حصاد الدورة الرابعة لنواب الإخوان (2)

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
حصاد الدورة الرابعة لنواب الإخوان (2)


2004-21-07

القاهرة- عبد المعز محمد

مقدمة

مجلس الشعب المصري

- البيانات العاجلة والأسئلة كشفت التطبيع الخفي مع الصهاينة

- موقف تاريخي لنواب الإخوان عن احترام أحكام القضاء

- انتقادات لاذعة للاحتلال الأمريكي للعراق وسياستهم مع فلسطين

رسخ نواب الكتلة البرلمانية لنواب الإخوان المسلمين- خلال الدورة الرابعة للبرلمان- العديد من المواقف التاريخية، والتي تناولت كافة القضايا الهامة، سواء الاقتصادية أو السياسية أو الاجتماعية، ولعل أهم هذه المواقف وأبرزها خلال الدورة الرابعة كان موقف نواب الكتلة من "عدم احترام أحكام القضاء فيما يتعلق بانتخابات نواب التجنيد"، وكذلك موقف الكتلة من قضية حجاب المسلمات بفرنسا، وموقفهم من شيخ الأزهر الذي أيد قرار الحكومة الفرنسية، هناك أيضًا مواقفهم من الأحداث الجارية في فلسطين والعراق، فضلاً عن مواقف عديدة تناولوها في أكثر من 1500 آلية برلمانية متنوعة شملت الاستجواب والبيان العاجل وطلب الإحاطة والسؤال والاقتراحات.. وفي السطور القادمة نقدم عرضًا لأهم ما قدمه نواب الإخوان خلال الدورة الرابعة والقضايا التي تناولوها في طلبات إحاطة والأسئلة.

ففي يوم السبت 27من ديسمبر 2003م سجَّل نواب (الإخوان المسلمين) موقفًا تاريخيًّا عندما أعلنوا في جلسة البرلمان رفضهم لعدم تنفيذ الحكومة الأحكام القضائية الخاصة بالانتخابات التكميلية لمجلس الشعب (البرلمان)، وقد شهدت الجلسة مناقشةً عنيفةً بين الدكتور "محمد مرسي"- رئيس الكتلة البرلمانية لنواب (الإخوان المسلمين)- وبين الدكتور "أحمد فتحي سرور"- رئيس البرلمان- حول ما اعتبره الدكتور "مرسي" إعدامًا للأحكام القضائية على يدِ السلطة التشريعية الممثَّلة في مجلس الشعب، وقد اتَّهم د. "مرسي" الحكومة والبرلمان بذبح القضاء وإهدار أحكامه، مدلِّلاً على ذلك برفض الحكومة تنفيذَ أحكام القضاء الإداري التي أعلنت ضرورة قصر إجراء الانتخابات التكميلية على الذين خاضوا انتخابات عام 2000م، مشيرًا إلى أن دور البرلمان أساسٌ في التشريع والرقابة كمؤسسة تشريعية مستقلة عن السلطتين التنفيذية والقضائية.

وأكد مرسي أن مصر كلها تنتظر كلمة المجلس وموقفَه في احترام أحكام القضاء، فقام رئيس البرلمان بأخذ موافقة نواب الحزب الحاكم الذين يشكِّلون الأغلبية في المجلس على إخراج الدكتور "مرسي" من الجلسة؛ بحجة أنه لم يلتزم باللائحة، إلا أن الدكتور "مرسي" رفض الخروج رغم موافقة نواب الحزب الحاكم على طلب رئيس المجلس الذي قدم طلبًا جديدًا بتحويل الدكتور "مرسي" للجنة القِيَم؛ لأنه رفض "السكوت"، وهو ما قابله نواب الإخوان وعدد من النواب المستقلين برفض قاطع وبهجوم على الحزب الوطني والحكومة التي أهدرت كرامة القضاء، عندما أصرت على عدم تنفيذ أحكامه.

الحجاب

نواب الإخوان عارضوا بشدة قرار الرئيس شيراك بشأن الحجاب

ومن القضايا الهامة التي تبنتها كتلة الإخوان أيضًا قضية حظر الحجاب في فرنسا، وموقف شيخ الأزهر منها، حيث أرسَل نواب الكتلة رسالةً لرئيس وأعضاء الجمعية الوطنية الفرنسية (مجلس النواب الفرنسي)، واعترضوا فيها على قرارِه بإلغاء الحجاب من المدارس والجامعات والمؤسسات العامة، وأعربوا في الرسالة التي أرسلوها لمجلس النواب الفرنسي يوم الأحد 28 ديسمبر 2003م عن طريق السفارة الفرنسية بالقاهرة عن قلقِهم ومخاوفِهم من قرار الرئيس "جاك شيراك"- رئيس الجمهورية الفرنسية- بخصوص منع ارتداءِ الحجاب في المدارس الفرنسية، والذي سيُعرض على الجمعية الوطنية الفرنسية (البرلمان) للنظر في إقراره قريبًا، معتبرين أنَّ هذا القرارَ يُسيء إلى صورة فرنسا الحُرة، ويضَعُ بذور الكراهية بين الشعوب الإسلامية وبين فرنسا، بعد ما نظرت الشعوب لمواقف فرنسا المشرِّفَة في قضية الحرب على العراق، واعتبرتها من الدول الحُرَّة المنْصفة للحق.

كما أصدر نواب الكتلة بيانًا يوم الخميس 20041/1/، أكدوا فيه أن تصريحات الدكتور "محمد سيد طنطاوي"- شيخ الأزهر- حول قضية منع الحجاب في فرنسا وقعت كالصاعقة على أبناء الأمة الإسلامية رجالاً ونساءً، وأصابت الكثير من المسلمين بالحزن والغضب، وأشاروا إلى أن "طنطاوي" تطوَّع بتصريحات مخالفة لصحيح القرآن والسنة وإجماع الأمة!! وتساءل النواب عن الداعي لذلك؟ وأوضحوا خطورة مثل هذه التصريحات على عقيدة الأمة، وعلى أمنها وسلامها الاجتماعي، وذكَّر النوابُ شيخَ الأزهر بالمسئولية العظيمة أمام الله- سبحانه وتعالى- وكان مما قالوه: "لا نرى عذرًا له أو لغيره في ذلك"، كما أشاد النواب بموقف أساتذة وشيوخ مجمع البحوث الإسلامية، الذين ضمهم الاجتماع مع شيخ الأزهر ووزير الداخلية الفرنسي؛ حيث هاجموا تصريحات الشيخ المهينة والمخالفة لعقائد المسلمين، وأوضحوا أن هذا الكلام يعبر عن رأي الشيخ فقط، مخالفًا ما اتفق عليه قبل اللقاء.

وردًّا على موقف شيخ الأزهر طالب الدكتور "حمدي حسن" بإقالة الدكتور "محمد سيد طنطاوي" من منصبه، وتعيين شيخ جديد للأزهر بعد تصريحاته الخاصة بالحجاب، والتي خالفت الشريعة الإسلامية وإجماع العلماء وأعضاء مجمع البحوث الإسلامية.

وأكد النائب- في أول طلب إحاطة يشهده البرلمان المصري منذ تأسيسه ضد مكانة شيخ الأزهر- أن تصريحات الشيخ أثناء لقائه بوزير داخلية فرنسا كانت كالصاعقة على رءوس المسلمين، ليس في مصر وحدها؛ وإنما في كل الدول العربية والإسلامية والأوروبية أيضًا؛ سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين.

ووصف النائب نتائج لقاء الشيخ بوزير الداخلية بأنها أشبه بمدافع "نابليون بونابرت"، التي جاءت لتدك الأزهر من جديد، بينما اعتبر موقف أعضاء مجمع البحوث الإسلامية بأنه أشبه بموقف السيدين: "عمر مكرم"، و"محمد كريم"، اللذين واجها مع الشعب المصري مدافع "بونابرت" حتى زال الاحتلال.

الرواية

كما حقق نواب "الإخوان المسلمين" انتصارًا عندما أصدر وزير الثقافة المصري "فاروق حسني" قرارًا بمصادرة كتاب اعترض نواب "الإخوان" على إصداره ضمن سلسلة كتب مهرجان القراءة للجميع "مهرجان الأسرة"؛ حيث يحتوي الكتاب على عبارات جنسية واضحة، كما به تحريف شديد للآيات والأحاديث النبوية، كما أصدر الوزير قرارًا بوقف المسئولين عن طباعة ومراجعة سلسلة الأعمال الإبداعية- التي صدر عنها الكتاب- عن العمل، وقرر تحويل الكتاب لمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف لدراسته، وتوضيح ما به من افتراءات على الكتاب والسنة، بعد تأكيد مؤلفه أنه اعتمد على بعض المذاهب في شرح الآيات والأحاديث التي استشهد بها، وهي المرة الأولى التي يقرر فيها وزير الثقافة الحالي تحويل كتاب للأزهر الشريف لأخذ الرأي عليه وعلى ما يحتويه.

وكان النائب الإخواني مصطفى محمد مصطفى قد تقدم بسؤالين لرئيس الوزراء ولوزير الثقافة عن إصدار وزارة الثقافة لكتاب وصفه النائب بالسخيف يحمل عنوان (الوصايا العشر في عشق النساء)، وتساءل النائب عن رأي الوزير في هذا الكتاب، باعتباره المسئول الأول عن تثقيف المجتمع المصري!! وهل هناك أجهزة أو لجان تراجع مثل هذا الإصدارات؟! وما قيمة مثل هذه اللجان عندما يصدر عنها مثل هذا الهراء الذي يتم طبعه على نفقة الشعب المصري الذي يعاني البطالة والكساد، فضلاً عن كونه إهدارًا للقيم والأخلاق..؟!

وفي الإطار نفسه قدم النائب علي لبن سؤالاً إلى وزير التربية والتعليم، تساءل فيه عن عدم تطبيق وزارة التربية والتعليم توصيات المجالس القومية المتخصصة التي تهدف إلى تأصيل القيم الدينية، مشيرًا إلى أن المجالس القومية المتخصصة أكدت في توصيات لها أن المجتمع المصري يمر بفترة حرجة من حياته تتسم باهتزاز القيم واضطراب المعايير الاجتماعية والأخلاقية، وكثرة حالات الخروج على تعاليم الدين والقانون؛ مما أصبح يهدد أمن البلاد واستقرارها الاجتماعي.. الأمر الذي يدعو إلى ضرورة بناء شخصية الإنسان المصري من جديد على أساس الدين وتعميق العقيدة والشريعة في نفوس أبناء جيل الغد.

وبعد نهاية الدورة مباشرةً قدم الدكتور حمدي حسن سؤالاً لوزير الثقافة عن كتاب ينتقد اللغة العربية، ويعتبرها سبب تخلف المصريين، وهو السؤال الذي تسبب في أزمة داخل الأوساط الثقافية التي رفضت إصدار مثل هذه الكتب عن الحكومة المصرية..!!

فلسطين

وفيما يتعلق بالقضية الفلسطينية تبنى نواب الإخوان كثيرًا من طلبات الإحاطة والبيانات العاجلة الخاصة بالقضية الفلسطينية، وقد دعا نواب الإخوان إلى ضرورة تكاتف كل القوى والجهود لمواجهة الخطر الصهيوني في الأراضي المحتلة، وكانت هذه الآليات سببًا في عقد البرلمان لجلستين حول فلسطين بعد اغتيال الشيخ أحمد ياسين، والدكتور عبد العزيز الرنتيسي، وفي 22 مارس 2004م طالب نواب الكتلة بعقد جلسة طارئة سريعة لمجلس الشعب؛ لمناقشة حادث اغتيال الشيخ "أحمد ياسين" وإخوانه، وقال نواب (الإخوان)- في بيانٍ أصدروه-: إن اغتيال الشيخ "ياسين" له أثر مباشر وتهديد واضح لأمن مصر الداخلي، وفي الجلسة التي خُصصت في هذا الشأن طالب نواب الكتلة بتجميد اتفاقية (كامب ديفيد)، التي وقعتها مصر مع الكيان الصهيوني، مؤكدين أنها لم تجلب سوى المفاسد والخسائر والأمراض والكوارث.

وقال نواب (الإخوان) إن عملية اغتيال الشيخ "أحمد ياسين" وضَعت خطًّا فاصلاً لهذه الاتفاقية التي أعلنت كافة القوى السياسية بمصر بأنها متوفاةٌ منذ نشأتها، وأن عملية الاغتيال التي تواكِب مرور 25 سنة على الاتفاقية تدفعهم إلى اتخاذ عدةِ إجراءات حول الاتفاقية، وهو نفس ما تكرر بعد ذلك في الجلسة التي عقدها البرلمان بعد اغتيال الدكتور عبد العزيز الرنتيسي بساعات، وفي 200417/4/م قدم النواب طلبات إحاطة وأسئلةً عن تصريحات الرئيس الأمريكي بخصوص فلسطين، إضافةً لبيانٍ عاجلٍ وطلبات إحاطة عن تطورات الأوضاع في قضية العراق، وقال النواب إنَّ تصريحات الرئيس الأمريكي بعد لقائه برئيس الحكومة الصهيونية "شارون" كشفت الخداع الأمريكي الذي مارسته إدارة "بوش" على الدول العربية، فيما يتعلق بقضية فلسطين.

وأكد النوَّاب "عزب مصطفى" و"مصطفى محمد مصطفى" و"أكرم الشاعر" و"مصطفى عوض الله" و"محمد مصطفى العدلي" في طلبات الإحاطة والأسئلة التي قدموها أن التصريحات الأخيرة للرئيس الأمريكي قضت على ما بقي مما أطلق عليها خطئًا عملية السلام، ولم يتبقَّ أمام الدول العربية سوى خيار المقاومة ودعم الجهاد الفلسطيني، مؤكدين أن تصريحات "بوش" بخصوص عودة اللاجئين والحدود الدائمة والمغتصبات الصهيونية تخلٍّ صريحٌ عن الكلام المعسول الذي كان يردُّده قبيل حرب العراق.

العراق

وحول تطورات الوضع في العراق قدَّم النواب بيانات عاجلة يوم 17 أبريل عن تطورات الأوضاع في العراق، مشيرين إلى أن العالم العربي والإسلامي كلَّه ينتظر ردَّ فعلِ مصر بلد الأزهر الشريف حول المجازر التي ترتكبها القوات الأمريكية في العراق، وطالبوا بدعوة اتحاد البرلمانيات العربية للاجتماع العاجل، وبحث سبل التحرك الشعبي العربي، وطالبوا جامعة الدول العربية بتفعيل الباب السابع من اتفاقية الدفاع العربي المشترك، وأن تضغط مصر مع البرلمانيات العربية على حكوماتهم وعلى جامعة الدول العربية والأمم المتحدة في تسليم السلطة للعراقيين، وأن تَحلَّ قوات عربية بدلاً من القوات الأمريكية حتَّى يتسلم أهل العراق وطنَهم، ووصفوا ما قامت به القوات الأمريكية في العراق بأنها أشبه بحرب إبادة جماعية.

وردًّا على المذابح التي ارتكبتها القوات الأمريكية في سجن أبو غريب قدم نواب الإخوان بيانات عاجلة، طالبوا فيها بتفعيل بنود ومواد اتفاقية (جنيف) الخاصة بأسرى الحرب وحقوق المدنين، وطالبوا بأن تقوم الحكومات العربية والإسلامية بدورها في حماية الشعب العراقي من حرب الإبادة التي يتعرض لها على يد دعاة الحرية الأمريكان.

كما وجَّه النائب حسنين الشورة نقدًا شديدًا لوزارة الخارجية المصرية، واتهمها بالتقاعُس في حق الجالية المصرية بالعراق، وانتقد النائب- في طلب إحاطة قدمه لوزير الخارجية يوم الإثنين 20045/1/م- السفارة المصرية ببغداد بأنها لم تقُم بأي تحرك للحفاظ على حقوق هؤلاء المصريين، كما طالب النائب بتشكيل لجنة من البرلمان ووزارة الخارجية ووزارة القوى العاملة والهجرة؛ للسفر إلى العراق، ودراسة أحوال المصريين هناك، والسعي لضمان حقوقهم.

الصهاينة

ولم تقف تحركات الإخوان عند هذا الحد، بل امتد نشاطهم إلى إثارة قضايا أخرى عديدة تتعلق بوجود علاقات تطبيعية مع الصهاينة، مثل التوقيع على اتفاقية تصدير الغاز الطبيعي للكيان الصهيوني، وأمام ضغط نواب الكتلة تهربت الحكومة المصرية من مواجهتهم عندما أصرت على عدم فتح موضوع تصدير الغاز الطبيعي للكيان الصهيوني أثناء مناقشة عدة اتفاقيات عن البحث والتنقيب عن الغاز في الصحراء المصرية، وكان الدكتور محمد مرسي- رئيس الكتلة قد تقدم بطلب إحاطة يوم الإثنين 20047/6/م حول هذه الصفقة، وطالب فيها بالإعلان عن حقيقة المفاوضات السرية مع الكيان الصهيوني بشأن تصدير الغاز الطبيعي إليها، وقال: إن هذه الصفقة تأتي ضمن سلسلة الصفقات الغامضة مع الكيان الصهيوني؛ حيث صرَّحت إحدى الصحف الصهيونية بأن كيانهم عقد صفقةً مع مصر لشراء الغاز الطبيعي بمبلغ 2.5 بليون دولار، والغريب أن الجهات المعنية في مصر صامتة، ولم تنفِ أية جهة خبر الإنفاق على الصفقة أو تؤكده.

وقد سبق طلب الإحاطة للدكتور مرسي بيانٌ عاجل للنائب مصطفى محمد مصطفى قدمه لرئيس الوزراء ولوزير البترول حول ما أعلنه الكيان الصهيوني من التصديق على شراء غاز طبيعي من شركة EMG الصهيونية- المصرية، بنحو 2.5 مليار دولار، بواسطة شركة الكهرباء الصهيونية، وقال النائب: إن الصحف الصهيونية نشرت تفاصيل العقد الموقَّع، والذي يُقدَّر بمبلغ 2.5 مليار دولار.

وفي 16 يونية 2004م طالب النائبُ السيد حزين بردٍّ عاجل من رئيس الوزراء الدكتور عاطف عبيد عن ثبوت قيام شركات أسمنت مصرية بتصدير إنتاجها للكيان الصهيوني؛ للمساهمة في كارثة بناء الجدار العنصري، كما طالب النائب بإجراء تحقيقٍ عاجل مع الشركات والأشخاص الذين قاموا وشاركوا في هذه الفضيحة.

ولم يكتفِ الإخوان بنقد التطبيع مع الكيان الصهيوني، بل إنهم حذروا في طلبات إحاطة وأسئلة وبيانات عاجلة من خطورة التحركات الصهيونية في إفريقيا والدول المحيطة بمصر على الأمن القومي؛ حيث حذرت الكتلة من تغلغل الكيان الصهيوني في كلٍّ من إثيوبيا والسودان، موضحين أن الأهداف الصهيونية تتعدد من وراء علاقة الصهاينة بإثيوبيا وجنوب السودان، في إطار إستراتيجية الالتفاف حول حوض النيل بأنشطة عسكرية وأمنية مكثفة لفرض سياسة الذراع الطويلة بالمنطقة؛ لمحاصرة مصر واحتواء دول حوض النيل.

وفي نفس موضوع حذر النائب "علي فتح الباب" من الأخطار التي تحيط بمصر فيما يتعلق بمياه النيل، منبهًا على وجود أيادٍ تلعب وتعبث بمنابع النيل؛ وهو ما اعتبره النائب أمرًا في منتهى الخطورة، كما طالب النائب في طلب إحاطة قدمه للدكتور "محمود أبو زيد"- وزير الريِّ والموارد المائية المصري- يوم الأربعاء 24 من ديسمبر 2003م لمعرفة الخطوات التي اتخذتها مصر لحمايةِ منابع النيل بعد القرار الذي اتخذته دولة كينيا عن تعديل اتفاقية مياه النيل من جانب واحد.

وفي سؤال آخر انتقد الدكتور محمد مرسي تبجحَ بعض موظفي السفارة الصهيونية بالقاهرة وأكد- في سؤالٍ وجهه لرئيس الوزراء ولوزيري الخارجية والداخلية- أن مطار القاهرة شهد تبجحًا صهيونيًا ووقاحةً من بعض الموظفين العاملين بسفارة الكيان الصهيوني بالقاهرة؛ حيث رفضوا الخضوع للإجراءات المتبعة على الركاب المسافرين أو القادمين من الخارج.

وردًا على قيام الكيان الصهيوني بتحريض مواطنيه للحصول على تعويضات من الحكومة المصرية؛ بحجة أنه كانت لهم ممتلكات أمَّمتها الثورة، طالب النائب مصطفى عوض الله وزيرَ الخارجية بالتحرك لاستعادة 10 مليارات دولار من الكيان الصهيوني؛ تعويضًا عن استنزاف الصهاينة لثروات سيناء في الفترة من 1967م وحتى 1982م مع خروج آخر جندي الصهيوني من سيناء، موضحًا أن الكيان الصهيوني يُماطل في دفع هذه التعويضات التي أقرتها معاهدة (كامب ديفيد)، وهو ما يتطلب التحرك الفعال للحصول عليها، خاصةً بعد القضايا التي رفعها يهودٌ للحصول على تعويضات أملاكهم التي تركوها عندما هاجروا لفلسطين المحتلة أو التي أممتها الثورة، إضافةً إلى طلب الكيان الصهيونيالصهيوني بالبحث عن جنوده المفقودين في سيناء، وطالب الحكومة بالضغط على الكيان الصهيوني للإقرار بحق أُسر الضحايا من الأسرى المصريين الذين قتلهم الكيان الصهيوني في حروب 1956، 1967 و1973م، وعدم السماح لها بالبحث عن جثث الصهيونيين العسكريين المفقودين في سيناء.

وفي موضوع آخر طالب نواب الكتلة بفتح ملف التهديدات النووية الصهيونية لمصر، وقال النائب حسنين الشورة- في طلب إحاطة قدمه لرئيس الوزراء ولوزير الخارجية يوم السبت 20 مارس الجاري- إن مفاعل ديمونة يشكل خطورةً كبيرةً على مصر، وأنه أصبح قنبلةً موقوتةً تهدد المنطقة بأكملها، خاصةً وأن عمره الافتراضي قد انتهى، وتساءل الشورة هل نواب الكينست أكثر من نواب البرلمان المصري حرصًا على أمن مصر؟!

وفي طلب إحاطة آخر قدمه النائب "السيد حزين" لوزير الخارجية يوم الخميس 18 مارس 2004م حول نفس الموضوع طالب الحكومة بتقديم طلب للأمم المتحدة وللجان التفتيش النووية التابعة للمنظمة الدولية للتفتيش على المفاعل، واتخاذ الإجراءات الدولية لحماية دول المنطقة، كما دعا وزارة الخارجية لمطالبة باقي الدول العربية التي تقع في نطاق الخطر للتحرك في سبيل إغلاق المفاعل وتنظيم حملات إعلامية دولية توضح خطورة هذا المفاعل على المنطقة، وتكشف في الجانب الآخر ترسانة السلاح النووي الصهيوني، ومطالبة المنظمة الدولية بالكشف عن أسلحة الدمار الشامل في الكيان الصهيوني كما يحدث حاليًا في إيران وليبيا.

وفي 26 من يونية 2004م حذَّر الدكتور حمدي حسن من خطورة التخطيط الصهيوني فيما يتعلق بشق نفق مائي حول حدود مصر وفلسطين المحتلة، مشيرًا إلى أنه تردد في الآونة الأخيرة قيام الكيان الصهيوني بإنشاء قناة مائية على الحدود المصرية الفلسطينية بزعم منع خنادق تهريب الأسلحة بين مصر وفلسطين، مشيرًا إلى أن هذه القناة- كما ذكرت الصحف- بعمق يصل إلى 25 مترًا وبعرض 15 مترًا طولها في البداية حوالي 4.5 كم، ومخطط لها أن تصل بين رفح شمالاً على البحر المتوسط وأم الرشراش جنوبًا على البحر الأحمر.

أمريكا

وفيما يتعلق بالعلاقات المصرية الأمريكية كان لنواب الإخوان عدة طلبات إحاطة وأسئلة متعلقة بالولايات المتحدة، منها السؤال الذي قدمه نائب الإخوان المسلمين السابق "عزب مصطفى" لرئيس الوزراء يوم الأحد 12 أكتوبر 2003م عن الإجراءات الأمنية غير المبرَّرة حول مبنى السفارة الأمريكية بوسط القاهرة، مؤكدًا أن سكان حي (جاردن سيتي)- الذي تقع فيه السفارة- والعاملين به يعانون معاناةً شديدةً صباح مساء من الشوارع المغلقة..

الإجراءات الأمنية غير الطبيعية.. وإجراءات التفتيش الذاتية التي تتم للمواطنين الذين يمرون في هذه المنطقة لقضاء مصالحهم.

وتساءل النائب: هل قامت السفارة الأمريكية بشراء هذا الحي حتى يتم لها كل هذه الإجراءات!! والتي كان منها تغيير خط مرور مهم يربط كل أحياء العاصمة ببعضها، رغم أنه خط حيوي ويقع في أهم وأكثر مناطق القاهرة كثافة، إضافةً للخسائر المالية الباهظة التي يتحملها أصحاب المحلات والمعارض هناك لعدم وجود زبائن لهم.

وفي واحد من أكثر البيانات العاجلة- التي قدمت للبرلمان المصري- سخونةً، وجَّه الدكتور "حمدي حسن" نقدًا شديدًا للحكومة، واتهمها بأنها تُحارب الانتماء والارتباط بالوطن، وأكد النائب في بيان عاجل- قدمه لستة وزراء مصريين دفعةً واحدةً- بالإضافة إلى رئيس الوزراء نفسه- أن فشل المناهج التعليمية، وغياب الثقافة الإسلامية التي تنمي الانتماء، وفشل السياسات الإعلامية، وغياب الخطط الخاصة بتنمية الانتماء لدى الشباب أدَّت في النهاية لأن يتجرأ أي مواطن يحمل جنسية أخرى بجانب جنسية وطنه الأم، ويوجه الإهانات لها، بل إنه يستعين بسفير الدولة الأخرى لحمايته من دولته الأم.

وردًّا علي ما يتعرض له العراقيون طالب الدكتور أكرم الشاعر الحكومةَ المصرية بمطالبة جامعة الدول العربية بتقديمِ دعوى لمحكمةِ العدل الدولية لمحاكمة رئيس الولايات المتحدة الأمريكية ورئيس الوزراء البريطاني، بالإضافة لمن اعتبرَهم نوابُ (الإخوان) محورَ الحرب على العراق، وقال النائب- في طلب إحاطة لوزير الخارجية قدمه يوم الإثنين 9 فبراير 2004م- إن كل لجان التفتيش- سواءٌ الأمريكية أو البريطانية وحتى التابعة للأمم المتحدة- أكدت خلو العراق من أسلحة الدمار الشامل، وهو ما ينفي حِجَّة الرئيس الأمريكي ورئيس الوزراء البريطاني في شأن الحرب التي حوَّلت العراق إلى دمارٍ شاملٍ في كل المجالات، وأشار النائب إلى أن الجامعة العربية- كجهة رسمية- هي الوحيدة الآن التي من حقِّها تحريك دعاوى قضائية ضد بوش وبلير، باعتبارهما مجرمي حرب.

وفي سؤال آخر كشف النائب مصطفى محمد مصطفى وجود تعليمات من مسئولين بالتليفزيون المصري بعدم عرض مشاهد حرق العَلَمَين الصهيوني والأمريكي بالتليفزيون المصري وقنواته الفضائية، وطالب في سؤالٍ قدمه لوزير الإعلام المصري يوم السبت 20046/3/م بتوضيح حقيقة المنشور الرسمي، الذي أصدرته السيدة "سميحة دحروج"- رئيس قناة النيل للأخبار- بمنع إذاعة أي مشاهد، سواء داخل البرامج أم النشرات، تتضمن حَرقًا للعَلَمين 2004 والأمريكي على الشاشة.

وفي الثالث من يونية 2004 طالب الدكتور حمدي حسن وزير الخارجية المصري أحمد ماهر بضرورة إجراء تحقيق عاجل لبحث ملابسات مقتل العالم المصري الدكتور "محمد عبد المنعم الأزميرلي" في سجون قوات الاحتلال الأمريكي قرب بغداد، مؤكدًا- في طلب إحاطة قدمه يوم الأربعاء 20042/6/م- على ضرورة اتخاذ كافة الإجراءات القانونية؛ للحصول على حق هذا العالم، كما طالب وزير الخارجية بتقديم بيان لمجلس الشعب بأسماء المصريِّين الموجودين بالعراق، وخاصة العلماء منهم، سواء كانوا محتجَزين في سجون الاحتلال الأمريكي أو في قبضة المقاومة العراقية.

وفي التاسع عشر من شهر يونية 2004م قدَّم النائبان مصطفى محمد مصطفى وحسين محمد طلبَ إحاطة عاجل لوزير التعليم العالي عن إصرار الجامعة الأمريكية بالقاهرة على مخالفة أحكام القضاء والضرب بها عرض الحائط، وأشارا إلى أن إدارة الجامعة قررت إلزام الطالبات الجديدات أو أولياء أمورهن بالتوقيع على تعهد بعدم ارتداء النقاب أو أي شيء يغطي الوجه!! باعتبار أن هذا الإقرار ينص على أن للجامعة الحق في فصل الطالبة إذا خالفت هذا الشرط..!

المصدر