حوار مع الدكتور "همام سعيد" نائب المراقب العام لإخوان الأردن

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
حوار مع الدكتور "همام سعيد" نائب المراقب العام لإخوان الأردن

[12/08/2003]

مقدمة

نقود العمل السياسي في الأردن وقضيتنا الأولى الدفاع عن الحريات.

تربية إخوان الأردن لا تسمح بالانشقاق والتواصل بين أجيالهم حقيقة.

الجماهير تتعاطف مع الإخوان.

شعار "الأردن": انكفاء الأردنيين على خصوصياتهم.

التواصل بيننا وبين إخواننا الفلسطينيين شبه يومي.

انتشار النقاب في مجتمعنا ظاهرة طوعية.

لم تشهد جماعة الإخوان بالأردن في أي وقت انشقاقًا واحدًا في تاريخها الممتد منذ عام 1945م.. وللجماعة تجربة خاصة تتمثل في الاستمرار من ناحية، والحفاظ على منهج الشورى الداخلية كأحد أهم ثوابتها من ناحية ثانية.

هذا ما يؤكده الشيخ الدكتور "همام سعيد" نائب المراقب العام للإخوان في الأردن، الذي التقى به موقع: "إخوان أون لاين"؛ كي يُلقي الضوء على تاريخ الإخوان في الأردن وثوابتهم ومواقفهم.

بدأت الجماعة في الأردن منذ سنة 1945م، واستمرت- ولله الحمد- عبر هذه السنوات الطويلة بوجودها العلني، ولافتاتها المرفوعة على مقارِّها ودورها، واستمر هذا العمل العلني بإنتاج كوادر الحركة وقيادات الحركة، فالأجيال عندنا- ولله الحمد- متواصلة، فلدينا سنّ الطفولة وسنّ الفتوة وسنّ الكهولة وسنّ الشباب وسنّ الشيخوخة، والإخوان منهم من وصل إلى السبعين ومنهم من هو في العاشرة من عمره، فالتواصل- ولله الحمد- بين أجيال الحركة في الأردن يكاد يكون ظاهرةً قد لا تكون موجودة في كثير من الأقطار التي حُرِمت من هذا الوجود العلني.
وتشارك الحركة بالحياة السياسية والاجتماعية بشكل فاعل في المجتمع الأردني، فشاركت في الانتخابات النيابية منذ الخمسينيات وحتى 2003م، ودائمًا كان وجود الحركة في مجلس النواب له أثر في رفع كلمة الإسلام والدفاع عن قضايا الأمة الكبيرة وأيضًا في مسألة قضايا المواطنين وتمثيل المواطنين بحق، وكذلك الحال في موضوع اللافتات الاجتماعية فلدينا العشرات من الجمعيات الخيرية وفروع جمعية المركز الإسلامي والمدارس وجامعة الزرقاء الأهلية وكثير من المؤسات التربوية ومؤسسات النفع العام، وأيضًا شاركنا في مجالس الحكم المحلي البلديات والمجالس القروية، وكان لنا أيضًا حضور في كثير من المدن، وفي قيادة العمل المدني، وكذلك في النقابات المهنية كما هو معلوم، فمشاركات الإخوان في النقابات المهنية مشاركة فاعلة، ولنا الحضور الأكبر بين جميع الفئات الحزبية حيث تمسك الحركة بأكبر النقابات المهنية كنقابة المهندسين ونقابة الصيادلة ونقابة الزراعيين ونقابة الممرضين، وأيضًا لها حضور في كثير من النقابات الأخرى كالأطباء البيطريين وأطباء الأسنان وغير ذلك والحمد لله، فمجمع النقابات بشكل عام تكاد تكون قيادته بيد الحركة منذ زمن بعيد.
أما الأثر في الشارع الأردني فهو أثر واضح ظهر جليًا في قضية مقاومة التطبيع، وكذلك ظهر جليًا في الوقوف مع قضية حماس ودعمها ماليًا ومعنويًا، وتقديم ما يلزم لهذه الحركة من نصح وإرشاد وتأييد ومؤازرة فالحمد لله، أما قضية الامتداد بين فئات الشعب الأردني فامتدادنا واضح من خلال تأثيرنا في الانتخابات البرلمانية والبلدية والنقابية، حيث رأيتم هذا التفاعل الشعبي الكبير مع الحركة، وفي الواقع فإن الحركة لها محبة كبيرة عند الشعب الأردني وهذه حقيقة لا ينكرها إلا حاسد أو حاقد.

السياسة.. والتربية

  • هل الانشغال بالعمل السياسي انعكس بالسلب على العمل التربوي الداخلي للجماعة؟
خوض الانتخابات السياسية وإن كان قد ظهر بشكل أوضح في سنة 1989م إلا أن الحركة لها رصيدها التربوي الكبير، أما قبل 1989م فقد كانت مشاركتنا السياسية قليلة لذلك كان رصيد كوادرنا التربوية من برامجنا قبل 89 لا بأس به، أما بعد 89 فقد تقدم الجانب السياسي على الجانب التربوي، لكن هذا الأمر ربما تَمَّ علاجه بالتوازن بعد عام 97 حينما قاطعنا الانتخابات النيابية، وعدنا إلى حد كبير إلى صفنا الداخلي وجانبنا التربوي، وربما يكون حصل شيء من الخلل في السنوات الست السابقة..
أما السؤال عن الجانب التربوي عندنا وأنه فقير، فالجواب في ظني: لا؛ لأن الكوادر التربوية عندنا كوادر متنوعة في كفاءاتها وقدراتها، وهناك عدد كبير من إخواننا لا يشاركون حتى في عضوية الحزب، علمًا بأن عضوية حزب جبهة العمل الإسلامي متاحة للإخوان وغير الإخوان، فعدد كبير من الإخوان التربويين لا يشاركون في عضوية الحزب من أجل بقاء الناحية التربوية لها كوادرها ولها قدراتها، وأيضًا هناك مهارة إلى حد ما في موضوع الدورات التربوية واللقاءات المكثفة التي تعوِّض إلى حد كبير الخلل الذي يصيب الجانب التربوي.

العلاقة بالحكومة

  • البعض يدّعي أن الحركة أصبحت أكثر مهادنةً للحكومة في كثير من المواقف مما كفل لها الاستمرار على عكس سير الجماعة في بعض الأقطار الأخرى؟
الحقيقة أن الأمر عكس ذلك تمامًا فالمعروف عن حركة الإخوان المسلمين في الأردن أنها حركة تقود المعارضة وليست معارضة فقط، وهذه المعارضة كانت تصل أحيانًا إلى قيادتها، فعندما كنا نخرج في مسيرات ومظاهرات كانت السلطة التنفيذية تتحدانا وترسل أحيانًا كلابها المدربة وأحيانًا ترسل علينا قوات أمنية لضربنا، ولدى وسائل الإعلام صور كثيرة لهذا الموقف المغاير للموقف الرسمي، الذي عرّض الإخوان لإجراءات من أجهزة الدولة، ومن هذه الإجراءات التضييق عليهم في معاشهم ووظائفهم واستدعاء مئات من الإخوان للأجهزة الأمنية، وقد تطول مدة الاعتقال لعدد من إخواننا، ولو استعرضت إخواننا الذين نجحوا في البرلمان لهذا العام لوجدت أن أعدادًا كبيرةً منهم ذاقت طعم السجون والفصل من الوظيفة، لذلك كان هذا سببًا لتعاطف الجماهير مع الإخوان، فالجماهير تتعاطف مع الإخوان لما يتعرض له الإخوان من تضييق من قِبل السلطة التنفيذية.
أما موضوع فلسطين والعراق فموقفنا معلوم، فالقضية الفلسطينية لا يمكن أن تتوقف ألسنتنا عن الكلام عنها والتحدث فيها حتى أصبح هناك شعارات كأنه يُقصد منها مواجهة شعاراتنا ومواجهة مواقفنا، يعني شعار "الأردن أولاً" كان ردًا على موقفنا من القضية الفلسطينية وموقفنا من القضية العراقية، فلذلك فموقفنا من القضية العراقية في تعبئة الشارع، فقد خرج إخواننا من الأردن بالمئات إلى العراق، وهذا نتيجة مواقفنا ودعمنا وفاعلياتنا، وحتى العراقيون كانوا يقولون لا يوجد أي حركة إسلامية تقف إلى جانبنا إلا الإخوان المسلمين، خاصةً الإخوان في الأردن، هذا الأمر لا أظنه يخفى على أحد، وأظن أن التاريخ سيبقى يذكر مواقفنا في هذا الجانب.

شعار "الأردن أولاً"

  • هل يتعارض شعار "الأردن أولاً" الذي رفعته السلطات الأردنية مؤخرًا مع الشعارات التي تطرحها الحركة في الاهتمام بقضايا الأمة؟
الحقيقة أن طرح الشعار من قِبَل السلطة جاء في ظروف معينة تمثلت في تصاعد الحملة الشرسة من العدو اليهودي على الشعب الفلسطيني والانتفاضة، وأيضًا وقوفنا أمام هذه الحملة الشرسة، وكذلك تصاعد الحملة على العراق التي كانت بدايات الاجتياح الأمريكي له، فرُفع هذا الشعار كأنه يريد للأردنيين أن ينكفئوا على أمورهم الخاصة بعيدًا عن قضايا أمتهم، نحن منذ البداية رفضنا هذا الشعار وقاومناه ونقدناه وطرحنا أيضًا شعاراتنا البديلة، ولعل شعارنا الذي طرحناه في الانتخابات النيابية (نعم وإلى الأبد: الإسلام هو الحل) هو شعار بديل عن كل هذه الشعارات.
  • ولكن أيضًا شعاراتكم لا تعني عدم انتماء الحركة للشعب الأردني وللوطن؟
نعم، ولا يعني اهتمامنا بالقضية الفلسطينية أو العراقية أنه على حساب اهتمامنا بالشعب الأردني، فالشعب الأردني كلنا في مجال الخدمة والدفاع عن همومه ومصالحه وقضاياه وحقوقه، لذلك لو أن أحدًا قُدر له الاطلاع على محاضر مجلس النواب سيجد أن اهتمامنا في جميع الشؤون الأردنية كان اهتمامًا كبيرًا، وأيضًا في موضوع البلديات وغير ذلك من النقابات كان دائمًا موضوع الدفاع عن حريات أبناء الأردن ومصالح أبناء الأردن جزءًا أساسيًا في برنامجنا السياسي.
  • بوصفكم أحد أهم علماء الحديث في الأردن، كيف ترى قرار الحكومة بضرورة إظهار المنتقبات لوجوههن في الإدلاء بأصواتهن في الانتخابات النيابية الأخيرة؟ هل المقصود منه مؤيدو الحركة أم له أبعاد أخرى تتمثل في أنه بداية للهجوم على السمت الإسلامي للمرأة المسلمة؟
أولاً: لقد سبقنا الحكومة وغيرها في بيان حُكم النقاب، وأنه ليس فرضًا وليس واجبًا، وإنما هو نوع من الأدب إذا أرادت المرأة أن تمكّن نفسها في جانب الأنوثة والحَيْطة وتبعد نفسها عن جانب الشبهات والصيانة، فالأصل في المرأة أن تبادر إلى صيانة نفسها وتأخذ في جوانب العزيمة ونوافل الستر وليس في واجبات الستر فقط، فكما قال- صلى الله عليه وسلم-: "صلاة المرأة في بيتها خير من صلاتها في المسجد وصلاتها في حجرة بيتها خير لها من صلاتها في بيتها وصلاتها في مهجعها (يعني في غرفة نومها) خير من صلاتها في حجرة بيتها".
لذلك فالقاعدة الشرعية
أن المرأة دائمًا تتوجه نحو المبالغة في التشدد، وهذه المبالغة منها ما هو فرض وما هو مندوب، فموضوع النقاب من باب المندوبات ومن باب التورعات وليس من باب الواجبات، لكن نحن لا نقبل أن تأتي الحكومة حتى في مجال هذه المندوبات والمرغوبات، فما دام الشرع يقبلها ويشجع عليها، فنحن لا نقبل أن تكون موضع مساومة بيننا وبين أحد من الناس، أو أن يشترط علينا أن نساءكم لا بد أن يخلعن النقاب وما إلى ذلك، لكن في الوقت نفسه عندما رأينا أن عدم كشف الوجه من أجل إثبات الشخصية أمام لجان الفرز ربما يؤثر على عدد أصواتنا ومناصرينا أصدرنا فتوانا.
وأنا نفسي قمْتُ بإصدار فتوى للأخوات ونُشرت في الصحف، وفي هذه الفتوى ذكرت أن الأمر متسع ويمكن للمرأة أن تكشف وجهها كما تفعل أمام القاضي أو عندما تريد أن تتصور لبطاقة هوية أو ما شابه ذلك، فإذًا تقوم مرونتنا على أننا لا نقبل المساس بالسنن وتحدي هذه السنن، لكن في الوقت نفسه عندما نرى أن هذه السنن ستؤثر على عملنا السياسي وعلى دورنا ننظر عندئذ في الموضوع ونقدم فرض الأمة وفرض خدمة الإسلام على هذه السنن التي إن تمسكنا بها فاتنا شيء من هذه الواجبات.

النقاب بين الأخوات

  • البعض يعتقد أن وجود النقاب بين الأخوات يُمثل نوعًا من العائق للدعوة؟
الحقيقة أن أخواتنا المنتقبات لعلهن أنشط الأخوات في العمل السياسي والعمل الاجتماعي، ولعلك إذا قمت بجولة إلى مراكز الاقتراع في الانتخابات النيابية الأخيرة ستجد أن الأخوات المنتقبات هن القائمات بالدعاية وبالعمل العام، فالحقيقة انتشار النقاب في الأردن ظاهرة طوعية وليس ظاهرة قسرية، والحقيقة أن بعض النساء يدخلن الإسلام وينتقلن مباشرة إلى النقاب دون أن يقول لهن أحد تنقبن أو عليكن كذا وكذا وهذا يدل على فطرة المرأة المسلمة التي تنسجم مع هذه الظاهرة، ونحن نحتاج لهذه الفطرة ولا يجوز لنا أن نُعارضها، لكن هناك بعض الإجراءات التي نرى من الضرورة أن يكون فيها كشف النقاب؛ قد نطلب من أخواتنا الممرضات من أجل الاتصال بمريضاتهن لإيجاد نوع من التواصل مع الجمهور الذي تتعامل معه، لكن بشكل عام ظاهرة النقاب عندنا تعتبر ظاهرة إسلامية وليست مرتبطة بالعادات؛ لأنه لم يكن من عاداتنا أصلاً وضع النقاب، ففي الستينات مثلاً لم تكن ظاهرة النقاب موجودة مطلقًا، حتى الحجاب نفسه لأنه لباس شرعي لم يكن منتشرًا في الأردن.
وشكل الحجاب الذي انتشر في الأردن هو الذي عمَّ العالم الإسلامي، وإذا رجعنا إلى جذور هذا الحجاب بالشكل الحالي نجد أن فكرته انطلقت من الأردن، بل أكاد أجزم بأن فكرته انطلقت من عدد محدود من إخواننا، ولعلنا كنا نستمع في الستينيات كيف يكون الحجاب شرعيًا ويكون أيضًا عصريًا حتى وصل إلى موضوع البالطو الذي يكون وافيًا وكاملاً، واعتبرنا أن هذا الحجاب إسلامي، والقضية ليست عادة وإنما هي في الأصل شريعة مقصودة ودين يقوم به الناس إجابةً وتلبيةً لدعوة الله.

حمائم وصقور!

الحقيقة أنه يمكن وصف جسم الحركة في الأردن مما يمتاز به عبر هذه السنين أنه لم يعرف الانشقاق داخل صف الجماعة، يعني في بعض البلاد حصل انشقاق داخل الحركة وحدث هناك شروخ كبيرة جدًا أدَّت إلى ظهور تيارين بل إلى وجود جماعتين في كثير من الأحيان جماعة هنا وجماعة هنا، هذه لها قيادة وهذه لها قيادة، هذا الأمر يحدث، ونحن في الأردن- أقولها واثقًا ومطمئنًا-: إن تربية الإخوان في الأردن لا تسمح لأي نوع من الانشقاق في صف الجماعة هذا من جهة، من جهة أخرى لا شك أنها حركة تعيش في ظروف سياسية معقدة ، تتعرض لمواجهات كثيرة واختيارات متنوعة واقتراب أو ابتعاد أحيانًا عن ثوابتها، لا شك أنه يكون لها اجتهاداتها وأن تظهر فيها بعض المدارج أو اجتهادات حركية مثل تغليب جانب العزائم على الرخص أو تغليب جانب الرخص على العزائم فهذا أمر معروف حتى في عهد الصحابة وليس أمرًا غريبًا فهو أمر صحي، فمثل هذا لا يُستنكر بل وجوده خير للجماعة، وهذا الخير أدَّى إلى المحافظة على جسم الجماعة والمحافظة على توازن الجماعة وعلى ثباتها، الحقيقة وجود بعض الكوادر ذات الرؤية الشرعية المتمكنة والمتمسكة بهذه الشريعة أمام وجود كوادر تلجأ إلى استخدام أو التوسع في باب الضرورة والتوسع في باب الرخص، ثم بعد ذلك حسم هذه الخيارات من خلال مجلس الشورى، ومن خلال فقه الجماعة الذي يُحافظ على وحدتها وتماسكها هذا كله ظاهرة صحية في الجماعة.
أما تسمية الصقور والحمائم فقد جاءت من خلال الأعداء، ونحن لم نخترعها وكنا نردها دائمًا ونؤكد رفضها، فليس فينا صقور ولا حمائم وإنما عندنا اختيارات شرعية وحركية، وهذه الاختيارات تأخذ مكانها من خلال مجلس الشورى في خيار واحد، يعني ينتهي دائمًا من خلال مجلس الشورى إلى خيار واحد ونأخذ بهذا الخيار ونتوكل على الله، أما فيما يتعلق بوجود بعض الذين يُحرمون الانتخابات النيابية، فالحقيقة جسم الجماعة العام وعلماء الجماعة يقفون ضد التحريم، فهل يهمنا إذا وجد ثلة من الشباب هنا أو هناك، وفي الغالب هؤلاء قليلو فقهٍ سمعوا كلامًا من خارج الصف تبنوه، ولكن نحن معهم في الحوار ونجلس إليهم ونحدثهم، وأكبر دليل على عدم وجود هذه الأفكار وفاعليتها في صفنا ظهور عدد من العلماء دخلوا مجلس النواب ونجحوا في مجلس النواب، بل هم الذين يعرف القاصي والداني أنهم قادة هذا التيار، فلذلك لا أتصور أن هذا التيار كما يظن الآخرون أنه مرشح لإيجاد شروخ في داخل الجماعة بل هو إن شاء الله كل تياراتنا فاعلة.
الأردن مصنع التيارات الإسلامية فحزب التحرير مثلاً والحركة السلفية والتبليغ والصوفية كلها موجودة على الساحة الأردنية.
ونحن نقسمها: قسم مُناكفٌ لنا وهؤلاء عاملناهم دائمًا بالحسنى لا نرد على خطابهم ولا نناقش طروحاتهم، فمثلاً إخواننا السلفيون ما سبق أن وقفنا لنناقشهم ونجادلهم فيما يعرضون، وإنما دائمًا نأمر إخواننا بالكفِّ عن الخوض معهم في جدال، ورأينا أنه فعلاً بعض هذه الحركات السلفية التي أنكرت علينا أمورًا مثل البيعة والعمل الجماعي والتنظيمي الآن بدأت بمثل هذه الأعمال ورجعت إلى فكرنا ومنهجنا في مثل هذه المسائل، وبالعكس فنحن نقول إن إخواننا السلفيين متخصصون في الحديث أو في السنة فنقول لإخواننا خذوا عنهم، ولا نقول إنه إذا جاء الحق من فلان فلا تأخذوه وارفضوه وادفعوه بحجة أن هذا القول قال به فلان، فنحن نأخذ بالحديث: "الكبر بطر الحق وغمط الناس" فنحن لا نبطر الحق ولا نغمط الناس.
لذلك أنا متخصص في الحديث والشيخ الألباني صاحب فضل في الحديث، ولا يضيرني ذلك، فنحن لا ننكر لكل ذي فضل فضله، وهذه الحقيقة هي الطريقة في التعامل مع الآخر، وغالبًا ما تنتهي الأمور بيننا وبينهم إلى لقاء، وكذلك فيما يتعلق بإخواننا مثلاً التبليغ، وكذلك إخواننا في حركات مثل حركة الصوفية، لذلك الإخوان في الأردن لن يدخلوا في متاهات مع هذه الحركات بالرغم من أنها وليدة وبدأت كثير منها في الساحة الأردنية.
لا شكَ أن قوة الإخوان من خلال الساحة نحن نقدرها بطريقة وأعداؤنا يقدرونها بطريقة، أما المعارض لنا فيقدرها بأضعاف أضعاف ما نقدره نحن أو ما هي عليه وهذا ليس من الصواب.
  • بالنسبة لحزب الوسط في الأردن هل هو متأثر بحزب الوسط في مصر؟
لا، أتصور أن بواعث حزب الوسط في مصر تختلف عن بواعث حزب الوسط في الأردن، حزب الوسط في مصر كان تحت وطأة عدم وجود ظهور علني للإخوان المسلمين وعدم وجود حزب يمثل الإخوان المسلمين، لذلك كان هناك من الإخوة من يريد الاستفادة من قانون الأحزاب في وجود ظهور علني للإخوان من خلال حزب الوسط، لذلك أنا أرى أن هذا الدافع دافع بريء، بينما في الأردن أولاً حزب جبهة العمل الإسلامي كان حزبًا قائمًا وحزبًا فاعلاً وحزبًا جماهيريًا واسعًا وهو أكبر الأحزاب الأردنية فلم يأتِ حزب الوسط من خلال عدم وجود حزب بل هناك حزب كبير، أيضًا كان هنالك أسباب شخصية لظهور هذا الحزب وليست أسباب مبدئية، يعني بعض الإخوة الذين لم يرُق لهم مقاطعتنا لانتخابات 97 وأخذ علينا ذلك وتصرفوا مخالفين لقرارات الجماعة هؤلاء وقعت عليهم عقوبات أكثرها بالفصل، وهذا جعلهم يبحثون عن نافذة جديدة ووسيلة، جديدة فبعض الذين يرغبون في عمل حزبي قليل التوتر بعيد عن المواجهة لا يتحمل التبعات السياسية لمعارضة الإخوان ومعارضة حزبها الإسلامي بحثوا عن صيغة جديدة أقرب إلى التعامل مع الحكم والنظام والحكومة أبعد عن المغارم والمواجهات في سبيل هذه القضايا التي يحملونها، فتجمع هؤلاء وهؤلاء حقيقة في مثل هذا الحزب المسمى حزب الوسط الإسلامي، وقد قدموا مرشحين لهم في الانتخابات الحالية ولم يفز أي مرشح لهم.

قضية المفصولين

  • الحركة الإسلامية في الأردن ربما لرسوخها وتاريخها تطبق قواعدها بحرفية، ويمكن أن يأتي قرارها بالتسرع بفصل كوادرها فقد تكون إهانة لهم مثل "أبو زنط" و"العكايلة" 97 مثلاً، يتم فصل رموز كان لها دورها في الحركة، فكيف تفسر هذا؟ وهل تسير بالعكس ضدهم أم نحن لا نرى الجانب الآخر في القضية؟ السؤال بالنسبة للمفصول هل استنفدت الجماعة كل الوسائل معهم أم جاء هذا القرار متسرعًا؟
في الحقيقة إن قراراتنا أحيانًا تأخذ طابع المرونة ومد الحبل أكثر ونصبر على الأخ في القضايا العادية، فقد يأخذ قرار فصل أخ خالف شعبته سنة أو سنتين، فالآن عندنا قضايا تتعلق ببعض الإخوة ومضى عليها أكثر من ستة أشهر ولم تحسم القضايا فيها حتى الآن، لكن الحقيقة عندما نأتي إلى قضايا ذات طبيعة سياسية حاسمة لا تحتمل التأخير؛ لأن القضية السياسية أحيانًا ربما لو تركت لتفاقمت، ومن هنا يأتي الانشقاق وتقليد بعض الناس لهذا المخالف إذا وجد أن مخالفته مرت في الحالات الحاسمة، فنحن مثل الجندي في المعركة (نفِّذ ثم ناقش) فلذلك هذه قضايا حاسمة لا بد من أن تأخذ حلاً سريعًا لكي لا يتفاقم أثرها، ومن هنا أخذت هذه القضايا مثل هذه الطبيعة، وأيضًا أخذ الإخوة حقهم في التقاضي وطلب منهم الحضور للمحكمة أكثر من مرة وطُلب أخذ توقيعهم على التبليغ، وأيضًا أرسلت إليهم قرارات بأنه لا يجوز أن ترشح نفسك وإذا رشحت نفسك سوف تتعرض لكذا وكذا، وبُلغوا بهذا شخصيًا، ثم بعد ذلك طُلبوا للمحكمة ثم أعطوا فرصة للاستئناف ثم بُلغ أنه أمامك فرصة للاستئناف خلال سبعة أيام ولم يستأنف، وعقدت المحكمة مرة أخرى وقررت أنه لم يأتِ للاستئناف وبالتالي يصبح هذا القرار قطعيًا.
  • هؤلاء المفصولون يبقي الإخوان بينهم وبينهم علاقات مودة أم تنقطع نهائيًا؟
نعم العلاقات الأخوية تستمر وليست مرتبطة بانقطاع العلاقات التنظيمية، ونحن نتعامل معهم، فهم ينتقلون من العمل داخل التنظيم إلى العمل خارجه وسيكون لنا بهم صلة مثل كتلة نيابية أوسع من الجبهة وأوسع من الإخوان.

دعم المقاومة الفلسطينية

  • كيف تدعم الحركة عمليًا المقاومة الفلسطينية؟
لا شك أن التواصل بيننا وبين إخواننا في داخل فلسطين أشد أنواع التواصل بين إخوان فلسطين وأي تنظيم آخر، وهذا التواصل خاصةً في بدايات الانتفاضة وقبل فكِّ الارتباط كانت العلاقة واسعة جدًا، وهذه العلاقة مكنت لإخواننا في داخل فلسطين الكثير من الخبرات والإمكانات التي استفادوها من خلال علاقتهم بالأردن، وأيضًا ستبقى الأردن هي البوابة المباشرة لفلسطين، وهذه البوابة المباشرة لفلسطين إعلاميًا وسياسيًا وماديًا سيبقى لها دورها الكبير جدًا في الساحة الفلسطينية، يعني دورنا نحن أهم من أي ساحة أخرى من الساحات، فالتواصل بيننا وبين إخواننا شبه يومي إلى جانب أن كوادر حركة حماس قبل خروجها من الأردن خلال فترتها الطويلة كان لها حضورها وتأثيرها وممارساتها القيادية من خلال الأردن، وهذا أيضًا جعل العلاقة بيننا وبين إخواننا على الساحة الفلسطينية علاقة متميزة، وأيضًا نحن نتأثر بأي فعل على الساحة الفلسطينية، ونجد أن جبهة العمل الإسلامي وجماعة الإخوان المسلمين لو نظرت في معظم نشاطها السياسي والإعلامي لوجدت أن هذا النشاط موجه للقضية الفلسطينية.. مهرجاناتنا وإعلامياتنا موجهة للقضية الفلسطينية في كثير من الأحيان، لذلك أتصور أننا نشكل واقعًا مهمًا جدًا لإخواننا على الساحة الفلسطينية.

السيرة الذاتية

من هو الدكتور "همام سعيد"؟!

- وُلد في كفر راعي- فلسطين عام 1944م.

- التحق بالجماعة عام 1956 – الزرقاء.

- شغل المواقع التالية في الجماعة:

  • نائب شعبة
  • عضو المكتب التنفيذي

- دكتوراه في الحديث الشريف وعلومه- جامعة الأزهر 1977م.

- دبلوم التربية - الجامعة الأردنية 1971م.

- دراسات في مقارنة الأديان – جامعة تمبل - فيلادلفيا - الولايات المتحدة الأمريكية.

- عمل في حقل التدريس الثانوي 1966-1970م.

- أستاذ مشارك في كلية الشريعة – الجامعة الأردنية.

- رئيس قسم أصول الدين - كلية الشريعة - الجامعة الأردنية.

- عضو مجلس النواب الأردني وعضو في عدة لجان برلمانية 1997م.

- المستشار الشرعي في المستشفى الإسلامي.

- له عدة مؤلفات في العلوم الإسلامية.

- شارك في وضع مؤلفات عدة في علوم الحديث والكتب المنهجية للتربية الإسلامية.

- متزوج وله خمسة أبناء وأربع بنات.

المصدر