تبديل المحكومين وليس الحكام!

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
مراجعة ١٥:٢٥، ١١ يونيو ٢٠١١ بواسطة Attea mostafa (نقاش | مساهمات) (حمى "تبديل المحكومين وليس الحكام!" ([edit=sysop] (غير محدد) [move=sysop] (غير محدد)))
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
تبديل المحكومين وليس الحكام!
توفيق الواعي.jpg

بقلم: د. توفيق الواعي

تبديل الشعوب في العالم الثالث بشعوبٍ أخرى اقتراح.. حتى تستريح السلطات من القلاقل والمطالبة بالحريات، وتحسين المعيشة، ورفع الفساد.

وتبديل الشعوب قد يكون الحل الأمثل حتى يبدأ الحاكم فترة جديدة في الحكم بعد 30 عامًا بعد أن ملَّه شعبه، وضاقت به أمته، وأنَّت منه دياره وبلده، فيستريح الشعب ويريح، فخلال نصف قرن نفثت الدكتاتورية العسكرية سمومها في جسمه، فلوَّثت عقله، وأسَّنت نفسه، وقطعت لسانه، وطوت أحشاءه، وجلبت له الدواهي، وأحاطته بالأحزان والنكبات، ولم تسعده حتى بالمنطق أو راحة النفس والضمير.

يقول المثل الصيني: إذا كنت لا تستطيع الابتسامة فلا تفتح دكانًا، وهؤلاء تولوا أحوال الأمم وكتبوا على مقدراتها: "وَأَعْطَى قَلِيلاً وَأَكْدَى" (النجم: 34)، و"يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا" (الإنسان: من الآية 10) فهُدم المجتمع المدني، وحلَّت عسكرة الحكومات مكان الأمن والاستقرار، وتأبدت السلطات، ومُنع التداول السلمي للسلطة.

وتحدثت أحوالنا البئيسة لتقول: افتح سجنًا تغلق مدرسةً، وكل معارض عميل، وكل منادٍ بالإصلاح خائن، وكل متدين إرهابي، وكل مستقيم فاشل، وكل مجتهد مجنون، وكل لص ينتظره منصب، وكل مهرِّب مرزوق، وكل ماصٍّ للدماء سيد، وعلى الحاكم أن يكون أقوى من شعبه، وأضعف من سفير الكيان الصهيوني، وعصيًّا على أمته ومطيعًا لأسياده في الخارج!

ولكن كيف تتبدل شعوب دول يحكمها العسكر منذ 30 إلى 50 سنة يبلغ عدد سكانها 240 مليون إنسان، ولها من القوة الشيء المهول؟ حيث يبلغ تعداد جيوشها قرابة مليوني جندي (أكثر من الجيش الأمريكي الذي يبلغ تعداده 1.370.000)، ورغم ذلك لم تدخل هذه الجيوش معركةً واحدة، وأظنها أُعدت لقهر الشعوب وحبسها بدلاً من حمايتها وإعزازها.

فهل تستطيع الشعوب أن ترحل وتنفلت من هذه الجيوش، وأكثر منها من المخابرات، ومثلها من رجال الشرطة الغلاظ الشداد الذين لا يعصون الحاكم ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون؟!.

وخاصةً إذا كانت الشعوب بقرةً حلوبًا لهؤلاء السادة، تعمل وتكد ليُنهب عملها، وتدفع الضرائب لتنتفخ جيوب الجلادين والسجانين، رغم أنهم يعيشون تحت خط الفقر المدقع، لينعم الجلاوذة والبلطجية بالرفاهية والامتيازات والرواتب والمنح، ثم أين هي تلك الشعوب التي ترضى أن تحل محلَّ أمم بهذه الكيفية الميمونة، وهذه المؤهلات المشئومة، التي لا بد أنه يلزمها الكثير من الدعاية والإغراءات، حتى يفكر أي شعب في الاستبدال؟ وتلك الدعاية ينبغي أن تُبنى على إظهار العبقرية التي تتمتع بها السلطات، فمثلاً يجب أن يعلن أنَّ هذه الجمهوريات قامت بحوالي 21 انقلابًا عسكريَّا للقفز على حكم الغلابة الذين لا حولَ لهم ولا قوةَ!

كما يجب أن يعلم أننا نملك براءة اختراع ديمقراطيات بديلة، لها مؤهلاتها الخاصة ومواصفاتها الفريدة، ديمقراطية دكتاتورية، ليس فيها حريات ألبتة، ولا تداول للسلطة إطلاقًا، قانونها سيئ السمعة، تتمتع بالانسداد السياسي، وترتكز على الأحكام العرفية، وتنتفي فيها العدالة فلا ينفذ في ظلها حكم القضاء أو رقابة القانون، ديمقراطية معسكرة بالكامل، ولكنها مكتملة الديكور والمظهر، عندها من المساحيق والألوان ما يقنع البلهاء ويسر الأعداء.

كما يجب أن نعلن عن أحزابنا الورقية التي اخترعتها السلطات لتعارضها وتأخذ على يديها، أحزاب ليس لها من الأمر شيء "تدع ما لقيصر لقيصر، وما للشعب يتولاه الله"، كما لا بد أن نعلن عن السجون والمعتقلات التي بنيت بمعوناتٍ أجنبية، وعن إدارتها المدربة تدريبًا قمعيًا، ونعلن عن مجالسنا النيابية التي لا تهش ولا تنش، وعن كيفية انتخابها.

وقد أحصى كل من الدكتور علي الصاوي أستاذ العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، وعلي موسى الباحث بمجلس الشعب، أكثر من عشرين طريقة لتزوير الانتخابات منها: البلطجة، لعبة التوكيلات، الصوت المتكرر، الورقة الدوارة، سرقة الشعارات، التصويت بالتعارف، تقفيل الصناديق، استبدال الأصوات، قطع التيار الكهربائي، التدخل الأمني، السيطرة على المندوبين أو طردهم، الفرز المزيف، إلخ... إلخ.

كل هذا اختراع محلي، هذا عدا العجز الاقتصادي وتراكم الديون... إلخ... إلخ.

وبعد: أترى بعد هذا أيها الحبيب.. يقبل شعب أن يبادلنا ديارًا بديار وأرضًا بأرض، ومثلنا ومثلهم كقول القائل:

ولي كبدٌ مقروحةٌ.. مَن يبعني بها كبدًا ليستْ بذاتِ قروحِ

أباها عليَّ الناسُ لا يشترونها ومَن يشتري ذا علةٍ بصحيحِ؟!

إذن، وقعت الشعوب المسكينة في مأزق، فلا هي تستطيع الخروج من حبسها ولا يستطيع أحد أن يقبل مقايضتها أرضًا بأرض، ووطنًا بوطن.

وهذا المأزق قد أدمى كثيرًا من عيون المشفقين على تلك الشعوب المستباحة التي لا تجد حلاً، والمنتهكة أعراضها ولا تعثر على ملاذ، فتأتينا الأخبار من كوريا عن تظاهر مئات النشطاء الكوريين يوم الخميس 9/6/ 2005 م تعبيرًا عن تضامنهم مع مسيرة الشموع أمام ضريح سعد، وبعدها عقد المتظاهرون مؤتمرًا أمام السفارة المصرية بـ(سيول) أدانوا فيه انتهاك أعراض المصريات اللائي يدافعن عن حريتهن، والاعتداء الوحشي على المتظاهرين، وطالبوا بمحاكمة دولية لمجرمي فضيحة الأربعاء الأسود.

هذا في كوريا والبلاد الأخرى، أما عندنا فهل تظاهر أحد في الشعوب العربية أو احتجَّ؟!.. لا.. لا وألف لا.

يُبكى علينا ولا نبكي على أحدٍ فنحنُ أغلظُ أكبادًا من الإبلِ

إذن ما الحل، ما دام رحيل الشعوب غير ممكن، بل مستحيل؟! هل يكون رحيل السلطات هو الممكن؟ أم يكون هو الآخر مستحيلاً؟!

رحيل الشعوب غير مسبوقٍ في التاريخ، أما رحيل السلطات فإنه يجري كل يوم، ولكنه يحتاج إلى شعبٍ صاحب عزيمة يقول: لا، وإرادة الشعب هي الإرادة، وقوله هو الفصل، فهل يقولها ويعزم عليها؟!

نسأل الله ذلك.. فمنه العون وعليه التكلان، والله غالب على أمره.

المصدر


قالب:روابط توفيق الواعى