بعيداً عن دايتون
يا أيُّها الشَّهمُ الفِلسْطِينيُ، يا كُلَّ مُقاتلْ،
- خُذني أُنظِّفُ ما تَغبَّر من سِلاحكَ،
خُذني لأحْشُو البُندقيةَ رَجفَ عُمْري، وما يُرقْرقُ أدمُعَكْ،
- خُذني ألمْلمُ ما تَناثرَ من أنينٍ في الطَريقِ لعَودَتكْ،
خُذني مَعكْ، أنَا مَنْ يَجسُّ النَبضَ، مَنْ فاضَتْ بهِ الأحْزانُ يَرقُبُ صَولتكْ،
- خُذني مَعكْ، أُرْقِيكَ مِنْ شَرِّ العِيُونِ، ومِنْ شَرارةِ حاقدٍ يتَرقَّبُكْ،
يتَلصَّصونَ عَليكَ في كُلِّ اللُّغاتِ، وأنتَ تُنشدُ أحرفاً من عِزَّتكْ،
- قُمْ؛ قمْ يا شَقيقَ النارِ لا تَطْوي صَفائحَ ثورتكْ،
واكْتبْ بأنَّكَ مِنْ فلسطينَ،
- وأبسطْ لمنْ عاداكَ قبضةَ غضبتكْ،
سَأمُدُّ للقدسَ الشرايينَ فَسدِّدْ ضَربَتكْ.
- أنا أمُّك، أنا أختُك، أنا بَعضُ لَحْمِكَ، أدمُعكْ،
أنا لا أريدُ تودُّدَكْ، وتردُّدَكْ، وأريدُ وعداً قاطعاً: ألا تُصافحَ قاتِلكَ،
- ألا تَصيرَ مَطيّةً للخانعينَ، وطائعاً مُتذللاً في أخرِ الشهرِ وتنسي قريتَكْ،
وأريدُ منكَ الوعدَ: أن تَحمي سلاح الفاتحين،
- لا أن تخونَ الأهلَ في ظلِّ المخيمِ لاجئينَ لكي تعودَ بمفردكْ،
ولكي يصيرَ إليكَ رقمٌ، وهويةْ، وتبيعَ دونهما القضيةْ.
- لا يا أخي، يا ابن أمي وأبي،
أنا لا أريدكَ مثلَ مُختلسٍ رَجيمٍ،
- أو مثلَ وِسواسٍ زَنيمٍ،
أنا لا أريدكَ غادراً،
- أو فاجراً هبتْ عليهِ رياحُ "دايتون" فاغْتَنَمْها،
إياكَ والشيطانَ "دايتون"، كي لا يصيرَ وجيشُه الوحشيُّ وتراً للشجنْ،
- يا أيها الشهمُ الفلسطينيُّ يا نسلَ المروءةِ، والكرامةِ،
يا عودَ نعناعٍ ترعرعَ في المحنْ،
- لا تَتْركِ الأحبابَ خلفَ غياهبِ السجنِ،
وتحرسُ ركْبَ من كَرِهَ الوطنْ،
- من يَمتطي صهواتِ ظَنِّ السوءِ بالشعبِ المقاومْ، ليَلفَّ رقبتكَ الرَسنْ،
أنتَ ابنُ أمِّكَ وأبيكَ، فكيفَ تُطعمُ قاتليكَ دماءَ نابلسْ،
- وتدوسُ عوراتِ الخليلِ ولا تُفجِّر رأسَ من يرعى الفِتنْ؟
من أفْجَعونا بالتخلي عن أساساتِ القضيَّةِ، وصارَ سُوطُهمُ الوَهنْ،
- ليَبيتَ قاتلُنا طَوالَ الليلِ في حُضنِ الأماني،
وفي الصبحِ يأتي بالكَفنْ،
- كي نَدفنَ النَخوةَ، والمَجدَ، وأهدابَ المَحبَّةِ،
كي ندفنَ الروحَ ونحيا بالدنيّةْ.
- خذني معكْ، أنا بعضُ أهْلكَ، عِزْوَتُكْ،
أنا من يواري في النوازلِ عَثْرتَكْ،
- أنا شوقُ أمِّكَ للمروءةِ، والشهامةُ سيرتُكْ،
أولم تكنْ يوماً أغاريدَ الصبايا؟
- أولم تكنْ وهجاً ويخشي غاصبي من غضبتكْ؟
أنت الذي صُلْتَ، وجُلْتَ، وصِرْتَ نخوة أمَّتكْ.
- خذني معكْ، إنْ كنتَ جندياً تحاربُ،
أو صرتَ بالأنيابِ تنهشُ قاتليكَ، وبالمخالبِ،
- لا فرق بين كتائبِ القسّام، والأقصى،
وسربٍ للسرايا في النوائبِ،
- كالنجمِ صار لي الوطنْ، وصار لي شرفٌ،
وسارقُ فرحتي نذلٌ، وغاصبْ.
المصدر : نافذة مصر