المرشد العام للإخوان المسلمين يتذكر:الإمام البنا بسط الإسلام برؤية شاملة بقيت حتى اليوم

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
لم تعد النسخة القابلة للطباعة مدعومة وقد تحتوي على أخطاء في العرض. يرجى تحديث علامات متصفحك المرجعية واستخدام وظيفة الطباعة الافتراضية في متصفحك بدلا منها.

المرشد العام للإخوان المسلمين يتذكر:الإمام البنا بسط الإسلام برؤية شاملة بقيت حتى اليوم

مهدي عاكف***للمرشد العام للإخوان المسلمين الأستاذ محمد مهدي عاكف ذكريات ومواقف مؤثرة مع الإمام البنا يرحمه الله بداية من التوجيه والإرشاد، إلى الحب المتواصل بهذه الدعوة المباركة. وفي هذا الحوار مع فضيلته نتعرف على بعض الجوانب في حياة الإمام الشهيد كما عايشها الأستاذ عاكف.. وإلى تفاصيل الحوار :

في مثل هذه الأيام يحتفل العالم الإسلامي والإخوان المسلمون بوجه خاص بمرور مائة عام على ميلاد الإمام البنا، فما ذكرياتكم مع الأستاذ البنا؟ حقًا إنها ذكريات حبيب كريم صاحبته حوالي ثمانية أعوام.. كنت صغير السن في ذلك الوقت. وحينما اشتد عودي وكان ذلك عام 1943م أو 1944م، كنا في قسم الطلاب. وكم كانت سعادتنا في ذلك الوقت وزملائنا في المدارس الثانوية والجامعة حين نلتقي بفضيلته كل يوم خميس في محاضرة خاصة.. ولا أقول ٍإلا أنه } وأرضاه شكّل غاياتنا وتفكيرنا وتوجهاتنا فامتلأت قلوبنا بحبه وبأسلوبه البسيط.. كنا صغارًا وكانت كلماته وتصرفاته تبعث فينا النظام والدقة والمحافظة على الوقت والقيم الكريمة.. ومن كلماته التي لا أنساها أنه كان يقول: لا أريد منكم أن تكونوا متفوقين فحسب، ولكن أريد منكم أن تكونوا متميزين في ثقافتكم وفي معاملاتكم مع الناس، فضلاً عن أنه كان يعرفنا فردًا فردًا ويعرف عنا كل شيء، فأتذكر أنه كان يعرف عني أن عندي أحد عشر أخًا وأختًا، وأن والدي شديد، ويعلم أن أبي لا يسمح لأحد من أبنائه أن يظل خارج البيت بعد الساعة الثامنة مساءً، فكان في الثامنة مساءً ينبهني حتى لا تنشأ بيني وبين الوالد أي مشكلات. كان يتميز بالنظرة الثاقبة والمحيطة بما يجب أن يكون في حياة الطلبة جميعًا وكان حبه لنا شديدًا، وأذكر أني كنت طالبًا في المعهد العالي للتربية الرياضية، فطلبني وكلفني بإقامة بيت للطلاب المغتربين، وأسند إليّ هذا الأمر، وفعلاً استأجرت منزلين، وكان مكانًا تربويًا رائعًا في كل المجالات للطلبة المغتربين في القاهرة، يسكنون فيه ونحيطهم بالرعاية التربوية والثقافية والرياضية، ولا أنسى أن شباب الإخوان كانوا يسكنون في مكان مناسب نظيف، وكان ذلك يعينهم على مذاكرتهم ودراستهم، وكان الأستاذ البنا بسيطًا؛ لا تزعجك هيبته، بل تزيدك حبًا له. ما أكثر المواقف التي أثرت فيكم مع الإمام البنا؟ اهتمام الإمام البنا الشديد بقضية فلسطين.. وكنا في ذلك الوقت طلبة وشباباً، وكان يذكرنا بالكفاح الفلسطيني والجهاد والعمل على مناصرة إخواننا الفلسطينيين، وكان هذا من الأشياء المميزة جدًا التي ميزت علاقتنا بالأستاذ البنا.. ومن المواقف التي تأثرنا بها أن بعض شباب الإخوان في الجامعة كانوا يعاملون الآخرين من الشيوعيين والوفديين بخشونة، فكان يستنكر منا ذلك، ودفعنا للتعرف على الفكر الماركسي، فصرنا أكثر معرفة به من أصحابه، وكان يقول إن الفكر لا يقاوم إلا بالفكر، ولذلك عكفنا على الدراسة الجادة، وتقديم فكر الإخوان بأسلوب راق ومتميز. أخذ البعض على الإمام البنا موقفه السلبي من الأحزاب، ما طبيعة هذا الموقف؟ الإمام البنا لم يكن لديه ثقة بالأحزاب المصرية في ذلك الوقت، لأنها كانت فاسدة، ومعظمها انشق عن حزب الوفد، ولم يكن لهم منهج واضح ولا برامج محددة، ومع ذلك كان يدعونا كشباب أن نواظب على حضور جلسات العقاد، ومحمود شاكر، ومحب الدين الخطيب، وغيرهم، وكان محمود شاكر والعقاد يشتموننا ولكننا كنا نسمع لهم ونناقشهم ونرد عليهم. بعض المتحاملين يتهمون الإخوان بالعنف.. ويضربون الأمثلة بحادث الخازندار.. هؤلاء الناس لا يعلمون شيئًا عن طبيعة دعوة الإخوان المسلمين، فالأستاذ حسن البنا له تاريخ عظيم ومنهج سليم ورؤية واضحة تمامًا، ودعوته العظيمة التي كان يدعو إليها (بناء الفرد الأسرة المجتمع) تدل على وعيه وموضوعيته، وقد استنكر البنا هذا الحادث بشدة وحقق مع المسؤولين عنه، ولا يقر الإخوان أعمال العنف أيًا كان مصدرها، بل المنهج المتبع هو التغيير السلمي من خلال مؤسسات الدولة. قبل اغتيال الإمام البنا اعتقلوا الإخوان، ولم يعتقلوا الأستاذ البنا. هل تذكر تفاصيل الحادث؟ هي مؤامرة صهيونية اشترك فيها الأمريكان والإنجليز والفرنسيون... فبعد رجوع الإخوان من حرب فلسطين عام 1948م، وقد أبلوا بلاء حسنًا، حل النقراشي جماعة الإخوان المسلمين بأوامر غربية، حتى يتسنى لهم إعلان الهدنة، أما الشباب الذين ذهبوا إلى فلسطين فلم يعتدوا إلا على المعتدين الصهاينة، ولم يعتدوا على أحد في مصر، فحينما حُلت الإخوان وقبض على آلاف الناس، لو أراد الإخوان المقاومة لقاوموا، ولكن ليس من منهج الإخوان أو خطتهم قتل الناس أو الاعتداء عليهم، ولم يكن في نية الإخوان الخروج على النظام أو إسقاطه، وحينما حُلت الإخوان وقالوا لهم: سلموا سلاحكم سلموه، ثم اعتقلوا المجاهدين وألقوا بهم في السجون! وماذا عن عودة الجماعة مرة أخرى؟ عادت الجماعة مرة أخرى في عام 1951م، واختير المستشار حسن الهضيبي مرشدًا عامًا للإخوان المسلمين، وعادت الجماعة أقوى مما كانت، واحتلت مكانتها في الساحة المصرية كأقوى فصيل، وامتد نشاطها لكل أنحاء مصر في كل المجالات التربوية والثقافية والسياسية والرياضية. وماذا حدث بعد انقلاب يوليو 1952م؟ الكلام في هذا الموضوع يطول لأن حال مصر في ذلك الوقت كان في غليان لفساد الحياة السياسية وفساد الملك، فالشعب بكل طوائفه كان يُعلن رفضه لتصرفات الملك وتصرفات الحكام، وعلى رأس هؤلاء كان موقف الجيش في انتخابات نادي الضباط، حينما اختاروا محمد نجيب الذي يمثل الروح الجديدة في الجيش ضد الفساد وضد الملك وضد أعوانه، وكانت حرب القناة التي أظهر فيها الشعب المصري روح المقاومة ضد الجيش البريطاني وأعوانه، حتى كانت مؤامرة 26يناير في حريق القاهرة، ومع ذلك استمرت المقاومة، حتى بعد ترك وزارة مصطفى النحاس للحكم، وقام الانقلاب في 23 يوليو، وكان للإخوان دور كبير فيه، ونجاح الانقلاب يرجع إلى رغبة الشعب في ذلك الوقت في تغيير الأوضاع، وظلت العلاقة بين رجال حركة يوليو والإخوان على خير حال، حتى بدأ رجال الحركة تغيير سياستهم المتفق عليها في المبادئ الستة التي أعلنوها، فأرسل الأستاذ الهضيبي خطابًا لهم يطالبهم بتحقيق المبادئ التي اتُّفق عليها، من احترام الحريات والدستور والإنسان، والعمل على تحقيق مبادئ الإسلام العظيم، للحفاظ على أخلاق الأمة وهويتها. وبدأ الخلاف منذ ذلك الوقت حتى بلغ مداه بعد إنشاء هيئة التحرير ومحاولاتها المتكررة الاعتداء على الإخوان، وفوجئ الإخوان في يناير 1954م بحل الجماعة، وقُبض على الآلاف من الإخوان ووضعوا في السجن الحربي ومعتقل العامرية، لكن هذه الفترة لم تطل، وحدث خلاف بين رجال الثورة وأقالوا محمد نجيب، ثم تدخل الملك سعود، وتم الصلح بين الإخوان ورجال الثورة، وعادت جماعة الإخوان في مارس 1954م، ولم تمض أيام حتى عاد الخلاف مرة أخرى على أشده حتى قاموا بتمثيلية اغتيال عبد الناصر في المنشية بالإسكندرية عام 1954م، وقُبض على آلاف الإخوان، وأُجريت لهم محاكم عسكرية، ومحكمة الشعب، التي أعدم فيها ستة من الإخوان المسلمين هم: عبد القادر عودة، والشيخ محمد فرغلي، وإبراهيم الطيب، ويوسف طلعت، ومحمود عبد اللطيف، وهنداوي دوير. البعض يقول إن الأستاذ البنا رجل يحكم الدنيا من الآخرة.. هذا القول تردد كثيرًا فماذا تقول؟ لأن الحياة الدنيا مرتبطة بالآخرة ولا نفعل شيئًا في الدنيا إلا إذا كان الله عز وجل عنه راضٍِياً، ويقولون إن الإمام البنا رجل مات وما زال فكره منتشرًا وتلاميذه موجودون في كل مكان، وهذا يدل على جمال دعوته وعظمته ومدى إيمان الناس بما يقول، وحينما كُنا في الجامعة كان عددنا في أول الأربعينيات قليلاً، ومع ذلك حفظنا المنهج وحفظنا الرؤية.. هذا الإسلام بسّطه لنا الإمام حسن البنا، بحيث يشمل الحياة كلها رياضية وثقافية وفقهية وتربوية وفنية.. هذه الرؤية الشاملة والجامعة للإسلام، ولذلك هو مات.. وفكره موجود ورؤيته موجودة وحاملو الرؤية موجودون.