جماعة عباد الرحمن.. الوسطية بالسنغال

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
لم تعد النسخة القابلة للطباعة مدعومة وقد تحتوي على أخطاء في العرض. يرجى تحديث علامات متصفحك المرجعية واستخدام وظيفة الطباعة الافتراضية في متصفحك بدلا منها.
جماعة عباد الرحمن.. الوسطية بالسنغال
موسى فالر

حاوره في أنقرة: أحمد صالح

- التيار الشمولي الإخواني هو السائد بساحة الدعوة السنغالية

- غزو فرنسا الثقافي والعلمانية أهم عوائق أسلمة المجتمع

- وحدة الجماعات الإسلامية بداية حل مشاكلنا الرئيسية

في أواسط القرن الحادي عشر الميلادي دخل الإسلام إلى السنغال عن طريق حركة المرابطين وجهود التجار المسلمين التي حوَّلت غرب إفريقيا إلى مملكة إسلامية، فيما عملت حملات الاحتلال الأوربية المتوالية التي سيطرت على المنطقة منذ أوائل القرن الخامس عشر على مسخ الهوية الإسلامية منها، وفصلها تمامًا عن العالم الإسلامي واستمر ذلك حتى هذه الأيام.

وتتميز البيئة السنغالية بشيوع الميل نحو الفكرة الإسلامية وتنتشر بها أفكار الإمام حسن البنا ودعوة التبليغ والسلفية والطرق الصوفية وغيرها.

وبعد تأسيس قسم الاتصال بالعالم الخارجي داخل جماعة الإخوان المسلمين، عمل مسئولوه على احتواء طلبة السنغال القادمين للقاهرة للدراسة في الأزهر الشريف، ومد المساعدة إلى المسلمين في السنغال؛ خاصة فيما يتعلق بتعليم العلوم الشرعية، ومنذ ذلك الحين نشأت العلاقة بين مسلمي السنغال- ونسبتهم 94% من سكان البلاد- وجماعة الإخوان المسلمين.

وظل قسم الاتصال بالعالم الإسلامي على صلة بالمجتمع السنغالي، حتى دخلت الدعوة في آتون المحنة في العهد الملكي وبعهد جمال عبد الناصر، غير أن بعض الطلبة الذين تأثروا بفكر الإمام الشهيد حسن البنا حملوا هذا الفكر وبلّغوه وسط المجتمع السنغالي، حتى أثمر عن جماعة عباد الرحمن، والتي تأسست جنوبي البلاد في يناير سنة 1978م بعد اتصالات عدة، قادتها مجموعة من الإسلاميين المؤمنين بضرورة الحل الإسلامي والمتأثرين بطرح جماعة الإخوان المسلمين خصوصًا.

وفي هذا الحوار يلتقي (إخوان أون لاين) مع "موسى فال" أحد قيادات جماعة عباد الرحمن السنغالية، وأحد الأسماء المهمة في الحركة الإسلامية بالسنغال، وذلك خلال زيارته للعاصمة التركية أنقرة قبل أيام.

وتقع السنغال في أقصى غرب إفريقيا ويحدها شمالاً موريتانيا وجنوبًا غينيا كوناكري وغينيا بيساوو، وغربًا المحيط الأطلسي، وشرقًا جمهورية مالي، ويبلغ عدد سكان السنغال 12 مليون نسمة.

والتحق "موسى فال" في بداية تعليمه بمدرسة فرانكو عرب؛ لدراسة العربية والفرنسية، وسافر بعدها إلى السودان؛ ليلتحق بالمركز الإسلامي الإفريقي؛ حيث حصل على شهادة الثانوية ثم رجع إلى السنغال؛ ليدخل جامعة دكار قسم اللغة العربية، فحصل على الليسانس والماجستير، قبل أن ينتقل إلى ليبيا؛ لينال الماجستير في علوم التربية، ثم عاد للسنغال مجددًا؛ حيث يعمل في وزارة التربية ويعطي دروسًا في جامعة تياس الحكومية وبكلية الدعوة الإسلامية التابعة لليبيا، مع مواصلة الدراسة لتحضير رسالة الدكتوراه.

في البداية نود التعرف على الإسلاميين بوجه عام في السنغال وظروفهم وأحوالهم.

السنغال تعرفت أولاً على الإسلام الصوفي؛ حيث لعبت الطرق الصوفية دورًا كبيرًا في نشر الإسلام والحفاظ عليه، لذا فللطرق الصوفية عندنا الوزن الأكبر، وتعرف السنغال حاليًّا ثلاث طرق صوفية أساسية الطريقة التياجانية والطريقة القادرية والطريقة المريدية، وهناك أيضًا طرق أخرى أقل شعبية.

وقد كانت العربية هي اللغة الرسمية والمتداولة في السنغال إلى ما قبل الاستعمار وقبل وصول فرنسا في القرن السادس عشر التي قامت بكل المحاولات لطمس الهوية العربية الإسلامية ووضعت شروطًا صعبةً جدًّا لفتح المدارس القرآنية وما إلى ذلك، فيما يدعم بناء المدارس الفرنسية.

وفي أربعينيات القرن الماضي بدأت البعثات الطلابية تتوجه إلى بعض الدول العربية، مثل المغرب والجزائر ومصر والسودان والسعودية وهؤلاء الشبان عندما ذهبوا إلى الدول العربية تعرَّفوا على الحركات الإسلامية الإصلاحية، فمثلاً لما ذهبوا إلى الجزائر تأثروا كثيرًا بحركة ابن باديس، وفي مصر رأوا حركة الإخوان المسلمين، وفي السعودية أيضًا رجع بعض الأخوة متأثرًا بالفكر السلفي.

وبعد رجوعهم أسسوا حركات للعمل الإسلامي والدعوي، لكن في بدايتها شكَّلت عملاً ثقافيًّا غير منظم بكل معنى الكلمة؛ فتأسس ما يسمى الاتحاد الثقافي الإسلامي، كما تأسّست حركة الفلاح السلفية وهذه الحركة تأثرت بمدارس الفلاح بالسعودية وكان زعيم هذه الجماعة يُسمّى السيد محمود باه، وهكذا بدأت تنتشر فكرة الدعوة الإسلامية المعاصرة في السنغال، هذا بخلاف الحركات الصوفية.

ويوجد في الساحة السنغالية حاليًّا ثلاثة تيارات إصلاحية كبرى أولها تيار شمولي يعمل بمنهج الإخوان المسلمين، والثاني تيار سلفي يعمل تحت اسم جمعية كبيرة هي حركة الفلاح ويتزعمها عدد من الأساتذة والطلاب الذين تخرجوا في المملكة العربية السعودية، والثالث التيار التبليغي وهي ليست كثيرة، لكن موجودة وبعضهم يخرجون ويدعون وهكذا، وهذه تقريبًا هي التيارات الثلاثة التي تسود الساحة السنغالية الدعوية.

وما نشاطات كل واحد منها وتأثيره في المجتمع؟

أولاً: التيار السلفي لديه مدارس وبعض المجالس في المساجد التي يلقون فيها الوعظ والدروس، لكن ليسوا منتشرين كثيرًا، في السنغال لأنهم بدءوا يظهرون مؤخرًا، وأما التيار التبليغي فلا تراه كثيرًا وفي بعض الأحيان يأتي بعض الدعاة من باكستان والهند يقومون بالخروج، وهناك بعض من الأخوة السنغاليين يتأثرون بهم، ويتبعونهم ويخرجون معهم.

أما التيار الشمولي الإخواني فهو السائد الآن في ساحة الدعوة السنغالية، لكنه أيضًا منقسم أي لا تمثله حركة واحدة رغم تعدد الحركات التي تحمل الفكر نفسه وتقوم بنفس الممارسات، ويمكن القول بأن هناك ثلاث جمعيات تمثل التيار الشمولي: جماعة عباد الرحمن، ومنظمة العمل الإسلامي، والحركات الطلابية في الجامعة.

أليس لديكم الآليات لجمع تلك الحركات التي تحمل نفس الأفكار؟

نعم بدأنا ذلك مؤخرًا؛ حيث يوجد الآن ما يسمَّى برابطة التجمعات الإسلامية وحاليًّا تترأسها جماعة عباد الرحمن، وهذه الرابطة تضم حوالي 20 منظمةً إسلاميةً تعمل في الساحة السنغالية، لكن- كما قلت لك- يتفاوت مستوى أدائها الفكري والدعوي، وبصفة عامة إذا تحدثت في السنغال عن تيار شمولي أو إخواني، فكل الناس تدلك على جماعة عباد الرحمن.

وما سبب تسمية حركة عباد الرحمن بهذا الاسم وكيف نشأت؟

بالنسبة للاسم، صراحة قبل اختيار هذا الاسم كان هناك اقتراحات كثيرة جدًّا للأسماء، وأخيرًا بعد الاستخارة توصَّلنا إلى هذا الاسم وهي مشتقة من قوله تعالى: ﴿وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا (63) وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا (64) وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا (65) إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا (66) وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا (67) وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (69) إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (70) وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا (71) وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا (72) وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا (73) وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا (74) أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا (75) خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا (76) قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا (77)﴾ (الفرقان)، ونحن اخترنا هذا الاسم تبركًا لا احتكارًا، بل محاولة للاقتداء بالصفات الموضَّحة في الآيات، وهي بمثابة منهج حياة وسلوك لأعضاء الحركة.

وكانت نواة الحركة من بعض الشباب الذين كانوا منخرطين في الاتحاد الثقافي الإسلامي- وكما قلت لك- إنه قد تأسس عام 1953 وكانت جمعية ثقافية أكثر منها دعوية واطَّلع أبناؤها على كتابات الإمام حسن البنا والشهيد سيد قطب، وبدءوا يعملون على إصلاح هذا الاتحاد؛ كي يصبح حركة إسلامية إصلاحية دعوية بكل معنى للكلمة، ولكن تعذَّر ذلك ورفض بعض الشيوخ وفصلوا هؤلاء الشباب.

ومن أهم أسباب فصلهم عن الحركة، أنه في 1976 كان هناك برنامج الحكومة للاحتفال بذكرى السبعين عامًا للرئيس السنغالي الأسبق وهو ليوبولد سيدار سنجور وهو نصراني وهؤلاء الشبان قالوا: نحن لا نشترك في فعاليات الاحتفال بنصراني يتولى حكمنا، ومن هنا حدثت بينهم وبين الشيوخ بعض المشاكل، وبعد الفصل قامت مجموعة منهم بالتعاون مع المؤازرين لهم باتصالات عديدة مع بعض الجمعيات الإسلامية التي كانت ترجو فيها الخير آنذاك لإيجاد صيغة تفتح لهم باب الانضمام إلى إحدى تلك الجمعيات؛ للعمل في إطارها، بدلاً من إنشاء جماعة جديدة؛ خوفًا من زيادة التشرذم القائم آنذاك في ساحة العمل الإسلامي السنغالية.

ولما سُدت الأبواب أمام تلك المحاولات العديدة، التي دامت عدة شهور، استقر الرأي على ضرورة تأسيس حركة جديدة، وأخيرًا خرج هؤلاء الشبان وأسسوا جماعة عباد الرحمن.

وهنا لا يمكن أن نقول إن شخصًا واحدًا كان مؤسس جماعة عباد الرحمن، فليس هناك شخص واحد أتى وأسس، بل هناك عدة شباب وهؤلاء الشبان كان عددهم حوالي 30 شابًا، لكن أهم الوجوه ربما 5 أو 6 منهم مَن كان أول أمير للجماعة وهو الإمام علي جوف- رحمه الله- ومنهم أيضًا الشيخ مالك جآي، وسيد غالي لوح، ومنهم سرين بابو وهو من القيادة الآن، ومنهم الشيخ إبراهيم باه، وهو رئيس مجلس الحكماء في الجماعة وسنشرح هذا عندما نأتي لهيكلية الجماعة فهؤلاء الشبان كما قلت لك تأثروا بالفكر الإخواني وأدبياته؛ فأسسوا هذه الحركة على منهج أهل السنة والجماعة.

وما المبادئ التي تأسست عليها "عباد الرحمن" وانطلقت بها؟

أولاً: أعلنت الجماعة جهرًا أنها تمثل الحركة الإسلامية العالمية في السنغال، ومن أهدافها إقامة مجتمع إسلامي حقيقي في البلاد، وهذا هو الهدف المعلن، وهو هدفنا الذي نسعى إليه وهذا بخلاف الغاية، فالغاية من كل عمل دعوي إسلامي هو نيل رضا الله سبحانه وتعالى، لكن هدفنا في هذه الحركة هو إقامة مجتمع مسلم سنغالي؛ لأننا رأينا أن السنغال كانت بلادًا إسلاميةً وسجَّلت في تاريخها دول الأئمة، وهذه الدول كانت تحكم بالإسلام إلى أن جاء الاستعمار.

ونحن نريد أن نرجع إلى إسلامية السنغال، وبهذا نبدأ دعوتنا بالمجتمع السنغالي قبل الانتقال إلى غيرها هذا هو هدفنا.

أما المبادئ فقد وضَّحناها في وثيقة التوجهات العامة للحركة.

هل تقصد هنا بيان الحركة؟

نعم.. أولاً أننا على منهج أهل السنة والجماعة، ونقصد به أننا لسنا من المتصوفين؛ أي لسنا حركة صوفية، ولسنا أيضًا حركة شيعية، لأن هذا مهم ولسنا على منهج آخر، بل نحن على منهج أهل السنة والجماعة، وأما مبادئ الجماعة فيمكن تلخيصها في النقاط الآتية:

الربَّانبة: نحن نؤمن بأن المبدأ الأساسي للعمل عندنا هي الربانية، ونقصد بالربانية غايةً ومصدرًا ووسيلةً، والشمولية، والشورى، والمرحلية والتدرج، والوسطية والتوازن، والواقعية، والاستقلالية، والجماعية، والأخــوة.

وكيف تتم إدارة الجماعة؟

مثل أي جمعية أخرى.. عندنا لوائح توجيهية وهي الميثاق والتوجهات العامة ودليل التوجهات العامة وهي إسلامية بحتة، وهناك بالإضافة إلى ذلك لوائح قانونية والدستور واللوائح الداخلية ودليل الإجراءات، فهي إدارية.

لكنْ هل من الممكن أن توضِّح ما المقصود بدليل التوجهات العامة؟

التوجهات العامة هي الوثيقة التي ترسم لنا المبادئ والمنطلقات التي وضَّحناها، أما آليات تنفيذ هذه المبادئ تسمى بالدليل، مثلاً، كيف نقوم بالشورى؟ هل هي ملزمة أم غير ملزمة؟، العمليات الإجرائية.. إلخ.

نأتي إلى الهيئة الإدارية أو الهيكلية الإدارية، عندنا المؤتمر العام، وهذا يتم كل خمس سنوات، وبعد المؤتمر العام يوجد مجلس الشورى، وهذا المجلس يجتمع كل 6 أشهر، ثم بعد ذلك تأتي القيادة وهذه القيادة نسميها بالإمارة: إمارة جماعة عباد الرحمن، وهذه الإمارة منتخبة من المؤتمر العام، وهي مكونة من 11 شخصًا والمسئول الأول نسميه أمير جماعة عباد الرحمن، ففي المؤتمر ينتخب المندوبون أعضاء الإمارة.

وقد حضر في المؤتمر الأخير في 2007 عدد المُؤتَمِرين 425 شخصًا.

هل تقصد هنا أن هؤلاء هم المندوبون عن المدن؟

نعم، وهم ينتخبون للإمارة 11 شخصًا، وهؤلاء بعد ذلك ينتخبون ثلاثة أشخاص وبحسب الأصوات يخرج من الثلاثة الأمير ونائبه الأول ونائبه الثاني، وهذه الإمارة هي القيادة العليا للحركة- وكما هو موضح في الدستور- هي الهيئة التي تأخذ القرارات وترسم السياسات العامة للجماعة أي أنها تدير العمل وتمثل الشخصية الاعتبارية للجماعة.

يأتي بعد ذلك من حيث الترتيب الأمانة التنفيذية: بما أن الإمارة هي التي تأخذ القرار، فإن الأمانة التنفيذية هي الهيئة المنفذة، وهي تتكون من قسمين، أولاً: رؤساء الروابط الإقليمية، عندنا رابطة إقليمية في كل إقليم، وتحت الرابطة الإقليمية هناك فرع وتحت الفرع توجد الشعبة، والشعبة هي أصغر وحدة وهذا يشبه الترتيب الإخواني، ومجموعة الشعب تمثل الفروع ومجموعة الفروع تمثل الرابطة الإقليمية ورؤساء تلك الروابط هم أعضاء الهيئة التنفيذية.

هذا إلى جانب رؤساء اللجان الفنية، وهي لجان التعليم ولجنة التربية والتكوين ولجنة التجهيزات، ولجنة التنظيم، ولجنة الدعوة والإرشاد، ولجنة الشباب، ولجنة الصحة والشئون الاجتماعية وجميع هذه اللجان تعمل على جميع مستوى بالبلاد، رئيسها يكون عضوًا في الأمانة التنفيذية، وتعتبر همزة الوصل بين القيادة والقاعدة، فالقيادة تأخذ بعض القرارات توصلها إلى الأمانة التنفيذية، وتقوم بتوزيعها على القاعدة.

وبالإضافة إلى هذه الهيكلية هناك شيء نسميه بالحركات المندمجة، وهي تابعة للجماعة مثل الحركة النسائية وهي لها ارتباط بقيادة الجماعة لكنها مستقلة، والحركة الطلابية كذلك، وهناك أيضًا مجلس الحكماء وفي هذا المجلس نجمع كبار الجماعة الذين لم يعودوا يحتلون مناصب تنفيذية؛ بسبب سنهم أو بسبب مرضهم، لكنهم هم عندهم دراية كبيرة بالعمل الإسلامي، ومارسوا الدعوة ويملكون قيمةً معنويةً في الحركة، وهم يقومون بالتوجيه ورسم علاقة الجماعة بالخارج، علاقتنا مع الطرق الصوفية.

وكيف تدعون المجتمع إلى جماعة عباد الرحمن؟

كان مالك انجاي وهو الأمير الثاني للجماعة يقول لنا أنتم حتى الآن لم تقوموا بالدعوة الحقيقية؛ لأن الناس يرون الجماعة من الخارج وسلوكيات أعضائها وتصرفاتهم فانضموا إليها، ونحن في البداية لم يكن عندنا شروط صارمة للانضمام، بل كان كل من يريد أن ينضم، ينضم، وفي بعض الأحيان نترك الشخص يزاول الأنشطة قبل أن ينضم رسميًّا، لكن من شروط الانضمام أن يقتنع الإنسان بفكر الجماعة وينضم إلى الصفوف ويحترم اللوائح الداخلية.

إنجازات الجماعة

وما هي أهم إنجازات الجماعة؟

أهم إنجازات الجماعة في السنغال هي في مجال التعليم والتربية، عندما بدأنا العمل في السنغال وجدنا أن المجتمع السنغالي يسوده نظامان للتعليم: النظام الكلاسيكي العربي الديني والنظام الفرنسي، واستطاع الاستعمار أن يفصل بينهما، نحن عندما بدأنا قلنا لا بد من إحداث تعليم جديد يجمع بين التعليم الديني القرآني العربي إلى جانب التعليم الرسمي الفرنسي واستطعنا بذلك أن نؤسس مدارس كثيرة، فعندنا الآن أكثر من 13 مدرسة ابتدائية، وهناك أيضًا مدارس إعدادية، ويأتينا طلاب من خارج السنغال.

وقبل ذلك كانت هناك المدارس الكنسية المشهورة بالجودة وكان المسئولون والأغنياء يرسلون أولادهم إليها، لكن بدأ بعضهم الآن يتحولون إلينا بسبب منهجنا الجيد في التعليم، وهناك مجالات أخرى مثل حفر الآبار وبناء المساجد ومستوصفات لعلاج المرضى و3 مستشفيات كبرى وهذا في المجال الصحي.

وفي المجال الاجتماعي بصفة عامة زيارة المرضى وأيضًا زيارة السجون، وفي الفترة الأخيرة عندنا بعض المستشارين في البلديات الحكومية؛ حيث بدأنا الاحتكاك بالعمل السياسي مع أن في السنغال يُحظر تأسيس حزب إسلامي، وتحالفنا مع بعض الأحزاب وحصلنا على بعض المقاعد في البلديات كما ذكرت.

وعندنا أيضًا في المجال الإعلامي مجلة "المسلم" تصدر باللغة الفرنسية شهريًّا، بالإضافة إلى موقع الجماعة على الإنترنت، ونتمتع بثقة تامة.

هذا بالإضافة إلى النشاطات الصيفية من مدارس القرآن الصيفية.

فالطالب لا يجد فرصة في المدارس لتعلم القرآن بشكل جيد، فنحن جاءت إلينا فكرة المخيمات أو المعسكرات الصيفية لتعليم القرآن فقط، وهو منقسم إلى مدرسة قرآنية للبنين، ومدرسة قرآنية للبنات وهي من أهم أنشطتنا لنشر الالتزام الديني.

وهل يوجد للمنضمين مراحل تربوية معينة؟

نحن بسبب أننا جماعة رسمية فكثير من الشباب يأتي وينضم مباشرة. لذلك نظام الدعوة الفردية ليست منظمة بدقة، ولكن هناك وثيقة التكوين يطبقها الأعضاء ومن أهم إنجازاتنا أن أي شاب ملتزم في المجتمع السنغالي يطلقون عليه اسم عباد، فالشخص الملتحي أو المرأة المحجَّبة يطلق عليه عباد الرحمن. وبفضل الله الجماعة استطاعت أن تصبغ المجتمع السنغالي بالصبغة الإسلامية.

و بالنسبة للمراحل التربوية- كما ذكرت لك- عندنا دليل التكوين يحتوي على ستة مجالات (المجال الروحي النفسي، المجال العلمي والفكري، المجال الجسدي، المجال الحركي، المجال الاجتماعي)، ولكل مجال آليات خاصة من صلوات جماعية وصوم جماعي والاجتماع الأسبوعي وما يتم فيه من دراسات، وفي الجلسة الأسبوعية يتم أيضًا دراسة وضع الدعوة، وكيف يقومون بالدعوة في المجتمع من زيارة المرضى، وإغاثة الملهوف وإلى تقديم الخدمات وغيرها.

النشاط السياسي

هل لكم نشاط سياسي منذ تأسيس الجماعة؟

التجربة السياسية بالنسبة للجماعة مرت بـثلاث مراحل.

أولاً: منذ نشأة الجماعة عام 1978 تقريبًا إلى التسعينيات كنا منعزلين تمامًا عن السياسة.

وفي المرحلة الثانية في بداية التسعينيات، وبالتحديد في 1993 أصبحنا مؤيدين لبعض الأطراف أو الأحزاب التي تكون قريبة من الإسلام، وعندها خدمات وبرامج مقبولة وهذه فترة التأييد والتحالف.

أما المرحلة الأخيرة فقد بدأت في السنة الماضية؛ حيث إننا دخلنا بأشخاصنا تحت أحزاب أخرى؛ لأنه ممنوع- كما قلت لك- تأسيس أحزاب على أسس إسلامية، إذن في الأصل الجماعة ليست سياسية لكننا رأينا أنه من الواجب علينا المشاركة والإدلاء بدلونا في هذا الأمر، وبالنسبة للتفكير في إنشاء حزب نحن أمامنا خياران، الأول الانضمام إلى أحزاب أخرى قريبة للعمل الإسلامي وجعلها الجناح السياسي أو أننا في طور التحاور والتشاور في إنشاء حزب سياسي لأننا في الأصل حركة دعوية لا يمكن أن تتحول بكاملها إلى العمل السياسي؛ لأنها حركة محترمة وتحظى باحترام المجتمع، فتحويل الحركة كلها إلى حركة سياسية بحتة ليس أمرًا مستحسنًا.

هل تعطينا صورة عن علاقتكم بالحركة الإسلامية العالمية؟

نحن نؤمن أننا جزء من الحركة الإسلامية العالمية وهذه واضحة في توجهنا العام ولنا تعاون في الساحة العالمية؛ حيث إننا نعتبر أنفسنا ممثلي الحركة الإسلامية العالمية في السنغال.

وما العقبات التي تواجه الحركة الإسلامية في السنغال بوجه عام؟

طبعًا لا يخلو الوضع من عقبات فهناك أهم عقبة عندنا هي تأثير الاستعمار الفرنسي، وفرنسا تمسك بالسنغال، وأثرت عليها تأثيرًا شديدًا لأنهم يريدون أن يسيطروا على تلك المناطق، خاصة السنغال التي تعتبر مدخل غرب إفريقيا؛ لذلك تصر على البقاء فيها عبر العزو الثقافي الفرنسي.

وهناك أيضًا علمانية البلد خاصة في دولة 95% منها مسلمون فهذه مشكلة أحيانًا تعوق بعض الأنشطة لا نستطيع أن نقوم بها ولا بد أن نعترف أن العمل الإسلامي في السنغال يعاني من بعض الصعوبات بوجه عام.

المشكلة الأخرى هي المشكلة الاقتصادية، فالسنغال ليست دولة غنية وعندنا طموحات كبيرة ببذل الجهود في المجال الاقتصادي، ولم نقم بعد بتأسيس مؤسسات اقتصادية كبيرة؛ بسبب الوضع المادي مثل باقي الدول الأخرى ذات الإمكانيات المادية القليلة جدًّا.

ونرى أن بداية الحل بتوحيد الصف، وهناك مكونات دعوية كثيرة يجب أن تتحد، والغريب أن أكثر هذه المكونات تؤمن بفكر ومنهج واحد وهو المنهج الشمولي، وعلى الرغم من ذلك يختلفون من حيث التنظيم.

وكيف تتفاعلون مع قضايا المسلمين العالمية؟

فلسطين بالنسبة لنا هي المحور الأساسي للعمل، فقضية فلسطين محور يمكن أن يجتمع حوله الدعاة والنشطاء الإسلاميون ونحن في جماعة عباد الرحمن أقمنا يومًا تضامنيًّا مع فلسطين، وكان في الاستاد وتبرَّع فيه رئيس الجمهورية بـ2 مليون فرنك وجمعنا الملابس ودعونا السفير الفلسطيني وتبرعت النساء بحُليِّهن وغير ذلك، وقدمناها لإخواننا، بالإضافة إلى المظاهرات التي سُيِّرت؛ دفاعًا عن القدس والأقصى في كل أنحاء السنغال.

وأيضًا في أحداث العراق وأحداث غزة الأخيرة قام الشعب بتسيير المظاهرات والاحتجاجات ضد وجود الصهاينة في أرض السنغال.

وبالمناسبة أنا أصدرت كتابًا أسميته بالنظام العالمي الجديد والشباب المسلم، وهو يعرض بوجه عام ملخصًا عن أفكارنا، فنحن نرفض سعي أمريكا لفرض هيمنتها على العالم، ورأينا أنّ على العالم الإسلامي أن يرفض هذه الهيمنة الغربية والأمريكية على مقدساتنا وبلادنا، ولا يمكن أن نواجه هذه الهيمنة إلا بالوحدة الإسلامية.

للمزيد عن الإخوان في السنغال

كتب متعلقة

ملفات وأبحاث متعلقة

.

مقالات وأخبار متعلقة