حقوق الإنسان.. والخرافة المفضوحة

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
مراجعة ٢٠:٣٣، ١١ يونيو ٢٠١١ بواسطة Attea mostafa (نقاش | مساهمات) (حمى "حقوق الإنسان.. والخرافة المفضوحة" ([edit=sysop] (غير محدد) [move=sysop] (غير محدد)))
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
حقوق الإنسان.. والخرافة المفضوحة
توفيق الواعي.jpg

بقلم/ د. توفيق الواعي

الحديث عن حقوق الإنسان في الوطن العربي أصبح اليوم خرافة؛ لأنه لا يوجد إنسان أصلاً- إلا من رحم ربك- نعم كان هناك إنسان ثم وُئد، وقُتلت آدميته، ودفنت بشريته، فلا ترى اليوم له حراكًا أو تسمع له ركزًا.

هل تسمع اليوم إنسانًا يتحدث عن حقوق الإنسان في فلسطين ؛ حيث يُقصف الناس بالطائرات من الجو، وبالرواجم من الأرض، وتهدم البيوت فوق أصحابها، وتجرف الأراضي بزرعها وضرعها وأقواتها، ويظل الناس عرايا بلا مأوى ولا مسكن، وجياعًا بلا طعام أو قوت، وعطاشًا بلا ماء أو ري، ويُطاردون في أراضيهم بالدبابات والجنود، حتى صار الناس بين قتيل أو حبيس أو مطلوب للذبح والفتك، فإذا دافع هذا الإنسان عن نفسه وعرضه وولده، اتُهم بالارهاب، ووُصِمَ بالوحشية والعدوان؛ حتى ولو كان دفاعه هذا بصخرة أو حجر؟!.

وهل سمعت عن إنسان يتحدث ذاكرًا أفغانستان، التي اجتمع على شعبها المسكين جيوش الدول- التي تسمي نفسها تحالف الشر- تدعي على شعبها البدائي الفقير أنه خطر على السلام العالمي، وليس عنده حتى قوت يومه، فضلاً عن أسلحة الدمار الشامل التي صارت ذريعة لاحتلال الشعوب، وأخذ خيراتها، كم قتل من هذا الشعب المستباح، وكم ضرب بالقنابل والرواجم والطائرات، وكم اقتيد إلى سجون جوانتنامو وعذَّب وطُحن- ومازال- ولا بواكي له أو مدافع عنه أو راحم له حتى بكلمة، أراه قد غُيِّب من التاريخ أو انتزع من الإنسانية وأُضيف إلى فصيل الدواب والهوام التي ينبغي إزالتها.

أما عن العراق فأظن أن كل إنسان في مشارق الأرض ومغاربها قد سمع بمأساته التي سارت بها الركبان، هذا الشعب الذي نُكب بحكامه، ثم نُكب وحلَّت به الكوارث بمحتليه المتذرعين بأسلحة الدمار الشامل المزعومة التي فضحتها الحقيقية الناصعة، ومع هذا ما يزال المحتل يخترع الذرائع الواحدة تلو الأخرى للاحتلال البغيض الذي أعاد عصور الهمجية والوحشية، والجميع اليوم يشاهدون فضائح التعذيب الأمريكي البريطاني للعراقيين في سجن أبو غريب وغيره، التي ما كانت لتثار أو يظهر لها غبار إلا بعد أن عمَّت وطمَّت وطارت في كل صقع، وظهرت كالشمس في رابعة النهار؛ حتى فضحت ممارسات الاحتلال للبلاد ويحقق أحلام أولاد صهيون في إذلال البلاد والعباد.

التعذيب.jpg

فمنذ اللحظة الأولى كان المقصود هدم العراق وامتهان تراثه واستباحة شعبه، ومنذ الأيام الأولى، احتلت قصور الدولة، وسرقت محتويات الوزارات، وسرق المتحف الذي يمثل تراث الأمة والدولة، وهدمت الكليات والمختبرات، وعطِّلت المصانع، وانتهبت واستبيح كل شيء، وظهرت حقيقة الوحشية التي يكبتها المحتل، وقد علَّقت على ذلك منظمة حقوق الإنسان، وأشارت إلى التعذيب الجسدي والجنسي بأنه شيء فظيع وغير مسبوق، إنها طبيعة المحتل الذي يفعل بالبشر وبمصائر الناس ما يشاء، وخاصةً عندما يضعف هؤلاء ويذهب ريحهم.

ولقد دوَّن التاريخ ما قاله الرئيس الأمريكي هاري ترومان، عندما تم إبلاغه بعدد الضحايا اليابانيين الذين دمرتهم القنبلة الذرية فقال: "إن هذا أسعد يوم في حياتي"، هذه هي ثقافة الوحوش المحتلة التي تُسر وتهنأ بتدمير الإنسانية، إنها بلا شك ثقافة مجرمة تعيش طفيلية خارج السياق الإنساني الحضاري، ولكنها بلا شك تكون قدر الشعوب الميتة التي خرجت وانسحبت من الحياة الكريمة.

وهذا القدر الذي جرى على هذه الشعوب ليس ضربة لازب، ولكنه قدر بأسبابه، ووسائله التي أدت إلى الضياع الأليم، وفصَّلت ذلك ووضحته مؤسسات حقوق الإنسان، قائلة: إن ما يجري على الساحة العربية يطابق تمامًا بل قد يزيد على ما يفعله المحتل الأمريكي واليهودي في بلادنا، فالاعتقالات العشوائية والمحاكمات العسكرية للمدنيين والأحكام الاستثنائية سيوف مصلتة على رقاب الشعب، والقتل على قارعة الطريق والتعذيب الوحشي شيء مألوف ومنظم في سجوننا.

وهناك الكثير من البلاد العربية لها تجارب مؤلفة في ذلك، قد ذهب ضحيتها المئات، تود تصديرها باعتبارها أسلوبًا يمكن الاعتماد عليه؛ حيث تدعم خبرات الآخرين في هذا المجال، من ذلك اعتقال الأولاد وتعذيبهم أمام آبائهم حتى يعترفوا بما لم يفعلوا، واعتقال الزوجات، وتهديدهن بالاعتداء عليهن جنسيًا أمام رجالهن، والاعتداء على الرجال جنسيًا أمام زوجاتهم لتحطيم معنوياتهم، والتعذيب حتى الموت، ورفض إنقاذهم رغم نزف دمائهم بزعم أنهم كلاب لا يحق لها العيش، وانتزاع الخصيتين بالطرق الهمجية، وتسليط الكهرباء على الأعضاء التناسلية وفي الدبر، وفقدان السمع والبصر، والإصابة بالجنون والشلل من كثرة الضرب والإهانة، وحقن المعتقلين بأمصال الإيدز.. إلخ.

هذا كله أصبح شائعًا وتسير به الركبان، وهذا كله وجميعه يحدث للطبقات العظيمة والنابهة والمسلمة في الأمة، كذلك تلك التي تعقد عليها الآمال، ويرجى منها الخير، وتتعلق بها الأنظار والحق يُقال: إن هذه الطبقة رغم ذلك كله صامدة وثابتة نحو هدفها وسائرة في طريقها، تنبذ المذلة وتصبر على الضيم حتى يأتي وعد الله بالنصر أو تموت دونه راضية مرضية.

نبذوا المذلة في الدنيا فعندهم

عزُّ الحياة وعز الموت سيان

لا يركعون على ضيمٍ يحاوله

باغٍ من الإنس أو طاغٍ من الجان

المصدر

قالب:روابط توفيق الواعى