انتفاضة القدس في عامها الأول.. هل نجحت لأنها بلا رأس؟

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
انتفاضة القدس في عامها الأول.. هل نجحت لأنها بلا رأس؟


انتفاضة القدس في عامها الأول.jpg

(04/10/2016)

مقدمة

في أوائل أكتوبر 2015 اندلعت "الانتفاضة الثالثة" ضد الاحتلال، "انتفاضة القدس" التي بلغ عدد شهدائها في العام الأول 249 شهيدا، في حين أدت العمليات الفدائية لمقتل 40 صهيونيا محتلا، وإصابة 751 منهم، خلال تلك الفترة، حسب دراسة أعدها موقع "فلسطين نت" المختص بالشأن الفلسطيني، وهي أرقام أوجعت الصهاينة.

في الذكرى الأولى لاندلاع الانتفاضة الشعبية الفلسطينية التي اصطلح عليها باسم "انتفاضة القدس"، لم تتوقف عمليات الطعن ولم ينجح الاحتلال في وقف هجمات شبان وشابات فلسطين على قواته التي شوهدت وهي تهرب أمام شبان الانتفاضة.

أما أجمل ما في هذه الانتفاضة فهو أنها "فردية" و"شخصية" بمعنى أنها غير منظمة ولا تديها جهة ما بحيث توقفها ولكنها عفوية تنبع من إيمان أبناء الشعب الفلسطيني بالجهاد ضد الصهاينة، لهذا سرعان ما تعود للاشتعال بعد توقع محللون وأمنيون صهاينة أنها خمدت، وهو ما يثير إزعاجهم بشده. فيما تكتفي الفصائل والقوى السياسية وأجنحتها المسلحة بإصدار بيانات التأييد والمباركة للجهات والأفراد الفلسطينيين الذين ينفذون عمليات، والمطالبة بمواصلة "الحراك الشبابي".

وتُظهر إحصائية وثقتها جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني ووزارة الصحة الفلسطينية، أن إجمالي عدد الفلسطينيين الذين قتلوا بالضفة الغربية وقطاع غزة، بنيران إسرائيلية، خلال الفترة الواقعة بين 3 أكتوبر 2015، وحتى 20 سبتمبر 2016 الجاري، بلغ 238 فلسطينياً.

وتشير إحصائية أخري غير رسمية، أعدتها وكالة الأناضول، إلى أن من بين إجمالي القتلى، 122 فلسطينياً قضوا نتيجة إطلاق النار عليهم، خلال تنفيذهم (أو الاشتباه) عمليات طعن، و28 شخصا خلال تنفيذهم (أو الاشتباه) لعمليات دهس ضد جنود إسرائيليين أو مستوطنين يهود.

ومع عامها الأول أطلق ناشطون فلسطينيون أكبر تظاهرة إلكترونية دعماً للانتفاضة، والتأكيد على استمرارها، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، رصدوها خلالها ذكري الشهداء وأبرز العمليات، وأكدوا استمرار الانتفاضة التي اندلعت رداً على الانتهاكات الإسرائيلية بحق مدينة القدس، ومحاولة تقسيم المسجد الأقصي زمانياً ومكانياً، ورداً على استمرار الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية والقدس.

وخلال الساعات الأولى من إطلاق وسم (#انتفاضة_القدس) تصدر قائمة الأوسمة الأكثر فعالية ونشاطا في فلسطين على موقع "تويتر"، وقام الآلاف من المغردين بالمشاركة في هذه الحملة، سواء من فلسطين أو من الخارج.

960 هجومًا و535 عملية فدائية

وبحسب الدراسة التي أعدها موقع "فلسطين نت" نفذت المقاومة نحو 535 عملية فدائية، خلال عام الانتفاضة الاول، منها 121 عملية طعن، و33 عملية دهس، و183 عملية إطلاق نار، و198 هجومًا بعبوات ناسفة بدائية، إضافة إلى 135 محاولة طعن غير ناجحة (لم تؤدِ لخسائر في صفوف الاحتلال).

في حين نفذ شبان الانتفاضة، 960 هجومًا على جنود الاحتلال ومستوطنيه، مستخدمين الزجاجات الحارقة والمفرقعات النارية، وبلغ عدد الجرحى الفلسطينيين بلغ 4 آلاف و770 جريحا، في حين بلغ عدد الإصابات في صفوف الاسرائيليين 751 إصابة.

وبشكل عام، أصيب نحو 18 ألف فلسطيني، في مناطق الضفة الغربية والقدس، وقطاع غزة، وفي فلسطين المحتلة 48، فيما بلغ عدد المعتقلين 8500 أسير وأسيرة (أفرج عن بعضهم) وطالت نواب من البرلمان الفلسطيني ووزراء سابقون وأسرى محررين وأقارب شهداء.

وبلغت عدد نقاط الاشتباك مع العدو الصهيوني خلال انتفاضة القدس 6 آلاف و236 نقطة، شملت الضفة الغربية والقدس والداخل الفلسطيني والمناطق الحدودية لقطاع غزة. وبلغت ذروتها في الشهر الأول للانتفاضة (تشرين أول/ أكتوبر 2015)؛ حيث تم رصد 1328 نقطة مواجهات.

وشهدت مدينة القدس المحتلة وقوع 519 عملية وهجوم في المدينة وضواحيها، في حين بلغ عددها في مدينة الخليل 290، و238 في مدينة بيت لحم، الواقعتين جنوبي القدس. وشهدت مدن شمال القدس المحتلة، وقوع 216 عملية في رام الله، إلى جانب 71 عملية في نابلس، و11 عملية في طولكرم، و23 عملية في قلقيلية، و38 عملية قرب مدينة جنين، و13 عملية قرب سلفيت. كما نفذ شبان فلسطينيون 49 في الداخل الفلسطيني المحتل عام 1948، إلى جانب خمس هجمات في كل من مدينتي؛ أريحا وطوباس (شرقي القدس).

انتفاضة_القدس

وتهدف الحملة الالكترونية، بحسب القائمين عليها، إلى إعادة إحياء الانتفاضة من جديد سواء على مواقع التواصل الاجتماعي، أو على الأرض، من خلال التذكير بالانتهاكات الإسرائيلية التي لا زالت مستمرة بحق الشعب الفلسطيني.

إذ أن التفاعل الإلكتروني مع الانتفاضة أصبح وسيلة ضغط قوية ومحرجة جداً لإسرائيل، دفعت الاحتلال للتنسيق مع إدارة فيس بوك لحذف حسابات فلسطينية واعتبار التغريد عبر مواقع التواصل حول الانتفاضة "إرهابا" بدعوي أنه يشجع شبان آخرين على تنفيذ هجمات.

ما يزعج الصهاينة أيضا أن الروية والصورة الفلسطينية أصبحت تصل إلى العالم أجمع بعد أن كان الصهاينة يعملون على تشويه الصورة الفلسطينية وخلق المزاعم التي تساعدها على الاستمرار في سلب حقوق الشعب الفلسطيني.

ونشر فلسطينيون آلاف المواد المكتوبة والمصورة والمسموعة الخاصة بانتفاضة القدس، سواء الخاصة بالانتهاكات الإسرائيلية والإحصائيات، أو صوراً للشهداء والجرحى والبيوت التي دمرتها القوات الإسرائيلية خلال أحداث الانتفاضة.

عدد الشهداء

وحول توزيع أعداد الشهداء، فقد ارتقى من مدينة الخليل لوحدها 77 شهيدًا تليها القدس المحتلة 55، قطاع غزة 30، رام الله 22، جنين 21، و15 في كل من؛ بيت لحم ونابلس، و5 مواطنين من طولكرم، 3 من سلفيت، وشهيدان في كل من؛ الداخل المحتل وقلقيلية.

ومن بين شهداء انتفاضة القدس عربيان؛ أردني وسوداني، كانا قد نفذا عمليتي طعن في القدس والداخل الفلسطيني المحتل ضد المستوطنين وشرطة الاحتلال، ويُضاف لهم أكثر من 17 مقاومًا استشهدوا في أنفاق تابعة للمقاومة الفلسطينية على حدود قطاع غزة.

عمليات فردية تربك الصهاينة

وبعد عام على اندلاع موجة المواجهات بين الفلسطينيين والقوات الإسرائيلية، مطلع أكتوبر/تشرين أول 2015، التي أُطلق عليها عدة تسميات بينها "انتفاضة القدس" و"الهبة الشعبية"، نصرة للمسجد الأقصى ومدينة القدس، يرى محللون سياسيون فلسطينيون أنه ما من نهاية وشيكة لأحداثـها، بسبب مبررات استمرارها ممثلةً بممارسات الاحتلال الإسرائيلي. وقال المحللون للأناضول، إنه من الصعوبة التكهن بمستقبل الانتفاضة، خاصة مع ما يميّزها من "أعمال فردية".

وتباينت الآراء حول تاريخ انطلاق "شرارة" الهبة، وذهب فريق إلى اعتباره الأول من أكتوبر 2015، عقب تنفيذ مسلحين فلسطينيين في ذلك اليوم عمليتين استهدفتا مستوطنين إسرائيليين، أسفرت عن مقتل مستوطنيْن اثنين شمال الضفة، بينما اعتبره آخرون الثالث من ذات الشهر، نتيجة لتنفيذ الشاب "مهند حلبي" (19 عاما) في مدينة القدس أول عملية طعن، أدت إلى مقتل اثنين من المستوطنين الإسرائيليين ومقتله.

وبعد العمليتين مباشرة، انطلقت عمليات طعن ودهس ومواجهات مع القوات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية، نتيجة لإصرار المستوطنين الإسرائيليين على اقتحام المسجد الأقصي. ويقول المحلل السياسي، الكاتب في صحيفة الأيام الفلسطينية الصادرة من الضفة الغربية، طلال عوكل، يقول، إن "بقاء الهجمات الفردية، بعيدا عن إطارها التنظيمي والفصائلي، يجعل من إخماد ثورتها في الوقت القريب أمرا مستبعدا".

ويضيف:

"ما ميزّ الانتفاضة أنها بعيدة عن الأحزاب، وهجمات عفوية، لا يمكن التنبؤ بها أو توقع زمن حدوثها، وبالتالي هي لا تخضع لعملية منظمة كي نقول إنه من السهل التنبؤ باستمرارها، فقد تستمر لأشهر ولأعوام".

ويرى الكاتب السياسي "عوكل"، أن الشبان الفلسطينيين في مدن الضفة والقدس، وقطاع غزة، ضاقوا ذرعا بالانتهاكات الإسرائيلية المستمرة بحقهم.

وقال:

"لم يتوقع أحد أن تندلع هذه المواجهات، وبالتالي من الصعوبة أن نقول ستنتهي في وقت قريب، ولكن من الواضح أن وتيرة العمليات ستستمر، ربما تمر بفترات خفوت أو قوة، غير أنها وفي ظل الانتهاكات الإسرائيلية ستبقى حاضرة".

ويتفق مخيمر أبو سعدة، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر بغزة، مع "عوكل" في صعوبة التنبؤ بنهاية "انتفاضة القدس"، ويؤكد أن مستقبل "الانتفاضة" مرتبط بالميدان، وتواصل العمليات الفردية، التي أربكت إسرائيل سياسيا وميدانيا، فمن الصعب أن يتم التنبؤ بوقوع الهجوم الفردي، وتوقيته، وهذا ما يدفعنا للقول إنه من الصعوبة معرفة عمر هذه الانتفاضة".

ويشير أستاذ الإعلام في جامعة النجاح الوطنية بمدينة نابلس، فريد أبو ضهير، لتميّز "انتفاضة القدس" بعملياتها الفردية، قائلا: "أكثر ما ميّز الانتفاضة أنها لم تكن تحت مظلة أو عباءة أي من التنظيمات السياسية، ولهذا كان لها أثر ووقع على العالم الخارجي، لأنها تلقائية وشعبية وغير مسيّرة من أي طرف".

واستدرك قائلا

"ليس بالضرورة أن تستمر الانتفاضة بالشكل الذي بدأت به، فالأمور مرشحة للتطور، والأيام القادمة تحمل بطيّاتها الكثير من الأحداث والتغيّرات، ففي السياسة لا يوجد ثبات، وستكون هناك تغيّرات على الصعيد الداخلي والخارجي".

ويرى أن إصرار إسرائيل على عدم وقف الاستيطان، ومواصلة مصادرة الأرضي الفلسطينية، واقتحام المسجد الأقصي، سيزيد من مبررات وأسباب تصاعد "الانتفاضة".

بناء كنيس في قلب القدس القديمة

وفيما تستمر الانتفاضة في الاشتعال يصر الصهاينة علي نهج اغتصاب الأرض حيث وافقت الحكومة الإسرائيلية إقامة نحو 300 وحدة استيطانية جديدة في الضفة، وكشف الصحفي محمود أبو عطا من فلسطين المحتلة 48 أن أذرع الاحتلال الإسرائيلي وضعت اللمسات الأخيرة، وهي على أهبة الاستعداد للبدء بتنفيذ مشروع بناء كنيس "جوهرة إسرائيل" في حي الشرف، في قلب البلدة القديمة بالقدس المحتلة، وعلى بعد 200 متر غربي المسجد الأقصي المبارك.

وتبلغ تكلفة المشروع نحو 48 مليون شيقل (13 مليون دولار أمريكي)، حيث رصدت الحكومة الإسرائيلية مبلغ 36 مليون شيقل، فيما بوشر بجمع المبلغ المتبقي من أثرياء اليهود.

وسيبنى الكنيس اليهودي على أنقاض وقف إسلامي وبناء تاريخي إسلامي من العهد العثماني والمملوكي، وتبلغ المساحة البنائية الاجمالية للكنيس نحو 1400 متر مربع، وسيتألف من ست طبقات، ‏اثنتان تحت الأرض وأربع فوقها، ‏وعلى مساحة 378 متراً مربعاً، فيما سترتفع على المبنى قبة ضخمة، حيث سيصل ارتفاع المبنى الى نحو 23 متر عن مستوى الشارع.

وسيُخصص طابقا الكنيس تحت الأرض، ليكون الأول منهما لعرض موجودات أثرية، ‏يُدّعى أنها بقايا كنيس يهودي قديم من ضمنها مغطس للطهارة، أما الثاني فيخصص ‏ليكون حمامات للرجال ومبان للدعم التقني. ‏أما الطابق الثالث فسيكون بالتوازي مع مستوى الشارع الموجود أي سيكون بمثابة ‏الطابق الأول فوق الأرض وسيخصص كمدخل وحمامات للنساء، بينما الطابق الرابع ‏سيكون بمثابة القاعة الكبيرة للكنيس ويحتوي على كراسٍ وقاعات لصلوات اليهود ‏وخزانة التوراة. ‏

وسيتم تخصيص الطابق الخامس ككنيس للنساء، والطابق السادس بمثابة مطلة تشرف ‏على مباني القدس القديمة ومحيطها، وستكون الطوابق الثلاثة الأخيرة مرتبطة مع ‏بعضها تعلوها قبة عالية تختم البناء. ‏ووفق المخطط التهويدي، فإن أجنحة وغرفاً في المبنى العام للكنيس ستخصص ‏كمركز زوار يروّج للتراث اليهودي في القدس، بحسب ادعائهم، كما سيتم إجراء ‏تغييرات في الفناء القريب من الكنيس، ونصب مقاعد واستراحات مظللة للجمهور ‏العام، في خطوة لجذب الزوار اليهود.

وعلى مدار السنتين الأخيرتين نفذت ما تسمى "سلطة الآثار الإسرائيلية" حفريات أثرية في عمق الموقع، وادعت انها وجدت آثارا من فترة عهد الهيكل الأول والثاني، والفترة البيزنطية، لكنها أشارت في بعض تقاريرها أنها وجدت مبنى فخما من الفترة المملوكية وآخر من الفترة العثمانية.

ويهدف الاحتلال الإسرائيلي من خلال بناء هذا الكنيس، إلى ‏استنبات مواقع يهودية مقدسة في قلب القدس القديمة، وزرع مبانٍ مقببة توحي بأقدمية ‏الوجود اليهودي في القدس، وتشويه الفضاء العام في المدينة المقدسة، ليكون هذا ‏الكنيس الثاني من حيث الضخامة والعلو في القدس القديمة بعد كنيس الخراب، مقابل البناء العمراني الإسلامي العربي الضخم في القدس القديمة، وخاصة المسجد الأقصي وبضمنه قبة الصخرة.

المصدر