عاكف: الدور الصهيوني الكنسي وراء خلخلة السودان

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
عاكف: الدور الصهيوني الكنسي وراء خلخلة السودان

(13-05-2004)

القاهرة- محمد الشريف

مقدمة

  • لو اهتمت الأمة العربية والإسلامية بالسودان لمَا اندلعت هذه الحروب
  • لا يصح تقييم تجربة السودان وسط ما تتعرض له من مخاطر

السودان من أكثر الدول العربية التي مُنيت بالمشكلات في الجنوب وفي الغرب، فضلاً عن تهديدات مستمرة من الخارج، خاصةً بعد سيطرة نظام "حكومة الإنقاذ" على الحكم، وما أثير عن قربه من النظام الإسلامي.

يعيش السودان الآن محاولات مغرضة لفصل الجنوب السوداني وعزله عن العالم العربي والإسلامي، لم يلتفتوا إلى خطورتها إلا بعد أن بات فصل الجنوب أمرًا واقعًا، فتحركت مصر نحو السودان، لِمَا يمثل ذلك من خطورة على أمنها القومي.

تقابلنا مع الأستاذ "محمد مهدي عاكف"- المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين- ليكشف لنا عن الأسباب التي أوصلت السودان إلى تلك الظروف الراهنة؛ ليُرشدنا إلى الدور المطلوب من الأنظمة العربية الإسلامية تجاه السودان الشقيق، فأكَّد لنا على حتمية مدِّ جسور التواصل مع السودان، وإحداث اتفاقيات تضم كافة المجالات بين السودان وبين البلدان العربية الغنية، كما حذَّر فضيلته من خطورة ما يُحاك بالسودان من مؤامرات خارجية؛ تهدف في الأساس إلى تفتيته.

وحول ما يدعيه البعض من أن النموذج السوداني يقدم دليلاً على عدم نجاح أي نموذج إسلامي في الحكم قال فضيلة المرشد: إنه لا يصحُ أن تُقيَّم التجربة السودانية وسط ما تتعرض له من تدخلات ومؤامرات في الداخل والخارج، وإلى تفاصيل الحوار:

نص الحوار

  • ما إن بدأت مشكلة الجنوب السوداني تأخذ طريقها للحلِّ إلا وظهرت لنَا مشكلة جديدة، وهي: مشكلة دارفور.. في تقديركم هل يرجع ذلك إلى عدم كفاءة إدارة النظام، أم إلى وجود أيادٍ عابثة يهمها بالدرجة الأولى عدم استقرار دولة كبيرة مثل السودان؟
مشكلة السودان مشكلة ذات أبعاد كثيرة جدًّا، وهي قديمة؛ ولكن كان من الممكن السيطرة عليها؛ لأن الإسلام حينما يتواجد في أي مكان تتواجد فيه الرحمة والإنسانية والعدل؛ ولأن السودان بلد مترامي الأطراف واسع المساحة، غني بموارده الطبيعية والبترولية تكالبت عليه قوى الشر تحت ادعاءات كثيرة لتفتيته وإضعافه منذ الاحتلال البريطاني، وحينما استطاع السودان أن يتخلص من الاحتلال- كما استطاعت مصر- بدأت قوى الشر العالمية وعملاؤها في داخل السودان- وخصوصًا في جنوبه، وأخيرًا في غَربه- تظهر على الساحة لإثارة المشكلات والحروب، وشغل الأمة حتى لا تتفرغ للنهضة والتنمية، فكانت الحرب في الجنوب على مدار أكثر من 20 عامًا، وأخيرًا الحرب في دارفور.
وإن كان هذا يحدث الآن فهو لِشيءٍ واحد، هو غياب العالم العربي والإسلامي عن نجدة بلد إسلامي، وتقديم العون في كل المجالات: سياسيًّا واقتصاديًّا وعسكريًّا، ولو اهتمت الدول العربية والإسلامية بالسودان لما كانت هناك حرب في الجنوب، ولما كانت هناك حرب في دارفور، وكانت الأمة الإسلامية أولى بأن تحتضن السودان، وتتعاون معه على وحدته ونصرته وتنميته.

الدور الغربي

  • هذا الكلام يتفق مع الرأي الذي يؤكد ضلوع الدور الصهيو- أمريكي في إثارة المشكلات داخل السودان!!
دور الغرب واضحٌ؛ سواء كان أمريكيًّا أو أوروبيًّا أو صهيونيًّا، كما أن الكنيسة هي الأخرى لها دور كبير في خلخلة الأمن السوداني بترويج بعض الادِّعاءات الباطلة عن السودان، كوجود خلافات بين المسلمين والمسيحيين، رغم أن معظم أهل الجنوب وثنيون، ولم يجبرهم أحد على الدخول في الدين الإسلامي؛
ولذلك فإن الدور الأوروبي الأمريكي الصهيوني الكنائسي هو السبب في هذه الخلخلة، شجعه على ذلك غياب العالم الإسلامي، فمصر- على سبيل المثال، وهي أقرب المقربين إلى السودان- ظلت فترةً طويلةً جدًّا على صراع مع السودان، ونحمد الله- سبحانه وتعالى- أن أكرمنا في الأيام الأخيرة وغاب التنافر والصراع.
  • ما الدور الذي يجب أن تلعبه الدول العربية تجاه السودان، خاصةً وأن الأوضاع الراهنة في السودان تؤثر تأثيرًا مباشرًا على دولة مثل مصر؟
أنا سعيد جدًّا بأن مصر وقَّعت عدَّة اتفاقيات مع السودان من الممكن أن تكون بدايةَ خير على البلدين؛ ولكن هذا لا يكفي، فمصر مشكلاتها كثيرة، ومواردها كما نعلم محدودة، وهناك بلدان عربية لديها مليارات مكدَّسة.. لماذا لا تذهب إلى السودان؟! لماذا لا يكون للدول العربية موقف حاسم ضد هذه القوى العابثة في الأراضي السودانية؟! حتى الأمم المتحدة تسعى لذبح السودان.. ماذا فعلت السودان حتى تستحق ما يحدث؟!

السودان والقمة

  • هل يعني هذا أن ملفَّ السودان يجب أن يكون على أجندة القمة العربية؟
المفروض.. المفروض أن كل مشكلات الأمة العربية تُطرَح على أجندة القمة العربية؛ ولكنهم مشغولون بأنفسهم أكثر من انشغالهم ببلادهم.
  • في تقديركم هل هناك مخاطر من الممكن أن تلحق بمصر من جرَّاء انفصال الجنوب السوداني؟
انفصال الجنوب بالقطع يهدد الأمن القومي المصري، فنحن أمةٌ واحدةٌ ودينٌ واحدٌ، ولغةٌ واحدةٌ، ونيلٌ واحدٌ، وكل منَّا يتأثر بالآخر؛ ولذلك أولى بنا أن نعمل لمحاربة أي دعوة للانفصال والتفتيت، خاصةً وأنهم يريدون تفتيت السودان لقِطَع يسهُل التهامها.
  • وما الجهود المطلوبة من الأنظمة العربية لإفشال هذه المحاولات؟
أن تقيم اتفاقيات كما فعلت مصر، ويجب أن تكون هذه الاتفاقيات ملزمة، وتشمل كافة المجالات.. في الزراعة والصحة والتعليم والصناعة، خاصةً وأن شعب السودان شعب فقير وضعيف؛ ولذلك يجب أن تنهض الأمة العربية والإسلامية لمساعدته ودعمه؛ حتى يستطيع استثمار موارده، ويحقق التنمية والاستقرار الداخلي.

كلامٌ غيرُ مسئولٍ

  • لكن البعضَ يُرجِع تدهور الأوضاع في السودان إلى ضعف النظام الحاكم.
هذا كلام غير مسئول.. كل أنظمتنا العربية والإسلامية ضعيفة، ليس فيها نظام قوي يستطيع أن يقول: لا لأعداء هذه الأمة، ومن وجهة نظري من الممكن أن يكونوا من أقوى الأقوياء في العالم حينما يتصالحوا مع الله ومع شعوبهم التي تستطيع أن تحميهم من أي ضغط أجنبي.
  • لكنْ هناك من يرى أن ديكتاتورية النظام السوداني واستبداده هو المسئول عن تدهور الأوضاع في السودان.
من قال لك: إن النظام السوداني مستبد؟!
  • تقارير منظمات حقوق الإنسان.
هذه منظمات مأجورة.. إذا ذهبتَ للسودان تجد البشير يسير في الشارع دون الحراسات التي نراها؟ دعك من أصحاب الأهواء والمصالح الذين هم قلة.. أرجو أن يكون لدى النظام السوداني الصبر قبل الحكمة في قيادة شعبه.
  • لكنهم يدلِّلون على ديكتاتورية النظام السوداني بما فعله مع صديقه الدكتور حسن الترابي..!!
الترابي لا أريد أن أتحدث عنه.. له وجهته وسياسته، ولا أخالفه اليوم فقط؛ بل أخالفه منذ عشرين عامًا، فالترابي له أسلوب لتحقيق أهدافه وغاياته لا تتفق مع كثير من أهل العلم والفقه من أهل السودان، وربما يرجع الخلاف بينهما إلى أن صاحب السلطة لا يريد أن تكون هناك سلطتان، وهو أمر موجود في كل الأنظمة؛ ولكن لا يهمني ذلك كله، وكل ما يهمُّني هو ماذا قدم العالم العربي والإسلامي للسودان.
  • أنتقل إلى جزئية أخرى.. هناك من يستخدم نموذج الحكم السوداني للتدليل على ما سيكون عليه أي نموذج حكم إسلامي في أي فترة تاريخية مقبلة.. فما رأيكم؟
أنا لا أعتبر أيَّ هجوم من هذا الصنف له قيمة عندي لسبب واحد.. عندما أقيم حكمًا إسلاميًّا كي أحكم عليه لابد أن يكون قادرًا على تطبيق شرع الله، دون أن يتعرَّض لهجوم ويحاصر ويضطهد، فـ"البشير" لا سيطرةَ له على الحكم، وأوضاعه الاقتصادية ضعيفة، ويحارب في الجنوب والغرب، والدسائس في داخل البلاد كثيرة، وكونه يستطيع حكم البلاد فهذا أمر عظيم؛ ولذلك نقول: ارفعوا أيديَكم أيُّها المجرمون عن السودان، وسوف ترون النموذج الإسلامي، ومع ذلك فنحن نشكر السودان لتمسكها بالمنهج الإسلامي، ولا يصح أن نطالبهم بإقامة الشريعة الإسلامية وهم يعيشون في مثل هذه الأجواء.
  • تحديدًا مصر أُولَى الدول التي تتأثر بانفصال الجنوب.. ما الدور المطلوب من النظام المصري لحماية السودان من الانفصال؟
النظام المصري بدأ في إقامة علاقات طبيعية مع السودان، ونسأل الله- سبحانه وتعالى- أن يزداد هذا الدور.

المصدر