د. الواعي يكتب عن: النظام عندما يفقد عقله

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
د. الواعي يكتب عن: النظام عندما يفقد عقله
توفيق الواعي.jpg

لا أدري إلى متى تتحمل الشعوب أنظمةً تفقد عقلها وإحساسها وشعورها، وإلى متى تظل تكذب وتكذب وتُفصِّل التهم وتُغطي على الحقائقِ وتزرع الأباطيل؟، إلى متى تظل كارهةً للإصلاح وتتغابى عن النصح وتتعامل مع المخلصين والمفكرين والقوى الفاعلة في المجتمع بكارثية منقطعة النظير، ضاربة عرض الحائط بالقوانين والنظم واللوائح قائلة بذهنية مريضة، وجهالة وقحة ﴿مَا أُرِيكُمْ إِلاَّ مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلاَّ سَبِيلَ الرَّشَاد﴾، وما زال الجهل موصولاً، والافتراء موجودًا يسلم بعضه لبعض، ويأخذ أوله بعجز أخره، ويتجمع حوله الكثير من الضالين والمفسدين الذين يبيعون أنفسهم للشيطان ويسجدون للدينار والدرهم، ويتعبدون بالأباطيل والافتراءات.

وقد تحمَّل هذا كل الشرفاء ومنهم الإخوان المسلمون الذين أخذوا منه بالنصيب الأوفى، وقد ذكرني حادث طلاب الأزهر بحقبٍ طويلةٍ من الإفكِ والتجني والبله الذي كان يتعامل به النظام مع معارضيه، كان زوارُ الليل من المخابرات العسكرية والمباحث السياسية يستبيحون كل شيء ويتهمون مَن يريدون، ويفعلون ما يشاءون بدمٍ بارد، فكان مَن يوجد في مطبخ عائلته سكينة يُوصف بأنه أحد أفراد الجهاز السري، ومَن يوجد عنده مطواة، يكون هذا نكالاً عليه وعلى أسرته؛ لأنه من كبارِ المجرمين، بل أغرب من ذلك، مَن يوجد عنده كتابٌ لأحد الإخوان يكون قد استكمل أدوات الجريمة، ومَن كان مدرسًا مثلاً،

ووجد عنده كشفًا بأسماءِ تلاميذه، أو مدرب فريق لكرة القدم وبحوزته أسماء فريق المدرسة، يكون قد كشف عن فصيلٍ من الجهاز السري، ولا بد أن يوصل بالشبكة الأم وليس هذا فقط، بل كانت تُؤلف في السجون التهم بعد الاعتقالات أو أخذ النصيبِ من الأحكام الباطلة فكان مَن يُعطي لزميله المسجون حبة طماطم يأكلها أو فانلة يلبسها يكون هذا عنوان للترابط والتجميع الذي لا بد أن يُجازى عليه ويُحال إلى التحقيق؛ لأنَّ هذا مشروع جهاز سري، إلى آخر تلك المهازل، ولقد حصل معي هذا الأمر، فقد قيل لي إنك متهم في قضية تكافل،

وهذه فيها خمس سنين سجنًا أو أكثر حسب التساهيل، فقلتُ أي تكافلٍ وأنا هنا في السجن، فقيل تكافل داخل السجن، وأُنزلتُ للتحقيق، وقيل لي إنك تعطي فلانًا كذا وكذا وهذا يُعينه على أن يظلَّ مرتبطًا بالدعوةِ والجهاز السري، فقلت: إنَّ فلانًا هذا ليس في هذا السجن المسمى بأبي زعبل، بل هو في سجن آخر يُسمَّى سجن طرة، فكيف أتكافل معه، اللهم إلا إذا كان أحد الضباط يأخذ مني ويُعطيه، ولولا هذا لوقعنا فيما يلفقون، وكان الدافع على هذا أنَّ مَن كان يُفبرك قضيةً من الأمن إما أن يأخذ مكافأةً سخيةً أو يرقى إلى درجةٍ أعلى، وكنا نحن سلعة التجارة.

ولما سمعتُ عن طلبة الأزهر واتهاماتهم بالجهاز السري، قلت: "رجعة ريمة لعادتها القديمة"، طلبة ظُلموا وأُزيحوا عن تمثيل زملائهم من أعوام عدة فلمَّا أرادوا أن يُقيموا اتحادًا لهم قامت الدنيا ولم تقعد، وأُخذ الطلبة ورُفدوا وأُريد أن يضيع مستقبلهم، فحزُن إخوانهم لما حلَّ بهؤلاء واحتجوا بطريقةٍ سلمية، وقاموا باعتصام وأنشطة سلمية رياضية، ولم يوجد معهم حتى عصا أو مطواة ولم يشتبكوا بأحد، ولم يأتوا ببلطجية ولم يمارسوا هم بلطجة بل كانوا يرددون حسبنا الله ونعم الوكيل، فكيف يفعلون ذلك، وهذا شيء مجرَّم يدل على تنظيمٍ سري للجماعة، وكأنَّ التنظيم السري هذا لعبة أو "هزار أولاد" في ساحةٍ من الساحات، يذكْرُني هذا بحادث الطائرة التي سقطت بالضباط في أمريكا، واتُهم فيها الطيار، لأنه قال: "توكلتُ على الله"، وصدَّقت السلطات ذلك؛ لأنَّ هذا كان أمر أمريكا.

الاعتداء على الطلاب داخل جامعاتهم أمر عادي بالنسبة للمسئولين

وأريد أن أفترض أن هؤلاء الطلاب أقاموا حفلاً للرقص أو للمجون والمسخرة هل كان أحد يعترض؟، وهل كان رئيس جامعة الأزهر الإسلامية سيعترض على هذا الرقص؟، وهل هذا الهمام أعترض على منع الحجاب، أو فتح فمه ضد أي فساد؟، لا، وألف لا، لأن الفساد له حماية، واتهام الطلاب بالخروج على القانون بعمله

المصدر

قالب:روابط توفيق الواعى