د. "عزت": الجهاد وحَّد الأمة.. والحرية عندنا فريضة

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
د. "عزت": الجهاد وحَّد الأمة.. والحرية عندنا فريضة

[15-04-2004]

مقدمة

الدكتور "محمود عزت"

• لن نقبل بمرجعية غير الإسلام.. والنموذج التركي لا يمكن تكراره

• نجاهد الحكام بالكلمة والمحتل بالسلاح

• النظام النيابي هو الأمثل لكنه يحتاج إلى مناخ ديمقراطي

أجرى الحوار- محمد الشريف

تصاعُد حِدَّة الأحداث في العراق وفلسطين مؤخرًا كشف العديد من الحقائق، في مقدمتها أن الدين الإسلامي يحمل في جوهره عوامل قوته، وذلك عندما فُعِّلت فريضة الجهاد، وتوحَّدت المقاومة ضد الاحتلال، وصلَّى السنة والشيعة خلف إمامٍ واحدٍ، فضلاً عن ذلك ظهرت رحمةُ الدين الإسلامي؛ حيث نهى رجال الدين في العراق عن التمثيل بجثث القتلى الأمريكان، رغم ما يتعرَّض له أبناء هذا البلد من قتلٍ ودمارٍ وتشريدٍ على أيدي قوات الاحتلال التي ادَّعت أنها جاءت للدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان.

وأكد الدكتور "محمود عزت"- عضو مكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمين والأستاذ بكلية الطب جامعة (الزقازيق) في حوارٍ لـ(إخوان أون لاين)- أن المذابح اليومية في العراق تؤكِّد أن الولايات المتحدة لم تأتِ من أجل فرض الديمقراطية؛ بل إنَّ ما يحدث يكشف حقيقة الحضارة الغربية التي تحاول أن تلصق الإرهاب بالحضارة الإسلامية.. فإلى تفاصيل الحوار.


نص الحوار

  • بدايةً.. في تقديرك ما الرسائل والدلالات التي تحملها تطورات الأحداث في العراق؟
لا شَكَّ أن ما يحدث في العراق الآن يُدمي القلوب. ففي الوقت الذي يمارِس فيه الاحتلالُ القتلَ والبطشَ بوحشيةٍ نجد الموقف العالمي أقل ما يقال عنه إنه خذلان ونَكسة عالمية، لا شك أنَّ البشرية كلَّها تواجه الآن امتحانًا صعبًا.. فما يحدث الآن في العراق هو تكرارٌ لما حدث في فلسطين، دون أن تكون هناك أية ردود أفعال إنسانية، ومقابل هذا الموقف المتخاذل نجد العراق يقدم نموذجًا إيجابيًّا؛ حيث صمد أمام الاحتلال، رغم ما يواجهه هذا الشعب من ظلم وبطش وتدمير.


السُّنة والشيعة

  • ما الدلالة التي يحملها التوحُّد بين السُّنة والشيعة؟
السُّنة والشيعة في العراق عاشوا السنوات في حسن تعامل، إلى أن جاءت الأحداث ببعض المستبدِّين، الذين مارسوا الظلم ضد بعض الطوائف الموجودة في العراق، وزال هذا الاستبداد والظلم، ومرَّ على الأمة ظلم من نوع آخر هو ظلم الاحتلال، إلى أن استجاب أهل العراق لهذا النداء العظيم.. نداء الإسلام، فتوحَّد السُّنة والشيعة، وأدَّوا صلاة الجمعة خلف إمامٍ واحدٍ في البصرة.
وتوحُّد الناس على الطريق الصحيح هو طريق المقاومة والجهاد، فالجهاد هو الذي وحَّد هذه الأمة، وقال للعالَم كلِّه: إن هناك نموذجًا يجمع هذه الأمة المشتَّتة المتفرقة، وهو العودة إلى الإسلام الصحيح.
  • انتقد علماء الإسلام في العراق قيام بعض الأفراد بالتمثيل بجثث الأمريكان، فيما يرى البعض أن كل شيءٍ- وقت مواجهة العدوان- مباحٌ؛ فما رأيكم؟
رغم كل البطش والتنكيل الذي يَحدُث لإخواننا في العراق استنكر علماء المسلمين البطشَ والتنكيلَ الذي يحدث لإخواننا في العراق، إلاَّ أن علماء المسلمين من السنَّة والشيعة استنكروا ما حدث من تمثيلٍ بالجثث، والإسلام يوجب علينا المقاومة والجهاد؛ ولكننا لا نقع في مثل هذه الأخطاء.. قارِن بين موقفنا- كمسلمين- وبين موقف الحضارة الغربية التي تحرص على أن تقدم المسلمين على أنهم إرهابيون يحاولون أن يجعلوا الإرهاب قرينَ الجهاد، كما يحاول الغرب أن يصوِّر أن وقفةَ المسلم أمام العدو الأمريكي هي نوع من أنواع هذا الإرهاب، ويخلط بين جهاد الأمة أمام أعدائها وبين ردِّها للظلم الواقع عليها.
  • لكن ماذا عن مجاهدة الأنظمة العربية؟
مهما قابلنا من استبداد من حكامنا، فالجهاد معهم هو جهاد الإصلاح بالكلمة التي توقِف هؤلاء الظالمين عند حدودهم، فهناك فرق كبير جدًّا بين نظرة الإسلام لإصلاح الحاكم المستبدِّ وسبُل مواجهته حتى يستقيم وبين مواجهة المعتدين المحتلِّين، فمنهج التغيير الإسلامي واضحٌ، فلا نقرُّ الظالمَ أيًّا كان وإن كان من المسلمين.
والغرب يحاول أن يوهم حكامَنا بأنهم في جانب والشعوب في جانب آخر؛ ولذلك نقول لهذه الشعوب: عليكم بقول الحق، والعمل على التغيير بكل الوسائل المشروعة حتى تنالوا حريتكم، فالحرية عندنا فريضة من فرائض الإسلام، نسعى إليها.. فكما أمرنا الله- سبحانه وتعالى- أن نصلي له أمرنا أيضًا أن نكونَ أحرارًا.


نيل الحرية

  • وما سبل نَيلِ هذه الحرية؟
يتحقق ذلك عن طريق الإصلاح والتربية، والكلمة المنصفة التي تقول للذي أحسن: أحسنت، علاوةً على اتباع طريق النضال الدستوري، الذي نغيِّر به واقعنا السياسي.
الأمريكان يتصوَّرون أنهم عندما يقدمون ما يعرضونه علينا من إصلاح سوف نكون بجانبهم ضدَّ حكامنا! ولذلك أقول:
إن الشعوب واعيةً، ونرجو أن يكون حكامُنا على مثل هذا المستوى من الوعي. ففي الوقت الذي ساعدت فيه الأنظمة العربية على دخول القوات الأمريكية للعراق وانسحاب "صدام حسين" وترك بغداد تسقط في أيدي قوات الاحتلال.. نجد المقاومة العراقية قد لقَّنت الأمريكان درسًا قاسيًا جدًّا، ولم تستطِع القوات الأمريكية أن تدخل (الفلوجة).
ونجَحَت المقاومة في أن تُعلِّم العالم كلَّه كيف يكونُ الجهاد، وكيف يبصر الإسلام الشعوب ويجعل حركتهم على بصيرة وفهم.


النموذج التركي

  • الحديث عن سعي الولايات المتحدة لفرض الديمقراطية على المنطقة ينقلنا إلى الحديث عن النموذج التركي، وسعي الولايات المتحدة إلى تعميم هذا النموذج على المنطقة، باعتباره نموذجًا يمثِّل الإسلامَ المعتدل؛ فما رأيكم؟
في الواقع مَن ينظر إلى ما يُطرح على الساحة من مبادرات لابد أن يكون محيطًا بالتاريخ وبالواقع التركي الذي يسيطر فيه الجيش العلماني على كل شيء، وبناءً على هذا فإن الذين قاموا بعملية الإصلاح كانوا يسعَون إلى أن يجدوا للإسلام موطنَ قدم في حياة الناس، خاصةً أن الإسلام في تركيا مغيبٌ تغييبًا كاملاً، وتصوَّر هذا الفريق أنَّ أيَّ نجاح في وجود أيِّ مظهر من المظاهر الإسلامية يُعتبر خطوةً للأمام؛ ولذلك نشأت أحزاب تريد أن تتعايش مع الواقع التركي؛ حتى تستطيع أن تقدم نوعًا من الإصلاح أو مظهرًا من مظاهر الإسلام.
فضلاً عن ذلك، فإن الشعب التركي بجملته- حتى المصلحين منهم- يرون أن في انتمائهم إلى الاتحاد الأوروبي يتيح لهم الفرصة لنيل الحريات التي تجعلهم يتقدَّمون على طريق توطين الإسلام، وتحت هذا الضغط كان أمامهم أن يقبلوا القيم والقوانين الأوروبية، والتي تدمر بعض الأسس في عقيدة المسلم؛ كاستحلال الحرام، وتحريم الحلال، والرضوخ للديمقراطية المطلقة؛ أي عندما تتفق الأغلبية على أيِّ شيء يمكنها أن تنفذه بغض النظر عن اتفاقه أو اختلافه مع صحيح العقيدة والشريعة.
هذا الأمر له تأثيرات غاية في الخطورة، ولا يحدث هذا الأمر في أي بلد مسلمٍ آخر، والناس يجب أن يفهموا أن الحياة لا تنصلح ولا تكون حياةً كريمةً إلا إذا رجع الناس إلى ربهم، وقد ظلت جماعة الإخوان المسلمين تناضل من أجل هذه العقيدة الصحيحة لعشرات السنين، فاستقرت في وجدان أغلب الشعوب، حتى الذين يخالفون الشريعة من حكام ومحكومين.
فهذه الحقيقة لا يستطيع أحد أن ينكرها أو يجادل فيها، ومن ثمَّ لا يمكن أن نقبل أن يكون لنا مرجعية أخرى غير مرجعيتنا، وإن كانت هذه المرجعية سوف تحقق لنا بعض الحريات، فطريقنا نعرفه؛ وهو: إعادة الناس إلى ربهم، وهذه هي مهمتنا التي كلفنا الله- سبحانه وتعالى- بها.
  • وهل سينجح الأمريكان في تكرار هذا النموذج في العالم العربي، خاصة في مصر؟
الوضع لدينا يختلف تمامًا عن تركيا، فظروفنا الجغرافية وأوضاعنا الاجتماعية، وطبيعة التيار الإسلامي في بلادنا، كلها أمور تحول دون تعميم النموذج التركي في المنطقة، خاصةً إذا وضعنا في الاعتبار أن شعوبنا لا تصدق أن الأمريكان سوف يجلبون لنا الحرية.
فنحن لن نكون ضد حكامنا لصالح أمريكا، ولن نكون مع حكامنا ضد عقيدتنا، وسنحافظ على هذه العقيدة.. إضافةً إلى ما سبق، فإن الأمريكان لن يقبلوا عقيدتنا، ولن يكون هناك تعايش بينهم وبين أمة تحمل هذه العقيدة.


أمريكا والإخوان

حوارات102.jpg
  • هل يعكس ذلك أنه لن يحدث تقارب بين أمريكا وبين تيار مثل الإخوان؟
لا أقول (الإخوان) فقط؛ بل التيار الإسلامي برمته يعتقد بحتمية عدم حدوث تقارب بينه وبين الولايات المتحدة، فمن يتخلى اليوم عن الفهم الصحيح للإسلام الأمة تلفظه؛ لأن لديها بصيرة وخبرة تاريخية اكتسبتها من الأحداث التي عاشتها منذ زمن الاحتلال الإنجليزي والفرنسي والإيطالي وغيرهم؛ ولذلك نحن على ثقة أن مثل هذه المشروعات لن يكون لها استجابة في أوطاننا.
  • ماذا عن نموذج الحكم الذي تعتقده جماعة الإخوان؟
لا شك أن النظام النيابي هو النظام الأمثل، فهو أفضل وسيلة لإطلاق حرية الأحزاب وحرية ممارستها للعمل الحزبي والسياسي؛ ولكن لابد- قبل كل ذلك- أن تكون هناك إرادة سياسية ومناخ صحي يصاحب تكوين الأحزاب، ويساعدها على الممارسة الحزبية.
وإذا أسست هذه الأحزاب في مناخ صحي، فسوف يساعد ذلك على إصلاح الحياة السياسية، وإذا كان غير ذلك فسوف تَفسد الحياة السياسية.

المصدر