تأجيل سداد ديون الخليج مؤشر خطير على قرب الإفلاس.. فلماذا تحتفلون؟

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
تأجيل سداد ديون الخليج مؤشر خطير على قرب الإفلاس.. فلماذا تحتفلون؟


من إنجازات السيسي...jpg

كتب: يونس حمزاوي

(17 أكتوبر 2017)

مقدمة

من المدهش حقا أن بعض الإعلاميين والمراقبين الموالين للعسكر، يبدون مظاهر احتفائية بعد تأجيل سداد ديون مستحقة منتصف عام 2018م قدرها 4 مليارات دولار لدول خليجية و4 أخرى مستحقة للصين، ويعتبرون ذلك دليلا على نجاح المسئولين في إدارة الوضع الاقتصادي المتأزم؛على الرغم من أن "تأجيل سداد ديون" هي عبارة كريهة بين خبراء البنوك والاقتصاد وتعكس عدم قدرة على الوفاء بالاستحقاقات اللازمة وقربا من إشهار الإفلاس.

تأجيل سداد 8 مليارات دولار

وكشفت تصريحات محافظ البنك المركزي طارق عامر، أمس الاثنين عن تأجيل مصر ديوناً خارجية مستحقة السداد خلال الأشهر الأخيرة من 2017 والعام المقبل، بأكثر من 8 مليارات دولار، في الوقت الذي تزيد الدولة من وتيرة الاقتراض، ما دعا صندوق النقد الدولي إلى إطلاق تحذيرات متلاحقة من مغبة تفاقم هذه الديون.

وقال عامر في تصريحات لصحيفة محلية خاصة، أمس الإثنين، إن السعودية والإمارات وافقتا على تأجيل تحصيل ودائعهما المستحقة في العام المقبل 2018، دون أن يكشف عن قيمة هذه الودائع.

وقدمت السعودية والإمارات والكويت مليارات الدولارات لمصر بعد إطاحة الجيش الرئيس محمد مرسي في الثالث من يوليو 2013، بعد عام واحد من وصوله للحكم، عبر أول انتخابات رئاسية شهدتها البلاد في أعقاب ثورة يناير 2011. وقال مسؤول بارز في وزارة المالية المصرية في تصريحات صحفية إن ودائع السعودية المستحقة في 2018، تبلغ ملياري دولار، بواقع مليار دولار في مايو ، ومثلها في أغسطس ، مضيفاً أن للإمارات ملياري دولار مستحقة في أغسطس وسبتمبر.

وبجانب الأربعة مليارات دولار التي كشف عامر عن موافقة السعودية والإمارات على إرجاء استردادها، فإنه سبق أن أشار إلى إرجاء سداد اكثر من أربعة مليارات دولار أخرى في شكل سندات دولية واتفاقات مبادلة عملة مع الصين يحل موعد سدادها نهاية 2017.

لماذا تحتفلون إذن؟

وبحسب الخبير في الاقتصاد شريف عثمان، فإن أسواق المال عادة لا تحب سماع كلمة "مد أجل" القروض، ولا يحبذ المستثمرون التفاوض على "تجديد" إقراضهم قبل رؤية المبالغ المستحقة لهم – والفائدة المحتسبة عليها – في كشف حسابهم بالبنك. ولا يفرقون هنا بين إقراضهم لفرد، أو شركة، أو دولة. ويدركون تماماً أنه لا ينطق بتلك الكلمات سيئة السمعة "مد أجل" و"تجديد" إلا من يجد صعوبة في السداد.

لا يوجد إذن ما يبرر الاحتفال بمد أجل بعض القروض، أو تجديد أي نوع من أنواع التمويل. فعندما تعلن الحكومة المصرية أنها بصدد إصدار سندات جديدة قبل استحقاق القديمة، فهذا بالطبع لا يدعو للاحتفال، وإنما هو بمثابة إعلان عن عدم القدرة على الوفاء بالالتزامات القائمة إلا من خلال اقتراض جديد.

ويضيف الخبير الاقتصادي

"الاحتفال بتجديد القروض أو مد أجلها ذكرني بالاحتفالات التي صاحبت حصولنا على قرض صندوق النقد الدولي، حين زَفَّت إلينا الحكومة نصرها في معركة الحصول على القرض، واعتبرته وقتها بمثابة شهادة ثقة في قوة الاقتصاد المصري، في الوقت الذي أعلن فيه الصندوق عن تقديم "حزمة إنقاذ" لمصر".

وحزم الإنقاذ التي يقدمها الصندوق لا تكون إلا للاقتصادات الفاشلة، ولمساعدة بعض الدول على تجنب الانهيار الاقتصادي، كما حدث مع قبرص واليونان، ومن قبلها البرتغال وإيرلندا عقب الأزمة المالية العالمية، وأيضاً الأرجنتين قبل 15 عاماً.

أكذوبة "كل الدول تقترض"

سيقول السفهاء من الناس، وما العيب في الاقتراض، أليست كل الدول تقترض؟ ألا تقترض أميركا وروسيا واليابان والصين وألمانيا وغيرها؟ بالفعل... كل هذه الدول تقترض. لكن هناك فارقا كبيرا بين أن تسعى الدول لإقراضك (أي أنها تستثمر معك ما لديها من فوائض) وأن تسعى أنت وراء الدول والمؤسسات المالية للاقتراض منها ثم تطالب بتأجيل السداد ما يؤكد التعثر في السداد وقرب إعلان الإفلاس.

أيضاً يجب عدم إغفال مدى القدرة على السداد، والتي يمكن قياسها عن طريق مؤشرات كثيرة، لكن جرى العرف على أن تكون نسبة القروض إلى الناتج المحلي الإجمالي هي المؤشر الأهم لمعرفة ما إذا ما كانت الدولة قد تجاوزت الحد في اقتراضها، أم أنها ما زالت في الحدود الآمنة.

ومنذ عدة سنوات، وبعد الأزمة المالية في 2008 - 2009، أصدر صندوق النقد الدولي تقريراً غير ملزم، ينادي بأن يكون الحد الأقصى المعقول لتلك النسبة في الدول المتقدمة 60%، بينما في الدول النامية والناشئة، ومنها مصر بطبيعة الحال، فيُفَضل ألا تتجاوز النسبة 40%.

وفي الحالة المصرية، كانت نسبة الدين العام (الحكومي) إلى الناتج المحلي الإجمالي تجاوزت 100% في بداية الربع الأخير من العام 2016 (قبل اتخاذ قرار تعويم الجنيه مباشرةً)، إلا أن النسبة انخفضت لنحو 60% بعد انخفاض قيمة اقتراض الحكومة بالعملة المحلية نظراً للتعويم. وقفز الدين الخارجي بنسبة 41.6% إلى 79 مليار دولار بنهاية العام المالي 2016/2017، الذي انتهى في 30 يونيو الماضي، وفق البيانات الرسمية.

المصدر