جمعة أمين يكتب عن: منطق المؤمنين مع المعتدين المغتصبين

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
جمعة أمين يكتب عن: منطق المؤمنين مع المعتدين المغتصبين


جمعة أمين


﴿قُلْ هَلْ تَربَّصُونَ بِنَا إِلاَّ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمْ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ(52)﴾ (التوبة).

حقيقة الإيمان أن نتحرَّى الحق، ونؤمنَ به، ونثبُتَ عليه، ونجاهدَ في سبيله ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمْ الصَّادِقُونَ(15)﴾ (الحجرات).

والعزة حقٌّ من حقوق الإيمان، ولازمةٌ من لوازم أهله، ووصفٌ عُرِف لهم وعُرفوا عليه ﴿وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ﴾ (المنافقون: من الآية 8).

وتأييد الله- تبارك وتعالى- ونصرُه ومؤازرتُه مكفولةٌ للمؤمنين مضمونةٌ لهم متى صحَّ الإيمانُ وسَلِم اليقين ﴿وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ (الروم: من الآية 47).

ولن يصيب المؤمن إلا ما كُتب عليه، وهو لا يترقَّب إلا إحدى الحسنَيين: سعادة الدنيا أو مثوبة الآخرة، ولن يضيعَ عملُه ولا أجرُه أبدًا ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلا نَصَبٌ وَلا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلاً إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ(120) وَلا يُنفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً وَلا يَقْطَعُونَ وَادِيًا إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمْ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ(121)﴾ (التوبة).

وكل شيء في عقيدة المؤمن يَجري بقضاء وقدَر وفقَ نظامٍ مرسومٍ، وتقديرٍ معلومٍ، وقضاءٍ محتومٍ، فالأجلُ محدودٌ والرزقُ معدودٌ، لا ينقصهما الإقدام، ولا يزيدهما الإحجام ﴿وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنْ الأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنْ الأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمْ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾ (آل عمران: من الآية 154).

هذه المقدمة الصحيحة السليمة أنتجت أمام المؤمنين نتيجةً سليمةً صحيحةً كذلك، هي أن الوسيلة الوحيدة لاستخلاص وصيانة الحقوق وصيانة العزة هي الكفاح والجهاد، والعاقبةُ خيرٌ على كل حال.. شهادة أو سعادة.. والأخذ بهذه النتيجة عند أسلافنا وصل بهم إلى الخيرَيْن فعلاً، فظفروا في الدنيا بالسعادة، وكُتب لهم في الآخرة ثواب الشهادة ﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ(146) وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلاَّ أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ(147) فَآتَاهُمْ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ(148)﴾ (آل عمران).

وغفلنا نحن عن هذا المنطق السليم، والنهج القويم، والصراط المستقيم، وحاولنا أن نستخلص حقوقَنا بالأساليب السياسية والوسائل الدبلوماسية، والتلطف مع خصومنا وأعدائنا، واستجداء غاصبينا والمعتدين على حقوقنا، والحرص على مجاملتهم واجتلاب مودتهم ومرضاتهم، وهم لن يريدوا بنا إلا السوء، ولن يضمروا لنا إلا الشرَّ ﴿قَدْ بَدَتْ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ﴾ (آل عمران: من الآية 118)، بل بلغ من استهتارنا بأنفسنا، واستهانَتِنا بحقوقنا وقدرتنا، وهضمنا لكفايتنا وموهبتنا، وغفلتنا عن نعمة الله علينا بميزاتنا وخصائصنا، التي صرنا بها خيرَ أمة أخرجت للناس.. أن أصبحنا نستلهمهم الرأيَ ونستهديهم الطريق، ونأخذ بمشورتهم في أخصِّ شئوننا، ونكاشفهم بأسرارنا ودخائل أمورنا، والله تبارك وتعالى يقول: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ(149) بَلْ اللَّهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ(150)﴾ (آل عمران).

ولقد عرفنا نتائج هذه السبيل، فلم نجنِ إلا الصاب (عصير شجرٍ مرٍّ) والعلقم، ولم يبقَ أمامَنا إلا أن نعود من جديد إلى منطق المؤمنين، فنوقن بحقنا كما يوقنون، ونجاهد في سبيله كما يجاهدون، ونترقَّب نصرَ الله وتأييدَه كما يراقبون، والعاقبة للمتقين ﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمْ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ(173) فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنْ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ(174) إِنَّمَا ذَلِكُمْ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِي إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ(175)﴾ (آل عمران).