل معتقل يموت خلف الأسوار معلق دمه في أعناقهم ....

أيها الداعمون للانقلاب أنتم شركاء في كل مصيبة أُصيب بها الوطن ، أما تخشون دعوات الثكالى من الأمهات والأيامى من الأزواج واليتامى من الأبناء وأنتم كنتم تهللون وتفرحون لما يصيبهم من أذي.

وأنتم تعلمون الفريقين..

تعلمون الانقلابيين جيدًا وتعلمون حجم الخراب والدمار الذي أحلوه ببلادنا ، وتعلمون حجم هذا التردي الاقتصادي الذي أجهز علي جميع مدخرات الناس بسبب فحش الأسعار وارتفاعها فأصبحت الحياة صعبة عسيرة وأصبحتم تُعانون كما يعاني الناس علي خلاف ما ظننتم أنكم في مأمن من هذا الزحف علي جميع المدخرات ، وفي مأمن من الفقر الذي أصاب الجميع ، وها أنتم قد غرقتم فيه.

وهذا التردي الأخلاقي ، والصحي والتعليمي والخدمي.. لقد أصاب الفشل والتردي كل مناحي الحياة وكل مؤسساتها... وأنتم تعلمون صدق ما أقول وتحسونه في بيوتكم وأموالكم وأبنائكم.

وتعلمون الفريق الآخر من الذين آذيتموهم بغير ذنب ولا جريرة منهم إلا أن يقولوا ربنا الله ، ويسعون إلي رفعة دينهم وأوطانهم..

انقلبتم في يونيه الأسود 2013 ظنًا منكم في أنهم جاءوا بأنهار العسل وأنهار الخمر وأنهار اللبن ، وأودية الخير ، ومناجم النعيم ، وأنهم جاءوا بمفاتيح الجنة ومفاتيح المغارة المليئة بالكنوز..

ثم بان لكم كذبهم بأنهم ما جاءوا إلا بالذبح وبالخراب...

انقلبتم معهم فكان انقلابكم مذمومًا.

فهلا انقلبتم عليهم ليكون فعلكم محمودا ، هلا رجعتم إلي صوابكم وصوبتم عيونكم نحو أبنائكم ودينكم وأوطانكم التي سُلبت ونُهبت بمباركتم للانقلابين.. هلا تُبتم وعدتم لتعود مع فعلكم أوطانكم...

هلا رجعتم وانقلبت عليهم لتكفروا عن خطيئتكم.

هلا نلتم شرف أن تكونوا المنقلبون الجدد..

والله غفور رحيم..

المصدر