المقاطعة في منهاج الإخوان المسلمين

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
مراجعة ١٥:٢٢، ٢٧ أغسطس ٢٠١٠ بواسطة Abo nidal (نقاش | مساهمات) (حمى "المقاطعة في منهاج الإخوان المسلمين" ([edit=sysop] (غير محدد) [move=sysop] (غير محدد)))
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

المقاطعة في منهاج الإخوان المسلمين

ونحن فى هذه الدراسة المتواضعة نضع بين ايدى قراءنا إثباتا تاريخيا ودعويا لفكرة الفهم الشامل لهذا الدين عند الأخوان المسلمين انطلاقا من قضية المقاطعة,حيث إن هذه القضية تشمل عدة جوانب منها الأقتصادى والسياسي والأجتماعى والثقافي وحتى الشرعي ولهذا كانت قضية المقاطعة وبروزها فى هذة الآونة بالذات نقطة انطلاق لشرحها واثبات أهميتها دعويا وتاريخيا عند الأخوان المسلمين.

كانت الحركة الإسلامية ومازالت حتى الآن هي المحرك الأساسي والرئيسي للمسار السياسي للشعوب الإسلامية داخل الوطن العربي وخارجه,فالمسلم المنصف عندما يجول ببصره فى مشارق الأرض ومغاربها وفى اى مكان يتواجد به مسلمين يجد أن الحركات الإسلامية هى الوحيدة التي تقوم مقام المدافع عن الإسلام وأهله وذلك بعد إعلان وفاة جميع التيارات السياسية الأخرى سواء منها الشيوعية او الليبرالية أو حتى اللادينية والتي كانت ومازالت عامل من عوامل الهدم والانحدار لهذا الدين.

ومن هذا المنطلق ولكي نفى لكل ذي حق حقه لابد لنا من توضيح بعض المفاهيم الأساسية لدى كبرى الحركات السياسية المعاصرة والمنتشرة في قارات العالم الست ,الحركة التي أعادت الحيوية لهذا الدين ,الحركة التي أعادت للناس الفهم الصحيح لهذا الدين الفهم الشامل للإسلام وهو ما تعبر عنة هذه الحركة بعبارة ان الإسلام دين ودولة مصحف وسيف...إنها جماعة الأخوان المسلمين

ونحن فى هذه الدراسة المتواضعة نضع بين ايدى قراءنا إثباتا تاريخيا ودعويا لفكرة الفهم الشامل لهذا الدين عند الأخوان المسلمين انطلاقا من قضية المقاطعة,حيث إن هذه القضية تشمل عدة جوانب منها الأقتصادى والسياسي والأجتماعى والثقافي وحتى الشرعي ولهذا كانت قضية المقاطعة وبروزها فى هذة الآونة بالذات نقطة انطلاق لشرحها واثبات أهميتها دعويا وتاريخيا عند الأخوان المسلمين.

لقد اعتبر الاستاذ البنا أن ما بيننا وبين العدو حرب " ولو سلبية " و طالب بتنظيم حياتنا على هذا الاعتبار

اقتصاديا : بالاكتفاء و الاقتصار على ما عندنا و عند اخواننا من العرب والمسلمين و الدول الصديقة ان كانت

اجتماعيا : بتشجيع روح العزة والكرامة و حب الحرية

ثم وضح من ـ من خلال تجربته ـ أن الشعب مستعد ليجوع ويعرى و ليموت و يناضل ويكافح بأشد انواع الكفاح و النضال شريطة أن يكون ذلك فى سبيل حريته واستقلاله

ـ ثم حدد الامام البنا عدونا فى رسالة المؤتمر الخامس قائلا : " يعتقد الاخوان المسلمون أن كل دولة اعتدت و تعدى أوطان الاسلام دولة ظالمة لا بد ان تكف عدوانها و لا بد أن يعد المسلمون أنفسهم و يعملوا متساندين على التخلص من نيرها "

ـ و فى معرض حديثه عن أهداف الجماعة الخاصة فى رسالة " بين الامس واليوم " ذكر انما يؤرقه و يؤخر أسلمة المجتمع أن مصر بها أكثر من 320 شركة أجنبية تحتكر كل المرافق العامة و كل المنافع الهامة فى البلاد و أن دولاب التجارة والصناعة و المنشأت الاقتصادية تنتقل بسرعة البرق من أيدى الوطنيين الى ايدى الاجانب .... ثم يقول فمن أهدافكم " تكوين مجتمع نموذجى يستحق ان ينتسب الى شريعة الاسلام "

ثم وصف وسائل الجماعة الأضافية فى نفس الرسالة قائلا : "لا بد الاخذ بها ـ أى الوسائل ـ و سلوك سبيلها و منها السلبى ومنها الايجابى و منها ما فيه لين ومنها ما فيه شدة و لا بد ان نروض انفسنا على تحمل ذلك .. و قد يطلب الينا ان نخالف عادات و مأ لوفات ... "

و كأنه رحمه الله يصف المقاطعة كوسيلة من وسائل الاستقلال الاقتصادى .

ستنقسم الدراسة إلى ثلاث مراحل:

1- بيان ان قضية دعم الاقتصاد الوطني من صلب دعوة الأخوان المسلمين.

2 - ان المقاطعة في الجماعة تعدت من مرحلة القول إلى مرحلة الفعل.

3- إن المقاطعة كانت ومازالت من صلب قضايا التربية الداخلية في الجماعة.

اولا: دعم الاقتصاد الوطني من صلب دعوة الأخوان: من الأسس التى قامت عليها دعوة الأخوان هو الأساس الأقتصادى حيث اهتم الأمام حسن البنا فى معرض اهتمامة بشمولية الأسلام ان يوضح ان الأقتصاد جزء لا يتجزاء من دعوة الأسلام والتى هى دعوة الأخوان ففى رسالة المؤتمر الخامس والتى تعد أحد أهم رسائل الأمام البنا رحمه الله .. قال تحت عنوان فكرة الأخوان المسلمين "تضم كل المعانى الأصلاحية" موجها كلامة الى الأخوان" وتستطيع ان تقول ولاحرج عليك ان دعوة الأخوان المسلمين دعوة سلفية وطريقة سنية وحقيقة صوفية وهيئة سياسية وجماعة رياضية ورابطة علمية ثقافية وشركة اقتصادية" ثم قال موضحا معنى شركة اقتصادية "ان الآسلام يعنى بتدبير المال وكسبة من وجهه وهو الذى يقول نبيه(ص)"نعم المال الصالح للرجل الصالح".

وفى رسالة" مشكلاتنا الداخلية فى ضوء النظام الاسلامى " تحدث الاستاذ البناعن تمصير الشركات وأكد على احلال روؤس الاموال الوطنية محل روؤس الأموال الاجنبية كلما أمكن ذلك كما دعا الاستاذ البنا الى استغلال منابع الثروة استغلالا سريعا منتجا و العناية بالمشروعات الكبرى المهملة ثم يضيف الاستاذ البنا ممتدحا السيد طلعت حرب باشا " كم كنا نحتاج و نعرى لو لم يلهم طلعت حرب ـ عليه الرضوان ـ أن يتقدم بمشروعات المحلة "

كما دعا الاستاذ فى نفس الرسالة لتشجيع الصناعات المنزلية وخص منها صناعة العطور و المربيات وصناعة الصابون (وهى كلها بدائل سلع المقاطعة )

وتتضح الرؤية أكثر عندما نلاحظ أن شمولية دعوة الأخوان لم تكن حكرا على فهم الأمام البنا وحده بل تعدته الى فهم من رباهم على شمولية السلام فهذا العالم الجليل الدكتور يوسف القرضاوى يقول "ولم تقتصر أهداف الأخوان على الجانب الأقتصادى والتنموي كما هو شأن كثير من رجال الإصلاح الذين يسعون إلى زيادة الإنتاج وترشيد الاستهلاك وعدالة التوزيع واستقامة التداول وان كان الإصلاح الأقتصادى من المعالم الرئيسية فى برنامج الأخوان بالإضافة إلى تحرير الاقتصاد من التبعية وقيام اقتصاد وطني قوى"

ويقول الدكتور يوسف فى موضع آخر نقلا عن الأمام البنا قوله "ان مصر بها أكثر من 320 شركة أجنبية ـ وكان ذلك فى عام 1936 ـ تحتكر كل المرافق العامة وكل المنافع فى جميع أنحاء البلاد وان دولاب التجارة والصناعة و المنشآت الاقتصادية كلها فى ايدى الأجانب المرابين وان الثروة العقارية تنتقل بسرعة البرق من ايدى الوطنيين الى ايدى هؤلاء".

كما ينقل الدكتور يوسف القرضاوى أيضا عن الكاتب الأمريكي ميتشل فى كتابه عن الأخوان قوله :

" لم تكد الإجراءات الاقتصادية تتغير سواء فى مداها او فى أهميتها النسبية ضمن الفكرة الإجمالية للإصلاح طوال السنين التي دعت خلالها الجماعة الى الإصلاح فى مصر على انه بينما قدم البنا الإصلاحات الخلقية والسياسية والثقافية على الاقتصادية اعتبر إتباعه الأصلاح الأقتصادى أحق بالتقديم بل اعتبروه أساسا للإصلاح ,وعلى كل حال أخذت المشكلة الاقتصادية تحتل مكانا اكبر فى اهتمام الجماعة حتى من قبل البنا وكان ذلك رجعا لصدى ما يشغل الأعضاء ولما هم فى حاجة اليه إبان الأزمة الاقتصادية المتزايدة فى مصر عقب الحرب العالمية الثانية,وقد رأى الأخوان تحقيق الإصلاح الأقتصادى فى عاملين :

ان الأستقلال الأقتصادى اساس الأستقلال السياسي ان التحسن الأقتصادى فى صوره نوع من الضمان الأقتصادى والأجتماعى امر ضرورى لملء الفراغ فى البناء الطبقى " ثم يستطرد الكاتب الأمريكي ويقول ان الأخوان اقترحوا عدة قوانين للأصلاح الأقتصادى وكان مشروع القانون الثانى نصه كالأتى "يجب تأميم مصادر الثروة فى البلاد وانهاء السيطرة الأجنبية على المرافق العامة والثروات المعدنية كما يجب احلال رأس المال الوطنى محل رأس المال الأجنبى ويجب ان يصحب هذه الأجراءات استغلال الثروات الطبيعية فى البلاد على نطاق واسع سواء فى المجال الزراعى او التعدينى". ويظهر ايضا عمق الفهم الشامل للأصلاح داخل المجتمع المصرى والأسلامى خاصة فى المجال الأقتصادى ما اصدره مكتب الأرشاد للجماعة عام 1937 وهو ما عرف بالمطالب الخمسون للجماعة التى أرسلها الاخوان الى اصحاب الجلالة وملوك الدول الاسلامية و فيها تصور عام للأخوان المسلمين للأصلاح الأقتصادى أهمها ما جاء فى بند 43 : " تشجيع المشرعات الأقتصادية والأكثار منها وتشغيل العاطلين من الوطنيين فيها واستخلاص ما فى ايدى الأجانب منها للناحية الوطنية البحتة".

الاكتفاء الذاتى طريق الاستقلال :

و فى مواضع كثيرة نبه الاستاذ البنا الى ان الرابطة الوثيقة بين الدول العربية و الاسلامية من لغة وعقيدة وتاريخ تمهد لنا سبل الاكتفاء الذاتى و الاستقلال الاقتصادى و تنقذنا من هذا التحكم الغربى فى التصدير والاستيراد و ما اليها و لا يكلفنا ذلك أكثر من أن نعزم ونقدم و نقوى الصلة ونحكم الرابطة و نوالى الدراسات و البعثات و نحاول انشاء اسطول تجارى و نشيع روح الوحدة و التعاون بيننا وبين امم العروبة و شعوب الاسلام

كل هذا يدل على أن قضية المقاطعة الأقتصادية لم تكن غائبة عن ذهن الأخوان المسلمين ومؤسسها الأمام حسن ابنا وان كان فى هذا الوقت المفهوم العام الاستقلال الأقتصادى هو الغالب على الرسالة الأعلامية للجماعة ومؤسساتها,وهنا لابد لنا من وقفة لكى نوضح للقاصى والدانى ان المقاطعة فى ذهن الأخوان المسلمين لم تكن ابدا وليد اللحظة ولكنها تاريخ دعوى طويل بدأ تقريبا منذ نشأة الجماعة الى الآن.


ثانيا: المقاطعة فى الجماعة تعدت مرحلة القول الى مرحلة الفعل: لم تكن دعاوى الإصلاح الأقتصادى داخل الأخوان المسلمين قاصرة على أدبيات الجماعة وأهدافها ونشراتها الرسمية وأقوال مؤسسها و رسائله بل تعدت القضية إلى مرحلة العمل الدعوى الجاد القائم على أسس شرعية إسلامية

ويمكن تقسيم مجالات العمل الدعوى من خلال الإصلاح الأقتصادى والمقاطعة إلى قسمين :

في المشروعات الداخلية ( البدائل الوطنية ) . من خلال القضية الفلسطينية. المشروعات الداخلية:

قام الأخوان فى أنحاء القطر المصري ومن خلال فهمهم الشامل للأسلام ولدعوة الأخوان الى انشاء العديد من الشركات التجارية كان منها انشاء اول شركة تجارية فى رشيد , ورغم ان المشروع باء بالفشل إلا انها كانت من المحاولات الجديرة بالأهتمام داخل الجماعة وتنم عن عمق الفهم للناحية الأقتصادى داخل فكر الجماعة والمنتمين اليها.

ثم قام الاخوان بعد ذلك بأنشاء شركة باءسم شركة المعاملات الأسلامية وذلك فى عام 1939 وكانت للأتجار فى المواد الغذائية , وكتب لهذه الشركة النجاح وتفرعت عنها شركات اخرى كانت ناجحة ايضا وكانت من اهداف انشاء هذه الشركة كما يقول الحاج عباس السيسى"وكانت خطوة فى نفس الطريق الذى تهدف الية دعوة الأخوان المسلمين من تحرير الأقتصاد القومى والا يعتمد الأخوان على الوظائف الحكومية ما وجدوا لذلك سبيلا".

وقد تم تأسيس 7 شركات اقتصادية من مساهمات الاعضاء فضلا عن كثير من المحلات التجارية التى كانت تؤسسها بعض شعب الاخوان بمساهمة أعضاء الشعبة و توزيع الارباح مناصفة بين المساهمين والجماعة نفسها ( وسائل التربية عند الاخوان للاستاذ على عبد الحليم ص48)

من خلال القضية الفلسطينية:

اما القضية الفلسطينية والتى هى شغل جماعةالأخوان المسلمين الشاغل والتى ضحى من اجلها كثير من الأخوان فى حرب فلسطين كانت لها الرؤية الأوضح فى قضية المقاطعة وكانت بداية وضوح هذة الرؤية من المؤسس للجماعة الأمام البنا رحمه الله حيث كان يعتقد رحمه الله ان القضية الفلسطينية لن تنتهى فقط بالحل العسكرى بل يجب ان يصاحب ذلك حل سياسى متمثل بقطع كافة اشكال التعامل مع اليهود وكان من ضمن هذه الجهود لدعم القضية الفلسطينية هو نشاط الشعب والكلام هنا للأستاذ جمعة امين فى كتاب " أوراق من تاريخ الاخوان " حيث يقول" تمثل نشاط الشعب من اجل فلسطين فى امور منها :

1- مقاطعة البضائع الصهيونية , وقد كانت الشعب القريبة من الحدود الفلسطينية هى المعنية بذلك وقد حرصت جريدة الأخوان المسلمين الأسبوعية على نشر هذة المقاطعة بين الناس ليقتدوا بها فكتب تحت عنوان (صدى حوادث فلسطين فى العريش) ما نصه : " علمنا ان العرب فى العريش اجمعوا على مقاطعة اليهود وقد جروا فى سبيل هذة المقاطعة شوطا بعيدا حتى ان احد ابناء البيوتات الكبيرة منهم خرق قرار المقاطعة فكان نصيبه الأعتداء الصارم من اهله انفسهم و من اقرب الأقارب اليه مما دعى الى تدخل محافظ العريش ولكن المعتدين صمموا على عزمهم الأعتداء على كل من يخرج على هذا الأجماع ولاتزال حركة المقاطعة قائمة على اشدها ".

وفى نفس الصدد يقول الحاج عباس السيسى " اصدر الأخوان بيانا للشعب المصرى يظهر البغض للأنجليز وعدم التعامل معهم برفض الشعب المصرى استعمال لغتهم التى فرضوها علينا وعلى هذا ينبغى على كل وطنى ان يشطب العناوين التجارية والأعلامية المكتوبة على المؤسسات والمحلات التجارية باللغة الأنجليزية والأكتفاء بالكتابة بالغة العربية وعلى الفور واستجابة لهذا النداء قامت الهيئات والمؤسسات والمحال التجارية بشطب عناوين اللافتات المكتوبة باللغة الأنجليزية مستبدلة اياها بالغة العربية"

و يروى الاستاذ محمود عبد الحليم هذه الاحداث فى كتابه " الاخوان المسلمون أحداث صنعت تاريخ " الجزء الاول و يؤكده الاستاذ فريد عبد الخالق فى كتابه " الاخوان المسلمون فى ميزان الحق " :

" كان من ضمن الوسائل التى اعتمدها الاستاذ المرشد ـ الكلام هنا للاستاذ محمود عبد الحليم ـ لجعل قضية فلسطين قضية عالمية تقض مضاجع الانجليز واليهود ذكر عدة وسائل كان رابعها :

دعونا الى مقاطعة المحلات اليهودية فى القاهرة , و طبعنا كشفا باسماء هذه المحلات و عناوينها والأسماء الحقيقية لاصحابها وذيلنا هذه الكشوف بهذه العبارة :

" ان القرش الذى تدفعه لمحل من هذه المحلات انما تضعه فى جيب يهود فلسطين ليشتروا به سلاحا يقتلون به اخوانك المسلمين فى فلسطين "

و يضيف الاستاذ محمود " وقد وزعنا هذه الكشوف على أوسع نطاق فى القاهرة والاقاليم , فكان لها دوى هائل لانها اول دعاية مست العصب الحساس لليهود ، وقد بلغ من تأثير هذا الاسلوب فى الدعاية أن علقت عليه الصحف الانجليزية تستعدى الحكومة المصرية على مصدرى هذه المنشورات .

و اتماما لفضح الخطة الصهيونية أصدرنا رسالة أو كتيبا صغيرا يضم أسماء الصحف اليهودية التى يصدرونها فى أنحاء العالم الذى تصدر فيه كل صحيفة و الاسماء التى يتستر خلفها أصحابها الحقيقيون من اليهود ووزعنا هذا الكتيب على أوسع نطاق .

و مع أن الحكومة المصرية مدفوعة من الانجليز قد جردت حملات قوية لمصادرة هذه المنشورات بالذات الا انها لم تتمكن من الوصول الى شىء منها وكانت تفاجأ برؤيتها فى أيدى الناس والشوارع و المحلات و المدارس والمعاهد والجامعة وكان كبار موظفى الدولة و الوزراء يذهبون فى الصباح الى مكاتبهم فيجدون هذه المنشورات عليها "

و يقول الدكتور يوسف القرضاوى فى مذكراته نقلا عن الأستاذ البنا عن موقفنا من تحرير الوطن الكبير :

" وقام حسن البنا ليعلن: أنه سيتحدث في أمور ثلاثة: قضيتنا، وسليتنا، دعوتنا. قال :

أما قضيتنا، فأقصد بها قضية (الوطن): الصغير، والكبير والأكبر .

وبين ما يريد بالوطن (الصغير) وهو: وادي النيل، بشماله (مصر) وجنوبه (السودان) وقال: إنه يعتبر مصر هي السودان الشمالي، والسودان هو مصر الجنوبية، وحدد الهدف القومي بالنسبة لهما في أمرين: الجلاء التام (أي جلاء جيش الإنجليز) عن وادي النيل كله برا وبحرا وجوا، وتركه لأهله يحكمونه كما يشاءون. ووحدة هذا الوادي تحت علم واحد، وملك واحد، وحدة سياسية واقتصادية وثقافية وتعليمية.. إلخ .

أما الوطن الكبير، فيشرحه البنا بأنه (الوطن العربي) ويحدده بأنه من الخليج الفارسي إلى المحيط الأطلسي. ولم يكن مصطلح (الخليج العربي) قد ظهر بعد. كما أصبح يقال بعد: من الخليج الثائر إلى المحيط الهادر. وكان كلام البنا أول كلام محدد أعرف به حدود الوطن العربي .

وأما الوطن الأكبر، فهو (الوطن الإسلامي) من المحيط إلى المحيط، أي من المحيط الهادي إلى المحيط الأطلسي، أو من جاكرتا على المحيط الهادي إلى رباط الفتح على المحيط الأطلسي. وكان هذا أول تحديد للوطن الإسلامي أسمعه، ولهذا تحدث عن إندونيسيا وضرورة تحريرها من الاستعمار الهولندي، وعن ضرورة تحرير تونس والجزائر ومراكش بلاد المغرب العربي، وكان يعبر عن المغرب في هذه الفترة بـ (مراكش).

وبين أن على الأمة الإسلامية بالتضامن أن تعمل على تحرير أوطانها كلها من كل سلطان أجنبي "ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا" (النساء:141 )

وأشار إلى ما ذكره الفقهاء من أنه: إذا أسرت امرأة في المشرق، وعجز أهل المشرق أن ينقذوها من أسرها، فعلى أهل المغرب أن يقوموا بذلك .

وأفاض الأستاذ البنا في قضية مصر، وشرح جذورها التاريخية، وحدد الأهداف الوطنية ـ كما قلت ـ في الجلاء والوحدة، ثم تحدث عن (وسيلتنا) في تحقيق أهدافنا والوصول إلى حقنا. وبينها وسيلة بعد وسيلة، تبدأ بـ (المفاوضة) مفاوضة صاحب الحق لا المستجدي، ويجب أن تقف الأمة كلها وراء المفاوض، وعلى المفاوض أن يتجاوب مع نبض الأمة، ولا يستخزى ولا يستسلم أبدا .

فإن لم تجد (المفاوضة) لجأنا إلى (المقاطعة) مقاطعة الإنجليز اقتصاديا، لا نشتري منهم، ولا نبيع لهم، نحن المصريين والسودانيين والعرب والمسلمين عامة. فنقاطع كل بضاعة إنجليزية، وعلى علمائنا أن يصدروا الفتاوى الدينية القاطعة بتحريم الشراء من العدو؛ لأن ذلك تقوية له على المسلمين، وكل ما يقويه على المسلمين، لا يجوز له لنا أن نعين فيه. وكل قرش يذهب إلى الخزانة البريطانية يتحول إلى رصاصة تقتل المصريين والسودانيين. وأشار إلى أن الشعب المصري (شعب قنوع) يستطيع أن يعيش على القليل، والأقل من القليل إذا كان ذلك في سبيل عزته وكرامته وحريته .

فإن لم تجد (المقاطعة) أو لم تكف، فلا بد من الوسيلة الأخيرة التي يفرضها الواقع، كما يفرضها الدين، وهي (الجهاد): أن نقاتل الإنجليز بكل ما نستطيع من قوة، وأن نجند رجالنا وشبابنا لذلك، وأن نربي أنفسنا لهذه الغاية، وأن نشيع روح الجهاد في الأمة، بدل روح الميوعة والخلاعة والخنوثة، التي تفعل في نفوس أبنائنا ما تفعل السموم في الأبدان .

والجهاد في هذه الحالة فرض عين على كل مصري وسوداني حتى يخرج الإنجليز من وطنه، وكل مواطن عليه أن يبذل ما يقدر عليه، والإخوان المسلون مستعدون أن يقدموا الآلاف من شبابهم فداء لوطنهم، الذي هو جزء عزيز من أرض الإسلام" .

يظهر من المواقف السابقة عدة أمور هامة منها :

حماسة المواطنين لقضية المقاطعة سرعة الأستجابة لهذه القضية والأستماتة فى الدفاع عنها تنظيم الاخوان لقضية المقاطعة واعتبارها سلاحا مؤثرا فى المعركة, الوعى السياسى والأجتماعى المنتشر بين طبقات المجتمع المصرى فى هذا الوقت و ادراكهم لخطورة القضية الفلسطينية ونجاح حملات التوعية التى قادها الاخوان على المستوى الشعبى . ادراك قائد التنظيم ـ منذ البدايات ـ بأهمية المقاطعة كسلاح ضد المحتل .


ثالثا:المقاطعة كانت ومازالت من قضايا التربية الداخلية فى الجماعة: التربية الداخلية هي أولى وأهم الأسس التي بني عليها الإمام البنا جماعته وكانت رؤيته هو إتباع نهج رسول الله (ص) في تربية رجال يحملون هم الدعوة ثم ينطلقوا في أفاق الأرض لتبليغ دعوة الله إلى الناس لإفهامهم الإسلام الصحيح بشموله وعمومه ولهذا نرى أن الأمام البنا كان يهتم كثيرا بهذه النقطة,ولو أننا أمعنا النظر في النقاط السالف ذكرها سواء كان فى الناحية الاقتصادية او في الأسس التى قامت عليها الجماعة سنرى ان احد أعمدة أسس التربية في الأخوان المسلمين هو الاعتماد على الذات سواء بإنشاء الشركات الأخوانية او مقاطعة الشركات البريطانية وللأمام البنا مواقف مع أتباعه تبرز مدى اهتمامه بتربية الأخوان على الاعتماد على الذات ورفض الهيمنة الأجنبية على مقدرات الشعب المصري والشعوب الإسلامية عامة .

ومن هذه المواقف نذكر ما قاله الحاج عباس السيسى عن الموقف الذى عايشه مع الأمام البنا نفسه فى الاسكندرية عندما كان الأمام البنا فى زيارة لها فيقول " وبعد صلاة العصر وبينما نحن نتجه من دار الأخوان المسلمين بالمنشية سيرا على الأقدام الى محطة السكة الجديد لنودع فضيلة المرشد الى القاهرة مررنا بشارع شريف الذى كان مزدحما بشدة (بالخواجات) حيث كان الأجانب يقطنون هذه الأحياء واحياء رمل الأسكندرية ويتمتعون بحياة رغيدة وراقية ومطمئنة فنظر الينا الأستاذ المرشد وقال: اتدرون لماذا يعيش هؤلاء الخواجات فى رغد من العيش وفى سعادة واطمئنان فنظرنا اليه كمن ينتظر الأجابة فقال: ان هؤلاء القوم يحصدون ثمرة جهادهم الطويل وكفاحهم المرير فى سبيل استعمار بلادنا واستغلال مواردنا وهم الآن يتمتعون بثمرة هذا الجهاد وعلينا ان نشقى ونجاهد ونكافح حتى نحرر وطننا الكبير من كل سلطان اجنبى ويوم ان تتحرر بلادنا ونستخلص حقوقنا يومئذ يجوز لنا ان نتمتع بخيرات بلادنا.

مناهج التربية :

و لأن التربية عند الإخوان هي عصب الجماعة فلم تغفل مناهج التربية المعتمدة في الجماعة قضية تشجيع و شراء المنتج الوطني أو " مقاطعة سلع الأعداء " ففي كتابه مناهج التربية عند الإخوان ذكر الأستاذ على عبد الحليم ص 65 " الرسالة التي وضعها مكتب الإرشاد و لخص فيها قواعد الفكرة الإسلامية اعتقادا و عملا في عدة سطور أطلق عليها اسم " عقيدتنا " و كانت تنشر على غلاف مجلة الإخوان وهى باكورة منهج الإخوان المسلمين في التربية , تقول الرسالة في بندها الثالث : أعتقد أن المسلم مطالب بالعمل والكسب ..... و أتعهد بأن ..... أشجع كل مشروع اقتصادي نافع وأقدم منتجات بلادي و بني ديني ووطني ولا أتورط في الكماليات فوق طاقتي "

ولم تكن هذه مجرد تعليمات من شاء نفذها من الإخوان و من لم يشاء لا ينفذها , فلقد أصدرت الجماعة فى المؤتمر الثالث فى مارس 1935فى تعقيبها على هذه الرسالة إجراءات تنفيذية :

بند 4 " كل أخ لا يلتزم هذه المبادئ لنائب الدائرة أن يتخذ معه العقوبة التي تتناسب مع مخالفته و تعيده إلى التزام حدود المنهج "

( المصدر السابق ص70 )

واجبات الاخ العامل :

وفى رسالة الاستاذ البنا للاخوان المجاهدين " الذين امنوا بسمو دعوتهم و قدسية فكرتهم .. الى هؤلاء الاخوان فقط أوجه هذه الكلمات الموجزة .... وهى ليست دروسا تحفظ ولكن تعليمات تنفذ .. "

ثم حدد الاستاذ فى نفس الرسالة "38 " واجبا للاخ العامل فى الجماعة منها ثلاثة يخدمون فكرة المقاطعة :

بند 21 ـ " أن تخدم الثروة الاسلامية العامة بتشجيع المصنوعات و المنشأت الاقتصادية الاسلامية وأن تحرص على القرش فلا يقع فى يد غير اسلامية مهما كانت الاحوال ولا تلبس ولا تأكل الا من صنع وطنك الاسلامى . "

بند 24 ـ " ... اماتة العادات الاعجمية فى كل مظاهر الحياة , ومن ذلك التحية واللغة والتاريخ و الزى والاثاث , و الطعام والشراب ... "

بند 25 ـ " أن تقاطع المحاكم الاهلية وكل قضاء غير اسلامى , و الاندية و الصحف والجماعات والمدارس والهيئات التى تناهض فكرتك الاسلامية مقاطعة تامة "

هذه واجبات الفرد العضو العامل فى جماعة الاخوان , أما غير هؤلاء ـ كما يقول الاستاذ البنا ـ فلهم دروس ومحاضرات , و كتب ومقالات ، و مظاهر واداريات , و لكل وجهة هو موليها ، فاستبقوا الخيرات ، وكلا وعد الله الحسنى .


المراجع:

1 ـ فى قافلة الأخوان المسلمين للمؤلف عباس السيسى

2 ـ اوراق من تاريخ الأخوان الكتاب الثالث الأخوان والمجتمع المصرى للمؤلف جمعة امين عبد العزيز

3 ـ الأخوان المسلمون 70 عاما فى الدعوة والتربية والجهاد للمؤلف دكتور يوسف القرضاوى

4 ـ الاخوان المسلمون فى ميزان الحق للاستاذ فريد عبد الخالق

5 ـ الاخوان المسلمون أحداث صنعت تاريخ للاستاذ محود عبد الحليم

6 ـ رسائل الاستاذ البنا

7 ـ مذكرات الدكتور يوسف القرضاوى .