اّفاق الإسلام فى الغرب

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
اّفاق الإسلام فى الغرب
مأذنه.jpg

الشيخ راشد الغنوشي

لقد جاء الإستفتاء الذي نظّمته السّلطات السّويسرية حول تشييد المآذن بالنّتيجة المنتظرة، الحظر، والتي تعبّر عن أن تصاعد المدّ اليميني الفاشي في سويسرا، جزء من حالة أوروبية عامة، تضافرت على تشكيلها عوامل عدّة، منها تنامي مشاعر الخوف من الإسلام ، وغلبة النّظرة السّلبية إليه أنه ليس رحمة وعدلا وأخوة إنسانية، بل هو خطر على الأبواب! يروج لها الإعلام ليل نهار، أن الإسلام يمثل تهديدا ماحقا لها، وبالخصوص بعد أحداث 11 سبتمبر ، التي خرجت صبيحتها اللومند الفرنسية بعنوان رئيسي: "كلنا أميركان".

فالإسلام الذي لم يعد - كما كان في التّاريخ - عدوا نلاقيه عند الحدود فينال منّا وننال منه، يشهد الواقع أنّه منذ 200 سنة وحروب الغرب تدور عليه في أرضه، إلاّ ان الوجود الإسلامي المتنامي في الغرب والرافض للإندماج والتّماهي والذّوبان، والمصرّ على التميز والظهور بهوية خاصة في العمارة ( المآذن) والأزياء والعادات يمسّ – من وجهة نظر المتعصّبين – بالمشهد العام لهذه المجتمعات وحضارتها،

وهو ما أتاح الفرصة أمام تيارات أقصى اليمين ذات الأصول المسيحية وثيقة الصّلة بالتراث النّازي والفاشي، أن تتحالف لأوّل مرة في التّاريخ مع الجماعات اليهودية ذات النّفوذ الواسع، التي طالما كان العداء بينها مستحكما مع جماعات أقصى اليمين، إلا أن التّقارب البابوي مع اليهودية، وتبرئة اليهود من دم المسيح، الى جانب ما يقوم به الإعلام اليهودي صباح مساء من غسل للأدمغة، نجح في تجسير الهوّة بين الطّرفين على خلفية حضارة مشتركة، يطلقون عليها الحضارة المسيحية اليهودية، في مواجهة عدو مشترك للجميع هو الإسلام

الإسلام الذي رشّح بعد نهاية الحرب الباردة من طرف الدّوائر الرأسمالية - بدعم اسرائيلي صريح وقوي – ليحتل موقع العدو والخطر الداهم، يزيد من هذه الخطورة وبالخصوص بعد 11 سبتمبر، وبعد تفجير القطارات في لندن ومدريد من قبل عناصر تقيم بين ظهراني دول الغرب وبعضها من مواليده ويحمل جنسياته وتعلم في مدارسه، بما يجعله مستحقا لصفة "العدو الذي يعيش بيننا"، وهو الوصف الذي أطلقه حزب أقصى اليمين في بريطانيا على الأقلّية المسلمة،

يزيد ولا شك من تأجيج هذه العداوة وإذكاء نيرانها فشو البطالة بأثر الأزمات الإقتصادية، مما يتيح الفرصة للدّعاية المضادة للأقلية المسلمة في الغرب أن تقدّم كبش فداء، وفي الإنتخابية غدت الحرب على المهاجرين - ومعظمهم مسلمون - تجارة رابحة لكسب الأصوات عن طريق تحميل المهاجرين كل المصائب، وهو ما يفتح باب المزايدات تباريا في الحملة على المهاجرين و الإسلام والأقلية المسلمة، لا سيما وأنها – خلافا لليهودية- ضعيفة، رحى الإعلام تدور عليها ولا اثر لها فيها، كما أنهّا رغم عددها المعتبر بالمقاييس الديمقراطية، الاّ أنّه قلّما يتحوّل الى نصاب انتخابي مؤثر،

يزيد الطّين بلّة أن المسلمين لا يكاد يجمعهم رابط فمعظمهم لا يزالون متأثرين بمنابتهم في العالم الإسلامي، استوردوا منها كثيرا من سلبياتها، مقارنة بالأقليات الأخرى كاليهودية او الأرمنية المنظمة، بما يؤهلها للدّفاع عن مصالحها، لا سيما وأن وراءها دولا تدافع عنها، بينما المسلمون في الغرب يتامى، تكتفي منهم دول المصدر بما يضخون لها من مليارات، وقد تحرّض عليهم وتكيد لهم!

تلك أهم العوامل التي تلقي أضواء على هذا التصويت السويسري غير المعزول عن الروح العامة السّارية في ارجاء الغرب، مجافاة وعداوة للإسلام والمسلمين، وتحريضا عليهما تحريضا يتجه في حده الأدنى إلى فرض العزلة والإنكماش على الإسلام وأهله، لمنع تحول كمّهم المتصاعد إلى كيف، إلى قوة انتخابية مؤثرة.

وفي حدّها الأقصى: تأليب كل القوى ضدهم، بما يبرر ويشجع العدوان عليهم، وبما يولّد ردود أفعال عنيفة تصدر عنهم، تعطي مزيدا من المشروعية للتأليب ضدهم ولا يستبعد معه الوصول إلى تجدد قصص الطرد الجماعي والإعتداء بالجملة (الأندلس، البوسنة..).

الثّابت أنّ اللّوبي الصّهيوني الشّديد النّفوذ، يرى بوضوح أن الوجود الإسلامي في الغرب يمثل أعظم تهديد لمصالحه التي اشتغل لتحصيلها مئات السنين، حتى اتخذ الغرب ذي السوابق العدائية المدمرة ضد اليهود أداة من ادوات نفوذه العالمي، ومصدر قوّة للكيان الصّهيوني الذي لا بقاء له مع تراجع أو نفاد نفوذه في الغرب،

ورغم أنه في زمن ثورة الإعلام وقوة الصّورة وتنامي سلطة الرأي العام، لم يعد ميسورا الإقدام على مذابح جماعية تأتي على الملاين ( في أروبا ما لا يقل عن 30 مليون مسلم) إلا أنّه إذا استمرت الأقليات المسلمة تغلب عليها الهامشية والإنعزالية وتفرّق صفوفها بأثر ما يصلها من عالم الإسلام من ضروب تشدّد وفكر عنيف او طائفي تكفيري يفرّق ولا يجمع، إذا استمرّت حالة اليتم والتّوظيف والعزلة، فكلّ شيئ يغدو ممكنا " وَلله الأَمْرُ منْ قَبْلُ ومنْ بَعْد" / الروم 4 /

المصدر

للمزيد عن الشيخ راشد الغنوشي

مؤلفات وكتابات الشيخ راشد الغنوشي

.

أقرأ-أيضًا.png

مفات متعلقة

مقالات متعلقة

أخبار متعلقة

ألبوم صور الشيخ

وصلات فيديو

تابع وصلات فيديو

.

أقرأ-أيضًا.png
ملف الإخوان في تونس

.