عالم مصري يؤكد: ينقصنا احتضان المواهب

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
عالم مصري يؤكد: ينقصنا احتضان المواهب

[11-10-2003]

مقدمة

حوارات35.jpg

كغيره من آلاف المصريين الذين يعملون بالخارج... ضرب الدكتور "علاء عبدالعزيز" أروع الأمثلة على أن أبناء هذا الوطن يتفوقون عندما يُتاح لهم المناخ المناسب للعمل والإبداع، فقد تدرج في المناصب الجامعية بكندا حتى وصل إلى منصب نائب رئيس جامعة (وينيبج) عبر قصة نجاح تصلح نموذجًا يدل على أن الاجتهاد والمثابرة تكون نتيجتهما تفوقًا ونجاحًا.

وفي هذا الحوار مع (إخوان أون لاين.نت) يؤكد أن على المسئولين في مصر أن يدركوا أهمية توفير الإمكانات ورعاية الموهوبين واستثمارهم بشكل جيد، مشدِّدًا على أن البحث العلمي أهم أسس التقدم، وأن مشكلة البحث العلمي في بلادنا ليست مادية إطلاقًا، كما أن الإمكانات ليست العقبة الوحيدة أمام التقدم، وإنما الإصرار خير وسيلة للتفوق والنجاح.

نص الحوار

  • بدايةً: ما قصة سفرك إلى كندا؟
بعد أن حصُلت على (البكالوريوس) في كلية العلوم جامعة عين شمس عام1981م بامتياز مع مرتبة الشرف، ثم الماجستير عام1985م، وراسلت عددًا من الجامعات الأمريكية والكندية، وأُتيحت لي فرصة السفر إلى جامعة (سسكاتشوان) للعمل مع أحد الأساتذة المتميزين في كيمياء المتراكبات العضوية والفلزيَّة، وحصُلت على درجة الدكتوراه من الجامعة نفسها عام1988 م، ثم عملت مُدرِّسًا بجامعة (تورينتو)، وانتقلت أستاذًا مساعدًا بجامعة (وينيبج)، ثم أستاذًا مشاركًا في الفترة من1993 م حتى 1997م، ثم عملت أستاذًا في الفترة من 1998 م، وحتى الآن وخلال هذه الفترة شاركت في العديد من اللجان الإدارية والأكاديمية.
  • وكيف تمكنت من الوصول إلى منصب عميد الكلية ثم نائب رئيس الجامعة، بالرغم من أنك لست من أبناء كندا؟
في الخارج يقدِّرون الكفاءات بشكل جيد، بغض النظر عن جنسية صاحبها، ففي عام1995م تولَّيت رئاسة قسم الكيمياء بالإنابة لمدة عام، وعندما لاحظ زملائي مقدرتي على إدارة القسم، تم ترشيحي لرئاسة القسم في عام1998 م، وفي عام 2000 م تم ترشيحي لعمادة كلية العلوم، وحازت أفكاري لتنمية وتطوير أقسام الكلية إعجاب لجنة الاختبار.
وبحصولي على هذا المنصب كنت أصغر عميد كلية بجامعة (وينيبج)، ونتيجةً لنشاطي الإداري والعلمي فقد تم ترشيحي بعد عام واحد إلى منصب نائب رئيس الجامعة للأبحاث الذي أشغله حاليًا.

مقارنة بين عالمين

  • بم يتميز التعليم في الجامعات الكندية؟
يعتمد على تناسق المواد النظرية مع المقررات العملية؛ لإكساب الطالب المهارات النظرية والعملية معًا، فعلى سبيل المثال الطالب الذي يدرس الكيمياء يقوم في السنة النهائية بدراسة مقرر أسس استخدامات الأجهزة التحليلية الحديثة، فضلاً عن التدريب الذي يحصل عليه باستخدام الأجهزة المتقدمة، وفي مشروع التخرُّج يقوم الطالب بإجراء وإعداد بحث علمي من خلال التحاقه بأحد معامل القسم تحت إشراف أستاذ متخصص في أحد فروع الكيمياء.
وفي خلال السنوات الماضية لاحظت من خلال زيارتي لبعض الجامعات المصرية أن هناك تطويرًا في المعامل بما يتفق والاتجاهات العلمية الحديثة، وهذا شيء أسعدني كثيرًا، وأتمنى الاستمرار في هذا النطاق حتى يستطيع الطالب المصري في مرحلة الدراسة الجامعية أن يحظى بالخبرة التدريبية لمواكبة التطوير العلمي والتكنولوجي في العالم.
ولإنجاح دور الجامعة في تخريج كوادر علمية من أبنائها الطلاب لابد أن يحظى الطالب بقدر كافٍ من الخبرة العلمية النظرية مع الخبرة العملية، الأمر الذي يتطلب أن يكون هناك دعم مستمر لتجديد الأجهزة العلمية وصيانتها، وإتاحة الفرصة لكل طالب للتدريب على تلك الأجهزة مما يُعطي للطالب حصيلةً علميةً تُؤهله للانتقال من المرحلة الدراسية إلى مراكز الإنتاج والصناعة بشكل متميز.
  • وما الذي ينقص البحث العلمي في مصر حتى يكون دافعًا إلى زيادة الإنتاج وملاحقة التطور التكنولوجي؟
البحث العلمي أهم أسس التقدم للأمم، فعلى سبيل المثال يرجع تقدم غرب أوروبا ودول أمريكا الشمالية وبعض دول شرق أسيا إلى حرصها على إنشاء قاعدة علمية متقدمة تعمل على التطور الدائم وازدهار هذه البلاد صناعيًّا وتكنولوجيًّا، كما وفَّرت هذه الدول قنوات اتصال قوية بين البحث العلمي والمجالات الصناعية.
وحتى يتقدم العالم العربي في هذا المجال لابد من إرساء قاعدة علمية قوية وربط الجامعات ومراكز البحوث بالمراكز الصناعية، واتباع المناهج التي صارت عليها الدول المتقدمة في نقل وتطبيق الأبحاث من النطاق المعملي إلى النطاق العملي.
وأرى أن مشكلة البحث العلمي في مصر ليست مادية على الإطلاق، وأن التفوق ليس حكرًا على الأغنياء، وخير دليل على ذلك (اليابان) التي خرجت من الحرب العالمية معدَمة، إلا أن أبناءها وضعوا هدفًا لأنفسهم، وعملوا على تحقيقه، وخلال سنوات قليلة استطاعت اليابان أن تُعيد بناء نفسها لتقف في مصافِّ الدول المتقدمة؛ نظرًا لتوافر الهدف والعزيمة لدى شعبها وإيمانه بعمل الفريق؛ لذلك فالإمكانات ليست العقبة الوحيدة أمام التقدم، وإنما الإصرار خير وسيلة للتفوق والنجاح، وهو أول طرق التقدم لو طالت خطواته، وهناك فرق شاسع بين أن نقوم بعمل شيء لمجرد عمله أو نقوم بذلك مؤمنين ومقتنعين به.

عوامل النبوغ

  • نجاح المصريين في الخارج يدعو للتساؤل عن أسباب نبوغ هؤلاء في الخارج دون مصر؟!
أعتقد أن نجاح الكثير من المصريين بالخارج يرجع إلى توافر المناخ المناسب لنمو هؤلاء النوابغ وتوافر الإمكانات، وهما عاملان رئيسان في النجاح بصفة عامة، وهناك أمثلة كثيرة من المصريين الذين تولَّوا مناصب علمية أو إدارية في الجامعات الأجنبية أو في مجال الصناعة.
وإذا كان النجاح يعتمد على عوامل محددة فتكاتف هذه العوامل معًا هو السبب الرئيس في نجاح المصريين في الخارج، بالإضافة إلى الموهبة التي تعتبر عاملاً مُهمًا، وعلى المسئولين في مصر أن يدركوا أهمية توفير الإمكانات ورعاية الموهوبين واستثمارهم في بلادهم بشكل جيد؛ حتى لا تفقد مصر أعدادًا أخرى من الكفاءات التي تُهاجر إلى الخارج بصفة دورية، وحتى يكونوا ضمن الكتيبة التي تُسهم في دعم مسيرة البحث العلمي والتقدم التكنولوجي بالوطن، بدلاً من أن يستفيد منهم الآخرون.
  • هل أنت مع الفريق الذي يؤيد عودة الكفاءات المهاجرة؟
يجب فتح قنوات اتصال مع هذه الكفاءات واستطلاع رأي مَن يرغب في العودة إلى مصر؛ ليتم إرساء قاعدة علمية من هذه الكفاءات، أما مَن يرغب في البقاء في الخارج، ويُبدي استعدادًا للتعاون مع وطنه فيمكن الاستفادة منهم عن طريق استجلابهم إلى مصر في فترات معينة للاستفادة منهم في مشروعات محددة، بالإضافة إلى عمل بحوث علمية مشتركة ترتبط بالتقنية الحديثة الموجودة في الخارج، ويُراد نقلها إلى مصر، على أن يتم ذلك أيضًا من خلال سفر الباحثين إلى الخارج للحصول على درجات علمية متقدمة، والتدريب على أحدث التقنيات، والعودة إلى مصر لتطبيقها، وخدمة التخطيط العلمي؛ حتى نستطيع تضييق الفجوة العلمية بين مصر وبلاد العالم.
  • باعتبارك أحد العلماء المصريين في الخارج.. ألم تتخذ خطوةً عملية في هذا الشأن؟!
من خلال تواجدي في كندا قُمت بعمل تعاون علمي مشترك بين جامعة (عين شمس) متمثلة في مركز الطاقة الضوئية بكلية العلوم وجامعة (وينيبج)، كما قمت باستضافة عدد من أعضاء هيئة التدريس بالجامعة لإجراء بحوث في الجامعة التي أعمل بها، كما قام وفد من جامعة الأزهر بزيارة لمدة ثلاثة أشهر؛ لإجراء بحوث علمية مشتركة مع الجامعة، وغيرها من البعثات المصرية التي قمنا باستضافتها لنقل التكنولوجيا إلى وطننا الحبيب.
  • وما الذي أعجبك في الخارج وتتمنَّى تطبيقه بمصر؟
أعجبني أن الأستاذ يستطيع التفكير في المشاريع البحثية وتطبيقها بسهولة عن طريق تقويم هذه المشروعات وإتاحة الموارد لتنفيذها؛ مما يسهل التطبيق.. وأتمنى أن يطبق هذا النظام في مصر، وأن يتسع ويستمر.
  • أخيرًا: ما الجوائز التي حصلت عليها خلال عملك بالخارج؟
حصلت على جائزة الدكتور "هنري توبي" الحاصل على جائزة نوبل، وجائزة أحسن أستاذ للتدريس في جامعة (وينيبج) عام1992م، وجائزة أحسن أستاذ بالجامعة عام1994 م، كما حصلت على زمالة الجمعية الكيميائية عام1998 م.

المصدر