د. عبد الصبور شاهين: الدعوة للفرعونية تخدم جهات لا تريد لنا الخير

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
د. عبد الصبور شاهين: الدعوة للفرعونية تخدم جهات لا تريد لنا الخير

[24-02-2004]

مقدمة

• منع المسلمات من ارتداء الحجاب يكشف إفلاس العلمانية.

• العلمانية إلحاد في جوهرها وتطبيقاتها تؤكد عداءها للإسلام.

• اللهجة العامية عاجزة ولا تستطيع الإحاطة بألفاظ القرآن الكريم.

• التاريخ يؤكد أن مصر عربية ومن يدعو إلى الفرعونية غريب عن مصر.

• أمريكا تسعى لإقامة إمبراطورية استعمارية تخدم الكيان الصهيوني.

الدكتور "عبد الصبور شاهين"- أستاذ فقه اللغة بكلية دار العلوم- جامعة القاهرة- من كبار الدعاة العاملين بعلمهم، أوقف حياته لخوض المعارك الفكرية الساخنة ضد كل من يحاول النيل من الإسلام؛ سواء داخل مصر أو خارجها.

التقينا بفضيلته، وطرحنا عليه العديد من التساؤلات التي تتناول قضايا تَهُمُّ المسلمين في ظل التحديات والمخاطر التي تهدد وجودهم الآن ومستقبلاً، يأتي في مقدمتها: الصراع مع العلمانية ومستقبلها في المنطقة، واحتلال العراق وأفغانستان، والدعوة إلى الفرعونية في مصر.. ثم كيف نواجه تلك المخاطر، فإلى الحوار:


قضية الحجاب

  • تشهد أوروبا- خاصة فرنسا- موجة من العداء المُوجَّه للمسلمين وشعائر الإسلام، أبرزها القانون الفرنسي الخاص بمنع المسلمات من ارتداء الحجاب في مؤسسات التعليم؛ فما تعليقكم على تلك القضية؟
ما يشهده عدد من البلدان الأوروبية من محاولات للتضييق على المسلمين ومنع المسلمات من ارتداء الحجاب يكشف إفلاس العلمانية كمذهب تطبقه البلاد الأوروبية وتسعى للترويج له داخل العالم الإسلامي، ويظهر الوجه العنصري لتلك العلمانية المعادية للدِّين، خاصة في فرنسا، ومن المؤكد أن الصهيونية هي الجهة التي تقف وراء تغذية هذا العداء بما تملكه من أدوات تأثير على صانعي القرار والرأي العام الأوروبي، وأهم هذه الأدوات الإعلام والمال.
إن الرئيس الفرنسي "شيراك" بذلك القرار يخوض الانتخابات الرئاسية القادمة خاسرًا أصوات المسلمين أولاً، ومن جهة ثانية فهو ينسف أساسًا مُهمًّا من أسس الثورة الفرنسية؛ وهو مبدأ الحرية وحقوق الإنسان وحق الإنسان في أن يرتدي ما يشاء، ومن واجب المسلمين التضامن وإبلاغ صوتهم الرافض لمنع الحجاب إلى المسئولين الفرنسيين، والوقوف مع الشيخ الدكتور "يوسف القرضاوي" في قراره برفع دعوى ضد الحكومة الفرنسية أمام محكمة حقوق الإنسان الأوروبية في محاولة لإثناء فرنسا عن قرارها بمنع الحجاب، والتأكيد في وسائل الإعلام الأوروبية وغيرها على أن حجاب المرأة المسلمة هو فريضة دينية، وليس رمزًا أو علامة، كما يقول مشروع القانون الفرنسي، وبالتالي لا يمكن أن يسري عليه الحظر.


العلمانية والدين

  • يزعم العلمانيون في العالم العربي أن العلمانية مذهب يوفر للأقليات حقوقها، وأنها لا تعادي الدين؛ فما ردك على هذا الطرح؟
العلمانية هي إلحاد في جوهرها، ومبدؤها الأول: أنه لا حاجة للعالم إلى إله؛ وإنما العالم يدبر نفسه بنفسه.. هذا المبدأ العلماني هو الذي يدير كل العلمانيين الذين قبل أن يرفعوا راية العلمانية كانوا شيوعيين وماركسيين، والماركسيون يؤمنون بالفلسفة الماركسية التي تقول بالمادية؛ أي "لا إله والحياة مادة".
إذًا لا خلاف بين العلمانية والماركسية في سلوك هؤلاء، وقد اتخذوا العلمانية ستارًا لهم؛ حتى يستغنوا عن المظلة الماركسية التي ضاعت بانهيار الشيوعية وسقوط الاتحاد السوفيتي عام 1990م ومصطلح العلمانية في أصوله الأوروبية يعني الاعتماد على العالم وعدم الاعتماد على الخالق.
والعلمانيون في الحقيقة ملحدون، ولكنهم يزعمون أنهم مسلمون: ﴿يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لاَ يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ﴾ (النساء: 108)، ولا شك أن هناك بلادًا- مثل تركيا وتونس اللتين تتبنيان المذهب العلماني- تعادي الدين؛ فالمحجبات يُمنعن في تركيا من دخول المصالح الحكومية والجامعات، وفي تونس تجبر المحجبات على خلع الحجاب بالقوة، وفي مراكز الشرطة، وهذه الممارسات دليل قاطع على عداء العلمانية للدين، خاصة الدين الإسلامي، ولكن لن يدوم هذا أبدًا، وسيبزغ فجر الإسلام في تونس بسرعة، كما كانت تونس من أسرع الدول إسلامًا في التاريخ الإسلامي.


مصر عربية

  • يسعى البعض- ممن ينادون بأن مصر فرعونية وليست عربية- لإنشاء حزب أطلقوا عليه "مصر الأم"؛ فما هي حقيقة هوية مصر؟ هل هي عربية، أم فرعونية؟
إذا كان هؤلاء الأدعياء ينكرون عروبة مصر، ويزعمون أنهم فراعنة وليسوا عربًا، فإنه لا يُشرِّف العرب انتساب هؤلاء إلى العروبة، والتاريخ يؤكد أن مصر عربية، ولا يستطيع أحد أن يجردنا من تلك العروبة، ومن الناحية العلمية عليهم أن يقولوا لنا إن عناصر الدم الفرعوني تتكون من كذا وكذا، وأنه عن تحليل الدم لديهم وجدنا أن العناصر الفرعونية غالبة على العناصر العربية الأخرى في دمائهم، تمامًا كما فعل "هلتر" حين أراد أن يحرق اليهود، كأنه يحلل الدماء اليهودية؛ ظنًّا من أنه سيجد الدم اليهودي يختلف عن تركيب دم الآخرين، ولكن خاب ظنه؛ فدماء البشر جميعًا تركيبها واحد.
وأعتقد أن "لطفي السيد" لو كان حيًّا ما كان ليوافق على هذا الحزب أو المنتسبين إليه، الذين لا هم فراعنة، ولا ينتسبون إليهم.


سماحة الإسلام

إن مصر دولة عربية حتى قبل أن يدخلها الإسلام، فقد نزحت قبائل عن العرب من الجزيرة العربية واستقروا في المنطقة بين النيل والبحر الأحمر، وكانوا يسمون بـ"الأنباط"، وهؤلاء عاشوا في مصر أكثر من أربعة قرون قبل أن يظهر الإسلام في جزيرة العرب، وقديمًا لم يكن هناك جوازات سفر أو حدود سياسية تحول بين تدفق الهجرات العربية، وتنقُّل القبائل من الجزيرة العربية إلى العراق والشام ومصر وشمال إفريقيا، وهذا يبرر سهولة الفتح الإسلامي لمصر، الذي لم يخض معارك مع أهل البلاد؛ إنما مع المستعمر الروماني الذي أذل المصريين وأجبرهم بحد السيف على الدخول في النصرانية.
ومن الثابت تاريخيًّا أن الملك الروماني "قسطنطنين" حين اعتنق المسيحية كان يجبر المصريين على اعتناق مذهبه الذي يختلف عن مذهب نصارى مصر، ولم يثبت في التاريخ كله أن المسلمين أكرهوا إنسانًا على اعتناق الإسلام إطلاقاً، بل إن المسيحيين في الأندلس بقيادة "فيروناندو" و"إيزابلا" أقاموا محاكم التفتيش لإكراه المسلمين على اعتناق المسيحية، ولم يذكر التاريخ أن حاكمًا مسلمًا أكره إنسانًا على ترك دينه واعتناق الإسلام.
  • المحامي "محسن لطفي السيد" ابن أخ الزعيم المصري "لطفي سيد"- وهو من مؤسسي حزب "مصر الأم"- يزعم أنه من الممكن أن نكون مسلمين، ولا نتحدث العربية، مثل إيران وباكستان وغيرهما، ويدعو إلى تفسير القرآن الكريم بالعامية؛ فما تعليقكم على هذه الآراء؟
هؤلاء الناس غرباء عن مصر، حتى ولو كانوا من بني جلدتنا، وهم يعملون لحساب جهات لا تريد الخير لمصر والعرب، وينسى هذا الإنسان أن "لطفي السيد" كان يعتز بمصريته وعروبته، بل إن جد هذا المحامي؛ وهو "السيد باشا أبو علي" هو عربي؛ لأن "أبو علي" لا تطلق إلا على شخص أصوله عربية، وهو من الأعيان في قرية (برقين) من أعمال مديرية الدقهلية، التابعة لمركز (السنبلاوين)، القريب من مركز (ديرب نجم)، وأصل الاسم هو اسم لقبيلة عربية.. كما ينسى أن الدول الإسلامية غير العربية- مثل: إيران، وأفغانستان، وباكستان- تكتب لغاتها بالحرف العربي.
أما تفسير القرآن باللغة العامية فهو لن يستطيع ذلك؛ لأن اللهجة العامية تعجز مفرداتها عن الإحاطة بألفاظ القرآن الكريم، وبالتالي لا نستطيع تفسيره بتلك اللهجة العاجزة المحدودة الآفاق، وليس لها معجم أو معانٍ منضبطة.
  • من أهداف حزب (مصر الأم) الدعوة إلى إحياء اللغة الفرعونية، واستخدامها بدلاً من العربية؛ كراهيةً منهم للانتماء إلى العروبة؛ فما رأيك في هذه الدعوة؟
اللغة الهيروغليفية- أي المصرية القديمة- هي لغة إشارات ورموز، ولا يعرف أحد أصواتها، فأي لغة في العالم هي رمز وصوت، وحين قام المؤرخ الفرنسي "شامبليون" بفك رموز الهيروغليفية، حينما عثر على حجر رشيد، لم يتوصل إلى أصوات تلك الحروف والرموز، ومن غير المعروف كيف كانت تنطق الحروف الهيروغليفية، وليس هناك معجم أو متن لتلك اللغة، التي تعد مندثرة، ولن تعود.
وهؤلاء المعادون للعروبة حين يقولون:
"إن اللغة العربية لغة عاجزة عن استيعاب علوم العصر والتعبير عنها"؛ إنما يرددون دعوى يهودية واستعمارية، فهذا ما كان يشيعه اليهود والاستعمار الذي يريدون القضاء على الإسلام بالقضاء على العربية لغة القران الكريم، وينسى هؤلاء الأدعياء أن اللغة العربية كانت- وعلى مدى عدة قرون- هي لغة العلم الأولى في العالم، وكان بابوات روما وأمراؤها يتعلمونها؛ حتى يستطيعوا الاطلاع على علوم المسلمين في الطب والفلك والهندسة والرياضيات وغيرها، ويكفي العربية شرفًا أنها حملت القران الكريم.
الولايات المتحدة الأمريكية تسعى لإقامة إمبراطورية استعمارية تسيطر فيها على ثروات المسلمين، خاصة النفط، واحتلال أفغانستان والعراق هو الخطوات الأولى لإقامة تلك الإمبراطورية التي يسيطر عليها اليمين الصهيوني المسيحي، كما أن احتلال بلاد المسلمين والرغبة في تفتيت تلك البلاد لكيانات أصغر يهدف إلى تمكين إسرائيل (الكيان الصهيوني) من السيطرة على المنطقة..

المصدر