رسالة من متابع للأحداث

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
لم تعد النسخة القابلة للطباعة مدعومة وقد تحتوي على أخطاء في العرض. يرجى تحديث علامات متصفحك المرجعية واستخدام وظيفة الطباعة الافتراضية في متصفحك بدلا منها.

بقلم: الشيخ محمد عبد الله الخطيب - من علماء الأزهر الشريف

يقول: "عاصرت محن الإخوان والافتراءات المكررة عليهم منذ عام 1948 م وقرأت ما قاله بعض الكتاب عنهم؛ حيث وصفوهم كذبًا بالعمالة تارة، والتخريب أخرى، وفي كل مرة يطالبون في جرأة وخسّة الأنظمة باتخاذ إجراءات ما نحوهم"، وفي كل محنة يعود الإخوان بعدها إلى العمل للإسلام، ولا يلتفتون إلى الذين ظلموهم وافتروا عليهم، ولم يستطع حاكم أن يثبت إلى اليوم أنَّ الإخوان يتسترون وراء الدين للوصول إلى أهدافهم، أو أن لهم أغراضًا أخرى، فهل راجع هؤلاء موقفهم؟ وهل صحح بعض الكتاب نظرتهم؟.. أرجو إلقاء الضوء على هذه الجوانب.

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.. وبعد

فما يشعر به صاحب هذه الرسالة، هو شعور كل مسلم صادق، يزن الأمور بالميزان الصحيح، ويراقب الأحداث، ولقد قال الحق سبحانه وتعالى لسيد الدعاة- صلى الله عليه وسلم- يبين له سنته سبحانه في الدعوات، وما لقي الرسل وحملة هذا الحق، من تكذيب وعنت واستهزاء: ﴿وَلَقَدْ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون (10) قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ ثُمَّ انظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (11)﴾ (الأنعام).

ومن زمن طويل يزيد على السبعين عامًا اتهموا الإخوان المسلمين بالعمالة والخيانة، لكنهم لليوم لم يستطيعوا أن يثبتوا أمرًا واحدًا يدل على صدقهم، كما لم يستطيعوا أن ينكروا هذه الحقائق ومنها:

أولاً: أنَّ الإخوان وقفوا أمام الاستعمار بكل صوره وأشكاله، خاصةً العدوان اليهودي على فلسطين، وتقدموا لحرب المعتدي والمستعمر، ووصلوا إلى القدس واخترقوا حصار الفالوجا، وأوصلوا الطعام والإمدادات للجيش المصري المحاصر، وقدموا الشهداء في كل موقع، ثم كانت المكافأة من حكومة مصر وقتها بسحبهم من الميدان، ومصادرة ما معهم من سلاح وعتاد، ووضعهم في السجون والمعتقلات، لحساب مَن هذا ؟ لِمَ لا نسمع من الكتاب تحليلاً لهذا العمل، ولا وصفًا لمَن قاموا به، هنا يكون السكوت من ذهب، ألا لعنة الله على الظالمين.

ثانيًا: وفي القناة نازل الإخوان الاستعمار البريطاني، وكانت جراح الإخوان لم تجف من أحداث 1948 م ورصد الاستعمار آلاف الجنيهات لمَن يقدم رأس الشهيد محمد فرغلي والشهيد يوسف طلعت، وبعد ذلك قدمهما عبدالناصر مع غيرهم من المجاهدين هدية بلا ثمن، كما وأن نظم الحكم التي حاربت الإخوان واعتقلتهم أضاعت فلسطين، وقدَّمتها لقمة سائغة لليهود، أين تحليلات هذه المواقف عند الذين يفترون ويكذبون على الإخوان.

ثالثًا: تربَّى الإخوان على الصبر والثبات، والشجاعة والإقدام والرجولة والشهامة، والتضحية وحب الجهاد ، وموكب الدعوة إلى الله يحتاج إلى هذه المؤهلات، حتى يمضي في الطريق ثابت الخطى، يعترض طريق المجرمين ويقاومه الصالون ويصيب الأذى من يصيب من الدعاة، لكن الموكب لا ينحني ولا يساوم، والعاقبة كما ترى مهما طال الزمن ومهما طال الطريق، العاقبة للمتقين.

رابعًا: لو كان الإخوان يتسترون وراء الدين، لقبلوا الاشتراك في سلك الوزارة، أيام عبد الناصر، كما قبل غيرهم، ولغمروا الأسواق بالفتاوى والمبررات ولساروا في الحاشية، لكن ذلك والحمد لله لم يحدث وقالوا ظلمًا وافتروا كذبًا إنَّ الإخوان حاولوا هدم الكبارى وقتل فلان الممثل أو فلانة، والحقائق واضحة، إنَّ الذي قُتل ظلمًا وبغيًا هم الإخوان على يد نظم الحكم وإلى الآن: لَمْ تمتد يد واحدة من الإخوان إلى مسلم أو غير مسلم بإساءة أو أذى، والإخوان ربوا الشباب على الالتزام وضبط النفس، هذه بعض الجوانب في حياة الإخوان، ومن كان كذلك فهو الموصول، فلا عجب أن يعود الإخوان بعد كل محنة إلى العمل لدعوة الحق، ولرسالة الإسلام ، وأن يربطوا مصيرهم ومستقبلهم بهذا الحق ولا اختيار لهم في هذا، أما غيرهم من الذين يصدون عن سبيل الله، ويؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا، فلهم حساب آخر، وحسابهم عند الله.

والإخوان يذكرون دائمًا أن الامتحان قرين الإيمان، وأنَّ المؤمن يجب عليه أن يعد نفسه لهذا الامتحان، ولا يستغرب وقوعه، وهكذا أصحاب الدعوات.

خامسًا: أما القول بأنَّ القانون لن يسمح بإنشاء حزب على أساس ديني فهذا القانون إن وُجِدَ فلا دخل للإخوان به؛ لأنه لا يوجد في مناهج الإخوان ولا في أدبياتهم شيء اسمه حزب ديني أو دولة دينية أو حكومة دينية، لكن المطالبة بدولة مدنية أو حكومة مدنية تكون مرجعيتها إسلامية، وفي إطار مبادئ الإسلام ، وأعضاء هذه الحكومة ليسوا دراويش والدواوين لا تملأ بالقاعدين، بل تملأ بالمؤمنين المتخصصين والفقهاء في القانون والطب، والشريعة، وهم بشر غير معصوم، يخطئون ويصيبون، ويحاسبون إذا أخطأوا ويؤخذ منهم ويرد عليهم إذا بعدوا عن الصواب.

سادسًا: وأسوق هنا شهادة لبعض السياسيين والباحثين والمفكرين في جماعة الإخوان المسلمين، وهي شهادات صدق نعتز بها:

- يقول الباحث المتخصص في شئون الحركات الإسلامية، د. ضياء رشوان: "إنَّ الإخوان قوة سياسية حقيقية، ومن حقهم أن يكون لهم حزب، يعبر عنهم أو يعبرون هم أنفسهم من خلاله، وأوضح أنه لا وجه لاستبعاد قوة سياسية بعينها؛ لأن منهجها يحتوي على كذا وكذا، وحينما نطالب بحق الإخوان في تشكيل حزب، فإننا لا نخترع قوة رئيسية من عدم، وليس لها وجود، لكننا نتحدث عن قوة رئيسية كبرى لا يمكن تجاهلها في الشارع المصري، وإن شئت فقل في الشارع العربي" (الرأي العام في 4/1/2003 م).

- وأكد نائب رئيس تحرير مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية الأستاذ محمد سيد سعيد "إلى أن حجب الشرعية عن الإخوان يعني بقاء تيار سياسي شديد، خارج الشرعية، وهذا أمر غير ممكن قبوله في ظل الأجواء التي تدعو لتعميق الديمقراطية، واضاف أن الإخوان كتيار منذ عام 1928 م، تمَّ تجريب كل الوسائل ضده لإقصائه عن الحياة العامة، لكن لم تفلح كلها، وإذا لم يسارع النظام السياسي القائم في منح الإخوان شرعية الوجود، فإنه يكون كالنعامة التي تدفن رأسها في الرمال، بالإصرار على حجب شرعيتهم" (المرجع السابق).

سابعًا: ويوم أن كان الإخوان في شعبهم ومراكزهم وكان نشاطهم معترفًا به كانوا يعملون على توحيد جميع أحزاب الأمة وطوائفها، ويقربون بين الجميع، وكانت شعبهم في أنحاء القطر المصري بجوار دور العبادة لغير المسلمين، وكان التواصل في المناسبات لا ينقطع، وأيضًا في الاحتفالات المختلفة يدعى غير المسلمين، ويرد الإخوان الزيارة في جوٍّ من التسامح، وتحقيق للوحدة الوطنية بين عنصري الأمة، وكان الأستاذ الزائر حين يزور محافظة من المحافظات في الصعيد أو في وجه بحري يبدأ بزيارة الأقباط، ويقومون هم برد الزيارة في نفس اليوم، فما حدث على مرِّ السنين الطويلة، إلا البرَّ والتعاون والتعارف، لأن الله تبارك وتعالى أمرنا بهذا.

وأقول: أين أنتم من قول الله تعالى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ (6)﴾ (الحجرات).. فإذا كان الفاسق لا يصدق في أمر المسلمين، فكيف نصدق عدوًا أو منافقًا، في جماعة نذرت نفسها لدعوة الإسلام والجهاد في سبيله، إنَّ مَن يفعل ذلك يقع فيما ذكره الحديث وحذَّر منه رسول الله- صلى الله عليه وسلم- حين قال: "إنَّ بين يدي الساعة سنين خدَّاعة، يؤتمن فيها الخائن، ويخوَّن الأمين، ويصدق فيها الكاذب، ويكذب فيها الصادق" (أخرجه أحمد والطبراني)، وإلى الله المشتكى، ولا حول ولا قوة إلا بالله.