عائشة عبد الهادي: الاستثمارات الخاطئة وراء تراكم الخسائر

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
عائشة عبد الهادي: الاستثمارات الخاطئة وراء تراكم الخسائر
الآونة الأخيرة شهدت العديد من الإضرابات والمظاهرات لعمال مصر

كتب-أحمد صالح

21-02-2008

اعترفت عائشة عبد الهادي وزيرة القوى العاملة والهجرة في ردها على سؤال عاجل مقدم من النائب محسن راضي إلى الدكتور أحمد نظيف رئيس مجلس الوزراء حول تزايد الاعتصامات والإضرابات والاحتجاجات العمالية، وحالات الانتحار والفصل والشكاوى المقدَّمة من العاملين؛ نتيجةَ معاناتهم من ظروف العمل والمشكلات الإدارية والتنظيمية، بأن ذلك يرجع إلى 22 سببًا مباشرًا وغير مباشر.

يأتي من بين هذه الأسباب حداثة الغالبية العظمى من أعضاء مجالس إدارات اللجان النقابية بالشركات التي تشكَّلت خلال الدورة النقابية 2006/2011، وخاصةً أن معظمهم وجوه جديدة لم تتمرس على العمل النقابي والجزء الباقي ما زال يحمل وعودًا انتخابيةً يصعب تحقيق بعضها، والبعض الآخر يحتاج تنفيذها إلى وقت كبير، فضلاً عن أن بعض الشركات لم تحسن إدارة الأزمات؛ الأمر الذي أدى إلى تفاقم الأوضاع.

كما أرجعت الوزيرة هذه الظواهر إلى عدم وجود تواصل بين إدارة الشركات والعاملين بها؛ مما أحدث فجوةً بينهما، ساعدت على وصول إشاعات مغرضة نالت من استقرار علاقات العمل بينهما، فضلاً عن تهميش دور اللجنة النقابية بين إدارة الشركات وبعض العاملين بها؛ مما أدى إلى عدم وجود قناة شرعية تتولى تقريب وجهات النظر بين إدارة تلك الشركات والعمال، ومن ثم عدم وجود توازن بين مصالح العمال ومصالح الشركة ساعد على ذلك أيضًا وجود خلل إداري داخل إدارة الشركة؛ مما دعا النقابة العامة إلى القيام بدور المفاوضة عن العمال عن أداء إدارة شركاتهم وتحميلها مسئولية كافة المشاكل القائمة وتراخي إدارة الشركات في دراسة الأسباب الحقيقية للاعتصام، ومحاولة تلافيها، خاصةً بعد تدخل الدولة لحل مشكلة المديونيات، وعلاج بعض السلبيات التي ظهرت على سطح الأحداث؛ مما أدى إلى تفاقم الأزمة.

أشارت الوزيرة في ردِّها على السؤال العاجل إلى أن هناك أسبابًا عامةً وراء تلك الأزمات، منها تدني الأجور في معظم قطاعات الإنتاج؛ الأمر الذي يؤدي إلى سهولة إثارة العاملين فضلاً عن المنافسة غير العادلة بقطاع الغزل والنسيج مع الغزول والأقمشة والملابس المستوردة من الخارج؛ بسبب تخفيض البنود الجمركية، وازدياد ظاهرة التهريب داخل الأسواق، وعدم توفير الرعاية الصحية، والاجتماعية الملائمة للعاملين في القطاعات المختلفة؛ الأمر الذي أدى إلى انخفاض الكفاءة الإنتاجية للعامل وانخفاض مستوى المعيشة، وعدم كفاية وسائل الأمن الصناعي من ملابس وأجهزة ومعدات فضلاً عن عدم موافقة بعض أصحاب الأعمال على تحقيق مطالب العمال حتى المشروعة منها بعد الإضراب أو الاعتصام؛ لاعتقادهم أن تنفيذ هذا المطلب سيُضعف موقفهم أمام العمال كذلك عدم تحديث وتطوير الآلات والمعدات اللازمة للإنتاج بما يتماشى مع احتياجات السوق، إضافةً إلى انتشار مصانع بئر السلم التي تقوم بإنتاج الكثير من المنتجات بأسعار زهيدة الأمر الذي يؤثر على تسويق منتجات الشركات العاملة في ذات المجال.

وأرجعت وزيرة القوى العاملة تزايد حدة الاعتصامات العمالية أيضًا إلى أسباب خارجية؛ منها تحرك جماعات، وأحزاب خارجية للإثارة، وإطلاق الإشاعات المغرضة بين العمال، وطبع وتوزيع منشورات تتضمن هجومًا على الحكومة من ارتفاع الأسعار، والأحوال الاقتصادية، ولا تتضمن مطالب عمالية، فضلاً عن نشاط بعض الأحزاب والجماعات المحظورة والمراكز المتخصصة غير المرخص لها، وتدخل بعض الصحف والقنوات الفضائية غير المسئولة بمساعدة بعض القوى، والتيارات السياسية المغرضة، وتسلُّل عناصر غريبة عن العمال خلال فترة الاعتصام كان سببًا في التلاعب بمشاعرهم، وتحريضهم على مواصلة الاعتصام حتى وصل الأمر إلى حد إرغام هؤلاء العمال، وترهيبهم من العودة إلى ممارسة عملهم.

وأكدت وزيرة القوى العاملة في ردها على السؤال العاجل أنه خلال شهر أغسطس 2007 تم رصد عدد 9 حالات إضراب عن العمل بلغ عدد العمال المشاركين فيها حوالي 1739 عاملاً وبلغت ساعات العمل الضائعة نتيجة هذه الإضرابات حوالي 5042 ساعة عمل ضائعة، وتم إنهاؤها جميعًا بعد الاستجابة لمطالب العمال المشروعة، فضلاً عن رصد عدد 5 حالات اعتصام بمقر العمل بلغ عدد العمال المشاركين فيها حوالي 870 عاملاً، ولا توجد ساعات عمل ضائعة؛ حيث كانت تتم الاعتصامات بعد ساعات العمل الرسمية، وتم إنهاؤها جميعًا بعد الاستجابة لمطالب العمال المشروعة، كما تلقت الوزارة خلال نفس الشهر عدد 206 شكاوى عمالية جماعية تمت تسوية حوالي 161 شكوى منها بنسبة 80% وتم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بشأن الباقي منها حفاظًا على حقوق العمال.

وأكدت عائشة عبد الهادي وزيرة القوى العاملة أن ممارسة العمال لحق الإضراب يرجع إلى اعتراف المشرع بمشروعية حق الإضراب كوسيلة للدفاع عن المصالح المهنية للعمال، وقالت إن الإضراب ليس جديدًا على المجتمع العمالي في مصر بل ظهر في العصور الفرعونية والإغريقية والرومانية.

وذكرت الوزيرة أن معظم حالات الإضراب التي ظهرت في الآونة الأخيرة كانت في قطاع الغزل والنسيج؛ نتيجة ما يواجهه هذا القطاع من مشاكل وصعوبات تتمثل في مديونيات تاريخية بدأت بالفعل منذ بداية تحرير تجارة القطن عام 1993، وبعد أن تم ضخّ استثمارات خاطئة وغير مدروسة أدت إلى تراكم الخسائر والمديونيات، حتى ظهرت مشاكل غزل حلوان ثم كفر الدوار ثم شبين الكوم ثم باقي الشركات العاملة في هذا القطاع، خاصةً بعد ارتفاع فوائد القروض من البنوك وتآكل رأس المال في العديد من الشركات، وعدم القدرة على التشغيل الكامل فضلاً عن الاتجاه إلى زيادة الأجور سنويًّا، مع ثبات وضع الشركات، وتراجع موقفها التنافسية في ظل اقتصاد السوق وفي ظل فتح باب الاستيراد بفواتير مخفضة، والتهرب بأساليبه المختلفة، والبيع بدون فواتير؛ الأمر الذي أدى في النهاية إلى الإضرار بالاقتصاد القومي وإجبار الشركات على تخفيض الأسعار، والبيع بأجل وانعكاساته السلبية على خطورة التحصيل.

وأكدت الوزيرة أنه بالتنسيق مع الدكتور محمود محيي الدين وزير الاستثمار تم احتواء تلك الأزمات، والعمل على عدم تفاقمها من خلال أربعة محاور؛ أتي في مقدمتها تسوية مديونية شركات قطاع الأعمال مع البنوك، وتقليص مديونياتها من 31.5 مليار جنيه في 200430/6/ إلى 10.5 مليارات جنيه في الوقت الحالي وقد ساهمت هذه التسويات في هبوط مديونيات شركات الغزل والنسيج من 10.5 مليارات جنيه إلى 2.5 مليار جنيه بعد سداد 8 مليارات جنيه ديونًا للبنوك العامة.

مشيرةً في نفس الوقت إلى أن هذه التسويات حققت وفرًا يتراوح ما بين 900 إلى 800 مليون جنيه في شكل أعباء مديونية، وأنه من المنتظر أن تظهر الآثار الإيجابية على ميزانيات الشركات في الأعوام القادمة، خاصةً بعد أن أكد وزير الاستثمار أنه خلال عام من تاريخه سوف يتم سداد باقي مديونية هذه الشركات مع استمرار الهيكلة المالية والإدارية لها من ضخِّ رأس مال عامل يستخدم لبعض عمليات الدمج والاستحواذ في هذه الشركات.

المصدر