عبدالباسط البنا
مقدمة
نشأ الشيخ أحمد عبد الرحمن البنا في قرية شمشيرة بفوة التابعة لمحافظة كفر الشيخ ومنها تزوج السيدة أم السعد إبراهيم صقر عام 1904، غير أنه انتقل في بداية حياته إلى مدينة المحمودية – على الضفة الثانية لنهر النيل – طلبا لسعة الرزق وللعلم معا.
رزقه الله بالعديد من البنين والبنات حيث بكر بأنه حسن أحمد عبدالرحمن البنا عام 1906، ثم توال الأبناء حتى رزقه الله بعبدالباسط فى 16 أغسطس 1915م الموافق 16 شوال 1334هـ. حرص والده على تعليمه كبقية إخوته غحفظ القرآن الكريم في الكتاب، وقد انتقل مع عائلته إلى القاهرة في في 22 محرم 1343 – 17 أغسطس سنة 1924م، وكان عبدالباسط لم يتجاوز العاشرة من عمره.
ولقد عمد الإمام حسن البنا إلى أن يخفف عبْ التربية عن كاهل والده فطالب من والده ليرسل له إخوته عبدالباسط وجمال وفاطمة للعيش معه في الإسماعيلية حيث حرص على حسن تربيتهم
حتى أنه كتب خطاب لوالده يقول له فيه:
- أما جمال فهو مسرور كل السرور وقد أدخلته مدرسة أولية فهو يتعلم بها ويحبه أساتذتها ويكرمونه جداً ، أما فاطمة فأنا أوصيها كلما سنحت الفرصة الوصايا التهذيبية وسأشرع معها في القراءة والكتابة بحول الله وقوته .
- وعبد الباسط كذلك أهتم بتهذيبه جداً ، وبالجملة فآمل بعون الله أن أوفق إلي أرشادهم خير الإرشاد إلي ما ينفعهم في المعاش والعبادة ولهم درسان في الأسبوع بعد العشاء يحفظون فيها الحديث وزارنا بعض الإخوان المدرسين والموظفين فكان لتلك الزيارات أثر في نفس عبد الباسط جعله يتعلم كيف يتأدب ويقابل الناس وهكذا ، وقد فصلت لكل منهما جلبيتين من الياباني وضمنت عليها النظافة وعدم السير بالحفاء ودوام الصلاة والنظام والغسل ونحو ذلك فأصبح يسران الناظرين.
- إلتحق عبدالباسط بمدرسة المحمدية الإبتدائية بالحلمية الجديدة ثم الخديوية الثانوية، وبعد حصوله على الشهادة الثانوية التحق بمدرسة البوليس (كلية الشرطة). وبعد تخرجه أدى الخدمة في أقسام الشرطة بالقاهرة، ولكنه استقال من جهاز الشرطة أوائل الخمسينيات، واتجه إلى الدعوة الإسلامية حيث أسس فريق الإنشاد الإسلامي (1948) مع بعض نظرائه.
وتعلق بالفن وكتابة الروايه والشعر منذ الصغر حيث يقول جمال البنا شقيقه:
- "حينما انتقل الوالد الشيخ إلى المحمودية اشترى " دكانا" على النيل مباشرة لتصليح وبيع الساعات, ثم توسع مع ظهور "الجراموفون" والصورة الأولى للإسطوانات وكانت وقتئذ أشبه فى تجارته ولم يكن هذا مستنكرا لأن معظم ما كانت تنطبق به هذه الإسطوانات كان تواشيح ومدائح. وكان معظم الملحنين من المشايخ".
- على أن هذه اللفتة تكشف عن ناحية خافية فى شخصية الشيخ هى وجود الحاسة الفنية. وكانت هذه الحاسة مغروسة فى الشيخ ومعظم أبنائه وقد كان الشقيقان عبد الرحمن وعبد الباسط شاعرين مع ميل خاص للموسيقى وكان لدى الأول "ربابة" وهى الصورة الساذجى للكمان. كما لدى الثانى "عودا" وألف الأستاذ عبد الرحمن مسرحيات إسلامية يمكن أن تجعله رائدا للمسرح الإسلامى كما ألف الأستاذ عبد الباسط بعض الأغانى".
أعماله الفنية
صدرت له رواية بإسم (ضياء) وقد مال الى تأليف الأغانى فى سن مُبكرة، وإلتقى بالعديد من الفنانين وصاحبهم ، خاصة الموسيقار رياض السنباطى فى بداية حياته الفنية، حيث كتب له عدداً كبيراً من الأغانى ، ومنها (غاب بدرى) غناء عبدالغنى السيد ولحن رياض السنباطى
و(عادت ملاكى) ، و(عودة البحارة) للسنباطى ، كما كانت طقطوقة (ياريتك حبتنى) التى غناها ولحنها السنباطى، وهو السبب المباشر الذى دفع أم كلثوم لضمه إلى قائمة مُلحنيها ، كما قدم لمحمد عبدالمطلب وشوفت حبيبى، إبتعد عبدالباسط عبدالرحمن عن عالم الغناء تدريجياً.
وكتب وجيه ندى عنه بقوله:
- عبد الباسط عبد الرحمن كانت دراسته الجامعيه هى الحقوق وبعد حصوله على الليسانس - عمل مؤلف الاغانى فى وزارة الداخليه فى اكثر من قسم للبوليس واحدهم مامورا لقسم الرمل لفتره ليست بقصيره وعندما تقابل فى احد المرات مع مدحت عاصم المسئول عن الموسيقى والغناء فى احدى الحفلات الاذاعيه عرض عليه مجموعه من كتاباته الغنائيه
- وبالفعل كانت أولى اعماله الاذاعيه اغنية محمد عبد المطلب (بعد اللى بحبه شغل بالى) من الحان مرسى الحريرى واذيعت فى 1 نوفمبر 1941 وايضا اذاعت له الاذاعه فى اليوم التالى اغنية يابدر تحت ضياك حبيبى وايضا اغنية (مين يقول ان جمالك) من غناء اشهر مطربى عصره الفنان عبده السروجى وغنت المطربه حياة محمد عملين من نظم شاعرنا عبد الباسط عبد الرحمن
- وهما اه يا زمن غدار و امتى نشوف الحلو وايضا من موسيقى رياض السنباطى – ايضا غنت المطربه عصمت عبد العليم ياما كنت بتتمنى وايضا من الحان رياض السنباطى – وايضا غنت المطربه خيريه السقا ايه يفيد البكا وايضا من موسيقى رياض السنباطى وتوالت الاعمال وكانت اشهرهم شفت حبيبي وفرحت معاه.
مع الإخوان
انتسب إلى جماعة الإخوان المسلمين، وكان له نشيد بعنوان (نحن أبناء الرسول) وهي أبيات ألفها الأستاذ عبد الباسط البنا وحفظها تلاميذ معهد حراء الإسلامي، وهو أول مؤسسة تعليمية أنشأها الإخوان بالإسماعيلية وتطوع المؤلف عبد الباسط البنا للتدريس فيها سنة 1932م، وكان التلاميذ يرددون هذا النشيد
وأطلق عليه نشيد المعهد:
- نحن أبناء الرسول
بالتواصي والإخاء
- ننشد المجد الأثيل
في حمى هذا العرين
- ننصر الحق المبين
في رحاب الله جئنا
- نطلب العلم المجيد
ربنا إنا قرأنا
- باسم خلاق الوجود
في حمى هذا العرين
- ننصر الحق المبين
طاعة الله عمادي
- يا إمام الأنبياء
إن تقوى الله زادي
- والرضا منه الرجاء
في حمى هذا العرين
- ننصر الحق المبين
وكان مرافقا لأخيه الإمام حسن حينما استشعر الخطر على أخيه، حيث وصف ذلك بقوله:
- إن الحكومة المصرية أعدت العدة لقتله في السعودية على أن تنسب الجريمة إلى بعض اليمنيين!، وكان أمير الحج المصري حامد جودة – رئيس مجلس النواب الذي ينتمي إلى الحزب السعدي – قد صحب معه بعض الأشخاص الخطرين، ولكن الحكومة السعودية استشعرت ذلك فأنزلت المرشد العام ضيفًا عليها وأحاطت مقره بحراسة شديدة وقدمت إليه سيارة خاصة بها جندي مسلح لمنع الاعتداء عليه، وعاد حسن البنا في 28 من نوفمبر 1948م (كما ورد في كتاب من قتل حسن البنا لمحسن محمد - صـ 481)
وبعدما حلت الجماعة اعتقل أثناء محنة الإخوان عام 1948م ضمن أسرة الشيخ حسن البنا حيث اعتقل معه أخوه عبدالرحمن – عضو مكتب الإرشاد وجمال الدين – وبعدما خرج من السجن أسس فرقة إنشاد إسلامية، كما أسس مجلة راية الحق (1950)، وهي مجلة فكرية شعرية، يحررها بمفرده ، قبل أن يسافر إلى المملكة العربية السعودية، حيث عمل مستشارًا ثقافيًا في مدينة الرياض إلى وقت رحيله.
ما كتبه عن أخيه الإمام البنا
كتب في ذكرى أخيه الإمام البنا يقول:
- مناجاتى لأستاذى الشقيق شهيد الإسلام الإمام حسن البنا، لا تنقطع، وهى منى الأمل الباقى فى هذه الحياة، والنور الذى يهدينى لمراقبة الله، وتعودت كل عام أن أستعيد النجوى فى يوم الذكرى، فأبعثها إليه نفثات مهجة حرَّى، أطفئ بها لظى ما بالفؤاد من شوق وما بالنفس من حسرة وأسى، وقد تجلت النجوى هذا العام فى الأرض المباركة حيث ولد المختار
- وهبط الوحى الأمين على ساكن الغار، وأقيم البيت العتيق مثابة للناس وأمنا ذكرت إمامى -رضوان الله عليه- عند كل ركن من أركان الكعبة الغراء فى كل طواف، ولم يبرح شخصه الكريم بالى لحظة فى مكة المكرمة، حيث كان يقيم فى سبيل الله الندوات، وفى منى حيث شدت السواعد بهدية لرمى الجمرات وعلى جبل الرحمة فى عرفات.
- كنت أنزل عند المطوّف صالح المداح القريب مسكنه من بيت الله الحرام، ورأيت وأنا نائم ذات ليلة أنى دخلت الكعبة، وما كدت أستيقظ لصلاة الفجر حتى علا صوتى وانطلق لسانى مرددًا، بيت الله الحرام.. بيت الله الحرام.. والتفت إلى كل من بالمكان من النازلين عند الحاج صالح المطوف، فلم أتمالك نفسى ولم أكتم فرحتى وأخبرتهم أنى دخلت بيت الله الحرام..
- وشاء الله أن أدخله فى صبيحة اليوم نفسه مع جلالة الملك سعود والسيد أمير الحج البكباشى حسين الشافعى، وكان لى شرف غسله من زمزم وماء الورد، وأذن الله تبارك وتعالى لى مرة ثانية، وكان لى شرف ربط الكسوة الجديدة مع خادم البيت الكريم بسطح الكعبة، وصدق الله الرؤيا.
- وأشهد رب البيت يا إمامى وأنت فى رحاب ربى مقربًا منه عنى أن رأيتك، ففى اليوم التالى رأيت جمعًا من أبنائك وما أكثرهم، وخيَّم صمت رهيب وما هى إلا كلمح البصر حتى لمحتك يا إمامى الشهيد يشرق نورك من خلف الجميع بوجهك المتهلل وثيابك البيضاء وإذا بصوت من الحاضرين يجهش بالبكاء وإذا بالهتاف يدوى لله، وكان آخر ما رأيت فى هذا المشهد ابتسامة هادئة علت وجهك الكريم ملؤها الإيمان بالله والثقة به.
- يا إمامى الشهيد: لو كنت قد تعودت أن أحيى ذكراك الطاهرة بنشيد أو أهدئ نفسى الثائرة لفقدك بقصيدة فإن نشيدى وقصيدى ما كنت أردده فى حمى الحرم حين نفضت النوم عن هذه الرؤيا وأنا أقول:
حسن البنا حسن البنا
ما غاب بطلعته عنّا
لو ضاع العهد فلا كنا
سيقود الجيلَ دمُ البنا
والسلام عليك يا إمامى مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقًا.
وكتب في ذكرى يقول:
- كل أيامى بعد اغتيال أستاذى وشقيقى شهيد الإسلام حسن البنا أيام ذكرى، ولم يزد يوم الذكرى نفسه عن هذه الأيام إلا أنه يوم الحقيقة التى أفزعت الشرق بأسره، وجنت على الإسلام فى أعز ناصر.
- ومنذ هذه اللحظة المشئومة والنفسُ تتفانى فى الوصول إلى الحقيقة، وجريًا وراءها وهذا هو السر فى أن كل أيامى بعده - رضى الله عنه - أيام ذكرى.
- سيدى الإمام يا شهيد الإسلام.
- السلام عليك فى جنة الخالدين.
- السلام عليك فى زمرة المتقين.
- السلام عليك مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين.
- وبعد: أدركنى موعد الذكرى وأنا أعد للقراء "دائرة معارف الله أكبر ولله الحمد"، وكنت أتلاطم مع أمواج البحر الثائر من الذكريات الخالدة لأطالعهم بالكتاب الأول منها "مع الشهيد الإمام المرشد العام" مصورًا حياة دعوة الحق فى حياتك منذ مولدها يوم كان انشغالنا الدائم بالإخوان
- وخروجنا من المنزل إلى الإخوان، ووقتنا خارج المنزل للإخوان، وعودتنا إلى المنزل مع الإخوان - وبعد أن ينصرف الإخوان كنت يا إمامى تحدثنى عن الإخوان - إلى أن كتب الله للدعوة نصرًا وتأييدًا فأصبحت تمثل الفلاح والعامل والموظف والفقير
- وتمثل النهضة السياسية التى ترتكز إلى الدين وهو أعرق مقومات هذا الشعب المؤمن، وتمثل الشمس المشرقة شمس الشعب أمام الشمس الآفلة شمس الملكية، بفضل ذلك الإعداد الروحى المستقيم، وذلك الإعداد الحربى العظيم لا للاستعراضات ولا للزهو ولكن ليوم يستطيع فيه الإخوان أن يبطشوا بطشتهم فيزيلوا الطاغوت كما كنت يا إمامى تلقب الملك فى مصر.
- كنت أصور للقراء فى كتابى "معك" ما كان، بعد أن بطشت الحكومة والملك الطاغية والاستعمار وكافة القوى الرجعية الظالمة بهم فى شخصك الكريم، وحكمت مصر حكومة غاشمة تحسب أنها بهذا الاضطهاد تخضد شوكة الإخوان وتجعل نفوسهم تخشع أمام رهبة الظالم فينقلبون على دعوتهم، ناسية تلك الحكومة أنك يا إمامى قد وطنت أنفسهم على تقبل الاضطهاد واعتباره دليلا على نجاح الدعوة وسلامتها.
- كنت أعد فى كتابى "معك" تصويرًا لوقت ألقى الإرهاب رداءه الكثيف فخشعت له النفوس وحارت فيه العقول، واعتقل الإخوان أعضاء مكتب الإرشاد وغيرهم فى كل مكان وظللنا منفردين نواجه الموت كل ليلة نسعى فى الظلام، وأنت يا إمامى تبذل كل ما فى وسعك ليثوب صغار النفوس حكام البلاد إلى رشدهم ويرجعوا عن غيهم، وليفرجوا عن الإخوان المعتقلين.
- كنت أعد ذلك لأكشف اللثام عما انفردنا بسماعه من المخزيات المضحكات ممن كانوا يسمون وزراء ورؤساء نواب، ذاكرًا لك يا إمامى مواقفك الخالدة، وأنت تندد بتصرفهم المشين وتثور عاقبة محاربة الله ورسوله فى دعوة الإخوان بأسلوبك الكريم وحكمتك البالغة، وبما تكن فى نفسك السامية من غيرة على الدين وحرص على سلامة البلاد
- وإسعاد أبنائها إلى أن تبينت يا إمامى نواياهم الخبيثة وما بيتوه للدعوة وأنصارها من شر، بينما أنا أصور ذلك غارقًا فى بحر ذكرياتك الغالية التى تعاودنى حيثما كنت، وتلاحقنى أينما حللت، أحسست بالقلم يرتجف والروح تنادى والقلب يدمع، وساعة صاخبة لم تر الأرض أفظع منها تقترب منى فطويت الصحائف من دائرة المعارف واتجهت بروحى أناجى الروح.
- سيدى وإمامى: شاء الله أن نكون منفردَيْن فى عهدين سجلهما التاريخ لدعوة الحق، عهد تكوينها بمدينة الإسماعيلية، وفترة محنتها بعاصمة البلاد منذ أعلنت الحكومة الغاشمة قرار الحل المشؤوم إلى أن فرق بين شملينا ولاةُ السَّوء حماة الظلم، فقادونى تحت حراسة أفظع مما يتخيله خيال الواهمين إلى سجن بلوكات النظام
- مطمئنين بذلك إلى أنهم نفذوا خطة دبروها لتجريدك يا إمامى وإنى فى ذلك الكون الضيق الفانى بما فيه من ظلم وألم وخداع وندم ونفاق فاجر وفساد كافر وقلوب قُلّب تتجاذبها أهواء الدنيا وتلعب بها مغريات الحياة بألوان الخداع والنفاق - إلا من ثبت الله - اللهم يا مثبت القلوب ثبت قلبى على الإيمان.
- أريد أن أنفث ما بنفسى وما يعتلج بها من أحاسيس مختلفة فى سطور لا أخالها وافية بحقك ولا موفية لما فى قلبى. ومهما صورت فأنت فى عالم الحقيقة أعلم منى بما فى نفسى يا سيد الشهداء، ونحن هنا فى العالم الفانى لا يمكننا تصوير الحقائق إلا بقدر ما يتصل بنا من معنويات ظاهرة ملموسة ولكنها الآخذة من النفس كل مأخذ، النازفة من القلب كل قطراته، وبما عاهدت عليه الله يا إمامى أريد أن أناجيك بعد تألب دولة طاغية على الشرق والإسلام فى محاربة شخصك معلنة الحرب عليهما بمؤامرة اغتيالك.
- فتحت المعتقلاتُ أبوابها، وخرج الإخوان أفواجًا، وانعكست حركة الاعتقالات وبالا على الذين أشعلوها، وأخذ الرأى العام يعطف على الإخوان الذين اضطهدوا وعُذبوا، ورأى الناس كل الناس أن اغتيالك يا إمامى فعلةُ نذالة لا يعرف التاريخ لها مثيلا، وبدأ الجنود، جنود الدعوة الحق
- ينتظرون الأوامر ليؤكدوا للرأى العام بصفة خاصة أمرين:
- الأول: أن الشعبية التى اتسمت بها الدعوة فى فترتها الأخيرة ستظل كما كانت، ستظل دعوة الإخوان ظهيرة للفلاح والعمال والطلبة والشباب، وسيظل هدفها دائمًا تحرير هؤلاء - على أساس الإسلام - من ربقة الاستبداديين والإقطاعيين والرأسماليين.
- والثانى: أن المحنة لم تنل من الإخوان لأنهم ترقبوها واعتبروها تشريفًا وصمدوا لها كما يصمد المؤمنون، وأنهم خرجوا أشد إيمانًا وأعظم حماسة ولا سيما وقد أضيف إلى واجباتهم واجب جديد هو تصفية حساب المحنة من افتراءات واعتداءات وتعذيب، ولكن.
- سيدى وإمامى: أحمد إليكم الله تبارك وتعالى، فقد نصرت دعوة الحق، ووالله ما نصرت بجهود وتوجيه بعد المحنة ولكن نصرت كرمًا من الله تعالى لك، فلقد عملت دائبًا ربع قرن لا تقر ولا تهدأ ولا تسكن، ولا تألوا صغيرة ولا كبيرة فى خدمتها حتى لقيت الله شهيدا
- ونصرت الدعوة برًا منه تعالى للمئات والألوف من المغمورين المجهولين ذوى الأطمار فى القرى والكفور الذين ظلوا يجمعون قروشهم السنين الطوال فى سبيل الله حتى أمكن لهذه العربات الفارهة أن تقف بدار المركز العام بعد أن كان المركز العام نفسه حجرات متواضعة فى الحوارى والأزقة.
- إن دعوة الحق يا إمامى ما زالت حتى الآن تجرى بدفعك تحوطها هالة القداسة التى أضفتْها عليها قداستك :وتضحيات الأعضاء القدامى من جنودك وأبنائك وقد مر يا إمامى بالوطن وقت كان يتطلع متلهفًا لدعاة الحق مستجيرًا بمن ينقذه من عبث العابثين ولهو الفاسقين رأت مصر فيه من الطغيان ما هدَّ كاهلها وأضر بسمعتها.
- وعانت فيه أكثر ما تعانى
وما اتخذ الولاة بها قرارا
- وعُقِّدت الأمور وما استقرت
على آثامه سد الستارا
- وضلل عرشَها تاجٌ بَغِىٌّ
- فنظرت هنا وهناك وفى النفس ما فيها مما عودتنى عليه من غيرة على الدين ووفاء للوطن، فلم أجد إلا مكانًا كان يزلزل الغاصبين ويحطم الظالمين، فتوجهت إليه برًا منى لدعوة بايعت الله أن أكون شهيد نصرتها، وبعثت إلى من ولى أمر الإخوان، وكان ذلك منذ عام بخطاب جعلت عنوانه "إعذار إلى الله" عندما جد الموقف أمام الوطن والحادثات، عملا بالنصيحة المفروضة فى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم "المؤمنون عدول يسعى بذمتهم أدناهم وهم يد على من عاداهم".
وفاته
تُوفى فى يوم 9 سبتمبر عام 1971م الموافق 19 رجب 1391هـ ودُفن بمنطقة البقيع بالمملكة العربية السعودية رحمه الله .
الإنتاج الشعري
صدر له الدواوين التالية:
- "تحت راية الفاروق" - (د. ت).
- "الحق المبين" - دار الطباعة والنشر الإسلامي.
- "اللي اطّوع لفلسطين أيام ظلم السعديين" - ديوان من الأغاني بالعامية المصرية.
- "يا ظلام الليل أقبل" - مجلة: آفاق عربية - العدد 561 - 13/6/2002.
- بالإضافة إلى قصائد متفرقة نشرتها "مجلة الإخوان المسلمون" المصرية أواخر الأربعينيات. وألف عدة أناشيد تناسب حوادث تاريخية ومعاصرة معينة، ومسرحية شعرية بعنوان: "الطاغية" - مطبعة الإخوان المسلمين - القاهرة 1949، كما ألف أوبريتًا غنائيًا بعنوان: "الجندي المجهول" - مطبعة الإخوان المسلمين - القاهرة 1949.
المؤلفات الأخرى:
- له كتابان بعنوان: تاج الإسلام وملحمة الإمام - و مني إلى شهيد الإسلام - مطبعة الحرية (د. ت). شعر يوجهه المعتقد، وتقوده الفكرة، أقرب إلى إيقاع الأناشيد في خفتها وتنوع قوافيها بحيث تستجيب للإنشاد والغناء، وتناسب الحركة.
- فاز بجائزة الملك فاروق عام 1948 عن أنشودة "القائد المنتصر" التي استعرض فيها بطولات القائد إبراهيم باشا (ابن محمد علي مؤسس مصر الحديثة).
ومن قصائده:
يا شهيد الإسلام
أشعلَ الظلمُ في الـمَلا نيرانَه آنَ للحُرِّ أن يقول بيانه
مهجةُ الشرق ما لها حيرانه؟ ما لِـجاراتها غَدَتْ غضبانه؟
دائبُ الشدوِ قد جفا ألحانه صدمةُ اللبِّ أذبلَتْ أجفانه
يا شهيدَ الإسلام لبَّيْك بالروحِ تناجيكَ مهجةٌ حرَّانه
والذي جمَّع القلوب على الإيـ ـمانِ، وأعليْتَ بينَها قرآنه
والذي بالجلال توَّج ذِكْراكَ، وأولاكَ رِفعةً ومكانه
ما أُزيحَ الستارُ بعدُ ولكن ظالمُ المسلمين يلقَى هوانه
دعوة الحق
طهِّروا أرضكم طهِّروها واكتبوا عزَّها بالدماء
الكتـــــاب المجيـــدْ في يميني الشعارْ والعلا والخلـــودْ في طريقــي المنار
لا نهابُ القيودْ إنهــــــا للــدمار لا يفـــــلُّ الحديدْ غيرُ عزمٍ ونار
انهضوا كالأسودِ الغِضابْ واشحذوا عزمكم يا شبابْ
يا شبابَ الهدى لا تُراعوا يحفظ الحقَّ حصنٌ منيعْ
لا تقولوا ببطشٍ أضاعوا حقَّنا إنه لا يضيعْ
حقُنا لا يضيعْ أو تزول الحياةْ رغم أنفِ الجميعْ رغم كيْدِ الطغاة
لانهابُ القيودْ إنهـــــــا للدمار لا يفُــــــلُّ الحـــديدْ غيرُ عزمٍ ونار
انهضوا كالأسودِ الغِضابْ واشْحذوا عزمَكم يا شبابْ
اشحَذوا عزْمَكم واستعدُّوا استعدُّوا بعزم الأسودْ
الطغاةُ العُصاة استبدّوا أين فرعونُ؟ أين الجنود؟
من طغى في البلادْ ما له من مُجيرْ من سعى بالفســادْ سوف يلقى المصيرْ
لا نهاب القيـــودْ إنهـــــــــا للدمارْ لا يفُـــــلُّ الحديد غير عزمٍ ونارْ
انهضوا كالأسود الغضابْ واشحذوا عزمَكم يا شبابْ
نحن في ساحةِ الحقِّ قمنا إخوةً لا نَهاب المنونْ
نبذل الروح فيما عزَمْنا للهدى وليكنْ ما يكونْ
قوة العاملينْ أيدتها السماءْ دولـــة الظالمـينْ قد طواها الفناء
لا نهاب القيودْ إنهـــــا للــــــــدمارْ لا يفــلّ الحديدْ غير عزمٍ ونارْ
انهضوا كالأسود الغضابْ واشحذوا عزمكم يا شبابْ
آنَ يا شعبُ ألا تعاني أين منك ارتقاء الشعوبْ؟
لم تنلْ حظها بالأماني إنما طهَّرتها الحروبْ
النـــــزالَ النــزالْ يا ليوثَ الكفاحْ زلزلي يا جبــــالْ واقصفي يا رياحْ
لا نهاب القيودْ إنهـــا للدمــــــــــارْ لا يفـــلُّ الحديدْ غير عزم ونار
انهضوا كالأسود الغضابْ واشحذوا عزمكم يا شبابْ
قبـــــول
في رحاب الله ما تَرضى وفيه ما تريدْ فُزْ بأجر المصلح الهادي وتكريم الشهيدْ
ليت يدري مَنْ نعاهُ أنَّ في الفردوس عِيدْ ليت يدري مَنْ نعاهُ أن في الفردوس