الفرق بين المراجعتين لصفحة: «سبعون عاما في حضن اللغة العربية 5»
لا ملخص تعديل |
Attea mostafa (نقاش | مساهمات) لا ملخص تعديل |
||
(مراجعة متوسطة واحدة بواسطة مستخدم واحد آخر غير معروضة) | |||
سطر ١: | سطر ١: | ||
'''سبعون عاما في حضن اللغة العربية''' | '''<center><font color="blue"><font size=5>سبعون عاما في حضن اللغة العربية 5</font></font></center>''' | ||
'''أ.د/[[جابر قميحة]]''' | |||
== الحلقة الخامسة == | == الحلقة الخامسة == | ||
[[ملف:د.جابر قميحة.jpg|تصغير|يسار|'''<center>د.[[جابر قميحة]]</center>''']] | |||
'''"في المدرسة الابتدائية"''' | '''"في المدرسة الابتدائية"''' | ||
اعتقد أبي أنني يكفيني ما حصلته في المرحلة الإلزامية ، لأنني أصبحت على حد قوله قادرا على " فك الخط " ... وهذا يعني أن يستعين بي في حساباته ومعاملاته مع التجار ، وأكتب له ما يريد ، وأقرأ ما يكتب إليه . | اعتقد أبي أنني يكفيني ما حصلته في المرحلة الإلزامية ، لأنني أصبحت على حد قوله قادرا على " فك الخط " ... وهذا يعني أن يستعين بي في حساباته ومعاملاته مع التجار ، وأكتب له ما يريد ، وأقرأ ما يكتب إليه . | ||
سطر ١١: | سطر ١٣: | ||
وفي " المندرة " قال لي أبي بحضور بعض أقاربي : " مبروك يا جابر . خلاص ستبقى معي ، وفي المستقبل القريب نشد لك حمار ، وتسرح زي اخواتك ، والعمال الذين يعملون معي " . ومعنى هذا الكلام أن أبي يحرص على أن أكتفي من التعليم بهذه المرحلة ، ثم يسلمني حمارا في المستقبل القريب ، وأخرج به وعليه " خرج الحراير " ، و " أسرح " في القرى المجاورة أبيع " الحراير" . | وفي " المندرة " قال لي أبي بحضور بعض أقاربي : " مبروك يا جابر . خلاص ستبقى معي ، وفي المستقبل القريب نشد لك حمار ، وتسرح زي اخواتك ، والعمال الذين يعملون معي " . ومعنى هذا الكلام أن أبي يحرص على أن أكتفي من التعليم بهذه المرحلة ، ثم يسلمني حمارا في المستقبل القريب ، وأخرج به وعليه " خرج الحراير " ، و " أسرح " في القرى المجاورة أبيع " الحراير" . | ||
نزل عليَّ هذا الكلام ، أو هذا القرار كالصاعقة ؛ لأنني حريص على أن أواصل تعليمي . ولم ينقذ الموقف إلا أحد الحاضرين من أقاربي وهو محمد إبراهيم حسن قميحة ، وكان موظفا في ديوان وزارة المعارف في المنزلة ، إذ قال بحماسة : " ليه يا عمي ؟ جابر صلاة النبي عقله نظيف ، ولازم يكمل تعليمه " ، وما زال يوجه الكلام بأدب إلى والدي حتى أقنعه . كان التعليم آنذاك عدة مراحل ، فصورته التصاعدية : | نزل عليَّ هذا الكلام ، أو هذا القرار كالصاعقة ؛ لأنني حريص على أن أواصل تعليمي . ولم ينقذ الموقف إلا أحد الحاضرين من أقاربي وهو [[محمد إبراهيم حسن قميحة]] ، وكان موظفا في ديوان وزارة المعارف في المنزلة ، إذ قال بحماسة : " ليه يا عمي ؟ جابر صلاة النبي عقله نظيف ، ولازم يكمل تعليمه " ، وما زال يوجه الكلام بأدب إلى والدي حتى أقنعه . كان التعليم آنذاك عدة مراحل ، فصورته التصاعدية : | ||
1 المرحلة الإلزامية ، قرابة ثلاث سنوات . | 1 المرحلة الإلزامية ، قرابة ثلاث سنوات . | ||
سطر ٢٣: | سطر ٢٥: | ||
والمراحل الثلاث كان اسمها ينتهي بكلمة " الأميرية " ، فيقال مدريسة المنزلة الابتدائية الأميرية ... الثانوية الأميرية ، وهذا يعني بمفهوم هذه الأيام أنها ليست مدرسة خاصة ، بل مدرسة حكومية . | والمراحل الثلاث كان اسمها ينتهي بكلمة " الأميرية " ، فيقال مدريسة المنزلة الابتدائية الأميرية ... الثانوية الأميرية ، وهذا يعني بمفهوم هذه الأيام أنها ليست مدرسة خاصة ، بل مدرسة حكومية . | ||
وكان في المنزلة مدرستان ابتدائيتان : مدرسة المنزلة الابتدائية الأميرية ، والمدرسة الخديوية الابتدائية ، وهي مدرسة خاصة يملكها ويديرها أستاذنا عبد الرحمن جبر رئيس منطقة الإخوان المسلمين في المنزلة دقهلية ... مسقط رأسي . | وكان في المنزلة مدرستان ابتدائيتان : مدرسة المنزلة الابتدائية الأميرية ، والمدرسة الخديوية الابتدائية ، وهي مدرسة خاصة يملكها ويديرها أستاذنا عبد الرحمن جبر رئيس منطقة [[الإخوان المسلمين]] في المنزلة [[دقهلية]] ... مسقط رأسي . | ||
وفي جلسة " المندرة " في بيتنا تعهد محمد قميحة أن يعطيني بعض الدروس التي تؤهلني للنجاح في امتحان القبول للالتحاق بالصف الأول بالمدرسة الابتدائية الأميرية . | وفي جلسة " المندرة " في بيتنا تعهد [[محمد قميحة]] أن يعطيني بعض الدروس التي تؤهلني للنجاح في امتحان القبول للالتحاق بالصف الأول بالمدرسة الابتدائية الأميرية . | ||
صحبني [[محمد قميحة]] في الصباح الباكر يوم الامتحان إلى المدرسة ، وأديت امتحانين في اللغة العربية والحساب ، والحمد لله اجتزت الامتحانين بنجاح . | |||
صحبني محمد قميحة في الصباح الباكر يوم الامتحان إلى المدرسة ، وأديت امتحانين في اللغة العربية والحساب ، والحمد لله اجتزت الامتحانين بنجاح . | |||
ولا بد من وقفة قد تساعدنا على ما سيأتي فيما بعد : | ولا بد من وقفة قد تساعدنا على ما سيأتي فيما بعد : | ||
كانت المدرسة جميلة ، مبانيها فخمة ، وواسعة ، ولها حديقة ضمت كثيرا من أنواع الورود والزهور . وعلى التلميذ أن يكون زيه المدرسي : بنطلون قصير "شورت" ، وقميص تحت " الجاكت " ، وطربوش ، ويا ويل من ينسى طربوشه، إذ يناله عقاب الناظر ، وكان شديدا مهيبا ، واسمه " سيد الخباطي " ، ولا بد أن يكون الطربوش " مكويا " نظيفا ، وقد كان في المنزلة " دكان " كبير هو دكان " على عَرَنسَة " ، يقوم بتصنيع الطرابيش وتنظيفها وكيها . | كانت المدرسة جميلة ، مبانيها فخمة ، وواسعة ، ولها حديقة ضمت كثيرا من أنواع الورود والزهور . وعلى التلميذ أن يكون زيه المدرسي : بنطلون قصير "شورت" ، وقميص تحت " الجاكت " ، وطربوش ، ويا ويل من ينسى طربوشه، إذ يناله عقاب الناظر ، وكان شديدا مهيبا ، واسمه " [[سيد الخباطي]] " ، ولا بد أن يكون الطربوش " مكويا " نظيفا ، وقد كان في المنزلة " دكان " كبير هو دكان " على عَرَنسَة " ، يقوم بتصنيع الطرابيش وتنظيفها وكيها . | ||
ولنا عودة في الحديث عن الطربوش لأنه كان بطلا دراميا في موقف لا أنساه . | ولنا عودة في الحديث عن الطربوش لأنه كان بطلا دراميا في موقف لا أنساه . | ||
سطر ٣٩: | سطر ٣٩: | ||
أخذت مكاني في الفصل الأول الابتدائي ، وكان ملاصقا لحجرة الناظر ، وأحمد الله إذ كان أساتذتي الذين يقومون بالتدريس على مستوى طيب من العلم ، والإنسانية . ومن قبيل الوفاء أن أعرض أمام القراء صورة كل منهم : | أخذت مكاني في الفصل الأول الابتدائي ، وكان ملاصقا لحجرة الناظر ، وأحمد الله إذ كان أساتذتي الذين يقومون بالتدريس على مستوى طيب من العلم ، والإنسانية . ومن قبيل الوفاء أن أعرض أمام القراء صورة كل منهم : | ||
1 الأستاذ شمس الدين المحلاوي : كان ضليعا في اللغة العربية ، ولا يتحدث إلا بالعربية الفصيحة السهلة ، ومن عباراته التي لا أنساها إذا نهر تلميذا يشغل عن الدرس " انتبه واسمع ، سمعت ما بعد يوسف " . ووضعنا في حيرة متسائلين ، من يوسف ؟ وما الذي بعده ؟ ، وأخيرا اكتشفنا أن سورة " الرعد " تأتي في ترتيبها بعد سورة " يوسف " ، فكأنه يزجره يقوله " اسمع سمعت الرعد " . وكان جهوري الصوت ، جميل الوجه والسمت ، دمث الخلق . | 1 الأستاذ [[شمس الدين المحلاوي]] : كان ضليعا في اللغة العربية ، ولا يتحدث إلا بالعربية الفصيحة السهلة ، ومن عباراته التي لا أنساها إذا نهر تلميذا يشغل عن الدرس " انتبه واسمع ، سمعت ما بعد يوسف " . ووضعنا في حيرة متسائلين ، من يوسف ؟ وما الذي بعده ؟ ، وأخيرا اكتشفنا أن سورة " الرعد " تأتي في ترتيبها بعد سورة " يوسف " ، فكأنه يزجره يقوله " اسمع سمعت الرعد " . وكان جهوري الصوت ، جميل الوجه والسمت ، دمث الخلق . | ||
2 الأستاذ رأفت الخريبي : وهو مدرس حفاظة ، جادّ في تدريسه ، لا يستخدم الابتسامة في حديثه العادي ، وكان متدفقا في بيانه ، وظهرت قدرته الإدارية ، فكان الناظر يستعين به في كثير من الإداريات . | 2 الأستاذ رأفت الخريبي : وهو مدرس حفاظة ، جادّ في تدريسه ، لا يستخدم الابتسامة في حديثه العادي ، وكان متدفقا في بيانه ، وظهرت قدرته الإدارية ، فكان الناظر يستعين به في كثير من الإداريات . | ||
3 الأستاذ [[طه الغوابي]] : كان أستاذا بكل ما في هذه الكلمة من معنى ، هاديء الطبع ، هاديء الإلقاء ، وكان من خير [[الإخوان المسلمين]] في "المطرية دقهلية" ، وكان يدرس لنا مادة التربية الدينية ، ويشدنا إليه بصوته الهاديء العميق . | |||
4 الأستاذ [[عباس عاشور]] : وهو من بلدة ميت سلسيل مركز المنزلة ، هو لم يدرس لي ولكنه كان المسئول الأول والأخير عن فريق التمثيل في المدرسة ... كان حب التمثيل هو همه الأكبر ، وقد حببني في التمثيل ، واختارني واحدا من فريق التمثيل في المدرسة ، ولا أنسى كلمته لي " يا بني غدا ستكون ممثلا كبيرا ، فلا تنسنا " . وكان يقوم بتأليف أغلب ما يقدم من تمثيليات ، وأذكر أننا قمنا بتمثيل قصة " الأقرع والأعمى والأبرص " ، وهي مستوحاة من حديث نبوي . كما قدمنا تمثيلية حوارية بعنوان " حوار بين قرد وغزال " : وموضوعها أن الغزال يحتقر القرد لأنه نطاط خفيف لا يعرف الاتزان ، كما أنه خائن يخطف الطعام من الآخرين ، وأهم من ذلك أنه مثال للقبح والدمامة ، والقرد يعيب على الناس أن يعتبروا الغزال نموذجا للجمال ، وأذكر من أقوال القرد للغزال مستهجنا: | |||
أأنت عين الغزال | |||
::::رب البها والجمال ؟ | |||
من قال فيه المغني | |||
::::حبيبتي كالغزال ؟ | |||
من قال فيه المغني حبيبتي كالغزال ؟ | |||
ولقد حببني الرجل في فن التمثيل وخصوصا بعد أن جعلني بطلا لمسرحية طويلة من تأليفه ، وهي بالعربية الفصحى اسمها " الصياد المحسود " ، وتستغرق قرابة ثلاثة أرباع الساعة . وقد أعجب بها الجميع حتى إن بعض شعب [[الإخوان]] في المنطقة كانت تقيم احتفالات في بعض المناسبات الإسلامية المختلفة ، وتستدعينا لتقديم هذه المسرحية . | ولقد حببني الرجل في فن التمثيل وخصوصا بعد أن جعلني بطلا لمسرحية طويلة من تأليفه ، وهي بالعربية الفصحى اسمها " الصياد المحسود " ، وتستغرق قرابة ثلاثة أرباع الساعة . وقد أعجب بها الجميع حتى إن بعض شعب [[الإخوان]] في المنطقة كانت تقيم احتفالات في بعض المناسبات الإسلامية المختلفة ، وتستدعينا لتقديم هذه المسرحية . | ||
ولا أبالغ إذا قلت إن الأستاذ عباس عاشور هو السبب في حبي للتمثيل في المرحلة الثانوية وما بعدها ، وفي حرصي على كتابة التمثيليات نثرا وشعرا بعد أن تخرجت في الجامعة | ولا أبالغ إذا قلت إن الأستاذ [[عباس عاشور]] هو السبب في حبي للتمثيل في المرحلة الثانوية وما بعدها ، وفي حرصي على كتابة التمثيليات نثرا وشعرا بعد أن تخرجت في الجامعة . | ||
وأذكر بهذه المناسبة أنني بعد حصولي على شهادة التوجيهية ( شهادة إتمام مرحلة الدراسة الثانوية ) كان ما يزال يرن في أذني ونفسي كلمة الأستاذ[[عباس عاشور]] " يا بني غدا ستكون ممثلا كبيرا ، فلا تنسنا " . فعرضت على والدي أن ألتحق بمعهد التمثيل ، فنهرني ، وقال في [[ثورة]] غاضبا : دي تبقى فضيحة ، أنت عاوز الناس تقول ابن الحاج متولي قميحة طلع مشخصاتي زي" إبراهيم الورّ " ، و إبراهيم الوِرّ واحد في فرقة العوالم بالمنزلة ، ويتقن الرقص بالصاجات ، و " أشياء " أخرى . فصرفت النظر عن هذه الرغبة إلى الأبد . | |||
5 الأستاذ المهدي قورة : مدرس الرسم ، كان فنانا بكل معنى الكلمة ، وكان أنيقا رشيقا في كل شيء ، في جسمه وكلامه وابتسامته التي لا تفارق وجهه ، وكان من [[الإخوان المسلمين]] فكرا ، وإن لم يكن منهم تنظيما . | 5 الأستاذ [[المهدي قورة]] : مدرس الرسم ، كان فنانا بكل معنى الكلمة ، وكان أنيقا رشيقا في كل شيء ، في جسمه وكلامه وابتسامته التي لا تفارق وجهه ، وكان من [[الإخوان المسلمين]] فكرا ، وإن لم يكن منهم تنظيما . | ||
ولا أنسى أنه كان بوعيه الإسلامي وفكره الناضج يقول بحماسة " إن إسرائيل ستهزم على يد [[الإخوان]] ، فيكفي أن نرسل إليهم من كل شعبة من شعب [[الإخوان]] متطوعا ، ليحطموا ما يسمى | ولا أنسى أنه كان بوعيه الإسلامي وفكره الناضج يقول بحماسة " إن إسرائيل ستهزم على يد [[الإخوان]] ، فيكفي أن نرسل إليهم من كل شعبة من شعب [[الإخوان]] متطوعا ، ليحطموا ما يسمى ب[[إسرائيل]] و[[الصهاينة]] " ، وقد صدق الرجل وكان من الممكن أن تتحقق نبوءة الرجل لو لم يقف في وجه [[الإخوان]] الحكومات الظالمة التابعة للاستعمار الانجليزي . ومن كلمات الملك عبد الله الكبير آنذاك " الشيخ [[حسن البنا]] يريد أن يحكم [[فلسطين]] !!! ؟؟ ... أنا أسلم [[فلسطين]] لليهود ولا يحكمها [[حسن البنا]] " . | ||
وكان للأستاذ المهدي تأثير كبير في شحن نفسي بالحماسة ل[[فلسطين]] ، فتمخضت عنها محاولاتي الشعرية الأولى . وأكتفي بمثال واحد يتمثل في الأبيات الآتية .. | وكان للأستاذ المهدي تأثير كبير في شحن نفسي بالحماسة ل[[فلسطين]] ، فتمخضت عنها محاولاتي الشعرية الأولى . وأكتفي بمثال واحد يتمثل في الأبيات الآتية .. | ||
((وقد نظمتها مابين عامي 1948 و 1949 . وتعتبر من أول ما نظمت في حياتي ، وقد نشرها الأستاذ علي الغاياتي رحمه الله في صحيفته منبر الشرق) . | ((وقد نظمتها مابين عامي [[1948]] و [[1949]] . وتعتبر من أول ما نظمت في حياتي ، وقد نشرها الأستاذ [[علي الغاياتي]] رحمه الله في صحيفته منبر الشرق) . | ||
فلسطين أمي وحق اليقين وحق الشهيد غدا تسمعينْ | [[فلسطين]] أمي وحق اليقين | ||
::::وحق الشهيد غدا تسمعينْ | |||
غدا تسمعين بأنا نسودْ | غدا تسمعين بأنا نسودْ | ||
::::وأنا حصدنا فلول اليهود | |||
غدا تسمعين بأنا نعود | |||
::::حشودا قوارع تتلو حشود | |||
كمثل المنايا كمثل الأسود | |||
::::ندك الجبال وندْمي الرعودْ | |||
فلسطين مهد الهدى واليقين | |||
::::وحق الشهيد غدا تسمعين | |||
فلسطين مهد الهدى واليقين وحق الشهيد غدا تسمعين | |||
غدا تسمعين بأنا نسود | غدا تسمعين بأنا نسود | ||
::::وأنا حصدنا فلول اليهود | |||
غدا تسمعين بأن الخلود | |||
::::ينادي لقانا وراء الحدود | |||
وأنَّاحطمنا حديد القيود | |||
::::وأنا بعثنا كفاح الجدود | |||
[[فلسطين]] مهد الهدى واليقين | |||
::::وحق الشهيد غدا تسمعين | |||
[[فلسطين]] مهد الهدى واليقين وحق الشهيد غدا تسمعين | |||
غدا تسمعين بأنا نسود | غدا تسمعين بأنا نسود | ||
::::وأنا حصدنا فلول اليهود | |||
غدا تسمعين لصوت الشهيد | |||
::::يفوح عبيرا كعطر الورود | |||
غدا تسمعين لصوت الشهيد يفوح عبيرا كعطر الورود | |||
إذا ما رآنا نعود .. نسود وروح السلام إليك تعود | إذا ما رآنا نعود .. نسود | ||
::::وروح السلام إليك تعود | |||
فلسطين مهد الهدى واليقين وحق الشهيد غدا تسمعين | فلسطين مهد الهدى واليقين | ||
::::وحق الشهيد غدا تسمعين | |||
غدا تسمعين بأنا نسود | غدا تسمعين بأنا نسود | ||
::::وأنا حصدنا فلول اليهود | |||
هذا إلى جانب التأثر الكبير في هذا المجال بدعوة [[الإخوان]] وما تلقيته في المدرسة الإخوانية | هذا إلى جانب التأثر الكبير في هذا المجال بدعوة [[الإخوان]] وما تلقيته في المدرسة الإخوانية | ||
الأستاذ [[إبراهيم العزبي]] : وهو من " ميت سلسيل " مركز المنزلة ، وكان من [[الإخوان]] المؤمنين الصادقين المخلصين المتحمسين للدعوة ، وكان يدرس لنا اللغة الإنجليزية ، وكان منهجه في التدريس منهجا عمليا تربويا سليما ، وهو الحرص على معايشة اللغة تدريجيا ، كنا في الصف الأول الابتدائي ومع ذلك يطلب منا أن نتحدث باللغة الإنجليزية ، بقدر ما نستطيع ، وأخذتنا الهيبة أول الأمر ولكننا تقدمنا تدريجيا بهذه الطريقة . فمثلا كنا نحفظ تركيب this is ويشير إلى الكتاب لكي نقول book . ثم يدير إصبعه بالإشارة إلى الشجرة مثلا فإذا لم نستطع معرفتها قال : tree . ويشير إلى القلم ، وإلى السبورة ، وإلى المقعد بتركيب this is ، وبهذه الطريقة خرجنا بحفظ كثير من الكلمات ، وتقدمنا في الإنجليزية تقدما باهرا بفضل الله وفضل أستاذنا إبراهيم العزبي . | |||
كنت قد بدأت الاشتراك في جمعية [[الإخوان المسلمين]] بالمنزلة وأنا في هذه السن: ما بين العاشرة والثانية عشرة . وكان بائع الصحف يأتي كل يوم ليسلمه جريدة [[الإخوان المسلمين]] اليومية ، وذات يوم قال له بائع الصحف "يا أستاذ إبراهيم نسخة لك ، ونسخة ل[[جابر قميحة]]" ( وكنت حريصا على قراءة الصحيفة وأعطي أنور موزع الصحيفة ثمنها مقدما ) . | |||
رأيت مظاهر السعادة والفرح على وجه الأستاذ إبراهيم إذ اكتشف فيّ أخا مسلما جديدا . وكان يطلب منا نقل بعض العبارات من السبورة لتقويم خط التلاميذ، ويقصده التلاميذ واحدا واحدا لتقويم خطه ، فلما جاء دوري رأيت الرجل يحييني بابتسامة عريضة ، ويقول بصوت هاديء رخيم " مرحبا يا أخ جابر ... فمن اليوم لست أستاذك ، ولكنني أخوك في [[الإسلام]] [[إبراهيم العزبي]] " . كانت لهذه العبارة في نفسي تأثير السحر ، فزادت من حماستي لدعوة [[الإخوان]] . وأشير إلى أن الأثر الأكبر الذي شدني للدعوة هو الخطاب الأول والأخير الذي سمعته من إمامي الشهيد على مدى ثلاث ساعات ، وقد تحدثت عن ذلك في كتابي " ذكرياتي مع دعوة [[الإخوان]] في المنزلة [[دقهلية]] " . | |||
وفي هذا المقام أذكر أن الأستاذ [[شمس المحلاوي]] كان مسئولا عن جمعية الخطابة بالمدرسة ، وكنت أنا عضوا فيها ، وكان يعلمنا طريقة الإلقاء السليم ، وكيف يعيش الإنسان الكلمة متبعا تغيير الصوت تبعا للمعنى ، فأسلوب الحماسة يقتضي رفع الصوت ، وأسلوب الدعاء يحتاج إلى هدوء ورقة في الأداء ، وقد تمكنت بحمد الله في حضرته أن اخطب ارتجالا . | |||
وهنا تلتقي دعوة [[الإخوان]] بما علمنا الأستاذ شمس ، فقد كنا بأمر الأستاذ محمد قاسم صقر رئيس جوالة [[الإخوان]] ، وكنت أنا أحد أشبالها نجتمع كل يوم جمعة بزي المدرسة ، ونؤدي صلاة الجمعة في " الجامع الكبير " . وذات يوم وقع حدث جديد في حياتي كان له في نفسي أثر مستقبلي عظيم . فبعيد صلاة الجمعة دفعني الأستاذ محمد صقر إلى الكرسي العالي الذي يجلس عليه قاريء سورة الكهف قبل صلاة الجمعة ، وقال لي بلهجة الآمر : " اطلع بسرعة يا جابر، اطلع بسرعة واخطب في الناس " ... فلما ترددت قال " اطلع بالأمر واخطب في الناس ، قل ما في ذهنك " وصعدت على الكرسي وليس في ذهني فكرة واحدة ، فأخذت أمطط في المقدمة وأقول بصوت جهوري : أيها المسلمون ... إليّ إلي وبقلوبكم نحوي ، من كان يحب الله ورسوله فليأت إليّ ويستمع ، ثم بدأت البسملة والصلاة على النبي ، وقفز إلى عقلي حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ونصه : | وهنا تلتقي دعوة [[الإخوان]] بما علمنا الأستاذ شمس ، فقد كنا بأمر الأستاذ [[محمد قاسم صقر]] رئيس جوالة [[الإخوان]] ، وكنت أنا أحد أشبالها نجتمع كل يوم جمعة بزي المدرسة ، ونؤدي صلاة الجمعة في " الجامع الكبير " . وذات يوم وقع حدث جديد في حياتي كان له في نفسي أثر مستقبلي عظيم . فبعيد صلاة الجمعة دفعني الأستاذ [[محمد صقر]] إلى الكرسي العالي الذي يجلس عليه قاريء سورة الكهف قبل صلاة الجمعة ، وقال لي بلهجة الآمر : " اطلع بسرعة يا جابر، اطلع بسرعة واخطب في الناس " ... فلما ترددت قال " اطلع بالأمر واخطب في الناس ، قل ما في ذهنك " وصعدت على الكرسي وليس في ذهني فكرة واحدة ، فأخذت أمطط في المقدمة وأقول بصوت جهوري : أيها المسلمون ... إليّ إلي وبقلوبكم نحوي ، من كان يحب الله ورسوله فليأت إليّ ويستمع ، ثم بدأت البسملة والصلاة على النبي ، وقفز إلى عقلي حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ونصه : | ||
عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال :سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول"ألا إن رحى الإسلام دائرة ، فدوروامع الكتاب حيث دار. ألا إن الكتاب والسلطان سيفترقان ، فلا تفارقوا الكتاب ، ألا إنه سيكون عليكم أمراء يرضون لأنفسهم ما لا يرضون لكم،فأن اطعتموهم أضلوكم ،وأن عصيتموهم قتلوكم. | عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال :سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول"ألا إن رحى [[الإسلام]] دائرة ، فدوروامع الكتاب حيث دار. ألا إن الكتاب والسلطان سيفترقان ، فلا تفارقوا الكتاب ، ألا إنه سيكون عليكم أمراء يرضون لأنفسهم ما لا يرضون لكم،فأن اطعتموهم أضلوكم ،وأن عصيتموهم قتلوكم. | ||
قالوا:وماذا نفعل يارسول الله؟ | قالوا:وماذا نفعل يارسول الله؟ | ||
سطر ١٣٦: | سطر ١٣٠: | ||
وأخذت أتحدث بحماسة في ظل هذا الحديث الذي كنا حفظناه في "أسرتنا " في جمعية [[الإخوان]] بالمنزلة . ( ومن المعروف أن كل شعبة من شعب [[الإخوان]] تتكون من عدة أسر ، كل أسرة من قرابة سبعة أعضاء ، يجتمعون أسبوعيا ، ليتدارسوا القرآن والسنة وعلوم الدين وغير ذلك ) . | وأخذت أتحدث بحماسة في ظل هذا الحديث الذي كنا حفظناه في "أسرتنا " في جمعية [[الإخوان]] بالمنزلة . ( ومن المعروف أن كل شعبة من شعب [[الإخوان]] تتكون من عدة أسر ، كل أسرة من قرابة سبعة أعضاء ، يجتمعون أسبوعيا ، ليتدارسوا القرآن والسنة وعلوم الدين وغير ذلك ) . | ||
كنت قد بدأت الخطبة وأنا أحس بأن حرارتي ارتفعت ، وأن أذني قد اشتعلتا ، وأن وجهي لا أنف فيه ، ولكن عدت إلى حالتي الطبيعية بعد أن تدفقت في الكلام . | |||
ولم أصدق عيني وأنا أرى الناس يتزاحمون عليّ وأنا الصبي الصغير لتقبيل يدي . | ولم أصدق عيني وأنا أرى الناس يتزاحمون عليّ وأنا الصبي الصغير لتقبيل يدي . | ||
ولكني عاتبت الأستاذ محمد صقر بعد ذلك ، وقلت له لقد قسوت عليّ بهذه المفاجأة ، وكان من المفروض أن أبدأ تدريجيا في الشعبة ، ولكنه قال لي : " خذ مني هذه الكلمة ، لو أنا أردت أن أعلم واحدا منكم السباحة ، وأتيت بطست أو إناء كبير مليء ماء ، وطلبت منه أن يعوم فلن يتعلم السباحة طيلة حياته ، ولكن المنهج الصحيح أن آخذه في قارب وألقي به في البحر ، وأطلب منه أن يعوم ، سيحاول وإذا عجز أخذنا بيده إلى القارب ، ونكرر العملية ، وبذلك سيتعلم فن العوم ، ولا ينساه طيلة حياته " . | ولكني عاتبت الأستاذ [[محمد صقر]] بعد ذلك ، وقلت له لقد قسوت عليّ بهذه المفاجأة ، وكان من المفروض أن أبدأ تدريجيا في الشعبة ، ولكنه قال لي : " خذ مني هذه الكلمة ، لو أنا أردت أن أعلم واحدا منكم السباحة ، وأتيت بطست أو إناء كبير مليء ماء ، وطلبت منه أن يعوم فلن يتعلم السباحة طيلة حياته ، ولكن المنهج الصحيح أن آخذه في قارب وألقي به في البحر ، وأطلب منه أن يعوم ، سيحاول وإذا عجز أخذنا بيده إلى القارب ، ونكرر العملية ، وبذلك سيتعلم فن العوم ، ولا ينساه طيلة حياته " . | ||
وهنا التقى منهج الأستاذ شمس الدين المحلاوي في تعليمنا الخطابة بالمدرسة، ومنهج الأخ الأستاذ محمد قاسم . وكنت أعتقد أنه مبتكر في هذا المنهج إلى أن اندمجت في الجماعة ، وعرفت أن هذا هو المنهج العام ، وتأكد لي ذلك في الكبر بعد أن قرأت عن منهج الإمام الشهيد [[حسن البنا]] في هذا المجال . | وهنا التقى منهج الأستاذ [[شمس الدين المحلاوي]] في تعليمنا الخطابة بالمدرسة، ومنهج الأخ الأستاذ [[محمد قاسم]] . وكنت أعتقد أنه مبتكر في هذا المنهج إلى أن اندمجت في الجماعة ، وعرفت أن هذا هو المنهج العام ، وتأكد لي ذلك في الكبر بعد أن قرأت عن منهج الإمام الشهيد [[حسن البنا]] في هذا المجال . | ||
كتب انيس منصور في الأهرام يوم السبت 26 /2/ 1983 م : | كتب [[انيس منصور]] في [[الأهرام]] يوم السبت 26 /2/ [[1983]] م : | ||
" أنا أقول لك ما الذي خلفه فينا الشيخ [[حسن البنا]] في شباب الأربعينيات ، إنها قصة قديمة ، ولكنها ليست قديمة جدا . | " أنا أقول لك ما الذي خلفه فينا الشيخ [[حسن البنا]] في شباب الأربعينيات ، إنها قصة قديمة ، ولكنها ليست قديمة جدا . | ||
سطر ١٥٤: | سطر ١٤٨: | ||
وكان هدف هذه الخطبة هو سلوك الناس في حياتهم العادية . ولم أكن أعرف تفسير الطبري ، ولا تفسير ابن كثير ، ولكن كان لا بد من معرفة تلك المراجع الطيبة في فهم القرآن الكريم . | وكان هدف هذه الخطبة هو سلوك الناس في حياتهم العادية . ولم أكن أعرف تفسير الطبري ، ولا تفسير ابن كثير ، ولكن كان لا بد من معرفة تلك المراجع الطيبة في فهم القرآن الكريم . | ||
وأذكر أن زميلا لنا ما كان يحسن الخطابة ، فذهبنا إلى الأشتاذ المرشد العام [[حسن البنا]] ، ولاحظ هو بسرعة أن زميلي خجول ، فطلب إليه أن يخطب في موضوع مناسب وهو : " كيف يذاكر الطالب وهو مستريح النفس ، وأن يعمل ما عليه ثم يترك الباقي على الله " . وطلب إليه أن يوجه حديثه إلى الآباء والأمهات ، وليس إلى الطلبة وأن يجعل ذلك من واقع تجربته هو . | وأذكر أن زميلا لنا ما كان يحسن الخطابة ، فذهبنا إلى الأشتاذ [[المرشد العام]] [[حسن البنا]] ، ولاحظ هو بسرعة أن زميلي خجول ، فطلب إليه أن يخطب في موضوع مناسب وهو : " كيف يذاكر الطالب وهو مستريح النفس ، وأن يعمل ما عليه ثم يترك الباقي على الله " . وطلب إليه أن يوجه حديثه إلى الآباء والأمهات ، وليس إلى الطلبة وأن يجعل ذلك من واقع تجربته هو . | ||
وسمعت زميلي هذا يخطب في أحد مساجد امبابة لقد كان موفقا تماما ؛ فقد استهل خطابه بقوله : أيها [[الإخوان]] أحدثكم من نفسي ... إلخ . | وسمعت زميلي هذا يخطب في أحد مساجد امبابة لقد كان موفقا تماما ؛ فقد استهل خطابه بقوله : أيها [[الإخوان]] أحدثكم من نفسي ... إلخ . | ||
إنه الإيمان يدفع إلى الشجاعة في مواجهة الناس ، وإنها الممارسة تدفع إلى الانتقال من القول إلى العمل ، ومن العمل إلى التضحية ما دام كل قول وكل عمل في سبيل الله ".الأهرام 2621983 | إنه الإيمان يدفع إلى الشجاعة في مواجهة الناس ، وإنها الممارسة تدفع إلى الانتقال من القول إلى العمل ، ومن العمل إلى التضحية ما دام كل قول وكل عمل في سبيل الله ".[[الأهرام]] 2621983 | ||
ومن قبيل تشجيع المدرسة للتلاميذ أنها كانت في نهاية العام توزع هدايا على الطلاب المتفوقين ، وكنت بحمد الله أنا واحدا منهم ، ولم تكن الهدايا تزيد على مجموعة من مجلات الرسالة والثقافة ، وبعض الكتب الأخرى ، وكنت سعيدا بالجائزة التي أنالها . | ومن قبيل تشجيع المدرسة للتلاميذ أنها كانت في نهاية العام توزع هدايا على الطلاب المتفوقين ، وكنت بحمد الله أنا واحدا منهم ، ولم تكن الهدايا تزيد على مجموعة من مجلات الرسالة والثقافة ، وبعض الكتب الأخرى ، وكنت سعيدا بالجائزة التي أنالها . |
المراجعة الحالية بتاريخ ٠٨:٤٤، ٢٤ أكتوبر ٢٠١١
أ.د/جابر قميحة
الحلقة الخامسة
"في المدرسة الابتدائية"
اعتقد أبي أنني يكفيني ما حصلته في المرحلة الإلزامية ، لأنني أصبحت على حد قوله قادرا على " فك الخط " ... وهذا يعني أن يستعين بي في حساباته ومعاملاته مع التجار ، وأكتب له ما يريد ، وأقرأ ما يكتب إليه .
وفي " المندرة " قال لي أبي بحضور بعض أقاربي : " مبروك يا جابر . خلاص ستبقى معي ، وفي المستقبل القريب نشد لك حمار ، وتسرح زي اخواتك ، والعمال الذين يعملون معي " . ومعنى هذا الكلام أن أبي يحرص على أن أكتفي من التعليم بهذه المرحلة ، ثم يسلمني حمارا في المستقبل القريب ، وأخرج به وعليه " خرج الحراير " ، و " أسرح " في القرى المجاورة أبيع " الحراير" .
نزل عليَّ هذا الكلام ، أو هذا القرار كالصاعقة ؛ لأنني حريص على أن أواصل تعليمي . ولم ينقذ الموقف إلا أحد الحاضرين من أقاربي وهو محمد إبراهيم حسن قميحة ، وكان موظفا في ديوان وزارة المعارف في المنزلة ، إذ قال بحماسة : " ليه يا عمي ؟ جابر صلاة النبي عقله نظيف ، ولازم يكمل تعليمه " ، وما زال يوجه الكلام بأدب إلى والدي حتى أقنعه . كان التعليم آنذاك عدة مراحل ، فصورته التصاعدية :
1 المرحلة الإلزامية ، قرابة ثلاث سنوات .
2 المرحلة الابتدائية ، أربع سنوات .
3 المرحلة الثانوية ، خمس سنوات .
4 المرحلة الجامعية ، أربع سنوات .
والمراحل الثلاث كان اسمها ينتهي بكلمة " الأميرية " ، فيقال مدريسة المنزلة الابتدائية الأميرية ... الثانوية الأميرية ، وهذا يعني بمفهوم هذه الأيام أنها ليست مدرسة خاصة ، بل مدرسة حكومية .
وكان في المنزلة مدرستان ابتدائيتان : مدرسة المنزلة الابتدائية الأميرية ، والمدرسة الخديوية الابتدائية ، وهي مدرسة خاصة يملكها ويديرها أستاذنا عبد الرحمن جبر رئيس منطقة الإخوان المسلمين في المنزلة دقهلية ... مسقط رأسي .
وفي جلسة " المندرة " في بيتنا تعهد محمد قميحة أن يعطيني بعض الدروس التي تؤهلني للنجاح في امتحان القبول للالتحاق بالصف الأول بالمدرسة الابتدائية الأميرية .
صحبني محمد قميحة في الصباح الباكر يوم الامتحان إلى المدرسة ، وأديت امتحانين في اللغة العربية والحساب ، والحمد لله اجتزت الامتحانين بنجاح .
ولا بد من وقفة قد تساعدنا على ما سيأتي فيما بعد :
كانت المدرسة جميلة ، مبانيها فخمة ، وواسعة ، ولها حديقة ضمت كثيرا من أنواع الورود والزهور . وعلى التلميذ أن يكون زيه المدرسي : بنطلون قصير "شورت" ، وقميص تحت " الجاكت " ، وطربوش ، ويا ويل من ينسى طربوشه، إذ يناله عقاب الناظر ، وكان شديدا مهيبا ، واسمه " سيد الخباطي " ، ولا بد أن يكون الطربوش " مكويا " نظيفا ، وقد كان في المنزلة " دكان " كبير هو دكان " على عَرَنسَة " ، يقوم بتصنيع الطرابيش وتنظيفها وكيها .
ولنا عودة في الحديث عن الطربوش لأنه كان بطلا دراميا في موقف لا أنساه .
أخذت مكاني في الفصل الأول الابتدائي ، وكان ملاصقا لحجرة الناظر ، وأحمد الله إذ كان أساتذتي الذين يقومون بالتدريس على مستوى طيب من العلم ، والإنسانية . ومن قبيل الوفاء أن أعرض أمام القراء صورة كل منهم :
1 الأستاذ شمس الدين المحلاوي : كان ضليعا في اللغة العربية ، ولا يتحدث إلا بالعربية الفصيحة السهلة ، ومن عباراته التي لا أنساها إذا نهر تلميذا يشغل عن الدرس " انتبه واسمع ، سمعت ما بعد يوسف " . ووضعنا في حيرة متسائلين ، من يوسف ؟ وما الذي بعده ؟ ، وأخيرا اكتشفنا أن سورة " الرعد " تأتي في ترتيبها بعد سورة " يوسف " ، فكأنه يزجره يقوله " اسمع سمعت الرعد " . وكان جهوري الصوت ، جميل الوجه والسمت ، دمث الخلق .
2 الأستاذ رأفت الخريبي : وهو مدرس حفاظة ، جادّ في تدريسه ، لا يستخدم الابتسامة في حديثه العادي ، وكان متدفقا في بيانه ، وظهرت قدرته الإدارية ، فكان الناظر يستعين به في كثير من الإداريات .
3 الأستاذ طه الغوابي : كان أستاذا بكل ما في هذه الكلمة من معنى ، هاديء الطبع ، هاديء الإلقاء ، وكان من خير الإخوان المسلمين في "المطرية دقهلية" ، وكان يدرس لنا مادة التربية الدينية ، ويشدنا إليه بصوته الهاديء العميق .
4 الأستاذ عباس عاشور : وهو من بلدة ميت سلسيل مركز المنزلة ، هو لم يدرس لي ولكنه كان المسئول الأول والأخير عن فريق التمثيل في المدرسة ... كان حب التمثيل هو همه الأكبر ، وقد حببني في التمثيل ، واختارني واحدا من فريق التمثيل في المدرسة ، ولا أنسى كلمته لي " يا بني غدا ستكون ممثلا كبيرا ، فلا تنسنا " . وكان يقوم بتأليف أغلب ما يقدم من تمثيليات ، وأذكر أننا قمنا بتمثيل قصة " الأقرع والأعمى والأبرص " ، وهي مستوحاة من حديث نبوي . كما قدمنا تمثيلية حوارية بعنوان " حوار بين قرد وغزال " : وموضوعها أن الغزال يحتقر القرد لأنه نطاط خفيف لا يعرف الاتزان ، كما أنه خائن يخطف الطعام من الآخرين ، وأهم من ذلك أنه مثال للقبح والدمامة ، والقرد يعيب على الناس أن يعتبروا الغزال نموذجا للجمال ، وأذكر من أقوال القرد للغزال مستهجنا:
أأنت عين الغزال
- رب البها والجمال ؟
من قال فيه المغني
- حبيبتي كالغزال ؟
ولقد حببني الرجل في فن التمثيل وخصوصا بعد أن جعلني بطلا لمسرحية طويلة من تأليفه ، وهي بالعربية الفصحى اسمها " الصياد المحسود " ، وتستغرق قرابة ثلاثة أرباع الساعة . وقد أعجب بها الجميع حتى إن بعض شعب الإخوان في المنطقة كانت تقيم احتفالات في بعض المناسبات الإسلامية المختلفة ، وتستدعينا لتقديم هذه المسرحية .
ولا أبالغ إذا قلت إن الأستاذ عباس عاشور هو السبب في حبي للتمثيل في المرحلة الثانوية وما بعدها ، وفي حرصي على كتابة التمثيليات نثرا وشعرا بعد أن تخرجت في الجامعة .
وأذكر بهذه المناسبة أنني بعد حصولي على شهادة التوجيهية ( شهادة إتمام مرحلة الدراسة الثانوية ) كان ما يزال يرن في أذني ونفسي كلمة الأستاذعباس عاشور " يا بني غدا ستكون ممثلا كبيرا ، فلا تنسنا " . فعرضت على والدي أن ألتحق بمعهد التمثيل ، فنهرني ، وقال في ثورة غاضبا : دي تبقى فضيحة ، أنت عاوز الناس تقول ابن الحاج متولي قميحة طلع مشخصاتي زي" إبراهيم الورّ " ، و إبراهيم الوِرّ واحد في فرقة العوالم بالمنزلة ، ويتقن الرقص بالصاجات ، و " أشياء " أخرى . فصرفت النظر عن هذه الرغبة إلى الأبد .
5 الأستاذ المهدي قورة : مدرس الرسم ، كان فنانا بكل معنى الكلمة ، وكان أنيقا رشيقا في كل شيء ، في جسمه وكلامه وابتسامته التي لا تفارق وجهه ، وكان من الإخوان المسلمين فكرا ، وإن لم يكن منهم تنظيما .
ولا أنسى أنه كان بوعيه الإسلامي وفكره الناضج يقول بحماسة " إن إسرائيل ستهزم على يد الإخوان ، فيكفي أن نرسل إليهم من كل شعبة من شعب الإخوان متطوعا ، ليحطموا ما يسمى بإسرائيل والصهاينة " ، وقد صدق الرجل وكان من الممكن أن تتحقق نبوءة الرجل لو لم يقف في وجه الإخوان الحكومات الظالمة التابعة للاستعمار الانجليزي . ومن كلمات الملك عبد الله الكبير آنذاك " الشيخ حسن البنا يريد أن يحكم فلسطين !!! ؟؟ ... أنا أسلم فلسطين لليهود ولا يحكمها حسن البنا " .
وكان للأستاذ المهدي تأثير كبير في شحن نفسي بالحماسة لفلسطين ، فتمخضت عنها محاولاتي الشعرية الأولى . وأكتفي بمثال واحد يتمثل في الأبيات الآتية ..
((وقد نظمتها مابين عامي 1948 و 1949 . وتعتبر من أول ما نظمت في حياتي ، وقد نشرها الأستاذ علي الغاياتي رحمه الله في صحيفته منبر الشرق) .
فلسطين أمي وحق اليقين
- وحق الشهيد غدا تسمعينْ
غدا تسمعين بأنا نسودْ
- وأنا حصدنا فلول اليهود
غدا تسمعين بأنا نعود
- حشودا قوارع تتلو حشود
كمثل المنايا كمثل الأسود
- ندك الجبال وندْمي الرعودْ
فلسطين مهد الهدى واليقين
- وحق الشهيد غدا تسمعين
غدا تسمعين بأنا نسود
- وأنا حصدنا فلول اليهود
غدا تسمعين بأن الخلود
- ينادي لقانا وراء الحدود
وأنَّاحطمنا حديد القيود
- وأنا بعثنا كفاح الجدود
فلسطين مهد الهدى واليقين
- وحق الشهيد غدا تسمعين
غدا تسمعين بأنا نسود
- وأنا حصدنا فلول اليهود
غدا تسمعين لصوت الشهيد
- يفوح عبيرا كعطر الورود
إذا ما رآنا نعود .. نسود
- وروح السلام إليك تعود
فلسطين مهد الهدى واليقين
- وحق الشهيد غدا تسمعين
غدا تسمعين بأنا نسود
- وأنا حصدنا فلول اليهود
هذا إلى جانب التأثر الكبير في هذا المجال بدعوة الإخوان وما تلقيته في المدرسة الإخوانية
الأستاذ إبراهيم العزبي : وهو من " ميت سلسيل " مركز المنزلة ، وكان من الإخوان المؤمنين الصادقين المخلصين المتحمسين للدعوة ، وكان يدرس لنا اللغة الإنجليزية ، وكان منهجه في التدريس منهجا عمليا تربويا سليما ، وهو الحرص على معايشة اللغة تدريجيا ، كنا في الصف الأول الابتدائي ومع ذلك يطلب منا أن نتحدث باللغة الإنجليزية ، بقدر ما نستطيع ، وأخذتنا الهيبة أول الأمر ولكننا تقدمنا تدريجيا بهذه الطريقة . فمثلا كنا نحفظ تركيب this is ويشير إلى الكتاب لكي نقول book . ثم يدير إصبعه بالإشارة إلى الشجرة مثلا فإذا لم نستطع معرفتها قال : tree . ويشير إلى القلم ، وإلى السبورة ، وإلى المقعد بتركيب this is ، وبهذه الطريقة خرجنا بحفظ كثير من الكلمات ، وتقدمنا في الإنجليزية تقدما باهرا بفضل الله وفضل أستاذنا إبراهيم العزبي .
كنت قد بدأت الاشتراك في جمعية الإخوان المسلمين بالمنزلة وأنا في هذه السن: ما بين العاشرة والثانية عشرة . وكان بائع الصحف يأتي كل يوم ليسلمه جريدة الإخوان المسلمين اليومية ، وذات يوم قال له بائع الصحف "يا أستاذ إبراهيم نسخة لك ، ونسخة لجابر قميحة" ( وكنت حريصا على قراءة الصحيفة وأعطي أنور موزع الصحيفة ثمنها مقدما ) .
رأيت مظاهر السعادة والفرح على وجه الأستاذ إبراهيم إذ اكتشف فيّ أخا مسلما جديدا . وكان يطلب منا نقل بعض العبارات من السبورة لتقويم خط التلاميذ، ويقصده التلاميذ واحدا واحدا لتقويم خطه ، فلما جاء دوري رأيت الرجل يحييني بابتسامة عريضة ، ويقول بصوت هاديء رخيم " مرحبا يا أخ جابر ... فمن اليوم لست أستاذك ، ولكنني أخوك في الإسلام إبراهيم العزبي " . كانت لهذه العبارة في نفسي تأثير السحر ، فزادت من حماستي لدعوة الإخوان . وأشير إلى أن الأثر الأكبر الذي شدني للدعوة هو الخطاب الأول والأخير الذي سمعته من إمامي الشهيد على مدى ثلاث ساعات ، وقد تحدثت عن ذلك في كتابي " ذكرياتي مع دعوة الإخوان في المنزلة دقهلية " .
وفي هذا المقام أذكر أن الأستاذ شمس المحلاوي كان مسئولا عن جمعية الخطابة بالمدرسة ، وكنت أنا عضوا فيها ، وكان يعلمنا طريقة الإلقاء السليم ، وكيف يعيش الإنسان الكلمة متبعا تغيير الصوت تبعا للمعنى ، فأسلوب الحماسة يقتضي رفع الصوت ، وأسلوب الدعاء يحتاج إلى هدوء ورقة في الأداء ، وقد تمكنت بحمد الله في حضرته أن اخطب ارتجالا .
وهنا تلتقي دعوة الإخوان بما علمنا الأستاذ شمس ، فقد كنا بأمر الأستاذ محمد قاسم صقر رئيس جوالة الإخوان ، وكنت أنا أحد أشبالها نجتمع كل يوم جمعة بزي المدرسة ، ونؤدي صلاة الجمعة في " الجامع الكبير " . وذات يوم وقع حدث جديد في حياتي كان له في نفسي أثر مستقبلي عظيم . فبعيد صلاة الجمعة دفعني الأستاذ محمد صقر إلى الكرسي العالي الذي يجلس عليه قاريء سورة الكهف قبل صلاة الجمعة ، وقال لي بلهجة الآمر : " اطلع بسرعة يا جابر، اطلع بسرعة واخطب في الناس " ... فلما ترددت قال " اطلع بالأمر واخطب في الناس ، قل ما في ذهنك " وصعدت على الكرسي وليس في ذهني فكرة واحدة ، فأخذت أمطط في المقدمة وأقول بصوت جهوري : أيها المسلمون ... إليّ إلي وبقلوبكم نحوي ، من كان يحب الله ورسوله فليأت إليّ ويستمع ، ثم بدأت البسملة والصلاة على النبي ، وقفز إلى عقلي حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ونصه :
عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال :سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول"ألا إن رحى الإسلام دائرة ، فدوروامع الكتاب حيث دار. ألا إن الكتاب والسلطان سيفترقان ، فلا تفارقوا الكتاب ، ألا إنه سيكون عليكم أمراء يرضون لأنفسهم ما لا يرضون لكم،فأن اطعتموهم أضلوكم ،وأن عصيتموهم قتلوكم.
قالوا:وماذا نفعل يارسول الله؟
قال صلى الله عليه وسلم:كما فعل بأصحاب عيسى بن مريم ، حُملوا على الخشب،و نشروا بالمناشير ،فوالذي نفسي بيده لموت في طاعة خير من حياة في معصية" .
وأخذت أتحدث بحماسة في ظل هذا الحديث الذي كنا حفظناه في "أسرتنا " في جمعية الإخوان بالمنزلة . ( ومن المعروف أن كل شعبة من شعب الإخوان تتكون من عدة أسر ، كل أسرة من قرابة سبعة أعضاء ، يجتمعون أسبوعيا ، ليتدارسوا القرآن والسنة وعلوم الدين وغير ذلك ) .
كنت قد بدأت الخطبة وأنا أحس بأن حرارتي ارتفعت ، وأن أذني قد اشتعلتا ، وأن وجهي لا أنف فيه ، ولكن عدت إلى حالتي الطبيعية بعد أن تدفقت في الكلام .
ولم أصدق عيني وأنا أرى الناس يتزاحمون عليّ وأنا الصبي الصغير لتقبيل يدي .
ولكني عاتبت الأستاذ محمد صقر بعد ذلك ، وقلت له لقد قسوت عليّ بهذه المفاجأة ، وكان من المفروض أن أبدأ تدريجيا في الشعبة ، ولكنه قال لي : " خذ مني هذه الكلمة ، لو أنا أردت أن أعلم واحدا منكم السباحة ، وأتيت بطست أو إناء كبير مليء ماء ، وطلبت منه أن يعوم فلن يتعلم السباحة طيلة حياته ، ولكن المنهج الصحيح أن آخذه في قارب وألقي به في البحر ، وأطلب منه أن يعوم ، سيحاول وإذا عجز أخذنا بيده إلى القارب ، ونكرر العملية ، وبذلك سيتعلم فن العوم ، ولا ينساه طيلة حياته " .
وهنا التقى منهج الأستاذ شمس الدين المحلاوي في تعليمنا الخطابة بالمدرسة، ومنهج الأخ الأستاذ محمد قاسم . وكنت أعتقد أنه مبتكر في هذا المنهج إلى أن اندمجت في الجماعة ، وعرفت أن هذا هو المنهج العام ، وتأكد لي ذلك في الكبر بعد أن قرأت عن منهج الإمام الشهيد حسن البنا في هذا المجال .
كتب انيس منصور في الأهرام يوم السبت 26 /2/ 1983 م :
" أنا أقول لك ما الذي خلفه فينا الشيخ حسن البنا في شباب الأربعينيات ، إنها قصة قديمة ، ولكنها ليست قديمة جدا .
ونحن طلبة صغار كان الواحد منا يستطيع بمنتهى الثبات والثقة بالنفس أن يذهب إلى أي مسجد ، ويقترب من إمام المسجد ، ويقول له : " أنا فلان من جماعة الإخوان المسلمين " ، وإذا بإمام المسجد يقول : " تفضل يا بني ... فتح الله عليك ... اخطب وتقدم المصلين " .
وقد فعلت ذلك كثيرا ، وقد سمح لنا الشيخ حسن البنا نحن الصغار أن نخطب من ورقة ، وأكد لنا أن المهم ليس أسلوب الخطبة ، ولكن الموعظة الحسنة ، وتعلمنا منه قدرا كبيرا من التواضع ، فلا نخوض في المشاكل الدينية الصعبة ، وإذا فعلنا فلا ننسى أن نقول : هذا اجتهادي والله أعلم .
وكان هدف هذه الخطبة هو سلوك الناس في حياتهم العادية . ولم أكن أعرف تفسير الطبري ، ولا تفسير ابن كثير ، ولكن كان لا بد من معرفة تلك المراجع الطيبة في فهم القرآن الكريم .
وأذكر أن زميلا لنا ما كان يحسن الخطابة ، فذهبنا إلى الأشتاذ المرشد العام حسن البنا ، ولاحظ هو بسرعة أن زميلي خجول ، فطلب إليه أن يخطب في موضوع مناسب وهو : " كيف يذاكر الطالب وهو مستريح النفس ، وأن يعمل ما عليه ثم يترك الباقي على الله " . وطلب إليه أن يوجه حديثه إلى الآباء والأمهات ، وليس إلى الطلبة وأن يجعل ذلك من واقع تجربته هو .
وسمعت زميلي هذا يخطب في أحد مساجد امبابة لقد كان موفقا تماما ؛ فقد استهل خطابه بقوله : أيها الإخوان أحدثكم من نفسي ... إلخ .
إنه الإيمان يدفع إلى الشجاعة في مواجهة الناس ، وإنها الممارسة تدفع إلى الانتقال من القول إلى العمل ، ومن العمل إلى التضحية ما دام كل قول وكل عمل في سبيل الله ".الأهرام 2621983
ومن قبيل تشجيع المدرسة للتلاميذ أنها كانت في نهاية العام توزع هدايا على الطلاب المتفوقين ، وكنت بحمد الله أنا واحدا منهم ، ولم تكن الهدايا تزيد على مجموعة من مجلات الرسالة والثقافة ، وبعض الكتب الأخرى ، وكنت سعيدا بالجائزة التي أنالها .
وأرى أنه ما زال في الجعبة كلام كثير يتعلق بهذه المرحلة . وسنستوفي الموضوع في الحلقة القادمة إن شاء الله .
المصدر:رابطة أدباء الشام