حبيب: لا بد أن يتحمل الشعب مسئوليتَه ويشارك بإيجابية

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
حبيب: لا بد أن يتحمل الشعب مسئوليتَه ويشارك بإيجابية
23-08-2005]

- نعلم مدى التكاليف والتضحيات التي سوف نتعرض لها من قرار النزول للشارع

- مَن ظهر له عدم وجود مرشحٍ أهلٍ للمسئولية فليشارك ويبطل صوته

- موقفنا جاء بعد مناقشات موسعة على مستويات عدة داخل الجماعة

بعد طول انتظار من المراقبين والمتابعين لسياسات جماعة الإخوان المسلمين أعلنت الجماعة يوم الأحد 22/8/2005 موقفها بالمشاركة في الانتخابات الرئاسية المرتقبة في مصر في السابع من سبتمبر القادم، وهو الموقف الذي انقسم إزاءه السياسيون والمحللون بين مؤيد ومعارض.

واعتبر البعض البيانَ الصادر عن الجماعة في هذا الشأن غامضًا ومحيرًا، خاصةً فيما يتعلق بعدم التصريح بشكلٍ مباشرٍ عن عدم تأييد الجماعة للرئيس المصري حسني مبارك في الانتخابات أو دعم أي مرشح آخر، كما كان قرار المشاركة أيضًا محل خلاف؛ فيما اعتبره البعض "مشاركة سلبية"، والبعض الآخر وصفه بـ"المقاطعة الإيجابية"، وكان لنا في (إخوان أون لاين) أن نلتقي النائب الأول للمرشد العام للجماعة- الدكتور محمد السيد حبيب-

ليجيب عن هذه الاستفسارات ويكشف لنا سر هذا الغموض.

  • اختار الإخوان بين المشاركة والمقاطعة.. ما مبررات المشاركة بهذه الصورة وأسباب عدم المقاطعة؟
كان أمام الإخوان ثلاثة خيارات: المقاطعة، أو المشاركة المشروطة، أو المشاركة المطلقة، وقد تمحورت آراء المستويات المختلفة داخل الجماعة حول هذه الخيارات، وكان لكلِّ رأيٍ مبرراتُه القويةُ ووجهةُ نظره المعتبَرة.
وقد استندت المقاطعة إلى الشبهات الدستورية التي أحاطت بتعديل المادة 76 من الدستور والاستفتاء الذي جرى، فضلاً عن المناخ السياسي الرديء، وعدم وجود استعداد أو رغبة حقيقية للإصلاح والتغيير، إضافةً إلى أن المشاركة سوف تعطي شرعيةً للنظام.
واستندت المشاركة المشروطة إلى ضرورة إحداث تغيير قبل الانتخابات كشرط للمشاركة، مثل إنهاء حالة الطوارئ، وإطلاق الحريات العامة، وإلغاء المحاكم والقوانين الاستثنائية، وصدور قانون استقلال السلطة القضائية، وتمكين القضاء من الإشراف الكامل والحقيقي على الانتخابات؛ بحيث تخرج معبِّرةً بحق وصدق عن إرادة الشعب والإفراج عن كافة السجناء والمعتقلين السياسيين.. إلخ، فإذا لم تحقق هذه الشروط أو بعضها فلا تكون هناك مشاركة.
واستندت المشاركة المطلقة إلى حقيقة المأساة الكبرى التي يعاني منها الشعب من سلبية ولا مبالاة وعزوف عن المشاركة.. الأمر الذي يعطي الفرصة للنظام لتزوير إرادة الشعب، وبالتالي لا بد من أن يتحمل الشعب مسئوليتَه ليُقبل على المشاركة بإيجابية، وعلينا نحن أن نقوم بتشجيعه وتحميسه ودفعه إلى ذلك، وقد اتخذ مكتب الإرشاد قرارَه بالانحياز إلى الخيار الأخير.
  • الإخوان اعتبروا تعديل المادة 76 غيرَ دستوري، ووصفوا انتخابات الرئاسة بأنها تمثيليةٌ، الرابح الوحيد فيها الرئيس مبارك..!! لماذا إذن شاركتم في هذه التمثيلية؟!
للأسف.. أصبحت المادة 76 من الدستور- بالنص الجديد الذي جرى عليه الاستفتاء-أمرًا واقعًا، وقد رأى أصحاب المشاركة المطلَقة أنه لا مناصَ من التعامل معه، المهم كيف ندفع الشعب، ونعبِّئ طاقاته، ونحشد كافة إمكاناته؛ لكي يُدليَ بدلوه في أخطر القضايا التي تمر بمصر، وهي اختيار رئيسها.
إن الذين دأبوا على تزوير إرادة الشعب سوف يستمرون في ممارسة هذه العملية، طالما ظل الشعب بعيدًا وعزوفًا ونائيًا بنفسه عن الوصول إلى صناديق الانتخابات؛ بدعوى أن النتيجة محسومةٌ سلفًا..!! إن الشعب هو القادر- إن استعاد ثقتَه بنفسه وإمكاناته وتحركَ في الوقت المناسب- على استرداد حقوقه المسلوبة، ويجب ألا ينتظر منحةً أو عطاءً من أحد.
إحدى مظاهرات الاخوان
  • إذا كان خيار المشاركة الهدف منه تحفيز الناس على المشاركة الإيجابية في الانتخابات وتحفيزهم على الذهاب إلى صناديق الاقتراع.. لماذا إذن قاطع الإخوان الاستفتاء ولم يتعاملوا معه بهذا المنطق؟!
أردنا أن نعلن رفضَنا واحتجاجَنا على نص تعديل المادة 76 من الدستور، الذي فرَّغ التعديلَ من مضمونه وحوَّل انتخابات رئيس الجمهورية- بالاختيار الحر المباشر من بين أكثر من مرشح- إلى استفتاء مقنَّع، وقد جاء تقرير اللجنة القضائية المشكَّلة من قِبَل نادي القضاة ليثبت أن هناك تزويرًا فجًّا قد وقع، وأن النسبة التي أعلنتها الداخلية غير صحيحة، وأن نسبة الحضور الجماهيري على صناديق الانتخابات لم تتعدَّ 3% فقط، وهو ما يؤكد عدم دستوريتها.
كنا نود أن يراجع الرئيس ويراجع المجلس نفسَه، لكن شيئًا من ذلك للأسف لم يحدث؛ مما يؤكد إصرار النظام على إبقاء الحال على ما هو عليه، وأنه لا توجد هناك رغبةٌ حقيقةٌ في الإصلاح.
  • الذي يميز الإخوان عن غيرهم أنهم كتلة تصويتية، وأنَّ قرارَهم جماعيٌّ.. لماذا هذا التغيير في الإستراتيجية بأن لكل شخص الحرية في الاختيار؟
نحن في مسيس الحاجة إلى تأكيد وتنمية حرية الاختيار، وبناء الشخصية الإخوانية على القدرة على المفاضلة بين البدائل.. فقط نحن كقيادة نحدد الشروط والقواعد والمعايير التي يتم على أساسها الاختيار، وعلى أفراد الإخوان أن يراعوها وأن يلتزموا بها أثناء عملية التقويم.
إن الجماعة لديها مؤسساتها، ولا بد لهذه المؤسسات أن تمارس دورَها، وفي المقابل نحن لا نريد أن يكون الأفراد قوالبَ مستنسخةً، بل نريد تنوعًا يُثري الدعوة، وينهض بأعبائها بالشكل المبتكَر الخلاَّق والمبدع، وذلك لا يكون إلا بالحرية، في إطار الالتزام بثوابت الجماعة واحترام مؤسساتها.
  • البعض يلمِّح إلى أن عدم وضوح الموقف في البيان قد يكون خلفَه صفقةٌ بين الإخوان وأحد المرشحين، خاصةً وأن الأستاذ المرشد قد سبق وأعلن أن الإخوان ضد الرئيس مبارك..!!
الموقف واضح، ولا لبسَ فيه، نحن تكلمنا عن عدة أمور: على رأسها المناخ السياسي العام، وحالة الجمود والركود والانسداد التي يواجهها الشعب المصري، فضلاً عن إصرار النظام على عدم الاستجابة لمطالب القوى السياسية والوطنية- وفي القلب منها الإخوان- بالنسبة للإصلاح السياسي والتعديل الدستوري بما يحقق أمل الشعب وبما يُخرج مصر من كبوتها ويقيلها من عثرتها؛ كي تتبوَّأ مكانتَها اللائقة بين الأمم.
وأكدنا على أن الإخوان لا يمكن أن يؤيدوا ظالمًا أو يتعاونوا مع فاسد أو مستبد، وأن على الإخوان- كأفراد- أن يقوموا بتقييم برامج لأحزاب وشخصيات المرشحين منهم، من حيث قدراتهم وإمكاناتهم وتاريخ كفاحهم ونضالهم السياسي.. إلخ، وعلى الإخوان أن يلتزموا بهذه المعايير، وإن ارتأى البعض أن يقف خلف مرشح بعينه فله حرية أن يفعل ذلك، ومَن ظهر له أنه لا يوجد من بين المرشحين مَن هو أهلٌ لهذه المسئولية الكبيرة فله أن يشارك ويبطل صوته.
  • البعض يرى أن الإخوان التفُّوا على إعلان رفضهم بصراحة للرئيس مبارك، كما التفوا على إعلانهم مقاطعة الانتخابات خوفًًا من بطش السلطة، خاصةً وأن هناك اعتقالاتٍ تمت في صفوف الإخوان طالت بعض قياداتها؛ بسبب مقاطعة الاستفتاء..
لكلٍّ أن يفهم ما يريد، لكننا نأخذ الموقف الذي يتسق مع مصلحة الوطن أولاً، ومصلحة الدعوة :ثانيًا، ونحن نرى أن النظام لن يتراجع يومًا ما عن ملاحقتنا والتضييق علينا، أيًّا كان الوضع، وأيًّا كانت السياسة، خاصةً وأننا ملتزمون ومصرُّون على مطالبنا بشأن التعديل الدستوري والإصلاح السياسي، فضلاً عن التزامنا الكامل بمتطلَّبات واستحقاقات الدعوة، مهما كلفَنا ذلك من أعباء وتضحيات، فلا النظام سيتخلَّى عن استبداده ونهجه القمعي تجاه الشعب وتجاه الإخوان، ولا نحن سنتخلَّى عن دعوتنا وقيمنا ومبادئنا إلى أن يقضيَ الله أمرًا كان مفعولاً، وأودُّ أن أقول شيئًا: إننا قبل اتخاذنا قرار النزول إلى الشارع كنا نعلم مدى التكاليف والتضحيات التي سوف نتعرض لها.
  • ماذا عن تفاصيل اتخاذ قرار المشاركة داخل الجماعة؟
نوقشت مسألة الموقف من انتخابات الرئاسة على مستويات عدة داخل الجماعة، وقال كلٌّ رأيَه بمنتهى الصراحة والشفافية والحرية، ولم يكن هناك اتجاهٌ سائدٌ، بل كانت الآراء شبهَ متقاربةٍ.. الأمر الذي تمت مناقشتُه داخل :مكتب الإرشاد والانتهاء فيه إلى ما رأيت.

المصدر