النظام الرسمي العربي في غزة، لماذا وماذا بعد؟

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
النظام الرسمي العربي في غزة، لماذا وماذا بعد؟



بقلم:أ.كمال جابر

النظام العربي أين هو من قضايا أمتنا؟

قد ينقسم الناس حول حقيقة الدور الذي يؤديه النظام الرسمي العربي تجاه قضايا الأمة المصيرية لا سيما القضية الفلسطينية ، هل هو إيجابي مسؤول ، أم سلبي مخذل ، وباختلاف التوصيف يختلف أثر الدور وما إذا كان بلسما للجراح الغائرة، أم ملحا مركزا فوقها ، بالمناسبة فإن احتمال كل خيار هو ممكن من ناحية مبدئية ، وما السلوك والسياسات سوى الدليل الذي يرجح الكفة يمينا أو شمالا.

ورغم ذلك فقد آليت على نفسي أن أتجاهل الاحتمال الأخير وأنا أتابع سلوك وأفعال هذا النظام الكثيرة ، تعبيرا عن الأمل في مسؤولية هذا النظام ورهانا على جديته في التعاطي مع أوجاعنا وهمومنا ، لكن ، ولما لم أجد دليلا واحدا يمكنني أن أتشبث به للتأكيد على أهليتة للقيام على أمر قضايانا كلها ، لا سيما المفصلية منها ، قررت أن استعين بالقارئ لنستدل معا على وجهة السكة التي يسير فوقها قطار النظام الرسمي العربي.

ولنبدأ من حيث انتهت آخر رحلات هذا القطار ، من غزة هاشم ، فعلى الرغم من أن الرحلة باتجاه غزة هي الأقرب لمقر هذا النظام ، من الناحية الجغرافية ،كما من الناحية المنطقية ، بحكم الخصوصية التي تفرضها المحنة التي تحياها غزة ، إلا أن قطار جامعة الدول العربية لم يستطع الوصول للمحطة الاقرب له إلا بعد أربع سنوات عجاف ، لماذا يا فخامة وجلالة وسمو النظام الرسمي العربي ؟ لأن هناك انقساما ولا نريد أن نقوي طرفا على طرف ، أو أن نسهم في شرعنته، هذا جواب حسن ، ولكن ألم تطلب جامعتكم بتشكيل لجنة لتقصي الحقائق فيما يتعلق باحداث حزيران 2007، فرفض الفريق المتسبب بالانقسام مطلبكم.

لماذا سكتم على ذلك ، وقبلتم به ؟ ثم لماذا اتخذتم قرارا بعد ذلك بالتمديد لرئيس السلطة عاما واحدا ؟ أليس في ذلك تقوية لجهة على أخرى ؟وإذا كنتم مخولين وقادرين على تمديد رئاسة محمود عباس للسلطة ، فكيف لا تكونون قادرين على إلزامه بالقبول بلجنة تتقصى حقائق الأحداث التي انتجت ما عرف بالانقسام ، يتضح من ذلك أن الادعاء بالرغبة في عدم تقوية طرف على آخر هو ادعاء متهافت ، وتكذبه المواقف ، كما أن الإيحاء بوقوف النظام الرسمي على مسافة واحدة تجاه الفرقاء الفلسطينيين ، هو ادعاء تنقضه حقيقة كون أحد طرفي الانقسام يعتبر امتدادا طبيعيا لهذا النظام في الساحة الفلسطينية ، لذلك فإن مواقف هذا النظام تجاه موضوع الإنقسام والمصالحة ، لن تتأسس سوى على قاعدة مراعاة مصلحة ومستقبل ممثله الشرعي والوحيد على الأرض الفلسطينية ، وهي التي تنسجم بوضوح مع الرغبة الصهيوأمريكية.

هذا الانطباق في مواقف هذه الأطراف المختلفة ، يعكسه الانطباق في سلوك رموزها ، فأمين عام الأمم المتحدة تجاهل تماما الحكومة المنتخبة في غزة عندما زارها يوما ما ، وأمين عام جامعة الدول العربية يرفض لقاء رئيس الوزراء الفلسطيني المنتخب في مقر رئاسة الوزراء ، تحت غطاء ذات الحجج سالفة الذكر ، أما الرمز المحلي لهذه الحالة ، فقد منعه ضيق الوقت طيلة ثلاث سنين كي يتوجه لغزة ( ليتفقد أهلها ويطمئن على أحوالها) ، لكن ما الذي تغير حتى يأتي أمين عام جامعة النظام الرسمي العربي لغزة ، هل شعر القوم بتآكل قدرة المسوغات التي تم تزجيتها بين يدي جفائهم لغزة على الإقناع ؟ أم شعروا بأن تيار الأحداث قد يتجاوزهم إن لم يبادروا بالمجيء ؟ وبالتالي هل جاؤوا لأجل غزة المحاصرة المدمرة أم لاجل عيونهم أنفسهم؟

ما يحسم الأمر في ذاك يتعلق بفعاليات الزيارة والنتائج المترتبة عليها، والوعود المقطوعة فيها ، وما إذا كانت مرسلة أم مشروطة ، فالتحفظ عن التعاطي مع واقع غزة كما هو ، وربط الإفراج عن الأموال المرصودة للإعمار بشروط معينة ، كل ذلك يدل على أن القدوم كان على أساس البحث عن مكاسب للنظام الرسمي العربي ، لا عن حلول لأهل غزة المحاصرين ، وإذا كانت المصالحة الداخلية هي إرادة لا سياسة كما صرح أمين عام النظام الرسمي العربي، فلماذا تحضر السياسة بوضوح في سلوكه ومواقفه واشتراطاته ، وهو يزور غزة ، وتغيب الإرادة برغم ما يترتب على هذا الغياب من معاناة إنسانية بالغة لمليون وثلاثة أرباع المليون من البشر في قطاع غزة المكلوم ، ولماذا لم يترجم أمين عام الجامعة العربية مواعظه إلى أفعال تصدقها؟

كل هذه الأسئلة وغيرها بحاجة إلى إجابة شافية من النظام الرسمي العربي ، كما نحن بانتظار تأكيد هذا النظام على أنه قادر بالفعل على تجاوز العقدة أو العقد التي تحكم تعامله مع حماس ، وهل الذنب ذنبها ، إذا كانت قد وصلت للسلطة بطريقة انتخابية حرة لم تتوفر للغالبية الساحقة من مكونات النظام الرسمي العربي ، وهل الذنب ذنبها عندما لم تقبل على نفسها أن تكون مجرد مستقبل للإرادة السياسية للأعداء والمنافسين، فبادرت بثقة واقتدار بطرح إرادتها السياسية في سوق السياسة الزاخر ، وصبرت على ما يقتضيه ذلك ، حتى باتت معالم ثباتها وآثاره تلوح في الأفق ، وإذا ترتب على ذلك ثمة تكشف وتعرية للنظام الرسمي العربي ، فالذنب ليس ذنبها ، بل هو ذنبه دون غيره.

ولا ينبغي بحال أن يتم تحميل حماس أوزار فشل السلطة الفلسطينية - الممثل الشرعي والوحيد للنظام الرسمي العربي في فلسطين - بالاستمرار في توفير المظلة الملائمة لهذا النظام لمزيد من التراخي والعزوف واللا مبالاة تجاه القضية الفلسطينية، ألا يستحق كل ذلك توفر الإرادة للنظام الرسمي العربي لاستلهام العبر من وراء تجربة حماس ، وصمود قطاع غزة ، بدلا من الإصرار على الذهاب باتجاه غير التناقض مع الذات حتى نهاية الشوط؟