الفرق بين المراجعتين لصفحة: «حركة الإخوان المسلمين وبداية طرح المشروع الإسلامي في العصر الحديث»

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
لا ملخص تعديل
(لا فرق)

مراجعة ٠٤:٥٢، ٣ فبراير ٢٠١٠

حَــرَكةُ الإخـــــوان المسلميـن وبداية طرح المشروع الإسلامي في العصر الحديث (دراسة تاريخية)

الدكتور محمد الأمين بلغيث - جامعة الجزائر

الإهداء:

إلى روح العلامة الشيخ عبد الحميد بن باديس أهدي هذه الدراسة المتواضعة.


المقدمة

لماذا يبعث حسن البنَّا من جديد في مطلع القرن الواحد والعشرين؟

إن الحقيقة الغائبة في هذا العصر هي عملية الفرز الحقيقي للمصطلحات، وتحديد المسؤوليات أمام النخب التي تعمل على الاقتراب من السلطة الاستبدادية في عالمنا العربي، مجربة تجربة مرة، هي توظيف شرف الكلمة لصالح من لا يملك شرعية توجيه الأمة، وهذا التواطؤ سببه المال، والجاه، والراحة التي تكسبها الأقلام المأجورة في بلادنا"والمثل الشائع والدارج عندنا في الجزائر

" عليك بالواقف فهو أسلم وأغنم" والإجابة المعروفة لدى العام والخاص يقول المستبد الماسك برقاب وأنفاس وأرزاق الغلابة لهؤلاء المأجورين: تعال معنا فلن يمسك الريح، ولو حاولت أن تنطق بكلمة فلن تعرف ضوء الشمس؟

لهذه الأسباب ولظروف خاصة، تعاملت مع المرشد العام في هذه المحاولة المتواضعة مبرزًا شخصية هذا الرجل العملاق في ظروف عرفت فيه مصر والوطن العربي حركة وطنية وثورات مسلحة وتغييرات كبيرة، لكن بعد تسعينيات القرن الماضي عرفت الأمة قاطبة ظاهرة الإرهاب، والتي يعيد معظم المؤرخين جذورها إلى الخوارج الذين أباحوا الدم الحرام في الشهر الحرام في الأرض الحرام يوم قتلوا عثمان، وقتلوا الإمام علي رضي الله عنهما وأرضاهما،وتجدد الفكر الخارجي بإجماع الدارسين مع مصطفى شكري المهندس الزراعي الذي أسس جماعة الهجرة والتكفير، وهو الذي تطلب من حسن الهضيبي وهو واحد من كبار وجوه الإخوان إلى كتابة دراسة قيمة حول هذا الفكر الغريب، {دعاة لا قضاة} وخلال هذه المحنة التي عرفتها الأمة في مصر والجزائر خاصة، وزع الإستئصاليون بطاقات مجانية تتهم تيار الإخوان وحسن البنا تحديدًا بكل التهم، ووصفته بأبشع الأوصاف، فقرأت حياة الرجل وقدمته لطلابي عام 1992م كمداخلة بسيطة للتعريف بفجر العمل الإسلامي الحديث، واليوم أقدم هذه المداخلة بعد إلحاح من أصدقاء وخلان لعلها تعيد الاعتبار إلى الرجل المجدد كما يصفه الداعية الكبير محمد الغزالي لأن الإخوان مدرسة تربوية كونت الرجال وآزرت المستضعفين، وتخرج في هذه المدرسة أمثال محمد الغزالي، ويوسف القرضاوي ويكفي مصر والأمة الإسلامية فخرًا أن يكون هؤلاء الرجال من تلاميذ هذه المدرسة.

يُعيد هذا الكتيب الاعتبار إلى قراءة مسار المرشد العام للإخوان المسلمين وتجربته الفذة في مرحلة تاريخية حاسمة، فهو رائد مدرسة تربوية أسست على تقوى من الله بعيدًا عن كل غلو وتطرف في مدحها أو ذمها.

ملاحظة:كنت قد نشرت هذا المقال في العدد الثاني من مجلة الموافقات التي توقفت عن الصدور، وهي مجلة محكمة يشرف على إعدادها ونشرها المعهد الوطني العالي لأصول الدين، كلية العلوم الإسلامية، جامعة الجزائر حاليا.

والله من وراء القصد.

د.محمد الأمين بلغيث الجزائر في03 رجب 1428هـ/18 جوبلية 2007م.


توطئة:

إن واقع العالم الإسلامي (ماضيه، حاضره، مستقبله)، بلا شك، هو المرحلة التي وصلت إليها مجتمعات هذا العالم الفسيح، وما يدور في محيطه الجغرافي، والفكري والسياسي، ولا يمكن فهمه دون العودة إلى ماضيه.

وأظن أن التأمل في حاضر العالم الإسلامي لا يمكن أن تحدد خطوطه العريضة مما هو معروف، فالتراكمات الفاعلة في مكوناته يمكن ذكرها فيما يلي:

  • حركة الإحياء وما صاحبها من نماذج ومناهج منذ الحركة الوهابية التي تستمد مشروعها الفكري والسياسي من الخط الفاعل للإمام أحمد بن تيمية. وقيام الجامعة الإسلامية على يد الداعية السياسي موقظ المشرق السيد جمال الدين الحسيني الأفغاني والسلطان المظلـوم عبد الحميد الثاني إلى غاية استلام الراية من قبل أتباعه: محمد عبده، الشيخ رشيد رضا، عبد الرحمن الكواكبي ثم جاء دور الجيل الثاني ويمثله: الشيخ عبد العزيز الثعالبي، والإمام عبد الحميد بن باديس، والزعيم علال الفاسي، والحركة السنوسية في ليبيا وبلاد إفريقيا ما وراء الصحراء ورائدها محمد بن علي السنوسي الكير.
  • الظاهرة الاستعمارية الغربية وما صاحبها من إفراغ للطاقات البشرية وتهميشها وسرقة إرادة هذه الشعوب الإسلامية ونهب ثرواتها، وكذلك ما صاحب هذه الحركة من أعمال موازية للأعمال العسكرية وتمثلت في التنصير ونشر الرذائل والخبائث

"كالخمور والزنا والقمار والربا".ثم نشر التعليم الأوروبي النابع من فكر علماني يمجد الدنيا على حساب الدين والقيم ويحقر من شأن الإنسان المسلم، ويرفع من شأن الإنسان الغربي، والظاهرة الاستعمارية أتت على كثير من طاقات الأمة وإمكانياتها، ولم تعرف الأمة لهذه الظاهرة مثيلا له من حيث عمق الجرح والأثر الذي تركته، وبدخول الاستعمار الغربي غاب النمط الإسلامي الذي كانت عليه الأمة والفضاء الجغرافي الكبير الذي يشتمل على أجناس وألوان ولهجات ولغات متعددة لكنها تاريخيا وفي إطار النمط الإسلامي كانت إلى مطلع العصر العثماني مسلمة دينا، عربية لسانا، فلما دخل الغرب الاستدماري، ضرب على أوتار هدامة خامدة أو كادت تزول من فضاء العالم الإسلامي، فمن إحياء للجذور الموغلة في القدم المندمجة في أمة الإسلام، كاللهجات (الفينيقية في الشام، والبربرية في المغرب العربي الكبير وحارب العربية والإسلام ونجح الاستدمار في تشكيل نخبة علمانية مسيحية، أو يسارية، هيأها للحكم والثورة على الوجود الإسلامي العثماني في الشرق أو استلام السلطة أو على أقل تقدير اختراق منظم لأجهزة نظام الحكم بعد الاستقلال، فسيطرت الأقليات العرقية، والنخبة المستغربة على كثير من الأجهزة في الإدارة والإعلام والتعليم والصحة والاقتصاد.

  • الدولة الوطنية: التي جاءت عن طريق الشرعية إما بثورة تحريرية أو انتخابات ومفاوضات أو بانقلاب عسكري، وهذه الدولة الوطنية، وإن استمدت شرعيتها من قيم المجتمع، فقد فشلت إلى حد بعيد في تحقيق آمال الناس والمجتمع على الرغم من التفاوت الموجود بين الحكومات والدول في خارطة العالم الإسلامي.

والدولة الوطنية: يمتد زمنها من الستينيات إلى اليوم وإن كان لبعض الدارسين تحفظات على أن الدولة الوطنية، انتهى دورها بعد الاستقلال في نهاية الثمانينيات وما بعد هذا التاريخ هو صعود الحركة الإسلامية في الشارع السياسي أو المشاركة السياسية الفاعلة في بعض بلدان العالم الإسلامي، بالرغم من الصراع الكبير الموجود بين النخبة الحاكمة وبعض الحركات الإسلامية النشطة.

وإذا تلمسنا الحقائق ونبهنا إلى بناء الوعي التاريخي عندنا أدركنا أن الواقع الإسلامي على اختلاف أقطاره وجدنا حضورا لما يطلق عليه اليوم في الأدبيات الصحفية والدراسات الإستراتيجية- ظاهرة التدين- أو الصحوة الإسلامية ومن ضمن الاتجاهات والحركات الفاعلة نذكر:"حركة الإخوان المسلمين" وفي هذا المقام تفرض علينا الأحكام المنهجية أن نعالج هذه الظاهرة على ضوء الحركة الوطنية المصرية في العشرينيات من القرن الماضي، ثم نتتبع خيوط المسألة المصرية(*) من جذورها حتى لا تقع في مزالق الذاتية والمغالطة لحقائق مضى عليها زمن تاريخي، ونظرا إلى ما اكتنف هذه الظاهرة من تناقض بين الإعجاب إلى حد جعلها "النموذج الإسلامي الأمثل والوحيد" وبين المصادرة التاريخية لحقيقة هذه الحركة لظروف تاريخية ومنهجية قد تتضح في عرضنا لهذه الظاهرة عامة عند معالجة خَطَّها بصفة خاصة.


الإخوان المسلمون ....مأساة الماضي… ومشكلة المستقبل

وأنا بين هذه الظاهرة من خلال ما تحصلت عليه من كتب وأبحاث ومقالات ودراسات متنوعة أجد نفسي وحيدا بين هذه (العوالم) كيف أسحب نفسي من هذا العرض ولكن لا بد من منهج متبع فرأيت أن أحسن الأحوال هو عرض الآراء مع عدم فقدان الأمل في توصل هذه الورقات إلى التنبيه إلى أهمية الظاهرة من جهة وصعوبة جمع أطرافها من ناحية أخرى، لذا جمعت بين أمرين: (دراسة الجماعة وتاريخها مع استعراض لحياة صاحبها) لأن هناك مجموعة من الحقائق التي تثبت أن الشهيد حسن البنا كان: "جماعة الإخوان المسلمين"، حتى قال عنه أحد المعاصرين: "لو عطس المرشد في القاهرة لسمع أتباعه في أسوان وقد قالوا: يرحمكم الله…" هذا معناه بإجماع الكثير من أتباعه وحتى خصومه أنه قد نظم الإخوان تنظيمًا دقيقًا بحيث كان يعلم كل صغيرة وكبيرة في الجماعة وعلى هذا فلا يمكن الفصل بين التنظيم وشخصية حسن البنا.ويكفي لمعرفة مدى انتشار قاعدة الإخوان ما ذكره أوليفي كاريه (Olivier carré) في كتابه حيث يقول:" أن قاعدة الإخوان الجماهيرية انتقلت من نصف مليون عضو منخرط عام 1945م إلى مليون عضو عام 1946م، وإلى مليوني عضو في العامين 1948-1949م ".

وأما عن الوثائق المستخدمة في هذا الكتيب

أو الخطوط العريضة لهذا الموضوع فهي جزء لا يتجزأ مما تعاني منه مدرسة التاريخ الإسلامي المعاصر من ظواهر عدة تولدت عن ظروف التغيير العنيف الذي شهدته الأمة الإسلامية خلال العقود التي بدأت مع الحرب العالمية الثانية، فقد كانت حركات التحرير ونشأة المذاهب الحديثة الغربية وتحطيم العلاقات الاقتصادية القائمة على الإقطاع والقبلية والدعوة للتنمية وفقا لمناهج وسبل جديدة وبدرجة ما إلى الحداثة وحتى العلمانية، ثم كيف لعب العسكريون في عالم المسلمين دورًا بارزًا في قيادة عمليات التغيير، هذا بعض ما تعانيه مدرسة التاريخ بين الجهل أو الذاتية، بين التاريخ، والسياسة، وبين الحقائق والأهواء والإيديولوجيات وبهذا يعاني الوعي عندنا من التزييف والانقطاع والمغالطات فأدى إلى الحيرة والتردد في وضوح الرؤيا وانعدامها في غالب الأحيان، لهذا تباينت الآراء وفقا لهذه التصورات.

ولا خلاف عند المؤرخين أن الإخوان المسلمين من أهم الحركات السياسية في تاريخ الوطن العربي فقد كان لها دور كبير في تجديد الفكر السياسي والاجتماعي والفكري، منذ نشأت عام 1928م وحتى أيام الناس هذه وخلال هذا القرن دخل الإخوان المسلمون في مجموعة من الصراعات السياسية مع أنظمة الحكم التي تولدت عقب الحرب العالمية الثانية وهو ما انتهى بها –بسبب ظروف معقدة- إلى صدامات دموية قلصت وجودهم المعلن، وألقت عليهم ستارًا من الصمت الثقيل اللهم إلا من أقوال أعدائهم ومخالفيهم في الرأي والغايات"(1).

وحتى تكون الصورة واضحة تجدر بنا الإشارة إلى أن الجماعة الأم التي وضعت حجر الأساس لبناء "الإسلام السياسي"

أو لبناء صورة شاملة للدولة الإسلامية نشأت في مصر المعاصرة وهي التي تفرعت عنها هذه الجماعات الإسلامية التي لا تزال تعمل في ميدان الصحوة الإسلامية هي:جماعة الإخوان المسلمين فدراسة هذه الجماعة في إيجاز غير مخل، مطلوب في هذا المقام لأمرين:

الأول: الكشف عن الجذور التاريخية للصحوة الإسلامية، كيف استنبتت جذور الصحوة وكيف أينعت وأثمرت.

الثاني: أن هذه "الجماعة الأم" لا تزال تعمل في ميدان الصحوة جنبًا إلى جنب (مع الجماعات الفروع)، وإن حقا علينا أن نعرف لها هذا الدور الذي تقوم به. ودراسة هذه "الجماعة الأم" لا يمكن أن تأتي بمعزل عن التعرف على الشخصيات التي كان لها دور فعال في هذه الجماعة منذ النشأة الأولى لها، والتي تشعبت وتفرعت وأصبحت جماعات-لا جماعة واحدة.

والشخصيات التي نعرف لها هذا الدور الفعال في حياة الجماعة هي ما نرى، ثلاث شخصيات، حسن البنا، عبد القادر عودة، سيد قطب، وكلهم يمثلون الآن في أدبيات الصحوة الإسلامية عامة والإخوان خصوصًا شهداء المشروع الحضاري الإسلامي الشامل في القرن العشرين.

أدَّى الثاني دور المفكر الذي يقوم بعملية تأصيل الأصول، حيث يرد كل فكرة تتبناها الجماعة إلى أصولها الإسلامية مبينا لها وشارحا إياها في تفصيل، كما كان يقوم بعمليات التنظير التي تنتهي دائما إلى أن ما جاء به الإسلام هو الأفضل، وهو الذي يقدم الخير للبشرية ويسعد الناس ويكفي أن يكون من صنع الله وليس من اجتهادات البشر.

أما الثالث فقد لعب الدور المهم في حياة هذه الجماعة، وفي حياة الجماعات التي لا تزال تعمل في ميدان الصحوة(2)

ولن أتجاوز الإطار التاريخي المرسوم في مرحلة التأسيس، ولهذا سأكتفي بمعالجة دور النشأة والتأسيس وهذا ما يدفعني إلى الوقوف عند اغتيال المرشد العام الشهيد حسن البنا رحمه الله، يوم 12 فبراير 1949م.

حيث يعرف سائر الذين قرؤوا نصوصه الفكرية، أو اطلعوا على مواقفه السياسية، أن حسن البنَّا كان إيجابيا تجاه مسألة الدستور والخيار السياسي النيابي، وأنه دفع بحركة الإخوان إلى المشاركة السياسية في الحياة العامة بعيدًا عن أفكار وخيارات العنف، وخاصة قبل تأسيس"التنظيم الخاص" الذي أصبح كتيبة صدام موازية للتنظيم الجماهيري الضخم والواسع(3).


حياة الشهيد حسن البنا (1906-1949)

الشهيد حسن بن أحمد بن عبد الرحمن البّنا من مواليد 1906م بقرية المحمودية بإقليم البحيرة بالوجه القبلي (الإسكندرية) كان والده مأذون القرية وإمام مسجدها، وقد مارس مهنة إصلاح الساعات ومن هنا لقب "بالساعاتي" وكان الشيخ أحمد عبد الرحمن البنّا من طلاب الأزهر، زمن الإمام محمد عبده وهو واحد من الأزهريين الذين واصلوا طوال حياتهم الدراسة والبحث في كتب الفقه والسنة(4) وقد أنجب الشيخ أحمد خمسة أبناء أكبرهم "حسن" الذي حرص أبوه فيما بعد أن يؤكد أن مولده وطفولته قد أحاطت بهما هالات من الخوارق والكرامات، وعندما بلغ الثامنة من عمره دفع به أبوه إلى كُتَّاب القرية حيث تتلمذ على يد أزهري شديد التَّدين هو الشيخ محمد زهران ومن الكُتَّاب إلى المدرسة الابتدائية في سن الثانية عشر، وهناك التقى بمدرس متدين آخر، ضمه إلى جماعة بالمدرسة اسمها "جماعة السلوك الاجتماعي" وهي جماعة استهدفت ترويض نفوس أعضائها من التلاميذ وإلزامهم بالتحلي بالأخلاق الحميدة في سلوكهم اليومي والتعفف عن الشتائم أو مخالفة تعاليم الدين، وكانت الغرامات المالية المرهقة مغرية للفقراء من تلاميذ المدرسة، فكانت الجماعة سباقة لدفع هذه الرسوم وإلزام المنخرطين بالآداب الإسلامية.

وسرعان ما أصبح الفتى "حسن " ابن الشيخ الأزهري الباحث المجد في علوم الفقه والحديث ونشاطات رشيد رضا ومدرسته الإصلاحية، وتلميذ المعلم العفيف الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر في الكُتَّاب والمدرسة-رئيسا للجماعة فأسَّسَ حسن البنّا مع عدد من زملائه الأكثر حماسا "جماعة النهي عن المنكر" وقد ألزمت محيطه الصغير مراعاة الأخلاق والسير الحسن في طابور المدرسة والتعفف عن رذائل الأخلاق وقد علَّق على هذه الجمعية "أوليفييه كاريه وجيرار ميشوه"، بقولهما: " وبعدما انخراطه في هذه الجمعية أصبح عدوانيًّا أو متطرفا"(Plus agressif). وهذا موقف أولي يحسب على المصادر الأجنبية ومن خلالها رسمت الصورة في أذهان الناس حول الالتزام بشعائر الإسلام وربطها بالعنف والتطرف والانغلاق والرجعية"(5) ومن جماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلى الجماعات الصوفية وعلى الخصوص " الطريقة الحصافية" .. وهكذا أصبح يتردد على جلسات الصوفية ويهتز في صفوفها مع رجال أكبر منه سنًّا بكثير، وفي هذه الحلقات التقى بأحد أترابه أحمد السكري فوجدا في هذا التطوح والسلوك الصوفي ملجأ للحفاظ على فطرتهما وبساطة حياتهما التي أصبحت تواجه تقلبات أخرى في محيط القرية ودمنهور حيث نشطت الأعمال التنصيرية بشكل ملفت للنظر ولمقاومة هذا العمل كانت "الجمعية الحصافية" تتميز بالعمل الجدّي في القرى والمدن الصغيرة لإثارة حماس المؤمنين لمواجهة الغزو القادم مع الإرساليات المسيحية الغربية.

ولما قرَّرَ مجلس مديرية البحيرة إلغاء نظام المدارس الإعدادية (المتوسطات عندنا) لم يكن أمام "حسن البنّا" إلا أن يختار أن يتقدم إلى المعهد الديني بالإسكندرية ليكون أزهريا أو إلى مدرسة المعلمين الأولية بدمنهور ليصبح مدرسا، وأخيرا قبل في مدرسة المعلمين الأولية وهو لا يزال في منتصف الرابعة عشر من عمره، وقد استغرقت الدراسة فيها ثلاث سنوات كانت نتيجته في امتحان الكفاءة الأولى، الأول على مدرسته والخامس على القطر المصري، وقد أهلته هذه النتيجة لأن يقبل في دار العلوم في عام 1923م، وهكذا وجد حسن البنا نفسه في قاهرة العشرينيات التي كانت تموج بصراعات حزينة مريرة وبتيارات علمانية عارمة وباتجاه قوي نحو المدنية الغربية الحديثة فرأى الشهيد في هذه الفوضى بين دعاة الخلافة وأصحاب الاتجاه الليبرالي الذين ألهمتهم التطورات السياسية في تركيا الكمالية وأوروبا وأمريكا فرأى كل ما حوله "إضعافا لشأن الدين"(6)، ولا ملاذ لفتى ريفي شديد التدين يشعر بالغربة القاتلة في مدينة القاهرة سوى "الصوفية"...ومن جديد يعود حسن البنا للاتصال بالجمعية الحصافية وإلى جوارها ينضم إلى جمعية أخرى تنظم المحاضرات الإسلامية هي:"جمعية مكارم الأخلاق الإسلامية" فهو بهذا إنسان يأخذ نفسه بالجد في العبادات كغيره من أبناء جماعته وهو في نفس الوقت باحث عن المعرفة الإسلامية يستمع إلى محاضرتها ولكن كل ذلك لا يصلح حال القاهرة المتمردة أمام عينيه وأمام ثقافته الإسلامية، تلك المدينة التي يشعر أنها محيط يشعره بالغربة ولهذا تولدت لديه حاسة الرفض المطلق لهذا الزيف الذي تغشاه مجتمعات العاصمة المصرية، وتكونت لديه القناعة الأساسية التي حركت فيه مبدأ التغيير والمسجد وحده لا يكفي أمام هذا الأخطبوط الذي أحاط بالمجتمع من جميع الجهات، فلا بد إذن من رجال يصلحون أمر هذه البلاد وحال هؤلاء العباد، وعلى إثر هذه القناعة تكونت مجموعات من طلاب دار العلوم والأزهر تغشى مجالس الناس وفي كل مكان للوعظ والإرشاد وكان هدف الشهيد حسن البنا سد هذا الفراغ الشديد ومحاولة ربط المسلم بإسلامه واعتبر المؤرخون أن هذه المجموعات هي النواة الأولى لجماعة الإخوان المسلمين(7).

والأبرز في هذه المرحلة من حياة حسن البنا بالقاهرة نذكر على سبيل المثال الوقائع التالية:

•أنه أخذ يغشى مجالس رجال الفكر الإسلامي، ويتردد على بعض الجمعيات الدينية، ويذكر لنا في كتابه: مذكرات الدعوة والداعية، أنه وأصحابه كانوا يلتقون بأمثال محب الدين الخطيب، ومحمد الخضر حسين، ومحمد الغمراوي، وأحمد تيمور، وأنهم كانوا يحضرون مجالس الشيخ رشيد رضا، ويترددون على جمعية نهضة الإسلام التي أسسها الشيخ يوسف الدجوي، وتأثر حسن البنا بكل هؤلاء الأعلام، ولكن التأثير القوي والفعال كان حسب بعض الدارسين يعود إلى صاحب المنار إذ أن من يطلع على تفسير المنار ومجلة المنار يحس أنها تمثل تراث الإخوان المسلمين الذي صنعه حسن البنا وعبد القادر عودة ومدرستهما من خلال تراث رشيد رضا فهي واضحة المعالم في أدبيات الإخوان"(8).

•أنه في هذه المرحلة بالذات، كانت قضية نظام الحكم في الإسلام مطروحة بعنف، يطرحها رجال الإسلام وأصحاب الاتجاهات العلمانية ويتحاورون حول كل بعد من أبعادها، وكان الدافع إلى ذلك كله أن كمال أتاتورك ألغى منصب الخلافة وعزل الخليفة، وأحل محل نظام الخلافة النظام الجمهوري المؤسس على المبدأ السياسي المعروف وهو: مبدأ القوميات.

أثار هذا الصنيع من كمال أتاتورك العواصف في مصر ورأى بعض الناس أن الأخذ بنظام الحكم من الغرب وإحلاله محل النظام الإسلامي هو خروج عن الإسلام، وأخذ هؤلاء يقررون أن الخلافة ملك للمسلمين جميعا وليست للأتراك وحدهم، وأن إلغاء الأتراك للخلافة غير شرعي، وأن الخلافة باقية على المسلمين أن يتخذوا لها مستقرا غير بلاد الأتراك.

يقول محمد عابد الجابري عن هذا الأمر بوضوح حين عرض لموقف دعاة الخلافة من المفكرين المحدثين كاتبًا:" عندما كان السلفي يطالب... بإحياء الخلافة الإسلامية على "حقيقتها" فلم يكن يفكر، ولا كان يرغب في قيام حكم من النمط الذي عرفته أوروبا في العصور الوسطى...، بل إن ما كان يدعو إليه هو استعادة ذلك النموذج الأمثل للحكم، في إطاره المرجعي، والذي يجسمه في خلافة عمر بن الخطاب، أي الحكم القائم على" الشورى والعدل".وإذن فما كان يريده السلفي هو ذلك النمط من الحكم الذي يكون له فيه، وبوصفه يمثل "الأغلبية"، مركز ونصيب، وذلك من خلال الشورى الإسلامية التي يعتبر نفسه، بطبيعة الحال، من أهلها، أي من "أهل الحل والعقد"(9).

في هذا الجو المزدحم بالأفكار والتيارات السياسية العنيفة، طلع علينا الشيخ علي عبد الرازق بكتابه الإسلام وأصول الحكم نفى فيه مطلق النفي وجود نظام دنيوي قائم على القرآن والسنة وعصر النبوة والراشدين. وفي بلاد بعيدة من العالم أصدر العالم الهندي مولاوي محمد بركات الله كتاب "الخلافة" في نوفمبر 1924م بخطوط بارزة على الغلاف وأصدره بقوله:" وعندما تصلح الخلافة يصلح الإسلام ويفلح المؤمنون"(10)وهو ما ترجمه أيضا كل أعلام العصر فيما كتبوه حول الخلافة ومنهم (رشيد رضا، المودودي، ابن باديس، والسنهوري…الخ) وهي بذلك تجمع التجديد الأصيل لفقه الخلافة في العصر الحديث ولا تزال مواعظ وخطب رجال الصحوة من ذلك الزمان إلى اليوم وهم يعملون لإحياء النظام الإسلامي وهو ما سنراه مع الشهيد حسن البنا حينما نتحدث عن التصور الإسلامي للنظام والسلطة في الإسلام، وتأثر البنا بهذا المناخ الفكري، وعرف من كل ما قرأ أو سمع كيف تكون الدعوة إلى الله هي سبيل الخلاص لإصلاح العباد والبلاد.


مقومات شخصية حسن البنَّا

لقد أُحيطت شخصية حسن البنَّا بهالة كبيرة من طرف أتباعه ومريديه، بل وحتى من خصومه، مما جعل الباحث في حيرة من أمره حول المقومات التي شكلت منه الإنسان النموذج الذي استطاع في ظرف عقد من الزمن تكوين جماعة يفوق عددها نصف مليون عضو، وبالغ المخالفون في رسم صورة سوداء لهذا الرجل واتهموه بشتى التهم، وإنصافا لتاريخ جماعة الإخوان المسلمين "الحركة الأم" التي نبتت من حولها أو خرجت منها جماعات إسلامية عاملة في فضاء العالم الإسلامي عامة وبلاد العرب خاصة، إضافة إلى حضورها الدولي الكبير، نحاول في هذه المحاولة تحديد معالم شخصية المرشد العام حسن البنا رحمه الله ويمكن تحديد هذه المعالم في النقاط التالية:


أولا: الإنسان ابن بيئته

لقد تبين لنا من خلال تتبع منحنيات حياة حسن البنا أنه قد تربى في وسط عائلي ريفي محافظ أهم ما يميز سلوكياته: عدم الانغماس في ترف الحياة الدنيا، وهذه البساطة تقرب الإنسان من فطرته التي فطره الله سبحانه وتعالى عليها، كما أهله والده إلى طلب العلم الشرعي وهو بهذا وجد البيئة والتنشئة الصالحة التي وجهته الوجهة السليمة وكانت تربيته الإسلامية في عائلته ومدرسته الابتدائية وبدار العلوم هي السلسلة الذهبية والطريق الذي رسم لحياته معالم التفوق والتوجيه المستقيم.


ثانيا: الطموح على درب الصالحين.

ذكر مترجمو حسن البنا أن الرجل كانت له طموحات في البناء والإصلاح تفوق طموحات أعتى المؤسسات الكبرى في زماننا هذا. وطموحه الأول شكل اللبنة الأولى لوعيه برسالته كإنسان يمثل خليفة الله في أرضه، واستعراضنا لهذه القصة يؤكد على ما ذهبنا إليه، حيث يجمع الكتاب من أتباعه وخصومه على ذكر القصة التالية فتقول:

حين تقدم حسن البنا إلى لجنة الامتحان الشفوي في مدرسة دار العلوم، ولما جلس أمام اللجنة سأله الممتحن:

-ماذا تحفظ من الشعر القديم؟

-فأجاب أحفظ المعلقات السبع.

-قال: اسمعني معلقة طرفة بن العبد

فأخذ حسن البنَّا يقرؤها في فصاحة وثبات، ولما تأكد الأستاذ الممتحن من جودة حفظه قال له: على رسلك، أريد أن تختار بيتا أعجبك من هذه القصيدة، فأطرق حسن البنا هنيهة ثم قال:

         إذا القوم قالوا من الفتى خلت أنني 
                                                    عنيت فلم أقعد ولم أتبلد

فما كان من الأستاذ الممتحن إلا أن رفع عمامته من فوق رأسه وهو يردد الله..الله، فالتفت إليه الممتحن الآخر وقال له: ماذا جرى يا مولانا؟

فأجابه بأن هذا الفتى سوف يكون له شأن كبير، وأسمعه البيت الآنف الذكر، فشاركه إعجابه وتفاؤله.وجاءت الأيام كما يقول عباس السيسي لتكشف فراسة هذا الشيخ ويصدق حدسه في حسن البنَّا فيصبح بالفعل أمل أمته الحيرى ومرشدها إلى منهاج الإسلام الصحيح(11).

ونكمل الرحلة المباركة للبرهان على طموح حسن البنَّا ونترك الإجابة له فيقول: "… كان أستاذنا أحمد يوسف نجاتي –جزاه الله خيرا- مغرما بالموضوعات الدسمة بالإنشاء، وله معنا قصص فكانت تعليقات ظريفة طريفة في هذه المعاني ومن كلماته المأثورة، ما ذكره حسن البنَّا في مذكراته"... ومن الموضوعات التي أتحفنا بها بمناسبة آخر العام الدراسي، وكان بالنسبة لي ولفرقتي الامتحان النهائي سنة 1927م، هذا الموضوع: "اشرح أعظم آمالك بعد إتمام دراستك" وبين الوسائل التي تعدها لتحقيقها، وقد أجبت بهذا الموضوع: "أعتقد أن خير النفوس تلك النفس الطيبة التي ترى سعادتها في إسعاد الناس وإرشادهم، وتستمد سرورها من إدخال السرور عليهم، وذود المكروه عنهم، وتعد التضحية في سبيل إصلاح العالم ربحا وغنيمة والجهاد في الحق والهداية- على توعر طريقهما، وما فيه من مصاعب ومتاعب- راحة ولذة... والثاني طريق التعليم والإرشاد" الذي يجامح الأول في الإخلاص والعمل ويفارقه في الاختلاط بالناس ودرس أحوالهم وغشيان مجامعهم ووصف العلاج الناجع لعللهم وهذا أشرف عند الله وأعظم.." واختار في هذه المقالة أن يسلك طريق الدعوة إلى الله وتصدق فيه آياته سبحانه وتعالى:{ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون} التوبة/122.

فكان أعظم آمال الشيخ حسن البنا بعد إتمام حياته الدراسية:

-أمل خاص: وهو إسعاد أسرتي وقرابتي، والوفاء لذلك الصديق المحبوب ما استطعت إلى ذلك سبيلا وإلى أكبر حد تسمح به حالتي ويقدرني الله عليه.

-أمل عام:وهو أن أكون مرشدا معلما، إذا قضيت في تعليم الأبناء سحابة النهار، ومعظم العام قضيت الليل في تعليم الآباء هدف دينهم، ومنابع سعادتهم ومسرات حياتهم، تارة بالخطابة والمحاورة، وأخرى بالتأليف والكتابة، وثالثة بالتجول والسياحة، وقد أعددت لتحقيق الأول معرفة الجميل، وتقدير الإحسان، "وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان"؟ ولتحقيق الثاني من الوسائل الخلقية: "الثبات والتضحية"، وهما ألزم للمصلح من ظله وسر نجاحه كله، وما تخلق بهما مصلح فأخفق إخفاقا يزري به أو يشينه، ومن الوسائل العملية: درسا طويلا سأحاول أن تشهد لي به الأوراق الرسمية وتعرفا بالذين يعتنقون هذا المبدأ ويعطفون على أهله، وجسما تعود الخشونة على ضآلته، وألف المشقة على نحافته، ونفسا بعثها لله صفقة رابحة، وتجارة بمشيئته منجية، راجيا منه قبولها، سائـلا إتمامها، ولكليهما عرفانا بالواجب وعونا من الله سبحانه، أقرؤه في قوله سبحانه وتعالى:

{يا أيها الذين إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم}محمد، الآية رقم:7.

بهذا التكوين حققت العناية الربانية في نفس هذا الرجل الطموح المكانة التي يبحث عنها: وعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم.

لقد تجرد حسن البنا وهو في ريعان شبابه فاختار الذي يحيى نفسه ويمر بها من طريق الصالحين.

وحتى أكمل الصورة أذكر شهادة يسجلها المؤرخون لحركة الإخوان المسلمين حيث تحدث عنه الكاتب الأمريكي روبير جاكسون Robert Jeakson فيقول: "زرت هذا الأسبوع رجلا قد يصبح من أبرز الرجال في التاريخ المعاصر، وقد يختفي إذا كانت الحوادث أكبر منه، وذلك هو الشيخ حسن البنا زعيم الإخوان…" يقول: "وكان الرجل خلاب المظهر، رقيق العبارة، بالرغم من أنه لا يعرف لغة أجنبية، لقد حاول أتباعه الذين كانوا يترجمون بيني وبينه أن يصوروا لي أهداف هذه الدعوة وأفاضوا في الحديث على صورة لم تقنعني، وظل الرجل صامتا حتى إذا بدت الحيرة على وجهي قال لهم: قولوا له شيئا واحدًا، هل قرأت عن محمد؟ قلت نعم، قال هل عرفت ما دعا إليه وصنعه قلت نعم، قال هذا هو ما نريده، لقد نظرت إلى هذا الرجل… سمته البسيطة، ومظهره العجيب بفكرته، وكنت أتوقع له الزعامة الشعبية، لا في مصر وحدها، بل في الشرق كله، ويمضي فيقول: "لقد حمل حسن البنا المصحف ووقف في طريق رجال الفكر الحديث"، و"كان الرجل القرآني يؤمن بأن الإسلام قوة نفسية قائمة في ضمير الشرق وأنها تستطيع أن تمده بالحيوية التي تمكن له في الأرض"(12)، أي رجل هذا..؟


ثالثا: الوعي برسالة الإسلام.

إن معالم الطريق واضحة لا غبار عليها، فهي في حاجة إلى من يرسم الخطوات ويبعث في النفوس الحائرة الأمل في الأفق بعد الفوضى الفكرية، والتخلف المادي والعلمي في ديار المسلمين، وهذا ما يذكره حسن البنَّا نفسه في ثقة في مذكراته يقول: "إنه الوقت الذي تأرجحت بين إسلامها الغالي العزيز الذي ورثته وحمته من الفتنة، وعاشت به واعتز بها أربعة عشر قرنا كاملة وبين هذا الغزو الغربي العنيف المسلح المجهز بكل الأسلحة الماضية الفتاكة من المال والجاه والمظهر والمتعة ووسائل الدعاية"(13)

ويمكن رسم الخطوط والمعالم التي حدَّدَت وضوح الرؤيا ومعالم الطريق أمام الداعية حسن البنا في النقاط التالية:

•-الحيلولة بين التنصير والمجتمع المصري، بحيث يعجز المبشرون عن تنصير المسلمين وضمهم إلى المسيحية على المذهب البروتستانتي.

•-محاربة الاستعمار باعتباره السند الأول للمنصرين والإرساليات التنصيرية، وباعتباره المؤسسة التي تعمل في سبيل وضع النظم الأوروبية محل النظم الإسلامية في كل مجالات الحياة.

•-العمل على رد المؤمنين بالحضارة الغربية، والداعين إلى الأخذ بها وممارسة الحياة على أساس منها، إلى القيم الإسلامية السمحاء.

•-الأخذ بأيدي المسلمين الواقعين في متاهات البدع والضلالات والأوهام والخرافات، إلى رحاب الدين القيم وروحه البسيطة.

•أن يكون الميزان الذي توزن به كل الأمور في كل المجالات، هو كتاب الله ، وسنة رسول الله ، وعمل الصحابة والتابعين من غير إغراق في ما عدا ذلك ما كان(منه) مبعث خلاف وسببا من أسباب الفرقة والانقسام إلى طوائف ومذاهب"(14).

•-لقد كانت قضايا المسلمين في كل مكان لها مكانتها في برامج وإعلام الإخوان المسلمين مما يستدعي أن نقول أن الإخوان كانوا ينظرون إلى قضايا مصر بعين مجردة من القصور ورؤيا واضحة لمستقبل الوحدة الإسلامية(15).

وكل هذا الوعي الحضاري يجمله الشيخ الغزالي في كلمات فيقول:

" وأشهد أن حسن البنَّا كان مربيا صادق الفراسة ناجع الدواء، وكانت طهارة باطنه لا يساويها إلا رحابة أفقه وذكاء فكره… ورأيت من مواريث النبوة في أخلاقه أنه غزير الحب للناس وأنه يأسى لمخطئهم ويتمنى له المثاب" بهذه الكلمات الناصعة لخص لنا شاهد القرن وأمير الدعوة الإسلامية في العصر الحديث محمد الغزالي رحمه الله مسيرة الطموح والوعي الشامل لهذه الشخصية التي بدأنا نتوغل في أغوارها بلطف.


رابعا: حسن التوجيه والتدبير

إن حسن البنا في هذا المعلم الواضح من حياته ينطلق من القاعدة النبوية: "خير الأعمال أدومها وإن قلت" أو كما قال صلى الله عليه وسلم. وحتى لا أجازف بموضوعية المؤرخ أذكر هذه المسألة من واحد يخاصمه فكريا وسياسيا وعقديا: يقول الدكتور رفعت السعيد: "لقد كان الشيخ حسن البنا يبدأ أعماله بمشروعات صغيرة سرعان ما تتحول إلى شبكة متكاملة في كل القطر المصري… وهكذا امتدت يد الجماعة إلى مختلف جوانب الحياة في المجتمع المصري، وأصبحت مؤسساتها التعليمية والصحية والاجتماعية ركائز بالغة الأهمية تعزز مكانتها وتدعم ماليتها وتقوي جذورها وسط الجماهير"(16) ولا يمكن أن نفسر هذا الأمر إلا إذا علمنا أن الرجل على قدر كبير من الوعي بشمولية الإسلام في الحياة الدنيا والآخرة، ولا يفسر هذا الأمر إلا إذا أدركنا أن الرجل كان يجوب أطراف مصر كلها لا يعرف الملل ولهذا فمذكراته وحدها أصبحت عند الناس منهج حياة الداعية، يقول رفعت السعيد: "وكان أعجب ما في هذا الرجل صبره على الرحلات في الصعيد. هذه الرحلات التي لا تبدأ إلا في الصيف حيث تكون بلاد الوجه القبلي في حالة غليان… وفي أحشائها ينتقل الرجل بالقطار والسيارة والدابة وفي القوارب وعلى الأقدام، وهناك تراه في غاية القوة واعتدال المزاج… وقد امتدت هذه الرحلات خمسة عشر عاما زار خلالها أكثر من ألفي قرية." (17).

هذه التجربة هي التي عرفته بحياة وآثار المجتمع المصري وتمكن من رسم صورة كاملة لهذا البنيان الذي يريد أن يعيد بناءه من جديد.


كيف بدأ حسن البَنَّا البِنَاء الجديد؟

ميلاد التنظيم: 1928-1949م وتأسيس جماعة الإخوان المسلمين :

في صيف عام 1927م تخرج البنا رحمه الله في دار العلوم وعمره 21 عاما وفكر لفترة قصيرة في الانضمام إلى واحدة من البعثات السنوية للدراسة بالخارج إلا أنه لم يفعل ذلك لأسباب غير معروفة عند الكاتب الأمريكي ريتشارد ميتشال"(18)ولكن في كتابات الإخوان، أن الوعي بالزمن والرسالة التي استوعبها في مجتمعه تستدعي عودته من طلب العلم إلى العمل للنهضة بأهله وبلده من هذه الفوضى وقد اختار أن يكون معلما ومربيا للشباب والشيوخ"(19).

ومن غرائب الاتفاق أن نفس الحدث وقع لمصلح الجزائر الكبير عبد الحميد بن باديس ولكن بصورة أخرى"(20) وقبل حسن البنا التعيين في إحدى المدارس الحكومية مدرسا للغة العربية بمدينة الإسماعيلية بمنطقة قناة السويس، وغادر القاهرة في 19 سبتمبر 1927 إلى موطنه وعمله الجديدين وظل يعمل في حقل التدريس حتى استقالته عام 1946م بعد تسعة عشر عاما من التحاقه بالخدمة، وكنا قد أشرنا لآماله أو البعض منها فكيف يحقق هذه الآمال؟

وكما وعد في مقال تخرجه(21)، فلم يقتصر نشاطه على الفصول الدراسية، بل امتد أيضا إلى الدروس الليلية لأولياء الأمور وكانت غالبية هؤلاء في ذلك الوقت عمالا وموظفين وتجارا صغارا، كما استخدم المقاهي، -كما كان دأبه في القاهرة- لخلق جمهور من المستمعين وبدأ في إعطاء الدروس الخاصة، وتنفذ إلى مصادر القوة في مجتمع الإسماعيلية الصغير؟ ضف إلى ذلك فإنه لم يقطع صلته بالقاهرة والزملاء الذين تعاهدوا على خدمة الإسلام والمسلمين.

وبعد تأسيس جمعية الشبان المسلمين(22) في القاهرة بفترة قصيرة ولدت حركة البنا في شهر ذي القعدة 1347هـ/مارس1928م كما سجل حسن البنا في مذكراته حين حضر ستة أشخاص من العاملين بالمعسكرات البريطانية لرؤيته(23) وقد حرص الشيخ حسن البنَّا رحمه الله أن يروي لنا قصة الاجتماع في مذكراته إذ تعاهدوا أمام الله وبإخلاص على أن نحيا في سبيل الله، وأقسموا جميعًا على أن يكونوا "جندًا لرسالة الإسلام، وتباحثوا في اسم للجماعة فقال البنا "نحن إخوة في خدمة الإسلام، ومن ثم فنحن الإخوان المسلمون".

ويقول ريتشارد ميتشال عن بداية تشكيل هذه النواة، ما بين 1928-و 1932 " كان الهدف المباشر للجماعة خلال السنوات الثلاث الأولى من حياتها هو توسيع نطاق عضويتها داخل مدينة الإسماعيلية وفي المناطق المحيطة بها، وقد وفر لهم سلوكهم الطيب الاحترام اللازم لحركتهم… وأضفت على هذه الشرعية (في المسجد والخلق السليم) طابع الصدق والتواصل الإنساني، وخلال سنوات أربع تكونت عدة شعب للجماعة على طول الجانب الشرقي للدلتا في الإسماعيلية وبور سعيد والسويس وأبو صوير"(24)واتخذت الجماعة مقرا لها بأحد المنازل القديمة، وساعدت التبرعات ومن بينها خمسمائة جنيه مصري من شركة قناة السويس"(25) والقروض المقدمة من تجار المنطقة على تمويل مسجد انتهى بناؤه في عام 1930، وكان النشاط الإخواني يستدعي إنشاء مدارس للبنين وأخرى للبنات ومصانع محلية صغيرة أو مشروعات عائلية يمكن استخدامها لممارسة مصالح وأنشطة تخص المجتمع المحلي"(26)ولكن مع الانتشار السريع للجماعة ظهرت موجة من العداء الغريزي والأعمال المناهضة لنشاطها، ممثلة نذير شؤم سوف تظهره السنوات التالية على نطاق واسع. وقد زعمت هذه الاتهامات ضمن ما زعمت- والتي أدرك البنا أن بعضها من قبل المسيحيين- بأن البنا كان شيوعيا يستخدم الأموال الشيوعية في القيام بنشاطه ووفديا بعمل ضد صدقي ووزارته آنذاك، وجمهوريا يعمل ضد الملك فؤاد، ومجرما انتهك شروط الوظيفة التي تحظر جمع الأموال واستخدامها لأغراض غير قانونية.

تم التحقيق مع الشهيد حسن البنا من قبل وزارة المعارف بناء على طلب من رئيس الوزراء، إلا أن التحقيق انتهى بتبرئة ساحته من جميع التهم والشيء الملفت للنظر وحسب الملاحظين أن دعوة الإخوان في أهدافها وبدايتها لم تكن تختلف مطلقا عن هدف أية جمعية إسلامية خيرية، ولكن حسن البنا وفي هذه الظروف يرسم الخطوط لجماعته فيقول: "أيها الإخوان، أنتم لستم جمعية خيرية، ولا حزبًا سياسيا، ولا هيئة صوفية، ولا هيئة موضوعية الأهداف محدودية المقاصد، ولكنكم روح جديد يسري في قلب هذه الأمة فيحييه بالقرآن، ونور جديد يشرق فيبدد ظلام المادة بمعرفة الله"(27).

وتستند الجماعة إلى تنظيم دقيق قاعدته الأصلية البيعة(28) وهي جوهر أساسي في التنظيم وتستوجب هذه البيعة، أن يلتزم العضو بقسم البيعة وهو "أعاهد الله العلي العظيم عل التمسك بدعوة الإخوان المسلمين والجهاد في سبيلها والقيام بشرائط عضويتها والثقة التامة والسمع والطاعة في المنشط والمكره، وأقسم بالله العظيم على ذلك وأبايع عليه والله على ما أقول وكيل"(29).وأركان البيعة عشرة هي: "الفهم، والإخلاص، والعمل والجهاد والتضحية والطاعة والثبات والتجرد والأخوة والثقة وقد جدد فهم الفكرة الإسلامية"(30) في الأصول العشرين وهو ما سنعرض له في البعد الفكري -إن شاء الله-.

وتقوم دعائم تنظيم الإخوان المسلمين على أرضية تنظيمية صلبة لم تعرفها أي حركة أو تنظيم سياسي في التاريخ باعتراف كل الدراسات التي تناولت الجهاز وأعماله ودقة نظامه وطاعته الكاملة للمرشد العام.

يأتي على رأس النظام أو التنظيم المرشد العام وقد بايعته الهيئة التأسيسية التي تتكون من مائة وخمسين (150) عضوا، ثم مجلس الشورى العام، فمكتب الإرشاد والتوجيه ويتكون من (12- إلى 20 عضو) وأما الأجهزة الصغيرة المحلية فهي: الجوالة وهي تنظيم وجهاز اجتماعي شبه عسكري، فكتائب أنصار الله (وتضم كل كتيبة أربعين عضوا من الأعضاء النشطين، يتلقون تربية خاصة" وكان شعار الكتائب "العمل" الطاعة، الصمت" ثم أخيرًا "نظام الأسرة" التعاوني ما بين 5 إلى 10 أعضاء، وتكون كل خمس عشائر "رهط"، والكتيبة إذن تضم خمسة رهوط، ويقوم نظام الأسر حسب حسن البنا على التعاون والتفاهم والتكامل مستلهمين في ذلك الآية الكريمة{واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا}(آل عمران/103.

والحديث الشريف: "المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا"متفق عليه.

وكان النظام الجماعي الذي يقوم عليه العمل عند حسن البنا قد اتضح خلال"المؤتمر الخامس" من مؤتمرات الإخوان؛ إذ حدد الطبيعة المتكاملة للعمل الإسلامي فهو: "دعوة سلفية، وطريقة سنية، وحقيقة صوفية ومنظمة سياسية وجماعة رياضية، ورابطة علمية ثقافية، وشركة اقتصادية وفكرة اجتماعية"(31) كما أكد أن جماعته على المستوى المذهبي ترفض التدخل في الخلافات المذهبية التي بين الأعيان والأعلام والأحزاب والجماعات، لأن جهدها موجه للتنظيم والعمل والسعي الدائب لكسب أعضاء جدد.

وحسن البنا لا يتعجل الأمور ولا يخوض غمار الصراع؛ إلا بعد أن يحكم التنظيم ويستكمل العدة المطلوبة. لأن الوصول إلى مرحلة "التنفيذ" في غاية الخطورة في زمن الصراع، ومن هنا كان نظام "الجوالة" قد أحدث له من المقومات الفكرية والتربوية والتدريبية ما جعله يملك قوة ضاربة من المجاهدين تابعة مباشرة للمركز العام، وباختصار كما يذكر مؤرخو "الإخوان" أن الجوالة هم: الوعاء الذي يستوعب أخلص شباب الجماعة وأكثرهم ولاءً. وكان عمل الجوالة في غاية العمل الإنساني من خلال عمليات محو الأمية ومقاومة الأمراء وخدمة البيئة وكان أعضاء فرق الجوالة عام 1948 قد بلغ 40 ألف عضوًا(32)، وفي مرحلة التنفيذ ملك الجهاز الخاص للإخوان نظاما إعلاميا رائعا، فقد نجح حسن البنَّا في استكمال التنظيم بامتلاكه لوسائل الطبع وتوزيع "الرسائل" والمنشورات وأهم مجلات ونشرات الإخوان "النذير" "المنار" ولو لفترة قصيرة، مجلة "الإخوان المسلمون" "التعارف" "الإقليمية" "الشهاب" للدراسات الإسلامية ويشهد الدارسون في مصر وخارج مصر أن الإعلام الإسلامي لتنظيم الإخوان المسلمين ما بين 1930-1949 قد أوجد نواة صلبة للإعلام الحزبي الإسلامي وللدعوة الإسلامية بكاملها في العصر الحديث.

قدم الدكتور محمد فتحي دياب ثبتًا كاملاً للدوريات والمجلات والجرائد التي استخدما الإخوان المسلمون في تاريخهم وكان المؤلف قد راجع كتاب كاري وميشو "الإخوان المسلمون في مصر وسوريا"، والحقيقة أن الإخوان قد أصدروا دوريات واستخدموا دوريتين موجودتين مع بدء نشاط الجماعة عام 1928م، تميزتا وقتئذ بأنهما قريبتين من اتجاه الجماعة، هما: مجلتي الفتح ومجلة الشبان المسلمين، عام 1933م،ثم أصدرت الجماعة أولى صحفها[جريدة الإخوان المسلمين]، واستمرت قرابة خمس سنوات، وصدرت أسبوعية، ورئيس تحريرها الشيخ الطنطاوي الجوهري.بعد توقف [المنار]على إثر وفاة مؤسسها الشيخ محمد رشيد رضا[عام 1935م]فأسند تحريرها إلى الشيخ حسن البنَّا بطلب من أسرته.وأصدرها البنا في جويلية 1939م، ثم توقفت عن الصدور نهائيا بعد أن أصدرت خمسة أعداد، وذلك في سبتمبر 1940(33).

وكان الجهاز الإعلامي قد رسم مراحل الدعوة وقد جاءت كما حددها حسن البنا:

1-التعريف بالدعوة عامة: في هذا الطور وليست الطاعة التامة لازمة فيه ونظام الدعوة في هذا الطور يتمثل في نظام الجمعيات الخيرية "مرحلة المصالحة مع النفس والعودة إلى الذات والتوبة إلى الله سبحانه وتعالى".

2-التكوين" ويكون عن طريق استخلاص العناصر الصالحة لحمل أعباء الجهاد ونظام الدعوة في هذا الطور: تربوي بحت من الناحية الروحية، وعسكري بحت من الناحية العملية، وأظن أن "الربانية" بعد التوبة، عند جماعة الإخوان المسلمين، جعلته صاحب دعوة وفائدة من كل الخيرات والتراكمات الإسلامية والإنسانية، فاستوعبت الحركة بذلك تجارب ونظمًا ولهذا أصبحت جامعته وجماعته منظمة على أسس هيكلية وتربوية وفكرية تجاوزت حركة "الإخوان" وزعيمها الشهيد حسن البنا بشهادة المعاصرين. فقد فاق عصره بعقود كثيرة فكان على درب الصالحين دنيا وتقوى، وعلى درب العسكريين وأصحاب الاستراتيجيات ذكاء وفطنة وبعد نظر.

3-التنفيذ: هو المرحلة الثالثة والدعوة في هذا الطور جهاد وعمل متواصل وامتحان وابتلاء، وكانت الأرضية التي تعمل في وسطها قد حددها حسن البنا على مراتب: "مؤمن متردد، نفعي متحامل" وعلى هذا الأساس تبقى الإجابة على مجموعة من المحاور واجبة وضرورة سياسية وفكرية. وهي هل نجح الإخوان المسلمون في اللعبة السياسية؟، وكيف كان منطلقهم الفكري والإيديولوجي؟. ونسأل في خاتمة هذه الدراسة، ماذا قدم الإخوان(34) وكبريات الحركات الإسلامية المعاصرة للحركة الإسلامية في العالم الإسلامي؟ جدير بنا ونحن نختم هذه النظرات عن المؤسس الزعيم ما قاله أحد المعاصرين لحركته، إذ قال: " لم يكن حسن البنا شعلة انطفأت بل كان ضمير مرحلة يتكلم، عن واجب أمة، ويقدم دمه ثمنا لرسالته لذلك فإن سدود الأرض لن تستطيع أن تحبس حمم براكينه(..)".

قد لا أحقق المرغوب من خلال هذه الورقة، كما لا تكفي هذه الأسطر القليلة التي سطرتها لمعرفة أهم المعالم التي تحققت على يد الإمام الشهيد حسن البنا، ولهذا أعد القارئ بإعادة النظر في منهج الدعوة عند حركة الإخوان المسلمين، والنتائج التي تحققت في حياة المرشد العام والمؤسس، وهذا ما أسعى إليه من خلال دراسة مستقلة عن عصر حسن البنا وجهوده في معالجة كثير من القضايا الهامة، وهي التحرر والحرية، طرد الغزاة، وتأسيس نظام سياسي شوري يقوم على الدستور، والعمل البرلماني، وكذلك العناية بمسألة غير المسلمين في أقطار العالم الإسلامي، وغيرها من النقاط الحساسة في عصرنا، حيث تطرح إلى الوجود، قضية المشاركة والمغالبة، الإسلام المعتدل، الشورى والديمقراطية، المواطنة والحريات العامة، الردة، وقتل المرتد في الإسلام بين الثوابت والمتغيرات. خلاصة القول: ماذا كان يريد الإمام الشهيد حسن البنا؟، ولمعرفة هذه الإجابة نستمتع إليه فيقول: "نحن نريد الفرد المسلم، والبيت المسلم، والشعب المسلم، والحكومة المسلمة، والدولة المسلمة التي تقود الدول الإسلامية، وتضم شتات المسلمين؛ وتستعيد مجدهم وترد عليهم أرضهم المفقودة، وأوطانهم المسلوبة، وبلادهم المغصوبة، ثم تحمل علم الجهاد ولواء الدعوة إلى الله، حتى تسعد العالم تعاليم الإسلام"(35).وحسبي هنا جهد المقل، وأجر المجتهد المخطئ، والله ولي التوفيق والسداد.

الملحق : حسن البنا، قصة لم تنته

هذه السطور ليست من نسج الخيال، ولكنها واقعة حقيقية حدثت منذ أكثر من نصف قرن من الزمان، وربما تتكرر، ومن يدري.

المكان: القاهرة - منطقة الحلمية.

الزمان: بعد منتصف الليل يوم 12 فبراير من عام 1949.

الوقائع: تتقدم قافلة من عربات الشرطة في سكون الليل، تصل إلى أحد شوارع الحلمية بمدينة القاهرة، تتوقف السيارات، يندفع الجند بأسلحتهم لحصار الشارع كله، وتُشدد الحراسة، حول بيت متواضع في منتصف الشارع، تتقدم إحدى سيارات الشرطة إلى هذا البيت، صف من الجنود ينقُلون جسد ميتٍ من السيارة إلى البيت في سرعة، يطرقون بابًا في أعلاه، يفتح الباب شيخ جاوز التسعين من عمره، يدخل عدد من الضباط إلى البيت قبل دخول الجثمان للتأكد من عدم وجود آخرين به، التعليمات صارمة للشيخ، لا صوت، لا عزاء، ولا حتى أحد من المتخصصين في إعداد الموتى، فقط أنت وأهل البيت، في تمام التاسعة صباحًا يتم دفن الميت.

كان الشيخ هو والد المتوفّى، ورغم الفجيعة، ورغم شيخوخته، قام بإعداد ابنه للدفن، ويمسح الشيخ دماء ابنه من أثر الرصاصات التي سكنت جسده.

ويأتي الصباح، ويأتي الضباط في موعدهم، هلمّ بابنك لتدفنه، فيصرخ الأب ذو التسعين عامًا، كيف لي بحمله؟ فليحمله الجنود! فيرفض الضباط، ويكون الرد فليحمله أهل البيت، وكان المُتوفّى له بنات وصبي صغير.

ويتقدم الجثمان في الطريق تحمله زوجته وبناته، وخلفه فقط والده، ومن تجرأ على السير في الجنازة كان المعتقل مآله، وتصل الجنازة إلى المسجد للصلاة على الفقيد، فإذا به خاليًا حتى من خدمه، فيصلي الوالد ومن خلفه أهل البيت من النساء، ويقومون بإنزاله إلى قبره، ويعود الجميع إلى البيت في حراسة مشددة، هذه هي جنازة الإمام الشهيد "حسن البَنَّا"، ويتم إلقاء القبض على كثير من الجيران، لا لشيء إلى لمجرد كلمة عزاء قالوها لهذه الأسرة، ويستمر الحصار ليس على البيت خشية ثورة من يأتي للعزاء، ولكن أيضًا يستمر الحصار حول القبر، خشية أن يأتي من يُخرج الجثة ويفضح الجريمة، بل وانتشرت قوات الشرطة في المساجد؛ لتأمر بغلقها عقب كل صلاة، خشية أن يتجرأ أحد بالصلاة على الفقيد.

وعلى الجانب الآخر كان ملك البلاد قد أجّل الاحتفال بعيد ميلاده من 11 فبراير إلى 12 فبراير؛ ليحتفل مع من يحتفل بموت هذا الرجل، ويروي أحد المفكرين أنه شاهد احتفالات في أحد الفنادق في الولايات المتحدة الأمريكية، وعندما تقصّى سبب هذا الاحتفال، عرف أنه ابتهاجٌ بموت هذا الرجل. وإن كان الحق ما يشهد به الأعداء فإن مراكز الأبحاث في فرنسا وأمريكا اشتركت في وضع قائمة بأهم مائة شخصية أثّرت في العالم في القرن العشرين، فكان من العالم العربي اثنان هما: الإمام الشهيد "حسن البنا"، والآخر هو جمال عبد الناصر.

الكاتب/د.إبراهيم غانم، المرجع موقع إسلام أونلاين.


الهوامش

(1)- حول هذه الصراعات والأوضاع يراجع:رفعت السعيد من اليسار المصري: الإخوان المسلمون في لعبة السياسة، دار صامد للنشر والتوزيع تونس 1985،رفعت السعيد: حسن البنا مؤسس حركة الإخوان المسلمين متى(كيف)، ولماذا، الطبعة الثالثة دار الطليعة بيروت 1980م.ريتشارد ميتشل، الإخوان المسلمون" ترجمة عبد الله رضوان، تقديم، صلاح عيسى، طبعة أولى، بيروت، دار القلم، 1978م، مقدمة الترجمة، ص:8.جابر رزق، مذبحة الإخوان في ليمان طرة، القاهرة، دار الاعتصام، 1399هـ/1979م.ص:19 وما بعدها. (2)-عبد الإله بلقزيز، الدولة في الفكر الإسلامي المعاصر،بيروت، مركز دراسات الوحدة العربية، ديسمبر 2002م.ص:134.

Olivier Carré ,Mystique et politique:lecture révolutionnaire du Coran par Sayyid Qutub, frère musulman radical , patrimoines islam (Paris) (Cerf;Presse de la fondation nationale des sciences politiques, 1984;P:8.

(3)- يمكن مراجعة هذه الخطوط السالفة الذكر حول زعامات الإخوان:محمد خلف الله (خصم طبيعي لما يسمى بالصحوة الإسلامية علماني الاتجاه وكيل وزارة الثقافة في جمهورية مصر العربية سابقا)-الصحوة الإسلامية في مصر-ضمن الحركات الإسلامية المعاصرة في الوطن العربي (مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، أوت، 1987.

تأسست الجماعة-حسب الشيخ القرضاوي في ذي القعدة سنة 1347هـ الموافق لشهر أبريل أو مايو من عام 1929م، وليس سنة 1928 كما هو مشهور، انظر. يوسف القرضاوي، الإخوان المسلمون 70 عامًا في الدعوة والتربية والجهاد، القاهرة، مكتبة وهبة، 1420هـ. أحمد الموصللي، موسوعة الحركات الإسلامية في الوطن العربي وإيران وتركيا، بيروت، مركز دراسات الوحدة العربية، 2004م.ص:15.

(4)- هناك اختلاف حول ثقافة والده وهمومه الإصلاحية التي تزود بها في الأزهر أيام الإمام عبده وكذلك حول وظائفه، وقد نسب إليه ترتيب مسند الإمام أحمد ترتيبًا فقهيا في 24 مجلدًا و"منحة المعبود في ترتيب سند الطيالسي وابن داود" و"بدائع المنن في جمع وترتيب مسند الإمام الشافعي والسنن".انظر: رفعت السعيد، حسن البنا، ص:52.يوسف حسين، موقف مالك بن نبي من الفكر الغربي الحديث، المملكة العربية السعودية، دار الزمان للنشر والتوزيع، 1425هـ/2005م.ص:104.

Les Frères Musulmans ( Egypte et Syrie) 1928-1982 présentation par Olivier Carré et Gérard Michaud Collection archives dirigée par pierre Nora et Jacques Revel édition Gallimard/Jillard Paris1983P13.

(5)- يقول بهذا الصدد الكاتب المصري، محمود أمين العالم:"إن الممارسة السياسية للدين لا يصح أن تحكم عليها حكما مطلقا بالمحافظة والرجعية أو بالتقدم والثورية وذلك لاختلاف تحليلاتها العلمية وملابساتها الموضوعية والمعيار هو الدلالة والوظيفة الاجتماعية لهذه الممارسات وموقفها من القضايا والمصالح الأساسية لجماهير الأمة ولقواها المنتجة (العمال) والمبدعة (المفكرين) انظر: محمود أمين العالم، الدين والسياسة، مجلة (قضايا فكرية) الكتاب الثامن، أكتوبر 1989(القاهرة)،ص7.

(6)- المؤتمر الخامس،ص7 نقلا عن رفعت السعيد، حسن البنا، ص55.

(7) رفعت السعيد، حسن البنا، ص56.

(8)- محمد أحمد خلف الله: الصحوة الإسلامية في مصر: ص48.

(9)- انظر: محمد عابد الجابري، الخطاب العربي المعاصر:دراسة تحليلية نقدية[بيروت،المركز الثقافي العربي؛دار الطليعة،1982م.ص:93-94. بلقزيز، الدولة في الفكر الإسلامي المعاصر، ص:110-111. (10)-انظر: Maulawie Berketullah, Le Khalifat Préface de Abdullah Yusuf Ali Librairie orientaliste, Paul Geuthener Paris/VI. 1924 (104 Pages).

(11)- عباس السيسي، حسن البنا مواقف في الدعوة والتربية،ص:34 رفعت السعيد، حسن البنا،ص:54. Les Frères musulmans : P 21

(12)- حسن البنا الرجل القرآني كما وصفه روبير جاكسون وغيره، أما مواطنه الأمريكي ريتشارد ميتشال يرى أن محمد عبده أفضل من رشيد رضا لأن الأخير انحرف إلى (الرجعية) وطه حسين وأحمد أمين، ومحمد هيكل وعلي عبد الرزاق وخالد محمد خالد (في أعمالهم الأساسية) أفضل من الاثنين (عبده، رشيد رضا) وكمال أتاتورك عند الأوروبيين يعتبرونه أهم مسلم في الدنيا لأنه أصلح الإسلام، أنظر:ريتشارد ميتشال، الإخوان المسلمون، الترجمة العربية:ص:15.

(13)-حسن البنا، مذكرات الدعوة والداعية:ص49، نقلا عن رفعت السعيد، حسن البنا، ص:59.

(14)- محمد أحمد خلف الله، الصحوة الإسلامية في مصر:ص:45.

(15)- يقول الشيخ محمد الغزالي في هذا المجال (إن التعاليم العشرين التي وضعها حسن البنا رضي الله عنه تضمنت خيرا كثيرا، وألحقت جماعته بالركب الإسلامي الكبير، ولم تفردها سمة شاذة، ولم تجعل منه رجلا لطائفة منفصلة من سواد الأمة) محمد الغزالي، دستور الوحدة الثقافية بين المسلمين (سلسلة الوعي الإسلامي)، دار الكتاب الجزائر 1988م. ص:267.

(16)- رفعت السعيد، حسن البنا، ص117.

(17)- نفسه، ص71.

(18)- ريتشارد ميتشال: الإخوان المسلمون، ص:91-92.

(19)- عباس السيسي حسن البنا مواقف في الدعوة والتربية، ص:34. رفعت السعيد: حسن البنا، ص:117.

(20)- اتجه ابن باديس إلى مكة عام 1912 بعد أن استهان بمستوى التعليم في الزيتونة وكيف غرق شيوخها في الجدل فأنساهم أصالة الفكر الإسلامي ومدى تأثيره في النفوس وقدرته على تغيير مقادير الشعوب، فلقي شيخيه، الشيخ حمدان لونيسي، والشيخ حسين أحمد الهندي؛ فقال ابن باديس عن هذا اللقاء في خريف 1937 "أذكر أنني لما زرت المدينة المنورة واتصلت فيها بشيخي الأستاذ حمدان لونيسي المهاجر الجزائري، وشيخي حسين أحمد الهندي أشار علي الأول بالهجرة إلى المدينة وقطع كل علاقة لي بالوطن، وأشار علي الثاني، وكان محقا، بالعودة إلى الوطن بقصد خدمته فنحن لا نهاجر، نحن حراس الإسلام والعربية والقومية في هذا الوطن" راجع، محمود قاسم، الإمام عبد الحميد بن باديس، الزعيم الروحي لحرب التحرير الجزائرية، الطبعة الثانية، دار المعارف، مصر: 1979م. ص:16-17.محمد الأمين بلغيث، تاريخ الجزائر المعاصر(وثائق جديدة وصور نادرة تنشر لأول مرة، بيروت، دار ابن كثير، 1428هـ/2007م. ص:125.

(21)- عباس السيسي، حسن البنا مواقف في الدعوة والتربية، ص38.

(22)- في عام 1927 ولنفس الأسباب التي حركت وجدان الشيخ حسن البنا في الإسماعيلية ظهرت حركة بين بعض الدعاة الإسلاميين انعكست في تشكيل جمعيات دينية ذات طابع اجتماعي، تعمل على تربية الجيل الجديد وفقا للتعاليم الإسلامية دون خوض في الواجبات الملحة تجاه المجتمع ككل، ومن هذه الجمعيات، جمعية الشبان المسلمين، وقد أسهم في تأسيسها العديد من الشخصيات الإسلامية بعضها من رجال الحزب الوطني، كأمثال:" عبد الحميد بك سعيد: والشيخ عبد العزيز جاويش" وبعضها من تلاميذ الشيخ محمد عبده (أحمد تيمور باشا)، ومحب الدين الخطيب، ومحمد الخضر حسين شيخ الأزهر) والحقيقة أن هذه الجمعية برغم رفعها للشعارات الإسلامية فإنها كانت نخبوية ولم تنجح أو تكسب تأييدًا كبيرًا كما كسبته جماعة الإخوان المسلمين لجمعها في خطابها السياسي والتربوي بين طبقات المجتمع كله وطرحها لرؤية شمولية أكثر تقدما من جمعية الشبان المسلمين وللتذكير فإن البنا كان أحد أعضاء هذه الجمعية ويدفع رسوم العضوية ويشارك بمقالاته كمراسل لمجلة "الفتح المبين" التي أسسها محب الدين الخطيب أحد قادة جمعية الشبان المسلمين، انظر بتوسع، هاملتون جب وآخرون، وجهة الإسلام ، ترجمة الهادي أبو رية،.رفعت السعيد، حسن البنا: ص:62-63.

(23)- ميتشال، الإخوان المسلمون، ص:91.رفعت السعيد، حسن البنا،ص:65. يوسف حسين، موقف مالك بن نبي من الفكر الغربي الحديث، ص:105.

(24)- ميتشال، الإخوان المسلمون، ص92.

Olivier Carré ,Mystique et politique:lecture révolitionnaire du Coran par Sayyid Qutub,frère musulman radical, patrimoines islam (Paris) (Cerf;Presse de la fondation nationale des sciences politiques, 1984;P:8.

(25)- يرى رفعت السعيد أن هذه عمالة للأجانب حينما قبلوا هذا المبلغ مما يضفي على عملهم خيانة للوطن وتزلفا للنظام الملكي فيما بعد، ويرى غيره أن الإخوان في قمة الذكاء وبعد النظر كما سيأتي. (26)- ميتشال: الإخوان المسلمون:ص:93

(27)-رفعت السعيد، حسن البنا: ص65.راجع أيضًا: محمد عبد الكريم جمال، من دستور الوحدة العقائدية والفكرية بين المسلمين، شرح وتحليل الأصول العشرين للإمام الشهيد حسن البنَّا، الجزائر، دار رحاب، 1988م.ص:63.

(28)- البيعة في رأي المؤرخ الإسلامي الكبير ابن خلدون: "هي العهد إلى الطاعة، كأن المبايع يعاهد أميره على أن يسلم له النظر في أمر نفسه وأمور المسلمين، لا ينازعه في شيء من ذلك ويطيعه فيما يكلفه من الأمر في المنشط والمكره "ويجمع الإسلاميون على اختلاف جماعتهم (كالمودودي) وأبو عبد الرحمن مقبل بن هادي الوادعي (أنصار السنة من اليمن) على أن البيعة لا تعطى إلا لمن كان المسلمون يثقون به وبسيرته وبطباعه وخلقه، انظر: رأي المودودي:رفعت السعيد: حسن البنا: ص:79، أما مقبل بن هادي الوادعي فهو يتمسك بقرشية الإمام ولا يرى مانعا من العمل مع الجماعات التي تحارب الشيوعية والإلحاد وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر ما لم تخرج عن الكتاب والسنة، انظر:فصل الجماعات الإسلامية: ضمن كتابه: المخرج من الفتن تأليف أبي عبد الرحمن مقبل بن هادي الوادعي، دار الحديث بدماج: ص:101.

(29)- قانون النظام الأساسي لهيئة الإخوان المسلمين وشعبها طبقا للتعديل الذي أقرته الجمعية العمومية باجتماعها غير العادي في 30 جانفي 1948م.ص7 نقلا عن رفعت السعيد، حسن البنا، ص:79.

(30)-حسن البنا، رسالة التعاليم، شرح وتعليق عبد المنعم أحمد تعليب، دار الشهاب، باتنة الجزائر 1988م.ص:9.

(31)- محمد عبد الكريم جمال، من دستور الوحدة العقائدية والفكرية بين المسلمين، شرح وتحليل الأصول العشرين للإمام الشهيد حسن البنَّا،ص:60-61.

(32)-رفعت السعيد، حسن البنا ص:114 وما بعدها. د.عبد الغني عماد، حاكمية الله وسلطان الفقيه(قراءة في خطاب الحركات الإسلامية المعاصرة)، بيروت، دار الطليعة، 1997م.ص:144.

(33)- دياب، محمد حافظ، سيد قطب، الخطاب والايديولوجيا، ص:52.

(34)- بلقزيز، الدولة في الفكر الإسلامي المعاصر، ص:134.

(35)- مجموعة رسائل الإمام الشهيد حسن البنا، بيروت، المؤسسة الإسلامية للطباعة والصحافة والنشر،د.ت. ص:99-101.


المراجع

1. أحمد الموصللي، موسوعة الحركات الإسلامية في الوطن العربي وإيران وتركيا، بيروت، مركز دراسات الوحدة العربية، 2004م.

2. بلغيث، محمد الأمين، تاريخ الجزائر المعاصر(وثائق جديدة وصور نادرة تنشر لأول مرة، بيروت، دار ابن كثير، 1428هـ/2007م.

3. حسن البنا، رسالة التعاليم، شرح وتعليق عبد المنعم أحمد تعليب، دار الشهاب، باتنة، الجزائر 1988م.

4. مجموعة رسائل الإمام الشهيد حسن البنا، بيروت، المؤسسة الإسلامية للطباعة والصحافة والنشر،د.ت.

5. جابر رزق، مذبحة الإخوان في ليمان طرة، القاهرة، دار الاعتصام، 1399هـ/1979م.

6. محمد عابد الجابري، الخطاب العربي المعاصر:دراسة تحليلية نقدية[بيروت، المركز الثقافي العربي؛ دار الطليعة]،.1982م.

7. دياب، محمد حافظ، سيد قطب، الخطاب والأيديولوجيا بيروت، دار الطليعة، 1988م.ط.2.

8. ريتشارد ميتشل، الإخوان المسلمون" ترجمة عبد الله رضوان، تقديم، صلاح عيسى، طبعة أولى، بيروت، دار القلم، 1978م.

9. رفعت السعيد، الإخوان المسلمون في لعبة السياسة، دار صامد للنشر والتوزيع تونس1985م.

10. رفعت السعيد، حسن البنا مؤسس حركة الإخوان المسلمين متى (كيف)، ولماذا، الطبعة الثالثة دار الطليعة بيروت، 1980م.

11. القرضاوي، دكتور يوسف، الإخوان المسلمون 70 عامًا في الدعوة والتربية والجهاد، القاهرة، مكتبة وهبة، 1420.

12. عباس السيسي: حسن البنا مواقف في الدعوة والتربية.

13. عبد الغني عماد، حاكمية الله وسلطان الفقيه(قراءة في خطاب الحركات الإسلامية المعاصرة)، بيروت، دار الطليعة، 1997م.

14. عبد الإله بلقزيز، الدولة في الفكر الإسلامي المعاصر، بيروت، مركز دراسات الوحدة العربية، ديسمبر 2002م.

15. الغزالي، محمد دستور الوحدة الثقافية بين المسلمين (سلسلة الوعي الإسلامي)، دار الكتاب الجزائر 1988م.

16. محمد عبد الكريم جمال، من دستور الوحدة العقائدية والفكرية بين المسلمين، شرح وتحليل الأصول العشرين للإمام الشهيد حسن البنا، الجزائر، دار رحاب، 1988م.

17. محمد أحمد خلف الله، الصحوة الإسلامية في مصـر (الحركات الإسلامية المعاصرة في الوطن العربي) الطبعة الأولى، (مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، أوت1987.

18. محمود قاسم، الإمام عبد الحميد بن باديس، الزعيم الروحي لحرب التحرير الجزائرية، الطبعة الثانية، دار المعارف، مصر، 1979م.

19. الوادعي، أبو عبد الرحمن مقبل بن هادي، المخرج من الفتن، ، دار الحديث بدماج. 20. يوسف حسين، موقف مالك بن نبي من الفكر الغربي الحديث، المملكة العربية السعودية، دار الزمان للنشر والتوزيع، 1425هـ/2005م.

21. هاملتون جب وآخرون ، وجهة الإسلام ، ترجمة الهادي أبو رية.

22. محمود أمين العالم، الدين والسياسة، مجلة (قضايا فكرية) الكتاب الثامن، (القاهرة)، أكتوبر 1989م.

23. Olivier Carré ,Mystique et politique:lecture révolutionnaire du Coran par Sayyid Qutub, frère musulman radical,patrimoines islam(Paris)(Cerf;Presse de la fondation nationale des sciences politiques, 1984.

24. Maulawie Berketullah, Le Khalifat Préface de Abdullah Yusuf Ali Librairie orientaliste, Paul Geuthener Paris/VI. 1924 (104 Pages)

25. Les Frères Musulmans (Egypte et Syrie) 1928-1982 présentation par Olivier Carré et Gérard Michaud Collection archives dirigée par pierre Nora et Jacques Revel édition Gallimard/Jilliard Paris1983