سليم عزوز يكتب: ما بين التلفزيون القطري… والتلفزيون المصري!

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
سليم عزوز يكتب: ما بين التلفزيون القطري… والتلفزيون المصري!


سليم عزو.jpg

( 25 نوفمبر 2017)


كلام مهم هذا الذي قاله وزير الدفاع القطري الدكتور خالد العطية، عن لقائه بخيرت الشاطر في محبسه بعد الانقلاب، لكن اللافت أنه قاله في وسيلة إعلام محلية، ولم يختر لإطلاقه قناة «الجزيرة» واسعة الانتشار.

وقبل ذلك بأيام، استشعر القوم في القاهرة أن في أيديهم سبقا إعلاميا، فسلموه لقناة «الحياة» الخاصة، ليبدأ به عماد الدين أديب برنامجه الجديد على هذه القناة بدلاً من أن يدفعوا به للتلفزيون المصري.

«الحظ»، لم يعد ملازماً لعماد أديب في الآونة الأخيرة، حتى أصبح كلا على مولاه، أياً كان مولاه هذا، وفي الانتخابات الرئاسية الأخيرة للمخلوع حسني مبارك، تم استدعاء «الماشطة» عمادلأديب، لعله يصلح ما أفسده الدهر، فأجرى حديثاً تلفزيونيا مطولاً معه، حاول فيه أن يعيد تقديم الرئيس لجمهور أصابه الملل من حكمه، وبأسئلة غير مباشرة، لم يفهمها مبارك، مثل سؤاله الذي أعاده أكثر من مرة، وبصياغات مختلفة، وهو الخاص بالقسم الدستوري، ولم يفهم مبارك مدلوله، فبدا هناك تفاوت ثقافي بين السائل والمسؤول!

يقول عماد الدين أديب: حضرتك أقسمت اليمين الدستورية، وقلت أقسم بالله العظيم..»، فيظن مبارك أنه يختبر قدرته على الحفظ، فيكمل نص القسم. يقول له: «وقد أقسمت وقلت أقسم بالله العظيم».. فيكمل مبارك تلاوة النص، دون أن يفهم أن من يسأله يستهدف استشعاره لأهمية القسم، وعمله على ألا يخونه، وأن يكون ملتزما بنصوصه من حيث رعاية مصالح الشعب والحفاظ على تراب الوطن!

والذي أفسد الأمر برمته، أن المشاهد أقبل على الحلقات غير مكترث بما يُقال، في انتظار المفاجأة، التي بشر بها «مانشيت» جريدة «الأهرام»، والذي قال إن الرئيس سيعلن عن مفاجأة في حواراته المسلسلة مع عماد أديب، وانشغل الناس بمحاولة الوقوف على المفاجأة، ليكون الحكم هو أنها مقابلة فاشلة، فما انتظره الناس لم يجدوه، ويقال إن الرجل القوي في نظام مبارك، صفوت الشريف، هو من وقف وراء «مانشيت الأهرام» كطعنة لعماد أديب، وحتى لا يكون نجاح الحوار، مبرراً لأن يدخل شخص جديد على خط الرئاسة، وهناك وزراء دفعوا مناصبهم ثمناً، لتقريب مبارك لهم، محمد علي محجوب وزير الأوقاف نموذجاً، وقد عرض اللواء سمير فرج مدير الشؤون المعنوية بالجيش على مبارك تسجيل قصة حياته، واستحسن المخلوع ذلك، وقد شاهده صفوت الشريف في الحلقة الثالثة أو الرابعة، وكان وزيراً للإعلام، وكانت نظرة واحدة منه كفيلة بأن يحمل اللواء فرج كاميراته ويخرج بغير رجعة!

الاحتياطي الاعلامي

وكانت الثورة فرصة ليعود عماد الدين أديب ليقدم برنامجاً باستدعاء من الثورة المضادة، فلما نجح الانقلاب اختفى، لكن السيسي إذا أفلس فتش في دفاتره القديمة!

لقد أتخذ قرارا بعودة من تم وقفهم، فعاد عماد أديب، وإبراهيم عيسى، ويقال إن محمود سعد في الطريق، فالانتخابات الرئاسية على الأبواب، وهناك سبب آخر لاستدعاء الاحتياطي الإعلامي، وهو أن النظام اشترى كل القنوات القائمة، وإن تصرف على طريقة مكتسب المال الحرام، أو المقاول الذي يريد أن يتهرب من دفع الضرائب، فكتب ثروته بأسماء آخرين، ممن يعملون لديه، فكانت قناة «أون» باسم أحمد أبو هشيمة، وكان المشتري لقناة «الحياة» شركة الأمن «فالكون»، والأخيرة تم تعيين هالة سرحان مديراً لها، وهي طليقة عماد، الذي أمدته وزارة الداخلية بقنبلة، فانفجرت في وجهه!

ولأن هذه القنوات في حالة موت سريري، ولأن الحكم الانقلابي لا يفكر خارج الصندوق، فقد اعتقد أن الطريقة الوحيدة لإحيائها هو عودة من أحيلوا للتقاعد، لا سيما وأنهم التزموا حد الأدب، فلم ينطق محمود سعد مثلاً ببنت شفة، أو كلمة أو حرف، وبدا ميتاً بالحياة، فعبد الفتاح السيسي ليس محمد مرسي، الذي يمكنهم التطاول عليه ثم يعودوا إلى بيوتهم في أمان.

«القنبلة» التي تم مد عماد أديب بها تمثلت في أحد الليبيين الذين قالت وزارة الداخلية أنه قبض عليه حياً في حادث الواحات، وقد قرأنا بياناً لوزارة الداخلية بعد الهنا بسنة، يقول إنها قامت بحملة في مكان الحادث أسفر عن القبض على عدد من المسلحين وقتل آخرين، مع أن الجيش سبق له الإعلان أنه في حملة خاصة به، قتل كل المشاركين في الحادث، ونجح في أن يستعيد الضابط المخطوف «الحايس»!

في حواره مع الإرهابي الليبي، بدا الشاب صاحب وجهة نظر، وظهرت عدم لياقة عماد أديب في حواره، فلم يكن مستعداً لذلك، فمنى بهزيمة نكراء، وكان هذا هو مدخل شباب الإعلاميين الذين ينحازون للانقلاب العسكري، وبهجوم ظهر موضوعياً، لكن «المكايدة» كانت واضحة، وقد طرحوا أسماء منهم ادعو بأنها كانت تستطيع محاورة الإرهابي وتهزمه، وهنا ظهرت النوايا، فهؤلاء عز عليهم أن تعيد السلطة الحاكمة الاستعانة بعماد ورفاقه، وهم يقفون في الطابور في انتظار أن تأتي الفرصة لهم دون جدوى!

ولا يستبعد أن يكون قد جرى استغلال هؤلاء من طرف أجهزة أمنية منافسة للجهاز الذي أمد «عماد أديب» بالقنبلة، فانبروا للهجوم على من عادوا ليشغلوا مواقع ظنوا أنها صارت شاغرة وأنه جاء الأوان لتكون من حظهم! ولم يناقش أحد ما قيل ليبيا من أن الشاب مقبوض عليه بواسطة قوات حفتر قبل عامين!

ومما قيل وهو صحيح، لماذا لم يمنح هذا السبق للتلفزيون المصري، فقد كان هو الأولى به، فات هؤلاء أن التلفزيون الرسمي لا يراد له النهوض، فهناك محاولة من قبل أهل الحكم للتخلص منه، فمبناه، الذي هو أقرب لناطحة سحاب، يقع في زمام مثلت ماسبيرو، حيث بدأ تهجير سكان هذه المنطقة، وهدم البيوت القديمة، فمن الواضح أنها بيعت لجهات إماراتية كما جزيرة الوراق، لتبنى أبراجاً، وبدأ الاستعداد لهذه المرحلة بالحديث عن مديونيته، وكتبت نجيب ساويرس، يروج لضرورة التخلص منه، فهل يعد شريكاً للمشترين الجدد للمثلث، أو أنه يهدف لشراء المبنى لصالح جهات فرنسية، حيث يُطلق اسم الفرنسي ماسبيرو على المبنى؟!

أمر آخر هنا، وهو أن التلفزيون المصري، وإن كان مملوكاً نظرياً للشعب المصري، فإن قناة «الحياة» مملوكة واقعياً لعبد الفتاح السيسي، و»الحياة» يراد لها النجاح، والتلفزيون الرسمي مقرر له الفشل ليكون هناك مبرراً لإغلاقه، أو لتقليصه ليسعه استوديو في مدينة الانتاج الإعلامي. وهذا هو الفارق بين دولة تهتم بإعلامها الرسمي، فتختصه بحديث مهم لواحد من قيادات الدولة كما قطر، ودولة تريد أن تتخلص من منبرها التاريخي لأنها تتصرف على طريقة مقاول الهدد، كالذي يتولى مهمة هدم البيوت القديمة في مثلث ماسبيرو.

العطية ضيف الحقيقة

لقد ظهر وزير دفاع قطر، على التلفزيون الرسمي، وهو يعلم أن مشاهدته قد تكون قاصرة على القطريين، وإن نجحت بعض برامجه في أن تنتقل به إلى آفاق أبعد من المحلية لاسيما مسابقة «فصاحة» لإحياء اللغة العربية، فأثارت اهتمام المشاهدين، تمنيت لو تكررت سنوياً.

الوزير خالد العطية ظهر في برنامج «الحقيقة» الذي يقدمه محمد المهاجري، وهو مذيع متوقد الذهن، حاضر البديهة، لا ينقصه شيئا من مستلزمات المذيع الناجح في كبريات الفضائيات، وكان البرنامج ليلاً، وفي الصباح كانت الفقرة الخاصة بلقاء الوزير بالقيادي الإخواني خيرت الشاطر في سجنه بعد الانقلاب، حديث الناس بفضل الـ»سيوشيال ميديا».

الدكتور خالد العطية، كان وزيراً للخارجية قبل أن يكون وزيراً للدفاع، وقد التقي بخيرت الشاطر، ضمن وفد ضم بالإضافة إليه وزير خارجية الإمارات، ومساعد وزير الخارجية الأمريكي.

اللقاء تم الإعلان عنه في حينه، لكن بدون أي تفاصيل، وأعطى الصمت فرصة للترويج للرواية الإخوانية ومفادها أن «الشاطر» رفض أي كلام أو سلام، وقال للوفد اذهبوا للرئيس محمد مرسي. «العطية» قال إنهم كانوا بصدد زيارة مرسي. لكن من الواضح أن «اللهو الخفي» تدخل لمنع هذه الزيارة، ومع ذلك فالشاطر كان قد أبدى رغبة في التفاوض حقناً للدماء، لكن يداً خفية تدخلت وأفسدت كل شيء!

وعلى ذكر خيرت الشاطر، و»مثلث ماسبيرو»، فإن جريدة «الوطن» المصرية، التي لا نعرف الجهة المالكة لها، كانت قد نشرت خبراً نسبته لمصادر رفضت الإفصاح عن نفسها، هو أن «خيرت الشاطر» باع « مثلث ماسبيرو» لقطر، وأن التسليم سيكون في سنة 2016!

كان هذا في إطار حملة الثورة المضادة على الرئيس المنتخب، وهى الحملة التي نجحت بتعالي الإخوان بعدم الرد عليها، وقد كتبت عن هذه الأخبار المجهلة التي تفتقد للحبكة في صياغتها، فأي دولة هذه التي تدفع ملايين الدولارات لتشتري سمكاً في ماء، ومن شخص بلا صفة رسمية، ولماذا يكون التسليم بعد ثلاث سنوات، ولم نكن نعلم ان العسكر يضعون خطتهم لبيع هذه المنطقة ضمن مناطق أخرى، وهم يستعدون للانقلاب على السلطة!

كلام المفاوضات تحدث فيه الدكتور محمد محسوب مبكراً، في الحلقات المتميزة مع أحمد منصور على قناة «الجزيرة»، لكن حديثه كان عن أشتون ومحاولاتها، فكان الهتاف: هجوم، فهجمت عليه اللجان الالكترونية الإخوانية، لكن هناك خلافا في التوقيت بين الشهادتين، فشهادة «محسوب» كانت بعد المذابح التي ارتكبها العسكر، وكان المعلن هو أنه لا تنازل عن شرعية مرسي وحقه في استكمال مدته الرئاسية بدون قيد أو شرط، الآن تبدو المرونة مطلوبة لإثبات أن التشدد كان من جانب سلطة الانقلاب، فهل كانت الدماء التي أزهقت لتحسين شروط التفاوض؟!

هذه الزاوية في النقد التلفزيوني، وليس لها أن تخض في اللجج، فالمفارقة اللافتة هنا، هي في الفارق بين تلفزيون رسمي يختص بأحاديث مهمة، وآخر المطلوب هدمه لصالح فضائيات السيسي الخاصة. سيدمره السيسي.

المصدر