تاريخ مكتب إرشاد عام 1990م

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
مراجعة ١٢:٢٧، ١٠ فبراير ٢٠١٤ بواسطة Ahmed s (نقاش | مساهمات)
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
تاريخ مكتب إرشاد عام 1990م

مركز الدراسات التاريخية

ويكيبيديا الإخوان المسلمين

مقدمة

كما ذكرنا أن مكتب الإرشاد كان يتكون بالاختيار حتى عاد المستشار المأمون الهضيبي والذي طالب بقوة بعمل لائحة داخلية تنظم عمل الإخوان على غرار لوائح الإخوان منذ نشأة الجماعة، وبعدما تم ذلك أجريت انتخابات جديدة لمكتب الإرشاد عام 1990م، خاصة أن عدد من قيادة الإخوان كانت قد توفيت أمثال صلاح شادي وجابر رزق.

وجاءت المادة (7) من اللائحة تحت عنوان (تكوين مكتب الإرشاد):

يتكون مكتب الإرشاد فضلاً عن المرشد العام من:

  1. ستة عشر عضوًا ينتخبهم مجلس الشورى من بين أعضائه بطريق الاقتراع السري على أن يكون من كل قطاع جغرافي عضو واحد على الأقل.
  2. ثلاثة أعضاء على الأكثر يجوز لمكتب الإرشاد تعيينهم بأغلبية أعضائه المنتخبين المقيمين بالجمهورية.
  3. يشترط حصول العضو المنتخب على أكثر من نصف أصوات أعضاء مجلس الشورى الحاضرين بجلسة الاقتراع، فإذا لم يتحقق ذلك في الاقتراع الأول أعيد الاقتراع على أن ينحصر الاختيار بين مَن حصلوا على أعلى أصوات في الاقتراع الأول، فإذا كان عددهم يزيد على ضعف العدد المطلوب استكماله يقتصر الاقتراع بين ضعف العدد المطلوب من الحائزين على أكثر الأصوات.

وفي حالة خلو مكان أحد الأعضاء المنتخبين يحل محله من يليه في آخر اقتراع في عدد الأصوات من الفئة التي ينتمي إليها بشرط ألا يقل عن 40% من عدد الأعضاء الحاضرين بجلسة الاقتراع، فإذا لم يتحقق ذلك انتخب مجلس الشورى في أول اجتماعٍ له مَن يحل محله، وإذا زالت عضوية أحد الأعضاء المعينين جاز لمكتب الإرشاد أن يعين من يحل محله.

اجتمع مجلس الشورى العام حيث حضر ما يقرب من 82 عضو بمجلس الشورى سواء الأعضاء المنتخبين أو الأعضاء المعينين عام 1989م، وأجريت الانتخابات في جو يملؤه المنافسة الشريفة، وكان ترتيب الأصوات التي حصل عليها كل عضو كالتالي

الاسم مكان الترشح الأصوات الحاصل عليها ترتيبه
مصطفي مشهور شرق القاهرة 71 صوتا الأول
محمد المأمون الهضيبي جنوب القاهرة 68 صوتا الثاني
أحمد محمد الملط جنوب القاهرة 61 صوتا الثالث
محمد عبد الله الخطيب شمال القاهرة 59 صوتا الرابع
محمد حسني المليجي جنوب القاهرة 56 صوتا الخامس
أحمد محمد أبو حسنين وسط القاهرة 52 صوتا السادس
محمد مهدي عاكف شرق القاهرة 46 صوتا السابع
إبراهيم شرف شرق القاهرة 34 صوتا الثامن
عبد المنعم أبو الفتوح وسط القاهرة التاسع
محمد كمال إبراهيم وجه بحري (الدقهلية) العاشر
عبد المنعم مكاوي وجه بحري (كفر الشيخ) الحادي عشر
عباس السيسي غرب الدلتا (الإسكندرية) الثاني عشر
حسن جودة عبد الحافظ شمال الصعيد الثالث عشر
محمد السيد حبيب جنوب الصعيد الرابع عشر
سالم نجم القاهرة (تقريبا معين) الخامس عشر
أحمد البس الغربية تقريبا معين السادس عشر

ولذا يصبح مكتب الإرشاد مكون من:

  1. أ. محمد حامد أبو النصر مرشدا عاما
  2. د. أحمد محمد الملط نائب المرشد العام
  3. أ. مصطفي مشهور نائب المرشد العام
  4. المستشار محمد المأمون الهضيبي
  5. الشيخ محمد عبد الله الخطيب
  6. أ. حسن جودة
  7. أ. محمد مهدي عاكف
  8. أ. عباس السيسي
  9. أ. أحمد محمد أبو حسنين
  10. أ. إبراهيم شرف
  11. د. سالم نجم
  12. د. محمد السيد حبيب
  13. د. عبد المنعم أبو الفتوح
  14. م. عبد المنعم مكاوي
  15. أ. محمد كمال إبراهيم. (1)
تم تصعيد الدكتور محمد بديع ليكون عضوا بمكتب الإرشاد عام 1993م

من أنشطة مكتب 1990م

جرت أحداث على الساحة الداخلية والخارجية كان لها تأثير كبير على مجريات الأمور داخل الإخوان المسلمين عامة وعلى مكتب الإرشاد خاصة، حيث واجه العديد من التحديات في ظل نظام كشر عن أنيابه أكثر نحو جماعة الإخوان المسلمين، لكن بالرغم من ذلك لم يهدأ الإخوان ولا مكتب الإرشاد عن العمل في جميع المسارات الشرعية.

فقد صرح الرئيس محمد حسني مبارك لجريدة (لوموند) الفرنسية أثناء زيارته لفرنسا سنة 1993 بتصريح نشرته الصحف المصرية وفي مقدمتها جريدة (الأهرام) بتاريخ 1/11/ 1993

قال فيه:

"إن هناك حركة إسلامية في مصر تفضل النضال السياسي على العنف وقد دخلت هذه الحركة بعض المؤسسات الاجتماعية واستطاعوا النجاح في انتخابات النقابات المهنية مثل الأطباء والمهندسين والمحامين".

ولم يكن رئيس الجمهورية هو الوحيد من رجال السلطة الذي أكد انقطاع أي صلة للإخوان بالعنف والإرهاب بل إن وزير الداخلية اللواء حسن الألفي في مؤتمره الصحفي الذي عقده ونشرت وقائعه بتاريخ 14 من أبريل سنة 1994 سئل عن علاقة الإخوان بتنظيم الجهاد أو الجماعة الإسلامية وهما المنظمتان اللتان يتهمها النظام باستخدام العنف فكان رده:" الإخوان جماعة لا يرتكب أفرادها أعمال عنف بعكس تلك المنظمات الإرهابية".

جرت انتخابات مجلس الشعب عام 1990م في ظل مقاطعة الإخوان وكثير من القوى السياسية بسبب السياسة الذي كانت ينتهجها النظام الحاكم ودأبه على التزوير الدائم، ولذا لم يشارك أحد في هذه الانتخابات سوى الحزب الوطني وحزب التجمع الذي خالف بقية القوى في سبيل أن ينال عدد من المقاعد لتجميع صورة النظام الحاكم.

النقابات

نشط الإخوان داخل النقابات سواء نقابة الأطباء أو المهندسين، وزاد عدد المقاعد التي حصلوا عليها عن الانتخابات السابقة، فقد وصل عدد الإخوان في مجلس النقابة عام 1990 إلى 20 مقعد.

ويوضح الجدول التالي تطور وضع الإخوان في نقابة الأطباء بين عامي 1984 و1990

العام العضوية المسجلة إجمالي الأصوات التيار الإسلامي
1984 60.000 12.600 5000 (40%)
1986 70.000 11.800 6000 (51%)
1988 80.000 19.100 12000 (63%)
1991 90.000 21.000 15000 (71%)

عمل الإخوان على تفعيل الدور السياسي للنقابات للتعويض عن غيابهم عن مجلس الشعب وربما عدم فاعلية مجلس الشعب كمؤسسة سياسية واستخدموا جميع الوسائل والموارد المتوفرة في النقابات لخلق حالة من الوعي السياسي بدلاً من اللامبالاة السياسية التي كانت مستشرية بين أوساط طبقات المهنيين في بداية الثمانينيات؛

واستخدم الإخوان النقابات في عقد لقاءات ومؤتمرات جماهيرية لمناقشة الإصلاح السياسي خاصة بعد قرارهم بمقاطعة انتخابات مجلس الشعب وكان يدعى إلى هذه الملتقيات ممثلون عن الأحزاب السياسية وعن قيادة تنظيم الجماعة واستخدم الإخوان أيضًا الفضاء الجامعي كما فعلوا في النقابات كمنابر سياسية لانتقاد مواقف النظام.

يقول عبد الستار المليجي:

ووجدنا أنفسنا نحن الفريق المتكامل مرة ثانية في قسم واحد جديد (عبد المنعم أبو الفتوح، السيد عبد الستار، أنور شحاتة، أبو العلا ماضي، محمد عبد اللطيف، صلاح عبد الكريم، حسام حسين)

وممثل لكل مهنة على النحو التالي:

"حسب ذاكرتي" الزراعيين: د. توفيق مسلم ،المعلمين: أ. علي لبيب، الأطباء عبد المنعم أبو الفتوح، العلميين: السيد عبد الستار، الصيادلة تغيروا كثيرا، أطباء أسنان: تغيروا كثيرا، المحامين: مختار نوح، الصحفيين: محمد عبد القدوس، الإعلاميين: بدر محمد بدر، المهندسين: محمد علي بشر. وأصبحنا الفريق الذي أوكل إليه العمل في النقابات المهنية.
وفي غضون عامين أصبحت النقابات المهنية أعلى صوت إخواني في مصر، وسمعت الدنيا كلها بالنقابات المهنية في مصر واستطاع الفريق أن يحقق بفضل الله تقدما ملموسا في حركة النقابات المهنية على كافة الأصعدة، وارتج لما حدث نظام الحكم فأصدر القانون 100 لسنة 93 ليوقف زحفنا وما استطاع فكانت قضية النقابات المهنية عام 1995 وساقونا للمحاكمات العسكرية مع آخرين، وبذلك تراجع النشاط في النقابات المهنية. (2)

وتؤكد د. أماني قنديل بأن الإسلاميين نجحوا في النقابات في وقف سوء استخدام الموارد وتمكنوا لأول مرة من تحقيق فوائض كبيرة في ميزانيات النقابات التي سيطروا عليها واستنادًا إلى أحمد النحاس أمين الصندوق في فرع نقابة المهندسين بالإسكندرية فقد بلغت ميزانية نقابة المهندسين مثلا في العام 1994 خمسة عشر مليون جنيه مصري , مقارنة مع 230 جنيها مصريًا فقط في العام 1986م.

وتذهب د. أماني قنديل إلي أن طموح الإخوان في دخول انتخابات النقابات المهنية، يأتي كتطور طبيعي لطموحات الجماعة بعد نجاحهم في أوائل الثمانينيات في السيطرة علي الاتحادات الطلابية في الجامعات الكبرى وكذا سيطرتهم على معظم مقاعد نوادي أعضاء هيئات التدريس بالجامعات. (3)

تقول الباحثة الأمريكية "كاري ويكهام"، في رسالة، غير مطبوعة، نالت بها درجة الدكتوراه من جامعة برنستون بالولايات المتحدة حول "صعود الاتجاه الإسلامي في النقابات المهنية في مصر:

"استعاض الإخوان المسلمون عن حرمانهم من الحق في تكوين حزب سياسي بالعمل في إطار النقابات المهنية كطريقة بديلة للتأثير في الحياة العامة، وعلي الرغم من كون النقابات المهنية خاضعة لقانون النقابات وتعتمد علي تمويل الدولة فإنها بحلول أواسط الثمانينيات أصبحت مسرحا جديدا للصراعات السياسية.
وقد نجحت جماعة الإخوان المسلمين أكثر من أي جماعة أخري في استغلال النقابات المهنية لتوثيق صلاتها بالقطاعات المتعلمة من الطبقة المتوسطة في المجتمع المصري. (4)

لقد استطاع الإخوان الانتصار في نقابات الأطباء والمهندسين والمحامين والعلميين وغيرها من النقابات.وبعد مقتل عبدالحارث مدني عام 1994م واختلاف مجلس نقابة المحامين تقدم المحامي صبري مبري برفع دعوى قضائية بفرض الحراسة على النقابة وتعيين حارس قضائي لإدارتها بدلاً من مجلس النقابة، ووجدها النظام فرصة لفرض هيمنته على النقابات مرة أخرى فعمد إلى تجميد عدد من النقابات.

انتخابات المحليات عام 1992

عُرفت المحليات مع الرئيس الراحل جمال عبد الناصر بالاتحاد الاشتراكي، وتغيرت مع جهاز الحكم المحلي في عصر السادات ومبارك، ولكن كانت انتخاباتها في 1992 أحد العلامات الفارقة في تاريخ الإصلاح في مصر، والذي شهد رغم بعض التجاوزات الأمنية والتدخلات التعسفية دخول قوى للمعارضة في تحالفٍ ضمَّ الإخوان والعمل والوفد، وشهد على تحديث البنية التحتية وتكثيف العمل الخدمي في معظم محافظات مصر.

وجاءت الانتخابات المحلية عام 1992 في أجواء سياسية معقدة ومرتبكة فقد قاطعت جماعة الإخوان الانتخابات البرلمانية عام 1990 فعمل النظام على محاولة إكساب شرعية جديدة للدولة من خلال هامش بسيط من النزاهة الانتخابية وهو ماقد حدث في تلك الانتخابات، فقد جرت الانتخابات في أجواء مريحة إلى حد ما في بعض المحافظات دون المحافظات الأخرى.

ويقول د. فريد إسماعيل (عضو الكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين عن دائرة فاقوس بالشرقية وأحد مسئولي ملف انتخابات 92 في المحافظة):

"إن انتخابات محافظة الشرقية في 92 شهدت تعنتًا رهيبًا من الأجهزة الأمنية وصلت إلى اعتقال كل المرشحين وعددٍ كبير من المناصرين وتجهيز معسكرات فرق الأمن لاستقبالهم، وأدرك المواطنون أن الفساد سببه الحزب الوطني".

وأوضح م. صبري خلف الله (عضو الكتلة عن دائرة الإسماعيلية):

أنه وسط غياب حقوقي وقضائي وحالات التزوير البشعة التي تمت في مدينة الإسماعيلية، والتي حالت بينه وبين النجاح كعضو مجلس محلي في عام 92 نجحت أربع قوائم للإخوان والتحالف في الضواحي من وسط 6 قوائم، مشددًا على أنه ما ضاع حق وراءه مطالب، وأن الانتخابات القادمة ليست أول انتخابات يدخلها الإخوان من غير إشرافٍ قضائي!

واتفق معه ثروت عبد الفتاح (عضو الكتلة عن دائرة مطاي بالمنيا وأحد مسئولي ملف انتخابات 92 في المحافظة):

أنه رغم التزوير الحادث والتدخل الأمني آنذاك في مراكز سمالوط وغيرها عن طريق إبعاد المواطنين عن مراكز الفرز لمسافة نصف كم إلا أن مركزي مطاي وبني مزار حققا أكثر من 64 مقعدًا جاءت عن استعدادٍ مسبقٍ لحماية الصناديق الانتخابية بطرق سلمية.

وقال عبد الفتاح:

"نجحنا نجاحًا مبهرًا في محليات 1992 وشهد الناس بذلك من خلال خدماتنا لهم، والتي جعلتهم يلتفون حولنا في انتخابات 95 بل تعجبوا كيف يروا أحد الإخوان وهو د. رجب مرعي، وكان يشغل منصب رئيس مجلس محلي مطاي آنذاك يقف في طوابير الأنابيب والعيش للحصول عليه مثله مثل الناس!"

وعلى النقيض تمامًا شهد النائبان د. حمدي حسن والمحمدي السيد (عضوا الكتلة عن دائرة مينا البصل والرمل):

واللذان شغلا عضوا مجلس محلي غرب إسكندرية والمحافظة في عام 92 أن هناك نوعًا من الانتخابات النظيفة في الإسكندرية جاءت من كون القائمين على العملية الانتخابية لديهم إرادة وطنية لإنجاحها.

وقال النائبان:

"تجربة المحليات غنية بالخدمات، واستطعنا من خلالها أن ننهض بالمجتمع، ونُشعر الناسَ أن هناك من يرفع عنهم معاناتهم في قطاعات عديدة، منها على سبيل المثال لا الحصر رصف الشوارع وإدخال الكهرباء ومشروع النظافة والتشجير وبناء المدارس واستكمال احتياجاتها".

وأيَّد محمود عامر وعبد الوهاب الديب (عضوا الكتلة عن دائرة أوسيم بالجيزة وأبو المطامير وحوش عيسى بالبحيرة) أن بعض الدوائر في محليات 92 أُجريت نظيفة إلى حدٍّ ما.

وقال عامر الذي شغل منصب رئيس مجلس محلي مدينة أوسيم:

"نجحنا أن نكون معبرين في انتخابات 92 عن كل طوائف الشعب، وأوجدنا للوطن بنى تحتية وأعمالاً خدمية كثيرة ساعدت على صمود مصر الآن، وسعينا على قضاء مصالح الأهالي، وكان هناك لقاء كل شهرين أو ثلاثة مع محافظ الجيزة لرفع مطالبنا بشكل مباشر رغم كوننا مجلس محلي صغير لا بد أن نرفع إلى من هو أعلى".

وأكد عبد الوهاب الديب الذي شغل منصب عضو مجلس محلي محافظة البحيرة:

أن جماعة الإخوان استطاعت أن تقدم نموذجًا يُحكى به للآن، حتى أنهم جعلوا المجلس المحلي أشبه بمجلس الشعب من حيث تفعيل اللجان والقوانين والوسائل المتاحة للرقابة، ولم يتكرر هذا حتى الآن من حيث الخدمات المقدمة والحرص على مصالح المواطنيين!!

وأشار محمد كسبة (عضو الكتلة عن دائرة فارسكور بدمياط):

أنه في انتخابات 92 تمَّ اختياره رئيس مجلس محلي مدينة فارسكور لمدة 4 سنوات رغم كونه أصغر الأعضاء سنًّا، مؤكدًا أن العمل المؤسسي والخدمي المبني على المشاركة والتواصل وعدم إقصاء الآخرين كان أهم ما يميز الإخوان في المحليات آنذاك، واصفًا تجربة الإخوان في المحليات بأنها ثرية وتستحق وقوف الباحثين معها.

وقال المهندس سعد الحسيني (عضو الكتلة عن دائرة بندر المحلة):

"في محليات 92 نجحنا بقائمتين في المحلة رغم التجاوزات الأمنية والتزوير ومحاولات البلطجة والتدخلات من محافظ الغربية بعدم إعلان نتيجة أحدهم".

وأضاف الحسيني الذي شغل منصب عضو مجلس محلي عن بندر المحلة:

"إن جميع القيادات التنفيذية التي عاصرت محليات 92 تترحم الآن على أيام تواجد الإخوان فيها مقارنةً بالوضع الآن الذي وصل فيه الركود والفساد مبلغه مع الحزب الوطني".

وأكد الحسيني (عضو الكتلة):

أن تحرك الإخوان حينها كان تحركًا ذا طابع محلي في الإسكان والنظافة والصرف والمرافق والعمل الاجتماعي والتموين والتعليم وغيرها كثير.

وركز سعد حسين والمحمدي عبد المقصود (عضوا الكتلة عن دائرة البتانون بمحافظة المنوفية وحلوان بالقاهرة):

على أن للإخوان في انتخابات 92 والتي جاءت بالأول عضوًا بالمجلس المحلي لمحافظة المنوفية، والثاني رئيسًا لمجلس محلي حي حلوان برنامجًا خدميًا واضحًا وأجندة معلنة لمسها المواطنون بقوةٍ في الشوارع والمدارس وكافة قطاعات المحافظات التي تواجدوا في مجالسها المحلية. (5)

ويقول محسن القويعي (أحد قيادات الإخوان بالبحيرة):

أن نظام الانتخابات كان بالقائمة المطلقة، وكان على الإخوان أن يتخطَّوا هذه العقبة، فقرَّروا أن يتحالفوا مع حزب العمل وحزب الوفد في قائمةٍ واحدةٍ باسم حزب الوفد أو العمل مقابل قائمة الحزب الوطني؛ولكن الوفد لم يستكمل المشوار، فدخل الإخوان تحت قائمة حزب العمل، وكان حزب العمل ممثلاً في المجالس على المستويات المختلفة، ونجحنا بالقائمة.
مشيراً إلى أن أجواء الانتخابات كان شبيهًا بمناخ ما قبل انتخابات 2005م التي حقَّق فيها الإخوان نجاحات بفوز 88 عضوًا، وكانت النتيجة أن عرفت الدولة شيئين؛ حيث عرف الحزب الوطني الرأي العام واتجاهاته، وعرف قوة الإخوان حتى يستطيع أن يضع من أدوات المقاومة ما يحول بين الإخوان المسلمين وممارسة حقهم السياسي والدستوري.
ومن اللافت للانتباه أنه بعد انتخابات محليات 92 بدأت حملات اعتقالات واسعة، ولُفِّقت قضايا للإخوان إلى سنة 95 التي تمَّ فيها عقد المحاكمات العسكرية، وكنت أحد المحالين لهذه المحاكمة. (6)

وبالرغم من النجاح الضعيف نسبياً الذي حققه الإخوان في تلك الانتخابات إلا أنه كانت هناك انتقادات عديدة لتلك الانتخابات والتجاوزات التي تمت بها ومنها ماقاله د. نعمان جمعه رئيس حزب الوفد السابق؛

فيقول جمعه:

أخطأنا نحن أحزاب المعارضة عندما أقدمنا على خوص انتخابات المحليات ضد الدولة فالحزب الملقب بالوطني هو الدولة لأن رئيسه هو رئيس الجمهورية ولأنه هو الذي يحكم ولأنه هو صاحب أغلبية التسعة وتسعين في المائة في جميع المجالس النيابية ولأن من يتمكن من الترشيح تحت لوائه ناجح ناجح ناجح، والنجاح يتم بكل الوسائل وكل الإمكانيات.
وكيف يقبل أنصار أحزاب المعارضة على الترشيح إذا كانت النتيجة مقررة سلفًا لماذا ينفقون على الانتخابات ولماذا يجندون أنصارهم، ولماذا يرهقون أنفسهم في عملية هزلية عابثة.
نحن أمام كارثة قومية تتجاوز خطورتها الزلزال، لأن البديل للانتخابات الحرة النظيفة هو الفراغ السياسي، والفراغ السياسي يؤدي إلى انصراف الشباب إلى التطرف وإلى العنف، وبتعبير آخر أقول أن العنف السياسي هو البديل الطبيعي للانتخابات الحرة النظيفة فحين يرفض النظام الحاكم الأسلوب السياسي السلمي النظيف فإنه يهيئ الفرصة ويعد العدة للتطرف وللخروج على الشرعية. (7)

وإجمالاً فقد حققت تجربة المحليات خطوة مهمة في مسار الممارسة السياسية للإخوان فقد مارس أعضاء الإخوان العمل الخدمي والجماهيري بصورة رسمية لم تكن متوفرة لهم سابقاً وهو ما أفاد الجماعة من حيث الاحتكاك بالجمهور والانتشار المجتمعي.

الزالزال عام 1992

12 من أكتوبر 1992م زلزال عنيف يضرب القاهرة، ويخلِّف قتلى ومصابين بأعداد كبيرة.. وقد نجحت جماعة الإخوان المسلمين بحكم انتشارها الشعبي والمجتمعي في الوصول إلى أماكن الكوارث قبل وصول السلطات الرسمية بساعات، وقد قامت بدور أساسي وفاعل في إنقاذ العشرات من الموت، ومد يد العون للمشردين ممن تهدمت بيوتهم وصار الشارع مأوى لهم.

وقد قررت الدولة منذ ذلك الوقت التدخل (لتقليم أظافر الجماعة)؛ حيث قامت بدور الحكومة، وصارت دولة داخل الدولة حسب زعم المسئولين.

ففي 12/10/1992 وقعت كارثة الزلزال الذي أصاب مصر وقد ذكرت جريدة الحياة في عددها الصادر في 16/10/1992 أن نقابة المهندسين شكلت لجنة من جانبها فور وقوع الزلزال لجنة تضم 10 من كبار أساتذة الجامعات وقيادات النقابة في مجالات الهندسة المدنية والمعمارية للإشراف على عمليات تقويم أحوال المنشآت والعمل على معالجة آثار الأضرار التي لحقت بها؛

كما وجهت نداء إلى أعضائها للحضور إلى مقر النقابة بالقاهرة للمساهمة في دراسة البلاغات التي تقدم بها المواطنون في هذا الشأن واستطاع أعضاء المجلس إحضار ما لا يقل عن 500 مهندس متخصص للقيام بدور من دون مقابل، ولوحظ أن الاستجابة الفورية لنداء النقابة جاءت بنسبة أكبر من جانب المهندسين المنتمين إلى التيار الإسلامي.

واستطاعت نقابة المهندسين جذب بلاغات المواطنين إليها وإلى النقابات الفرعية التابعة لها، بما يعكس دورها في التضامن مع الجماهير الذين تضرروا من آثار الزلزال بصورة عملية وفعالة، كما صرفت النقابة العامة للأطباء إعانات عاجلة من موازنتها لأسر المتوفين بواقع "200" جنيه ووزعت "لجنة الإغاثة الإنسانية بالنقابة" 30 ألف جنيه في صورة أدوية ومعونات للمصابين، وتم تجهيز وجبات جاهزة لتوزيعها على المصابين في المستشفيات.

وأرسلت النقابة مندوبيها من التيار الإسلامي إلى حي مدينة السلام في شرق القاهرة، حيث يتم إيواء المتضررين من الزلزال ليكونوا إلى جوارهم في تقديم هذه المعونات، وأعلنت نقابة المهندسين والأطباء في الوقت نفسه عن فتح حسابات بالبنوك لقبول التبرعات للمنكوبين.

وحرص مندوبو "الإخوان المسلمين" على أن يكونوا إلى جوار منكوبي الزلزال وقدموا لهم معونات مادية وأطعمة وعاونوهم في نقل الأثاث وكان مظهرهم واضحاً من خلال اللحى وعبارات المواساة الإسلامية في مثل هذه المناسبات، ولم يكن هناك دور حقيقي للجمعيات الخيرية التابعة لوزارة الشئون الإجتماعية التى تقدر بأكثر من 3 آلاف جمعية على مستوى الجمهورية.

وقد ذكرت وكالة الأنباء الفرنسية أن الجماعة الإسلامية "الإخوان" قاموا بتعبئة أنفسهم لتقديم مساعدة متواضعة لكن سريعة للآلاف من الفقراء والبسطاء الذين يشكلون غالبية منكوبي الزلزال العنيف الذي ضرب مصر، ومنذ الهزة الأرضية التي وقعت الاثنين الماضي انتشر الإسلاميون في كل مكان في الأحياء الشعبية التي تضم غالبية سكان القاهرة البالغ عددهم 15 مليون نسمة موزعين يوما بعد يوم شعبيتهم بين السكان ويقدم الإسلاميون مساعدة مالية لأسر الضحايا.

وتُوزع المساعدات الإسلامية عن طريق نقابة الأطباء التي تهيمن عليها جماعة الإخوان المسلمين غير المعترف بها بنسبة 75%. (8)

وقد مثل دور الإخوان في الزلزال والنشاط الذي قاموا به لاحتواء نتائجه الاجتماعية أحد أهم الأسباب التي غيرت نهج النظام في تعامله مع الإخوان،وكان الزلزال بداية إلقاء الضوء على خطورة تواجد الإخوان في النقابات المهنية؛

فيقول أحد الباحثين:

"شكلت الهزة الأرضية التي طالت مصر في العام 1992 حدثا آخر لم يكشف للدولة عن مدى قوة الهيكل التنظيمي للإخوان وحسب بل أظهر كيف يمكن أن توظف تلك القوة سياسيًا أيضا فمرة أخرى وظف الإخوان مواردهم في النقابات فضلاً عن مواردهم في التنظيم خارج سور النقابات في إنقاذ ضحايا الزلزال؛
فقد استفاد الإخوان من وجودهم داخل نسيج المجتمع وفي المناطق الحضرية والريفية مع وجودهم في النقابات للتنسيق بين هذه المساحات والفضاءات لضمان نقل سريع وفاعل لمواد الإغاثة وتسخيرها في إنقاذ الضحايا والفضاءات وجرى القيام بذلك بطريقة منسقة ومنظمة فاقت أداء الدولة نفسه واستنادًا إلى عضو ناشط من الإخوان الذين كانوا مسئولين عن إيصال المساعدات من نقابة الأطباء إلى المناطق المتضررة كان تنفيذ العملية شبه مستحيل دون شبكة الاتصالات التي وفرها التنظيم؛
" كيف السبيل إلى الوصول إلى الضحايا لولا أن أعضاءنا الذين يقيمون في تلك المنطقة أعطونا فكرة عن حجم الأضرار؟ من خلال هؤلاء المعارف في الجماعة تمكنا من نقابة الأطباء من توزيع مساعداتنا المالية والعينية بطريقة مناسبة وإلا لما كنا سنعرف المحتاجين وماذا يحتاجون .
واستحوذ أداء الإخوان في أثناء الهزة الأرضية على الانتباه داخل مصر ولكن ما أزعج النظام أنه استحوذ على الانتباه في الخارج أيضا فقد أشارت وسائل الإعلام الغربية إلى التباين بين نجاح الإسلاميين وفشل النظام في إنقاذ الضحايا واستخدمت ذلك في التلميح إلى إمكانية وصول الإسلاميين إلى السلطة في مصر وهذا النجاح؛
بالإضافة إلى الأخبار التي تحدثت عن اتصالات وحوار بين مسئولين أمريكيين وقيادة الإخوان المسلمين عمّق لا شك من مخاوف النظام وقد كان مبارك في زيارة إلى الصين لما وقع الزلزال فعاد إلى مصر على الفور ليس بالضرورة من أجل الإشراف أو تنسيق الجهود التي تبذلها الدولة وإنما لأنه بدا قلقًا من اهتزاز وتشوه صورته في الخارج .
ولم تتفاقم مخاوف مبارك من التقارير الإخبارية التي كانت تذيعها محطة " سي. إن . إن " ومحطة " بي . بي. سي " وحسب . اللتان سلطتا الضوء على إنجازات الإسلاميين وعلى تأثيرهم المتنامي في المجتمع المصري بل مما اعتبره استغلالاً سياسيًا من جانب الإخوان للزلزال؛
ففي غمرة جهود عملهم الإغاثي رفع الإخوان على الخيام التي كانوا ينصبونها للمتضررين وعلى واجهات مقرات ومراكز الإغاثة شعار "الإسلام هو الحل" وهو الشعار الذي استخدمته الجماعة خلال حملتها السياسية في انتخابات العام 1987.

ويضيف الباحث:

لقد بدا للنظام أن الإخوان في النقابات يعملون كـ "حكومة ظل " أو كما قال أحمد النحاس وهو عضو في الإخوان وأمين صندوق نقابة المهندسين في الإسكندرية إن النقابات صارت هي "المتحدث السياسي" باسم الإخوان المسلمين ولم يقتصر هذا التصور للنقابات في أثناء حرب الخليج أو حادثة الزلزال وحسب بل في القضايا العامة الأخرى أيضًا

فحسب اعتراف النحاس:

" بالفعل وفرت لنا النقابات فضاء أو منبرا سياسيا يحظى بشرعية قانونية وموارد إعلامية فمن خلال هذه النقابات أمكننا نشر صحف يومية ومجلات كما نريد دون تعقيدات الحاجة إلى الحصول على رخصة لو أننا تقدمنا إليها كجماعة إخوان مسلمين وأقول إن هذه الامتيازات التي وفرتها لنا فضاءات النقابات هي التي جعلت النقابات تعمل كمتحدث سياسي لنا ثمانين بالمئة من الوقت "
وصحيح أن قوانين العمل النقابي تقر بالدور السياسي للنقابات وهو دور كان قائمًا قبل أن يسيطر الإخوان على النقابات وشاهدنا مثلاً كيف لعبت نقابة المحامين التي كان يسيطر عليها القوميون في الثمانينيات دورًا نشطًا في معارضة اتفاقية السلام التي أبرمتها مصر مع إسرائيل (راجع الفصل الثاني)
واستخدم القوميون النقابات كمنابر لتنظيم اللقاءات وعقد المؤتمرات حول هذه القضية وبناء على ذلك يرفض عصام حشيش وهو أخ بارز في نقابة المهندسين الفكرة التي تقول إن الحركة قامت بتسييس النقابات ويقول إن الإخوان استخدموا حقهم الدستوري في إثارة القضايا السياسية ومناقشتها؛
كما كان عليه الحال في الماضي ولكن يبقي وجه الاختلاف في حالة نقابة المحامين والقوميين هو أن الإخوان الذين يسيطرون على النقابات ليست لهم شرعية قانونية وبالتالي ينظر النظام إلى أنشطتهم بحساسية أكبر ولا سيما أن الآراء بقدر ما كانت في أغلب الحالات إن لم يكن جميعها يعبر عن آراء التنظيم خارج سور النقابة .
وكشفت أماني قنديل أنه في أعقاب الدور السياسي الذي لعبه الإخوان في أثناء حرب الخليج وفي أثناء حادثة الزلزال والسقوط المفاجئ لنقابة المحامين في يد التنظيم في العام 1992 طلب منها مسئول أمني رفيع المنصب في الحكومة المصرية كتابة تقرير سري عن الإخوان المسلمين وعن استراتيجياتهم التي يستخدمونها في التأثير في النقابات

وحسب أماني قنديل:

" من الواضح أن النظام لم يكن يعرف شيئًا عما يجري داخل النقابات لكنه شعر بالانزعاج والحيرة بسبب قدرة الإسلاميين على تأمين أغلبية في انتخاباتهم داخل النقابات حاولت في تقريري الذي رفعته إلى النظام تحديد آليات التأثير التي يملكها الإخوان وشرح السبب الذي جعل منهم قوة شرعية في النقابات ". (9)

المراجع

  1. مجلة المصور: العدد 3634، 23 ذو الحجة 1414هـ ، 3 يونيه 1994م، ص 73
  2. السيد عبدالستار المليجي، تجربتي مع الإخوان من الدعوة إلى التنظيم السري، الزهراء للإعلام العربي، ص 222
  3. عبدالرحيم على،الأهرام المسائى،1 يناير 2011
  4. عبدالرحيم على، مرجع سابق
  5. انتخابات 92.. شهادات من قلب المحليات موقع اخوان البحيرة
  6. محسن القويعي يروي تجربة الإخوان في محليات 1992م، موقع اخوان اون لاين
  7. أخطأنا نحن أحزاب المعارضة عندما أقدمنا على خوص إنتخابات المحليات ضد الدولة د. نعمان جمعة
  8. ذكريات د. محمد حبيب عن الحياة والدعوة والسياسة والفكر،دار الشروق،ص357
  9. مركز دراسات الوحدة العربية،صراع على الشرعية الإخوان المسلمون ومبارك 1982 – 2007، هشام العوضى

إقرأ أيضا