خبراء: بيانات الداخلية استخفاف بالشعب
كتبت- الزهراء عامر:
مقدمة
اتفق خبراء وسياسيون أن بيانات وزارة الداخلية التي أصدرتها خلال أيام الغضب تُمَثِّل استخفافًا بالشعب المصري بعد أن فشلت من السيطرة على الموقف، مشيرين إلى أنهم اعتادوا على استخدام مثل هذه الأساليب في وقت الأزمات لتقليل حجم الضغط المفروض عليهم.
وأكدوا لـ(إخوان أون لاين) أن النظام المصري يحاول حشد الرأي العام العالمي ضد الإخوان والمعارضة؛ للوقوف في وجه انتفاضة التغيير التي زلزلت النظام الحاكم، إلا أن الرأي العام العالمي فَهِمَ هذه المزاعم، وأعلن احترامه للحراك الشعبي في مصر.
وقال العميد صفوت الزيات الخبير الإستراتيجي: إن البيانات التي تصدر عن وزارة الداخلية هي عبارة عن خطاب موجه للمجتمع الدولي؛ لمنحهم فرصة لتصفية الاحتجاجات بطريقة عنيفة، بمحاولة إظهارها أن هذه المظاهرات مظاهرات سياسية متطرفة، وأن المعارضة هم من يقومون بأعمال العنف والتخريب في الشارع المصري.
وأوضح أن الطُّرُق التي تلجأ إليها الداخلية هي اللغة المقبولة لدى النظام، والتي من خلالها استطاع أن يحكم البلد لفترات طويلة بالاستبداد، وأن يعطي لنفسه التبرير لبقائه في الحكم، مشيرًا إلى أن دعوة النظام المصري لن تلقى قبولاً من المجتمع الدولي، بل أظهرت تعاطف المجتمع الدولي مع حقِّ التظاهر؛ لأنه يدرك أن ما يحدث في مصر الآن هي حالة حراك شعبي سيحجم النظام.
وأضاف أن المجتمع المصري الآن في حالة سباق مع الزمن، وأمام معادلة خطيرة طرفها الشارع بين الحركات الاحتجاجية التي لا تريد أن تقف عن زخمها قبل الحصول على تنازلات من النظام، وبين النظام الذي يستخدم العنف ولا يريد أن يقدم تنازلات.
وأشار إلى أن النظام المصري فاقد المرونة، وليس لديه خيال سياسي وقدرة سياسية على احتواء الشارع، ويعتمد على قدرة الأمن على قبض الشارع، وهذه هي مشكلته الأساسية، ولم يستفد من ثورة 1977م، موضحًا أن الأيام المقبلة ستشهد العديد من الأحداث التي تحمل في طياتها التغيير.
مأزق
وتهكم عبد الحليم قنديل، منسق حركة "كفاية"، على بيانات الداخلية وقال: "الداخلية دائمًا ما تكون آخر مَن يعلم عن أحوال الشارع المصري، وخير دليل على ذلك أن انتفاضة يوم الغضب وما تلاها من أحداث؛ هي انتفاضة شعبية البطل فيها هم شباب مصر الذين قاموا بحشد الجماهير عن طريق موقع الـ(فيس بوك)، وكان مطلبهم واضحًا، وهو أن يرحل النظام عن الحكم.
وأوضح أن مشاركة الحركات السياسية في هذه الانتفاضة مجرد انضمام لهذا التحرك الشبابي، وليس إنشاءً له، كما زعم بيان الوطني وبيانات الداخلية، والبلاغ الذي قدَّمه أحد محامي الحزب الحاكم للنائب العام واتهم فيه عددًا من رموز المعارضة من الإخوان وحركة كفاية ونشطاء 6 أبريل بالتحريض على الشغب وممارسة العنف!.
وأشار إلى أن انضمامَ المعارضة لهذه الانتفاضة أمرٌ طبيعيٌّ؛ لأنهم مواطنون مصريون يطمحون إلى تغيير هذا المجتمع؛ ليخرج من عنق زجاجة القمع والاستبداد، وأن خروج النظام بمثل هذه البيانات يعبِّر عن مدى نظرته الأمنية الضيقة.
وأضاف: "أن كلام وزارة الداخلية لا قيمة له؛ لأنها الآن في مأزق حقيقي، وليس أمامها مخرج، وكل الخيارات التي أمامها صفرية"؛ موضحًا أن الداخلية عندما جرَّبت التسامح مع المتظاهرين زادت نيران شعلة الغضب، وعندما لجأت إلى استخدام العنف زادت فضيحتها.
خارج السيطرة
وأوضح محمد محفوظ "مقدم شرطة سابق" أن النظام المصري يحاول تخدير الرأي العام العالمي والدول الديمقراطية، ويحاول أن ينتزع صفة التعاطف مع الشعب المصري الثائر، ويحاول أن يقود موجة غضب عالميًّا تطيح بالمعارضة المصرية، موضحًا أن النظام عندما يفقد التعاطف الدولي يفقد قوة الشارع.
وأضاف أن النظام يحاول أن يزرع حالة من اليأس لدى الجماهير الداخلية التي لم تشارك حتى الآن في مظاهرات الغضب، وأن ما يجري من أحداث ليس تغيير؛ وإنما هو نوع من أنواع استغلال المعارضة للشباب؛ ليعطوا للحكومة فرصة أخرى لتصحيح جزء من أخطائها.
وأوضح أن الوزارة في حالة عدم توازن؛ لأنها لم تتوقع أن تخرج المظاهرات بهذا الكم والكيف، مبينًا أنه كلما زادت أعداد المتظاهرين في الشوارع، وضعت أفراد الداخلية في حرج شديد؛ بين تنفيذ التعليمات ومخالفة الدستور بالتصدي لأية مظاهرة سلمية لا تقوم بالتخريب، وفي هذه الحالة سيفقدون القدرة على السيطرة.
إجهاض وتشويش
ويرى سمير عليش المتحدث الرسمي باسم الجبهة الوطنية للتغيير أن الداخلية بإصدارها مثل هذه البيانات تحاول أن تقول إن المعارضة وعلى رأسهم جماعة الإخوان المسلمين هي البديل والعائق بين الشعب والنظام؛ وبالتالي تتمكن من حقن وحشد كل الرافضين للفكرة الإسلامية الذين لا يزيد عددهم عن 10% من جموع الشعب؛ للوقوف في وجه انتفاضة التغيير.
وتوقع أن النظام المصري سيقابل انتفاضة المصريين ضد الظلم بافتعال مظاهرات تأييد له كمحاولة لإجهاض الثورة الشعبية والتشويش عليها أو عن طريق الإجهاض البوليسي أو اتخاذ بعض القرار السياسية، موضحًا أن النظام يحاول أن يدافع عن نفسه بفعل أي شيء.