طيفور: القرضاوي لم يتوسط بين النظام وإخوان سوريا

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
طيفور: القرضاوي لم يتوسط بين النظام وإخوان سوريا

[25-11-2004]

مقدمة

وصف رئيس المكتب السياسي ونائب المراقب العام للإخوان المسلمين في سورية- محمد فاروق طيفور- النظامَ السوري بأنه (أصبح من مخلفات التاريخ ولم يعُد يصلح للاستمرار)، مشيرًا إلى أن جميع مرتكزات النظام لم تعد تواكب المستجدات والمتغيرات المحلية والدولية، وأن عقلية الدولة الشمولية وحكم الحزب الواحد لا تصلح لعصر الحريات والديمقراطية وحقوق الإنسان.

ونفى طيفور قيام الشيخ يوسف القرضاوي بوساطة بين (الإخوان السوريين) والسلطات في دمشق، موضحًا أن زيارة القرضاوي الأخيرة كانت لحضور أحد المؤتمرات الدينية وليست للوساطة.

وقال نائب المراقب العام للإخوان المسلمين في سورية- في حوار شامل مع مجلة (الوطن العربي)-:

إن منهج الإخوان المسلمين عمومًا والسوريين خصوصًا منهجٌ وسطيٌ معتدل، مؤكدًا أن مرحلة العنف- التي انتهجتها الجماعة في التعامل مع النظام- كانت مرحلةً عارضة في تاريخها "دفاعًا عن النفس" ضد ما اعتبره إرهاب الدولة وأجهزتها الأمنية.

وأعرب محمد طيفور عن اعتقاده أن بعض المسئولين السياسيين السوريين مقتنعون بحل المشكلات الإنسانية وحقوق المواطنة التي يطالب بها الإخوان المسلمون ومعظم أطراف المعارضة السورية، إلا أن بعض المسئولين الأمنيين من الحرس القديم يعارضون ذلك ويرفضون عودة المعارضين المنفيين إلى دمشق.. فإلى تفاصيل الحوار:


تفاصيل الحوار

لقد أنهينا الدورة الاعتيادية السنوية لمجلس شورى الجماعة، ونحن نقدر صعوبة الظروف الدولية والمحلية لكل الدول الشقيقة والصديقة؛ لذلك لا نعتب على أحد، إضافةً إلى أننا أقلمنا أوضاعنا الخاصة مع الظروف المحيطة عبر وسائل الاتصال الحديثة؛ بحيث أصبح التشاور مع الإخوان وأخذ آرائهم أكثر يُسرًا، ولا يحتاج دائمًا إلى تكبد مشقات السفر.
ويبلغ عدد الإخوة المنتخبين من القواعد لمجلس الشورى أكثر من ثلاثين عضوًا، يضاف إليهم كل من شغل منصب (مراقب عام) سابقًا، وقد انتُخب الأستاذ علي صدر الدين البيانوني مراقبًا عامًا، وأعيد انتخابه بما يشبه الإجماع، وهذا يمثل قناعةً الإخوة في المجلس واختيارهم.
  • لوحظ أن خطابكم هدأ كثيرًا تجاه السلطة في سورية، فمثلاً تقولون في نهاية عقد جلسات الشورى: (السلطة الحاكمة لا تزال تُديرُ ظهرَها لهذا الخطاب الوطنيِّ الصادق الذي تميَّزت به كلُّ فصائل المعارضة الوطنية، وراحت تبحثُ عن مخرجٍ لأزمتها). وظهرتم وكأنكم تريدون إنقاذ النظام من ورطته وأزمته المستديمة؟!
بعد إعادة وحدة الجماعة في أوائل التسعينيات من القرن الماضي قررت مؤسسات الجماعة العودة بمسارها العام إلى المنهج الأصلي لها قبل اضطرارها (لمواجهة النظام دفاعًا عن النفس) في الثمانينيات، أي إلى المنهج السياسي المنفتح على جميع القوى الوطنية دون استثناء، غير أن النظام- مع إدراكه لذلك- ما زال يتعامل مع الجماعة بتحفظ ومن خلال الرؤية الأمنية (دون غيرها).


لغة الحوار

  • أصبحتم تنفون أنكم قاومتم الظلم والاستبداد، وتتمسكون بأسلوب الحوار الذي ترفضه السلطات معكم وتصر عليكم في العودة فرادى وطلب الغفران؟
الحقيقة أن النظام هو الذي فرض على الجماعة وعلى الشعب السوري المواجهة المسلحة دفاعًا عن النفس، وذلك في مواجهة الأمنية المنفلتة والمتغولة، ولقد أدان النظام تلك المرحلة بنفيه رفعت الأسد- رأس التغول والانفلات- أما عودتنا إلى أسلوب الحوار فلا تعني أننا تخلَّينا عن مناهضة الاستبداد ومقاومة الظلم والقمع، من خلال المعارضة السياسية.
قضية عودة رفعت الأسد إلى سوريا، وموضوع مرضه، ما زال أمرًا مشكوكًا فيه، وسواء عاد رفعت إلى سوريا أم لا فأعتقد أنه (أي رفعت) لم يعُد يشكِّل رقمًا مهمًا في سوريا، وهل كُتِبَ على سوريا وشعبها أن تكون مزرعةً وملكًا لعائله واحدة..!!
  • تقولون: "يعدُّ الإفراجُ مؤخَّرًا عن بعض المعتقَلين السياسيين- بعد أن قضَوا في السجون أكثر من عشرين عامًا، وكذلك إشادة بعض المسئولين السوريين بإيجابية مواقف الجماعة والاعتراف بالظلم الواقع على أبنائها- مؤشِّرًا إيجابيًا في الاتجاه الصحيح" على الرغم من هذا الغزل من قبلكم فالنظام ما زال يتهمكم بشتى الاتهامات ويرمي أتباعكم في السجون.. لماذا؟!
نعتقد أن بعض المسئولين السياسيين في النظام مقتنعون بحل المشكلات الإنسانية وحقوق المواطنة التي يطالب بها الإخوان المسلمون ومعظم أطراف المعارضة السورية، إلا أن بعض المسئولين الأمنيين- وخاصةً من الحرس القديم- ما زالوا يصرون على حرمان عشرات الآلاف من المواطنين السوريين من حقوقهم في المواطنة، وأبسطها حقهم في العودة إلى وطنهم، وحصولهم على جوازات سفر تثبت شخصيتهم.
  • العديد من حلفائكم الجدد من الماركسيين- بعد إفلاس الماركسية- عرض عليكم العودة لسوريا ومصالحة النظام كما حدث مع هيثم العودات.. فما الاستفادة بالتحالف مع بقايا يسارية ما دامت قد وصفتكم بالظلامية في بياناتها التي لم يجفَّ الحِبر فيها؟!
لقد طرحت جماعتنا (مشروع ميثاق الشرف الوطني) بتاريخ 1/5/2001 إطارًا واسعًا أمام كل القوى الوطنية للالتقاء على قواسم مشتركة تشكل الحد الأدنى، ونحن منفتحون على الجميع- من اليسار واليمين- ونعتقد أن تجمعنا مع كل القوى الوطنية من أبناء شعبنا كقواسم مشتركة يُتيح لنا العمل معًا لإنقاذ الوطن من الحالة المتردِّية التي وصل إليها في ظلِّ سياسات القمع والاستبداد.
  • لم تُجِب..!! هل حمل هيثم مناع العودات الماركسي عرضًا من النظام لكم أم حملتموه عرضًا؟!
لم يحمل الدكتور هيثم مناع أية مبادرة منَّا أو من النظام.


وساطات سرية

  • تتهمون السلطات بأنها تقوم بتسريب أنباءٍ لا صحةَ لها عن اتصالاتٍ مزعومةٍ مع قيادة الجماعة في سوريا للعودة إلى البلاد والمشاركة في الحياة السياسية، وتقولون: (كلُّ ذلك لا يمكن أن يُخفيَ حالةَ الاحتقان السياسي في البلاد، وحقيقةَ الأوضاع الإنسانية المأساوية؛ نتيجةَ استمرار سياسة الاعتقالات التعسفية، في ظلِّ قانون الطوارئ والأحكام العرفية، والقوانين والمحاكم الاستثنائية)، ولكنكم فاوضتم السلطات السورية في الماضي على مستوى رجال المخابرات وليس على المستوى السياسي.. لماذا؟!
في لقائه مع قناة (العربية) تكلم النائب في مجلس الشعب السوري الدكتور محمد حبش عن وساطات بين الإخوان والنظام، غير أن الأمور- حسب قوله- لم تصِل إلى مستوى الاتصال المباشر، وبشَّر بأن الأجواء مناسبة، وأنه طرح على بعض زملائه في مجلس الشعب إلغاء القانون (49) لعام 1980م، الذي يحكم بالإعدام على كل من ينتسب إلى جماعة الإخوان المسلمين..
يضاف إلى ذلك ما تكلم به السيد وزير الخارجية فاروق الشرع عن الخطاب الإخواني الذي وصفه بالإيجابي، وتحدث عن الظلم الذي لحق بالإخوان في سوريا خلال السنوات الماضية، لكن مع هذا كله ما زالت الأجواء محتقنةً، وما زالت المعاملة في الأجهزة الأمنية على ما كانت عليه، وما زال عشرات الآلاف من الأسر السورية ممنوعين من العودة إلى بلدهم إلا عبر البوابة الأمنية، كما أنهم ممنوعون من أقل القليل من حقوق المواطنة (جواز السفر) كعملية ابتزاز للمواطن، وما زال المئات مغيبين في السجون منذ ربع قرن، وما زال القانون (49) لعام 1980م مسلطًا على رؤوس الناس جميعًا.. كل هذه قضايا إنسانية نعتقد أنها لا تحتاج من النظام إلى سنوات لحلها.. إنها تشكل الحد الأدنى في سلم الإصلاح أو التغيير.
أما لماذا التقينا وفدًا أمنيًّا في المفاوضات مع النظام في ألمانيا في العام 1987م فذلك راجع إلى تركيبة السلطة في سوريا؛ حيث إن صاحب القرار فيها هو الأجهزة الأمنية وليس السياسية.
  • لكن من هم الأمنيون الذين التقيتم بهم في عام 1987م، وصِف لنا ما حدث ما دام أصبح أمرًا تاريخيًّا؟ وهل لم يحدث أي لقاء أمني سري منذ ذلك الوقت؟ وماذا عن اغتيال مفاوضكم أو وسيطكم يكن؟
الأمنيون الذين حضروا مفاوضات عام 1987م ممثلون عن النظام السوري، هم (اللواء علي دوبا) وكان مسئول الأمن العسكري، ومعاوناه (العميد حسن الخليل) مسئول الأمن العسكري حاليًا، و(العميد هشام اختيار) الذي يرأس المخابرات العامة الآن.. أما بنود التفاوض فقد شملت:
  1. حرية العمل الإسلامي.
  2. الإفراج عن جميع المعتقلين من جميع الفئات.
  3. التعويض عن المتضررين.
  4. إلغاء القانون (49) لعام 1980م.
  5. العفو عن الملاحقين من جميع الفئات.
  6. إجراء مصالحة وطنية على أساس احترام قيم الإسلام وشعائره، والحريات العامة، والمساواة بين المواطنين.

وبالطبع لم تصل المفاوضات إلى نتيجة؛ بسبب تعنُّت وفد السلطة وانسحابه من المفاوضات، ولم يحدث بعد ذلك أي لقاء أمني أو غير أمني مع النظام منذ ذلك التاريخ.

أما اغتيال الأخ الأستاذ أمين يكن- النائب الأسبق للمراقب العام- والذي قام مرارًا بوساطات بين النظام والجماعة فقد تم في ظروفٍ غامضة، لا نستبعد ضلوع جهاتٍ أمنيةٍ سوريةٍ فيه.

فضيلة الشيخ عبد الفتاح أبو غدة
  • عاد زعيمكم عبد الفتاح أبو غدة إلى سوريا قبل وفاته ولم يجتمع به الرئيس الراحل حافظ الأسد.. إلى متى ستبقى السرية هي السائدة في علاقاتكم ومفاوضاتكم مع السلطات..؟! وماذا عن زيارة حليفكم الشيخ يوسف القرضاوي لدمشق وبداية الحديث عن وساطة "قرضاوية" بينكم وبين النظام؟
أما عن زيارة فضيلة شيخنا الشيخ عبد الفتاح أبو غدة- رحمه الله- فكانت بموافقة قيادة الجماعة، بناءً على دعوة شخصية وُجِّهت إليه، على أمل أن يلتقي الرئيس حافظ أسد، ويبحث معه قضايا المعتقَلين والمهجَّرين، إلا أنه لم يُمكَّن من ذلك.
وأما زيارة فضيلة الشيخ يوسف القرضاوي فكانت ضمن دعوة بعض العلماء لمؤتمر (تجديد الفقه الإسلامي) الذي انعقد في دمشق وليس في إطار وساطة أو مفاوضات مع النظام.
  • تقولون إن هناك تخويفًا من البديل الإسلامي، وتحريضًا على أبناء الوطن المعارضين.. فهل هذا دفعكم للاعتدال أو بالأحرى التخلي عن ثوابت الحركة الإسلامية في إقامة نظام إسلامي، وأصبحتم تتحدثون وكأنكم حزب علماني ليبرالي دنيوي؟!
منهج الإخوان المسلمين عمومًا- والسوريون بشكل خاص- منهج وسطي معتدل، ونحن نعتقد أن مرحلة العنف (دفاعًا عن النفس) كانت مرحلةً عارضة في حياة جماعتنا، وهذا معلوم لدى كل الدارسين لمسيرة الإخوان.. لكن النظام السوري هو الذي يستخدم عبارة (البديل الإسلامي) للتخويف من جهة وللتحريض علينا من جهة أخرى.
  • قلتم: قام النظام السوري بالتعاونِ الأمنيِّ مع الولايات المتحدة الأمريكية، وإعطاءِ الدروس المزعومة في فنون مكافحة الإرهاب.. فهل حرض النظام أمريكا والغرب ضد أتباعكم في المنافي وجرى رمي بعضهم في سجون غربية وعربية؟!
نعم لقد حاول النظام السوري- وعبر كثير من مسئوليه وخاصةً الأمنيين- إلصاقَ تهمة الإرهاب بالجماعة وعبر كافة الوسائل، ومنها آلاف الملفات التي سلمت للأجهزة الأمنية الغربية والأمريكية بصورة خاصة، لكنه لم ينجح في تشويه صورة الجماعة؛ لأن هذه الدول تقوِّم حركة الإخوان المسلمين في سوريا حركةً معتدلةً، بعيدةً عن الإرهاب والعنف، وتعلم أن الذي حصل في سوريا في الثمانينيات كان بسبب إرهاب الدولة وأجهزتها الأمنية وميليشياتها.
  • تعترفون- في بيان مجلس الشورى للجماعة- أن سياسات التسلُّط والقمع والإكراه لا تُنتِجُ إلا المزيدَ من الاحتقان والعنف والتشرذم والانقسام.. فهل يعني هذا أن الكفاح المسلَّح ما زال خيارًا؟
أؤكد لك مرةً أخرى بأن مرحلة العنف كانت مرحلةً عابرةً في تاريخ الجماعة، وأنها كانت دفاعًا عن النفس ضد عنف السلطة وإرهابها.
  • تقولون إن السلطات السورية خضعَت للضغوط الخارجية والاستسلام.. ولكن نراها تتحدى أمريكا وإسرائيل (الكيان الصهيوني) كما يقال في لبنان عبر التمديد لحليفها الرئيس إيميل لحود.. فهل لديكم تفسير لذلك؟!
من المعروف أن النظام السوري جاء بترتيب ورضا أمريكي؛ لذلك فهو يدرك تمامًا معنى الخروج على الرغبة الأمريكية، وأنَّ أولى أولويات النظام هي البقاء على كرسي الحكم، وبعدها يمكن أن يفاوض على كل الأمور الأخرى.. أما مأساة الشقيقة لبنان فهي مثل مأساة سوريا، دخلها الجيش السوري كما يقول اللواء بهجت سليمان في صحيفة (السفير) بالتفاهم مع الأمريكان ولخدمة مصالحهم.
بالطبع كانت هناك مصلحة أكيدة للنظام، لكن كل ذلك لم يكن لخدمة الشعب اللبناني، بل على العكس كان كل ذلك على حساب حرية لبنان واستقلاله وكرامة شعبه، والذي حصل للشعب اللبناني على يد السلطة السورية هو نفس الذي حصل للشعب السوري من اجتياح للمدن وقتل للأبرياء وتصفيات للمعارضين السياسيين؛ لفرض الأمر الواقع والرضوخ للقوة السورية المسيطرة.
أما ما حصل مؤخرًا من فرض التمديد للرئيس لحود من قبل النظام السوري، بالرغم من معارضة كل شرائح الشعب اللبناني حتى الموالين للنظام السوري، وبالرغم من المعارضة الظاهرية للإدارة الأمريكية..
فهناك من يفسر ذلك بأن هناك اتفاقيات غير معلَنة بين أمريكا وسوريا، وهناك من يعتبره استدراجًا للنظام السوري؛ ليقع في فخ مسلسل العقوبات الدولية كما حصل للعراق؛ لأن رأس سوريا كوطن وشعب هي المستهدف من قبل الهيمنة الأمريكية الصهيونية وليس رأس النظام، وهذا ما تبين جليًّا في العراق.
  • تكررون دائمًا أنه لا بدَّ أن يقترن التغيير في سوريا بخطواتٍ عملية لإزالة الظلم وردِّ المظالم ومعالجة كافة الملفات المتعلقة بها.. هل تشرحون لنا هذه الملفات؟ ألم يقبرها الغبار لعقود؟!
نحن ابتداءً نطالب بمعالجة الملف الإنساني الذي يمكن تلخيصه بالإفراج عن جميع المعتقَلين السياسيين المتبقين في السجون الذين مضى على وجود بعضهم ما يقرب من ربع قرن من الزمان، وهم الآن بحدود سبعمائة معتقل، وكذلك الإفصاح عن مصير المفقودين، وحل مشكلة المهجرين (المنفيين) وإلغاء القانون (49)، وإلغاء القوانين والمحاكم الاستثنائية، وإلغاء حالة الطوارئ والأحكام العرفية.
أما ملف الإصلاح وعلى رأسه الإصلاح السياسي، مرورًا بمتطلبات الإصلاح الأخرى.. فإننا نعتقد أن النظام بتركيبته الحالية وسيطرة الأمنيين عليه، غير قادر على تحقيق أي إصلاح، وأنه قد تكلس على التركيبة القائمة ويحتاج إلى تغيير جذري لتحقيق برنامج وطني عام تشارك فيه كل القوى الوطنية دون استثناء.


المؤامرة

  • يبدو أن أدبيات القوميين التي خفتت ما تزال رائجةً لديكم، فقد جاء في بيان مجلسكم "المشروع الأمريكي الصهيوني الذي يسعى إلى الهيمنة على العالم كله"، وتتفقون في هذا الكلام مع ما تقوله الوزيرة السورية بثينة شعبان.. فهل ما زلتم تؤمنون بنظريات المؤامرة ولم تتعظوا بعد كل الذي حدث؟!
هذا الكلام لا علاقةَ له بنظرية المؤامرة، وليس خاصًّا بالقوميين وأدبياتهم، إنما هو تعبير عن مشاعر ومواقف معظم الشعوب، وتتناقله وسائل الإعلام في كل أنحاء العالم، وهذه حقيقة يثبتها الواقع، فالمستفيد الوحيد من تورط الولايات المتحدة في العراق هو المشروع الأمريكي الصهيوني في المنطقة.
  • تقولون في بيانكم "هناك ارتماء على التفاوض مع العدو الصهيوني دون قيدٍ ولا شرط من قبل النظام السوري"، ومع ذلك لا تقبل إسرائيل- الكيان الصهيوني- كل هذا الارتماء.. فما هي البدائل للنظام السوري؟! وهل الإخوان على استعداد إن فتحت جبهة الجولان أن يقوموا بحرب تحريرية له كما فعل حزب الله للجنوب اللبناني؟!
تصريحات (مارتن أندك) في زيارته الأخيرة لدمشق وإسرائيل- الكيان الصهيوني- تؤكد ما قلناه، فقد جاء في تصريحه نقلاً عن الرئيس بشار الأسد، استعداده لاستئناف المفاوضات مع إسرائيل- الكيان الصهيوني- عندما يكون رئيس حكومتها جاهزًا لذلك، مضيفًا أن السلام- قراره الإستراتيجي- وأنه مستعد للتفاوض المباشر في كل وقت وزمن من دون شروط مسبقة.. أما البديل الحقيقي فهو الانفتاح على الشعب وقواه الحية لتشكيل وحدة وطنية حقيقية تقوم على مشروع وطني متكامل يحقق لأبناء الوطن حريةً حقيقيةً ومساواةً حقيقيةً واختيارًا حقيقيًّا، بعيدًا عن كل وسائل الإكراه.. هذا المشروع الوطني يمكن أن يقف سدًّا منيعًا في وجه كل المخططات المعادية.. أما سؤالكم "هل الإخوان إن عادوا سيفتحون جبهة حرب تحريرية في الجولان" فالإخوان اليوم في المنافي والسجون، ولا يستطيعون مجرد الوصول إلى بلدهم.
  • أقول لو أتيح لكم أن تعودوا كحركة سياسية لسوريا فهل ستفتحون باب الجهاد لتحرير الجولان أم الاستمرار في التفاوض؟
نحن أحد الفصائل السياسية في الوطن، والقرار السياسي في دولة ديمقراطية تعددية، إنما هو للمؤسسات، ونحن لن نخرج على قرار هذه المؤسسات، ومن حقنا كمعارضة سياسية أن نتخذ الموقف المناسب لمبادئنا وثوابتنا، من خلال عملنا السياسي المشروع بموجب الدستور.


سيناريوهات السقوط

  • كيف ترون سيناريوهات استمرار الحكم في سوريا؟ وهل حقًّا أن هناك صراعًا بين الحرس القديم والجديد؟ أم أننا سننتظر قوةً خارجيةً لتطيح به؟!
نحن نعتقد أن النظام السوري أصبح من مخلفات التاريخ ولم يعد يصلح للاستمرار، وكل محاولات الإصلاح الذاتي باءت بالفشل؛ لأن فاقد الشيء لا يعطيه.. إن جميع مرتكزات النظام لم تعد تواكب المستجدات والمتغيرات المحلية والدولية وإن عقلية الدولة الشمولية وحكم (الحزب الواحد القائد للدولة والمجتمع)، والسلطة المطلقة للأجهزة الأمنية، والاعتماد في ولاء المواطن على القهر والإذلال والخوف..
كل ذلك تجاوزه الزمن ولم يعد شيء منه يصلُح لعصر الحريات والديمقراطية وحقوق الإنسان وثورة وسائل الاتصال والإعلام وعصر العولمة؛ لذلك نعتقد أن أهم سيناريوهات سقوط النظام هو التخلف والفساد وعدم صلاحية بنائه الداخلي.. فأي اختلال في المواقف المحيطة من قوى محلية أو خارجية سوف يؤدي إلى سقوط النظام المتآكل.
  • أنتم ضد التحالف مع أمريكا، ولكن أمريكا هي أيضًا ضد التحالف مع أي فصيل إسلامي، وأثبت التاريخ الحالي أنه لا يطيح بنظام استبدادي سوى قوة عظمى؟
نحن لسنا ضد أحد بالمطلق، إنما المشكلة أن الإدارة الأمريكية طوال تاريخها كانت تتعامل مع الأنظمة ولم تلتفت إلى الشعوب، ومع المصالح على حساب المبادئ.. انظر إلى أكثر الدكتاتوريات الحديثة في العالم فقد كانت من صناعتها، خذ مثلاً النظام السوري الذي جاء كما يقال على قاطرة أمريكية حتى توريث النظام- والذي يعتبر أول نظام جمهوري وراثي- جاء بترتيب ومباركة أمريكية، وشاهد العالم أجمع كيف كانت وزيرة الخارجية الأمريكية السيدة أولبرايت شاهدًا على دفن الأب وتسليم الابن.

المصدر