تذكروا جرائم النظام الفاسد في سورية ذكرى مجزرة حماة

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
تذكروا جرائم النظام الفاسد في سورية ذكرى مجزرة حماة
مشاهد من مجزرة حماة عام 1982م

في شهر شباط من كل عام تحلّ بنا ذكرى ( مجزرة حماه – شباط 1982 ) التي ذهب ضحيتها أكثر من ثلاثين ألفاً من الأبرياء، أغلبهم من النساء والأطفال داستهم بساطير العسكرتاريا الثورية التي رفعت شعار: العنف الثوري للحزب، أسلوباً ومنهجاً في تصفية كل مخالف، تجليا في كثير من الكلام والممارسة،

نعدّ منها على سبيل المثال لا الحصر ما يلي:

في خطابه أمام المؤتمر القطري السابع للحزب الذي عقد في دمشق بتاريخ 6/1/1980 – يقول رفعت الأسد، ملمحاً إلى رغبته في ممارسة قتل كل معارضة سياسية: (إن ستالين أيها الرفاق قضى على عشرة ملايين إنسان في سبيل الثورة الشيوعية واضعاً في حسابه شيئاً واحداً فقط هو التعصب للحزب ولنظرية الحزب، فالأمم التي تريد أن تعيش أو أن تبقى تحتاج إلى رجل متعصب وإلى حزب ونظرية متعصبة). ورفعت الأسد كما يعلم الجميع كان قائداً ( لسرايا الدفاع ) مليشيا النظام وذراعه الضاربة التي ارتكبت أبشع المجازر في مدينة حماة .

قبل مجزرة حماة بأيام وبتاريخ 27/1/1982 أعلن وزير الداخلية السوري (عدنان دباغ) بأن المعارضين المسلحين في مدينة حماة لا يزيد عددهم على الثلاثمائة وهم فئة قليلة، و نتساءل: هل يقتضي مثل هذا العدد القليل حشد كل تلك القوات البرية والجوية التي دمرت المدينة وقتلت ما يزيد على الثلاثين ألفاً من ساكنيها ؟.

في شهادة أحد ضباط سرايا الدفاع من اللواء المتحرك الذي يقوده العقيد ( علي ديب ) بتاريخ 28/1/1982 ورد الكلام التالي: دعانا قائد اللواء نحن الضباط للاجتماع بقيادة اللواء وقال لنا في الاجتماع: (لقد جاءتنا أوامر صريحة من القائد الفريق حافظ الأسد بضرب كامل المدينة)، حيث كان لواؤنا منتشراً في داخل مدينة حماة. وأضاف قائد اللواء: ( علينا تنفيذ الأوامر، والغاية قتل وتهجير أكبر عدد ممكن من أهالي مدينة حماة). ويضيف هذا الضابط: أيقنت وقتها أنّ المطلوب تدمير المدينة.

لما سئل الصحفي البريطاني المشهور (باتريك سيل) في لقائه مع قناة الجزيرة، عن مجزرة حماة قال: (عدد القتلى يتراوح بين خمسة آلاف وخمسة عشر ألفاً – حسب تقديره - وأضاف: المجزرة الحقيقية حدثت بعد استسلام المدينة والانتهاء من جيوب المقاومة )

لا نحب أن نسترسل في سرد أحداث المجزرة، فلقد كتب الكثيرون عنها حتى إنّ بعضهم سماها (مأساة العصر)، لكننا نحب أن نذكّر بهذه العجالة ببعض العناوين الهامّة في إطار المأساة حتى لا تغيب عن الذاكرة:

ليست مجزرة حماة استثناءً في تعامل النظام مع المعارضة الشعبية وإن كانت أشدها بطشاً ووحشية، ولكن النظام تعامل مع كل أبناء شعبنا في مدن وقرى سورية بنفس الطريقة وتشهد على ذلك مجازر (حي المشارقة، وسوق الأحد في حلب، ومجزرة جسر الشغور، وسرمدا، ودمشق، والرقة..الخ ).

وقد تعرض عشرات الآلاف من المعتقلين السياسين في سجون النظام لأبشع أنواع التعذيب، كما تعرض الآلاف منهم للتصفيات الجسدية الفردية والجماعية ، وتقدّر منظمات حقوق الإنسان أنّ ما يزيد على الخمسة عشر ألف معتقل تمّت تصفيتهم في السجون السورية .

كما تعرض الكثير من السوريين الذين نجوا بأنفسهم بخروجهم من سورية، للاغتيال في الخارج، في العديد من الدول العربية والأجنبية (يمكن متابعة أسمائهم على موقع اللجنة السورية لحقوق الإنسان).

دول الجوار جميعها دون استثناء، تعرضت هي الأخرى للتدخل في شؤونها الداخلية، من خلال دعم النظام لمنظمات مسلحة، أو من خلال تدخل مباشر، أو محاولات اغتيال لمسؤولين حكوميين، فكلّ من تركيا والعراق والأردن ولبنان ومنظمة التحرير الفلسطينية.. تعرضت جميعاً لأذى النظام وتدخلات أجهزة قمعه في شؤونهم الداخلية، ومشكلة الأشقاء في لبنان وفي فلسطين ظاهرة وفاقعة، لا تحتاج إلى دليل.

إن سجلّ النظام السوري الأمني وتدخلاته لا تكاد تحصى في داخل سورية وخارجها. وكانت السطوة الأمنية للنظام السوري ووسائل تزوير صناديق الاقتراع هي التي أوصلت نسبة الاقتراع على الرئيس ( حافظ الأسد ) إلى النسبة التاريخية (أربع تسعات). كذلك فإن السطوة الأمنية في المحيط الإقليمي والدولي هي من بين أهم الأسباب التي جعلت للنظام دوراً إقليمياً ووصاية على الآخرين.

واليوم، وفي ذكرى مجزرة حماة، وبعد ثلاثة وعشرين عاماً، يتبين لنا من خلال الممارسات العملية على الأرض أن (الحل الأمني) ما يزال جاهزاً للتطبيق على كل الحالات، فأصحاب ما عرف بـ ( ربيع دمشق ) يرزحون في سجون النظام: النائب رياض سيف، والنائب مأمون الحمصي، والأستاذ الجامعي الدكتور عارف دليله، وغيرهم.. وذلك لمجرد انتقاد أخطاء النظام والمطالبة بالحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، كذلك فإنّ التعامل مع ردود فعل إخواننا الأكراد في مدينة القامشلي على ممارسات النظام القمعية في آذار عام 2004 التي عمّت فيما بعد كل أنحاء سورية، كان بالردّ الأمني القمعي، فقتل وعذب وزجّ بالسجون المئات.

بعد وفاة الرئيس حافظ الأسد بتاريخ 10/6/2000 بدأ الحراك يدبّ في أوصال الشعب السوري وذلك بعد أن شعر المجتمع السياسي السوري بأن متغيرات إقليمية ودولية بدأت تظهر للعيان، وبخاصة بعد انهيار الاتحاد السوفيتي والكتلة الشرقية، وانهيار ما يعرف بالأنظمة الشمولية أو (الدولة الأمنية)، واعتقد الساسة وأصحاب الفكر في سورية أن رياح التغيير بدأت تصل إلى بلدهم، خصوصاً بعد خطاب الرئيس بشار بمناسبة تنصيبه رئيساً، لكنهم فجعوا بأن عقلية النظام السوري الأمنية لم تتغير، وأن خيار النظام ما زال (الخيار الأمني). إلاّ أن حيوية الشعب السوري وبكل شرائحه وانتماءاته تجاوزت الفاجعة، واستمرت تطرح مشاريع التغيير، وأيقنت أن التغيير قادم لا محالة، وانتقلت الطروح السياسية من عريضة الـ ( 99 ) إلى العرائض الأخرى، ومن منتديات المجتمع المدني إلى مشروع (ميثاق الشرف الوطني )، إلى مناهج وبرامج الأحزاب السياسية التغييرية كالمشروع السياسي لسورية المستقبل (رؤية جماعة الإخوان المسلمين)، والمشروع السياسي للحزب الشيوعي (المكتب السياسي)، والبرنامج السياسي لحزب يكيتي الكردي الوطني. وهكذا تفاعلت الأحداث وتتفاعل، واستمرّ الحراك السياسي يدبّ في أوصال المجتمع السوري بكافة تياراته، بعيداً عن الذين بقوا على نهجهم: نهج الحزب الواحد والحلّ الأمني.

إننا نأسف أشدّ الأسف لاستمرار سيطرة العقلية الأحادية الاتجاه، المنغلقة على نفسها، المحتكرة لشؤون ومقدرات الوطن، تلك العقلية التي لم تدرك أبعاد المتغيرات المحيطة بنا وبقطرنا، فالقوات الأمريكية على حدودنا الشرقية، والقرار الدولي رقم /1559/ سينفذ على حدودنا الغربية، والأشقاء اللبنانيون غادرونا إلى الضفة الأخرى، بعد أن وجدوا أنّقرارهم مصادر للمفوّض السامي في (عنجر).

أزفت ساعة الرحيل من لبنان أيها السادرون!.. وفي سورية التي تتفاعل فيها الأحداث من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، تجد مناهج الأحزاب السياسية متقاربة، همّها وطنها وشعبها، وتوحيد قواه أمام هذه التحديات الكبرى، لكنها كلها مفجوعة من مواقف النظام الذي ليس لديه إلا حل واحد هو (الحلّ الأمني).

السياسيون السوريون الوطنيون بدأوا يفكرون بالبحث عن طريق يوصلهم لحل ينقذ الوطن والشعب، فقد يئسوا من مواقف النظام وأصحاب القرار فيه. والدنيا من حولهم كلها في حراك، وأرضهم ووطنهم يهتزّ من حولهم. لقد تنادى الكثيرون لعقد مؤتمر وطني عامّ يضمّ كل القوى الوطنية، يخرج الوطن من أزمته التي أوصلنا إليها النظام بأحادية تحكمه، فهل تتحرّك القوى السياسية الوطنية السورية لعقد هذا المؤتمر قبل فوات الأوان ؟ .

الأحداث لا تنتظر أحدا،ً والتحديات الكبرى تحيط بنا، والإخوان المسلمون كشريحة وطنية، معنيون كغيرهم من شرائح الوطن بالمبادرة مع غيرهم من القوى الوطنية لإنقاذ وطنهم وشعبهم من خلال المشاركة بأي جهد إيجابي بنّاء . فلقد آن الأوان لإخراج هذه الفكرة من الإطار النظري إلى الإطار العملي .

وأخيراً فإنه ينبغي على النظام السوري أن يقتنع معنا بأن الشعب السوري مجتمع راشد، وليس بحاجة لوصاية أحد ليوصله إلى حقوقه في الحرية والديمقراطية والعدل والمساواة. فقد عاش شعبنا السوري الدولة الديمقراطية، ومارس الحريات والتعددية السياسية، بعد حصوله على الاستقلال، في الوقت الذي كانت فيه كثير من دول العالم ما تزال تحت نير الاستعمار، المطلوب من النظام السوري أن يخصص جزءاً يسيراً من تنازلاته، للشعب وقواه الحية، فهو أولى بها، والمصالحة مع الشعب هي أساس مصلحة الوطن، وليست في استجداء القوى الخارجية. فهل يفعل النظام ما يتطلّع شعبنا إليه، أم سيطول الانتظار..؟!


للمزيد عن مجزرة حماة عام 1982م

كتب متعلقة

ملفات متعلقة

مقالات متعلقة

.

تابع مقالات متعلقة

وثائق

وصلات فيديو