تحليل بالوقائع: هل غضب السيسي وتوعده سببه تهديد الجيش لعرشه؟

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
تحليل بالوقائع: هل غضب السيسي وتوعده سببه تهديد الجيش لعرشه؟


هل غضب السيسي وتوعده سببه تهديد الجيش.jpg

كتبه: كريم محمد

(01 فبراير 2018)

مقدمة

"فيه دعوات واضحة للانقلاب على الدولة"، كان هذا تفسير المخابرات الحربية الذي أملته بالتليفون على مذيعها الأمنجي "أحمد موسى"، ليبلغه للمصريين في تفسيرهم لسبب غضب السيسي وتوعده ضد "الأشرار"، ما يشير إلى أن لديه معلومات عن خطة انقلابية ضده، غالبًا من ضباط بالجيش، لهذا يُكثر من الحديث عن "حياته".

ما قالته الأجهزة الأمنية لإعلامييها عن تهديدات موجهة لـ"الدولة"، يقصد به بطبيعة الحال "نظام السيسي" الذي يخلط بين بقائه في الحكم ومصير الدولة المصرية، ولهذا قال الدكتور حازم حسني، أستاذ العلوم السياسية، إن "ادعاء التحريض على الدولة وتهديد استقرارها يشير إلى أنهم يتعاملون مع الدولة المصرية بمنطق لويس الرابع عشر، الذي اعتقد أنه هو الدولة".

وشدد على أن معارضي السيسي لا يحرضون على الدولة وإنما على "نظام يهدد استقرار ووجود الدولة"، ولكن نظام السيسي يحول سلطات الدولة لأدوات تنكيل بخصومه السياسيين.

دلالات التهديدات من الطبقات العليا

كان من المفترض أن يكون خطاب قائد الانقلاب هادئًا؛ لأنه في مناسبة سعيدة له تتعلق بافتتاح حقل "ظهر" للغاز، الذي يدَّعي أنه سيكفي مصر ذاتيا، رغم استمرار نظامه في الاستيراد من الخارج وعقد صفقات مع إسرائيل، كما كان يفترض أن يكون هادئًا في ظل قمع نظامه لأي معارضة، وعمليات القتل والإعدام والاعتقال والسيطرة على البلاد بالحديد والنار.

ومع هذا ظهر غاضبًا، ويتوعد أشخاصا أو جهات غير معلومة حصرها في "الأشرار"، ولا يعتقد أنه كان يتوعد الإخوان الذين قتلهم أو وضعهم في السجون، أو المعارضين اليساريين والليبراليين الذين دعموا انقلابه، ويدرك أنهم لا يشكلون خطرا عليه، فمن الذين كان يتوعدهم؟".

ويمكن الحديث هنا عن سببين لقلق السيسي من الناحية العسكرية:

السبب الأول: القلق من أنصار الفريق سامي عنان في الجيش، وخاصة تلاميذه من القادة الكبار الغاضبين من إهانة قائد سابق للأركان بهذه الطريقة، وسجنه لأسباب واهية تكشف عن رفض السيسي التخلي عن السلطة رغم حديثه الكاذب عن الزهد بها.

ويعزز هذا ما كشف عنه مصدر عسكري مطلع، لموقع "الخليج الجديد"، عن اعتقال 23 قيادة عسكرية في الجيش من الموالين لرئيس الأركان الأسبق الفريق "سامي عنان"، المحتجز منذ الأسبوع الماضي، على خلفية إعلانه الترشح للانتخابات الرئاسية التي ستجرى في مارس.

والحديث عن أن القيادات العسكرية المعتقلة، تضم ضباطا من رتب رفيعة، بينهم 3 من قيادات المنطقة العسكرية الشمالية بمحافظة الإسكندرية، وإيداع الضباط المعتقلين في أحد مقار الاحتجاز التابعة لجهاز المخابرات الحربية، وإخضاعهم لتحقيقات بشأن دعمهم لحملة عنان الانتخابية.

السبب الثاني: تقرير لوكالة رويترز ينقل عن ضباط بالمخابرات الحربية أن الأمن القومي المصري يواجه تهديد انضمام ضباط سابقين بالجيش والشرطة للتنظيمات الإرهابية.

حيث يتحدث التقرير عن تعرض الأمن الداخلي لمصر (أمن نظام السيسي) لتهديدات متزايدة من انضمام ضباط شرطة وجيش سابقين للتنظيمات الإرهابية، واستغلالهم للتدريبات التي تلقوها لمكافحة الإرهاب في الهجوم على القوات التي كانوا ينتسبون إليها في السابق.

وقال التقرير- نقلا عن مسئولين بالمخابرات- إن هناك ما يقرب من 30 ملازما ونقيبا انضموا مؤخرا لتنظيم الأنصار، والذي يقوده هشام العشماوي، وهو ضابط سابق في القوات الخاصة بالقوات المسلحة، وانضم إلى الجهاديين، ويعتقد أنه وراء الهجوم الإرهابي بالواحات العام الماضي.

وتقول وكالة رويترز، إن هذا التهديد العسكري يهدد عرش السيسي أيضا، وإن "الشبكة السرية التي تتبعها جماعة أنصار الإسلام تمثل تحديا أمنيا أصعب مما يشكله متشددو سيناء، إذ أنها تتألف من ضباط سابقين في الجيش والشرطة يستخدمون تدريبهم على مكافحة الإرهاب وعمليات الاستطلاع والمراقبة في مهاجمة أجهزة الأمن التي خدموا في صفوفها يوما ما".

أخطر من "عناصر سيناء"!

وقال مصدر أمني، إن "العناصر الموجودة في الصحراء الغربية أكثر خطورة من الموجودين في سيناء؛ لأن لديهم خبرة عسكرية، يقودهم ضباط سابقون يسلحون أنفسهم بأسلحة متطورة، يتحركون بسهولة نظرا للطبيعة الجغرافية للمكان، فهم يأتون ويهربون إلى ليبيا بكل سهولة، وهناك من يساعدهم في القبائل الموجودة على الحدود، يتعاونون مع مهربي الأسلحة لتهريبهم عبر الدروب الصحراوية".

وقالت المصادر العسكرية المصرية لرويترز، إن

"المعلومات عن هذه المجموعات قليلة عنهم، مثل تلك المجموعات لا يمكن أن تقضى عليها بين يوم وليلة؛ لأنها تعمل على تنفيذ هدف ثم تختبئ لاستجماع قواها وترتيب أوراقها".

وقال ضابط في جهاز أمن الدولة المصري لرويترز:

"صاروا أقوى لأنهم بعد كل عملية يمكثون طويلاً لحين ضم أعداد جديدة وأسلحة جديدة وعلاج من أصيب منهم، فهم يعملون على عمليات نوعية فقط، لذلك لا يتم استنزاف أفرادهم أو أسلحتهم".

وقال المسئولون الأمنيون لرويترز أيضا، إنه جرى إعفاء مئات من أفراد قوات الأمن من الخدمة في الشهور القليلة الماضية؛ بسبب انتماءاتهم السياسية أو الدينية، وشملت أسباب فصل الضباط رفض اعتقال محتجين في مظاهرة أو كتابة منشورات مناهضة للحكومة على مواقع التواصل الاجتماعي.

صبحي: لا وجود لخلافات داخل الجيش

وبسبب خطورة هذه الأنباء التي تشير إلى انقسامات داخل الجيش، اضطر وزير دفاع الانقلاب لنفي ذلك داخل الجيش، خلال لقاء مع الضباط والجنود أواخر يناير 2018.

"صبحي"، الذي ظهر المصفق الوحيد للسيسي وهو يهدد ويتوعد في خطابه الأخير، رد على ما أثير مؤخرا عن وجود خلافات داخل المؤسسة العسكرية المصرية؛ نتيجة ما حدث مع الفريق سامي عنان، رئيس أركان حرب الجيش الأسبق قائلا: "القوات المسلحة المصرية على قلب رجل واحد".

وخلال رده على تساؤلات الضباط والجنود، في اللقاء الذي عقده مع ضباط المنطقة الغربية العسكرية، قال كلاما مكررا ومعادا وعاما، مثل أن "المؤسسة العسكرية المصرية وطنية وصلبة، وأن رجالها كانوا وسيظلون على قلب رجل واحد، وولاؤهم المطلق لمصر وشعبها".

وطالب "صبحي" ضباط وجنود القوات المسلحة بتحري الدقة في تناول واستيعاب كافة المعلومات المتعلقة بالأمن القومي المصري، مؤكدا ضرورة الفهم الكامل خلال تلك المرحلة لما يعرف بحروب الجيل الرابع (أي نشر الشائعات).

وسبق لرويترز أيضا أن نشرت تقريرًا في يناير 2015، بعنوان "ضباط سابقون بالجيش يذكون نار التمرد الإسلامي"، أشارت فيه إلى أن العدد الذي انضم من ضباط الجيش المصري السابقين لصفوف الجماعات الإسلامية المتشددة يشكل خطورة، ويضفي تعقيدات على محاولات السيسي التصدي للتهديدات التي تواجه نظامه.

وقالت إن خطرهم يتمثل في معرفتهم بطبيعة الجيش المصري، وفيما يقدمونه للمتشددين من تدريب وتوجيه استراتيجي، بل وتنفيذ عمليات انتحارية تستهدف مسئولي نظام السيسي. وأن السيسي على علم تام بخطر الإسلاميين داخل المؤسسة العسكرية، إذ أنه كان قائدا عاما للقوات المسلحة ومديرا للمخابرات العسكرية.

قد يكون حديث السيسي الغاضب وتوتره وارتباكه ناجما بالتالي عن معلومات تصله من جهاز مخابراته الحربية، بوجود خطر على حياته من جانب ضباط في الجيش، أو عن تنامي حالة من التوتر والغضب على قراراته ضد عسكريين سابقين مثل عنان، وقد تكون ناجمة عن ضغوط من قائده (طنطاوي) بسبب طريقة التعامل المهينة مع "عنان".

بيد أن المؤكد أن تكرار السيسي موضوع "حياته" كثيرا في خطاباته مؤخرا، ورغم أنه وسيلة لاستدعاء التعاطف الشعبي، إلا أنه مؤشر وتلميح إلى أنه من الممكن أن يصل الأمر لقتله، ولذلك يربط حياته بالجيش وبمصير الدولة المصرية، وهو يعلم أن الجيش لا يدعمه كله، وأن التهديدات هي لنظامه الانقلابي لا لمصر التي يهددها هو بالفناء حال استمر حكمه.

المصدر