حكايات الزعفراني

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
مراجعة ١٤:٢٩، ٩ ديسمبر ٢٠١٧ بواسطة Man89 (نقاش | مساهمات) (حمى "حكايات الزعفراني" ([edit=sysop] (غير محدد) [move=sysop] (غير محدد)))
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
حكايات الزعفراني


إعداد وتقديم: أمجد ربيع ابو العلا

الحلقة الأولي

بسم الله الرحمن الرحيم

فى الحادي عشر من شهر مايو الماضى ذهبت مع كثير من الناس لنصرة القضاة فى دار القضاة العالى ولكننا لم نستطع ان نصل اليه من الجحافل الامنيه الكثيفة وظل يصرفنا ويبعدنا الأمن حتى وصلنا الى مسجد الفتح امام محطة مصر وكدنا ان نرجع لولا ان احد من الشباب قال د.ابراهيم فى المسجد وذهبنا الى المسجد واذ بى اجد رجلا شامخا يقف فى ساحة المسجد وحده ولا يبالى بقوات الأمن فذهبنا اليه وعرفت أنه د.إبراهيم الزعفراني فقلت له خلاص هنمشى فقال لا قل للناس يدخلوا المسجد

وكان الناس مترددين فيما يفعلوه وعندما وصل العدد الى حوالى خمسة عشر رجلا فقال د.ابراهيم واحد يهتف فسكتنا وكيف نهتف بهذا العدد القليل امام كل هذه القوة من الامن ثم رددها وقال واحد يهتف وقام احدنا يهتف ثم قال اذهبوا ولا تدعوا الباب يغلق وامام قوته وصلابته واصراره انفجرت الحماسه فى الشباب الموجود وظل الناس يتزايدون واحتقن الموقف واصبحنا محاصرين وظللنا على ذلك اربع ساعات وهو لا يريد ان يخرج قبل ان يظهر حكم مجلس التأديب للقضاة وبعد تأجيل الجلسه رفض ان نخرج قبل ان نصلى و بعد الصلاة ظل يضحك معنا

ويقول لنا ان مساله القبض علينا انما مسألة ثانويه المهم اننا أدينا ما جئنا من أجله وانتهت هذه السويعات القليلة بالقبض علينا جميعا ولعل فى حلقة اخرى نذكر بعض ماحدث لنا اثناء هذه الرحلة ولكن اهم ما ميز هذه الرحله هو وجود د.ابراهيم معنا فاستطاع ان يجمعنا معه وعليه بطريقة جعلته يعلق فى اذهاننا وقلوبنا ومع معاشرته أحسسنا بأن تجربته فى الحياة جديرة بأن تقرأ وتدرس وتطرح للناس وخاصة ابناء الحركة الاسلاميه

و ها نحن نقوم معه بحوار حول مسيرة حياته واراءه حول المشاكل والمسائل فى الحركة الاسلاميه وسوف يكون ذلك على عدة حلقات وقد اتبعت فى سرد الحلقات على أسلوب أظنه اسلبا مشوقا وهو عدم سردها طبقا للتاريخ ولكنها أحداث متصلة المعنى متفرقة الزمن كما انه سوف نورد فى كل حلقة بعض شهادات من أصدقائه أو تلاميذه أو بعض الطرائف اللطيفة من طرائف د.إبراهيم كما انه يسعدنا استقبال تعليقاتكم واسئلتكم ليجيب عليها د.ابراهيم وذلك على الايميل

د.إبراهيم إذا أردنا أن تكتب سيرتك الشخصية فلمن تهدها

إهداء

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم

أما بعد

  • إلى كل من أحببتهم في الله ممن أكبرهم سنا.
  • والى كل من يريد أن يلم بتجارب من سبقه ليتعلم من أخطائهم فيجتنبها ولا يكررها ويعرف صوابهم فيبنى عليه ويزيد منها.
  • إلى كل من يريد أن يبدأ من حيث انتهى الآخرون
  • س: وماذا تقول في مقدمتك لهذا الحوار وكتابة ذكرياتك

مقدمة

  • لقد ترددت كثيرا في كتابة ذكرياتي حين طلب منى من لا استطيع رد طلبهم من ابنائى الأعزاء وكان من أسباب ترددي
  • إن مكاني وسط إفراد جيلي الذين عاشرتهم متواضع جدا
  • اننى سوف اسرد بإذن الله أحداث التاريخ من وجه نظري . التي قد تقترب وقد تبتعد عن وجه نظر من عايشوا نفس الأحداث
  • إن ذاكرتي ستكون أقوى في الأحداث التي كنت فيها محسناً أكثر من تلك التي كنت فيها مخطأ
  • عدم قدرتي على تقدير الفائدة التي سوف تضيفها هذه الذكريات للأجيال التي سوف تأتي بعدى
اسمي إبراهيم خليل عمر الزعفراني
من مواليد العاشر من يناير عام 1952 م
ولدت فى قرية السالمية مركز فوه محافظة كفر الشيخ فى أسرة متدينة تنتمي إلى الطبقة الوسطى فى المجتمع.
تفتحت عيناي على كتاب ومسجد القرية وتفتح عقلي وقلبي على أحداث السيرة النبوية التي كان يحفظها أبى عن ظهر قلب وكنا نحفظها انا واخوتى لكثرة سماعها، انتقلت مع اسرتى للإقامة بالإسكندرية وانا فى السابعة عشر من عمري حيث حصلت على الثانوية العامة من مدرسة العروى الوثقى الثانوية بمنطقة الشاطبى.
والتحقت بكلية الطب جامعة الإسكندرية عام 1970م وكانت أول محاضرات الكلية تأبين وفاة الرئيس جمال عبد الناصر وتخرجت منها عام 1976 م وذلك بعد ثلاثة أعوام من استشهاد اخى الأكبر حمزة فى حرب أكتوبر عام 1973 م ضد الصهاينة وكان ضابطا مهندسا فى سلاح المهندسين .
ثم حصلت على دبلومة الأمراض الجلدية والتناسلية من ذات الكلية
كما حصلت على ليسانس الشريعة الإسلامية جامعة الأزهر الشريف
وكذلك ليسانس الحقوق جامعة الإسكندرية .
  • س:وبالنسبة للعمل السياسي
شاركت فى تأسيس العمل الاسلامى فى الجامعة فى السبعينيات مع العديد من اخوانى وكنت أمينا للجماعة الإسلامية كلية الطب وانا في الدفعة الثانية في الكلية أمين اللجنة الثقافية والسياسية على مستوى الكلية وكذلك على مستوى جامعة الإسكندرية وذلك عام 1975، 1976 م وبعد دخولي معترك العمل الوظيفي تقدمت للترشيح لمنصب عضو مجلس نقابة أطباء مصر التي امتدت من 1986 وحتى 1990 أمينا عاما لنقابة أطباء الإسكندرية من 1990 وحتى كتابة هذه السطور .
ترشحت لانتخابات مجلس الشعب مرتين ممثلا لجماعة الإخوان المسلمين في عام 1984م على قائمة الوفد الجديد وفى عام 1987م مستقل ضمن التحالف الاسلامى بين الإخوان وحزب العمل الاشتراكي وحزب الأحرار وتم تزوير الانتخابات ضدي في كليهما
  • س:السجن في حياة د.إبراهيم
سجنت عدة مرات كان أولها ضمن قائمة التحفظ على يد الرئيس الراحل أنور السادات فى شهر سبتمبر 1981 م لمدة عام كامل ثم فى محاكمة عسكرية 1995 إلى 1998 م ثم فى عام 1999 ثم فى عام 2000 على اثر ترشح زوجتي السيدة جيهان الحلفاوي لعضوية مجلس الشعب ثم سجنت مرة أخرى عام 2003 بعد سقوط بغداد على اثر فعاليات ضد الاحتلال الامريكى للعراق ثم فى شهر مايو 2006 على اثر المظاهرات المؤيدة لنادي القضاة والمنددة بتقديم كل من المستشارين محمود مكي وهشام البسطويسى للمحاكمة التأديبية
  • س:للدعابة مع د.إبراهيم نكهة خاصة فهلا نختم هذه الحلقة بطرفة بسيط من طرائفك
كنت فى السنة النهائية كلية الطب وطلب منى احد اخوانى مهندس (خ- د) أن نجرى له عملية جراحية بالكلية دون حضور ممرضات ووافق استاذى الجراح أ. د . مصطفى وقمت انا بدور مناولة الأجهزة وخرجت به من غرفة العمليات على (الترلى) سرير بعجلات لإدخاله عنبر المرضى فاعترضتنى رئيسة التمريض ورفضت دخوله العنبر إلا ومعه تذكرته التي كنت قد نسيتها في حجرة العمليات حاولت إقناعها بان ادخله العنبر أولا ثم اذهب لإحضار التذكرة لكنها رفضت دخوله إلا مع التذكرة .
فغضبت ودفعت السرير إلى داخل العنبر فاغطازت وجاءت لتمسك بيد السرير فخفت أن تلمس يدها يدي فتركت المقبض لتمسك به وتخرج السرير إلى الخارج فعاودت إدخال السرير إلى العنبر وهى تكرر إخراجه معتمدة على أنى اتحاشا أن تتلامس أيدينا لأنه حرام فكرت بضربها بيدي ولكن خفت أن تلمس يدي جسدها وهذا حرام فأمسكت بشئ كان بيدي لأضربها بها فأسرعت امامى وانا خلفها وكانت حاملا فدخلت على رئيس القسم وانا وراءها فلما استنكر رئيس قسم الجراحة هذا العمل منى تبادلت معه الشجار ...
وفى الحال طلبنى عميد الكلية أ.د . جمال هنو إلى مكتبه ليسئلنى عن الدوافع وراء ما فعلت وهو يعرف عنى أنى طالب مجتهد ومهذب الأخلاق فلما علم أن سبب ذلك هو خشيتي أن تلمس يدي يد رئيسة التمريض صاح فى عتاب (الله اكبر يا إبراهيم على التقوى) أن تمس يدك يدها هذا حرام ! لكن أن تضربها فهذا ليس حراما !
أن تمس يدك يدها هذا حرام ! لكن أن تجرى ورائها وتروعها وهى حامل هذا ليس حرام ! أن تلمس يدها هذا حرام ! أما أن تتشاجر مع أستاذ فهذا ليس حراما انا على يقين انك تتقى الله ولكن ما أريد أن تعرفه يا إبراهيم يا ابني إن تقوى الله تكون في كل شئ وليس فى شئ واحد

بسم الله الرحمن الرحيم

الحلقة الثانية: الزعفرانى فى عيون اخوانه

الشيخ وجدي غنيم من اعز اصدقاء د.ابراهيم سألناه ان يوجه كلمة عن د.ابراهيم فقال لنا

بسم الله الرحمن الرحيم

الأخ الحبيب العزيز اخي إبراهيم الزعفراني أبو إسماعيل من اعز اعز الناس بالنسبة لى لأن معرفته ترجع الى السبعينات بل من أوائل السبعينات وانا احسبه على خير كثير فالدكتور ابراهيم من المجاهدين فى سبيل الله تبارك وتعالى ومن الذين كان لهم أثار وبصمات واضحة على مسار الدعوة الاسلاميه وعلى مسار الجماعة الإسلامية داخل الجامعة وخارج الجامعة

و فى المساجد ومع الإخوان ومع كل الناس ونحسبه على خير كثير كثير كثير ونحسبه من المخلصين كذلك انا كان لى حبسه معه فى عام 1981 اتحبسنا مع بعض لمدة عام كنا في طره ثم ذهبنا الى أبى زعبل ومن طرة لأبى زعبل يا قلبي لا تحزن وبالمناسبة د.إبراهيم صاحب نكتة وصاحب ضحكة جميلة وربنا سبحانه وتعالى يبارك فى عمره ويبارك فى صحته ويسعد أيامه ويبارك فى زوجته وفى اولاده ويتقبل عمله الهم امين.

  • س:د.ابراهيم هل لك من كلمة بعد الحلقة الاولى
نعم نقطتين
  • الاولى وهى ارجوا ممن عاصروا ما أروي من ذكريات أن يصوبوني إن خانتني ذاكرتى و أن يستكملوا ما قصرت ذاكرتي عن ذكره.
  • واما الثانية فهى آمل أن تدفع هذه الذكريات من عاشوا هذه الأحداث أن يقوموا بتسجيليها زيادة في الفائدة للأجيال التي لم تعيشها.

الظروف التى كانت تعيشها مصر عندما بدات الصحوة الاسلامية

  • س: وعدتنا فى الحلقة السابقة ان تحدثنا عن الظروف التى كانت تعيشها مصر عندما بدات الصحوة الاسلامية
كان لهزيمة مصر فيما سمى نكسة سنة 1967 امام الجيش الصهيونى اكبر الاثر فى ظهور حقيقه الفساد الذى كان متفشيا فى البلاد وكذلك ساهمت هذه النكسة فى عودة الوعى واستفاق المصريون على وقع هذه الصدمة المريره المؤلمه . ولم يجدوا ساعتها قاربا للنجاة فى هذا البحر الهائج المظلم الا الهوية الاسلامية والعودة الى الله وترك الشعارات الجوفاء. ولاول مرة يقوم الطلاب بمظاهرات فى الجامعات خاصة جامعة الإسكندرية عام 1968 ضد عبد الناصر ورموز النظام وقتها .
وبدا النظام يصفى حساباته من داخله وبدأت الصحوة الإسلامية تعود وتسارعت الأيام ومات عبد الناصر سبتمبر عام 1970 وتولى الرئيس أنور السادات الحكم متجها بالبلاد ناحية الغرب بعد ان كان عبد الناصر قد وجهها قبل المشرق . وبدا الصراع بين السادات ومراكز القوى الناصرية واستطاع السادات ان يتخلص من مراكز القوى ويسمح بهامش من الحرية واخرج الإخوان المسلمون من السجون فى اوائل السبعينيات ورفع يد الجهات الامنية والقمعية ان تبطش بالإسلاميين أو غيرهم وأعلن عن سياسته للانفتاح الاقتصادي .
وانتصر الجيش المصري ومعه الجيوش العربية وعبر القناة وحطم خط برليف الحصين فى معركة العاشر من رمضان 1393ه السادس من أكتوبر عام 1973 تحت شعار (الله اكبر) ثم جاءت الثغرة ومحاصرة الجيش الثالث ووصول الجيش الصهيوني إلى الكيلو 101 من مدينة القاهرة حيث تدخلت أمريكا بثقلها.

وماذا عن الصعيد السياسى

على الصعيد السياسى انتقل السادات من الحزب الاشتراكى الى نظام المنابر ثم الاحزاب ثم كانت صاعقه زيارة السادات للقدس وما تلاها من مباحثات مصرية اسرائيلية انتهت بمعاهدة كامب ديفيد برعاية امريكية عام 1977 وقاطعت الدول العربية مصر مقاطعة جماعية وقام السادات باعتقالات سبتمبر 1981 وما اعقبها من مقتله فى الذكرى الثامنة لحرب أكتوبر يوم السادس من أكتوبر اثناء العرض العسكرى على يد الملازم أول خالد الإسلامبولي ورفاقه . ثم اعتقالات شملت الالاف وتولى الرئيس حسني مبارك رئاسة مصر حيث كان يشتغل منصب نائب رئيس الجمهورية

بين التضييق الناصري و الإنفتاح الساداتي

  • س:اظن ان السادات كان عاملا اساسيا فى انتعاش الحركة الاسلامية؟
لقد بدات بالعمل العام فى سن مبكرة من اوائل السبعنيات وكان ذلك من منطلق اسلامى خالص وكانت الساحة خالية من العمل الاسلامى فقد غاب خلالها الإخوان المسلمون فى سجون عبد الناصر وخفتت اصوات الدعوات الدينية فى مقابل انتشار وارتفاع اصوات القوميين والناصريين بل واليساريين التى كانت تملأ الساحة وكذلك المنظمات الاشتراكية والاتحاد الاشتراكى والتنظيم الطليعى وكلها تابعة وداعمة للنظام الناصرى الحاكم .
ولما مات عبد الناصر سبتمبر عام 1970 وجاء الرئيس السادات تغيرت الامور بدا السادات فى الافراج عن الإخوان خلال سنوات قليلة من بداية حكمه 1974، 1976 م كما قام السادات بالسماح للجمعيات الاسلامية والجمعية الشرعية وجمعية انصار السنة بالعمل الاسلامى داخل الجامعة .
كذلك جماعات الدعوة والتبليغ فانتعشت الحركة الاسلامية فى صفوف الجامعات المصرية حتى وصلت الى ان فازوا بانتخابات اتحادات الطلاب على مستوى الكليات والجامعات وعلى مستوى اتحاد طلاب جمهورية مصر العربية وعلى الخط الموازى نشات عدة جماعات اسلامية تكفيرية تكفر الحكم وجمهور المسلمين وتستحل مالهم وعرضهم وظهر المصطلح السلفى ليواجه هذه الحالة التكفيرية التى كانت تنتشر بسرعة وسط الشباب المتحمس وكذلك تبنت جماعات اخرى فكرة الجهاد وتغيير المنكر بالقوة .
ووسط هذا الفكر المتصارع والجماعات المتعددة كانت الجماعة الإسلامية بالجامعات تقترب بفهمها وحركتها من افراد الإخوان المسلمين الذين خرجوا من السجن ليمثلوا اباء واصدقاء ومحتضنين لهذا الفكر الشبابى الجامعى المتنامي والنشط والفاعل الحقيقى على الساحة المصرية وتلاقت الرغبة بين قادة الجماعة الإسلامية فى عدد كبير من جامعات مصر مع رغبة الاباء من الإخوان على العمل معا لاحياء الجماعة الام وتفعيلها واعادة بناء هياكلها وتنظيم صفوفها وتوسيع جغرافيتها
  • س:هل اشتركت في اى جماعة اخرى قبل التحاقك بالإخوان
فلقد اشتركت مع جماعة الدعوة والتبليغ وانا لا ازل طالبا بالثانوية وكان شيخنا فى الإسكندرية هو الاستاذ ابراهيم حسين وكان مديرا بمديرية الشئون الاجتماعية وكان رجلا متعبدا خلوقا هادئ ودودا وكنت من ابرز تلاميذه وحفظت من كلماته التى قالها لى فى احدى الليالى التى كنا نقيم ليلها بمسجد عمر بن الخطاب وانا اساله عن مكانة جماعة الدعوة والتبليغ وسط باقى الجماعات
فرد قائلا :
" يا ابراهيم يا ابنى جماعة الدعوة والتبليغ تمثل مدرسة المرحلة الابتدائية – والجمعية الشرعية يمثلون المرحلة الاعدادية – وانصار السنة يمثلون مدرسة المرحلة الثانوية اما الإخوان المسلمون فيمثلون مدرسة المرحلة الجامعية للطلاب "
فالدعوة والتبليغ يدعون الناس لدخول المسجد والجمعية الشرعية يعلمونهم سنن ومظاهر الاسلام وانصار السنة يعلمون المسلمين مسائل العقيدة والإخوان المسلمون يعلمونهم الحركة والعمل الجماعى فى ميادين متعددة ومتنوعة ثم تفاعلت مع الجمعية الشرعية فى مظهرهم والتمسك بالسنة خاصة الظاهرة منها
ولكنى لم اكن اميل الى انصار السنة لاحساسى بجفافهم العاطفى وجرائتهم على الفتوى وتكفير بعض المسلمين بسبب اخطاء بعض الدعاة او لعلاقتهم بالاضرحة أو الاولياء وكلا الجماعتين الجمعية الشرعية وانصار السنة جمعيات رسمية مسجلة فى وزارة الشئون الاجتماعية . اما جماعة الدعوة والتبليغ فهى جماعه نشات في باكستان ثم انتقلت الى الدول العربيه – ومثلت هذه الجماعات الثلاث العمل الدعوى المحدود فى نطاقه الدينى والبعيد كل البعد عن الجانب السياسى
  • س:وماذا عن الجماعات الاخرى على الساحة؟
تواجدت على الساحة فى هذه الفترة جماعات التكفير وكان اكبرها جماعة التكفير والهجرة (كما اطلقت عليها ذلك وسائل الاعلام والاجهزة الامنية) والتى كانت تسمى نفسها جماعة المسلمين وكان يراسها شكرى مصطفى وكانت تقوم على عدة معانى
ان لا اله الا الله محمد رسول الله ليست كافية وحدها للحكم باسلام الاشخاص .
ان الناس متوقف فيهم فلا هم مسلمون ولا كافرون حتى يثبت التزامهم باحكام الشريعة كاملة وينضموا الى جماعتهم .
ان علامات الساعة اقتربت وانهم سيقاتلون اليهود داخل الجزيرة العربية وقد انتشرت افكارها بسرعة هائلة .
ولكنها سرعان ما تحطمت واعدم زعمائها بعد قيامهم باختطاف وقتل احد علماء المسلمين المعروفين ووزير اوقاف سابق وهو الشيخ الذهبى رحمه الله . وقامت الجماعات الاسلامية بالجامعة التى كانت وقفت فى وجه هذا المد التكفيرى باعادة انتاج عقائد اهل السنة والجماعة ورفعت راية السلفية فى مواجهة الحملة التكفيرية
وكانت الجماعات الاسلامية بالجامعات المصرية خليط من حيث الفكر بين الفكر السلفى والفكر الجهادى وفكر الاستاذ سيد قطب كما كانت من حيث الممارسة يتراوح ادائها بين العمل الدعوى السلمى والمواجهه بالعنف مع الخصوم من الاتجاهات المناؤة وبعد خروج الاباء الإخوان من سجونهم فى اوائل السبعينات .
تميزت الجماعات الاسلامية فى جامعات مصر الى ثلاث مجموعات
  • س:ماهى تلك المجموعات الثلاثة؟
المجموعة الاولى: جماعات تلاقت مع الاباء الإخوان الذى خرجوا لتوهم من السجون وتعاهدوا على اعادة بناء الجماعة وتنشيط حركتها وتوسيع قاعدتها .
ومن هؤلاء جامعات الإسكندرية والقاهرة والمنيا وعين شمس والمنصورة وابرز شخصيات هذه المجموعة : عبد المنعم أبو الفتوحسناء أبو زيدمحمد عبد اللطيفعصام العريانحامد الدفراويخالد داودإبراهيم الزعفرانيأبو العلا ماضي – محى عيسى وحلمي الجزار
المجموعة الثانية: اتخذت نهج العنف والقوة فى سلوكها العملى (فى جامعات أسيوط).
والتى عرفت فيما بعد (الجماعة الإسلامية الجهادية) ابرز شخصيات هذه المجموعة كرم زهدى – ناجح ابراهيم وجماعة الفنية العسكرية (بقيادة صالح سرية)
المجموعة الثالثة: فضلت ان تسمى بالمدرسة السلفية وان تبتعد عن عامل السياسة وتهتم بالاطلاع وتدريس الكتب السلفية وتبنى مدرسة الراى الواحد ومن ابرز شخصياتها ممن اتذكرهم محمد اسماعيل – محمد عبد الفتاح – سعيد عبد العظيم - احمد فريد- محمد الدبيسي - اسامة عبد العظيم
لقد قامت الرغبة بين قادة المجموعة الاولى وجيل الاباء من الإخوان المسلمين على الالتحام واعادة البناء لما لهؤلاء الاباء من حكمة وخبرة ولما يتمتع به الشباب من نشاط وحيوية والتفاف زملاؤهم حولهم وثقتهم فيهم . وكان هذا هو المولد الثانى لجماعة الإخوان المسلمون .

بداية جماعة التكفير ومقتل الشيخ الذهبى

  • س: سمعت منك قبل ذلك ان لك معرفة ببداية وقصة جماعة التكفير ؟
كانت تسمى نفسها جماعة المسلمين وكان الامن يطلق عليها جماعة التكفير والهجرة حكى لى فضيلة الشيخ على اسماعيل (وهو شيخ ازهرى سجن مع الإخوان المسلمون فى الستينيات وهو اخ شقيق للشيخ عبد الفتاح إسماعيل احد قادة الإخوان الذين اعدمهم عبد الناصر) بداية قيام هذه الجماعة فى السجن فى الستينات .
قال
"خرجت ذات مرة اصلى فى السجن فرايت بعض الإخوان يصلون وحدهم دون الجماعة فثارت ثائرتى لذلك وجاء بعدها فى زنزانتى كلا الطرفين لشرح الموقف واكتشفت ان الفريق الاعظم من الإخوان المسلمون لا يقولون بكفر الحاكم والنظام ويعدون عامة الناس مسلمون فى حين ان قلة منهم بسبب ما وقعوا فيه من تعذيب وتهكم المعذبين لهم من الاسلام هؤلاء يقولون ان الحاكم كافر وان اعوانه كفرة وان الناس برضاهم وسكوتهم عن الحاكم هم كفرة ايضا (وهذا الفريق الأخير منهم من رجع عن آرائه والذين رفضوا الرجوع تم فصلهم من الإخوان فيما بعد) .
  • س: وماذا كان موقف الشيخ على؟
يقول الشيخ على اسماعيل فوقفت فى حيرة من الرأيين ثم ما لبثت ان خرجت براى ثالث اعتقدت انه وسطا بين الرايين وهو ان من يدعى انه مسلم فلا نحكم عليه بالاسلام ولا بالكفر ولكن تتوقف فيه حتى نتبين اسلامه من كفره ونشا مذهب (التوقف والتبيين) ويستطرد قائلا لقد حاروت كلا الفريقين فى السجن وكنت مؤهلا بوصفى شيخ ازهرى فى كثير من المناظرات وتتلمذ على يدى كل من شكرى مصطفى - عبد الله السماوى وكانا شابين فى العشرينات وكان شكرى يسجل كل مناظراتى مع الخصوم ويرتبها ويستعملها فى مناظراته
وذات يوم جلست مع نفسى اراجع نظرية (التوقف والتبيين) وجدت ان على ان انشئ فقها جديدا لم يقل به احد وهو فقه المتوقف فيه فمثلا (زوجه المتوقف فيه يجوز لها معاشرة زوجها) هل اذا مات المتوقف فيه قبل تبين اسلامه يرثه اولاده ام لا يرثونه هل يدفن فى مدافن المسلمين ام ننشا مدافن تسمى مدافن المتوقف فيهم
وغيرها من المسائل الفقهيه التى تستلزم ان اخرج على الامة الاسلامية بفقه جديد خارج عن كل فقه عرفه اهل السنة والجماعة ، فاحسست انى استدرج بهذه النظرية الى ضلالة كبرى وفتنة عظمى بين المسلمين ، وفى اليوم التالى جمعت الإخوان فى السجن ووقفت وسطهم اعلن تبرئى من نظرية (التوقف والتبيين) .
وما ان فعلت ذلك حتى صاح كل من شكرى مصطفى ومحمد السماوى بانهما سيظلان متمسكين بهذه النظرية رغم رجوعى واتهمانى بالجبن وبعد خروجهما من السجن ظلا يدعوان الى هذا الفكر مستخدمين ما سجلوه من مناظرتى انتهى حديث الشيخ على اسماعيل رحمه الله . ولقد خرج شكرى مصطفى فى اوائل السبعينيات فى بداية حكم الرئيس السادات وجعل يقيم جماعة على هذه النظرية .
  • س:وهل هى نظرية تكفير حقا؟
هى نظرية تكفيرة فى الاساس لانه المتوقف فيه هو بمثابة الكافر عندهم وان كانوا لا يطلقون عليه كافر .وكبرت هذه الجماعة وكان كل من ينضم اليها يترك اسرته ومدرسته او جامعته ويعمل فى الدعوة الى هذا الفكر ، وقامت مجموعة فيهم بالسفر الى الدول العربية للعمل هناك لتوفير الدعم المالى للجماعة ، ويقوم شكرى مصطفى بنفسه بتزويج الرجال والنساء المنضمين للجماعة
وبعضهم هربت من زوجها دون خلاف وكانت المعيشة بين افرادها جماعية فى الماكل والمشرب وحتى فى السكن ، كانت الشقة الواحدة تؤجر لعدد من الاسر او الشباب ليتزوجوا فيها ويقيموا فيها وبدا شكرى مصطفى يكون مجلس شورى من عدد لا يزيد عن العشرة لادارة الجماعة هو أميرها وبعض الأمراء على المحافظات ومناطق مصر المختلفة .
ثم امرهم بالهجرة الى جبال الصعيد ، استعدادا للهجرة الى السعودية لمقاتلة الجيش الذى سيقاتل الكفار الذين سيدمرون الكعبة فى اخر الزمان وكونوا مجتمعات مستقلة فى جبال الصعيد وكانوا يقيمون الحدود بانفسهم على من يرتكب كبيرة
  • س: ومتى تنبهت الدولة لهم ؟
تنبهت الدولة لحجم هذه الجماعة فى أواسط السبعينيات وفى اوائل عام 1976 تم القبض على مجموعات منهم .فقررت الجماعة القيام باختطاف احد المسئولين المصريين رهينة لاخلاء سراح المقبوض عليهم من جماعتهم . وبعد دراسة وقع اختيارهم على الشيخ الذهبى وكان وزير اوقاف سابق فقامت مجموعة على راسها ضابط شرطة سابق يدعى طارق باقتحام منزله ليلا وتعصيب عينيه واقتياده الى مكان مجهول دون الالتفات الى توسلات زوجته وبناته ...
وبعد الاعلان عن اختطاف الشيخ الذهبى لم يصدق الناس ادعاء الامن بان جهة اسلامية قد ضبطته وتحركت الاجهزة الامنية فى اتجاهين احدهما التفاوض مع جماعة شكرى مصطفى لاطلاق سراحه والثانى تشكيل عدة فرق للبحث عن مكان اخفاء الشيخ .
ولم تمض ايام حتى جاء المختطفون الى شكرى مصطفى وهو فى اجتماع من مجلس شورى الجماعة ليخبروه بان الاجهزة الامنية اقتربت من الوصول الى مكان اختفاء الشيخ وان علينا ان نسرع فى عمل شئ قبل وصولهم اليه . ويحكى بعض من حضر هذا المجلس ان شكرى مصطفى صمت دقائق ثم رفع راسه واشار باصبعه قائلا : (قضى الامر : اقتلوه) وعلى الفور تحرك فريق الخاطفين الى مكان وجود الشيخ وقتلوه باستخدام مسدس كاتم للصوت .
وما ان وصلت الأجهزة الأمنية إلى المكان حتى عثروا على الشيخ مقتولا واذيع خبر مقتل الشيخ فى وسائل الاعلام وكانت غضبة رسمية وشعبية عارمة وتم بعدها القبض على اغلب عناصر الجماعة قدموا لمحكمة عسكرية حكمت على اربعة منهم بالاعدام وعلى راسهم شكرى مصطفى الذى يرسم فى اذهان اتباعه انه لن يموت الا بعد ان يقاتل الجيش الذى سيغزوا الكعبة فى اخر الزمان .
حتى انه بعد اعدامه لم يصدق كثير من اتباعه خبر اعدامه الا بعد مرور اشهر عديدة وهكذا انكسرت باعدامه جماعته وان كان بعض مجموعات صغيرة لا زالت تحمل هذا الفكر .

مقتل الذهبى رحمه الله ومعسكر الإسكندرية

  • س: وماذا فعلتم بعد ذلك لاثبات براتكم من ذلك ؟
كنا بالجماعة الإسلامية بالإسكندرية نقيم مؤتمرا جديدا يديره الاخ احمد يونس رحمه الله وكنت اعاونه فى ادارته وكان مقره مبنى اتحاد طلاب الإسكندرية وكان يضم ما يقرب من ثمانمائة طالب . ففى صبيحة اليوم الذى اعلن فيه عن قتل الشيخ الذهبى راينا ان من واجبنا ان نستنكر هذا الحدث الاجرامى وحتى لا يلتبس على الناس امر المتدينين والملتحين بانهم جميعا من هذا الصنف الاجرامى فقسمنا افراد المعسكر اربعمائة مجموعة كل مجموعة من فردين وتم توزيعهم على وسائل المواصلات وخطوطها المختلفة(قطارات ، اتوبيسات ، ترام)ليقوموا باستنكار هذا العمل الاجرامى
وبيان الاختلاف بين فكر هذا الشباب الاسلامى المتدين وفكر هذه الجماعة المتطرفة وظلوا يعملون حتى صلاة العصر ، وبعد الصلاة تم تجمعيهم مع مشايخ الأزهر وائمة المساجد بالإسكندرية بزيهم الرسمى بمشاركة اخرين من الشباب للقيام بمسيرة تجوب الشوارع الكبرى بالإسكندرية تندد بجريمة مقتل الشيخ الذهبى وهم يحملون اللافتات ومكبرات الصوت .وتحركت المسيرة من مبنى اتحاد طلاب الجامعية مقر المعسكر الصيفى وفى الصفوف الاولى المشايخ بملابسهم الرسمية وفى صفوفهم فضيلة الشيخ محمود عيد وفضيلة الشيخ أحمد المحلاوي .
وما ان وصلت المسيرة الى كبرى الجامعة اذا بقوات الشرطة تستوقفنا طالبة منا ان نحصل على اذن بذلك وتحدث السيد محافظ الإسكندرية مع فضيلة الشيخ المحلاوى طالبا ذهاب احد الى مبنى مباحث امن الدولة للحصول على الموافقة . وذهبت بناء على طلب الشيخ المحلاوى الى هذا المبنى فى سيارة الشرطة بملابس المعسكر وكانت هذه اول مرة اعرف هذا المبنى او اتعرف علي هذا الجهاز .
صعدت الطابق الثانى ودخلت حجرة ضخمة يجلس على مكتب فى المواجهة اللواء فوزى معاذ وكان يومها مفتش ادارة امن الدولة بالإسكندرية قبل ان يصبح محافظا للاسكندرية فسلمت عليه وجلست اكتب طلب الموافقة على المسيرة ، فاذا به يبتسم ويقول (لن أوقع لك على هذا الطلب ، فقمت غاضبا ومزقت الورقة وتوجهت الى باب الغرفة وهو يصيح بى تعالى يا ابراهيم يا ابنى لا تكن عصبيا هكذا تعال نتفاهم) .
فعدت وجلست فقال لى انا لا اوقع على ورق يكفينى ان ان اتصل عبر اللاسلكى لابلغهم بقرار الموافقة على المسيرة وفهمت ساعتها ان افراد هذا الجهاز ليس من اعرافه التوقيع على مثل هذه الطلبات ثم قال المسيرة كما انها تحقق هدفكم فى تبرئة انفسكم من هذه الجريمة وعدم تلويث صورتكم الاسلامية السلمية إلا إنها أيضا تحقق اهداف النظام بوجود استنكار شعبى لهذه الجريمة يمكن يد العدالة ان تاخذ مجراها .
وعلى هذا فنحن موافقون على المسيرة وارجو ان تتحاوروا مع العميد ... الامن العام قائد المامورية فى الاتفاق على خط سير المسيرة حتى يمكن ان نوفر لها الحماية ونتجنب الاختناقات المرورية . ثم انصرفت نستكمل المسيرة التى كانت لها اثر كبير هى وما سبقها من عمل افراد المعسكر فى وسائل المواصلات . ظلت حديث اهالى مدينة الإسكندرية لعدة ايام .

بسم الله الرحمن الرحيم

حكايات الزعفرانى

الحلقة الثالثة:المولد الثانى لجماعة الإخوان المسلمون بالإسكندرية

التأم شمل الجماعة بقيادة الوالد الفاضل الحاج عباس السيسي صاحب القلب الكبير والعقل المنفتح والروح الشابه ومعه الحاج محمود شكري والاستاذ محمد عبد المنعم والاستاذ جمعة أمين و معهم جيل السبعينيات وعلى راسهم الاستاذ الفاضل : محمد حسين عيسي الذى مثل حلقة الوصل الاولى لهذا الميلاد والمهندس حامد الدفراوي والمهندس خالد داود وإبراهيم الزعفراني لتمثل هذه المجموعة مجتمعة قيادة العمل الإخوانى لمرحلة السبعينيات بالإسكندرية
وكانت ليلة عاصفة في منزل الحاج عباس :
  • س: وكيف تم بناء هذا التنظيم
في عام 1975 كان شباب الجامعات بالإسكندرية قد كونوا تنظيم لتربية الأفراد وضمهم في مجموعات لادارة العمل الدعوى العام في الجامعة وقاد هذا التنظيم عدد من الطلاب بقيادة الاستاذ محمد حسين في إحدى الأيام تكلم الاستاذ محمد حسين إلي هذه المجموعة بان الإخوان يريدون منك تحديد موقفكم من العمل معهم فعليكم أن تجلسوا سويا تحددوا نقاط النقاش
  • س:وهل جلستم بالفعل معهم
بالفعل جلسنا واتفقنا على أن نتناقش مع الإخوان الكبار أربع نقاط اختلاف حسب تصورنا في حينه بيننا وبين منهج الإخوان وتمثلت هذه النقاط في :
  1. تناول الإخوان لمسائل العقيدة (الأسماء والصفات ، والتوسل ، غيرها)
  2. مدى تمسك الإخوان بالسنن الطاهرة (اللحية ، الجلباب وغيرها)
  3. مدى الثقافة الشرعية عند الإخوان
  4. مفهوم الجهاد وهل الإخوان سيظلوا يقدمون التضحية رغم السجون والمحن
  5. حدد موعد اللقاء بمنزل الحاج عباس بمدينة رشيد حيث استمر اللقاء والنقاش من بعد صلاة العشاء والى صلاة الفجر من اليوم التالي .
أدار النقاش الحاج عباس السيسي (رحمه الله) وحضره الحاج محمود شكري والأستاذ جمعة أمين
  • س:ومن حضره من الشباب
حضره من الشباب مهندس حامد الدفراوي مهندس خالد داود د . إبراهيم الزعفراني

د.ابراهيم فى الجامعة

واتخذ الاستاذ محمد حسين قرار بان يفسح المجال للشباب في الحوار مباشرة بينهم وبين هذه التيارات الإخوانية .

  • س:وماذا حدث فى اللقاء
قبل البدء في نقاش هذه النقاط الأربعة أحسسنا جميعا أن هناك لبس فالإخوان يعتقدون أن هذا الشباب اصبح في صفوف الإخوان . وانهم أتوا لاستجلاء بعض النقاط التي لهم رغبة في استجلائها و أما الشباب فهم يرون أن حسم قرارهم بالعمل في صفوف الإخوان مرتبط باستجلاء هذه النقاط الأربع .
تحاور الحاضرون حول رؤية الشباب ورؤية الإخوان في هذه المسائل . فالشباب يتناول مسائل العقيدة بتفاصيلها والقيادات الإخوانية ترى أن التفصيل هو متروك للعلماء الأكادميين ولا يصح أن نثير بعض القضايا العقيدية التي لم تعد مثارة في حاضرنا المعاصر .كما أن الشباب يعطون السنن الظاهرة حجم كبير والقيادات الإخوانية ترى أن توضع في حجمها المناسب .
الشباب يرون في عموم الإخوان عدم توسع في العلوم الشرعية والقيادات الإخوانية ترى أن لكل إنسان في الإخوان أن يأخذ من العلوم الشرعية بما هو واجب عليه ثم يترك للمتخصصين من الإخوان بعد ذلك التبحر في العلوم الشرعية وحول قضية الجهاد والتضحية أوضح الإخوان أن التضحية والجهاد هي أحد أركان بيعتهم لكن الجهاد له قواعد و أصول شرعية يجب الالتزام بها وبعد هذا النقاش الطويل الذي اختصرته في هذه الكلمات عدنا إلي الإسكندرية وقد وصلنا إلي درجة من القناعة ودرجة أعلى من الحب والألفة بعد هذا الحديث الصريح الشفاف .

المجموعة القيادية من شباب الإسكندرية وقرار الانضمام للاخوان ونشاة المدرسة السلفية

  • س:وكيف تمت مفاتحة افراد التنظيم الشبابى
قررت المجموعة القيادية من الشباب على اثر ذلك مفاتحة أفراد التنظيم الشبابي في جامعة الإسكندرية برغبتنا في الانضمام للإخوان وعلى كل طالب أن يأخذ قراره الخاص به عن قناعة ورضى . وما أتذكره إن إخواننا من شباب الجامعة في التنظيم وافقوا جميعا . ولكننا ظللنا نخفى هذا الأمر عن عموم طلاب الجماعة الإسلامية التي كنا نقودهما بالإسكندرية .
وبعد فترة قليلة بدا بعض الاخوة في إبداء قلقهم من العمل مع الإخوان وبدؤوا في إثارة النقاط الأربعة التي تقدم ذكرها باعتبار أن الإخوان عندهم انحرافات عقيدية وتساهل في السنن وتهاون عن الجهاد والتضحية ولا يهتمون بالعلوم الشرعية . وظلت الفجوة تتسع بين هذه المجموعة التي كان يطلق عليها وقتها مجموعة (محرم بيك) حيث كان يسكن معظمهم هذه المنطقة من مناطق الإسكندرية .
عقدت هذه المجموعة من الاخوة لقاءات خاصة بهم ولما جلست معهم قيادات التنظيم الطلابية مع الاستاذ محمد حسين وطالبوهم بتحديد موقفهم أعلنوا انهم لا يستريحون للانضمام للإخوان ومن هنا بدأت فكرة التمايز بين من اصبح يعمل مع الإخوان ومن رفض العمل معهم لتتكون مجموعة تطلق على نفسها (الدعوة السلفية) تميزا لها عن الجماعة الإسلامية بالإسكندرية التي اصبح أعضائها منضمين إلي جماعة الإخوان المسلمون وحان الوقت ليعلن هؤلاء أيضا عن هويتهم الإخوانية وبدا تحديد المواقف داخل طلاب الجامعة في جو صاخب نفسيا وعاطفيا وكذلك النقاشات والحوارات و إبراز كل طرف لميزاته ونقده للطرف الآخر . وانتقل هذا المثال من التمايز إلى مختلف الجامعات المصرية.

جامعات مصر وثلاث مجموعات

  • س:اذا انقسمت الجامعات فى مصر
نعم
الجماعة الإسلامية (الله اكبر ولله الحمد) وهم شباب الإخوان بشعار الإخوان
الجماعة الإسلامية (لا اله إلا الله) وهم شباب الجهاد
الدعوة السلفية يمثلون مدرسة شرعية وروح جهادية وهذه الأخيرة لم تزعم أنها تنظيم وان العلاقات تقوم على شكل شيخ وتلاميذ ومن هنا تعددت الدعوة السلفية إلي عدة مدارس .
  • س:وماذا حدث فى باقى المحافظات
فى ذات الوقت التى اجتمعت فيه شمل العمل الإخوانى بالإسكندرية كانت القيادات الشابة فى القاهرة تقترب من الاباء من الإخوان المسلمين متمثلين فى الوالد الفاضل الاستاذ مصطفى مشهور
ولقد شملت هذه القيادات الشابة القاهرية أ. د . محمود غزلان د . عبد المنعم أبو الفتوح د. سناء أبو زيد د. محمد عبد اللطيف د. عصام العريان .

التأم شمل الميلاد الإخوانى بالمنيا

ومثل القيادة د. سيد عبد الستار المليجى م. محى عيسى مهندس أبو العلا ماضي

الطبيعة الخاصة لأسيوط

كانت القيادة الإخوانية فى محافظة أسيوط (فى حدود علمى) قيادات ليست طلابية ولكنها قيادات الإخوان الاباء وبعض من التحق بهم من اساتذة جامعة أسيوط اذكر منهم أ. د. محمد حبيب

الاتصال والتعاون بين المحافظات

  • س: وكيف تم الاتصال بالقيادات فى االمحافظات الاخرى
لقد كانت هناك اتصالات مستمرة بين القيادات الطلابية بجامعات مصر قبل ارتباطهم بالقيادات الإخوانية الاقدم حيث تعارفوا من خلال المعسكرات الصيفية والمؤتمرات المشتركة وانتخابات الاتحادات الطلابية .
ولذلك كان من السهل بعد هذا الميلاد الإخوانى الجديد ان تتواصل المحافظات لعنصرين اساسيين
الاول: هو التعارف الوثيق بين الإخوان القدامى الذين جمعتهم السجون و المحن.
الثانى: التعارف الذى تم بين القيادات الشابة والطلابية من خلال الانشطة المشتركة .

قيادة واحدة للعمل الطلابى الإخوانى

تشكلت قيادة واحدة لادارة العمل الطلابى الإخوانى على مستوى الجامعات . لعبت فيها القيادات الجديدة دورا كبيرا كما شارك فى ذلك بدور كبير كل من الاستاذ محمد حسين عيسي و أ. د محمود عزت حيث تلاحمت القيادات الطلابية لتفوز باتحادات طلاب كثير من جامعات مصر بل وتحصل على رئاسة ومقاعد(اتحاد طلاب مصرالعام).

الانشطة الطلابية فى الجامعات المصرية

  • س:ما هى الانشطة التى جمعت بين الطلاب
تركز النشاط الإخوانى اوائل السبعينيات فى داخل الجامعات المصرية حيث تزامن مع انفراجه امنية فى اوائل حكم الرئيس الراحل أنور السادات .

فشمل انشطة ثقافية ومحاضرات عامة داخل الكليات حاضر فيها أ. عمر التلمساني – الشيخ سيد سابق – الشيخ محمد الغزالي – أ.د عيسي عبده وكثير من الدعاة .

معسكرات صيفية ورحلات

كانت اثراء للتوجه الاسلامى ونشر التدين والسلوك الاسلامى القويم المعتدل

النشاط السياسى

مؤتمرات - ومظاهرات تزامنت مع احداث سياسية

انشطة فنية ورياضية

اخذت طابع الفائدة والجد وليس اللهو والعبث من الفنون والابداعات الراقية الاخلاقية .

جماعة الفنية العسكرية

  • س:سمعنا عن حادثة الفنية العسكرية فهل لك فى توضيح طبيعتها
فى عام 1974 وكان العمل الاسلامى على اشده اخذا فى الاتساع لكن الفهم الاسلامى لم يكن قد تبلور بعد فالشباب متحمس للاسلام وبامكان اى شخص اقناع الشباب باى فكر اسلامى خاطئ لوجود الفراغ الثقافى الدينى الصحيح فقامت مجموعة يتراسها استاذ فى جامعة الأزهر فلسطينى الجنسية
هو د . صالح سريه بعمل جماعة لاقامة الحكومة الاسلامية عن طريق العمل المسلح واخذ يجمع الشباب على هذا الهدف وكان من انشط اعضائها فى الإسكندرية طالب بكلبة الهندسة هو طلال الأنصاري كان سريع الحركة يقوم باستخدام ايات الجهاد فى القران لاقناع الشباب للانخراط فى الجماعة كقوله تعالى " يا ايها الذين امنوا ما لكم اذا قيل لكم انفروا فى سبيل الله اثاقلتم الى الارض "
وكان يتعهد لهم بان اقامة الدولة الاسلامية لن تستغرق شهور قليلة وكان خطتهم الاستيلاء على كلية الفنية العسكرية بالتعاون مع بعض طلبة الكليه الفنيه(وعلى رأسهم كارم الاناضولى) الذين انتسبوا اليهم بعد قطع اسلاك التليفون وقطع الكهرباء وبعد الاستيلاء على الاسلحة الموجودة بها ثم يتوجهون بالاسلحة الى مقر قيادة الثورة حيث يكون السادات مجتمعا مع كل المسئولين فى الدولة فيتم القاء القبض عليهم فى حين تستولى مجموعة على الاذاعة واذاعة بيان قيام الحكومة الاسلامية وبهذه الفكرة الساذجة اقتنع الشباب المتحمس .
ولكنهم افاقوا للحقيقة حينما هاجموا الكلية وقطعوا الكهرباء والتلفونات ففوجئوا بالطائرات تلقى الاضواء على الكلية والاتصالات اللاسلكية والقتال يدور على باب الكلية ليقتل عدد كبير من الشباب المهاجم وعدد من حراس الكلية ويقبض على الباقيين من افراد الجماعة ويقدموا للمحاكمة العسكرية لتحكم بالاعدام على صالح سرية وكارم الاناضولي بالسجن على الباقين وكان ذلك درسا للمتدينين المتحمسين الا يندفعوا وراء كل دعوه متهوره قامت على فكرة سطحيه ساذجه

صلاة العيد فى الخلاء

صلاة العيد بملاعب اتحاد طلاب جامعة الإسكندرية

  • س:نعرف جميعا ان صلاة العيد فى الخلاء بدأت من الإسكندرية فكيف
فى العام الدراسى عام 1975- 1976 وكنت امينا للجنة النشاط السياسى والثقافة لجامعة الإسكندرية وكان رئيس الاتحاد الزميل محمد زمزم كلية الصيدلة . وفى العشر الاواخر من رمضان دعانى استاذى الفاضل أ. محمد حسين لاول اعتكاف لى فى مسجد يسمى (مسجد الحمام) بمنطقة باكوس بالإسكندرية وبالفعل دخلت الاعتكاف وبعد ايام حضر الزميل محمد زمزم رئيس اتحاد طلاب الجامعة وطلب منى ان نقم احتفالا ليلة 27 رمضان بمناسبة ليلة القدر ولكنى ذكرته بان ليلة القدر ليلة قيام وقران
وليست ليلة يجمع فيها الناس فى مبنى اتحاد طلاب الجامعة ليستمعوا الى محاضرات والسبب الثانى لرفض هو اننى معتكف ولا استطيع قطع اعتكافى واقترحت عليه ان يكون الاحتفال هو فى ليلة العيد نخرج من الاعتكاف الى مبنى ملعب الاتحاد ونقيم احتفال ليلا ثم طورت الفكرة واقترحت عليه بان يجهز الملعب ليلا ايضا وندعوا الناس بالإسكندرية لصلاة العيد فقمنا فى هذا الخلاء (ارض الملاعب التابعة لمبنى اتحاد الطلاب) بمنطقة الشاطبى . ونكون بذلك احيينا سنة صلاة العيد فى الخلاء .
وافقنى الزميل محمد زمزم وانصرف توجهت الى اخوانى فى الاعتكاف بهذه الفكرة فلاقت استحسان من الجميع . واتفقنا على ان نبلغ المعتكفين فى المساجد الاخرى وان يتم الاتفاق مع فضيلة الشيخ محمود عيد ليؤمنا فى صلاة العيد ووافق فضيلته وخرج الشباب من المساجد بعد الاعلان عن ظهور هلال شوال لينقلوا امتعتهم الى منازلهم وباتوا مسرعين الى ملاعب مبنى اتحاد الطلاب لاعداد الارض والفراشة والمنبر ونظام الصوت لمكان الصلاة وسهرنا فى هذا الاعداد حتى صلينا الفجر فى ذات الارض وذهبنا الى بيوتنا مسرعين لتغيير ملابسنا
وحضرنا ننتظر المصلين الذي كنا قد دعوناهم عبر دعوة ورقية وزعت ليلا على منازلهم وكانت المفاجئة حيث حضر الصلاة الأولى بهذا المكان ثلاثة آلاف مصلى ومصلية وكان عيدا بهيجا سعيدا بمكانه الفسيح وزيناته المنتشرة في كل مكان وأصوات المكبرين من رجال ونساء وشباب وأطفال في جمع لم يسبق لاهل الإسكندرية أن شاهدوا مثله إضافة على الخطبة الرائعة التي ألقاها فضيلة الشيخ محمود عيد وقمت بعدها بالتعليق على الكلمات الطيبة ووعد للحاضرين بان نصلى العيد الكبير وباقي الأعياد بإذن الله في ذات المكان .
وفى كل عيد كان يزداد العدد زيادة ضخمة حتى وصل العدد إلى مئات الآلاف و امتدت الصلاة إلي ما حول المكان من شوارع وطرقات وأماكن فضاء . وكان أهل الإسكندرية يتناقلون أخبار الصلاة ويأتون إليها من كل مكان من أقصى المدينة إلي أقصاها مترجلين أو بسيارتهم الخاصة أو عبر النقل العام أو مسرات على الأقدام .

صلاة العيد بميدان عابدين بالقاهرة

نعم فى نفس الوقت قام إخواننا طلاب جامعة القاهرة بالاتصال بنا واتفق على أن يقيموا صلاة العيد في الخلاء بميدان عابدين ، ولقد كان أمامهم عقبة أن جماعة أنصار السنة تقيم صلاة عيد في جزء ضيق من هذا الميدان بإعداد قليلة فحضر وفد من زملائنا من القاهرة د . عبد المنعم أبو الفتوح وإخوانه للتباحث والاتفاق مع الشيخ محمد عبد الرحيم وكان رئيس أنصار السنة العام وكان يقيم بالإسكندرية وعلى أي حال .
أقام إخواننا بالقاهرة صلاة عيد مماثلة في ميدان عبدين التي تضاعف عددها أصبحت اضخم صلاة عيد على مستوى مصر كلها وتعدادهم يزداد كل عام ثم انتقلت صلاة العيد بواسطة طلاب الجامعات إلى عدد كبير من محافظات مصر . وجاءت أحداث عام 1981 التي اغتيل بها السيد الرئيس محمد أنور السادات في السادس من أكتوبر أثناء العرض العسكري . وفرضت حالة الطوارئ على البلاد . وقيضت صلاة العيد في الخلاء . وتم القبض علينا ودخلنا السجون الذي مكثنا فيه مدد متفاوتة ترواحت بين عدة شهور وعام كامل .

صلاة العيد بعد احداث سبتمبر 1981 بميدان سيدي جابر المحطة

  • س:وماذا بعد الخروج من السجن
وبعد خروجنا من السجن عام 1982 وفى أواخر ليلى رمضان اعتزمنا إعادة صلاة العيد في أماكنها .ولكن إدارة جامعة الإسكندرية رفضت وتدخلت الأجهزة الأمنية لتؤكد أنها لن تسمح بإعادة صلاة العيد في إستاد اتحاد طلاب الجامعة . وتدبرنا الأمر وقررنا أن نقيم صلاة العيد في مكان مفتوح خارج الأسوار وكان المكان الذي وقع عليه الاختيار هو ميدان محطة سيدي جابر .
وبعد إعلان مفتى الجمهورية عن رؤية هلال شهر شوال توجهنا إلي ميدان المحطة لتجهيزه وخلال هذه الساعات ظهر السيد اللواء احمد رشدي وكان وزيرا الداخلية وقتها على شاشات التلفزيون المصري ليعلن عدم الموافقة على إقامة صلاة العيد في الخلاء مما جعل الأجواء تتوتر . ولكن كان عندنا أحرار أن نقيم صلاة العيد في ميدان سيدي جابر وقمنا بتعليق مكبرات الصوت على الأعمدة بالميدان .
وفوجئنا بقوات شرطة تتسارع إلي المكان تحاول نزع مكبرات الصوت وحضر إلى المكان السيد اللواء عبد التواب هديب مدير الأمن بالإسكندرية وقتها . وكان رجلا ذو شخصية محترمة ووقف للتفاهم معنا ولما رأى إصرارنا على الصلاة في ذات المكان وافق على أن نأخذ مكانا ضيقا فقط من هذه المساحة . وفى المقابل وحتى يضمن إلا يزداد العدد فانه سيملا باقي المكان سيارات الأمن المركزي .
وبدأت توافد بعد منتصف الليل أعداد كثيرة من عربات الأمن المركزي لتملا باقي الفراغ وحاول بعض الشباب الوقوف أمامها حتى لا تغلق كل المكان .وشاهدت الضابط الجالس في كيفية عربة الأمن المركزي بجوار سائق العربة وهو يقول للسائق امش بالسيارة واللي يقف أمامك من الشباب دوسه وكان يقف بجواري يومها العميد نظمى الطرابلسى الذي اصبح فيما بعد مفتش مباحث أمن الدولة بالإسكندرية
ثم وكيلا لقطاع أمن الدولة بمصر وكان رجلا غاية في الذكاء وحل المشاكل ما أمكن بالتعقل والحوار فرايته يومها يسرع على الضابط الذي قال هذا وهو يصدر أمرا بالنزول من السيارة وقام بتعنيفه بغلظة وأمره أن يقف بعيدا قائلا له (يا .... عاوز تموت واحد علشان تعملنا مصيبة ....) ووقف الشباب المسئول عن النظام والفراشة يضعها في المكان وتجمع الباقي فوق كبرى المشاة الذي يعبر طريق الحرية .
وقفت حتى صلينا الفجر وسيارات الأمن المركزي المحتشدة في المكان تسير الرعب لمات السيارات المارة في اكبر شوارع الإسكندرية ويتحدث الناس في ذلك . وما أن انتهت صلاة الفجر بدقائق وإذا بأفواج المصلين بالآلاف توافد على المكان حيث غص المكان بمئات الآلاف مكبرين فرحين بالانتصار وعودة صلاة العيد في الخلاء مما اضطر الأمن للسماح بان يتم فرش طريق الحرية بالكامل إلى مسافات بعيدة لاداء صلاة عيد من اجمل الصلوات يومها
ولقد سمعت يومها العميد رشاد الشرقاوى الذي اصبح فيما بعد مفتشا للفرع ثم وكيلا لقطاع أمن الدولة بمصر وهو يقول للعميد نظمى الطرابلسى ينتقد اللواء عبد التواب هضيب لقد وقع في خطا كبير إما أن يتركهم من البداية يقيمون صلاة العيد أو يمنعهم من الصلاة تماما في هذا المكان حتى لو ضربهم بالرصاص ساعتها اعترضت عليه (ولم اكن اعرفه من قبل) وقلت له . يا راجل خليك محضر خير .

صلاة العيد باستاد الإسكندرية الرياضي

  • س:ماذا فعلت الدولة بعد ذلك
بدأت الدولة التفكير بذكاء اللواء نظمى الطرابلسى في التحكم في صلاة العيد فطلبوا منا أن نقيمها في الإستاد العام بالإسكندرية ونتولى أقامتها بالكامل ونشرف عليها . وكنا نعرف أن هذه بداية لاقامة صلاة العيد في مكان محاط بالأسوار له أبواب مفاتيحها في أيديهم وبهذا تصبح صلاة العيد في كل مرة محلا للتفاوض . وافقنا وقتها لان الرفض كان يمثل تشددا منا أمام الناس والذي لم يكن باستطاعتنا إظهار الأسباب الحقيقية لهم حيث أن هذا مكان كبير ويسع مئات الآلاف ومتوسط بالنسبة لمدينة الإسكندرية . وعليه جرت عدة صلوات للعيد بالإستاد .
ثم بدا الأمن يطلب أن يكون خطيب العيد يتم بالاتفاق وتساهلوا في المرات الأولى بان كان خطيب العيد هو الذي تقترحه نحن . وبعدها ارتفعت وتيرة التشدد ووضع الشروط لمن يخطب العيد حتى طلبوا منا أن يكون أحد رجال الأوقاف وبدا يخطب العيد بالإستاد وكيل الأوقاف بمصر الشيخ عبد الواحد احمد وكان رجلا صالحا ربانيا ولم نجد في ذلك باس .
ثم غيره من مشايخ الأوقاف وكنت أقابلهم في دار إقامة الأوقاف بالشاطبى ليلة العيد للاتفاق على بعض المعاني التي تهم الشباب . وبعد ذلك فوجئنا بالأمن يقول أن صلاة العيد في الإستاد هي صلاة رسمية ستقوم بها الجهات الرسمية وسيحضرها محافظ الإسكندرية وعليه لن يكن في الإمكان أن توافق لكم على تنظيم الصلاة أو توزيع هذا العيد بالإستاد .

تعدد أماكن صلاة العيد

  • س:وماذا فعلتم بعد ذلك
أحسسنا أن ما توقعناه قد أتى توقيته وتداولنا الآراء وكان الحل أمامنا أن نقيم ثلاث صلوات للعيد صلاة في غرب الإسكندرية وصلاة في وسط الإسكندرية وصلاة في شرقها .. وان نترك الإستاد للجهات السياسية والأمنية لتقيم بها صلاة العيد الرسمية . وكان مدهشا أن هذه الصلوات الثلاث توافدت عليها مئات الآلاف وان عدد المصلين فيها قد تصاعد عن العدد الذي كان يحضر بإستاد الإسكندرية وذلك لقرب هذه الأماكن من مساكن الناس الذين كانوا يروا أن مكان الإستاد بعيدا عنهم .
وكانت المفاجأة أيضا عن عدد الذين صلوا العيدين في الإستاد لم يتجاوزوا بضع مئات وذلك حين أذعنا على الناس حقيقة ما حدث . وكذلك حدث تعدد لصلوات العيد في القاهرة (مسجد مصطفى محمود – السيدة زينب) ومن يومها وصلوات العيد . فتكاثر عددها في الخلاء ويزداد عدد مصليها بل أن الأوقاف والجمعيات الخيرية أصبحت تعلن عن إقامة صلوات عيد في الخلاء وتعلن عنها في الصحف اليومية وغيرها من وسائل الإعلام (وبهذه الطريقة انتشرت سنة صلاة العيد في الخلاء في ارجاء مصر كلها).

زيارة خاصة للحاج أحمد البس

  • س:لقد كان لك الكثير من الجولات مع اعلام الحركة فهل لنا ان تحدثنا عن احدهم
نعم وهو الحاج أحمد البس ذهبت في أواخر السبعينات برحلة لمجموعة من الطالبات المتدينات من جامعة الإسكندرية لزيارة الحاج أحمد البس رحمه الله وهو أحد القيادات الإخوانية التي عاصرت الاستاذ البنا رحمه الله وكان مسئولا عن مكتب إداري الإخوان بالغربية واصبح فيما بعد عام 1987 عضوا بمجلس الشعب المصري .
جلسنا مع الحاج يحكى للطالبات عن زوجته التي كانت يومها قد توفيت منذ فترة يقول عنها لما دخلت السجن عام 1954 أيام عبد الناصر وحكم على بالسجن عشرون عاما . فصلت من عملي كمدرس ولم يبق لأسرتي مصدر للدخل من راتبي الذي قطع عنهم وبعد مدة طويلة من السجن سمح لأهالينا بزيارتنا في السجن وجاءت زوجتي ومعي أبنائي وبناتي مظهرهم طيب وملابسهم قيمة فبعد أن سلمت على زوجتي (رحمها الله)
وقبلت يدي سألتها عن مصدر الأموال التي تعيشون قيها قالت وبغير تردد فضلت خيرك يا حاج نبيع الأرض ونصرف على البيت فشجعتها على ذلك وقلت لها بيعي كما تريدي المهم أن تعيشي أنت والأولاد مبسوطين (وكنت أظن ساعتها أنها تبيع من الأرض التي ورثتها أنا عن أبى) وظللت كل زيارة أسالها عن الفلوس هل تكفيكم وهى في كل مرة تقول الحمد لله فضلت خيرك يا حاج ثم يستطرد قائلا في أوائل السبعينات وخرجت من السجن دون أن تعلم أسرتي بساعة خروجي وسافرت من القاهرة إلى طنطا حيث توجهت إلي منزلي .
فوجئت بي زوجتي فطارت فرحا وقبلت يدي كما تعودت وبعد سلامي على أولادي . طلبت من أن ادخل إلي حجرة النوم لاستريح بعض الوقت الذي ستقوم خلاله هي بإعداد طعام لي وعندما دخلت حجرة نومي وجدت حصيرا وغطاء على ارض الغرفة سألتها وأنا في غاية الدهشة أين سريرك النحاس يا حجة أين السراحة أين الكمودينو فنظرت إلي بابتسامة وكأنها تواسيني وتقول كله يرجع في عزك يا حج
وإذا بي أراها تضع طبلية خشب على الأرض عليها أطباق بلاستيك كل طبق من لون مختلف سألتها أين حجرة السفرة واطباق الصيني بتاعتك يا حجة قالت كله سيرجع في عزك يا حج وعندما ألححت عليها أن تقص لي ما حدث حدثتني أن أهلي لم يوافقوا على بيع أرضي للاتفاق على أسرتي (لانه في الريف من العيب أن يبيع الرجل أرضه فيعيره أهل البلد بذلك)
فقامت هي ببيع أرضها التي ورثتها عن والدها وقامت بأنفاقها على البيت والأولاد وبعد أن باعت أرضها كلها بدأت بيع أثاث البيت حتى وصل الحال إلي ما رأيت (ملحوظة في عهد عبد الناصر كان يحظر على أي أحد مساندة بيوت الإخوان) و والله ما عانيت يوما ولا امتنت على يوما بما فعلت وبذلك أثناء غيابي في السجن وقمت بحمد الله بعد خروجي بشراء أثاث للبيت وشراء الذهب الذي كانت تقتنيه وباعته من اجل بيتي وأولادي .
كما حكى عنها رحمها الله أنها في السنوات التي سبقت هذا الاعتقال . كانت تأتيه الزوار من أرياف الغربية بالعشرات وكانوا أيامها يركبون الدواب والحمير فلم تتأفف يوما من كثرة زواري بل كانت تقوم بالطهي و إعداد الطعام وبعدها تعطيني جلبابي النظيف وتطلب حتى أن أعطيها جلبابي للبسها حتى تقوم هي بغسيل جلابيبهم جميعا التي رأت أنها أتربت من اثر السفر . وبعد غسلها وتجفيفها تضعها تحت المراتب (وهو نظام كي الملابس المستخدم أيامها)

الحاج أحمد البس ودمج الخلق في السياسة

في انتخابات مجلس الشعب عام 1987 رفض الوفد التحالف مع الإخوان في هذه المرة أسوة بانتخابات عام 1984 مما جعل الإخوان يتحالفون مع حزبي العمل الاشتراكي والأحرار فيما عرف باسم (التحالف الإسلامي) ولكن أحد أعضاء مجلس الشعب السابق من الإخوان بمحافظة الغربية رفض التخلي عن تحالفه مع الوفد مما اغضب القيادات الإخوانية .

ولكن الوفد تخلى عنه ولم يضعه في قوائمه فعاد إلي التحالف الإسلامي وكان فريق التفاوض باسم الإخوان المستشار مأمون الهضيبى والدكتور عبد المنعم أبو الفتوح يتلقون القوائم من مسئولي المحافظات لعرضها على لجنة التفاوض عن الحزبين الآخرين وعند تقديم قوائم محافظة الغربية من الحاج أحمد البس فوجئوا بأنه وضع اسم هذا الأخ على راس أحد القوائم وحين توجهوا للحاج باللوم على هذا وهو يعلم ما فعله هذا الرجل ..

قال لهم الحاج احمد لو طلبتوا منى أن أعيد كتابتها سوف أضع هذا الرجل على راس القائمة مرة أخرى ولن تستطيع يده وضعه في هذا المكان فرغم علمي بما فعله فان له جميل في عنقي لقد رايته يوم إدخال أخي الحبيب عمر التلمساني إلي قبره وكان القبر ضيق حمل هذا الرجل حبيبي عمر على ظهره وزحف على بطنه حتى ادخله قبره وخرج هذا الأخ وكل ملابسه ورأسه تكسوها التراب فتأكد له من هذا الموقف في حق أخي الحبيب ومرشدي رحمه الله الأستاذ عمر التلمساني جعل له حقا في عنقي وجاء الوقت وهو الانتخابات لأرد له هذا الواجب .

فان رأيتم نقله من راس القائمة الانتخابية فلكم ذلك بما لكم من صلاحيات أما أنا فلا و كان موقفا أخلاقيا على الاعتبار السياسي (وكان هذا الأخ عضو جمعية الشعب لدورين سابقين وكان رجلا كفأ في أراءه له شعبيته في دائرته) ... واستجاب كل من المستشار مأمون والدكتور عبد المنعم لرغبة الحاج أحمد البس وظل على راس القائمة واصبح عضوا في مجلس الشعب مثل الإخوان بقدرة واقتدار .

الحلقة الرابعة: حكايات د.الزعفرانى

فى هذه الحلقة والتى تليها تركنا الدكتور ابراهيم ليتحدث وبغير اسئلة عن نفسه وعن الاستاذ التلمساني والمحاكم العسكرية للنتقل اليه ونرى ماذا يقول

البيئة الريفية التى عشتها فى الستينات

  • للبيئة الريفية عيوب ومميزات .

عيوب البيئة الريفية

أولا: الجهل

أمية القراءة والكتابة نسبتها فى القرية اعلى بأضعاف نسبتها فى المدينة . أمية الثقافة أيضا مرتفعة أيضا بسبب عزلتها لضعف الطرق والمواصلات وانعدام وسائل الإعلام سوى الراديوالذى كان لا يوجد إلا فى بيوت قلة من الأغنياء . مما ساعد على انتشار الخرافات وقلة الوعى بالعالم وما يدور فيه وعدم الانفتاح العقلى .

ثانيا: الاعتماد على القوة الخاصة:

فى اخذ ما يظنه كل طرف انه حقه مما كان يستدعى تحصن الناس بالسلاح وتربية أبناءهم على المواجهات العنيفة . فلم يكن للغة الحوار والتفاهم مكان إلا حين تتساوى القوتان . عن طريق التحكيم الأهلى الذى كان يفتقر إلى المهنية حيث كان يقوم على قواعد كثير منها جائر كما كان يفتقر فى أحيان كثيرة إلى النزاهة .

ثالثا: التعصب العائلى:

مما كان يتسبب فى كثير من المعارك المستمرة وتعطيل المصالح .

رابعا: وجود مواد للخلاف كثيرة:

المياه – الأرض – الماشية - تلاصق الدور .

خامسا: معرفة أهل البلد :

أسرار بعضهم البعض والحديث عنها .

سادسا: غياب الخدمات الأساسية:

  • لا توجد إضاءة بالكهرباء ويعيش الناس على لمبة الكيروسين .
  • يطاردهم فى صيفهم الذباب نهارا والبعوض ليلا .
  • كما تقطع الطرق ويصعب الحركة فى فصل الشتاء لعدم وجود طرق مرصوفة أوممهدة .
  • كما أن الصرف الصحى يتم عن طريق آبار منزلية ومصارف مكشوفة .
  • والثقافة الصحية والعناية الصحية والعلاج ضعيف جدا حيث كانت البلهارسيا تأكل أكبادهم وعافيتهم .
  • حيث أن اكثر من نسبة 95 % منهم يمرضون بمرض البلهارسيا وما يلبث الرجل المصاب أن يعافى من استسقاء فى البطن فتنتفخ بطنه وبويضات فى مجرى البول تستنزف دمه .

الطلبة الألمان يقولون رأينا فى مصر رجالا تحمل وتحيض

ذكرنا هذا بوفد طلبة من أحد الجامعات الألمانية جاء لزيارة اتحاد طلاب جامعة الإسكندرية عام 1975 وكنت عضوا بالاتحاد ولقد سبق لقاءنا معهم قيامهم بزيارة بعض القرى المصرية وفى بداية اللقاء اتهمونا بان سكان المدن فى مصر ناس أنانيون لا يهتمون بإخوانهم فى الريف

وقالوا انهم رأوا بأعينهم لأول مرة رجال تحمل وتحيض (يقصدون من الحمل ارتفاع البطن فى الرجال بسبب الاستسقاء ويقصدون بالحيض أن بولهم يمتلأ بنزيف الدماء) حينها شعرت بالخجل ولم أجد جوابا إلا الاعتراف بخطأين الأول الأنانية كما ذكروا والثانى إننا لم ننتبه إلى هذا الخطأ إلا عن طريق هؤلاء الأجانب .

مميزات الحياة الريفية

أولا التدين: فالمسجد بالنسبة للقرية فى زماننا هوروح القرية فهومكان الصلاة والوضوء حيث أن المياه لم تكون إلا فى النادر فى بيوت الأغنياء، فالفلاحون يذهبون فى الصباح لغسل وجوههم وأيديهم وكذلك يغتسلون فى ميضة الجامع . ويصلون الفجر أوالصبح قبل الذهاب إلى الحقول ويجتمعون بعد المغرب للصلاة ودرس المسجد وصلاة العشاء وكذلك يجلس الناس أمام المسجد للتسامر ليلا فى أضواء المسجد (مصابيح الكيروسين) . وكان إمام المسجد يمثل إمام الصلاة والمفتى الدينى والمصلح الاجتماعى .

(لكن للأسف لم يكن هناك اهتمام بالصلاة بالنسبة للمرأة فالمرأة لا تذهب إلى المسجد ولا إلى الدروس ولا يهتم الرجل حتى المصلى منهم هل تصلى امرأته أم لا تصلى) إضافة إلى تفشى الجهل بكل أنواعه والخرافات فى أوساط نساء الريف . كما أن كتاتيب القرى لعبت دورا كبيرا فى تحفيظ الأطفال القران وتعلم اللغة العربية .

وكنت أرى وأنا صغير إذا ما حفظ تلميذ القران كان الفقى (المحفظ) ومعه التلاميذ يحملون المصاحف ويطوفون شوارع القرية خلف هذا التلميذ يعلمون البلد أن هذا التلميذ أتم حفظ القران وهم يهتفون مثلا بأحد المحفظين وكان اسمه الشيخ وهلان (حفظ القران أتقنه فليحيا الفقيه الوهلان) .

ثانيا: التعارف والتكاتف بين أهل القرية جميعا: فى المصائب والملمات فى الأفراح والاطراح بعكس المدينة فقد لا يعرف الجار اسم جاره يكثر أن ترى كل صاحب شقة يغلق على نفسه بابه بل قد لا يجامل جاره حتى فى المناسبات أويغيثه إذا استغاث الا ما عصم .

الأماكن النشطة إسلاميا بالإسكندرية فى أوائل السبعينيات

فى أوائل السبعينيات تعددت الأماكن الإسلامية التى بدأت تنشط وتشع بالحركة بالتزامن مع الحركات الإسلامية التى تموج بها الجامعات .

اذكر منها:

  • زاوية الشيخ حامد: وهى مصلى أول ش خالد بن الوليد كان يؤم الناس فيها حامد الدفراوي بكلية الهندسة وكان طالبا ملتحيا ويرتسم على وجهه دائما ابتسامة كما كان يقوم الليل بالشباب الذى بدا عددهم يتكاثر بمنطقة سيدى بشر .
  • مسجد مظلوم (زاوية مظلوم): وكانوا يصلون بمسجد صغير قرب محطة ترام مظلوم وممن اذكرهم خالد داود، محمد تاج، أسامة أبوالخير، محمد إبراهيم، على محلبه فيما بعد ضمت سامى إسماعيل وعمر عزام وآخرين .
  • مسجد السلام (بولكلى): : وكان إمامه هو فضيلة الشيخ محمود عيد وكان عالما جليلا وخطيبا بارعا جعل من مسجده منارة للعلم الدينى بخطبه ودروس والعلم العام والسياسى حيث كان يحضر فى المسجد كل جمعة أحد أعلام الفكر والسياسة فى مصر للحديث للمصلين عقب صلاة الجمعة أ. عمر التلمساني، د . عيسي عبده، أ. إبراهيم شكري، أ. عادل عيد وغيرهم وغيرهم .
  • مسجد الحمام ومسجد مصعب:
وكان يشرف علي الدعوة الاسلاميه فيهما أ.محمد حسن حيث كان رئيس لجمعيه أنصار السنه بهما وتميز بعلمه وعبادته وخلقه الهادئ وعباراته الايمانيه المتدفقة،فكان يقوم بإلقاء الدروس ويترك خطبه الجمعة حيث كان يتناوب عليها أ.جمعة أمين الإخواني واسع الاطلاع صاحب القلم السيال والخطب الايمانيه والأستاذ لطفي عبد العزيز رحمه الله صاحب الخيال الإيمانى الواسع والمتدفق بالحماس والروحانيات .
  • مسجد سيدي جابر:
وكان إمامه الشيخ أحمد المحلاوي الخطيب المفوه البارع الذي كانت تجتمع لخطبه الآلاف من أرجاء الإسكندرية والذي انشأ جمعيه سيدي جابر التي أضافه إلى المسجد الخدمات الصحية والاجتماعية كما كانت أول جمعيه تفتح أبوابها لطلبه كليه الطب لاخذ دروس علميه عن طريق أساتذة الطب وشراء الأجهزة الأزمة لهم من ميكروسكوبات وغيرها حتى لا تتكرر فيه الطلبة المسلمين وذلك مقابل ما كانت تقوم به كنيسة الابراهيمية من دروس لطلبه الطب .
  • مسجد شارع الأقصر (الذي سمي فيما بعد زاوية الزعفران)
وكان قريبا من منزلي وكنت اصلي فيه مع طلعت فهمي وعبد العزيز زويل ومحمد زويل واخوه آخرين كانوا يأتون لصلاه العشاء معنا من طلبه الجامعة ليعرفوا أخبار العمل الإسلامى اليومي في الجامعة حيث كنت أقوم بالحديث عنه بعد صلاه العشاء .
  • مسجد الروضة : شارع فرنسا حيث كان أ.احمد صدر الإخواني الكبير الأخ الروحي للحاج عباس قد استطاع أن يجعل منه منبرا للدعوة يلقي فيه أ. محمد عبد المنعم الإخواني البليغ رجل التاريخ الإسلامى عذب الحديث قوي المقال شجاع في نقده راق في خلقه وتجمع حولهم الشباب .جمال ماضي – مصطفي محمد - محمود عوض وهؤلاء
  • مسجد النور بكرموز: واشرف عليه أ.محمد الجمال الداعية والكاتب الإخواني وكان يلقي دروسه عادل عبد الوهاب وجمال ماضي ومحمد نجيب وغيرهم مع مجموعه أخرى من شباب الإخوان .
  • الحاج محمود شكري : الإخواني الكبير ويجدر أن أضع اسمه مباشرة كرجل علم من خلال مكتبه الدعوة علي جذب الشباب وربي كثير من شباب غرب الإسكندرية رغم انه لم يكن يوما خطيبا ولا محاضرا وقام بترتيب مجموعات من الشباب تحت صفوف الإخوان مباشرة أمثال محمود عيد،احمد عبد ربه
ملحوظة: كان شباب مسجد الروضة ومسجد النور وشباب غرب الإسكندرية يرتبطون بالعمل الإخواني منذ البداية وكان نشاطهم في إحيائهم ولم يكن لهم نشاط بارز وسط طلاب جامعه الإسكندرية أما منطقه شرق الإسكندرية فكان معظم شبابها من شباب الجامعة الذين التحقوا فيما بعد بالإخوان انقسمت الإسكندرية إلى منطقتين اخوانيتين منطقه غرب ويشرف عليها الحاج محمود شكري معه مجموعه من الشباب لأداره العمل جمال ماضي – إبراهيم السيد – سامح السبع
ويشرف علي الدعوة في شرق أ. جمعة أمين،أ. محمد حسن يساعدهم خالد داوود وحامد الدفراوي ود. إبراهيم الزعفراني .
  • مسجد المعز (محرم بك): وكان يشرف عليه أنصار السنه وعلي رأسهم الشيخ محمد عبد الرحيم وينتمي لانصار السنه وقد نشأ فيه الاخوة محمد إسماعيل – محمد عبد الفتاح - سعيد عبد العظيم - قطب (رحمه الله).
  • مسجد الحاجة زينب بالابراهيمية: وهومسجد لأنصار السنه لكن كان يدرس فيه أ. محمد بسيوني وكان من الإخوان ويذكر مهندس حامد الدفراوي انه جمع عددا كبيرا من الشباب ومنهم خالد الأنصارى الذي ترك المسجد وانخرط في حادث الفنية العسكرية . كما يذكر مهندس حامد أن هذا المسجد لعب دورا كبيرا في جذب الشباب وتجميعهم وتربيتهم .
  • مسجد شباب الإسلام بالحضرة : وكانت تقوم عليه جمعيه شباب الإسلام يدرس فيها د. احمد بربري وهوطب أسنان وأ.د.محمد شوقي أستاذ بكلية الهندسة وكان علي نهج جماعه أنصار السنه والذي اصبح فيما بعد خطيبا في مسجد عبد المنعم رياض بالابراهيميه الذي كان يكتظ بالمصلين .
  • مسجد الفتح (منطقه لامبروزو): وهوأحد مساجد الجمعية الشرعية الشهير كان يقوم بالخطابة فيه والتدريس الشيخ سالم رحمه الله وكنت اذهب إليه من كليوباترا لأحضر بعض الخطب فاجدها خط تنحصر في السنن الظاهرة مثل اللحية والجلباب والعدبة والمسواك وكان روادها يلبسون زيا متشابها وكان الشباب يتوافدون عليه ليتعلم العلم.
  • مسجد الجمعية الشرعية (محرم بك) وكان يؤم الصلاة ويؤدي الخطبة فيه الشيخ عبد الغفار رئيس الجمعية الشرعية بالإسكندرية وكان يؤمه عدد من الشباب الذين
  • عدد من مساجد أنصار السنه بمحرم بك : وكان يشرف عليها الشيخ عبد البديع وكان الشاب وجدي غنيم قد ذاع صيته كخطيب بارع في سن مبكر في مساجد أنصار السنه وكان الشباب يحرصون علي خطبه التي كانت تسير علي نهج أنصار السنه في الحديث عن القبور والأولياء والاضرحه والحلف والذبح لغير الله والتوسل وغيرها مما كان يركزون عليه وتزوج الشاب وجدي غنيم فيما بعد من بنت الشيخ عبد البديع .
الذى ألف قصيدة طويلة فى زوج ابنته حين دخل السجن يقول فى مطلعها (ويا وجدى على وجدى)
  • مسجد الرصافة : حيث كان الشيخ صبحى الخشاب والشيخ محمود آبوالعنين والأستاذ عبد السميع فضة وكلهم من الإخوان ينشطون فى الدعوة وعلمت من الأستاذ محمد حسن انه كان يذهب إلى هناك وانه تعرف على الإخوان من خلالهم .
المساجد الثلاثة التى بناها الأستاذ أبوالفضل رحمه الله : فجر الإسلام، عمر بن الخطاب، عصر الإسلام . حيث كان هورئيس لجمعية فجر الإسلام وكان يأتى على الأرض الفضاء ويجمعنا نحن مجموعة الشباب فبنى حولها سورا ويقوم عمال بناء بعمل أعمدة من الطوب ووضع غطاء الاسبرستس .

ويوضع الميكروفون للآذان ثم يبدا بجمع الأموال ليبنى هذه الصروح الثلاثة الشامخة . فكان مسجد فجر الإسلام بسبورتنج . ومسجد عمر بن الخطاب كامب شيزار . ومسجد عصر الإسلام محطة ترام سيدى جابر المحطة . مليئة بالنشاط الشبابى والصلاة وقيام الليل وكذلك الأنشطة الدينية الطلابية طلبة وطالبات، والذى خلفه فى رئاسة هذه الجمعية الاستاذ محمد حسين بعد وفاته رحمه الله .

الاستاذ: عمر التلمساني اول مرشد عام للاخوان رايته وتعاملت معه

لقد مثل فى حياتى تحولا كبيرا حيث رايت فيه شخصية اسلامية متكاملة خلقا وعلما وثقافة وحركة. رايت ان اروى بعض ماعايشته وبعض ما سمعته من سيرته العطره

تعامله مع زوجته

الموقف الاول:

دعوناه بالإسكندرية لالقاء محاضرة بمسجد عصر الاسلام سيدى جابر وكان ذلك فى اوائل الثمانينات من القرن الماضى (القرن العشرون) فى شهر رمضان وحين قدم الينا صاحب المنزل مشروب عصير المانجو قبل الافطار مباشرة اعتذر الاستاذ عمر عن شربها وطلب مشروبا اخر وحين ساله احد المجاورين له عن الاسباب التى تمنعه عن شرب المانجو هل هى اسباب صحية ام لعدم رغبه فيها

اجاب بالنفى وحين اصر الحاضرون على معرفة الاسباب الحقيقية قال: كنت اريد ان احتفظ لنفسى بهذا الامر اما وقد اصررتم على معرفة الحقيقة فاقول لكم. لقد تعودت مع زوجتى رحمها الله بعد عودتى من عملى مساء ان نصلى سويا ركعتى قيام ليل كل ليلة ثم بعدها نتناول سويا عصير المانجو الذى كان احب العصائر الينا فلما توفيت عاهدت الله الا اشرب هذا العصير المحبب اليها الا معها فى الجنة فكان درسا لنا فى الوفاء .

الموقف الثانى:

حكاه الاستاذ الفاضل ابراهيم شرف رحمه الله وكان مرافقا للاستاذ عمر رحمه الله قال: سالنى الاستاذ يوما يا استاذ ابراهيم هل البيض المسلوق تظهر فيه مهارة المرأة فى الطهى قلت له لا هوماء يغلى فقال ولماذا يا ابراهيم طعم البيض المسلوق احلى بكثير حين اكله من عمل زوجتى فكان درسا فيما يصنعه الحب بين الزوجين.

الموقف الثالث:

حين سجن الاستاذ عمر فى مستشفى استقبال طره فى احداث التحفظ التى قام بها السادات فى سبتمبر عام 1981 صاحبه فى المستشفى عدد من الجنائيين المتيسرى الحال وقاموا بخدمته وكان يحبونه ويحبون التسامر معه وهم يلتفون حوله ويطلقون عليه (جدو عمر) فى احدى لقاءات التسامر هذه سالوه (يا جدو عمر انت راجل طيب جاوبنا بصدق هل انت لم تزعل من زوجتك ابدا ؟)

قال : يا اولادى ليس فيه زوجين الا ويحدث بينهما احيانا زعل – فسالوه لما تزعلك زعل شديد ماذا تفعل معها ؟ قال اعاقبها، فانتابتهم الفرحة ليعرفوا ما هى نوع العقوبة التى كان ينزلها هذا الرجل الصالح بزوجته قالوا تعاقبها بضربها قال : يا ابنائى هل يوجد رجل ذو رجوله وخلق يضرب زوجته قال تعاقبها اذا بسبها قال : يا اولادى هل يوجد رجل ذو رجوله وخلق يسب زوجته فصاحوا فى حدة اذا بماذا تعاقبها ... قال اعاقبها عقابا شديدا . بعد طهيها للطعام لا اتناوله واتناول بدلا منه العيش والجبنة . وكان هذا اكبر عقاب لامراة ذات خلق وعشرة طيبة . وكان الجواب مدهشا لرفقائه الجنائيين الذين لم يتصورا ان هناك معاملة مثل هذه .

معاملته مع منتقديه ومنتقدى جماعته

وصل الاستاذ عمر التلمساني يوما مكتبه الكائن 1 ش سوق التوفيقيه ليجد عددا من الإخوان ثائرون على مقالة كتبتها السيدة امينة السعيد، تنال فيها من الإخوان المسلمون وكانت المقال الاول لسلسلة مقالات تعتزم ان توالى كتابتها فى مجلة روزاليوسف الاسبوعية المصرية وعندما جلس الاستاذ وعرف سبب هذه الثورة اخذ المقال وقراه كاملا ثم اتصل هاتفيا وسمعه الإخوان يقول لمن على الطرف الاخر السيدة امينة ؟ انا عمر التلمساني، هل وقت سيادتك يتسع لاشرب معك فنجان قهوة اين ؟ متى ؟ وما هو الوقت المسموح لهذا اللقاء ؟ اشكرك اشكرك .

وثارت ثائره الإخوان وصاحوا قائلين: السيدة امينة ! تريد ان تذهب اليها انت وانت رمز الإخوان !، لكن الاستاذ اصر على موقفه وانه على استعداد ان يذهب لمناقشة اى منتقد للاخوان وتوضيح الصورة له مهما كلفه ذلك. وبالفعل ذهب وقابلها وتناقش معها ... وكانت نتيجة هذا اللقاء هو المقال الثانى للسيدة امينة السيد بعنوان (مقابلة كريمة مع رجل كريم) وصفت فيها علم وخلق وثقافة الاستاذ عمر ثم اوقفت السيدة امينة سلسلة المقالات التى كانت تعتزم كتابتها ضد الإخوان .

حدث نفس الموقف مع الاستاذ ابراهيم سعده حين كتب مقاله الافتتاحى فى اخبار اليوم عام 1984 تعليقا على دخول الإخوان المسلمون انتخابات مجلس الشعب فى هذا العام على قوائم جزب الوفد وكان العنوان (اعداء الامس اصدقاء اليوم) حمل فيه على الإخوان انهم تخلو عن خطهم الدينى بتعاونهم مع حزب علمانى .

كما حمل على الوفد انهم تناسوا خطهم العلمانى بتحالفهم مع جماعة دينية واصفا هذا الموقف منهما انه تغليب للمصالح على المبادئ الاصيلة. بعد نشر المقال مباشرة اتصل به الاستاذ عمر التلمساني وقام بزيارته فى مكتبه بمبنى الاخبار حيث استقبله الاستاذ ابراهيم سعدة خير استقبال وبعد حوار ونقاش طويل . خرجت جريدة اخبار اليوم السبت التالى ومقاله الاستاذ ابراهيم سعده تحمل عنوان(مقابلة كريمة مع رجل كريم) ليعطى الإخوان درسا في التعامل مع الآخر .

الاستاذ عمر التلمساني صاحب القلم السيال والمنفتح على المجتمع

كان الاستاذ عمر صاحب قلم يكتب الى كافة الصحف والمجلات المحلية والعربية وسطر الافكار ويقدم المبادارات . حتى اخر لحظة فى حياته فقد قمت بزيارته وهو فى مرضه الاخير فى مستشفى كليوباترا بالقاهرة وكانت تعتريه حالات اغماء بين الحين والحين . فاذا افاق نادى الاستاذ ابراهيم شرف ليناوله الاوراق والقلم ليكتب مقاله الذى كان يكتبه قبل اغمائه . وكان يحرص رحمه الله على حضور الندوات والقاءات محاضرا اومستمعا ومناقشا ومحاورا

الاستاذ عمر يواجه الرئيس السادات في الإسماعيلية

دعاه يوما الرئيس الراحل أنور السادات الى لقاء عقد بالإسماعيلية دعى اليه المسئولين ورموز المجتمع المصرى .. ويومها نال الرئيس السادات من الإخوان المسلمين فى كلمته .. وبعد انتهاء الكلمة طلب الاستاذ عمر الحديث فى شجاعة وبعد ان اذن له فى الحديث

قال كلماته الحكيمة اتذكر منها قوله(يا ريس الله يعلم كم امرضنى ما قلتم سيادتكم عن الإخوان لوكان الذى قال ذلك احد غير الرئيس السادات لشكوته للرئيس السادات اما وان الرئيس السادات هوالذى قالها فانا اشتكيك الى الله وهنا ارتفع صوت السادات قائلا اسحب شكواك يا عمر انا باخاف من ربنا فرد الاستاذ عمر يا ريس انا اشتكيتك لعادل لا يظلم).

ولقد استوقفنى هذا المشهد للوقوف امام مقهى لاشاهد ذلك فى التلفاز وبعد انتهاء هذا المشهد رايت رواد المقهى يصفقون للاستاذ عمر سعادة بشجاعته وفصاحته امام رئيس الجمهورية(فكان درسا في الشجاعه والاحترام واللباقه معا). .

د. عبد المنعم أبو الفتوح يقف للرئيس السادات

ذكرني موقف الأستاذ عمر هذا بموقف أخي الحبيب الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح وكان لا يزال طالباً وعضواً في مجلس إتحاد طلاب مصر (وهوأول كادر اسلامي إخواني يصل لهذا الموقع) حيث أعد الرئيس السادات لقاء حواري مع إتحاد طلاب مصر وأذيع مباشرة على شاشة التلفاز في عام 1975

وكان المقصود ان يحاور الفكر الناصري متمثلاً فى الأستاذ: حمدين صباحي الذي كان هوالآخر يومها عضوفي مجلس اتحاد طلاب مصر وقد رتب لهذا اللقاء ليتمكن الرئيس من تفنيد مساوئ هذا الفكر الإشتراكي تدعيماً لتوجهه الجديد للإقتصاد الحر السير في ركاب الأمريكان وكان نقاشاً مستفيضاً وتفصيلياً.

وبعد إنتهاء هذا النقاش بين الرئيس وبين حمدين صباحي قام عبد المنعم أبو الفتوح بعد أن رفع يده وسمح له الرئيس بالحديث قام ليتحدث عن الفساد في وسائل الإعلام وغياب التوجه الإسلامي فيها بل ومحاربتها لمبادئه ثم عرج على منع فضيلة الشيخ محمد الغزالي من الخطابة في أحدى مساجد القاهرة الكبرى .

وهنا أنفجر السادات غاضباً ومهدداً (حيث لم يكن مستعداً لمناقشة من هذا النوع مع طالب يحمل الفكر الإسلامي) فنال من الشيخ الغزالى متهماً إياه بأنه يثير فتنة طائفية وتوعد من يفعل ذلك بالعقاب وأستمر عبد المنعم في النقد في شجاعة وحماس الشباب متهماً من يحيطون السادات بأنهم ينافقونه .

هنا صاح السادات :(قف مكانك.) ورد عبد المنعم بثبات :(أنا واقف مكاني يا فندم؟) وازداد غضب السادات وواصل تهديداته وعبد المنعم ثابت لا يتزعزع عن موقفه. وإنتهى اللقاء ونحن كلنا إعجاب بشجاعة زميلنا أمام رئيس الجمهورية وأنه إستطاع طرح القضية الإسلامية وسط هذا التعتم على هذا المستوى.توقع الكثيرون ان يعاقب عبد المنعم أبو الفتوح على موقفه هذا وأشيعت الشائعات عن إختطافه أوإعتقاله ولكنه لم يمس بسوء وهذه حسنة تذكر للرئيس السادات في بداية حكمه. كما مثل الطالب عبد المنعم أبو الفتوح بشجاعته إمتداداً لتاريخ .

الطالب (م.س) يعترض على قرار الرئيس مبارك

ذكرتني المواقف السابقة بالطالب (م.س) عام 1990 وكان وقتها رئيس لإتحاد طلاب مصر للمدارس الثانوية ويسكن منطقة العصافرة قبلي بالإسكندرية جاء الى منزلي مع الشاب (م.ع) وكان مشرفاً على أنشطة طلاب المرحلة الثانوية بمنطقة العصافرة. وتحدث الطالب (م.س) على ان السيد... وكيل وزارة التربية والتعليم بالإسكندرية سوف يصطحبه مع بعض أعضاء إتحاد طلاب المرحلة الثانوية إلى مبنى رئاسة الجمهورية للتوقيع في دفتر التشريفات

بالموافقة على قرار السيد الرئيس: حسني مبارك بإرسال بعض قواتنا إلى حفر الباطن بالسعودية عام 1990 أثناء حرب الخليج الثانية بعد غزو العراق لدولة الكويت (وكان هناك رأى عام يرفض أن تشارك قواتنا المصرية قوات أمريكا والتحالف في هذة الحرب) وذكر الطالب (م.س) أنه يرى أن يذهب ويكتب في دفتر التشريفات إعتراضه على هذا القرار ويوقع . ولكن إخوانه في العصافرة لم يوافقوه على ذلك وطلبوا منه عدم الذهاب .

وهنا طلب مني الشاب (م.ع) ان أقنع هؤلاء الإخوان الرافضين لذهابه وعندها سألت الشاب (م.س) : هل تستطيع تحمل تبعات هذا الموقف ؟ أجاب : نعم أستطيع تحملها. وهنا قال الشاب(م.ع) : ولماذا لا يكون مثل الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح الذى قام بشجاعة وقال رأيه امام الرئيس السادات وكان ما يزال طالباً حينها .

وعندها سألته : وهل الطالب (م.س) مثل الدكتور عبد المنعم ؟ أجابنى الشاب (م.ع) : ولما لا يكون مثله؟ هذه الأمة التى أنجبت الدكتور عبد المنعم تستطيع أن تنجب مئات أمثاله فلندع هذا الطالب ليعبر عن رجولته.

أقتنعت برأيه وقمت بدوري بإقناع إخواني بمنطقة العصافرة وسافر الطالب (م.س) وقام بما وعد به وحين قرأ المسئول عن دفتر التشريفات عبارات الإعتراض غضب ونال من السيد وكيل وزارة التربية والتعليم بالإسكندرية . وعاد الطالب (م.س) فرحاً بالثقة التى أعطيت له من إخوانه سعيداً بنجاحه في أن يدخل قافلة سيد الشهداء حمزة رضي الله عنه فكان درساً لي في ألا أبخس هذه البرعام الأسلامية حقها وقدرها.

الاستاذ عمر ونظرته للشباب

كان الاستاذ ينظر الى الشباب نظرة احترام وتقدير وكان يحملهم المسئولية ويبنى فيهم الثقة بانفسهم ويستمع اليهم ويسعد بنصائحهم وافكارهم وهنا اذكر مثالين .

المثال الاول : اراد فضيلة الشيخ حافظ سلامه ان يقوم بمظاهرة مليونية بالمصاحف فى مدينة القاهرة مطالبا بتطبيق الشريعة الاسلامية من مسجد النور الذى أشرف على بناؤه (وقد كان الشيخ حافظ سلامه زائع الصيت خاصة بعد ان قاد المقاومه الشعبية فى السويس فى مواجه الصهاينة عام 1973 ورفض تسليمها لليهود رغم موقف الضعف الذى ظهر به محافظ السويس وقتها)

وعقب الاعلان عن هذه المظاهرة تلبدت الاجواء السياسية بالغيوم وإستعد النظام ليبطش بالاسلاميين، لم يكن الإخوان موافقون على هذه الطريقة ولا على المظاهرة فتشكلت لجنة من شباب الإخوان لمقابلة المسئوليين وكبار الصحفيين والسياسيين لشرح الموقف وتهدئة الاوضاع وكان ذلك بتشجيع كامل من الاستاذ عمر التلمساني شخصيا .

اذكر من افرادها (د . عبد المنعم أبو الفتوح، د . عصام العريان، أ. مختار نوح، أ . محمد عبد القدوس ، م. ابوالعلا ماضى، د . محمد عبد اللطيف، م. خالد داود، إبراهيم الزعفراني) وكان يرتب لهذه اللقاءات الاخ الفاضل الاستاذ محمد عبد القدوس والذى يلقى احترام وحبا خاصا من الاستاذ عمر التلمساني . وكنا نلتقى بالاستاذ عمر بعد لقاءتهما وكان دائم التشجيع لنا للاستمرار والثناء على حاوراراتنا مع من قابلناهم وكانت له بعد الاستدراكات اللطيفة مثل قوله (لماذا نقول للاخرين انت تظلموننا الافضل ان نقول لهم انتم لم تنصفونا)

المثال الثانى:

حيث كان هناك اعتصام لطلبة المدينة الجامعية بالإسكندرية شارك فيه جميع الطلاب داخل المدينة احتجاجا على طرد بعض زملائهم من المدينة بسبب افكارهم الاسلامية فامتنع الطلاب جميعا عن تسلم الطعام وافترشوا البطاطين فى حدائق المدينة وكان يبيتون خارج غرفتهم وكان اهالى المناطق المجاورة يشاطرون الطلاب بارسال الاطعمة من المنازل المحيطة للطلاب المعتصمين وكان ذلك عام 1978

واتصل الاستاذ عمر للتوسط لانهاء الاعتصام لكن الاعتصام استمر فطلب الأستاذ احد الطلبة القيادين فذهبت لمقابلته بالقاهرة وكان يقوم بدور الوساطه لفض الاعتصام وحضر احد ضباط امن الدولة الى مكتب الإخوان بالتوفيقية وحرص الاستاذ على ان يتم الحوار مباشرة بين الضابط وهذا القيادى الشاب الذى قدم من الإسكندرية وكان الشاب منطلقا بحريته تحدث مع الضابط قائلا له لماذا تواجهون الطلبة المعتصمين بهذا التجاهل

وعندما ذكر الضابط بان الاعتصام ليس الطريق الصحيح للمطالبة بالحقوق تكلم هذا الشاب بقوة وثبات لقد سلك الطلاب الطرق الرسمية فلم تجدى فقاموا بالاعتصام السلمى دون اتلاف اواهانة لاحد كان الاولى بكم ان تذهبوا الى الإسكندرية وتناقشوا الطلاب فان كانوا محقين اعدتم الطلبة الى مدينتهم شاكرين لهم رفع اصواتهم نصرة للحق هل تريدون طلبة خائفين تؤخذ حقوقهم

وليس لهم الا ان يبوسوا القدم ويبدوا الندم على غلطتهم فى حق من ظلم (كما يقولون) لماذا لا تشجعوا الشباب ان يكون حرا وان يثور من اجل حقه ما دام لم يتلف شيئا ولم يهن احدا كل ذلك والاستاذ عمر يستمع تاركا الفرصة للشاب ان يحاور ويعبر عن رايه بما يتناسب مع سنه وطبيعته فى مواجه ضابط امن الدولة .

الاستاذ عمر والاتجاه بالإخوان الى طريق المشاركة السياسية

لقد كان الاستاذ عمر من اكبر المشجعين للشباب الإخوان للاندماج فى المجتمع والمشاركة فى الاتحادات الطلابية والنقابات المهنية . ولقد كان عنصرا اساسيا فى عمل تحالف انتخابى مع حزب الوفد الجديد عام 1984 رغم معارضة عدد من الإخوان، وظل محافظا على هذا التحالف رغم ما قام به الوفد من الاخلال بعدد الإخوان الذين مثلوا فى رؤوس القوائم عن العدد المتفق عليه وهو32 رجلا على مستوى الجمهورية ولم يوفوا الا بثمانية افراد .

وكانت كلمته الشهيرة لمن ارادوا فض التحالف من اجل هذا الموقف من جانب الوفد (لولم يضع الوفد احدا من الإخوان على قوائمه فسوف ننتخب الوفد وذلك من اجل اثراء الحياة السياسية بمصر وليس من مصلحة مصر ان يستاثر حزب واحد وهو الحزب الوطنى بالساحة السياسية وحده) كما كان يقول (انا لا احب مصطلح (معركة انتخابية) والاحب الى نفسى ان اسميها منافسة انتخابية) ولقد نهج الإخوان من بعده نهج المشاركة فى الحياة العامة والميدان السياسى بعد هذا التحول الكريم الذى كان رحمه الله حجر الزاوية فيه .

اعتقالات 3 سبتمبر 1981

بعد عقد السادات معاهدة كامب ديفيد مع اسرائيل قاطعته الدول العربية جميعا ونقل مقر جامعة الدول العربية وجميع مؤسساتها الى خارج مصر، وضاقت الحلقات عليه وواجه معارضة شديدة من الداخل رافضة للمعاهدة بدا السادات يفقد اعصابه

مناحم بيجن وزيارة الإسكندرية

فى هذه الاثناء قرر مناحم بيجن زيارة الإسكندرية فى اول زيارة رئيس وزراء للكيان الصهيونى لمصر – وذهبنا نحن شباب الإخوان بالإسكندرية الى الاكبر سنا من اخواننا من الإخوان طالبين ان نقوم باعتراض على الزيارة

متمثل فى ثلاث فعاليات:

الأولى: حرق الاعلام الاسرائيلية التى علقت ابتداءا من قصر الصفا الذى ينزل فيه مناحن بيجن (زيزينيا) حتى طريق الحرية
والفعالية الثانية: توزيع بيان فى الشوارع بعدد مائة الف على اهالى الإسكندرية وهو عبارة عن ورقة على احد وجهيها صورة مناحن بيجن من وجهه وهويمسك غصن زيتون ويده الاخرى وراء ظهره والوجه الاخر مناحم بيجن من الخلف ويده الاخرى تحمل سكينا يقطر دما وقدمه فوق عدة جماجم بشرية مكتوب عليها مذابح دير ياسين وغيرها من المذابح . ويحمل البيان الموزع دعوة المؤتمر ليلا فى مسجد القائد ابراهيم لمنع مناحن بيجين من زيارة المعبد اليهودى بمنطقة محطة الرمل .
ولكن الإخوان بالإسكندرية الاكبر منا طلبوا موافقة الاستاذ عمر التلمساني مرشد الإخوان شخصيا على هذا الامر وسافر الإخوان (خ . د) و(أ . ف) واتصلا بى وأخبرانى أن رد الاستاذ الفورى كان (اذا كان لديكم رجال يستطيعون القيام بهذا العمل العظيم فعلى بركة الله وابلغوا اخوان الإسكندرية تحياتى) وبدأنا التنفيذ وتوجهنا لاحراق الاعلام ولكننا وجدناها قد رفعت من قبل السلطات بعد ان اثارت حفيظة الشعب السكندري. وقمنا بتوزيع البيان بعد صلاة العصر في طول الإسكندرية وعرضها.
وبعد المغرب توافدت الجماهير الي مسجد القائد ابراهيم لتفاجأ بأن قوات امن ضخمة بعربات مدرعة قد أغلقت المسجد وكل المنافذ المؤدية اليه مما احدث ارباكا شديدا في اكثر مناطق الإسكندرية ازدحاما (محطة الرمل) مما دفع السلطات الي الغاء زيارة مناحم بيجن للمعبد اليهودي وبهذا عبر شعب الإسكندرية ممثلا عن شعب مصر كله عن رفض هذه الزيارة البغيضة لعدوبغيض

حكايات د.الزعفرانى

الحلقة الخامسة: المحاكم العسكرية والقبض على اول مجموعة عام 1995

فى ليلة 21/1/1995 تم القبض علي وعلمت من ضابط امن الدولة الذي رافق قوة الضبط والاحضار اننا سنسافر القاهرة صباحا لان القضية امام نيابة امن الدولة العليا واحتجزت في قسم المنتزة في حجرة انفرادي وقمت اصلى حتى الفجر وانا ادعو الله الا ياتى احد غيرى والا يكون قد قبض على احد غيرى لانى كنت اتمنى ان يكون عدد المقبوض عليهم قليل جدا

حتى انى كنت شديد السعادة حين طلبنى نائب مامور القسم ليخبرنى بان سيارة الترحيلة الى القاهرة حضرت ولم اجد بها سواى فاحسست ان الله قد استجاب دعائى كان ذلك لشديد خوفى على اخوانى وحرصى على الا يصاب احد غيرى بسوء وبعد وصولى نيابة امن الدولة بالقاهرة فوجئت بان الاستاذ جمال ماضى قد احضر وحده ايضا من الإسكندرية كلانا فى سيارة شرطة مستقلة ودخلنا الحجز لنرى عدد 27 أخ من مختلف المحافظات.

سلمنا عليهم ووقفت مع اخى جمال فى الحجز نتحدث عن ما حدث اثناء تفتيش منزله وتتعالى اصواتنا بالضحك واذا بصوت د. عصام العريان المرتفع بطبيعته وضحكاته تنطلق من خارج الحجز وهو داخل علينا فتصافحنا وتعانقنا وشاركنا حديثنا المثير للضحك وباقى الإخوان ينظرون الينا بدهشة

فاكتمل عددنا ثلاثون رجل وهم د. عصام العريان الامين المساعد لنقابة اطباء مصر وعضو مجلس الشعب عام 1987 ود. إبراهيم الزعفراني امين نقابة اطباء الإسكندرية ، م. محمد عبد الفتاح الشريف من دمنهور ويبلغ من العمر 86 عاماً، المحاسب عبد الخالق حسن عبد الوهاب من " بني سويف" ، والمحاسب محمد العريشى (القاهرة)

د. محمد سلامة (الجيزة) ، د. على عز ثابت مدرس بكلية طب أسيوط ، م. احمد محمود ابراهيم رئيس مجلس محلى حى الاربعين(السويس) ،أ. محمد بسيونى حسين القصب مدرس (طنطا) ، م. سعد الحسيني (المحلة) ، أ. محمود سعيد الديب مدرس (دمياط) ، المهندس الزراعى حسين اسماعيل عثمان (القاهرة) ، د. محمد عبد الغني رئيس مجلس محلى مدينة الزقازيق ، أ. جمال سعد ماضى صاحب دار طباعة ونشر ، المهندس الزراعى محمد حسن ابراهيم فرج (بورسعيد)

أ. احمد محمد فرج مدرس (الفيوم) ، د. محمد عوض رمضان (البحيرة) ، م. جمال عبد الناصر بطيشة (البحيرة) ، المحاسب محمد عبده ابراهيم (القاهرة) ، أ. مصطفى عبد الحكيم حجازى عضو مجلس محلى مدينة وسيم(الجيزة)، أ. ابراهيم متولى حسين (القاهرة) ، أ. صبيح على صبيح (القاهرة)

م. رزق عبد الرشيد يونس (المنوفية) ، د. ابراهيم البيومى غانم عضو هيئة التدريس بجامعة القاهرة ، أ. قاسم محمد قاسم (القاهرة) ، د. محمود مصطفى البندار (السويس) ، أ. بشير محمد العبد (العريش) ، د. محمد طه وهدان عضو هيئة تدريس الإسماعيلية ، أ.عبد الله طه وهدان (تاجر) وامرت نيابة امن الدولة بحبسنا احتياطيا فى سجن مزرعة طرة ثم نقلنا الى ملحق سجن مزرعة طرة .

ردود افعال القبض علينا عام 1995

كانت ردود الفعل واسعة جدا الخصها فيما يلى :

قامت صحف احزاب المعارضة بدور كبير فى فضح ممارسات النظام بالقبض علينا خاصة (جريدة الشعب) لسان حال حزب العمل الاشتراكى وجريدة الاحرار والوفد . كما قامت النقابات المهنية (سبعة عشر نقابة مهنية) باصدار بيانات تستنكر فيها القبض علينا .وقامت بالعديد من المظاهرات والاعتصامات الاتصال بالمسئولين ولجان حقوق الانسان المصرية والعربية والدولية . انتداب محامين كبار لحضور التحقيقات والدفاع عنا .

الحركة داخل الاوساط الطلابية والنقابية والشعبية لاستنكار هذا القبض والحبس . كما قامت الاتحادات النقابية العربية بادانة هذا العمل المنافى للحرية وحقوق المواطنين . قيام نقابات المحامين ببريطانيا وغيرها بالتنديد بالاعتقالات وحضور بعضهم للمحاكمات قامت قيادات اخوانية امثال د. عبد المنعم أبو الفتوح وأ. مختار نوح بمقابلات مع بعض الرموز اللصيقة بالنظام المصرى الذى ابلغوهم ان هذه القضية اكبر من كل مرة وانها ستتصاعد وان القيادة السياسية تعد للاخوان ما هو اسوا خلال المرحلة القادمة .

دفعة ثانية تدخل السجن في يوليو 1995

استمر تجديد حبسنا احتياطيا مدة ثلاثة اشهر ثم بدات نيابة امن الدولة اخلاء سبيل البعض منا فى كل مرة وبعد ستة اشهر لم يتبقى منا الا اثنى عشر رجلا بالسجن وعرضنا على محكمة جنايات منعقدة بغرفة مشورة وتم الافراج عن اربعة منا وجدد حبس الثمانية الباقين خمسة واربعين يوم ولم تمضى ايام علينا نحن الثمانية فى السجن وفى يوم 18 يوليو 1995 فوجئنا ليلا باصوات مسجونين جدد يدخلون السجن باعداد كبيرة

وحين سالناهم من داخل الزنازين عرفنا انه تم القبض على ما يزيد على اربعين رجلاً من الإخوان المسلمين خاصة من اعضاء مجلس الشعب السابقين منهم الاستاذ محمد حسين عيسي (الإسكندرية) ، الحاج حسن الجمل رحمه الله من القاهرة ، الدكتور محمد فؤاد عبد المجيد (كفر الشيخ) وعدد من اعضاء مكتب الإرشاد و أ . د. محمد حبيب (عضو نادى اعضاء هيئة التدريس بأسيوط وعضو مجلس شعب سابق) ، م. خيرت الشاطر ومن النقابات المهنية د. أنور شحاته امين صندوق النقابة العامة (رحمه الله) واخوانه من النقابيين الأستاذ محمود أبو رية الدقهلية

و الأستاذ نبيل عزام و الحاج حلمي حمود (80 عاماً) بور سعيد الحاج عبد الفتاح الشريف والأستاذ محمد سويدان والأستاذ محسن القويعي البحيرة الأستاذ عبد الفتاح عبد الصمد رحمه الله الفيوم الأساذ سيد النزيلي والمهندس محمد الصروي والدكتور محمد عبد اللطيف د.محمد سعد عليوة (الجيزة) والشيخ علي متولي شرقية والشيخ سيد الصاوي والأستاذ لاشين أبو شنب والأستاذ عاشور والأستاذ الدكتور السيد عبد الستار أ.د. عبد الحميد الغزالي (جامعة القاهرة) وزاد عددنا بالسجن مرة اخرى عن خمسين رجلا وتم التجديد للمجموعة الجديدة الحبس الاحتياطى .

الاحالة الى النيابة العسكرية بغير سابق إنذار

خرجنا نحن الثمانية الباقين من القضية الأولي من صباح يوم السبت 2/9/1995 يودعنا إخواننا بالأناشيد وكلنا فرح وبشر للذهاب إلي محكمة جنوب القاهرة حيث نحن معتمدين علي الله ومتوكلين عليه وحده في أن يكون القاضي عادلاً منصفاً وأثناء سير سيارة الترحيلة لاحظنا أنها تسير في إتجاه مدينة نصر وتذهب إلي الصحراء فما كان منا إلا أن انفجرنا في النكات والضحك

(لان قبلها بيوم كان يحكي لنا أ. محمد الصروي عن حادث في عام 1965 حين اقتادوه وقالو له سوف يطلق عليك الرصاص وشاهد قوات تحمل السلاح داخل السجن حوالي مائتي فرد فقال فتأكدت أني ميت فترددت أاقول لا إله إلا الله أم أقول أستغفر الله فاهتديت إلي ان أقول مرة لا إله إلا الله والثانية أستغفر الله...... وظل علي هذا الحال وفوجيء أنه ذاهب لعمل فيش وتشبيه) انتهت قصة الأستاذ محمد الصروي "رحمه الله".

فلما وجدنا السيارة تتجه بنا إلي الصحراء قلنا يمكن سيطلقو علينا الرصاص فقلنا وكلنا سرور وفرح بسرعة يا جماعة قولوا مثلما كان يقول الأستاذ الصروي لا إله إلا الله أستغفر الله لا إله إلا الله أستغفر الله وظللنا نمرح في السيارة وقائد الحملة يوقف السيارة مرة بعد أخري ليسئل عن الطريق ورحنا ننادي عليه ونحن نضحك (يا بيه اذا مكنتش عارف إحنا رايحين فين رجعنا لإخونا في ملحق طرة إحنا مش جايين من الشارع !)

وراح يضحك هو الآخر ولكنه رفض أن يخبرنا بوجهتنا حتي وصلنا إلي النيابة العسكرية في الحي العاشر بمدينة نصر قلنا للضابط (يا عم أنت غلطان في العنوان المفروض نروح محكمة جنوب بمصر الجديدة وملناش دعوة بالنيابة العسكرية) - و لم نكن قد قرانا الخبر في جريدة الأهرام - فقال الضابط لا الجواب اللي معايا موجه للنيابة العسكرية فقلنا يا عم إحنا معناش المحامين قال أنا مليش دعوة غير بترحيلكم أنتم ناس دكاترة ومهندسين

وتقدرو تتصرفوا وبعدين فتح الباب ودخلت العربية وتوقفت في الحديقة التابعة للمبنى وظللنا ننادي علي المارة حتي إستجاب لنا إثنين من المحامين وكان أحدهما من الإخوان المسلمون ويعمل محامياً في المحاكم العسكرية وطلبنا منهما اللإتصال بالمحامين ليبلغوهم اننا بالنيابة العسكرية فعلا بعد ساعة وصل ثلاثة من إخواننا المحامين وسلموا علينا ودخلو المبني وبعد قليل نزلنا من السيارة ونحن نهتف هتافاتنا المعهودة

داخل قاعة بمبنى النيابة العسكرية

دخلنا قاعة محكمة كانت صغيرة جداً ولم يكن بالقاعة كلها سوانا في الحجز ولحق بنا ثلاثة من شباب المحامين وبدانا ندعو الله علي الظالمين وبعد قليل دخل القاعة صول ونادي (محكمة) فدخل لواء جيش وعقيدين ومقدمين وجلسوا علي المنصة وكان اللواء اسمه عبد المنعم نافع فقال وهو مضطرب لأحد الجالسن علي المنصة من جهة اليمين طلبات النيابة فقام ممثل النيابة العسكرية واقفاً وقال أطلب مد الحبس 45 يوماً لكل المتهمين ثم استدرك اللواء قائلاً آسف استني يا نيابة بطلباتك لغاية ما ننادي علي المتهمين ونثبت حضورهم وحضور المحامين أولاً....!

ولم يكن امامه إلا ورقة مكتوب فيها أسماؤنا ووظائفنا نادى علينا بقراءتها وقال أنتم متهمون بتهمتين: الاولي هو الإنتماء لجماعة محظورة والثانية التغلغل في الأوساط النقابية والشعبية للوصول للحكم وقمنا جميعاً برفض التهم التي وجهت إلينا وتكلم الدكتور عصام العريان وقال يا سيادة اللواء مين اللي بيتهمنا فتلعثم اللواء وقال النيابة العسكرية اللى بتتهمكم قال الدكتور عصام النيابة العسكرية يافندم عمرها ما شافتنا ولا شفناها ثم وجه حديثه إلي النائب العسكري يا سيادة النائب العسكري حضرتك شفتنا قبل كده

فاستدرك اللواء قائلاً: لا اللي بيتهمكم نيابة أمن الدولة فقال عصام أنتم يا فندم ناس عسكريين مالكم ومال نيابة أمن الدولة فرد اللواء : النيابة العسكرية إمتداد وتنسيق مع نيابة أمن الدولة وعندها ضحكنا جميعاً ثم تكلم أحدنا وقال " يا سيادة اللواء احنا حضرتك جايين هنا غلط يا فندم أنتم مالكم ومالنا إحنا لا ناس عسكريين ولا ناس قمنا بأعمال عنف احنا بنرفض الزج بالجيش في خلاف سياسي بيننا وبين الحكومة . الجيش يا فندم له رسالته التي نحترمها ونقدرها" رد اللواء: مفيش غلط ولا حاجة القضية دلوقت محولة لنا.

وهنا طلب المحامي عبد المنعم عبد المقصود الإطلاع علي قرار الإحالة فقال اللواء مش معايا دلوقت هو أنت مش مصدقني وقام منتفضا من علي كرسيه وقال الحكم بعد المداولة وعاد بعد قليل ليقول قررت المحكمة استمرار الحبس الإحتياطي لجميع المتهمين 45 يوما . ثم عدنا إلي السجن مرة أخري لنجد اخواننا في استقبالنا وكانو مشفقين علينا حين قرأوا في الصباح تحويل قضيتنا وقضيتهم للقضاء العسكري ولقد فوجئوا بنا عائدين وكلنا قوة وعزيمة لنحكي لهم ما حدث من مواقف وطرائف .

دفعة ثالثة من الإخوان تنضم إلي المحكمة العسكرية سبتمبر 1995

وفي يوم 28 /9 تم القبض على كلاً من الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح والأستاذ الدكتور محمود عزت عضوي مكتب الإرشاد.كما وصل الى السجن ممن كانوا معتقلين فى سجون آخرى كلاً من الأستاذ طلعت فهمي والأستاذ عبد العزيز زويل والمهندس أسامة مسعد والأستاذ محمد شحاته والدكتور سيد سمك والأستاذ فهمي عامر والأستاذ حامد المداح والحاج حسن و المهندس الكيميائي مصطفي حلمي من (الإسكندرية) والأستاذ الدكتور علي عمران وخمسة معه من (المنيا) .

وبهذا يبلغ عدد الذين قدموا للمحكمة العسكرية فى القضيتين رقم " 811" لسنة 1995 ثلاث وثمانون من الإخوان المسلمين من كافة الاعمار والمحافظات والمهن

جلسات المحكمة العسكرية القضية 8 : 11 عام 1995

فى صباح يوم الجمعة الموافق 16/9/1995 قرانا خبر عقد أولى جلسات المحكمة العسكرية وفى تمام الساعة 6 مساء تم إبلاغنا رسميا بموعد الجلسة غدا السبت 17/9/1995 خرجنا من الزنازين لنصلى الفجر جماعة وبعد الإفطار انطلقت نبا سيارات الشرطة إلى معسكر الهايكستب على أول طريق القاهرة الإسماعيلية الصحراوي . كنا مستبشرين بان الله يصنع بنا شيئا لإعلاء كلمته .

انضم إلينا في قاعة المحكمة المتهمين من إخواننا الواحد وعشرون من الذين كان قد افرجت عنهم النيابة وقد حضروا من بيوتهم . وكان لقاءا اخويا إيمانيا عاليا رغم الظلم الذى نتعرض له ، كما حضر المحامون بإعداد كبيرة من كافة الأطياف السياسية من كبار المحامين المشهورين الأكفاء وكذلك شبابهم الواعد ...

كما حضر عدد كبير من الصحفيين يمثلون جريدة الأخبار والجمهورية والمصور المصرية والأحرار المعارضة والحوادث المصرية والأنباء الكويتية والاسوشست برس .منعت الشرطة العسكرية دخول عدد كبير من المراسلين الأجانب الذين جاءوا لتغطية هذه الجلسة ، وجرت أحاديث صحفية عديدة مع من حضر من المراسلين وكانت جلسة إجراءات ورأس المحكمة اللواء احمد عبد الله .

وزعنا على المحامين الموكلين عنا وطلبت هيئة الدفاع تأجيل المحاكمة إلى حين الفصل فى الطعن المقدم أمام القضاء الادارى ضد رئيس الجمهورية بإحالة القضية إلى القضاء العسكري . ولتمكين هيئة الدفاع من الاطلاع على أوراق القضية نقل مكان المحاكمة فى حال استمرارها إلى ارض المعارض وسط القاهرة حتى يتمكن المحامين والاهالى و مراسلى الصحف ووكالات الأنباء من الحضور الإفراج عن المحبوسين ومحاكمته وهم خارج السجون .

وانتهت الجلسة بقرارات :

تأجيل المحاكمة ليوم 30/9/1995

واستمرار حبس المحبوسين احتياطيا

الجلسة الثانية للمحكمة العسكرية القضية 8 / 11 عام 1995

وفى يوم 30/9/1995 تم ترحيلنا إلى قاعة المحكمة العسكرية بمعسكر الهابكست وحضر عدد من المحامين منع عدد كبير أخر وعدد من الاهالى فى بداية الجلسة مما دفع الاستاذ احمد الخواجة المحامى ونقيب محامى مصر إلى التهديد بالانسحاب إذا لم يتم السماح لهؤلاء الممنوعين من الدخول . واستجابت المحكمة لطلبه وقال القاضى (أنا أديت تعليمات كله يدخل ولو عوزين الشعب كله يدخل يدخل) .

فرد الأستاذ الدكتور محمد سليم العوا المحامى (رئيس هيئة الدفاع) :

"يا سيادة الرئيس إحنا عاوزين قاعة محكمة تسع الشعب كله لان الشعب كله مستعد يحضر مع هؤلاء الأبرياء الذين قدموا وقتهم وجهدهم ومالهم وكل ما يملكون من اجل شعبهم وأمتهم لإرضاء الله تعالى" . كما حضر من المحامون إضافة إلى الاستاذ احمد الخواجة نقيب المحامين والأستاذ الدكتور محمد سليم العوا رئيس هيئة الدفاع الاستاذ مختار نوح (منسق فريق الدفاع) الأستاذ الدكتور نعمان جمعة عميد كلية الحقوق حينها ونائب رئيس حزب الوفد الأستاذ الدكتور عاطف البنا أستاذ القانون الدستوري ، الاستاذ محمد فريد عبد الكريم والاستاذ سيد شعبان من الناصريين والاستاذ مأمون ميسر كما حضر أربعة من المحامين البريطانيين يرتدون باروكة القضاء البريطانية البيضاء والأرواب السوداء .

قدم المحامون طلبات استخراج صور رسمية من انتخابات مجلس الشعب للاخوة المتهمين من أعضاء مجلس الشعب ، وصور رسمية لانتخابات النقابات المهنية للاخوة المتهمين من أعضاء مجالس النقابات المهنية ، وصور رسمية من انتخابات المحليات للاخوة المتهمين من رؤساء وأعضاء المجالس المحلية وصور رسمية من انتخابات نادى أعضاء هيئة التدريس وذلك للمتهمين من رؤساء وأعضاء مجالس نوادي هيئة التدريس وذلك إثبات مكانه هؤلاء المتهمين وسلوكهم طريق العمل العام القانونى وكذلك مدى شعبيتهم فى دوائرهم ونقاباتهم وكلياتهم .

الأستاذ نعمان جمعة يفجر قنبلة قانونية فى الجلسة الثانية للمحاكمة العسكرية عام 1997

حين تقدم إلى رئيس المحكمة قائلا سيادة الرئيس أن الأوراق التي معنا تخلوا من (أدلة ثبوت الاتهام) لاوكل ما معنا هو أوراق التحقيق مع من تسمونهم متهمين أين الأدلة أين شهود الإثبات . إن عدم وجود (أوراق أدلة الثبوت) يعنى أن هؤلاء محبوسين بغير قضية لانعدام أهم ركن فى القضية وهو أدلة الثبوت من مضبوطات وشهود إثبات وغي وإذا بالقاضي يسال ممثل النيابة العسكرية : فين أدلة الثبوت ؟ قال ممثل النيابة يا فند موجودة لكن لم نسلمها للسادة المحامين وتدخل الاستاذ مأمون ميس (المحامى) وقال : يا سيادة القاضى ليس هناك أصلا أدلة ثبوت الاتهام .

ودليلى أن الأوراق التي سلمت لسيادتكم هى أيضا خالية من أدلة ثبوت الاتهام ... وهنا تقدم الأستاذ الدكتور سليم العوا قائلا : يا سيادة القاضى إذا كانت (أوراق أدلة ثبوت الاتهام) موجودة في الأوراق التي سلمت لسيادتكم والتى هى أمامك الآن فنحن نطلب الاطلاع عليها الآن . وإلا فهي غير موجودة ووجب عليكم إطلاق سراح هؤلاء المحبوسين فورا لأنهم محبوسون بغير سند من قانون .

وتازم موقف القاضى فوقف من فوره وصاح بأعلى صوته رفعت الجلسة وسط دهشة وهمهمات الحاضرين – كيف تكون ثمة محاكمة فى قضية ليس بها أوراق أدلة ثبوت الاتهام خاصة أن عمل هيئة الدفاع هو تفنيد هذه الأدلة واثبات عكس ما حوته فما بالك أن كانت هذه الأدلة غير موجودة أصلا . وبعد استراحة استمرت ساعة ونصف استأنفت الجلسة ليعلن القاضى قرار المحكمة بتأجيل المحاكمة لمدة أسبوعين مع استمرار حبس المحبوسون .

المحامون البريطانيون يعبرون عن قلقهم وعدم تفاؤلهم

كان حضور المحامين البريطانيين هو ثمرة لجهد مشكور من نشاط المخلصين الذين وقفوا معنا ضد تحويل المدنيين إلى محاكم عسكرية فى الداخل والخارج وفى أثناء فترة جلسة الاستراحة فى الجلسة الثانية لمحاكمتنا عسكريا عام 1995 وافقت هيئة المحكمة على طلب تقدمت به هيئة الدفاع عنا بمقابلة المحامين الأجانب الذين خرجوا من هذا اللقاء معربين عن قلقهم وعدم تفاؤلهم من سير المحاكمة وقراراتها .

انسحاب فريق الدفاع من المثول أمام المحكمة العسكرية

بعد عدة جلسات إجرائية رفضت فيها الحكمة كل طلبات الدفاع قررت هيئة الدفاع الانسحاب . احتجاجا على محاكمتنا كمدنيين أمام محكمة عسكرية . وان القاضى العسكرى هو فى النهاية مرؤوس لوزير الدفاع والقائد الأعلى للقوات المسلحة وقسمة العسكري يلزمه بطاعتهما وهذا يخل باستقلال القاضى . وغيرها من الأسباب التي تحدث الأستاذ الدكتور محمد سليم العوا عنها فى جلسة الانسحاب لتسجل فى مضبطة المحكمة وبعد الانتهاء من حديثه انسحب جميع المحامين .

مما اغضب رئيس المحكمة حيث توجه إلينا بالحديث ونحن فى الأقفاص نراه ولا يرانا هل انتم موافقون على ما فعله فريق الدفاع فأجبناه بأننا جميعا موافقون على انسحاب هيئة الدفاع كما طلبنا منه أن ألا نحضر من سجننا وان يحاكمنا غيابيا لأننا متفقون مع الأسباب التي تقدم بها دفاعنا للانسحاب . وهنا رفع القاضى الجلسة ليعود لعقدها ويقرر استمرار حبسنا جميعا وحبس الواحد والعشرين الذين كانوا قد أخلى سبيلهم وتعيين محامين للدفاع عنا (بغير اختيارنا ولا رضانا) .

استمرار المحكمة وإجبارنا على حضورها

فى الجلسة التالية لانسحاب هيئة الدفاع عنا ، قدمنا لا دارة السجن اعتراضنا على الذهاب للمحكمة وأننا اعددنا أنفسنا لحكم المحكمة أيا كان هذا الحكم ... فنحن لا نرى اى فائدة لحضورنا المحاكمة ولكن بعد تفاوض وإلحاح وكذلك تهديد من إدارة السجن قررنا الذهاب وقبل بداية الجلسة فوجئنا بان أدلة الإثبات هي عدة كراتين من الكتب العادية والمصاحف والشرائط الصوتية العادية .

وكان الدليل الرئيسى للإثبات هو شريط فيديو عرض على شاشة تلفزيونية قد ثبتوها على منصة القاعدة بها صور لبعضنا وهو يمشى فى شارع التوفيقية وصور لأناس غيرنا أيضا ووقف ضابط امن دولة يشرح شريط الفيديو انه اجتماع لمجلس شورى جماعة الإخوان على مستوى الجمهورية بمقر التوفيقية بالقاهرة وليتعرف على أفرادنا وكانت ماجأة حيث انه لم يستطع التعرف على معظمنا بل انه ذكر أسماء تظهر على الشريط ليست لأصحابها .

وعلى سبيل المثال أشار إلى صورة أ. محمد حسين عيسي وقال هذا هو الأستاذ حسين شحاته والذى قدم جواز سفرة لإثبات انه كان بالخارج خلال هذه الفترة . وغيرها كثير .

بعض الغرائب والمضحكات فى المحاكمة العسكرية

  • فى إحدى الجلسات طلب الدكتور عصام العريان من القاضى السماح لنا بالحضور للمحكمة بملابسنا المدنية وليس بملابس السجن وإذا بالقاضي يقول له متستعجلش حنلبسلك يا عريان
  • المحامون المعينون لنا على غير إرادتنا كانت هي أيضا من الغرائب والفكاهات . قام المحامى المكلف بالدفاع عن الدكتور أنور شحاته يقول "يا سيادة القاضي أن هذا الشاب الطموح الذي يشغل أمين صندوق النقابة العامة للأطباء وعضو في أكثر جمعية من جمعيات المجتمع المدني دفع به طموحه هذا إلى أن يدفع بنفسه في مواطن التهلكة ليجد نفسه بين القضبان في هذه القضية التي أمامكم" .
  • محامى أخر يدافع عن ا . د محمود عميد كلية الزراعة جامعة الأزهر السابق محاولا استدرار عطف المحكمة ببراءته من اجل تقدمه في السن فإذا به يقول أن هذا الرجل المسن الذي يجاوز السبعين من عمره ليس مكانه أن يحاكم هنا أمام عدالتكم ولكن مكانه الحقيقي في مزبلة التاريخ .
  • أدرنا ظهرنا للمحكمة ولكن أذننا آبت إلا أن تستمر في الاستماع إلى هذه المرافعات الهزلية و الفكاهات نتذكرها عند عودتنا إلى السجن في كل مرة و نحكيها لأهلنا في الزيارة.

يوم النطق بحكم المحكمة العسكرية عام 1995 : في القضيتين 8 ، 11

  • اعددنا بيانا للإعلانة في المحكمة بعد النطق بالحكم على ان يقوم بتلاوتة من يحكم عليه بأكبر عقوبة .
  • احضرنا في سيارتين كل متهمين في قضية في سيارة يوم 11 نوفمبر 1995
  • بعد دخولنا معسكر إلهايكستب منع اى احد من دخول المعسكر فضلا عن أن يدخل قاعة المحكمة وتكدس المحامون وأهلينا بأعداد كبيرة خارج أبواب المعسكر .
  • وبعد وقت طويل أنزلت المجموعة الأولى القضية 8 عسكرية وبعد سماع الحكم حملت في العربة ودخلت المجموعة الثانية القضية 11 عسكرية وعند دخولنا أقفاص قاعة المحكمة . فوجأنا أن القاعة خالية تماما من البشر اللهم الا من عدد قليل من أفراد الشرطة العسكرية مصففون بزيهم العسكري بين المقاعد .لاأهل ولا محامين ولاصحفين يخرج القاضي في كل مرة ليعلن الأحكام التي تراوحت بين خمس سنوات وثلاث سنوات وبرأة خمس سنوات مع الشغل لكل من
  • ثلاث سنوات لسبع وأربعون مع الشغل وبراءة واحد وثلاثون . ومن المفارقات أن أ. جمال ماضي كان يحاكم في القضية 8 والقضية 11 عسكرية فى نفس الوقت أمام نفس القاضي بنفس التهم حكم عليه بثلاث سنوات مع الشغل في القضية 8 العسكرية وحكم عليه بالبراءة في القضية 11 عسكرية

سيارات الشرطة تخطفنا إلى السجن بعيدا عن أهلنا

بعد النطق بالحكم تحركت سيارات السجن بنا من غير الطريق المعتاد . وكان بيننا وبين أهلنا المتجمعين خارج المعسكر والذين لم يعرفوا بالأحكام بعد ولكنهم فوجئوا بان سيارات السجن تسرع بنا بمحاذاتهم فقاموا مندهشين يسابقون السيارات بمحازاة الأسلاك الشائكة بعضهم يسقط على التراب من التعب وبعضهم يواصل الجري وهو يلهث (وهم لا يلوون على شيئء) ماذا حدث ؟ ما هي الأحكام ؟ كم من السنين حكم علينا ؟.... كم كان المشهد مؤثرا ومبكيا ºونحن نرى أهلنا وأولادنا واخوننا في هذه الحالة من الجري والحركة على غير هدى .

لقد صاحب هذا المشهد علمنا (بان الله يرى) (وان إلى ربنا المنتهى) (وان سعى كل منا سوف يرى ثم يجزاه الجزاء الأوفى).

أسباب السجن فى عام 1995 ثم المحاكم العسكرية

ترجع دوافع النظام من وجهة نظرى الى عدة اسباب.

أولا: قضية سلسبيل

اثناء قضية سلسبيل عام 1992 حيث تم ضبط اوراق بها افكار وبرامج العمل الإخوانى المستقبلى وقد اعد بعناية من فريق من المتخصصين فى عدة مجالات اذهلت الدولة واحست ان الإخوان المسلمون بلغوا فى هذا المجال درجة لم تكن فى حسبانهم حيث عبر بعض مسئولى الدولة الكبار انهم اكتشفوا ان الإخوان المسلمون عندهم من الافكار والبرامج ما يفوق فى بعض جوانبه ما عند الدولة

ثانيا : التحريض الامريكى للنظام المصرى ضد الإخوان

كان الاستاذ فرج فوده صاحب هوى امريكى يتردد على السفارة الامريكية كثيرا وكان شديد العداء للاسلاميين قام بتاليف كتاب بعنوان (قبل السقوط) وذلك فى اوائل التسعينيات ذكر فيه ان الاسلاميين كونوا ثالوث للاستيلاء على الحكم شركات توظيف الاموال تمتلك الاموال الطائلة الجماعات الاسلامية المسلحة تملك القوة والسلاح اللازم للسطو على السلطة الإخوان المسلمون يملكون العلم والتقنيات الحديثة

وكذلك المكانة السياسية والشعبية لدى النخبة والجماهير (رغم ان الإخوان المسلمون كانوا يستنكرون كل من شركات توظيف الاموال المخادع منها وكذلك استنكارها لاعمال العنف وتبرؤها من حاملى السلاح فى وجه الشعب او النظام) .

وبناء على هذا التحريض قام النظام بضرب شركات توظيف الاموال بطريقة ادت بها الى ضياع حقوق الالاف من المودعين من المساكين المخدوعين ثم استدارات بحرب ضروس ضد المسلحين من الجماعات الاسلامية ومن يساندهم مستخدمة القتل والمحاكمات العسكرية والتعذيب والاعتقال المتكرر وبعد اطمئنان النظام من القضاء على الجماعات الاسلامية العنيفة كان على النظام ان يستدير بتوجيه ضرباته الى" الإخوان المسلمون" الحركة السلمية التى قبلت قواعد العمل السياسى وشاركت بافرادها من خلال مؤسسات المجتمع المدنى وابلى افرادها بلاء حسنا فى خدمة بلدهم وشعبهم .

ثالثا : سياسة التحجيم

ان سياسة الدولة خاصة فى عهد الرئيس مبارك هو تحجيم الإخوان المسلمون وليس القضاء عليه حيث ان القضاء عليهم غير ممكن وقد جربه عبد الناصر ولم يفلح فيه كما ان النظام فى حاجة الى وجود جماعة الإخوان فى حجم محدود لاستخدامها فزاعة لامريكا واسرائيل والغرب لكى يقوموا بتدعيمه والابقاء عليه كما ان وجود الإخوان المحجم من وجهه نظر النظام هو عامل توازن فى مواجهة حجم الكنيسة الذى يتعاظم دارها يوم بعد يوم .

وكما ان وجود الإخوان وهى حركة سلمية يقلل من وجود جماعات اسلامية عنيفة او مسلحة ولذلك كان من الطبيعى من وخلال سياسة النظام التحجيمية ان يقوم فى كل فترة بتقليص الوجود الإخوانى على الساحة السياسية و الاعلامية والشعبية حيث ان الإخوان فى اوائل التسعينيات قد وصلوا الى ما يراه خطرا عليه بتواجدهم في الاتحادات الطلابية والنقابات المهنية والعمل السياسى و الشعبى فقررالنظام في عام 1995 ان يقوم بحمله اعتقالات للقيادات النقابية والسياسات البرلمانية والقيادات الوسيطة في الإخوان لتصل هذه الحمله في هذه المرة الي اقصاها وهو تحويلهم الي المحاكم العسكرية

رابعا:فشل الدولة في تحجيم الإخوان رغم ترزية القوانين والمشوهيين فى وسائل الاعلام

  • حاولت الدولة تشوية صورة الإخوان اعلاميا ولكن ذلك زاد شعبيتها – كما وضعت شروط قاسية لترشيح الطلاب في الاتحادات الطلابية ورغم ذلك اجتازها طلاب الإخوان وفازو في الاتحادات
  • وضعت الدولة القانون 100 للنقابات المهنية الذي يلزم بحضور 50% من الاعضاء حتي تكون الإنتخابات صحيحة ثم نسبة 30%في المره الثانيه اذا لم يكتمل نسبه 50%فى المره الاولى فاذا لم يحضر هذا العدد تعين مجالس لادارة النقابات
  • ورغم ذلك اجتاز عدد من النقابات هذه النسبه من الحضور في اول مرة وفاز فيها الإخوان المسلمون
  • حاولت الدولة في انتخابات عام 1984 ،1987 وضع عراقيل للترشيح بنظام اللوائح الحزبية لمنع الإخوان من الترشيح في مجلس الشعب ولكن الإخوان اجتازوها وتحالفوا في الاولي مع حزب الوفد وفي الثانية مع حزب العمل الاشتراكي وحزب الأحرار واستطاعوا الفوز ب 32 مقعداً فى مجلس الشعب فى المرة الاخيرة .

خامسا:منع الإخوان من خوض انتخابات 1995

كانت انتخابات مجلس الشعب لعام 1995علي الابواب فاراد النظام ان يبطش بالإخوان لمنعهم من دخول الانتخابات وكذلك منع العناصر النشطة ذات الشعبية منهم من الترشيح لمجلس الشعب واعطائهم احكام تمنعهم من الترشح في المستقبل

سادسا: الإنتخابات الإخوانية الداخلية

جرت في اواخر عام 1994 انتخابات إخوانيه داخلية من القاعدة الي القمة وكانت ثاني انتخابات تجري في صفوف الإخوان بعد وضع لائحة جديدة للاخوان عام 1990 وكان اخر مستوى للانتخابات عام 1994 وهو انتخاب مكتب الإرشاد المكون من خمسة عشر عضوا في اجتماع مجلس شوري الجماعة العام بمصر المكون من خمس وسبعون عضوا وذلك بمقر الجماعة الرئيسي " 1 ش التوفيقية القاهرة يوم 19يناير 1995" وقد بدأ القبض علينا يوم 21 يناير.

وبهذا نكون قد انتهينا من فصول المحاكمة لنكمل باذن الله حبسة 1995 اخترت لكم هاتين الخطبتين من خطب سجن سنة 1995

الاولى : خطبة للشيخ سيد عسكر

رحم الله لوطا (لقد كان يأوى إلى ركن شديد)

حيث كان يتكلم عن الدعاء لله وكيف يستجيب الله هذه الدعوات ومن الذين يستجيب الله لهم هذه الدعوات. فذكر أولا أن سيدنا لوط عليه السلام لما جاءه الملائكة وخاف أن يتعدى عليهم قومه فقال لقومه (اتقوا الله ولا تخزون فى ضيفى أليس منكم رجل شديد) فلما اخذوا على ما هم فيه قال لوط عليه السلام (لو أن لى بكم قوة أو آوى إلى ركن شديد) يعنى لو أنى قوى بما يكفى لدفعكم أو أن لى من عنده قوة يعيننى عليكم وهو الركن الشديد .

علق رسولنا صلى الله عليه وسلم على تلك الآية فقال رحم الله لوطا (لقد كان يأوى إلى ركن شديد) يعنى الله عز وجل ... فكل مؤمن عامل لإعلاء كلمة الله يأوى إلى ركن شديد وهو الله القوى العزيز ثم عدد الشيخ فى خطبته أمثلة كيف كان الله الركن الشديد الذى آوى إليه الأنبياء والصالحين فقال لما خرج سيدنا موسى من مصر خائفا من فرعون وملائه لأنهم تأمروا على قتله دعا الله فقال (ربى نجنى من القوم الظالمين)

ثم دعا وهو فى طريقة إلى (مدين) وهو لا يعرف طرق الصحراء (فلما توجه تلقاء مدين قال عسى ربى أن يهدينى سواء السبيل) فاستجاب الله لدعوته الثانية فدله إلى مدين ليجد فى مدخلها أنُاس يسقون ويقوم بعمل (المعروف) فى أن يسقى للفتاتين ثم يجلس خارج البلد وحيدا غريبا لا يؤنسه أحد ولم يعطف عليه أحد حتى بكسره خبز فدعا الله وهو على هذه الحال فقال (ربى إنى لما أنزلت إلى من خير فقير)

فاستجاب الله له دعوته هذه (فجاءته إحداهما تمشى على استحياء قالت إن أبى يدعوك ليجزيك اجر ما سقيت لنا) ... فلما ذهب سيدنا موسى إلى والد الفتاتين وقص عليه قصته اخبره الرجل بنفس اللفظ الذى دعى به موسى أولا ... فلقد دعا موسى من مصر (قال ربى نجنى من القوم الظالمين) فان الله اخبره انه استجاب له دعوته الأولى على لسان هذا الرجل الصالح (لا تخف نجوت من القوم الظالمين)...

ثم انتقل الشيخ عسكر إلى قصة سيدنا أيوب الذى ابتلى فى جسده وأهله فصبر سنين ثم دعا ربه قال (وأيوب إذ نادى ربه أنى مسنى الضر وأنت ارحم الراحمين) وكانت الاستجابة الإلهية من اله قادر (فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر وأتيناه أهله ومثلهم معهم رحمه من عندنا) وليدلل الله تعالى أن هذه الاستجابة ليست خاصه بأيوب وهذا بقوله فى ختام الآية (رحمه من عندنا وذكرى للعابدين) أى هذه قاعدة عمه تنطبق على أيوب ومن عمل بمثل عمله من من يأتون بعده إلى يوم القيامة .

ثم انتقل الشيخ إلى قصة سيدنا يونس علية السلام لما الًُقى فى البحر والتقمه الحوت فصار وهو فى ظلمة الليل وفى ظلمة البحر وفى ظلمة بطن الحوت فنادى ربه وهو فى هذه الحالة الضعيف (فنادى فى الظلمات أن لا اله إلا أنت سبحانك إنى كنت من الظالمين) فإذا بالاستجابة تأتى بعد أن امتحن هذا الامتحان الشديد (فاستجبنا له ونجيناه من الغم) ثم يبين الله تعالى العادل رب الناس جميعا وارحم الراحمين أن هذه النجاة ليست خاصه بسيدنا يونس بذاته فيقول سبحانه فى نهاية الآية (وكذلك ننجى المؤمنين)..

ثم ينتقل الشيخ إلى قصة ذكريا عليه السلام وزوجته .. فلما رأى ذكريا أن كل الأسباب أمامه يستحيل معها أن ينجب ولدا فهو كما يقول عن نفسه (وقد بلغنى الكبر وأمرآتى عاقرا) ولكن يعرف أن الله هو الركن الشديد والفعال لما يريد فدعا ربه (ربى لا تذرنى فردا وأنت خير الوارثين) فإذا بنا نرى الله القادر يستجيب له دعوته (فاستجبنا له ووهبنا له يحيى وأصلحنا له زوجه)

ثم بين الله تعالى الأسباب التى أهلته إلى هذه الاستجابة الإلهية فيقول عنه وعن زوجته (انهم كانوا يسارعون فى الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين)، وهذه الأمثلة كلها توضح أن لله أبواباً وطرق ووسائل يفتح لهم بها أبواب رحمته فى الدنيا وأبوابه جنته فى الآخرة، بالإضافة إلى أن الله يفعل ما يشاء لمن يريد.

الخطبة الثانية

(صلابة النساء المسلمات فى المحن)

وضرب الخطيب أربعة أمثله من النساء القدوة

المثال الأول: آسيه امرأة فرعون .. لقد وقفت هذه المرآة المؤمنة وحدها تواجه المحنة ليس معها زوج يعينها فى المحنة بل الأشد من ذلك أن زوجها نفسه وهو فرعون الطاغية كان هو الذى يذيقها المحنة حيث حبسها وعذبها لتكفر بالله بل أمر بها فردخت رأسها بالصخرة وهى ثابته تواجه المحنة ليس لها نصير إلا الله تعالى وهى تناديه وتناجيه قائلة (ربى ابن لى عندك بيت فى الجنة ونجنى من فرعون وعمله ونجنى من القوم الظالمين).

المثال الثانى: مريم إبنت عمران التى واجهت أمر ربها فى خوف وإشفاق (قالت رب أنى يكون لى غلام ولم يمسسنى بشر ولم اك بغيا)، لقد طمأنها ربها بكل عوامل الطمائنينة واظهر لها آيات عظيمة إذ قال لها (وهزى إليك بجزع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا) ولكنها كامرأة عفيفة كانت ترتعد فرائسها لهون ما ستواجهه من أهلها رغم براءتها

فتماسكت استجابة لامر ربها ودخلت العفيفة الشريفة على أهلها وكان الله معها فى اصعب الأوقات لينطق ابنها عيسى عليه السلام وهو فى المهد ليحفظ لها على امتداد الزمان طهرها وعفافها بقوله (أنى عبد الله آتانى الكتاب وجعلنى نبيا وجعلنى مباركا أينما كنت أوصانى بالصلاة والزكاة ما دمت حيا وبارا بوالدتى ولم يجعلنى جبارا شقيا).

المثال الثالث : السيدة الطاهرة عائشة أمنا وأم المؤمنين، حين واجهت محنة حديث الإفك فعاشت اياما سوداء وليالى حالكة حين نادى القوم من شرفها الذى لاكته معظم الألسنة فى المجتمع المدنى الذى يعرف قيمة الشرف ويرفعه إلى السماء ويحتقر التنازل عنه فى أى صورة وظلت على هذا الحال حتى اكتملت المحنة وبلغت ذروتها فى موقف صعب عصيب رهيب وهى تواجه من زوجها النبى الرحيم وفى حضرة أبيها وامها وهو يسألها سؤالا مؤلما (إن كنت بريئة فسيبرئك الله وان كنت الممت بسوء فاستغفرى الله تعالى)

وهى تقول لأبيها أجب عنى يا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فيرد أباها بإجابة تضيف إلى محنها محنة أخرى فيقول (والله لا اعرف بما أجيب رسول الله)، ثم تستعين بأمها وتتلقى منها نفس الإجابة وإذا بها تتعلق بربها ارحم الراحمين عالم السر واخفى وتقول (إن قلت لكم أنى بريئة والله يعلم أنى بريئة فما انتم مصدقى وأنت قلت لكم إنى أذنبت صدقتمونى والله يعلم أنى بريئة والله لا أجد ما أقوله لكم إلا كما قال يعقوب لبنيه "فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون")

وتثاقل عليها المرض وتكاثر عليها الهموم ولكن الله العظيم الرحيم الحكيم لا يتخلى عن عباده المؤمنين الأطهار فينزل فى براءتها قرانا يتلى على مسامع الزمان إلى قيام الساعة .(.... لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا وقالوا سبحانك هذا بهتان مبين ...) " سورة النور" حتى إن السيدة عائشة رضى الله عنها تقول عن نفسها (والله إنى كنت اعلم أن الله سيبرئنى ولكن شأنى فى نفسى أهون من أن ينزل الله في قرانا يتلى .

المثال الرابع : هو لهذه المرآة الصالحة ام سلمة التى أخذها أهلها من زوجها وكانت مهاجرة معه إلى المدينة أخذوها منه عنوه وقالوا له (إن صاحبتنا فلن ندعها لك تسافر بها) ثم جاء أهل زوجها ليأخذوا منها ولدا يتجاذبه أهلها و أهل زوجها بينهم حتى خلعوا زراعة واخيرا أخذه أهل زوجها فتشتت أسرتها فكان زوجها بالمدينة عند رسول الله (ص) وابنها لا تعرف عنه شيئا أما هى فقد حبست عند أهلها فظلت تخرج كل يوم من الصباح حتى العشية تبكى عاما كاملا وهى متمسكة بدينها لا ترضى عنه بديلا وتطلب اللحاق بزوجها

وفيه له ولربها ودينها حتى تعاطف معها بعض من قومها وسمحوا لها باللحاق بزوجها فأخذت ولدها وسافرت المسافات الطويلة فى والتى تزيد على خمسمائة كيلو متر (بمقياسنا اليوم) فى الصحراء إلى المدينة المنورة تصحبها رعاية الله وعنايته حيث ساق لها رجلا أمينا خلوقا شهما حتى لحقت بزوجها واجتمع شمل أسرتها على الإسلام العظيم الخالد. (فيا نسائنا ويا بناتنا ويا أخواتنا ويا أمهاتنا هؤلاء هن القدوة والأسوة لكل مسلمة ترجو الله واليوم الآخر).

الحلقة السادسة حكايات الزعفرانى

في حوار مع أحد ضباط السجن تحدث الضابط أن الداخلية أفلحت في القضاء علي العنف الى الابد وهو يتساءل عن أسباب ظهور مثل هذه الجماعات ؟ ولكني لم أوافقه علي ما يتصوره من أن العنف قد انتهى الى الابد وأن القضاء عليها هو دور وزاره الداحليه وذكرت له أن لب المشكلة هو أن الأوامر الإلهية في جانب – والواقع المطبق في بلادنا الإسلامية في جانب أخر. وهناك فجوة تفصل بينهما.

فحين يقرا المسلم القران والسنة. ثم يري الواقع يخالف ذلك وهنا يبدا في التفكير كيف يتطابق الواقع مع القران والسنة وتزول الفجوة – فيستحيل علي المسلم الصادق أن يقول بتغيير القران والسنة ليتطابق مع الواقع فضلا عن انه لا يستطيع ذلك

  • فيصبح أمام المسلم الصادق حلا واحدا وهو تغيير الواقع ليطابق الكتاب والسنة. وهنا ينقسم المسلمون إلى جماعات.
  • افراد وجماعات تري تغيير هذا الواقع بالعنف والقوة (أمثال الجماعة الإسلامية وجماعة الجهاد).
  • وجماعات تري تغيير الواقع بالإقناع و بالمشاركة في الحياة العامة وغيرها لتغييرها بالطرق السلمية (مثل جماعتنا الإخوان المسلمون) وغيرها في الأقطار الإسلامية وستظل الأجيال القادمة تسلك أحد الطريقين. ما استمر انفصال الواقع عن الكتاب والسنة.

وهذا هو السبب الحقيقي لوجود العمل الجماعي الإسلامى بأنواعه. ولن تفلح حجج المدافعين عن الواقع ولا بطش الظالمين من إثناء المسلم المكلف والمحاسب أمام الله وحده أن تثنيه عن طريقه.

حوار مع أحد كبار ضباط الأمن

قبل خروجي بأيام من السجن أبريل 1998 بعد انقضاء فترة السجن.حضر إلى سجن ملحق مزرعة طره أحد ضباط أمن الدولة وجلس مع عدد منا كل علي حدة. أدار حوار معه ولم يذكر لنا هدف الحوار فربما كان الدافع إلى هذا الحوار التعرف علي أشخاصنا عن قرب أو معرفة التأثير الذي قد يكون السجن احدثة فينا. لااعرف بالضبط فكان من حواره معي أنى سألته أريد أن أعرف الخطأ الذي ارتكبناه في حق وطننا وشعبنا حتى نندم عليه و لا نعود إليه ؟

فقال المشكلة أنكم تنظيم غير قانوني !. قلت له دعك من مسالة القانونية فأنت اكثر الناس معرفة بطبيعة الانتخابات التي أتت بمعظم أعضاء مجلس الشعب. وان النظام إذا أراد أن يجعل الإخوان تنظيم قانوني غدا فسوف يلبي مجلس الشعب بلا تردد وإذا أراد أن يجعله تنظيم غير قانوني فبإمكانه أن يفعل ذلك

  • هل هم عملوا لصالح بلدهم وشعبهم أم اضروا بهم؟

في الاتحادات الطلابية التي فاز بها شباب الإخوان هل ما فعلوه من مذكرات دراسية ومعارض لشراء الأدوات الدراسية بسعر رمزي إضافة إلى توعية الشباب ضد الانحراف والفساد الديني والأخلاقى والمظاهرات في وجه الظلم الذي يقع علي إخوانهم هنا وهناك.

  • هل هم بذلك عملوا لصالح إخوانهم ووطنهم أم اضروا ؟

في الجمعيات الخيرية التي انشاها الإخوان ونشطوا فى المستوصفات والحضانات وفصول التقوية وتعليم الأطفال والشباب والرجال والنساء آداب إسلامهم وأمور العبادة.

  • هل هؤلاء عملوا لصالح بلدهم ووطنهم أم اضروا ؟

الإخوان الذين فازوا بعضوية النقابات المهنية وأداروا انتخابات نزيهة وقدموا لزملائهم المهنيين الخدمات المهنية والاجتماعية والاقتصادية.

  • هل هؤلاء عملوا لصالح بلدهم ووطنهم ام اضروا به؟

هل الإخوان الذين فازوا بمقاعد مجلس الشعب واخلصوا لدوائرهم بالخدمات وقاموا بدورهم الرقابي والتشريعى بشجاعة ونزاهة.

  • هل هؤلاء عملوا لصالح بلدهم وشعبهم أم اضروا به ؟

صمت المسؤل فترة وقال المشكلة أنكم تنظيم سري.

قلت له هذا لا يعقل.

  • هل هناك تنظيم سري يقدم طلابه لانتخابات اتحاد الطلاب عن سنوات الكليات الأربع بما يقرب اثنين عن كل لجنة بواقع خمسة لجان. أي عشرة أفراد عن كل دفعة وأربعون عن كل كلية وأربعمائة في المتوسط عن كل جامعة وأربعة آلاف في المتوسط عن جامعات مصر؟

لو كان تنظيما سريا كيف يتقدم هذا العدد من طلابه بأسمائهم بصورهم بعناوينهم بشخصهم بشعاراتهم إلى المجتمع علانية.

  • ثم تقول انه تنظيم سري !
  • مجالس الجمعيات الخيرية المنتشرة في مصر والتي أعضائها من الإخوان بأسمائهم وعناوينهم وشخوصهم يعرفهم القاصي والداني . ثم تقول انه تنظيم سري !
  • أعضاء مجالس النقابات بواقع خمسة علي الأقل لنقابات فرعية في عدد النقابات في عدد المحافظات يملئون استمارات بأسمائهم وعناوينهم ويدخلون الانتخابات بشعاراتهم. ثم تقول تنظيم سري!.
  • قل هذا علي انتخابات مجلس الشعب وعدد المندوبين في اللجان الانتحابيه وكذلك المجالس المحلية.

ثم تقول بعد هذا انه تنظيم سري !

أنها جماعة لها شعبيتها وشرعيتها الشعبية حتى وان حرمها النظام من حقها القانوني.

  • ولما عجز الحزب الحاكم عن منافستها علي الأرض في حيدة ونزاهة وشفافية حرمها من وجودها القانوني وحاربها أمنيا واجتماعيا واقتصاديا. رغم أن يدها نظيفة من أن تمتد بعنف أو إيذاء أو إضرار بوطنها أو إخوانها في الوطن.
  • وفي ختام حديثي هذا قلت له أقول لحضرتك علي ماذا ندمنا –ندمنا علي أننا لم نفعل أضعاف ما كنا نعمل من خير لبلدنا وشعبنا وديننا ونسأل الله أن نتدارك هذا التقصير فيما نستقبل من ايامنا..

التحقت بكلية الطب واول مواجهه مع احد الاساتذة

مات عبد الناصر 28 سبتمبر 1970 وكانت اول محاضرة فى الكلية تآبين لوفاة عبد الناصر وكان اليسارين والناصريين لهم اليد العليا فى الكليات فى الاتحادات الطلابية والانشطة ممثلا فى شباب الاتحاد الاشتراكى والتنظيم الطليعى من الطلبة واعضاء هيئة التدريس دخلت كلية الطب وعدد من اصدقائى من مدرسة العروة الوثقى اذكر منهم محمود جاد ، وصلاح محسب ،وعبد الحميد الشاذلى لادرس السنة الاعدادى منها بمدرجات كلية العلوم (منطقة الشاطبى) وكنت اسكن قريبا من الكلية (منطقة كامب شيزار) و كنت ملتحيا والبس البالطو فوق البدلة.

حذرنى بعض زملائى فى الكلية ان مظهرى الاسلامى هذا سيعرضنى لمضايقات من جهه ادارة الكلية واساتذتها خاصة غير المسلمين منهم – لم استجب لهذا التخويف بل ازددت اصرارا وعنادا أن أظل بهيئتى هذه حتى لو فصلت من الكلية – و فى ذات مرة وقف استاذ علم الحيوان ليتكلم عن العضو الذى يجتمع فيه البول مع الحيوان المنوى وان اسمه المجمع واذا نسيتم الاسم تذكروه لمشابهتة اسم (مجمع اللغة العربية) – غضبت اشد الغضب خاصة أن الاستاذ لم يكن مسلما.

وبعد عودتى الى المنزل امسكت بورقة وقلم وكتبت لهذا الاستاذ خطابا الومه واعنفه على ما بدر منه واحذرة من العودة لمثل ذلك مرة اخرى وارسلته اليه على عنوان الكلية وفى اليوم التالى اخبرت زميلى بذلك وكانو مشفقين على من رد فعل الاستاذ – وفى موعد محاضرته الاسبوعية جلسنا متجاورين ودخل الاستاذ

وكانت سعادتنا غامرة حين بدأ الاستاذ محاضرته بالتوجه لطلبة الدفعة وهو يقول أرسل الى أحدكم يعاتبنى على كلمة قلتها أسأت فيها الى مجمع اللغة العربية وأنا أقدم اعتذارى لكم جميعا ولكن أطلب من تلميذى الذى بعث بالخطاب ان يكون اسلوبه أقل حدة. ثم استمر فى القاء المحاضرة (فعلى كل صاحب مبدأ أن يدافع عن مبدائه بشجاعة ولكن باسلوب لبق يتناسب مع الموقف).

تعليق مجلة حائط دينية داخل المبنى

أعددت مجلة حائط فى مواضيع دينية متنوعة وأخذتها لاضعها داخل ممرات المبنى فإذا بالفراشين يحذروننى من عواقب ذلك اذا رأتها الادارة أو احد من الاساتذة فهذا ليس مكان تعليق المجلات الدينية ونصحونى أن اذهب واعلقها فى مسجد كلية الزراعة – اخذت المجلة وسألت عن مكان المسجد فإذا به بعيدا جدا عن مبنى الاعدادى (طب) داخل كلية الزراعة فقلت لنفسى لقد اعددتها لا ليقرأها المصلين فقط

ولكن لكل زملائى فعدت مرة اخرى وعلقتها فى المبنى ووقفت احرسها حتى لا ينزعها احد وجاء الزملاء لقراءتها ومر الاساتذة فمنهم من ينظر الى المجلة (وعناونها الرئيسية) ثم ينظر الي ويبتسم ابتسامة المشجع واخر ينظر نظرة دهشة واستنكار. وبعد انتهاء اليوم اخذتها معى لأعلقها فى اليوم التالى.

ثم أصبحت اتركها معلقه طوال الاسبوع بعد أن تعود الاساتذه رؤيتها و الزملاء قرائتها وتواصلت على تحريرها اسبوعيا انا وزملائى لم يكن لى نشاط دعوى فى السنة الاعدادية فى كلية الطب سوى المجلة والحديث مع الزملاء داخل المدرج الذين يلفتهم الى مظهرى وكذلك ، واللقاء بعض المواعظ القصيرة بعد الصلاة فى مسجد كليه الزراعه (فعلى كل من يريد ان يعمل على نشر دعوته ان يقوم بالمحاولة تلو المحاولة ولا يثنية الخوف او غياب المعين)

الهروب من زحام الترام واخطائه

انتهت السنة الاعدادى و انتقلنا الى مبنى كلية الطب (منطقة الازاريطة) وانتقلت اسرتى للاقامه فى (منطقة اسبورتنج) وبعدت المسافة بين السكن والكلية وأصبحت الوسيلة المناسبة للذهاب للكلية يوميا هو (الترام) الذى يزدحم بالطلبة والطالبات – وكنت لا اركبه وحدى فى زحام به طالبات وهى فتنة قد تؤدى بى الى معصيه فكنت لا اركب الترام الا فى صحبة زميل لى متدين يسكن قريب منى اسمه (احمد عصام)

قال صلى الله عليه وسلم: (الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين ابعد والثلاثةركب) ندفع التذاكر ثم نقف على سلم الترام من جهته اليسرى (حثى كانت أ بواب الترام لا تغلق) نتحمل البرد بل والمطر ونحن سعداء اننا بعيدين عن مجال المعاصى متيقنين أن الله يرانا على هذه الحالة فيرضى عنا ويباهى بنا الملائكة

فاذا مرض زميلى او سافر كنت أذهب الى الكلية على قدمى من طريق البحر متظللا بالكبائن من المطر حتى اذا اقتربت من مكان السلة بالشاطبى خرجت الى الشارع لأتم مشوارى. كنت احس وانا امشى بجوار البحر ان البحر سعيد بصداقتى لانى انا وهو نعبد الله وان الطريق والكبائن سعيدة بطالب يهرب من مخافة أن يعص الله. فكان قبلى يزداد سعادة بما ألاقى من تعب.

واثناء عودتى من الكلية اركب مع احمد بداخل عربة الترام حين نجدها غير مزدحمة فاذا راينا عددا كبيرا من الطالبات يدخلن العربة من امام مبنى الكليات النظرية نسارع انا وهو الى باب الترام للنزول ونحن نقول (فاستبق الباب فاستبق الباب) تأسيا بسيدنا يوسف عليه السلام ونحن نستبق الى باب الترام. ثم نكمل مشوارنا مشيا على الاقدام ونحن سعداء باننا نعمل حتى يرانا الله ويرضى عنا.

(ونصيحتى لابنائى الذين يمرون بهذه المرحلة ان تكون لهم صحبة صالحة داخل كليتهم وداخل دفعتهم وداخل سكشنهم ليقوا على تجنب المعاصى وألا يتبعوا خطوات الشيطان فكل خطوة تؤدى حتما الى خطوة التى بعدها الا من عصم ربى)

بداية الدعوة الاسلامية بكلية الطب

  • لم يكن فى كليه الطب عناصر يساريه أو ناصريه كثيرة مقارنة بما كان فى كليه الهندسه أو مجمع نظرى وكانت صفوف الناصريين واليساريين فى هذه الفطرة وبعد وفاة عبد الناصر قد تصدعت وكان ثمة صراع يدور بدخلهم على عدة مستويات أضافة الى صراعهم مع الرئيس السادات فى اللحظة التى كان التيار الاسلامى يتناما بعد أن رفع السادات يد الاجهزة الامنية من ملاحقته آملا فى أنالاسلاميين هم وحدهم المؤهلين لمواجهة التيارات اليساريه والناصريه التى كان فى حالة صراع واشتباك معها
  • أكبر ما آلمنى أنى لم اجد بكلية الطب مسجد وكان علينا كطلبة ان نذهب الى مسجد المستشفى الجامعى فى نهاية المبنى لنؤدى الصلاة.
  • استأذنت فراش مدرج الجرامة وبدأت فى كتابة آية من القران او حديث على الصبورة قبل بداية اليوم الدراسى ثم اتولى محوها عند دخول الاستاذ.
  • ثم بدأت اقرا ما تيسر من القران على زملائى قبل بداية اليوم الدراسى وقبل دخول الاستاذ.
  • شجعنى على ذلك بعض زملائى وكذلك بعض اساتذتى
  • وناقشنى اخرين من منطلق الزمالة وابدوا لى عدم قناعتهم بقراءة القرآن بالمدرج تكريما لهأان يقرأ بهذا المكان

وبدأت اكتسب اصدقاء جدد من خلال تعرفهم على يوما بعد يوم ولم يكن فى دفعتنا تيارات سياسيه أو دينيه ولكن توجد مجموعات تسمى شلل من الطلبه والطالبات (ولم تكن فى أيامنا قد وصلت العلاقات بين الطلبه والطالبات الى هذه الدرجه من الانحلال)

دخان فتنه طائفيه يتصاعد فى سماء الإسكندرية

فى اوئل العام الدراسى (1971-1972) قام احدالقساوسه بكنيسه سبورتينج بتقديم خدمات علميه لطلاب كليه الطب جامعه الإسكندرية عباره عن دروس تقويه داخل الكنيسه يلقيها متخصصون وشراء الادوات والالات والاجهزه الازمه لذلك. اجتذب من خلالها بعض الطلاب المسلمين من الكليه وعلى اثر صداقات ومناقشات ومماراسات تمكن القس من دفع طالبين مسلمين الى تغيير دينهما من الاسلام الى المسيحيه أحدهما هو الطلاب ابراهيم ابراهيم السايح.

وعلى اثر ذلك قام مدير مديريه الاوقاف بعمل تقرير بهذا الحادث وتم ارساله الى الجيهات المعنيه وتمكن بعض الزملاء المسلمين من الحصول على صوره من هذا التقرير الذى قمنا بتصويره انا واصدقائى وتوزيعه على زملائنا وزميلا تنا فى الدفعه.ثمعلى طلبة الكليه وكان لهذا الحدث ردود افعال كثيره من جانب المسلمين اذكر منها.

ردود الفعل داخل الجامعه

أولا: لقاء تم من بعض الجهات مع الطالبين لمعرفه الاسباب والطرق التى مورست معهما وادت الى تغيير عقيدتهم وتم عودتهم الى الدين الإسلامى فى آخر المطاف

ثانيا: دعوت زملائى الطلبه فى الدفعه الى عمل درس دينى اسبوعى بجامع القائد ابراهيم وهو اقرب المساجد الى الكليه حيث لم بالكليه مسجد كما رفضت المستشفى قيام الدرس داخل مسجدها. وكان ذلك كل سبت بعد انتهاء الدراسه حضر هذا الدرس اكثرمن خمسين طالب وكنت ادرس فيه تفسير جزء (عم) وستمر عدة شهور.

ثالثا: دعوتنا الى جمعيه الشبان المسلمين اثناء وجودونا بمدرج الكليه جاء أحد طلاب السنه الثانيه الى دفعتنا وكتب على السبوره (تدعوكم جمعيه الشبان المسلمين لدروس فى المواد الطبيه لطلاب السنه الاولى بمقرها بمنطقه الشاطبى وتبدا الدراسه فى يوم كذا....). كان هذا هو الطالب احمد عجلان ابن السيخ عجلان احد كبار دعاه الجمعيه الشرعيه بلاسكندريه وكان الطالب عضوا بجمعيه الشبان المسلمين سررت سرورا عظيما وذهبت الى مبنى الجمعيه فى اليوم المحدد والساعه المحدده.

خاب ظنى فى جمعيه الشبان المسلمين

لقد ذهبت الى هذه الجمعيه وقد رسمت لها فى مخيلتى صوره رائعه حيث توقعت أنى ساجدها جمعيه يتطابق نشاطها مع اسمها الجذاب تخيلتها جمعيه تجمع الشباب المتدين النشط المحافظ على عباداته ودعوته ، ويديرالجمعيه ويعمل بها رجال وهبوا حياتهم للدعوه الاسلاميه فى تفان وانضباط ، وللاسف الشديد، ان هذا الخيال لم يكن الى تعبيرا عن تمنيات عاطفيه لشاب فى مثل سنى. دخلت الجمعيه فوجدت بها عدد من الموظفين لا يهتمون بالداخل عليهم !
سألتهم عن مكان الدراسه فلا اجد جواب وصلت للقاعه بعد جهد جهيد فوجدت عددا قليلا من زملائى يجلسون ولم انجد احدا من المحاضرين ولا المنظمين وقد حضرنا فى الموعد المحدد. لم انتظر وقررت الانصراف انا وزميلى احمد فريد. وكانت هذه اول مره نتقابل فيها فوجدت عنده نفس المشاعر تجاه هذه المؤسسه واصيب بنفس خيبه الامل فكان أحمد هو مكسبى الوحيد من هذا اللقاء شاب متدين له اسلوبه الادبى فى الكتابه وعاطفه دينيه متدفقه وتآخينا لنكمل معا مشوارنا الطويل فى الدعوه الى الله.
(وكان درسا لى ألا أترك لعاطفتى وحدها ترسم لى شئ لم أتعرف عليه بعد وألا انخدع بالاسماء البرقه أو الصور الظاهره. لم أكن أعرف وقتها أن النظام الناصرى أبقى على بعض المؤسسات الاسلاميه كأسماء وصور وفرغها من روحها ومضمونها كما فعل بالجمعيات الاسلاميه والأزهر الشريف.كما يحدث لعدد من المسلمين حين يحملون اسم الاسلام ويتخلون عن روحه ومبادئه وماتمارسه بعض من ارتدين الحجاب ومع ذلكيبرزن مفاتنهن وصادقن الشباب)

رابعا: التحول الى جمعيه ومسجد سيدى جابر

فى اليوم التالى حدثت مع زملائنا ما حدث فى جمعيه الشبان المسلمين فعرض علينا الزميلان على المنشاوى - ويحيى الجناينى وكانا من اكثر اعضاء الدفعه نشاط وحركه ان نتوجه الى مسجد سيدى جابر لمقابله شيخ المسجد (الشيخ أحمد المحلاوي) ونعرض عليه ان يقيم هذه الدروس الطبيه من خلال الجمعيه التى كان يراسها (وكنت شاب لا يحب الصلاه فى المساجد التى بها قبور) ولكنى ذهبت معهم يوم الجمعه ومعى زميلاىأسامه عبد المنعم وفاخر البنا للحديث مع الشيخ بعد الصلاه.
وإذا بى استمع الى خطبه راقيه فى مضمونها وطريقه القائها من خطيب عملاق فى قامته ، عملاق فى علمه وهو يلهج بكثير الثناء على ربه فيهيج العواطف الإمانيه. وكانت هذه اول مره استمع اليه و تعرف عليه بعد الصلاه فى مكتبه بالمسجد حيث وجدناه سعيد مرحبا متبنيا لنا ولنشاطنا واضعا كل امكاناته وامكانات الجمعيه لخدمه مشروعنا وتم شراء الاجهزه والتجهيزات اللازمه والاتفاق مع الزملاء المتفوقين من الدفعه السابقه وكذلك بعض مدرسى الكليه لاعطائنا دروس طبيه. ودعونا زملائنا وزميلاتنا لهذه الدروس-واشطرتنا على الزميلات ان يرتدين اشرب وملابس طويله لدخول الدروس(ولم يكن الحجاب ولا المحجبات لهم وجود فى الكليات)
فكانت الزميلات يلبسن غطاء الراس اثناء الدروس ويخلعنه بعد الخروج (معظمهن ارتدى الحجاب بعد عده اشهر) وكانت الدروس الطبيه تبدا بدرس دينى يلقيه فضيله الشيخ المحلاوى او احد الدعاه ثم يليه الدرس الطبى وكنا نتوقف وقت الصلاه ليؤدى الطلبه صلاتهم فى المسجد اما الزميلات فكن يصلين فى مكان الدرس.
مما طبع افراد الدفعه بطابع دينى وتماسك ظل حتى بعد تخرجنا وكذلك الدفعات التى جاءت من بعدنا لتكمل برنامج الدروس الطبيه فى جمعيه سيدى جابر ثم بعد ذلك فى جمعيه على ابن ابى طالب (منطقه سموحه) بعد خلاف دب فى جمعيه سيدى جابر نقل على اثره الشيخ المحلاوى الى مسجد القائد ابراهيم (هذه هى بركة المسجد فى حياه المسلم والمسلمه وقيمه تقديم الخدمات المناسبه من قبل الدعاه ومدى تاثيره فى نفوس المدعوين)

ردود افعال هذه الفتنه بمدينه الإسكندرية خارج الجامعه

اتفق تجار المدينه الى ان تقسم المدينه الى مناطق وشوارع لاقامه احتفالات اسبوعيه بالمولد النبوى عاما كاملا لاقامه السرادقات واحضار مشاهيرقراء(القرآن الكريم) بمصر لاحياء الاحتفالات والاستعانه بابرز المشايخ لألقاء المواعظ الدينيه بها وكان النصيب الاكبر لفضيله الشيخين العالميين الشيخ محمود عيد والشيخ أحمد المحلاوي(متعهما الله بالعافيه) واصبح صدى كلماتهما يتردد فى الإسكندرية من اولها الى اخرها.

الفتنه اوجدت روح من الحساسيه والتوجس بين المسلمين والمسيحين. ظهرت هذه الروح فى كثير من المواقف التى سوف اتناولها فى احداث لاحقه باذن الله.

جماعة التكفير والهجرة

وكانت اكبر جماعه تكفيريه و كانت تسمى نفسها جماعة المسلمين (اطلقت عليها وسائل الاعلام والاجهزة الامنية جمهعة التكفير والهجره) وكان براسها شكرى مصطفى وهو من قرية بمحافظة سوهاج من مواليد عام 1942 انفصل ابوه عن امه وهو صغير وعاش مع زوج امه وكان رجلا قاسيا قبض عليه عام 1965 بسبب تردده على مقار الإخوان المسلمون وكان طالبا بكلية الزراعة جامعة أسيوط وناله فى السجن من صنوف التعذيب ما ادى به الى أن يكون مستعدا لاى فكر أو عمل يساعده على الانتقام من المستبدين الظلمين واعوانهم ومن سكت على هذا الظلم

الشيخ على عبده اسماعيل يحكى نشأة الجماعة

حكى فضيلة الشيخ على عبده اسماعيل وهو مؤسس فكر هذه الجماعة وأول أمير لها وهو شيخ أزهرى سجن مع الإخوان المسلمون فى الستينيات وهو اخ شقيق للشهيد للشيخ عبد الفتاح إسماعيل نحسبه كذلك ولا نزكى على الله أحدا وهو (احد قادة الإخوان الذين اعدمهم عبد الناصر)

قال فضيلته :

"خرجت ذات مرة اصلى فى السجن فرايت بعض الإخوان يصلون وحدهم دون الجماعة فثارت ثائرتى لذلك وانكرت عليهم ذلك وجائنى كلا الطرفين لشرح الموقف واكتشفت ان الفريق الاعظم من الإخوان المسلمون لا يقولون بكفر الحاكم والنظام ويعدون عامة الناس مسلمون فى حين ان قلة منهم بسبب ما وقعوا فيه من تعذيب وتجرؤ المعذبين على دين الاسلام أثناء التعذيب هؤلاء يقولون ان الحاكم كافر وان اعوانه كفرة وان الناس برضاهم وسكوتهم عن الحاكم هم كفرة أيضا فوقفت فى حيرة من امرى حيال الرأيين
ثم ما لبثت ان خرجت براى ثالث اعتقدت انه وسطا بين الرايين وهو ان من يدعى انه مسلم فلا نحكم عليه بالاسلام ولا بالكفر ولكن تتوقف فيه حتى نتبين اسلامه من كفره ومن هن نشأ مذهب (التوقف والتبيين) ويستطرد قائلا لقد حاورت كلا الفريقين فى السجن وكنت مؤهلا بوصفى شيخ ازهرى أن ادافع عن آرائى وتتلمذ على يدى كل من شكرى مصطفى – عبد الله السماوى
وكانا شابين فى العشرينات وكان شكرى يسجل كل مناظراتى مع الخصوم ويرتبها ويستعملها فى مناظراته ، وذات يوم جلست مع نفسى اراجع نظرية (التوقف والتبيين) فوجدت أن على ان انشئ فقها جديدا لم يسبقنى به احد من أهل الفقه الاولين العظام هو فقه المتوقف فيهم، فمثلا (هل يجوز لزوجه المتوقف فيه أن تظل على زمته ؟ واذا مات المتوقف فيه قبل تبين اسلامه يرثه اولاده ام لا ؟ هل يدفن فى مدافن المسلمين ام ننشا مدافن تسمى مدافن المتوقف فيهم ؟)
وغيرها من المسائل الفقهيه التى تستلزم ان اخرج على الامة الاسلامية بفقه جديد لم يسبقنى اليه أحد من اهل السنة والجماعة ، فاحسست انى استدرج بهذه النظرية الى ضلالة كبرى وفتنة عظمى ، وفى اليوم التالى جمعت الإخوان فى السجن ووقفت وسطهم أعلن برأتى من نظرية (التوقف والتبيين).وما ان فعلت ذلك حتى صاح كل من شكرى مصطفى وعبد الله السماوى بانهما سيظلان متمسكين بهذه النظرية رغم رجوعى واتهمانى بالجبن" انتهى حديث الشيخ على اسماعيل رحمه الله.

خروج شكرى مصطفى من السجن

ولقد خرج شكرى مصطفى فى اوائل السبعينيات فى بداية حكم الرئيس السادات1971 وجعل يقيم جماعة على هذه النظرية مستخدما ما سجله فى السجن من مناظرات الشيخ على عبده أسماعيل قبل رجوعه عنها. وهى نظرية تكفيرية فى الاساس لان المتوقف فيه هو بمثابة الكافر عندهم وان كانوا لا يطلقون عليه لفظ كافرولقدتطابقت اقوالهم مع فكر الخوارج بما أضافه شكرى من كراسات (11 كراسه) ضمنها كل أفكار الجماعة يقوم بنسخها وحفظها افراد جماعته دون مناقشه او تردد.

شملت هذه الكراسات :

كراسة تتكلم عن ان النطق بالشهادتين غير كافي للحكم على الانسان بالاسلام فلا بد أن يتزامن معها قيامه بجميع الفرائض واجتنابه جميع المعاصى وألايصر على الصغائر فمن ترك واجبا او ارتكب معصية فهو كافر –وكراسه اخرى تتكلم عن شروط أستمرار الحكم عليه بالاسلام ويربطه بلزوم انضمامه للجماعة حتى تضمن انه لن يخل بباقى الشروط وأذا أخل كان مرتدا يقام عليه الحد ويقتل
وأخرى تتكلم عن قرب قيام الساعه وأنه وجماعته سيقاتلون الجيش الذى سيغزو الكعبه فى أخر الزمان –وأخرىتتكلم عن العزله والخروج الى الجبال والصحراء –وأخرى تتكلم عن أن هذه امة اميه و يتهكم فيها من التعليم بالمدا رس والجامعات (مما دفع اتباعه لترك الدراسه واخراج اولادهم من المدارس) وكان يقنع اتباعه بان الحروب القادمه سوف تكون بالسيف.بدأ شكرى دعوته فى القاهرة وبعد أن لاقت قبولا بين الشباب قليل الثقافه فى الدين والمتعطشين لاسلامهم بدأ يتحرك بدعوته فى المحافظات.

حضور شكرى مصطفى الى الإسكندرية

كان اول نزوله للاسكندرية عام 1972 فى منزل عائلتى والمتعطش فى ذات الوقت للاسلام أصبح يتنقل بدعوته بين المحافظات حضور شكرى بدعوة من ابن عمى خالد الزعفرانى وكان قد انضم الى جماعته رغم عدم اقتناعه الكامل بافكاره وحين رأه أبى اثناء دخوله المنزل ارتاب منه ومن هيئته وأسر لى أنه غير مستريح لهذا الشاب.

ودا ر نقاش معه فى حضور أخى الاكبر حمزه (تقبله الله شهيدا) وصديقه سمير أبو النصر (رحمه الله) ولم يقتنع أحد منا بافكاره حيث كنا نؤمن بأن بأ كلمة (الا اله الا الله محمد رسول الله) كافيه للدخول فى الاسلام والاستمرار بالحكم عليه بالاسلام فاذا لم يأتى فرضة أوارتكب كبيرة عوقب عليها فى الدنيا أوالآخره. ولقد سقط شكرى من اعيننا حين قال فى ثقة وتحدى أثناء النقاش :(ان رسول الله لم يقل فى اى حديث من احاديثه لفظ – لا-)

وهنا أحضر أخى الاكبر كتب الاحاديث التى بالمنزل ليستخرج منها عدد كبير من احاديث النبى ضلى الله عليه وسلم ذكر فيها هذا اللفظ فصمت بعدها ونام ليلته لينصرف صباحا الى مكان قد اعده له خالد ليبحث عن أخرين قد يستجيبون له (يذكر ان أ. خالد قد خرج عليه فيما بعد وكان أول من هاجمه على صفجات الجرائد ووصف هذه الجماعه بالخوارج)حيث استقر بشكرى المقام فى أحدمنازل اتباعه شارع قناة السويس محرم بك الذى كان يعمل مدنى بالقوات البحريه والذى جلب لشكرى عدد كبير من زملائه لاعتناق هذا الفكر.

وتعرفت على وجدي غنيم

ولقد علمت بان احد أصدقائى قد ذهب الى هناك فذهبت وراءه خوفا من ان يلتحق بهذه الجماعة وهناك رأيت شكرى يتحلق حوله الشباب يتحدث اليهم وبعد اقتناعهم به يأخذ منهم البيعه بانضمامهم للجماعه ثم مجموعه اخرى وهكذا ثم جاء دور حواره مع وجدي غنيم الشاب الذى كنت اسمع عنه وكانت اول مرة اره فيها جلست اسمع الحوار حتى فوجئت بوجدىوهو يعلوا صوته قائلا معنى ذلك أن اترك أبى وأمى واهاجربعد أن قاما بتربيتى والانفاق على حتى تخرجت ثم اتركهم دون رد الجميل اليهما

وهنا يرد شكرى فى جفاء وصلف : (ان كان هذا فهمك للدين فالافضل لك ان تبقى لابيك وامك) فقام وجدى غاضبا وهو يقول نعم هذا هو فهمى لدينى وانصرف من المنزل وقمت لالحق به واتعرف عليه لتكون بدايه لرحله أخوه فى الله عبر الايام والسينين وحتى يومنا هذا الى ان نتقابل على حوض المصطفى صلى الله عليه وسلم اما صديقى فتاثر بافكار الجماعه وتركته حتى تقابلنا ليلا و تم نقاش بيننا رجع صديقى على اثره عن هذه الافكار والحمد لله.

عرضنا على شكرى وهو فى الإسكندرية مناظرة الشيخ على أسماعيل فرفض متعللا بقوله : (انه استاذى وليس من الادب مناظرته) وكان الشيخ على يقول عنه أنه شاب مبتدع تمكنت البدعة من قلبه يصعب اقتلاعها منه. ولقد عقدت له مناظره بالإسكندرية مع عدد من مشايخها اذكر منهم الشيخ سيد الصاوى حضره بعض الشباب واستمر لساعات دون الوصول الى نتيجه حيث لم يحد منهم احد عن رأيه وسافر شكرى مصطفى تاركا الإسكندرية ليلا بعد عده ايام ولحق به من تبعه من ابناء الإسكندرية

وسافر خالد الزعفرانى فى اليوم التالى وجاء والده الى الإسكندرية مسرعا يسأل عن ولده خالد خوفا من ان يهاجر مع شكرى فلا يراه بعد ذلك وحين ابلغته ان خالد قد سافر اصيب بصدمه وجعل يسألنى عن مكان اتوقع انه قد ذهب اليه ولكنى قلت له :(انا لا اعرف وجهته ولكنه كان يذكر لى كثيرا ان هناك رجلا من الإخوان المسلمين يدعى الحاج عز العرب يسكن مدينه بنها قد خرج لتوه من السجن وانه علم ان بحوزته كراستين تحويان رد الإخوان على فكر التكفير_ داخل السجن _بعنوان دعاه لا قضاه وان هذه الكراسات منسوخه بخط اليد لانها لم تطبع بعد وانه يفكر فى الذهاب اليه والاطلاع عليها)

فطلب منى عمى ان اسارع بصحبته الى بنها لعلنا نجد خالد هناك وفى الحال سافرنا الى بنها ونزلنا نسأل عن منزل الحاج عز العرب واصطحبنا احد السائقين الى منزل والدته حيث لم يكن قد تزوج بعد وكان يعد العده للزواج بعد سنوات من السجن استقبلنا الرجل بترحاب وفوجئنا بوجود خالد هناك يتناول معه طعام الغداء فامسك والده بيده وقبض عليها والدموع تنهمر من عينه فرحا بعثوره على ولده اصر خالد على الا يرجع معنا الا ومعه الكراستين

فقام معنا الحاج عز العرب مشكورا ليعطينا الكراستين كان قد اخفاهما فى شقته التى اعدها للزواج فيها ودعناه ورجعنا الى الإسكندرية بعد ان وعدناه ان نعيدها اليه بعد قراتها عكفنا على قراتها ثلاثه ايام متتاليه انا وخالد وشاب يدعى صلاح السودانى الذى كان يراس مجموعه تكفيريه بالإسكندرية وكان لدراستها الاثر الحاسم فى ضحض كل شبهه تكفيريه والرد عليها.

الجماعه تتجه الى العنف

وكبرت هذه الجماعة وكان كل من ينضم اليها رجالا ونساء طلبه وطالبات يتركون اسرهم ومدرسهم او جامعاتهم ووظائفهم وعائلاتهم ويعمل فى الدعوة الى هذا الفكر ، وقامت مجموعة فيهم بالسفر الى الدول العربية للعمل هناك لتوفير الدعم المالى للجماعة

ويقوم شكرى مصطفى بنفسه بتزويج الرجال والنساء المنضمين للجماعة وبعضهن قد هربت من زوجها دون طلاق وكانت المعيشة بين افرادها جماعية فى الماكل والمشرب وحتى فى السكن ، كانت الشقة الواحدة تؤجر لعدد من الاسر او الشباب ليتزوجوا فيها ويقيموا فيها. وبدا شكرى مصطفى يكون مجلس شورى من عدد لا يزيد عن العشرة لادارة الجماعة ويقوم بتعيين الامراء على المحافظات ومناطق مصر المختلفة.

ثم أمَرهم بالهجرة الى جبال الصعيد ، استعدادا للهجرة الى السعودية لمقاتلة جيش الكفار الذي سيأتى لتدمير الكعبة فى اخر الزمان وكونوا مجتمعات مستقلة فى جبال الصعيد وكانوا يقيمون الحدود بانفسهم على من يرتكب كبيرة وكانوا يقومون بتصفية المنشقين عنهم جسديا – تنبهت الدولة لحجم هذه الجماعة فى أواسط السبعينيات وفى اوائل عام 1976 تم القبض على مجموعة منهم.

فقررت الجماعة القيام باختطاف احد المسئولين المصريين رهينة لاطلاق سراح المقبوض عليهم من الجماعة. وبعد دراسة وقع اختيارهم على الشيخ محمد حسين الذهبى وكان وزير اوقاف سابقا فقامت مجموعة منهم على راسها ضابط شرطة سابق يدعى احمد طارق عبد العليم باقتحام منزله ليلا وتعصيب عينيه واقتياده الى مكان مجهول رغم توسلات زوجته وبناته...

وبعد الاعلان عن اختطاف الشيخ الذهبى لم يصدق الناس ادعاء الامن بان جهة اسلامية قد أختطفته وما لبثت الجماعه أن اعلنت عن مسؤليتها عن اختطافه واعلنت عن شروطها لاطلاق سراحه وقد تضمنت –الافراج عن جمييع أعضائها المحبوسين –دفع مبلغ 200 ألف جنيها فدية –الاعتذارللجماعه فى وسائل الاعلام

وتحركت الاجهزة الامنية فى اتجاهين احدهما التفاوض مع جماعة شكرى مصطفى لاطلاق سراحه والثانى تشكيل عدة فرق للبحث عن مكان اخفاء الشيخ. ولم تمض ايام حتى جاءت المجموعه المكلفه بالاختطاف الى شكرى مصطفى وهو فى اجتماع مجلس شورى الجماعة ليخبروه بان الاجهزة الامنية اقتربت من الوصول الى مكان اختفاء الشيخ وان علينا ان نسرع فى عمل شئ قبل وصولهم اليه.

ويحكى بعض من حضر هذا المجلس ان شكرى مصطفى صمت دقائق ثم رفع راسه واشار باصبعه قائلا : (قضى الامر : اقتلوه) وعلى الفور تحرك فريق الخاطفين الى مكان وجود الشيخ وقتلوه باستخدام مسدس كاتم للصوت.

وما ان وصلت الاجهزة الامنية الى المكان حتى عثروا على الشيخ مقتولا واذيع خبر مقتل الشيخ فى وسائل الاعلام وكانت غضبة رسمية وشعبية عارمة وتم بعدها القبض على اغلب عناصر الجماعة قدموا لمحكمة عسكرية حكمت على اربعة منهم بالاعدام وعلى راسهم شكرى مصطفى الذى كان يرسم فى اذهان اتباعه انه لن يموت الا بعد ان يقاتل الجيش الذى سيغزوا الكعبة فى اخر الزمان. حتى انه بعد اعدامه لم يصدق كثير من اتباعه خبر اعدامه الا بعد مرور اشهر عديدة وهكذا انكسرت باعدامه جماعته وان كان بعض مجموعات صغيرة لا زالت تحمل هذا الفكر.

مقتل الذهبى رحمه الله ومعسكر الإسكندرية عام 1977

كنا بالجماعة الإسلامية بالإسكندرية نقيم مؤتمرا جديدا يديره الاخ احمد يونس رحمه الله وكنت اعاونه فى ادارته وكان مقره مبنى اتحاد طلاب الإسكندرية وكان يضم ما يقرب من ثمانمائة طالب. ففى صبيحة اليوم الذى اعلن فيه عن قتل الشيخ الذهبى راينا ان من واجبنا ان نستنكر هذا الحدث الاجرامى وحتى لا يلتبس على الناس امر المتدينين والملتحين بانهم جميعا من هذا الصنف الاجرامى فقسمنا افراد المعسكر اربعمائة مجموعة كل مجموعة من فردين وتم توزيعهم على وسائل المواصلات المختلفة (قطارات ، اتوبيسات ، ترام)

ليقوموا باستنكار هذا العمل الاجرامى وبيان الاختلاف بين فكر هذا الشباب الاسلامى المتدين وفكر هذه الجماعة المتطرفة وظلوا يعملون حتى صلاة العصر ، وبعد الصلاة تم تجمعيهم مع مشايخ الأزهر وائمة المساجد بالإسكندرية بزيهم الرسمى بمشاركة اخرين من الشباب للقيام بمسيرة تجوب الشوارع الكبرى بالإسكندرية تندد بجريمة مقتل الشيخ الذهبى وهم يحملون اللافتات ومكبرات الصوت. وتحركت المسيرة من مبنى اتحاد طلاب الجامعية مقر المعسكر الصيفى وفى الصفوف الاولى المشايخ بملابسهم الرسمية وفى مقدمتهم فضيلة الشيخ محمود عيد وفضيلة الشيخ أحمد المحلاوي.

وما ان وصلت المسيرة الى كوبرى الجامعة اذا بقوات الشرطة تستوقفنا طالبة منا ان نحصل على اذن بذلك وتحدث السيد محافظ الإسكندرية مع فضيلة الشيخ المحلاوى طالبا ذهاب احد الى مبنى مباحث امن الدولة للحصول على الموافقة. وذهبت بناء على طلب الشيخ المحلاوى الى هذا المبنى فى سيارة الشرطة بملابس المعسكر وكانت هذه اول مرة اعرف هذا المبنى او اتعرف علي هذا الجهاز.

صعدت الطابق الثانى ودخلت حجرة ضخمة يجلس على مكتب فى المواجهة اللواء فوزى معاذ وكان يومها مفتش ادارة امن الدولة بالإسكندرية قبل ان يصبح محافظا للاسكندرية فسلمت عليه وجلست اكتب طلب الموافقة على المسيرة ، فاذا به يبتسم ويقول : (لن اوقع لك على هذا الطلب) فقمت غاضبا ومزقت الورقة وتوجهت الى باب الغرفة وهو يصيح بى تعالى يا ابراهيم يا ابنى لا تكن عصبيا هكذا تعال نتفاهم.

فعدت وجلست فقال لى انا لا اوقع على ورق يكفينى ان اتصل عبر اللاسلكى لابلغهم بقرار الموافقة على المسيرة وفهمت ساعتها ان افراد هذا الجهاز ليس من اعرافهم التوقيع على مثل هذه الطلبات ثم استرسل قائلا :(المسيرة كما انها تحقق هدفكم فى تبرئة انفسكم من هذه الجريمة وعدم تلويث صورتكم الاسلامية السلمية الا انها ايضا تحقق اهداف النظام بوجود استنكار شعبى لهذه الجريمة يمكن يد العدالة ان تاخذ مجراها).

وعلى هذا فنحن موافقون على المسيرة وارجو ان تتحاوروا مع العميد ... قائد المامورية فى الاتفاق على خط سير المسيرة حتى يمكن ان نوفر لها الحماية ونتجنب الاختناقات المرورية. ثم انصرفت لنستكمل المسيرة التى كانت لها اثر كبير هى وما سبقها من عمل افراد المعسكر فى وسائل المواصلات. ظلت حديث اهالى مدينة الإسكندرية لعدة ايام.