الفرق بين المراجعتين لصفحة: «خالدة الهضيبي»

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
لا ملخص تعديل
لا ملخص تعديل
سطر ٥٨: سطر ٥٨:
   
   
[[تصنيف:أعلام الحركة الإسلامية]]
[[تصنيف:أعلام الحركة الإسلامية]]
[[تصنيف:تصفح الويكيبيديا]]

مراجعة ٠٤:٣١، ٣ يناير ٢٠١٠

خالدة الهضيبي... على درب الصالحين سائرون


بقلم: مريم السيد هنداوي

خالدة الهضيبي لا يجهلها أحد، فقد تربت في بيت عمل للإسلام وضحى في سبيله بالنفس والمال، فأبواها كانا صالحين، وترعرعت وسط إخوة صالحين عرفوا الإسلام الصحيح منذ نعومة أظافرهم، وشبوا على العمل من أجله، والدفاع عنه بالرخيص والغالي.

لقد أعادت للأذهان سيرة الصالحات أمثال نسيبة بنت كعب، وصفية بنت عبد المطلب، وأسماء بنت أبي بكر. لقد انصهرت وسط مجتمعها فتميزت عن كثير من نساء الأمة في فهم الإسلام الشامل والعمل له والتضحية من أجله.

نشأتها

هي: خالدة حسن إسماعيل الهضيبي -ابنة المستشار حسن الهضيبي المرشد العام الثاني لجماعة الإخوان المسلمين- ولدت عام 1919م في أسرة مكونة من أب يعمل مستشارًا وأم ربة منزل وهي السيدة نعيمة خطاب، والأخت الكبرى سعاد، والأخ أسامة والذي عمل طبيبًا، والأخ محمد المأمون الهضيبي وعمل مستشارًا، والأخ إسماعيل وعمل محاميًا، ثم كانت الأخت علية والتي ولدت عام 1939م وتخرجت في المعهد العالي للثقافة، وقد انتقلوا مع والدهم أينما انتقل بسبب وظيفته، وأحسنت الأم تربية الأبناء فكان بيتًا إسلاميًّا يقوم على دعائم الإيمان بالله وحب الدعوة.

عملت خالدة الهضيبي أستاذة جامعية بعد تخرجها ولم يمنعها والدها المرشد العام للإخوان المسلمين من العمل بل دفعها لتكون في مطلع الخمسينيات المربية داخل الجامعة. ثم تزوجت وعاشت مع زوجها أحمد ثابت في عرب الصوالحة بشبين القناطر.


علاقتها بالدعوة

تقول الحاجة خالدة: "أنا كنت في البداية لا أعرف جماعة الإخوان أو غيرها ولكن قامت آمال عشماوي وزارتني ثم قالت لي: إن الشيخ حسن البنا قال لها: (يا ريت تأتي لزيارتي) ولم تكن (آمال عشماوي) تعرفني من قبل، وأنها (جاءت بناء على طلب الشيخ البنا) قد يكون عندما أرسلت إليه الجواب أو قبله أو بعده (الله أعلم) ومن يومها بدأت الصلة بيني وبينها"، وعن قصة الجواب تقول: "في البداية كنت أتمنى وأقول: أتمنى أن أشترك أو أنتمي لجماعة دينية لم أكن وقتها قد سمعت حاجة عن الإخوان وكنت متزوجة في سن الثلاثين. فأخي مأمون قال لي: هذه جماعة الإخوان المسلمين جماعة طيبة وهيا انتمي لها، وقد علمت بأنه قد تم الإعلان عن سهم طوارئ خاص بالجريدة نظرا لوجود خسارة بالجريدة لذا فكانت بحاجة إلى دعم قام الإخوان بإنشاء سهم طوارئ لدعمها. لذا قلت: هذه فرصة لن تتكرر، وكان الشيخ حسن البنا يقوم بزيارة أبي بالبيت أحيانا ويجلس معه في الصالون لأخذ رأيه في بعض الأمور، فقمت بتحضير حاجة وأعطيته لأبي اشتراكا بسهم الطوارئ، فقال لي أبي: لا بل اكتبي له ورقة وأخبريه أنك سمعت عن سهم الطوارئ وتريدين الاشتراك، فهذا أفضل، فقمت بكتابة الجواب وأعطيته لوالدي يعطيه له مع الحاجة التي أرسلتها فرد عليَّ الشيخ حسن البنا بجواب أرسله بالبريد للآن عندي".

ولقد شاركت مع آخرين من الأخوات في رعاية أسر المعتقلين، فتقول زينب الغزالي: "ثم علمت أن الوالدة الفاضلة المجاهدة الكبيرة حرم الأستاذ الهضيبي تبذل هي أيضًا مجهودًا كبيرًا مع بعض الفضليات الكريمات من الأخوات المسلمات مثل: المجاهدة آمال العشماوي حرم الأستاذ منير الدلة وكانت هي بنفسها على رأس الأخوات المسلمات. ومثل خالدة حسن الهضيبي وأمينة قطب وحميدة قطب وفتحية بكر والمجاهدة أمينة الجوهري وعلية الهضيبي وتحية سليمان الجبيلي. واتسعت اتصالاتي رويدًا رويدًا فاتصلت بخالدة الهضيبي في سرية شديدة ثم بحميدة قطب وأمينة قطب. وكل ذلك من أجل المعذبين والأطفال واليتامى".

وتقول خالدة: "كان معي توكيل من والدي أذهب وآخذ المرتب من البنك أثناء فترة الاعتقال وأتذكر سنة 1965 أنهم قطعوا المعاش أيضا فترة ثم رجع ثانية، أما أصحاب الأعمال الحرة فقد قطعت رواتبهم كثيرا في سنة 1954 وكن يأتين لأمي فطلبت أمي منهم أن يقمن ببعض الأشغال (خياطة، تريكو..) فكن يشترين القماش اللينو الذي يصنع منه فساتين الأطفال ويصنعن ملابس للأطفال وجميع الأعمال للأطفال ويعرضوها على الكراسي عندنا في البيت فكان من يأتي إلى أمي يزورها من الأهل والأصحاب يعجب بها ويشتريها لأنها كانت حاجات أنيقة، أما الأموال فكانت تذهب إلى الأسر، وكانت أمي تعطيني المال الخاص بالعرب الصوالحة في بلدنا حيث كنت أسكن أنا وزوجي فيه وكنت أوصله للمحتاجين هناك، وكانت أمي تقول: المال الذي ينفق في عيد ميلاد يعطي للمحتاجين".

وبالرغم من معاصرتها للإمام البنا إلا أنها لم تلتق به، وكانت حلقة الوصل بين الأخوات وبينه الأخت آمال العشماوي، والتي ظلت مسئولة للأخوات بعد تنازل السيدة نعيمة خطاب لها عن هذا الأمر لإدراكها طبيعة العمل ولكونها مع الأخوات منذ فترة كبيرة، فكان هذا دافعا أن تترك السيدة نعيمة خطاب المسئولية لها من باب مصلحة الدعوة لا المصلحة الفردية.

كما كانت خالدة الهضيبي تقوم بحضور اللقاءات والدفاع عن الجماعة وكانت تقول في ذلك: "كنت مدرسة في السنية وأقعد مع زملائي وأفند أقوالهم عن الجماعة وأظهر الصحيح فكنت جريئة في الحق وكنت أبين حقيقة الجماعة إذا سألني أحد وأرد عنهم الشبهات في الوقت الذي كانت الناس كلها تتكلم عن جماعة الإخوان وكانوا بين مؤيد ومعارض".

تولى المستشار الهصيبي مكتب الإرشاد في 17 أكتوير 1951م، وكان ذلك يمثل مرحلة جديدة في وسط أسرة الهضيبي فتقول السيدة خالدة: "بعد ما تم القبول وأذيع الخبر في الصحف أن الجماعة أعيد تشكيلها وفلان هو المرشد العام ذهبت للعمل في معهد التربية فإذا برجل معي بالعمل يقول: مبروك يا فلانة. فقلت له: على ماذا؟ إنها مسئولية. فقال لي: إنها أكبر من شيخ الأزهر فتعجبت لأني أعتبرها مسئولية ووجدت الناس ينظرون إليها على أنها منصب وأنها أفضل من شيخ الأزهر".


المحنة والابتلاء

كانت محنة 1965م شديدة فلم تترك أي أحد، حيث أعلن عبد الناصر اعتقال كل من سبق اعتقاله منذ عام 1948م، وكانت الظاهرة الأغرب في هذه المحنة هي اعتقال النساء إما لصلتهم بالإخوان أو للضغط على الإخوة لتسليم أنفسهم، ولقد لاقى كثير من النساء ألوانا من العذاب الشديد.

ولقد تعرضت خالدة للاعتقال هي وأسرتها كلها وفي ليلة اعتقال آل الهضيبي تصف خالدة ذلك بقولها: "يومها أخي مأمون وأسامة كانا عندنا ذهبت المباحث يأخذونا من الزمالك لم يجدونا ويومها قطعوا خط التلفون، ثم جاءوا وأخذوا علية وأمي تقول لهم: مستحيل أعطيها لكم اذهبوا إلى الساقطات في المجتمع وانفعلت انفعالاً شديدًا وطلبوا أسامة وقال لهم: خلاص أنزليها لأنهم سيقطعون الماء والكهرباء وأنهم الآن أم بعد ذلك سيأخذونها وكان عندنا طباخة خرجت في البلكونة وتصرخ وتستجير بالناس وتقول: (الحكومة هاتأخذ النساء) وأخذت تصرخ في كل بلكونة وكنا الصبح بعدها أصبحوا يأتون بالليل دائما وعلية أخذوها الصبح أما أنا لما جاءوا يأخذوني من الزمالك زوجي أحمد قال: إنها ليست هنا وفتشوا البيت هي في الروضة عند أمها واتصل أحمد بمأمون في مصر الجديدة وأخبره أنهم ذاهبون إلى الروضة للقبض على خالدة، ومأمون جاء إلينا فوجد أن الحكومة أنزلونا أنا وأمي وألقوا القبض علينا في نفس الوقت أنا وأمي، فطلب مأمون من الضابط إن ماما تركب معه وهو سيذهب معهم لأنها لا تستطيع ركوب العربية العالية الخاصة بهم فوافقوا ومررنا على نقطة الروضة وأخذوا يلمون في الأخوات ويخرجونهم من النقطة وسيركبون معنا العربة ثم أرسلوني لقسم قصر النيل، كنا نشعر بالمحنة ولكن لم نبكي، ونشعر بالظلم وذهبنا للقناطر وأنزلونا هناك وأخذوا يرفعون أصواتهم علينا ويخوفونا وأنا أرد عليهم بصوت عالٍ: فقالت أمي يا خالدة: (لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأمُورِ) [آل عمران: 186] أنا حفظتهما منهما حتى لا أنفعل وأرد عليهم، فهذا شيء منتظر وقلت لها: أنا أحتاج لهذا العزم يا أمي"، وقد رحلنا إلى سجن القناطر ولم تكن معنا أختي علية -والتي كانت حاملاً في ابنتها ولم يشفع لها ذلك وقد حبست مع زينب الغزالي وحميدة قطب في السجن الحربي- وكانت فترة المعتقل فترة طيبة بسبب اللجوء إلى الله والذكر وصلاة جماعة على طول واللجوء إلى الله في الشدة كان إحساسًا طيبًا وجميلاً".

وتقول السيدة زينب الغزالي: "أخذ جلال الديب يسألني.. قال: اشرحي يا زينب يا غزالي اتصالاتك بخالدة الهضيبي وأحمد ثابت زوجها وما دورهما في التنظيم؟ قلت: نشاط خالدة الهضيبي معي كان محصورًا في مساعدة أسر المسجونين. قال: أي نوع من المساعدات؟ قلت: مساعدات مالية أو عينية، وشرحت له نوعية العينية -بعد سؤاله- أنها كالأقمشة والدقيق والقمح والأرز والسمن والفاصوليا. وعاد يسألني عن زوجها أحمد ثابت. ولما أوضحت له أنه لم يكن له من عمل إلا الحضور إلى المركز العام للسيدات المسلمات ليوصل الأشياء التي أرسلها لخالدة لتسلمها للأسر -دون أن ينزل من العربية- رفض تصديقي وأسلمني إلى صفوت فأوقفني ليتصرف معي".

ولقد أفرج عن والدتها وأختها علية قبلها فتقول: "بعدها أخذوني على الحربي وأخذني شاويش لزنزانة فسألته على علية وعلى أمي فقال: إن علية خرجت والوالدة خرجت فلم أصدقه فأخذت أسأله عن علية فقال: الحامل؟ قلت: نعم. قال: خرجت. أما أمي فقلت له: إن فوطة (الوجه) الخاصة بها جاءت مع ملابسي فكيف تفعل هي بعد الوضوء، أنا أريدك أن ترسلها لها. فقال: إنها خرجت فعرفت فعلاً أنهما خرجا".

ولقد قضت في السجن ما يقرب من ثلاثة شهور ونصف حتى خرجت، كما قضت علية أختها ما يقرب من شهرين.

ولقد ضربت المثل العظيم في المواساة والتخفيف عن المعتقلين فتقول: "وأنا راكبة العربية وجدت معي واحدًا يقال: إنه قادم من طرة أخذت أسأل عمن في طرة وعن مأمون. قال: إن مأمون أفرجوا عنه وجاءوا به إلى القناطر. وسألت عن بابا فقال: إنه رآه في الحربي يخرج ليتمشى فاطمأننت عليه نحن في العربة أثناء سيرنا في طريق الإسماعيلية، فاستنتجت أننا ذاهبون لأبي زعبل، وتكلمت مع الرجل بذلك وقصدت أن أتكلم معه حتى أخرجه من الهم الذي كان يفكر فيه؛ لأنه كان مهمومًا، ومررنا بالقبة حيث الجنائية العسكرية وفيها أدوار تحت الأرض فيها إيذاء وتعذيب للإخوان ثم اتجهت العربة في طريق السجن الحربي فقلت: إننا ذاهبون للحربي. فقال: إنه كان في الحربي ورأى بابا هنا والرجل كان منزعجًا لرجوعه الحربي ثانية بسبب التعذيب".

خرجت خالدة الهضيبي لتكمل الرسالة مع أخواتها وبين صفوف الأخوات حتى توفاها الله، بعد أن بشرتها السيدة زينب الغزالي بالرؤيا التي رأتها فتقول: "التفت إلى حضرة النبي r وأشار إلى جهة اليمين، نظرت فإذا بجبل تقارب قمته عنان السماء، غير أنه كالبساط الأخضر تكسوه أرض خضراء. فقال لي حضرة النبي r: يا زينب! اصعدي هذا الجبل فستجدين عند القمة حسن الهضيبي، بلغيه هذه الكلمات. ونظر إلي نظرة عميقة أخذت بكل كياني غير أنه r يتحدث بكلمات منطوقة، ولكني أحسست أني حملت الكلمات فعلاً، وفهمت ما يريده مني، ورفع الرسول الكريم صلوات الله وسلامه عليه يده إلى الجبل، فوجدت نفسي وأنا صاعدة التقيت في طريقي بخالدة الهضيبي وعلية الهضيبي فسألتهما: هل أنتم معنا في الطريق؟ أجابتا: نعم".

رحلت خالدة الهضيبي وتركت قدوة صالحة للأخوات للسير على الطريق والتمسك بدين الله.


المراجع

1- -محمد عبد الحكيم خيال، محمود محمد الجوهري، الأخوات المسلمات وبناء الأسرة القرآنية، الطبعة الثانية، دار الدعوة، شعبان 1413ﻫ، يناير 1993م. 2- زينب الغزالي: أيام من حياتي، دار التوزيع والنشر الإسلامية. 3- محمد عبد العزيز الصروي: الإخوان المسلمون محنة 1965م، دار التوزيع والنشر الإسلامية، 2004م.