خطاب مفتوح بشأن التعليم الديني

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
مراجعة ١١:٣٤، ١ يوليو ٢٠١٢ بواسطة Attea mostafa (نقاش | مساهمات)
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
خطاب مفتوح بشأن التعليم الديني

بقلم / الإمام حسن البنا

يا صاحب المعالى

نتشرف أن نرفع إلى معاليكم رجاء نعتقد أنه مطابق لأمانيكم الشريفة وأمانى الأمة، وأنكم إذا تفضلتم بقبوله والعمل على تحقيقه تكونون قدمتم لبلادكم أفضل عمل يذكر به العاملون المصلحون، واستوجبتم بذلك شكر الوطن فضلاً عن رضوان الله جل شأنه.

وهذا الذى نرجو ويرجوه كل مسلم غيور على دينه ووطنه هو أن تجعلوا درس الدين الإسلامى فى التعليم العام درسًا أساسيًا، والامتحان فيه إجباريًا، مثل بقية العلوم التى ينبنى على التقصير فيها عدم الفوز والرسوب.

يا صاحب المعالى:

إن من نافلة القول أن نبين ما لعلوم الدين من حسن التأثير فى النفوس، وحثها على التمسك بأهداب الفضائل وتربية ملكات الخير فيها، وعصمتها من الوقوع فى القبائح وصرفها عن منازع الشر، وأن الواجب على كل مسلم ومسلمة أن يعنى بمعرفة دينه المعرفة الصحيحة، حتى يمكنه أن يؤدى ما يجب عليه لله تعالى وللناس، وأن التلاميذ والتلميذات ودائع فى يد وزارة المعارف وهم رعيتها وكل راع مسئول عن رعيته، فالضرورة تقضى بأن تعنى بتعليمهم ما يتعلق بأمر دينهم، كما تعنى بتعليمهم ما يتعلق بأمر دنياهم.

ولا يمكن أن يؤتى درس الدين ثمرته والحال على ما نرى، يحضر التلميذ هذا الدرس وهو يعلم أنه درس اختيارى يقذف بدرجته فى ذيل الجدول، كدرجة الألعاب الرياضية لا تقدم ولا تؤخر، ولا يترتب عليها رسوب ولا نجاح. لهذا نرجو ونلحف فى الرجاء أن تولوا الدين الإسلامى عنايتكم بجعله مادة أساسية يشعر المقصر فيه أنه مؤاخذ على تقصيره، والمجتهد أنه مكافأ على اجتهاده.

وبدهى أنه لا يبعث المعلم والمتعلم على الاهتمام بالدرس إلا الرغبة فى حسن النتيجة أو الرهبة من سوئها، فإذا لم يكن لمادة الدين تأثير فى النتيجة فقد ضاع الاهتمام به، وليس من المفيد تقرير مادة مهمة كمادة درس الدين بدون أن يضمن جنى ثمارها، ولسنا مغالين فى هذا الطلب؛ لأن المدنية الأوروبية الحالية تعتبر الدين علمًا أساسيًا، ولا يصح أن يكون الإسلام عندنا أقل اعتبارًا من غيره عند غيرنا، كما لا يصح أن يكون الدين الإسلامى إضافيًا فى أهم قطر إسلامى تقصده جميع الأقطار الإسلامية لتلقى العلوم الدينية.

يا صاحب المعالى:

إن مناهج التعليم الدينى للمدارس الابتدائية والثانوية حافلة بالمواضيع الجليلة النافعة، ولذلك لا نطلب زيادة فى المواد ولا فى المعلمين، وإنما الذى نرجوه هو جعل درجة الدين مماثلة لباقى العلوم فى الدلالة على الرسوب والنجاح فقط أسوة بمدارس المعلمين. وبما أن المقرر الدينى الخاص بالتعليم الثانوى تدرس مواده فى السنة الأولى والثانية فقط، فيحسن النظر فى توزيعه على جميع سنيه أسوة بالتعليم الابتدائى، حتى يسهل تحصيله واتباعه بإتقان.

يا معالى الوزير:

إن الاعتناء بأمر الدين من شأنه تخريج موظفين مخلصين للحكومة والأمة معًا، أمناء على الأموال والأعراض والحقوق، وتخريج فتيات مهذبات وفتيات مدبرات للمنازل، حافظات للغيب، صالحات لتربية أولاد المستقبل، معاونات للأزواج على مشاق الحياة.

وهذا كله يبشر بإزالة أسباب الفوضى والضلال والرشوة والاختلاس وجميع الرذائل، وإحياء الفضائل وحفظ الأمن والآداب والنظام والعدل فى الأحكام، وموجب لارتقاء الأحوال الاجتماعية والاقتصادية، وتضامن الأمة مع الحكومة وتبادل الثقة، وحسن المعاملة بين الأفراد والجماعات، فتسعد الأمة سعادة حقيقية، ويسرنا جدًا أن يحصل هذا الخير العميم على أيدى معاليكم المباركة.

وتفضلوا بقبول فائق الاحترام، ،

تحريرًا فى 20 من مايو سنة 1935م.


المصدر: جريدة الإخوان المسلمين الأسبوعية، العدد (6)، السنة الثالثة، 18صفر 1354ه/ 21مايو 1935م