القدس في الذاكرة حتى النصر

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
لم تعد النسخة القابلة للطباعة مدعومة وقد تحتوي على أخطاء في العرض. يرجى تحديث علامات متصفحك المرجعية واستخدام وظيفة الطباعة الافتراضية في متصفحك بدلا منها.
القدس في الذاكرة حتى النصر
توفيق الواعي.jpg

بقلم: د. توفيق الواعي

القدس لن تُنسى وستظل في الذاكرة، وإن حاول اليهود ومَن وراءَهم طمسَ معالمها وإضاعةَ هويتها، وهل ينسى مسرى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وثالث الحرمَين جهادَ المسلمين في استردادها، وجعلها جزءًا من تراث المسلمين المقدس؟!

دخلت القدس في الحكم الإسلامي الفعلي سنة 16هـ= 636م في عهد الخليفة عمر بن الخطاب عندما تسلم مفاتيحها من البطريرك "صفر ونيوس" وأعطى أهلها الأمان "العهدة العمرية" التي نصَّت على منع اليهود من الإقامة في القدس.

وفي عام 1099م وقعت القدس في قبضة الصليبيين، واستطاع الناصر صلاح الدين أن يحررها عام 1187م، ثم قامت صراعاتٌُ محليةٌ في بلاد الشام بعد حملات التتار والمغول، أدت إلى تخريب القدس عام 1265م، ولكنَّ المماليك تمكنوا من الحفاظ على القدس عربيةً إسلاميةً حتى مطلع القرن السادس عشر الميلادي، وخاصةً المحافظة على الأماكن المقدسة، ببناء القلاع في ساحة المسجد والمدارس وشبكات المياه، إلخ.. الأمر الذي أدى إلى زيادة عدد السكان العرب المسلمين.

استمر الحكم الإسلامي ل فلسطين و القدس حتى انهيار الدولة العثمانية، وتولت بريطانيا الوصاية عليها عام 1916م، بعد توقيع اتفاقية "سايكس بيكو" لاقتسام العالم الإسلامي بين بريطانيا وفرنسا، وبدأ المشروع الصهيوني في التبلور خلال فترة الانتداب، واحتُلت معظم أراضي فلسطين والقسم الغربي من مدينة القدس عام 1948 م وتم احتلالها بالكامل عام 1967 م.

وكان الهدف من سريان حملات الاغتصاب والتهويد في فلسطين - وخاصةً القدس - مع بداية الانتداب البريطاني:

- إضفاء الطابع اليهودي على المدينة المقدسة تمهيدًا لإعلانها عاصمةً موحدةً للدولة الغاصبة.

- إنكار أي مطالب عربية وإسلامية في المستقبل حول أحقية الأمة العربية في القدس .

والخطوات التي أمامنا تبين لنا حقيقة الدور الكبير الذي لعبه الصهاينة لتغيير ملامح المدينة ولإثبات شرعية ادعائهم من جميع النواحي.

إستراتيجية اليهود للاستيلاء على القدس

خطوات التهويد

أخذت عملية تهويد القدس أشكالاً عدةً يعود الفضل في تنفيذها إلى التنسيق المبرمج بين اليهودية العالمية والدول المحتلة، فكان من أبرز مشاريع التهويد "مشروع موشي مونتفيوري"- الضابط في قصر ملكة إنجلترا ورجل الأعمال المصاهر للعائلة اليهودية العريقة- الذي استطاع التأثير على كل من بريطانيا وفرنسا للضغط على الدولة العثمانية من أجل استصدار فرمانات تسمح بإقامة مؤسسات يهودية في فلسطين و القدس .

الدور الذي قام به مونتفيوري

1- تنظيم رحلات عملية إلى فلسطين لإقامة الأحياء اليهودية عام 1827م.

2- عقد اتفاق مع الطوائف اليهودية في إنجلترا وإيطاليا ورومانيا والمغرب وروسيا لإقامة مشروعه.

3- إجراء عملية إحصاء لليهود في قلب القدس عام 1839م وفي سائر أنحاء فلسطين لكي تكون مدينة بيت المقدس نقطة الانطلاق.

4- بناء 27 مغتصبة يهودية في الفترة من 1843-1897م.

5- أخذ قطعة أرض من السلطان العثماني بحجة بناء مستشفى وإقامة أول مغتصبة يهودية عليها 1859م.

6- بناء مساكن شعبية لليهود.

وفي القرن التاسع عشر أقيمت أحياءٌ أخرى على امتداد الطرق المؤدية إلى بوابات المدينة، وقامت الصهيونية بالتحايل على القانون بشراء الأرض التي بنيت عليها الأحياء السكنية بمساعدة القنصل البريطاني في القدس، وفي عام 1917 م أَنجز المخطط الصهيوني مرحلةً مهمةً بمحاصرة مدينة القدس.

وقدم "هرتزل" إلى فلسطين في 4/11/ 1903 م ليجسد فكرة إقامة وطن قومي لليهود، فقام بتقديم مذكرة تفصيلية لإمبراطور ألمانيا حول الصهيونية وأهدافها التي تنوي تحقيقها على أرض فلسطين ، وقد خطط الاحتلال اليهودي في القدس ليكون ركيزةً ينطلق منها المحتلون إلى سائر أنحاء فلسطين .

هذا وقد حدث تبدل ملحوظ في وضع مدينة القدس إثْر قيام الكيان الصهيوني على أرض فلسطين العربية عام 1948 م، وقد حدث هذا التطور على مرحلتين مهمتين من مراحل تطور الصراع العربي الصهيوني :

المرحلة الأولى:

من مايو عام 1948 م وحتى نشوب حرب يونيو عام 1967 م، فقد قسمت المدينة المقدسة خلال هذه المرحلة إلى قسمين يخضع كل واحد منهما لإدارة قانونية وسياسية غير التي يخضع لها القسم الآخر، وكانت هذه هي المرة الأولى في تاريخ المدينة التي يتم فيها تقسيم المدينة إلى قسمين؛ إذ ظلت القدس طوال التاريخ غير مقسمة، وبعدها أعلن الكيان الصهيوني أن القدس عاصمتُه الموحدة، وضم القدس نهائيًّا وأعلنها عاصمةً للكيان الصهيوني سنة 1980م، وحاولت كتلة غوش أمونيم اليهودية السيطرة على الأقصى بالقنابل والرشاشات.

المرحلة الثانية:

في عام 1996 م قام اليهود بافتتاح النفق الثالث تحت منطقة الحرم القدسي، ثم حاولوا مفاوضة الفلسطينيين لإعطائهم قرية أبو ديس بدلاً عن القدس، وما زال وضع القدس يراوح مكانه وما زال الكيان الصهيوني ماضيًا في التهويد، وما زال العرب ومنظمة المؤتمر الإسلامي في قراراتهم ماضين، ولم يتحرك أحد لإنقاذها، وكأنهم أمواتٌ لا يحسُّون، فهل للقدس من صلاح الدين وجيل صلاح الدين؟!

لن يكون ذلك إلا بالكفاح والعمل والصبر والتوكل على الله ﴿وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ﴾ (الشعراء: 227)

المصدر


قالب:روابط توفيق الواعى