القرآن سبيل النجاة

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
مقالة-مراجعة.gif
القرآن سبيل النجاة

بقلم:الإمام الشهيد حسن البنا

الرجل القرءانى الإمام حسن البنا

بسم الله الرحمن الرحيم ..

الحمد لله الذي أنعم على عباده بالإيمان ووفقهم إليه، وأمرهم بالعمل الصالح وأثابهم عليه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله وصفيه وحبيبه، بلغ الرسالة وأدى الأمانة، اللهم صلي وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه، ومن تبع هداهم إلى يوم الدين.

أما بعد،

فيا عباد الله، العلم علمان: علم تسمعه فتعمل به فهو حجة لك، وعلم تسمعه وتدعه فهو حجة عليك، وقد كان نبينا صلى الله عليه وسلم يستعيذ بالله من علم لا ينفع، فتفهموا ما نلقي عليكم، واجتهدوا في العمل بما علمتم لتكونوا من الفائزين.

يا عباد الله

لو جاءكم خطاب من أمير، أو ألقى إليكم كتاب من كبير، فإنكم تحترمونه وتعملون به، وتعظمونه وتسرون له، وتسارعون إلى إنفاذ ما فيه إرضاءاً لصاحبه وتقرباً إليه، وقد بعث إليكم الملك الجبار، والواحد القهار، كتاباً كريماً أنزل به الروح الأمين على قلب سيد المرسلين ليكون لكم من المنذرين، ذلكم هو القرآن الذي (لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد) (فصلت: 42) ... (كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير) (هود: 1) ... (قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم) (المائدة: 15 - 16) .. فتعالوا يا عباد الله ننظر موقفنا أمام هذا الكتاب الكريم، ونحاكم أنفسنا قبل أن يحاكمنا الخبير العليم، هل أحللنا حلاله وحرمنا حرامه وأنفذنا أحكامه، أم هجرناه واتخذناه نسياً منسياً؟.

هاهو كتاب الله تبارك وتعالى ينادي في الناس ليلاً ونهاراً:

(يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين * فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون) (البقرة : 278 - 279)، فهل تجنبنا الربا وابتعدنا عنه أم أدخلناه في كل معاملاتنا، وجعلناه قوام بيعنا وشرائنا ورهننا وإيجارنا وقرضنا وسلفنا؟.

وهاهو الكتاب الكريم ينادي أتباعه ليلاً ونهاراً: (الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله) (النساء: 34)، فهل قام رجالنا على نسائنا وأمروهن بما أمرهن الله به، أم تركوهن خليعات متبرجات، مائلات مميلات، كاسيات عاريات، يتسكعن في الشوارع والطرقات؟.

وهاهو القرآن الكريم ينادي أتباعه ليلاً ونهاراً:

(واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا واذكروا نعمت عليكم إذ كنتم أعداءاً فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخواناً) (آل عمران: 103)، فهل اتحدت كلمتنا وارتبطت قلوبنا وائتلفت أهواؤنا أم تفرقنا طرائق قدداً وطوائف بدداً أغراض متعاكسة وأهواء متشاكسة، وقلوب مختلفة، وريح ذاهبة ووحدة ضائعة؟.

هذه مثل ثلاثة وغيرها كثير نرى فيها أننا في طريق أخرى.

فكيف يكون جوابكم أيها الإخوان إذا خاصمكم الرسول صلى الله عليه وسلم يوم القيامة إلى ربه فقال: (يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجوراً) (الفرقان: 30)؟.

اعلموا أيها الإخوان أن ما نحن فيه من الذل والهوان والمصائب والخسران إنما وقعنا فيه لتركنا شريعة نبينا وانحرافنا عن كتاب ربنا، واقرءوا قول الله تعالى (وضرب الله مثلاً قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغداً من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون) (النحل: 112) ذلك في الدنيا ولعذاب الآخرة أخزى، وعقوبة الله فيها أشد، ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلاً.

والدواء - عباد الله - ولا دواء سواه أن ترجعوا إلى قرآنكم وتتبعوا سنة نبيكم وتجعلوا ذلكم أمامكم في كل شئونكم، وتنزلوا على حكمها في كل أعمالكم، وقد رسم الله لكم طريق النجاة في كتابه، فقال تعالى: (فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفاراً * يرسل السماء عليكم مدراراً * ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا) (نوح: 10- 12) فتوبوا إلى ربكم واستغفروه تكونوا من الفائزين.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (القرآن شافع مشفع وماحل صدق، من جعله أمامه قاده إلى الجنة، ومن جعله خلفه ساقه إلى النار).

المصدر

29 ذي القعدة 1352 هـ / 15 مارس 1934م