تقرير برلمان الإتحاد الإوروبي

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
لم تعد النسخة القابلة للطباعة مدعومة وقد تحتوي على أخطاء في العرض. يرجى تحديث علامات متصفحك المرجعية واستخدام وظيفة الطباعة الافتراضية في متصفحك بدلا منها.
تقريـر برلمان الإتحـاد الإوروبـي ... رؤيـة مختلفـة



لم أسعد كما سعد البعض مما جاء بتقرير برلمان الإتحاد الأوروبي عن إنتهاكات حقوق الإنسان في مصر، وليس مبعث عدم سعادتي أني أعتبر ذلك تدخلا في شئون مصر الداخلية فالعالم لم يعد كما كان بالأمس جزر متقطعة لا يؤثر بعضها في بعض بل صار وحدة واحدة وكيان متقارب يتأثر كل جزء منه بما يحدث في الجزء الآخر وإلا فلماذا تهتم أمريكا وإسرائيل مثلا بما يحدث في إيران ولبنان؟ ولماذا تتأثر مصر بما يحدث في فلسطين؟ ولماذا تتدخل أمريكا وإيران وتركيا في العراق؟ إذن فما يقال من أن ما جاء بتقرير البرلمان الأوروبي من إنتهاكات لحقوق الإنسان تدخل في أمر داخلي لا يهم إلا مصر أمر لم يعد مقبولا. إذ لا شك أن هناك دولا تتأثر بذلك ومنها بعض دول الإتحاد الأوروبي وهي الدول التي مات بعض شبابنا على أبوابها وفي شواطئها هربا من وطنهم وما يعانون فيه من بطالة وضياع وإنتهاكات لحقوقهم الإنسانية، فهذه الإنتهاكات والضياع هو الذي دفع بهم إلى هذه الهجرة غير الشرعية والتي يمكن أن تسبب لبعض الدول وخاصة الغنية منها متاعب في إستيعابها ثم بعد ذلك نقول أن هذا شأن داخلي لا شأن لأحد به، إن هذا يشبه تماما من يحرم إبنه من الطعام والكساء والحرية فيلجأ الإبن لجاره لكي يطعمه ويسقيه ويأويه وعندما يحاول هذا الجار التدخل لدى الأب يرد عليه الأب قائلا إن هذا أمر عائلي بيني وبين إبني لا دخل لك به.

فليس عدم سعادتي بهذا التقرير إذن ما يردده البعض من تدخل في أمور مصر الداخلية وإنما مبعث عدم سعادتي هي الحفاوة التي قوبل بها هذا التقرير من البعض ظنا منهم أن ذلك يمكن أن يكون سببا في تحسن الأمور فيما يتعلق بإنتهاكات حقوق الإنسان في مصر، هذه الحفاوة التي تشعرنا أننا نعتمد كل الإعتماد على غيرنا لكي يخلصنا مما نحن فيه من ممارسات ضقنا ذرعا بها منذ أمد بعيد ولكننا للأسف الشديد لم نفعل أي شيئ في سبيل القضاء عليها والخلاص منها. هناك مبدأ أومن به أشد الإيمان وهو أنه لا أحد يحارب قضية أحد وإذا أردت أن تقف الناس إلى جوارك وأن تؤيدك وتؤازرك فعليك أنت أولا أن تقف إلى جوار نفسك وتحارب من أجل قضيتك هنا يمكن أن تجد أنصارا للحق يقفون إلى جوارك يساندونك ويؤيدونك ويمدون لك يد العون، أما أن تطلب من الناس مساعدتك للتخلص من مشاكلك وأنت نائم لا تحرك ساكنا فهذا أمر ضد الطبيعة البشرية، عندما كنا نخوض معركة الإنتخابات التشريعية السابقة تصور البعض أن هذه الإنتخابات ستجري في جو ديموقراطي ليس لأن الشعب سيقف وقفة رجل واحد من أجل الدفاع عن نزاهة الإنتخابات ولكن لأن وزيرة الخارجية الأمريكية أعربت عن أملها في أن تكون هذه الإنتخابات نزيهة وحرة، وفجأة وجدنا الحكومة تتدخل فيها بشكل سافر لم يسبق في أي إنتخابات جرت في مصر وأصبحت تتصرف فيها بكل ما أوتيت من قوة من أجل الحيلولة دون أن تسفر عن نتائج لا ترضى بها وعندئذ بدأ الناس يفيقون ويقولون إن أمريكا غيرت رأيها وسمحت للحكومة المصرية بالتدخل فيها لأن الحكومة المصرية أقنعت الحكومة الأمريكية أن بديل عدم تزوير الإنتخابات صعب وهو وجود فئة لا تستطيع أمريكا التعامل معها، وهكذا أصبحت نتيجة الإنتخابات في مصر مرهونة بمشيئة الإدارة الأمريكية وليس المصرية وهي إدارة لا تبحث عن الديمقراطية كأسوب تعامل ولكن تبحث عن ديمقراطية على المقاس وحسب المصلحة بدليل أنه لا أحد يشكك في نزاهة الإنتخابات الفلسطينية الأخيرة والتي أسفرت عن فوز حماس بثقة الشعب الفلسطيني ورضخ رئيس السلطة وكلفها بتشكيل الحكومة وبعدها قامت الدنيا ولم تقعد من أولها لآخرها في عنف لم يحدث عند وقوع أشد الإعتداءات من إسرائيل على الشعب الفلسطيني لمجرد أن الشعب الفلسطيني إختار بإرادته الحرة وكأنه دون شعوب العالم ليس له حق في هذا الإختيار، حتى مصر التي تغضب الآن من تقرير برلمان الإتحاد الأوروبي بإعتباره تدخلا في شئونها الداخلية غضبت وحزنت من هذا الفوز وساهمت بكل إمكانياتها في الحصار المقرر على الشعب الفلسطيني عقابا له على هذا الإختيار الغير مرضي عنه، فإذن أمريكا والغرب لا يحبان لنا الديمقراطية التي يمارسونها هم إلا إذا كانت نتائجها ترضيهم أما إذا كانت تختلف معها فإن الدكتاتورية والظلم والفساد وإنتهاكات حقوق الإنسان هي التي نستحقها وجديرون بها.

يحزنني ويقض مضجعي ويؤلمني كثيرا أن ننتظر من غيرنا عربا كانوا أو فرنجة أن يحاربون قضيتنا وأن يحلون لنا مشاكلنا مثل العجزة والمعوقين الذين لا حول لهم ولا قوة رغم أن الحلول التي تأتي من الخارج لا تحل مشاكلنا من جذورها ولا تقضي عليها قضاءا مبرما بل تكون في شكل مسكنات يزول مفعولها بعد زمن قصير ويعود الألم أشد مما كان ويتمكن الداء بحيث يصعب علاجه فيما بعد إن لم يستحيل.

نتائج التقرير كما أشارت الصحف هو تخفيض بعض المعونات أو منعها وهذه المعونات في الحقيقة هي المسكنات التي تضر بنا أكثر مما تنفعنا وتضعنا في موضع المستجدي الضعيف الذي يتسول لقمة العيش حيث لا يستطيع أن يحصل عليها نتيجة جهده وعرقه، ولو أن هذه المساعدات جميعا منعت عنا لكان في ذلك حافز لنا لإزالة الألغام من أرضنا وإستصلاحها وزراعتها حتى نأكل من عرق الجبين، هل يتصور أحد أن مصر تبكي وتتذلل من أجل مائة مليون دولار معونة أمريكية تزمع أمريكا قطعها عن مصر؟ مائة مليون دولار تطالعنا الصحف يوميا بقيام مستثمر أو موظف في بنك بالإستيلاء عليها أو إختلاسها والهروب بها إلى الخارج دون أن تستطيع يد العدالة أن تمتد إليه، مائة مليون دولار لا تكفي لإقامة بناية يسكن فيها علية القوم بل هي مصاريف حفل يقيمه أحد أثرياء العصر دون أن يجرؤ أحد أن يسأله من أين لك هذا ؟

هل عرفت أخي لماذا هم لم أسعد كما سعد البعض بما جاء بتقرير برلمان الإتحاد الأوروبي عن إنتهاكات حقوق الإنسان في مصر؟ لأن هذا التقرير لن يقضي على هذه الإنتهاكات ولن يخفف حتى منها بل سنستمر إلى وقت إعداد التقرير الذي يليه لأن أوروبا ليست جادة في القضاء على هذه الإنتهاكات ولأن مصر حريصة عليها حرصها على بقاء نظام الحكم الذي يقوم بهذه الإنتهاكات ولأنك أخي المصري لا تفعل أي شيئ في سبيل القضاء على هذه الإنتهاكات سوى البكاء والعويل والصراخ ولطم الخدود على الأحباب الذين راحوا ضحية هذه الإنتهاكات، ترى لو شعر من يقوم بهذه الإنتهاكات بالخطر على نفسه وعائلته وماله وأنه مهدد لا يستطيع الخروج من منزله أو يأمن على ماله وأولاده من الانتقام ممن قام بإنتهاك حقوقهم الإنسانية، تري سيقدم على ذلك حتى تحت وطأة أمر يصدر إليه ممن يملك إصدار هذا الأمر؟ أعتقد أنه لن يقدم لأنه يشعر أن من أصدر إليه الأمر غير قادر على حمايته أما الآن فإنه يعلم تمام العلم أن ما يقوم به ليس محميا فقط ولكن هو السبيل إلى الترقي والوصول إلى أعلى المناصب في الدولة وهو السبيل الصحيح لكي يرى نفسه أولاده وكل من يهمه في أحسن حال وأفضل معيشة، هل بعد ذلك نتوقع أن نرى تحسنا في أحوال حقوق الإنسان في مصر لمجرد أن برلمان الإتحاد الأوروبي وضع تقريرا يدين فيه هذه الإنتهاكات، هيهات ثم هيهات عشم إبليس في الجنة.