المرشد العام للإخوان في حواره مع جريدة «الرأي العام الكويتية»

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
المرشد العام للإخوان في حواره مع جريدة «الرأي العام الكويتية»

مقدمة

(19-04-2003)

أكد المرشد العام لجماعة «الإخوان المسلمين» المستشار مأمون الهضيبي، لـ «الرأي العام» أن «الإخوان كانوا ضد نظام بغداد في عدوانه على الكويت العام 1991 ولم يتغير موقفهم، وهم أول من دان العدوان، وحذروا من خطره على الأمة كلها، وذلك لم يمنعهم من التحذير في الوقت نفسه من خطورة التدخل الأمريكي الطامع في المنطقة، والمعاون الأول لتحقيق أهداف اسرائيل التوسعية وهو ما حدث بالفعل الآن».

وقال إن «الإخوان لا يسعون إلى ابتزاز السلطات، وإنما هم كغيرهم، في القيام بواجبهم الوطني، ويمدون أيديهم لجميع القوى السياسية المُعترف بها وغير المعترف بها، والحزب الحاكم نفسه من أجل مصلحة الأمة».

  • يتردد أن «الإخوان دائمًا» يحرصون على استغلال أجواء الأزمات لابتزاز السلطات وتحقيق مكاسب سياسية»؟
ما نقوله لهؤلاء البعض هو:
أن كلًا ينظر إلى الأمر من وجهة نظره التي هو مُعتاد عليها أو يعتنقها، وأنا أقول لنفسي وللإخوان إننا في كل عمل من أعمالنا يجب أن يصدر عن وازع عقيدي شرعي، وأن العمل الذي نقوم به تجاه الأزمات التي مرت بها أمتنا، إنما هو عمل نبتغي به وجه الله، ونؤديه على أنه عبادة وتقرب لله عز وجل، فضلًا عن أن التظاهرات أو المسيرات أو المؤتمرات أو الاجتماعات التي تشارك فيها، إنما مثلها مثل الصلاة تمامًا بالنسبة إلينا،
والله تبارك وتعالى يقول:
« فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَن صَلاَتِهِمْ سَاهُونَ* الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ * وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ »، فالذي يسير في التظاهرة من أجل أن يراه الناس، أو لكي تُلتقط له صورة، أو يُذكر اسمه في وسائل الإعلام، فهذا له ما يريد، لكن الفرد المؤمن يقدم هذا العمل عبادة لله عز وجل؛ لما يعتقده من أنه إعلان ودعم معنوي لمن وقع عليهم العدوان، وينظر إلى الأمر كأنه نوع من الدفع للعدوان والظلم وتقديم عون لهؤلاء ابتغاء مرضاة الله، أما مسألة انتهاز الفرص فهناك من ينظرون بمعيار خاص بهم، ونحن ندعو الله أن نتبرأ من أن يكون هذا هو قصدنا.
  • في أوقات الأزمات والحروب يتزايد توجيه الانتقادات والاتهامات للجماعة، ومطالبتها بدور أكبر يواكب الأحداث، فما تعليقكم؟
نحن ننظر إلى هذه الاتهامات على أنها نظرة عالية جدًا للجماعة، ولذلك الناس يطمعون أن يروا منها جهدًا أكبر وعمل أقوى ونتائج أكثر، ونسأل الله أن نكون عند حسن الظن، ولا ندعي أننا بلغنا درجة الكمال أو ما يشبه الكمال، فنحن والحمد لله نعمل قدر طاقتنا، ونحن دائمًا مقيدون بظروفنا الأمنية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها، ونحن لا نستطيع أن نخرج ولا نفكر أن نخرج عن أنظمة الدولة وقوانينها وما تفرضه من سياسات أو اجراءات، ولذلك، فنحن في حدود ما هو متاح لنا نبذل الجهد ونسأل الله أن يعفو عنا.

حرب شرسة

  • في ظل الحرب الأمريكية ضد العراق، كيف ترى دور «الإخوان» في الأحداث الجارية على الساحة العربية؟
دور «الإخوان» دائمًا حسب ما تقتضيه وتأمر به شريعة الله، أن يكونوا هم قوة فاعلة عاملة للخير قائمة بالقسط، داعية إلى الله، يبذلون كل جهد لتحقيق الغايات التي رسمها الله سبحانه وتعالى للعبد المؤمن في كل أمر من أموره، سواء في ما يتعلق بشخصه أو أسرته أو المجتمع الذي يعيش فيه.
ونحن الآن أشبه بحالة حرب، لأن الحرب في العراق هي حرب على جزء من الأمة الإسلامية، والإسلام لا يفرق بين وطن إسلامي ووطن إسلامي آخر، فكل بلاد الإسلام وطن لكل مسلم، والعدوان على أي منها عدوان على كل الوطن الإسلامي والأمة الإسلامية، والأخ المسلم في القاهرة يشعر وكأنه يعيش في بغداد، إذن فعليه أن يعمل تحت وطأة هذا الإحساس وهذا الفهم وبمقتضاه، ووفقًا لقواعد الإسلام، وهو أمر غير مختلف عليه بين أحد من فقهاء وعلماء المسلمين بأنه إذا نزل العدو بأي أرض من أراضي الإسلام فالجهاد يكون فرض عين على كل مسلم ومسلمة؛ لدفع هذا العدوان وتحرير الأرض الإسلامية من الغزاة.
والجهاد كما نفهمه يشمل بذل كل جهد، أيًا كان نوعه وأيا كان قدره، كل على حسب إمكاناته وحسب موقعه، فبالكلمة يكون الجهاد، وبالعون المادي سواء نقدًا أو عينًا أو تقديم مساعدة طيبة أو .. إلخ، هو جهاد .. جهاد، فضلاً عن أن تقديم العلم والفن المطلوب، كعلم الطب والهندسة والصيدلية، يُعد أيضًا جهادًا مطلوبًا.
كما أنه واجب على أولي الأمر أن يعملوا على تحصيل هذا العون وتنسيقه لأن هذا العمل الجماعي يقتضي إدارة وسلطة، والفرد لا يستطيع بذاته في كثير من الأحيان أن يقدم المعونة المطلوبة التي يمكن أن يقدمها ضمن مجموعة منظمة ذات سلطة، ولذلك فنحن ننادي الحكومات أن تعمل على تنظيم هذه المعونات المختلفة لتحقيق معنى الجهاد الذي أمر الله به.
  • أعلن المسؤولون وشيخ الأزهر ترحيبهم بأية أعداد من المتطوعين الذين يريدون الوقوف إلى جانب الشعب العراقي، فما تعليقكم على تطوع الآلاف من الشباب العربي؟
هذا عمل طيب جدًا ومحترم جدًا، ولعل هؤلاء يرمزون بعملهم هذا من التطوع للجهاد ضد قوات العدوان الأجنبية في البلد العربي المسلم العراق، إلى وحدة الأمة الإسلامية وإلى ضرورة تحقيق ما أمر الله به من فرض الجهاد على كل قادر لدفع هذا العدوان، لكن أكرر أن هذا الجهاد في هذه الصورة هو جهود فردية مشكورة، إلا إن الأمر يقتضي تدخل أولياء الأمور وأصحاب السلطة لتنظيم مثل هذه الجهود الفردية تنظيمًا يكفل سلامتها من أي فساد أو انحراف، وأيضًا ليضمن أن يحقق هذا الجهاد أكبر نتيجة مرجوة منه.
  • «الإخوان» في أزمة 1991 كان لهم موقف من الحرب، واليوم ونحن في 2003 لهم موقف آخر، فما هي طبيعة دوركم في الأزمتين؟
ليس هناك أي اختلاف، في أزمة 1991 وفي 2 أغسطس تحديدًا كنا أول جهة في العالم أعلنت رفضها للغزو المشؤوم للكويت، وحذرنا من عواقبه، ثم وقفنا موقفًا صلبًا نرفض فيه تدخل الأجانب من أمريكيين وغيرهم في النزاع، وقلنا أنهم لا يريدون تحرير أي بلد من بلاد المسلمين ولا رد عدوان، وإنما هم يعملون على تحقيق مصالحهم الخاصة، واحتلال بلاد المسلمين ونهب ثرواتها والتمكين للعدو الصهيوني، وهذا هو موقفنا الآن أيضًا من الحرب التي تشنها أمريكا وبريطانيا ومن معهم على العراق، فالآن العراق لم يعتدِ في هذه الأزمة على أحد، لا على بلد عربي ولا على أي بلد من البلاد التي نقلت جيوشها آلاف الكيلومترات لتغزو العراق العربي المسلم الشقيق.
الهضيبي مشاركًا في تظاهرة الأزهر مع القوى الوطنية
  • تشهد الآونة الحالية تنسيقًا وتقاربًا بين «الإخوان» والحكومة ظهرا في بعض الفعاليات المشتركة هل هناك مصالحة بينكما في المستقبل القريب؟
«الإخوان» لا يشعرون أن بينهم وبين الدولة ثأرًا، وقلوبهم مفتوحة للجميع وتحمل الخير لهم، فضلاً عن أن «الإخوان» يتعاونون مع جميع الأحزاب والقوى السياسية المُعترف بها وغير المُعترف بها، حيث تناسوا بذلك الخلافات الداخلية؛ لأن الجميع أمامهم هدف مجتمعون عليه ولا يختلف عليه اثنان وهو رفض الحرب ضد العراق ووجوب وقفها بجميع السبل.
ودلالة ذلك، أن الواقع الحالي يؤكد أن الشعب المصري بكل اتجاهاته وطوائفه وعقائده ودياناته مجتمع على رفض العدوان الأمريكي - البريطاني - الصهيوني على العراق وفلسطين، والكل، مسلمون وأقباط يعلنون ذلك ويتمسكون به، ونحن الآن في مثل هذه الحالة القائمة، نرى أنه يتصدر الأولويات فيها الوقوف ضد هذه الحرب الباغية الظالمة ضد شعب العراق، «والإخوان» هم جزء من شعب مصر، وهم كغيرهم أرادوا إعلان مشاعرهم ومساندتهم للشعب العراقي والفلسطيني ورفضهم العدوان الواقع عليهما، ووجدوا انسجامًا بين «الإخوان» وبين غيرهم من الأحزاب ورغبة بين الجميع في القيام بمثل هذه المسيرات والاجتماعات، والحكومة أعطت تصريحًا بذلك شمل «الإخوان» وغير «الإخوان»، ونحن نشكر هذه البادرة من الحكومة ونطمع أن تكون فاتحة خير لما بعدها.
  • ما هي طبيعة علاقتكم بــ «إخوان» الكويت في الأزمة الأولى والأزمة الحالية؟
«إخوان» الكويت أعلنوا أنهم ضد الحرب، فضلاً عن أنهم ضد نظام صدام حسين الحاكم في بغداد، ونحن كذلك ضد الحرب.
  • أمريكا أعلنت عن أنها ستقيم نظامًا في العراق نموذجيًا تريده من أنظمة في العالم العربي فما رأيكم في ذلك؟
هذا كلام يخالف المنطق ولا يمكن أن يصدقه انسان عاقل على الإطلاق، فنحن الآن نسمع هذه الأقاويل الأمريكية بأن دول المنطقة سيقام فيها نظام ديموقراطي.
وإنني أتساءل:
كيف يمكن أن يقام نظام ديمقراطي حر يأخذ بيدها إلى القوة والتفوق والتقدم والمنعة؟ ومن الذي يقيم فيها هذا؟ هل الدولة التي جاءت لتحتلها وتقتل عشرات الآلاف من النساء والأطفال والمدنيين وتنهب ثرواتها، وتمنع أي قوة روحية أو مادية فيها؟ هذا كلام يفتقد إلى الكثير من المصداقية ولا يقبله حر.
  • كيف ترون مستقبل أمريكا بعد هذه الحرب؟
خسائر الولايات المتحدة من العدوان كبيرة جدًا على الصعيد السياسي والدولي، ولاشك أن الخسائر الفادحة سوف تجنيها الولايات المتحدة من حربها ضد العراق، وفي المستقبل ستكون أكبر على جميع الأصعدة، وسوف يدرك الشعب الأمريكي أن حكومته قادته إلى كارثة ضد الانسانية وضد الشرعية الدولية، وأن ما يحدث من مآسٍ إنسانية سوف يكون له أثر خطير في المستقبل على العلاقات بين الشعوب وبين الولايات المتحدة، التي اكتسبت عداوات الشعوب والحكومات التي تحترم الحق والعدل وحقوق الانسان.

المصدر