ترى أيها الفارس الشجاع

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
مراجعة ٠٦:٢٣، ٦ ديسمبر ٢٠١٠ بواسطة Helmy (نقاش | مساهمات) (حمى "ترى أيها الفارس الشجاع" ([edit=sysop] (غير محدد) [move=sysop] (غير محدد)))
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
ترى أيها الفــارس الشــجاع ... ، هل هذا هو الوقت المناسب للرحيل



بقلم: المستشارمحمـود الخضـيري


عندما سمعت نبأ رحيل الكاتب الكبير/ مجــدي مهنا. في وقت متأخر من الليل إنتابني شعور مختلط من الحزن والأسى والرعب والتشاؤم والخوف من المستقبل وهي ذات الأحاسيس التي تنتاب الجندي أثناء القتال عندما يسمع نبأ إستشهاد قائد كبير يعلق الجند عليه أملا كبيرا في النصر في معركة شرسة غير متكافئة، هل يماري أحد في أننا في مصر نمر بمرحلة حرجة في الكفاح من أجل تحرير إرادتنا في أن يكون لنا رأي في إختيار من يحكمنا، وأن نضع في مراكز القيادة من يمكن أن يصل بنا إلى بر الأمان ويخرجنا من هذا النفق المظلم من المشاكل التي تحاصرنا من كل جانب ولا نرى أي بارقة أمل في حلها والقضاء عليها، بل نسمع من يقول بكل ثقة أنه لا توجد بطالة ولا غلاء ولا أزمة مساكن ولا معتقلات ولا سجون تعج بالشرفاء والمناضلين ولا أزمة مياه أو خبز بل إن الإقتصاد في تحسن ومستوى المعيشة في إرتفاع، وخلاصة كل ذلك أننا نعيش أزهى عصور الديمقراطية بما فيها من وفرة في العيش وإرتفاع في الأجور وغزارة في الإنتاج والحياة وردية كما يتمنى أي إنسان أن يعيشها بل إن الحرية أكثر مما يجب ولذلك لابد من إصدار بعض القوانين التي تقيدها بعض الشيء وتقضي على الباقي من الإرهاب حتى تكون مصر حقيقة بلد الأمن والأمان.

في ظل هذا الجو لم يكن الشعب المقهور يجد متنفسا لما يشعر به من قهر وظلم سوى مقالات بعض الكتاب المحترمين المناضلين من أجل هذا الوطن وكان على رأس هؤلاء الفارس/ مجدي مهنا.، كان عموده اليومي في المصري اليوم ينزل بردا وسلاما على أنفسنا المكلومة مما نراه في بعض الصحف الأخرى من نفاق يصيب الإنسان بالغثيان – ويشعر الناس أن شياطين الإنس قد سيطروا على الحياة في مصر بحيث لم يبق فيها مكانا للشرفاء ولا من يعملون لمصلحة الوطن ومن أجل القضاء على مشاكله، لم يترك رحمه الله مشكلة إلا وتصدى لها وإقترح لها الحل المناسب أو طالب المسئولين بحلها، من متابعتي لعموده اليومي وبرنامجه كنت أسأل نفسي هل بقي لمجدي مسئول كبير على صلة طيبة به، إنه لم يترك مسئولا أخطأ إلا وجه له سهام نقده الموضوعي في جرأة وشجاعة منقطعة النظير، ومن هذا المنطلق يمكن أن نفهم إصراره على تحمل نفقات علاجه رحمه الله من ماله الخاص ورفضه قبول العلاج على نفقة الدولة لأنه كان يشعر أن هذا يمكن أن يكون دينا في عنقه لمن يساعده على ذلك يمكن أن يقيد قلمه الجريء عن نقد هذا المسئول الذي سيساعده على ذلك عندما يخطئ خاصة وأن المسئولين في مصر يشعروننا دائما أن ما ينفقونه علينا هو من أموالهم الخاصة وليس من أموال الدولة التي يغترفون منها بلا حساب أضعاف ما ينفقونه على هذا الشعب المقهور الذي لا يناله منها إلا الفتات ومن هنا كان رفضه رحمه الله قبول العلاج من مرضه على نفقة الدولة رغم أنه أحق بهذا الإنفاق من كثير ممن تتولى الدولة علاجهم على نفقتها الخاصة.

معركتنا مع الحرية والديمقراطية الحقيقية ومقاومة الفساد وتحقيق الرخاء والرفاهية لشعب مصر طويلة وهي في مراحلها الأولى وكنت أخي مجدي من كبار فرسانها وقد تركتنا في أوج إحتدامها وكنا في حاجة ماسة لك تضرب بيد من جديد على أوجه الفساد والمفسدين وتحارب المزورين وتدوس على المنافقين الذين أفسدوا الحكام بنفاقهم وأفسدوهم علينا حتى صاروا لا يرون إلا النفاق ولا يستطيعون سماع كلمة الحق تقال لهم بل ويعتبرون كلمة الحق عيبا لا ينبغي قولها ومن يقولها مجرم يحق عقابه والقضاء عليه.

لقد سبق لي أن أطللت أخي مجدي من نافذتك في الممنوع سواء من خلال برنامجك في التليفزيون أو بابك في صحيفة المصري اليوم وأشهد أنك لم تتحرج من أي كلمة من كلامي قلتها في حق مسئول كبير أم صغير كما يتحرج غيرك رغم أنك ستكون مسئولا معي عما أقول ولكن جرأتك في الحق وقلبك الشجاع وضميرك الحي وحبك لمصر كانوا يحولون دون أن تمنع كلمة حق لا يراد بها إلا وجه الله والوطن.

كنت أشعر عندما أقرأ لك أن همك الأول مصر وشغلك الشاغل تحقيق الحرية لهذا الشعب والرخاء والمستقبل المشرق لأبنائه، وغرس العزة والكرامة في هذا الجيل حتى يشب عليها فيستطيع أن يحرر إرادته من القهر وإقتصاده من الإعتماد على المعونات الخارجية التي أشاعت في الحكومة الإتكالية والإعتماد على الغير حتى في رغيف الخبز، ولم تكن تشغلك المشاكل الكبرى وهموم الوطن عن مشاكل الناس الفردية حتى تدخل السرور والأمل إلى حياة الناس البسطاء الذين لا يجدون عونا على حل مشاكلهم إلا اللجوء إليك لعرض قضاياهم على المسئولين أو القادرين على حلها.

عندما كنا معتصمين في نادي القضاة من أجل الدفاع عن إستقلال القضاء ونزاهة الإنتخابات ومحاولة النيل من الشرفاء في حين تحرص الحكومة على إيواء المزورين ومساعدتهم الدفاع عنهم بل ومكافأتهم بالعطايا والمنح، كنت أخي مجدي لا تكف عن زيارتنا لشد أزرنا وكان بابك في الممنوع السلاح المشهر في وجه كل من يحاول النيل منا وتشويه صورة ما نقوم به من كفاح من أجل تحقيق المبادئ التي ندعو إليها وندافع عنها0

أخي مجدي إن كنت في حياتك لم تشعر برضا المسئولين عنك ولا يريحهم ما تقول وتعمل، فإن الحب والإحترام الذي كنت تتمتع به من الشعب أفضل بكثير وأبقى من تقدير هؤلاء المسئولين، وهذه هي الجائزة الكبرى التي ينالها كل من يقول كلمة الحق ويصدع بالرأي الجريء ويقاوم الظلم والطغيان ويسعى لتحقيق الحرية والرخاء.

أشهد أخي مجدي أنك كنت رمانه الميزان لكل ما أقول أو أعمل، وكنت عندما أراك تشاطرني الرأي في أمر أعلم أنه الصواب رغم سهام النقد التي كانت توجه إليه وتحاول النيل مني ومن التصرف الذي قمت به، فرأيك في نظري كان الرأي الصواب لعلمي أنه يصدر عن بصر وبصيرة وقوة في الحق ورغبة في الإصلاح وأنك لا تبغي بما تقول إلا وجه الله والوطن.

أخيـــرا .. أقول لك أيها الفــارس الشــجاع لقد غادرتنا ونحن في أشد الحاجة إليك فارسا تدافع عنا وتحمينا من جحافل العدوان على الحرية والديمقراطية وإستقلال القضاء، شاهرا سيفا تضرب يمنة ويسرا لا يقوى عدو من النيل منك بإغراء أو تهديد أو وعيد، وما يعزينا في فقدك أنك تركت فينا من المبادئ والقيم ما لا تقدر قوة في الأرض على التغلب عليه وأن مصر التي أنجبتك لقادرة على إنجاب العشرات ممن زرعت فيهم حب التضحية والجهاد في سبيل رفعة الوطن وعلو شأنه ونأمل أن تستريح في رقدتك عندما ترى أملك يتحقق وكفاحك يثمر على يد إخوتك وأبنائك ممن شربوا من ينبوع أفكارك ومبادئك التي غرستها فيهم وأن يكون ذلك مضافا إلى ما تلقاه من ربك من نعيم دائم في جنات الخلد التي وعد الله بها أمثالك من المناضلين من أجل عباده المقهورين الذين يرفعون أكف الضراعة في كل وقت بالدعاء لك أن يثيبك الله بما قدمت لهم جنات تجري من تحتها الأنهــار.