العولمة الإقتصادية

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
لم تعد النسخة القابلة للطباعة مدعومة وقد تحتوي على أخطاء في العرض. يرجى تحديث علامات متصفحك المرجعية واستخدام وظيفة الطباعة الافتراضية في متصفحك بدلا منها.
العولمة الإقتصادية


مقدمة

العولمة-الاقتصادية.gif

لم تحظ قضية باهتمام الشرق والغرب على المستوى الرسمي والشعبي مثل قضية العولمة باعتبارها أهم الظواهر التي تجتاح البشرية في القرن الحادي والعشرين. وأنه رغم انقسام الأرقام وتناقض المواقف حولها فقد استطاعت استقطاب الشرائح الفكرية والفئات الاجتماعية المتعددة الانتماءات والمشارب والتخصصات: من اقتصاديين وسياسيين وعلماء اجتماع، ومثقفين لايربط بينهم سوى اهتماماتهم بجملة التغييرات النوعية المتلاحقة التي يشهدها العالم في مجال الاقتصاد والسياسة والثقافة والاجتماع والبيئة، والتي تعدت نطاق الدولة، وتجاوزت الحدود، وعبر القارات. ولذا أضحت مناقشة آثارها على الاقتصاديات العربيه والاسلاميه وكذلك بقيه المجالات الاخرى امرا بالغ الأهميه


كما أنه اليوم قد تزايدت الدعوات وتكاثفت الجهود لإقامة أسواق مشتركة عربية او اسلامية وخاصة بعد ظهور مشروعات مناهضة للمشروع الإسلامي يجري التسويق لها فى المنطقة وأبرزها السوق الشرق أو سطية ومشروع المتوسطية.


والإسلام برسالته الشاملة قد أولى الجانب الاقتصادي اهتماما بالغا وغاية فائقة كما أولى المصالح العامة رعاية خاصة وأننا اذا استقرينا موارد الشريعة الإسلامية الدالة على مقاصدها من التشريع استبان لنا من كليات دلائلها ومن جزيئاتها المستقرأة ان المقصد العام من التشريع هو حفظ نظام الامة واستدامة صلاحه بصلاح المهيمن عليه وهو نوع الإنسان ويشمل صلاحه صلاح عقله وصلاح عمله وصلاح ما بين يديه من موجدات العالم الذي يعيش فيه "وما يظن بشريعة جاءت لحفظ نظام الأمة وفقرية شوكتها إلا أن يكون لثروة الامة في نظرها المكان السامي من الاعتبار والاهتمام" ومن اعظم مقاصد المعاملات المالية الرواج وهو دوران المال بين أيادي أكثر من يمكن من الناس بوجه الحق دل عليه الترغيب في معاملة بالمال.


والسوق هو الموضع الحقيقي او الاعتبار للتعامل بين الناس، وفيها تتم المعاوضات المالية وإبرام العمليات التجارية والتجارة مرآة صادقة تعكس هيكلة الاقتصاد وقدرته وحجمه، وقد دعت النصوص الشرعية إلي العمل بالتجارة، واكتساب المال عبر الطرق المشروعة، قال تعالى: (ياأيها الذين آمنوا لا تاكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما)، وبين الجائز منها من غير الجائز فقال: (وأحل الله البيع وحرم الربا).


وقد كانت التجارة بسيطة ثم اخذت في التطور والنمو لمواجهة تطورات العصر وتحدياته فقد أضحت الحروب الدائرة حالياً أسواق، وما الأسباب الرئيسية للحرب العالمية الأولى والثانية الا أسبابا اقتصاية، ذلك بأن السوق هو المكان الطبيعي لنماء الاقتصاد وازدهاره، وقد حلت السيطرة على الأسواق من خلال حركة الواردات وروؤس الأموال محل القوة العسكرية وأصبحت التكتلات من أبرز سمات هذا العصر، ولعل العصب السائرة في هذه التكتلات هو الاقتصاد، فاذا كانت الدول الكبرى والعلاقة والغنية تشكل وتقيم فيما بينها أسواقا مشتركة مثل السوق الأوربية المشتركة فأولى بالدول العربية الإسلامية أن تستقبل وتسعى نحو التكامل الاقتصادي، ولعل من أولى خطوات هذا التكامل في زمن العولمة اتاحة سوق إسلامية مشتركة ولكن كيف يتم ذلك؟

تتم الاجابة عن هذا السؤال عبر المباحث الاتية :


المبحث الأول : مفاهيم ومصطلحات:

المبحث الثاني : مبررات وأهداف.

المبحث الثالث : سبل التفعيل.


المبحث الأول : مفاهيم ومصطلحات

أتناول في هذا المبحث مفهوم العولمة ومفهوم السوق الإسلامية المشتركة.


أولاً: مفهوم العولمة :

العولمة من العالم، ومعناه ان تتحد شعوب العالم في جميع أمورها على نحو واحد، فكأن العالم بيت واحد أو قرية واحدة، إلا أن الجدل يظل مستمراً حول تحديد مفهوم العولمة، فضلاً عن دوافعها وأهدافها، وهو اهم جدل معاصر بدليل سيل الدراسات والعديد من الندوات والمؤتمرات المنعقدة حول العولمة، وبمختلف اللغات.

وإن صياغة تعريف العولمة تعريفاً دقيقاً تبدو شاقة لتعدد تعريفات العولمة التي تختلف باختلاف ايدولوجيات الباحثين، أو رؤيتهم السياسية، أو وجهتهم العامة التي ينحازون إليها إزاء العولمة رفضاً أو قبولاً، وقد تجاذب مفهوم العولمة ثلاثة تيارات.


- التيار الأول : يرى أن العولمة هي هيمنة القوى الاقتصادية والعسكرية على الأرض، وبكلام أكثر دقة أمركة النظام الاقتصادي والسياسي والثقافي والاجتماعي.


- التيار الثاني : يرى أنها عملية تبادل منافع وخبرات ومعارف بين أمم وشعوب الأرض، وتحرر وتكامل اقتصادي.


- التيار الثالث : يرى أنها ظاهرة حضارية تؤدي إلي تحويل العالم إلى قرية كبيرة تتلقى نفس التأثيرات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والإعلامية، وهذا كله يقود إلي الاندماج المتسارع للاقتصاد العالمي.


والذي يعنيني في هذا البحث: العولمة الاقتصادية دون غيرها، فسأحاول تعريفها واضعاً في الاعتبار أبعادها المختلفة: ما يتعلق بانتشار المعلومات بحيث تصبح مشاعة لدى جميع الناس، وما يتعلق بتذويب الحدود بين الدول، وما يتعلق بزيادة معدلات التشابه بين الجماعات والمجتمعات والمؤسسات، وبما تؤديه من نتائج سلبية لدى بعض المجتمعات، أو نتائج إيجابية لدى مجتمعات أخرى، وما تبرره العولمة من تكتلات اقتصادية عالمية، ومدى صلاحية نظام حرية السوق ليكون أساساً لتنمية في مختلف البلدان.


ومراعاة لهذه الابعاد المختلفة فإن مفهوم العولمة الاقتصادية لا يتجزأ عن التطور العام للنظام الرأسمالي حيث تعد العولمة حلقة من حلقات تطوره، وذلك لتوفير مجالات الاستثمار، واستيعاب الفوائض، بحيث تسعى الرأسمالية لتكريس تبعية التنمية العربية والإسلامية للغرب، ومن تجديد نفسها والتغلب على تنقاضاتها، والتكييف مع أزماتها. وبعد هذه المعطات مع ما اطلعت عليه من عدة تعريفات للعولمة، يمكن القول بأنها:

تسهيل انتقال القوى العاملة والمعلومات والسلع والأموال بين مختلف دول العالم، وتخطي الحدود الإقليمية واندماج الاسواق في حقول التجارة والاستثمارات المباشرة.


ومن هذا التعريف نلحظ ان العولمة تعني أصحاب روؤس الأموال لجمع المزيد من المال في سياسة اقتصادية كانت تعتمد على الإنتاج الذي يؤدي إلي تحقيق الربح واصبحت اليوم تعتمد على تشغيل المال فقط دون خسائر من أي نوع للوصول إلي احتكار الربح، وقد يكون هذا التشغيل خفياً غير مباشر احياناً، وهذا يوحي بعودة الهيمنة الغربية من جديد على عصب الحياة ألا هو الاقتصاد لكن بطرق حديثة حسب منطق الرأسمالية الذي يقضي بالتوسع المستمر عبر القارات لتتلاعب بمقدرات الأمم والشعوب كيف تشاء.


والعولمة – إذن – ظاهرة تجارية اقتصادية في الجوهر(1) ومحركوها الاساسيون هم المستثمرون وأرباب التجارة والشركات الكبرى، وتتجلى بوضوح في الجانب الاقتصادي أكثر مما تتجلى في غيره من المجالات الأخرى، وهو الأكثر اكتمالاً، والأكثر تحققاً على أرض الواقع.


وقد أخذت العولمة الاقتصادية أبعادها في العصر الحاضر بانتصار القوى الرأسمالية العالمية، فاستعاد النظام الاقتصادي الرأسمالي هيمنته وانتشاره في صور جديدة مبنية على اقتصاد السوق ، وعلى الثورة المعلوماتية، وعلى دمج الاقتصاديات الوطنية بالسوق الرأسمالية العالمية بإشراف مؤسسات العولمة الاقتصادية الثلاث التي هي: صندوق النقد الدولي يقوم بدور الحارس على نظام النقد الدولى، والبنك الدولي الذي يعمل على تخطيط التدفقات المالية طويلة المدى والمنطقة العالمية للتجارة خليفة (الغات). وتبدو ملامح العولمة الاقتصادية من خلال جملة من المظاهر التي منها:


1- الاقبال الشديد على التكتل الاقتصادي للاستفادة من التطورات التقنية المدهشة .

2- تعاظم دور الشركات متعددة الجنسيات، وتنامي أرباحها، واتساع أسواقها، وتزايد نفوذها في التجارة الدولية والعالمية.

3- إثارة المشكلات الاقتصادية وتدويلها مثل: الفقر والأمية، والتلوث وحماية البيئة.

4- تزايد دور التقنيات والتغيرات السريعة في أسلوب الإنتاج ونوعية المنتج، ولا يخفى تأثير ذلك على الاقتصاد العالمي.

5- توسيع النظام الربوى، وتمكين المؤسسات الربوية من السيطرة على الاقتصاد.


ثانياً: تعريف السوق الإسلامية المشتركة:

السوق الإسلامية المشتركة هي التي يتم من خلالها إلغاء القيود المفروضة على انتقال عناصر الإنتاج من أيد عاملة ورأس مال وغيره بالإضافة إلي حرية انتقال السلع بين الدول الأعضاء ووضع سياسة جمركية موجودة تجاه العالم الخارجي، فهي تعني:


1. تجميع القوى الاقتصادية العربية الإسلامية، والتعامل مع الغرب ككلتلة اقتصادية إسلامية لها مصالح مشتركة وليس كدول ووحدات اقتصادية منفردة.

2. توحيد السياسات والاستراتيجيات الاقتصادية لتشجيع رؤوس الاموال بين البلدان الإسلامية.

3. دعم التبادل التجاري وتحديد استراتيجية شاملة لتحقيق ذلك ويتضمن ذلك التبادل البضائع والمنتجات الوطنية العربية والإسلامية.

4. تشجيع انتقال رؤوس الأموال بين البلدان العربية والإسلامية، وتوفير المناخ الآمن، للاستثمار وتحفيز المستثمر المسلم إلي نقل أمواله المستثمرة في الغرب لاستثمارها داخل وطنه(2).

ويمكن ان تبدأ السوق الإسلامية المشتركة بإنشاء مشروعات ثنائية مشتركة بين دولتين أو أكثر أو بين مجموعات كالسوق الخليجية أو السوق المغربية أو السوق العربية لتنتهي بالسوق الإسلامية المشتركة.


ثالثا: مقارنة بين العولمة والسوق الإسلامية المشتركة:


1/ العولمة كونية الارتباط، محلية التركيز، لا يهمها إلا مصالح فئة معينة، بخلاف السوق الإسلامية المشتركة فإنها كونية الارتكاز، ذلك بأنها ذات صبغة إسلامية، والإسلام عالمي الهدف وعالمي الوسيلة، قال تعالى: (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله اتقاكم إن الله عليم خبير)(3).


وأساس التعارف تحقيق المصالح، وما القصد العام من الشريعة الإسلامية إلا جلب المصالح للناس وتكميلها ودرء المفاسد عنهم وتقليلها.


2/ العولمة تقوم على نفي الآخر، واستبعاده، واستغلال ثروته بخلاف السوق الإسلامية المشتركة بأنها تقوم على احترام الآخؤ والتعامل معه اخذا وعطاءً قال تعالى: (أهم يقسمون ربك نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا ورحمت ربك خير مما يجمعون)(4)، أي خولا وخداما سخر الأغنياء الفقراء، فيكون بعضهم سببا لمعاش بعض وقديما قال الشاعر:

الناس للناس من بدو وحاضرة بعض لبعض وإن لم يشعرو خدم


3/ العولمة تسعى لتحقيق مكاسب الرأسماليين ومنافعهم، بينما السوق الإسلامية المشتركة تسعى – بصبغتها الإسلامية – لتحقيق منافع البشرية جمعاء شعارها: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)(5).


4/ العولمة لا تقيم للأخلاق وزنا في تعاملاتها، بخلاف السوق الإسلامية المشتركة فإنها ذات بعد أخلاقي، تمنع الاحتكار والغش والضرر عموماً (لا ضرر ولا ضرار)(6)


المبحث الثاني :المبررات والاهداف

أولاً: مبررات السوق الإسلامية المشتركة وأهدافها:

من مبررات إقامة السوق الإسلامية المشتركة ما يأتي:


السوق المشتركة ضرورة شرعية تدعو إليها عمومات الشريعة الحاثة على التعاون والوحدة مثل قوله تعالى: (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان وأتقوا الله إن الله شديد العقاب)(7)

وقوله: (ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم)(8) ،

وإن كان المراد بالتفرق في أمر الدين إلا أنه يعم كل ما من شانه يؤدي إلي إضعاف الأمة وذهاب ريحها، يؤيد هذا قوله تعالى: ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين)(10).


وضرب لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم مثلاً لوحدة الامة الإسلامية (بالجسد الواحد، اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى)(11) ، ففي قيام السوق إحياء لروح الوحدة والتضامن والعمل المشترك بين الدول الإسلامية، كما أن فيه تأكيداً على تضامن المسلمين وتنسيق مواقفهم واتحاد قرارهم، وبمثل هذا يحظون بمحبة الله تعالى: (إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص)(12)، ولعل من أهم مقومات النظام الاقتصادي وجود التنظيم التعاوني في كل مراحله سواء في تعاون الأفراد في مجالات الإنتاج والتوزيع والاستهلاك والخدمات أو في تعاون الدول في اقامة سوق مشتركة تعاوناً يحقق الأمن والطمأنينة لكافة أفراد المجتمع، ويضمن لهم الرفاهية، وذلك لقيام نظامها العام على أسس تعاونية لا على أسس استبدادية، وإذا قامت الحياة على التعاون والعدالة والكفالة كانت الحياة ناهضة مستقيمة، وسبباً من أسباب النهوض الحضاري.


وإذا كان مقصد الشريعة الإسلامية العام: جلب المصالح للأفراد ودرء المفاسد عنهم مقصداً متفقاً عليه فإن صلاح الأمة وانتظام أمورها أسمى وأولى، وهل يقصد من صلاح الأفراد إلا صلاح المجتمع؟!


واذا كان ذلك مقصداً واجب التحقيق كان كل مايؤدي إلي تحقيقه واجب التحصيل، وبذلك تكون السوق الإسلامية واجبة التحصيل من باب (ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب) وتكون إقامتها من صميم التكاليف الإلهية التي كلفنا بها الحق – سبحانه – العليم بمصالح عباده.


السوق الإسلامية المشتركة ضرورة ظرفية.

السوق المشتركة ضرورة حياتية تقتضيها الظروف الراهنة ، إذ العصر الذي نعيش فيه عصر التكتلات والاتفاقيات بادرت إليها الدول الغنية قبل الفقيرة والغربية قبل العربية والدول المختلفة الأديان قبل الدول التي يوحدها الدين الإسلامي!!


فالعالم اليوم يسير نحو التكتلات الدولية وذلك للفائدة المتبادلة بين الدول الأعضاء سواء على الجانب الاقتصادي أو الجانب السياسي أو الاجتماعي بما يوفره هذا التكتل من التقوى بالآخرين على مجابهة الاحداث، ومقاومة العدوان بجميع أشكاله وحماية المصالح الداخلية والتجارة الخارجية.


واذا كان عصرنا عصر التكتلات العملاقة التي لا مكان فيها للضعفاء والمترددين والذين لا يلحقون بقطار العصر ولا يفهمون لغته فإن العصب الأساس في تكوين هذه التكتلات بعد هوية الأمة هو الاقتصاد وإن حرص الدول العملاقة على التكتل وتضافر جهودها للتعاون فيما بينها لأكبر حافز للدول الضعيفة على التعاون، إذا لم يعد من المجدي لأية دولة الإنفراد عن غيرها من الدول، وبخاصة بعد أن ظهرت التكلات الكبرى في عالم السياسة والاقتصاد، وقد ثبت للعيان جدوى التجربة التي حققتها الدول الأعضاء في السوق الأوربية المشتركة، وأصبحت الانعزالية خطراً مؤكداً على أية دولة منعزلة لم تكن لها دول أخرى تؤازرها.


ولعل دليل على ما قد تتعرض له الدول المنفردة من مخاطر ما أكدته الإحصائيات الدولية على نسبة الاستثمار إلي الناتج المحلي الإجمالي حيث بينت أن جميع البلدان النامية – مع أنها تمثل 18.4% من حجم السكان في العالم إلا أن نسبة الاستثمار فيها لا تزيد عن 37% وفي نفس الوقت نجد الدول الصناعية على غالبية الاستثمار العالمي مع أن سكانه لا يتجاوز عددهم 14.7 فقط وهذا يؤكد أن اقتصاديات العالم – في زل ما يعرف بالعولمة – يقوم على الاحتكار وليس على المنافسة الكاملة كما يروج المستفيدون(13).


وأمام هذا إذا لم يتدارك العالم الإسلامي أمره فقد تضيع هويته ويفقد تميزه الحضاري والثقافي والاقتصادي، وأن لم تتلاش هويته فلا اقل من أن تتعرض إلي التهميش أمام هذا التيار العولمي القوي، علماً أن الإسلام لا يعارض العولمة بمفهومها السمح بدليل قوله تعالى: (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم إن الله عليم خبير)(14) مع قوله تعالى: (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونا على الإثم والعدوان)(15) وإنما يعارض العولمة بمفهومها الانتهازي والذي يرمي إلي استغلال الآخرين والإفساد في الأرض.ودليله قوله تعالى: (ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين)(16) مع قوله تعالى: (وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد)(17) .


وهل يا ترى يستطيع العالم الإسلامي أن يحقق ذاته بتحقيقه التكامل الاقتصادي الذي من أولى خطواته: إقامة سوق مشتركة، وقد هيأ الله للأمة الإسلامية من العوامل ما يجعل تحقيق ذلك اذا توفرت الارادة الصادقة ومن هذه العوامل.


• العامل الأول: حرص الزعماء والقادة السياسين على التعجيل بإقامة السوق المشتركة، ووضع استراتيجيات مستقبيلة لمواجهة التغيرات الاقتصادية وقد تواترت الاخبار عنهم بما يشبه إجماعهم على ذلك، وقناعتهم شبه الكاملة بأهمية وحتمية هذه السوق لتحقيق مصالح شعوبهم المشتركة.


• ولعل من أقدم الوثائق الداعية إلي إقامة سوق مشتركة ما جاء في قرارات المؤتمر الثامن لوزراء خارجية الدول الإسلامية في طرابلس بليبيا 16/5/1997 (18) ولا تزال الدعوة مستمرة، وهذا مما أكده البيان الختامي للقمة العربية التي عقدت بعمان 27 – 28 /3/2001م فقد أكد على إنعاش التجارة البينية العربية، ودعا إلي الاهتمام بإحياء السوق المشتركة وإخراجها من حيز النظريات إلي أرض الواقع. ونحسب أن السوق العربية المشتركة خطوة نحو السوق الإسلامية المشتركة.


• العامل الثاني : العوامل الإستراتيجية التي تتمتع بها الدول الإسلامية من حيث الموقع، فهو يتعتبر قلب العالم، وأن اتصال بعضه ببعض يجعل منه كتلة متراصة متماسكة، وأن الدول العربية التي اقامت سوقاً مشتركة لا تتمتع بمثل ما تمتعت به البلاد الإسلامية من حيث الموقع.


• العامل الثالث : الموارد الطبيعية:(19) ليس من المبالغة القول بأن البلاد الإسلامية من اغنى بلاد العالم في ثروتها الطبيعية، ولا أدل على ذلك من أن الناحية الواسعة الشاسعة للعالم الإسلامي مع الموقع الاستراتيجي الذي "يحتله من الكرة الارضية فهو إلي حد ما في قلب العالم تقريباً، ويسيطر على أهم الممرات المائية وطرق المواصلات في العالم(20)"


الأراضي الصالحة للزراعة تصل نسبتها إلي حوالي 14.7 من مجموع مساحة الأرضي الصالحة الزراعة في العالم(21) . وتقدر مساحة الأراضي الزراعية في العالم العربي وحده في عام 2000 بحوالي 70 مليون هكتار مقارنة بحوالي 67 مليون هكتار عام 1999 أي بزيادة تقدر بنحو 4.3% بالمقارنة مع العام السابق(22) الموارد المائية في العامل الإسلامي مكسب عظيم سواء كان ماء الانهار أو ماء البحار.


يمتلك العالم الإسلامي حوالي 66.3% من الاحتياطي العالمي من البترول كما يمتلك موارد معدنية أخرى مثل الحديد والنحاس والمنغنيز والكروم والرصاص والألمنيوم والفوسفات(23)

والمقام لا يستدعى الاستفاضة في مثل هذا بل يمكن الرجوع إليها في مظانها(24)


• العامل الرابع : الموارد البشرية من أيد عاملة وعقول مفكرة وهي نوعان : موارد بشرية فاعلة (مابين 15 إلي 65 عام وهي التي تساهم بشكل مباشر في إحداث التنمية الاقتصادية وتساعد على قيام السوق المشتركة. وموارد بشرية كامنة وهي ذخر الأمة وعدتها المستقبلية، وهم ما دون الخامسة عشرة – والطفل الصغير – وإن لم يساهم في التنمية فإنه يعتبر منتجاً بمساهمته في إدخال السعادة على والديه مما يساهم في زيادة محصلتهما الانتاجية والاقتصادية. وقد تزايد سكان العالم العربي من 170 مليون نسمة عام 1981 إلي حوالي 280 مليون نسمة عام 2000، ويتوقع زيادة هذا الرقم ليتراوح ما بين 600 إلي 800 مليون نسمة عام 2025 (25)


السوق الإسلامية المشتركة ضرورة اقتصادية


السوق الإسلامية المشتركة ضرورة اقتصادية باعتبار ما تحققه من فوائد اقتصادية تتمثل في:

• الاكتفاء الذاتي العربي والإسلامي أو الاقتراب منه، وخفض نسبة الاعتماد على العالم اخارجي في استيراد السلع اللازمة للسوق المحلية العربية والإسلامية.

• إقامة الصناعات التخصصية

• بين الدول الإسلامية وما يؤدي إليه التخصص من جودة مستمرة كماً ونوعاً حتى تتمكن الصناعات من الصمود أمام الصناعات الأعلى جودة.

• توسيع مجالات الانتاج وتعددها ليلبى حاجة السوق في الدول الأعضاء، ثم تصدير الفائض إلي الدول الأخرى.

• زيادة معدل النمو الاقتصادي وارتفاع مستوى التشغيل والإنتاج من خلال المشروعات الاقتصادية المشتركة، وفتح مجال جديد أمام رجال الأعمال العرب المسلمين.


• توسيع نطاق السوق إذ أن انضمام الدول بعضها إلي بعض في سوق مشتركة يعني فتح أسواق جديدة أمام منتجات كل دول الأعضاء في السوق المشتركة.


• انتشار المنافسة في أسواق دول الأعضاء بالسوق المشتركة فما يعتريه الخمول والكساد في سوق قد يكون له رواج في سوق آخر.


• تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري وتنمية البنية التحتية للدول الإسلامية فيكون للمسلمين كيان اقتصادي قوي قادر على المنافسة ولا يخشى الدول القوية التي لا ترحم الضعفاء.


• استثمار الموارد الطبيعية (فبالسوق المشتركة تتمكن الدول الأعضاء من استثمار مواردها الطبيعية بشروط أفضل مما لو اضطرت التعاقد مع مستثمر قوي يفرض عليها شروطه) لأنها في الوضع الأول تكون مطمئنة إلي أن مواردها الطبيعية لن تخرج عنها إلا لتعود لوحدة الهدف الذي يربط بين الدول الاعضاء، ولتبادل المنافع المشتركة بينهم)(25) .


• قيام السوق المشتركة يحد من مخاطر العولمة الاقتصادية على واقعنا الاقتصادي والاجتماعي ويؤمن كتلة عربية إسلامية اقتصادية تقودها المصالح المشتركة وتكون قادرة على المنافسة بما يؤهل الاقطار الإسلامية للتعامل مع التكتلات الاقتصادية والتجمعات الإقليمية التي أضحت ركائز أساسية يستند إليها ما يسمى بالنظام العالمي الجديد، فإذا ما واجهنا القوة الاقتصادية بقوة اقتصادية مقابلة فإننا سنكون مشاركين في العولمة وليس مجرد تابعين للغير، وبالتالي سيكون لنا تأثيرنا الذي لا يمكن تجاهله على اقتصاد وتصحيح مسارها(26).


• السوق الإسلامية المشتركة ضرورة سياسية:


السوق الإسلامية المشتركة ضرورة سياسية باعتبار ما تحققه من فوائد ومكاسب سياسية تتمثل في تحقيق ما يحلم به العرب والمسلمون من وحدة سياسية –فضلاً عن الوحدة الاقتصادية – يعد قيام السوق عاملاً مهماً من عوامل القوة والاستقلال التام في ظل حرية انتقال رؤوس الأموال الإسلامية وتشجيع التجارة البينية، وخاصة أن الاستعمار الحالي استعمار اقتصادي وقيام السوق المشتركة يعيد للمسلمين ثقلهم الدولي، ومكانتهم بين الشعوب التي تتسابق لفرض نفوذها عليها واستنزاف خيراتها ومثل ما حذر منه رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله: (يوشك الأمم أن تداعي عليكم كما تداعي الأكلة إلي قصعتها فقال قائل: ومن قلة نحن يومئذ؟ قال: بل أنتم كثير. ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم وليقذفن في قلوبكم الوهن، فقال قائل: يا رسول الله، وما الوهن؟ قال: حب الدنيا وكراهية الموت)(27)


ومما سبق يمكن استخلاص الأهداف التي يسعى إلي تحقيقها من إقامة سوق إسلامية مشتركة وهي:


أ/ الامتثال لأمر الله عز وجل الداعي إلي التعاون.

ب/ تحسين العلاقة بين المسلمين مما يحقق السلام والوئام بين الدول الإسلامية ويساهم في التقريب بينها وتوحيدها.

ج/ فتح الحدود الإسلامية أمام حركة التنقل بإيجاد سوق تجارة حرة، وسوق عمالة حرة كذلك.

د/ تجميع اقتصادات الأقطار المختلفة في اقتصاد واحد قوى، يحقق التكامل الاقتصادي، ويقطع الطريق أمام القوى الأجنبية والاستعمارية حتى لا تتدخل في شؤون الدول الإسلامية، أو تحتل أراضيها، وتهيمن على مواردها.

هـ/ تعزيز قدرات الأمة على مواجهة العولمة الاقتصادية، والتكتلات العالمية، والتصدى لمحاولات الهيمنة على اقتصادات الدول الإسلامية.

و/ تحقيق مصالح المسلمين الاقتصادية بتحقيق الاكتفاء الذاتي، وزيادة معدل النمو الاقتصادي.


ثانياً: مبررات العولمة وأهدافها :

من أبرز دوافع العولمة الاقتصاد الأمريكي واختلالاته الداخلية والخارجية المزمنة، تزامنت هذه الأزمة مع صعود بعض القوى الاقتصادية الجديدة كاليابان، لذلك وجدت الولايات المتحدة الأمريكية في العولمة الاقتصادية المستندة إلي مباديء السوق ومفاهميها وآلياتها مخرجاً لاقتصادها من أزمته، ووسيلة للهيمنة على مقدرات الاقتصاد العالمي، وأداة ضغط على القوى الاقتصادية الصاعدة فضلاً عن تهميش اقتصاديت الدول الإسلامية وإلحاقها بالاقتصاد العالمي من موقع متخلف.


إن ما تنادى به العولمةمن اهداف ومقاصد نظرياً تتماشى إلي حد كبير مع ما تنادي به الشريعة الإسلامية من جلب المصالح للناس ودرء المفاسد عنهم ومن انفتاح على العالم، قال تعالى: (قل سيروا في الأرض)(23) وقال: (قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها)(24) ، وقال: (هو الذي جعل لكم الأرض ذلولاً فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور)(25) والعولمة في ظاهرها تحمل شعارات السعادة للناس والرفاهية والعدل والحرية والقضاء على الفقر كأهداف نبيلة تسعى لنشرها عالمياً ولكن الواقع خلاف ذلك فلا أهداف نبيلة ولا غايات شريفة وما هي إلا ادعاء ساذج ووسيلة لاحتكار التجارة العالمية واحتكار وسائل الاعلام وأدوات الانتاج المعلوماتي ودعوة مبطنة لإلغاء اقتصاديات الدول في سبيل الهيمنة والسيطرة المطلقة للشركات الكبرى إنها فلسفة الأنانية والمنفعية التي تقوم على قلتل الروح الجماعية وإهمال الآخرين وخدمة المصالح الخاصة .


ويؤكد هذا جملة من المظاهر منها :


1- إن منظمة التجارة العالمية في السنوات الخمس الاخيرة قد أسهمت بدور بارز في تركيز الثروةة في أيدي اقلية من الأثرياء جنباً إلي جنب مع زيادة تفشي الفقر لأغلبية سكان الأرض فعلى سبيل المثال 20% من دول العالم هي أكثر الدول ثراء تستحوذ على 87.7% من الناتج الإجمالي في العالم وعلى 84.4% من التجارة الدولية يمتلك سكانها من مجموع مدخرات العالم(26).


2- أما القوة الاقتصادية للشركات المتعددة الجنسيات، ومن ورائها أمريكا سيطرت على مشورعات استثمارية ضخمة بغية الهيمنة على الآخر واختراقه وسلب خصوصياتة وإخضاع السوق العالمية لقوانين تخضع لكل اشكال السيادة القطرية حركة الدولة والأمة وتفكك نظمها الإنتاجية ومؤسساتها أي القفز فوق سهام الدولة والأمة والوطن وتمكين الشركات المتعددة الجنسية والمؤسسات الاقتصادية الكونية من إدارة وتسييس شؤون الاقتصاد العالمي لتحل محل الدولة بغرض تعميق اختراق اقتصاديات الجنوب والحاقها بالاقتصاد العالمي من موقع متخلف ، لتؤدي وظائف معينة ذلك بأن متزعم العولمة الدولة الراسمالية والدول الرأسمالية مناط بها بأن ترعى مصالح الطبقة الرأسمالية حيث أن وظيفتها الأساسية تأسيس البنى القانونية والمؤسسية الملائمة لاحتياجات النظام الرأسمالي.


3- تراجع معدل النموء الاقتصادي العالمي 2001م إلي 2.2% مقارنة مع معدل نمو حقيقي بلغ 4.7 % عام 2000 وحتى بوادر الانتعاش الاقتصادي التي بدأت في أواخر 2001 والربيع الأول من عام 2002 شهدت الاسواق المالية العالمية ضعفاً واضحاً وفقدت أسعار الأسهم الدولية جزءً كبيراً من قيمتها(27).


4- تهميش العولمة للدول النامية ونظراً لهذا التهميش نجد هذه الدول تطالب بالحصول على مزايا عادلة وإشاعة استراتيجية تقوم على أساس المشاركة الإيجابية في كل الدول في إطار العولمة محذرة من مخاطر التهميش الذي تتعرض له وبالرغم من مؤتمر دافوس الذى عقد فى كانون الثانى 2000 بسويسرا ركز على نقطة رئيسية وهي سبل تغليظ الفجوة بين الثراء والفقر وتخفيف أضرار العولمة على البلدان الأضعف اقتصاديا ومالياً(28)ورفع شعار (بداية جديدة من أجل التغيير) إلا أنه لم يحدث أي تغيير ولم يتسطيع إبعاد شبح التيار المناهض للعولمة حتى في قلب مراكز العولمة ذاتها وقد بين الدكتور عصام الزعيم في مقابلة معهم أن العولمة بالقدر الذي تعد فيه أداة دمج فإنها آداة تهميش وتجزئة (29) وهذا ما أدخلته الشعارات التي نادى بها المتظاهرون بمناسبة اجتماع وزراء اعضاء منظمة التجارة الدولية في سياتل عام 2000 الرأسمالية وحشاً قاتل، نريد معلوماتية تخدم الإنسان لا نريد عولمة لجمع الثروة فقط لا نريد حريات اقتصادية تستحق حق العيش الكريم .


5- لم يعرف التاريخ ارتفاعاً في نسبة الفقر في العالم مثلما عرفه الآن فمن بين عدد سكان العالم البالغ عدد ستة مليارات نسمة عام 1999م يعيش 2.8 مليار نسمة منهم (أي حوالى النصف) على أقل من دولارين يومياً ويعيش 1.2 مليار تحت خط الفقر المحدد دولياً بأقل من دولار واحد يومياً (حوالى 23% من سكان العالم في حين ان الشعوب الغنية تمثل 5% من سكان العالم إلا أنهم يحصلون على دخل يزيد أكثر من 114 مرة من دخل المنتمين للشعوب الفقيرة وفي ظل هذه الطبقية فهل ستعيش البشرية في أمان؟ الجواب أن هذه الطبيقة ساهمت في انتشار الجريمة وعلى سبيل المثال 2% من الشعب الامريكي إما قابعون تحت السجون أو تحت اجراءات حسن السلوك وأن 28 مليون أمريكي يعيشون في مساكن محروسة بكل وسائل التقنية الحديثة من أسلحة وكاميرات وغيرها السبب في ذلك عدم الاطمئنان جراء الجريمة المستفيضة(30) .


واذا كانت العولمة كاذبة في ادعاءاتها ولم تستطع أن تحقق الاهداف النبيلة التي طرحتها من إسعاد العالم والقضاء على الفقر وإيجاد المجتمع العالمي الواحد(31) وما مرد ذلك إلا لكونها لا تمتلك المقومات الإنسانية لتحقيق ذلك بخلاف الدول الإسلامية ممثلة في السوق المشتركة التي تمثل قاعدة صلبة للتضامن فيما بين هذه الدول،وبه يمكن ان تفلت من العولمة بشكل عام ومن العولمة الاقتصادية بشكل خاص فإنها قادرة على ذلك لما تمتلكه من مقومات نابعة من الشريعة الإسلامية تمكنها من بناء مجمتع عالمي قائم على العدل والحرية والمنافسة النزيهة مع رفض كل أنواع الظلم والاحتكار (فلا ضرر ولا ضرار)(32)، مع إلغاء التمييز بين الوحدات الاقتصادية للأقطار ذات العلاقة وتطبيق سياسات مشتركة بينها على نحو يتأتى معه تحقيق الأهداف الاقتصادية من:


- تنمية شاملة تنفع العباد والبلاد – وكفالة حد أدنى من المعيشة – وتحقيق القوة والاستقلال الاقتصادي. - وتخفيف التفاوت في الدخل والثروة بين الناس – وتحقيق المصالح الوطنية لكل دولة مشتركة في السوق بما تملأه كل دولة من فراغات الدولة الأخرى، فبعض الدول لها طريق التكامل في شتى المجالات: الطاقة البشرية وتصدير الخدمات الفنية والاقتصادية.


- وتداول المال ورواجه بين الناس (كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم)(33) ، ذلك بأن مجال الاقتصاد (في حديثه عن المخاطر التي تنطوى عليها أسواق المال العالمية) أشد خطراً على الاستقرار من الاسلحة النووية(34) ، وأنه بإفلاس مصرف كبير يمكن أن يتسبب بين عشية وضحاها في إفلاس مصارف أخرى في العالم(35) ودرءاً لمثل هذه المفاسد حثت الشريعة الإسلامية على الحرية الكاملة للأسواق ولكن في إطار من الضوابط الشرعية في الكسب والربح، فحرمت جملة من الأعمال التي من شأنها إلحاق الضرر بالمسلمين في سوقهم كالاحتكار والنجش، والربا ونحو ذلك مما هو مبسوط في كتب الفقه في الحديث عن البيوع الفاسدة.


المبحث الثالث : سبل تفعيل إقامة السوق الإسلامية المشتركة

لا تزال تأثيرات العولمة والتحرير التجاري على الأمة الإسلامية –بل على مستوى العالم – مثار بحث وتحليل من قبل الباحثين والدارسين، ولا يخفى ما لهذا من أثر على إقامة سوق إسلامية مشتركة علماً أن إقامة أي سوق لا يمكن أن تنفصل عما يجرى في العالم من أحداث وتكتلات كما يمكن أن تنفصم عن السيادة المالية، ولا عن السياسة الاستثمارية، ولا عن ممارسات السلطة النقدية وقوانينها، ولا عن تمويل الصناعات المحلية والإقليمية المنتجة، ولا عن إقامة مناطق تجارية، ولا عن نهضة اقتصادية شاملة، وقد أشار أهل الاختصاص إلى هذا الترابط فيما كتبوه من أسس للتكامل الاقتصادي , وهي نوعان(36) :


- النوع الأول : أسس لازمة للإتفاق على قيام التكامل الاقتصادي وهي:- تنافس منتجات الدول الأعضاء – تقارب النمو الاقتصادي – الاستقرار السياسي – الوعي الاجتماعي .


- النوع الثاني : الأسس اللازمه لبدء تنفيذ التكامل الاقتصادي وهي :- المسافة الاقتصادية – إزالة الحواجز والقيود الجمركية –وضع سياسة جمركيه موحده تجاه العالم الخارجي – حرية انتقال عناصر الإنتاج .


وبناءا على هذه الأسس يمكن تحديد دور الدول الإسلاميه في التعامل مع العولمة الاقتصادية وفي تفعل سبل الوصول لا إلى إقامه سوق إسلاميه مشتركة فحسب بل إلى التكامل الاقتصادي , ومن ثم النهوض الحضاري , وتتمثل هذه السبل: - في التوعية , والاستشارة , والاستثمار , والتمويل .


السبيل الأول : التوعية

التوعية أمرمهم في زمن العولمة وأساس متين لقيام السوق الاسلامية المشتركة , فقد ورد في استبيان نشرته مجله الاقتصاد الإسلامي أن من المعوقات لغياب السوق : غياب الوعي الشعبي والجماهيري وعدم فهم أهميه السوق , ويضاف إلى ذلك عدم فهم العولمة فهما صحيحا , وبهذا تتمثل هذه التوعية في أمرين : الوعي بأهمية السوق المشتركة , والوعي بآثار العولمة .


1- الوعي بأهمية السوق الاسلاميه المشتركة

ونعني بذلك الإلمام بماضي الأمة وحاضرها , ومعرفه المخاطر التي تجابهها , والعراقيل التي تحول دون استعادة مجدها وعزها , وبيان أهميه السوق(37) الإسلاميه المشتركة وآثارها الإيجابية على المستويين : الشعبي والحكومي , ولايتم ذلك إلا بالتكرار , والتكرار عامل مهم في نجاح أي عمل , لذا يتعين على المصارف الإسلامية الحرص الشديد والتأكيد على ذلك في كل محفل ومناسبة , وإنشاء أدارة للتوعية والاهتمام بهذا الأمر ومتابعته , وإعانة كل من يدعو إليه حتى تتضافر الجهود لتتم التعبئة العامة بضرورة إقامة السوق المشتركة , وتوخي السبل الكفيلة بتنمية الوعي من : كلمة طيبة مقروءة ومرئية ومسموعة , وتهيئة العقول لقبول الفكرة وإيجاد قناعة شخصية بأهمية هذا الأمر لدى الأفراد والمجتمعات , وجعلها قضيه لايمكن الاستغناء عنها بحال , وزرع الإيمان في القلوب بقدرات الأمة على إنجاز ذلك , بالاضافه إلى اقامه مؤتمرات وندوات وورش عمل يتم فيها مناقشة أهمية السوق المشتركة , والسبل الكفيلة بإقامتها , ورفع معنويات المسلمين بقدرات أمتهم ومكتسباتها وبناء الثقة بين الدول الاسلامية , وإتاحة تبادل المعلومات في مناخ ملائم للتفكير والإبداع حيث يتحدث كل صاحب فكرة وتجربة عن فكرته وتجربته , والإبداع والتجديد هما قاطرتا النهضة في أي أمة .


ومن مستلزمات التوعية :


معرفة المعوقات التي تعيق إقامة السوق الاسلامية المشتركة للعمل على تذليلها وتلافيها , وقد أشرت في ثنايا البحث إلى بعض هذه المعوقات مع بيان طرق معالجتها , ولمزيد من التنبيه أشير إلى بعض هذه المعوقات :


-انخفاض الإنتاجيه في اقتصاديات العالم العربي والإسلامي نتيجة لسوء الإدارة أحيانا , وأحيانا أخرى لانخفاض كفاءة العاملين , فتكون المقدرة التنافسية ضعيفة أمام الكم الهائل من الانتاجية الغربية وجودتها, وهذا يستلزم أصلاحا اقتصاديا من الداخل مع ضرورة التوجه إلى الاستثمار الخارجي .


-السياسة المتقلبة وعدم استقرار المنطقة , وهذا ما أشار إليه الدكتور أحمد جويلي أمين عام مجلس الوحدة الاقتصادية في المؤتمر الأول لمؤسسة الفكر العربي , وعدم وجود استقلال حقيقي بالقرار السياسي والاقتصادي , وارتهان قرارها لقوى خارجية ليس من مصلحتها وجود مثل هذا السوق.


-التفاوت الضخم بالأوضاع الاقتصادية بين الدول العربية والاسلامية , فغنى بعض الدول وفقر أخرى يساهم في تأخير إقامة السوق المشتركة .


- عدم وجود دولة قائده تقود الدول الاسلامية نحو الاندماج , لأن الدولة القائدة هي التي تقدم التنازلات مثلها مثل الأخ الكبير الذي يرعى اخوانه الصغار ولا ينفك يتنازل ليرفع من مستواهم , ويضمن لهم العيش الرغيد , ولا يتم الاندماج إلا بالتضحية من الأفراد والدول , ولم تقم السوق الاوربيه المشتركة إلا بتضحيات كبيرة رغم اختلافهم في اللغة والعرق وبعضهم في الديانة , بخلاف المسلمين فان كل مقومات السوق المشتركة متوفرة لديهم حيث يوحدهم الدين واللغة – غالبا – ويمتلكون الطاقة والقدرة على الاستيعاب .


2- الوعي بآثار العولمة :-


إذا كان الهدف من العولمة الانفتاح والتعاون فلا حرج فيها , وإذا كان المقصد منها الأخذ والعطاء , فلا حرج كذلك . أما إذا كان المقصد منها أن تكون الأمة الاسلامية مجرد مستهلكة على المستوى الاقتصادي والثقافي والفكري فهذا يرفضه كل حر أبي , لأن هذا يعني الذوبان في الآخر والتشتت وفقدان الهوية .


ولتجنب هذا الأمر فإنه يستلزم ارتفاع درجة الوعي بالتحديات الاقتصادية التي تواجه المسلمين خاصة في ظل تبني أمريكا والغرب العولمة الاقتصادية , بالاضافه إلى عدم التعامل مع هذه العولمة باستخفاف أو الدخول فيها بدون الأخذ ترفع القدرات التنافسية , فأخطر المواقف التعامل مع العولمة بمعيار الرفض المطلق أو القبول المطلق , فلا بد من فهمها أولا , ثم الحد من أخطارها ثانيا , والاستفادة من ايجابياتها والتعامل معها تعاملا مدروسا ثالثا , وبهذا نكون فاعلين ومؤثرين , ومسجلين حضورا فاعلا في تشكيله العالم الجديد .


وسياسة الانتقاء ليست بالأمر السهل بل تحتاج إلى جهد كبير وذكاء وفطنة . وتتم هذه السياسة على مستويين :


- على المستوى الفردي :


بالوعي بما في الإسلام ومنهجه من خلاص للبشرية , وانتشال المسلمين من براثن الجهل , والتخلف أولا , وبالوعي بما في العولمة من مخاطر ثانيا , وذلك بدراستها دراسة متأنية تمكننا من التمييز بين النافع منها والضار بغية التقليل من تأثيرها علينا وعلى الأجيال القادمة , وبقيام نهضة علمية وفكرية موازنة لما يفد علينا ثالثا , وذلك عبر برنامج علمي دقيق , وبإشراف العلماء والمختصين من خلال تحصين الأمة فكريا بزيادة الوعي واستحداث مراكز دراسات وأقسام متخصصة في الجامعاتالاسلامية بغية امتلاك الوسائل التي ترتكز عليها موجات العولمة خاصة على الجانبين الاقتصادي والثقافي .


- على المستوى الجماعي :


بأن تتصالح الأمة مع ربها , وتتعاون فيما بينها , وتستغل الطاقات والموارد التي منحها إياها ربها , وأن تعمل على إيجاد حماية اقتصادية خاصة بالبلدان الاسلامية وتطرح النظرية الاسلامية في الاقتصاد على المسلمين وعلى غيرهم عن طريق أجهزة الاتصال العالمية وشبكه الانترنت , وبث الوعي بتشجيع البضائع الداخلية , وتشجيع المستهلك لها , مع العناية الكافية لمثل هذا الأمر , بالاضافة إلى غرس الثقة بقدرات الأمة التي تؤهلها إلى أن تأخذ موقعها الايجابي في خضم هذا الصراع المتعدد الجوانب .


والعولمة ليست حتمية قدرية لا خلاص منها , بل هي ظرف تاريخي يعكس تطور النظام الرأسمالي , وفهمها فهما صحيحا قد يكون سببا من أسباب استعادة الأمة مجدها واسترداد عزها لأن الأيام علمتنا أن العرب لا يتحركون إلا إذا كان هناك خطر داهم يهدد حياتهم , وأن الحضارة أحيانا لا تصنع إلا بالتحدي , يقول آرلوند توينبي : ((إن الجماعة التي تنجح في صنع الحضارة هي تلك الجماعات التي تقابلها صعوبات عظيمة وتحديات فتنهض لكي تذلل تلك الصعوبات ولكي تقضي على تلك التحديات , فتتحول حياتها من حياة الدعة والسكون والراحة إلى حياة الكفاح والنضال والحركة الدائمة والعمل الدءوب(38))) .


ويتمثل فهم العولمة بمعرفه آثارها السلبية المعيقة لتقدم ألأمة حتى تتجنبها , وآثارها الايجابية حتى تستفيد منها , إذ الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق بها .


أولا : الآثار السلبية للعولمة الاقتصادية :-


تتمثل هذه الآثار في التحيز والظلم وعدم العدل , ويبدو هذا جليا في المظاهر ألآتية :


إضعاف الدولة , وتدمير الصناعة المحلية , وعدم الاستثمار فيما ينفع , والتحيز والكيل بمكيالين , وتخفيض الأجور , والبطالة , والتدهور البيئي.


1- إضعاف الدولة :

تؤدي العولمة إلى إضعاف سيطرة ألدوله القطرية بكسر الحدود وانخفاض التوظيف ووظائف للعمالة الماهرة وتخفيض الأجور , وقد أصبح لشركات العولمة العملاقة نفوذ كبير في إسقاط الحكومات , وافتعال الانقلابات وتحريك الأزمات , وضرب الاقتصاديات المستقلة , وهي تتجه تدريجيا إلى تحويل المجتمع البشري الى مجتمع مستعبد مدجن بواسطة وسائل الأعلام والدعاية الاعلانية الاستهلاكية , فالعولمة تعمل على الاستعباد فتحول دون حصول الأفراد والشعوب على العزة والكرامة(39) .


وتعمد العولمة لتحقيق إضعاف الدولة وإلى إغراقها بالديون , فعلى سبيل المثال الدول العربية – وهي المستهدف الأول في العولمة – بلغت ديونها الخارجية وفقا لأحدث الإحصائيات ( 629 ) مليار دولار تستنزف من ثرواتها ما قيمته سنويا مليار دولار خدمه للديون الخارجية فقط , وليس غريبا أن تؤكد تقارير اقتصادية أن الديون العربية تزيد نحو ( 500 ) ألف دولار كل دقيقه(40) ,وقد بلغ إجمالي ديون الدول العربية حتى نهاية عام 2000م ( 325 ) مليار دولار بعد أن كان عام 1908م ( 49 ) مليار دولار , ولم يصاحب هذا الارتفاع زيادة مماثلة في الناتج المحلي الإجمالي , ففي عام 1980م كانت الديون الخارجية تشكل ( 12% ) من الناتج المحلي الإجمالي العربي , أما الآن فتمثل ( 46% ) من الناتج المحلي الإجمالي(41) , وقد أصبحت المديونية تمثل مشكلة يشار إليها في التقارير الدولية , ولا شك أنه كلما ارتفعت وتيرة الديون ترسخت التبعية , ووجدت الذريعه للقوى (( الاستعمارية )) في التحكم في اقتصاديات الدول المستهدفة .


2- تدمير الصناعة المحلية :

تساهم العولمة إلى حد كبير في تدهور الصناعة المحلية وتدميرها , وقد حذرت منظمه الخليج للاستثمارات الصناعية من الجوانب السلبية التي قد تؤثر في الصناعات الصغيرة والمتوسطة في دول مجلس التعاون الخليجي نتيجة تطبيق اتفاقيه التجارة العالمية , ومن أجل هذا عملت دول مجلس التعاون الخليجي منذ تأسيس المجلس عام 1981م على إرساء الأسس اللازمة لقيام تكتل اقتصادي يجمع دول المجلس تحت اتفاقيه اقتصاديه موحده(42) .


ومن أبرز مظاهر تدمير الصناعة المحلية :

- ما تعمد إليه الشركات العملاقة من سياسة الاحتكار والإغراق , فهي تغرق أسواقنا بمنتجاتها وتحول دون وصول صادراتنا إلى أسواقها , كما إنها تسعى إلى : - تملك خطوط الإنتاج والصناعات في الدول المراد تدميرها اقتصاديا , ولا أدل من ذلك على علاقة الولايات المتحدة الأمريكية بأوروبا من خلال تجارة (( الصويا )) حيث تمتلك الولايات المتحدة الاحتكار العالمي لتجاره الصويا وتصدر منها كل عام عشره ملايين طن , وقد نجحت أمريكا في إغلاق مصنع لا فير * في فرنسا , ومنشأة سر داين * في ايطاليا , وذلك لمنع المنتجين الصناعيين من استخدام ابتكار جديد لعالم فرنسي يؤدي إلى إنتاج بديل أفضل .


وكذلك ما كشفه النزاع الأوربي الأمريكي حول تجاره الموز حيث قامت الولايات المتحدة الامريكيه بفرض عقوبات اقتصادية على بعض شركاته بسبب تفضيل الاتحاد الأوروبي استيراد الموز من المستعمرات الفرنسية والانجليزية السابقة في أفريقيا عن استيراده من دول أمريكا اللاتينية رغم رخص ثمنه , وهو ما جعل الإتحاد الأوروبي يثير ثائرة دول العالم ضد الولايات المتحدة الأمريكية لأنها لم تحترم قواعد تحرير التجارة الدولية , وأساس الصراع بين الطرفين الخلاف حول اقتسام كعكه النظام الاقتصادي الدولي الجديد القائم على التحرير الاقتصادي وإعمال آليات السوق والمنافسة(43) .


- كسب المزيد من العملاء من خلال خفض أسعارها , والبيع بسعر يقل عن التكلفة الحقيقية بهدف إخراج المنافسين الآخرين من السوق للإنفراد بالمستهلك فيما بعد , وفرض أسعار احتكارية عليه , ولا أدل على ذلك من شركه (( سنسبري )) فإنها لما دخلت السوق المصري بلغت خسائرها بسبب سياستها العمديه الإغراقيه في أربعه أشهر ( 50 ) مليون جنيه منها ( 22 ) مليون في الشهر الأول ... وهي على استعداد لتحمل هذه الخسائر , بل هي مستعدة لخسارة في أول عام تصل إلى ( 500 ) مليون جنيه مصري , وهي طبعا تخطط لتعويض تلك الخسارة بعد سيطرتها على خطوط الإنتاج , وسحق المؤسسات المنافسة سواء كانت الصغيرة أو المتوسطه . وقد جاء في تقرير الأهرام الاقتصادي ,وصحيفة الأهالي الناقلة عنها إن أغلقت 25 من المتاجر أبوابها فعلاً تمهيداً للبيع أو لتغيير النشاط بعد إشعار الإفلاس . من المتوقع أن يغلق 1500 متجراً أبوابه ... و من المتوقع كذلك خلال السنوات الثلاث القادمة إغلاق 10 الآف متجر(44) .


امتلاك راس المال حيث أصبح تداوله في أيدي قلة قليلة من عمالقة الاقتصاد و الشركات العابرة للقارات , و لمعرفة مدى قوة هذه الشركات المالية فان شركة (جنرال موتورز) يفوق رقم معاملاتها المالية الدخل القومي لدولة مثل الدانمرك . و شركة (فورد ) تفوق معاملاتها الدخل القومي لجنوب أفريقيا , و شركة ( تويوتا ) تفوق معاملاتها الدخل القومي للنرويج . و يبلغ حجم نشاط شركة (ميتسوبيشي ) الاقتصادية أكثر من حجم النشاط الاقتصادي لاندونيسيا التي تعتبر رابع أكبر دولة من حيث تعداد السكان . فلا غرابة من أن يكون 358 شخصا في العالم فقط من أصحاب المليارات يملكون ثروة تضاهي ما يملكه ملياران و نصف من سكان العالم(45).


3/ عدم الاستثمار فيما ينفع : تساهم العولمة في عدم استثمار الأموال في أنشطة اقتصادية حقيقية من شانها تعزيز القدرة الإنتاجية للدول الإسلامية لتصبح الدولة دولة مستهلكة بدل أن تكون منتجة و ذلك بنشر النمط الاستهلاكي الترفي بين الناس , و اختزال الإنسان في البعد المادي الاستهلاكي , و أحيانا الشهواني دفعا للناس للإسراف و التبذير مما يؤدي إلى استنزاف الموارد المالية للدولة والأفراد على حد سواء .


4/ التحيز و الكيل بمكيالين : لا يخفى على عاقل تحرك العولمة اليوم في المجتمعات بأسلوب متحيز إذ إنها في الغالب تعمد إلى تغليب الحسابات و المقاييس العالمية على الحسابات و المقاييس المحلية في الحقول التي تقوم عليها العولمة فالولايات المتحدة تحاول إن تعطي المحلي لديها طابعا عالميا تحقيقا لمصالحها الذاتية و يتيسر لها هذا بما يتوفر لديها من قوة إعلامية على نطاق محلى و عالمي .


5/ تخفيض الأجور : تنتهج العولمة سياسة تخفيض الأجور لتتمكن من تحقيق أقصى ربح ممكن عبر تشغيل أيد رخيصة في مشروعاتها الوطنية في البلدان النامية , ومنها البلدان العربية , و هذا يؤدي إلى زيادة في عدد الفقراء والمهمشين اجتماعياً، وزيادة الجريمة المنظمة(46) .


6/ البطالة: تسببت العولمة في كثرة البطالة وزيادتها، إذ يقدر معدل البطالة في الدول العربية في أحدث إحصائية بنحو 20% من إجمالي القوى العربية العاملة أي ما يعادل 19 مليون فرداً. ومن الجدير بالذكر أن البطالة أخذت بالتزايد بشكل مطرد بين الشباب المؤهلين الداخلين الجدد لسوق العمل كما أن معدلات البطالة لهذه الفئة في الارتفاع في السنوات الأخيرة في بعض الدول الخليجية وغيرها حيث تمثل نسبة العاطلين من الشباب على سبيل المثال نحو 75% من إجمالي العاطلين في البحرين، وتبلغ نحو 40% من الجزائر وتونس(47) .


7/ التدهور البيئي لا يقتصر أثر العولمة الاقتصادية على الجانب الاقتصادي أو السياسي فحسب بل يتعداه إلي البيئة، وذلك بما يؤدي إليه هذا التطور الهائل للتجارة العالمية من تدهور المحيط البيئي إما باستنزاف و إتلاف الأراضي الزراعية , و قطع الأشجار , مما يؤدي إلي ظاهرة التصحر التي تعود قبل كل شيء إلى استغلال الإنسان المفرط للأراضي .


- أو بتشجيع الاستثمارات غير المنتجة لكونها تدر أرباحا بسرعة .

- أو بتصدير الصناعات الأكثر تلويثاً للبيئة للبلدان العربية و الإسلامية .

- أو بالمتاجرة ببعض المواد الخطيرة , أو ببعض الكائنات الحية المهددة بالانقراض .

- أو تدهور نوعية المياه و زيادة تلوثها نتيجة ضعف أجهزة إدارة المياة و حمايتها من آثار التلوث الصناعي و الملوثات الكيماوية و البيولوجية نتيجة الاستخدام غير الرشيد لبعض الأفراد و المؤسسات دون محاسبة من الأجهزة المعنية ما يؤدي إلى خسائر كبيرة في الموارد المائية الجوفية و السطحية(48).


و ما تجنيد الرأي العام و رجال السياسة سواء على المستوى العربي و الإسلامي أو العالمي , و الركوض وراء البحث عن حلول للمشاكل البيئية إلا دليلاً على تفاقم حدة هذه المشاكل .


ثانياً : الآثار الإيجابية للعولمة :-

من الآثار الإيجابية للعولمة ما يأتي :-

1. إنها تعمل على جذب الاستثمارات الى القطاعات الإنتاجية و زيادة النشاط التجاري الدولي .

2. السماح بتحريك الكفاءات البشرية و ذلك بإزالة الحواجز .

3. فتح المجال للصادرات العربية و الإسلامية لدول الأسواق العالمية .

4. الإفادة من مزايا الاتحاديات و التكتلات .

5. تخفيض التعريفة الجمركية أو إزالتها و ذلك يؤدي إلى انخفاض في الأسعار الذي يصب في مصلحة المستهلك مما يخفف العبء عنه .

6. زيادة التنافس – لو كان نزيهاً – في مجال السلع و الأسعار و زيادة حجم النشاط التجاري . مما يؤدي إلى زيادة النمو الاقتصادي على المستوى المحلي و العالمي , و إن أنشاء سوق إسلامية مشتركة تمكننا من الوقوف في وجه التحديات الاقتصادية المعاصرة في العالم اليوم , و في طليعتها تحدي مخاطر السوق الشرق أوسطية التي تدعو إليه إسرائيل , و تعمل على تنفيذه عبر عملية التطيبع التي رفضتها الشعوب العربية و الإسلامية .


السبيل الثاني : الاستشارة :

من سبل تفعيل إقامة سوق إسلامية مشتركة ما تقدمة الدولالإسلامية من خدمات استشارية , بما توفره من معلومات كافية حول شتى الموضوعات , و ذلك بأن من يملك المعلومات الصحيحة يملك القرار , و لا تتأتى هذه الخدمات إلا بإنشاء لجان استشارية أو مراكز للأبحاث الإحصائية و الاقتصادية و الاجتماعية لكافة الدول الإسلامية , و قد أنشأ مركز لهذا الأمر عام 1397 / 1977 و مقره بتركيا , و تتمثل خدمات هذه اللجان و المراكز في :


• التعاون مع غيرها من المراكز و اللجان ذات العلاقة في الدول الإسلامية .


• جمع المعلومات الإحصائية و الفرص الاستثمارية و الوظيفية و تقويمها و تقديمها لمن يحتاجها من رجال الأعمال و المؤسسات الاقتصادية داخل الدول الإسلامية , و دراسة أحوال الدول الأعضاء دراسة دقيقة و شاملة لما يتوفر فيها من موارد طبيعية و بشرية , و ما تحتاجه أسواقها المحلية من صناعات و سلع و مواد أولية . و لعله في إطار التأكيد على تبادل المعلومات عقد في مبنى غرفة تجارة و صناعة دبي المؤتمر الأول للمعلومات الصناعية و الشبكات حيث دعا في توصياته الحكومات العربية للعمل على توفير البيئة الاقتصادية للابتكار .

• إعداد دراسة جدوى اقتصادية تفصيلية و القيام بأبحاث تطبيقية حول سبل التعاون الاقتصادي بين الدول الإسلامية , و التفكير في المجالات الهامة التي تخدم السوق الإسلامية المشتركة , و قد أوضحت الباحثتان الدكتورة أمينة محمود حسن و الدكتورة إيمان عبد الوهاب حجاج أهمية دور الخدمات البحثية في دعم القدرات التنافسية للمنظمات الاقتصادية حيث لا يمكن تطوير الأسواق و المنتجات و أدوات الإنتاج إلا من خلال البحوث الميدانية التي تقف على أحدث ما وصل إليه العالم في الميادين الاقتصادية و العلمية(49) .


• العمل على تنسيق التعاون بين الدول الأعضاء في المجالات الاقتصادية لا سيما و أن الدول الإسلامية تنقسم إلى مجموعتين : مجموعة لديها موارد طبيعية , و أخرى تعاني من عجز في تلك الموارد و لكنها تنعم بموارد بشرية .


• وضع الأسس الكفيلة بتحقيق التعاون بين الدول الأعضاء و ذلك بتنسيق النشاط الاقتصادي تفاديا للازدواجية في إقامة مشروعات صناعية في هذه الدول .


• سعي الدول الإسلامية لإيجاد موقف موحد إزاء كل التطورات الجارية و المستجدات المرتقبة تحت مظلة العولمة و متطلبات منظمات التجارة العالمية.


• الحرص على أصحاب العقول المفكرة و أصحاب القدرات و الكفاءات العلمية و الفنية و المهنية و العمل على استقطابهم و الاستفادة من إمكانياتهم فيما يعود بالنفع على المجتمع . و من الواضح أن عدم الاهتمام بهذه الفئة يؤدى إلى هجرتها حيث تجد ذاتها و تحقق مصالحها .

• ضرورة التأكد من الخطوات التي تخطوها الأمة نحو السوق الإسلامية المشتركة , و من ثم التكامل الاقتصادي , و دراستها دراسة معمقة من كافة الجوانب حتى لا تضل الإفهام و تزل الأقدام .

• دراسة ما يواجه السوق الإسلامية المشتركة من عراقيل و عقبات , و اقتراح الحلول المناسبة لها , و تذليل الصعوبات , و الكينونة في مستوى التحديات . و لا يخفى إن هذا العمل يحتاج إلى :-


1. تحديد مجموعة من الباحثين الخبراء في مثل هذه الأمور .

2. تمويل هذه البحوث .

3. إيجاد آلية جديدة لتقديم نتائج البحوث لصانعي القرار .

4. زيادة عرض تبادل الآراء المثلي لإقامة السوق الإسلامية المشتركة .

5. إعادة هندسة السياسات الإدارية و تطوير القطاع العام بتحريره من القيود التنظيمية و الإدارية و المالية و إطلاق قدراته التنافسية .

6. تعزيز فرص تبادل الخبرات و المعلومات و التخفيف من العراقيل الإدارية , و تشجيعاً لهذا فقد أحدث البنك الإسلامي للتنمية برنامجاً لتشجيع الموارد البشرية للدول الأعضاء و ذلك بتوفير التدريب و تعيين الخبراء مركزاً على مجالات الزراعة و الصناعة و الإصلاح المالي , وقد أعتمد البرنامج في عام 1422هـ 91 عملية بمبلغ 1.887 مليون دولار أمريكي.(50)


و تظل المشكلة دائما في مدى إيماننا – حكومة و شعباً – بضرورة إقامة سوق إسلامية مشتركة , و إعداد البحوث الجادة المتعلقة بهذا الموضوع , و الخروج بها من حيز الأفكار و النظريات إلى حيز الواقع و التطبيق .


السبيل الثالث الإستثمار :

الاستثمارات الاسلاميه المشتركة تعتبر الخطوة الأولى والبداية الحقيقية للسوق الاسلاميه المشتركة والتكامل الاقتصادي ويتم تفعيل ذلك بما يأتي:-


1- تشجيع الاستثمارات بين الدول الاسلاميه بدلا من الاستثمارات في البلدان الغربيه , وذلك بتشجيع انتقال رؤوس الاموال والعمالة المدربه والخبرات والتكنولوجيا بين الدول الاسلاميه , وفي اطار جذب الاستثمارات في الدول الخليجية تم استحداث العديد من التشريعات والقوانين , وقدمت في هذا الصدد العديد من الحوافز التشجيعية امام المستثمرين ... وقد استطاعت دول مجلس الخليج اجتذاب اكثر من 40 ملياردولار من اجمالي الاستثمارات الاجنبيه المباشرة وذلك خلال السنوات 1975 - 2000 م , وهو ما يقل عن ( 0.6% ) من مجموع التدفقات الاستثمار العالمية , ويقل عما تجتذبه دوله مثل الصين في عام واحد وتتراوح الاستثمارات الخليجية المهاجرة في الخارج بين ( 1.4 ) تريليون دولار وفقا لتقديرات ميريل لينش العالمية و( 2.8 ) تريليون دولار وفقا لتقديرات الجامعة العربية(52) .


2- إيجاد الفرص الملائمة وخلق الآليات والأدوات التي تلبي احتياجات المستثمرين من الأفراد والشركات والمؤسسات .


3- زيادة حجم المساهمات لتمويل المشروعات الإنتاجيه في الدول الإسلامية لتحقيق الأمن الغذائي فلا تحتاج إلى استيراد الاغذية من الخارج , وذلك بتشجيع الإنتاج الزراعي العربي والإسلامي اذ أن الإنتاج الزراعي العربي يتراوح بين ( 5 – 20 % ) من احتياجات الوطن العربي من الغذاء , والباقي يستورد من الخارج اذ تصل قيمه الفجوة الغذائية العربيه الى ( 13 ) مليار دولار سنويا(53).


4- التحول من الاستثمارات القصيرة الأجل الى الاستثمارات متوسطة وطويلة الأجل , وإن كان النوعان مطلوبين.


5- ومما يلحق بالاستثمار :- تعزيز القدرة التنافسية , ذلك بأن المنافسة أمر جيد ومحرك اساسي للتقدم , ولكن لابد لها من ضوابط حتى لانخسر ذاتنا , او نفقد قيمنا , فينبغي ان تقوم هذه المنافسة لا على أساس الأسعار فحسب ,بل تتعداه إلى الجوده الشاملة, والارتقاء بالمواصفات المعيارية للسلع والخدمات العربية والاسلامية , بالإضافة إلى تطوير القدرات الإدارية , والتأكيد على الابتكار , والتميز الصناعي , وعلى دولنا الاستفادة من فترات السماح التي تتيحها مبادئ تحرير التجارة العالمية


ولاشك أن المنافسة – اليوم – غير متكافئة , لأنها بين قوي مؤهل وضعيف أعزل في صراع حسمت نتيجته من قبل اللقاء , فالشركات العابرة للقارات جادة في منافستها , ذلك بأن هدفها الربح , والربح وحده ولو على حساب القيم وسحق الضعيف , ولا تألوا جهدا في البحث عن كل عمل يحقق هدفها , ولا أدل على ذلك مما تقوم به بعض الشركات العملاقة من تجسس على الشركات المنافسة لها من اجل معرفة نقاط الضعف فيها , ومن ثم القضاء عليها , ومع كل ذلك يظل الواجب على الدول الاسلامية دخول هذه المنافسة الواسعة الأبواب التي طرحت كشعار سوقي للعولمة , ولا يتم ذلك إلا بالتكتل والتعاون الذي من مظاهره اقامة سوق اسلامية مشتركة .


بالاضافة إلى تشجيع قطاع الخدمات بين الدول الاسلامية بما يساعد على تدوير الأموال الاسلامية داخل الوطن الإسلامي , وإتباع أسلوب : ((البرامج المتوازية )) لتنشيط القطاعات الاقتصادية من خلال خطة زمنية محددة ضمانا للالتزام بالتطبيق وتحقيق مستويات أفضل ومتقاربة إذ ((التفاوت في اقتصاديات الدول قد يعوق الاندماج))(54) .


السبيل الرابع : التمويل :

من سبل تفعيل اقامة سوق اسلامية مشتركة مساهمة الدول الاسلامية في تمويل المشروعات التي تخدم الهدف العام الذي تسعى إلى تحقيقه فتعمد إلى الآتي :-


1- تحفيز القطاع الحاضن للمساهمة في المشروعات الاسلامية المشتركة والحد من تسرب الاموال الاسلامية نحو الدول الاجنبية , وقد ركزت الدول الخليجية خلال السنوات الماضية على التزام بسياسات التحرر الاقتصادي والعمل على تنشيط القطاع الخاص وإعطائه دورا أكبر في أدارة النشاط الاقتصادي , وعلى سبيل المثال ارتفعت استثمارات القطاع الخاص في دوله الإمارات العربية المتحدة من ( 8.2 ) مليار درهم عام 1975م الى ( 20 ) مليار درهم عام 2000م وخاصة في ظل المناخ الاقتصادي التجاري الحر الذي تنتهجه الدولة اضافة إلى تشجيعها القطاع الخاص من خلال التوسع في بناء المناطق الحرة , وتهيئة البنية الأساسية الاستثمارية(55) .


2- الدخول في التمويل المشترك لمشروعات التنمية الكبرى التي قد تفوق قدرات الدولة الواحدة كاستصلاح الأراضي وزراعتها والصناعات الثقيلة والمعلوماتية والاتصالات .


3- تشجيع التكتلات الصغيرة القائمه كدول الخليج العربي , أو دول المغرب العربي ذلك بأن المشروعات الاقتصادية المشتركة بين الدول الاسلامية حجر الاساس في بناء صرح التكامل الاقتصادي فهي تشكل مقدمة مهمة لانفتاح هذه الاسواق وانخراطها في سوق عربية مشتركة لتنتهي الى سوق اسلامية مشتركة، وفي هذا الاطار وقع البنك الاسلامي للتنمية مذكرة تفاهم مع مع منظمة التعاون الاقتصادي وقدم مساعدات مالية ونسبة للمنظمة لتنفيذ مشروعات في مختلف المجالات , فعلى الصعيد الإفريقي يتعاون البنك مع كل من اتحاد المغرب العربي , والاتحاد الاقتصادي لدول غرب افريقيا مع السوق المشتركة لدول افريقيا الشرقية والجنوبية (الكوميسا) في تحقيق أهداف الاتحاد الاقتصادي الافريقي , وخاصه فيما يتصل بتبادل التجارب والخبرات ويتعاون البنك كذلك مع منظمه المؤتمر الاسلامي والمؤسسات التابعة لها والاجهزة المتخصصة المنبثقة لها(56) , ومع الغرفة الاسلامية للتجارة والصناعة التي مقرها في كراتشي بباكستان(57) . كما شرع البنك الاسلامي في تنفيذ برنامج المساعدة الفنية – واسع النطاق – لمساعدة الدول الاعضاء على مواردها المؤسسية والبشرية(58) .


4- إقامة معارض دولية تشترك فيها الدول الاسلامية على غرار المعرض التجاري الاسلامي التاسع المنعقد في ( 21-28/12/2002م ) بالشارقة تحت شعار ((العالم الاسلامي تجارة حرة وتنمية مستديمة))(59) , والمعارض عبارة عن اسواق منظمة تكشف عن مدى تقدم وازدهار الدولة التي تقيمها في الميدان الاقتصادي وهي في نفس الوقت تعرف الآخرين على انتاج الدول المشاركة , وقد يستفيد اصحاب الاختصاص من زيارتهم لهذه المعارض للتعرف على مايمثل انتاجهم لدى الآخرين ليكونوا على بينة من مستواهم الفعلي وليعملوا على تحسين انتاجهم وتطويره(60) , ولا يخفى ما تثمره هذه المعارض كذلك من تنافس بين اصحاب الفعاليات الاقتصادية وتبادل للمعلومات بالاضافة الى ما توفره من انشطة على هامش هذه المعارض مثل الندوات للتخطيط لاقامة السوق المشتركة .


5- للتشجيع علىإقامة مناطق حرة بما تمثله هذه المناطق من تدرج إيجابي قد ينتهي بسوق اسلامية مشتركة عبر جدولة زمنية محددة اذا صح القصد وصدق العزم , ولا يقتصر الامر على تشجيع الدول في المساهمة في هذه المناطق , بل يتعداه الى أمرين آخرين :-

- أحدهما :-

العمل على إزالة العقبات والمعوقات التي تواجه هذه الخطوات المباركة التي من ابرزها القيود الجمركية وأحيانا غير الجمركية والحرص على الشفافية(61).


-وثانيهما :-

إبراز المنافع والمصالح العامة والخاصة التي تحققها هذه المناطق فهي تعود بالفائدة على الجميع تجاريا واقتصاديا بالاضافة الى زيادة حجم الاستثمارات المشتركة بما تثمره هذه الاستثمارات من خير على العمالة الاسلامية وعلى التنمية بشكل عام وبموجب هذه المناطق الحرة يمكن أن يتحرر انتقال الأشخاص ورأس المال بين الدول الاسلامية وأنذاك تبدأ الخطوات نحو السوق المشتركة والتكامل الاقتصادي .


6- الحرص على توجيه الدول الاسلامية نحو تعميق مبدأالتخصص أي بأن تتخصص كل دولة في المجال الذي تتمتع فيه بالمزايا النسبية المتمثلة فيما توفرلديها من عناصر الانتاج والتخصص هو توجيه الموارد والامكانات الاقتصادية في مجال واحد أو مجالات محصورة (( وايلاء الافضلية لمشروع تكون الدولة متمكنة منه حتى يتم لها التوفق بهذا الحقل وتحقق الغايه المنشودة منه , وتكون أقدر من غيرها على تطوير برامجها وتحسين انتاجها بشكل تكون فيه افضل من غيرها))(62) .


والتخصص يحقق للدولة التقوي في الحقل الذي هي اقدر فيه من غيرها , ويجمع لها جهود فلا تتوزع في سبل متعددة قد لاتصل في مجموعها إلى الذروه بخلاف ما لو حصرت جهدها في سبيل واحد أو سبل محددة فإن المردود يكون أوسع واكثر فائدة , ولايأتي هذا إلا بالتنسيق والتعاون التجاري بين الدول الاسلامية .


7- تمويل المشروعات الصناعية : يعتبر تمويل المشروعات الصناعية من أهم الطرق الموصلة لاقامة سوق اسلامية مشتركة ان لم يكن على المدى القريب فعلى المدى البعيد وذلك بوضع سياسة حديثة واستراتيجية واضحة للتنمية الصناعية وكلما ساهمت الدول الاسلامية في التنمية الصناعية فيما بينها تقارب النمو الاقتصادي بينها واقتربت من السوق الاسلامية أكثر فأكثر وكان التكامل الاقتصادي بينها أقرب اذ من الصعوبه بمكان قيام سوق مشتركة بين دول ذات اقتصاد متطور وأخرى ذات اقتصاد متخلف , وفي إطار الصناعات : أشادت دراسه حديثة صادرة عن منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول أوابك بسياسة الإمارات فهي وحدها تنتج ثلث الإنتاج العربي من المشتقات البترولية مثل غاز البترول المسال وزيوت التزييت والاسفلت والشمع ... وأكدت الدراسة حاجة العالم إلى استثمارات تقدر بنحو ( 101 ) مليار دولار بالمواصفات البيئية عام 2015م , وتوقعت الدراسة ان يتركز حوالي ( 9% ) في الدول العربية(63) .


تشجيع التجارة البينية تعكس التجارة بين الدول حجم الروابط القائمة بينها , فعلى قدر حجم هذه التجارة على قدر العلاقة القائمة فيما بينها , فإذا كانت التجارة قوية كانت العلاقة قوية و متينة , و إذا كانت التجارة ضعيفة كانت العلاقة ضعيفة , و من المسلم به أن التبادل التجاري بين الدول الإسلامية ضروري و حيوي . " و يؤدي حتما إلى تخفيف الارتباطات مع الدول الأجنبية . إذ إن التكتلات الدولية في العصر الحاضر تعمل على تبادل المنافع فيما بينها و قصرها على أعضائها دون غيرهم(54) و يعد ذلك محورا من أهم محاور التكامل الاقتصادي , و خطوة من أسرع الخطوات المتبعة لإقامة سوق إسلامية مشتركة .


حجم التجارة البينية(55) :


تتراوح نسبة التجارة البينية بين الدول العربية إلى أجمالي التجارة الخارجية (8.5%)(56) و هو ما لا يتناسب مع آمال و طموحات الشعوب العربية و الإسلامية , و لا مع إمكانياتها و قدراتها , و قد وصل حجم الأموال العربية المستخدمة خارج الدول العربية إلى ما بين 700 إلى 800 مليار دولار أي ما يعادل 91% و قد دعا مؤتمر القمة الإسلامية الثامن في طهران و كذلك البنك الإسلامي للتنمية إلى رفع هذه النسبة لتصل إلى 30% على الأقل تمهيداً للوصول إلى السوق الإسلامية المشتركة .


و قد عقد مؤتمر اقتصادي عربي يضم رجال الأعمال و وزراء التجارة العرب في القاهرة بين 16 و 18/5/2002م و الهدف منه زيادة حجم المبادلات بين الدول العربية خصوصا و إنها تشكل حالياً 8%من من الحجم الإجمالي لمبادلاتها مع الخارج(57) و قررت 15 دولة عربية تسريع موعد إقامة السوق العربية المشتركة , و تعهدت بإلغاء التعريفات الجمركية سنة 2005 بدلاً من 2007 كما كان مقرراً في السابق .(88) .


أما التجارة البينية للدول الأعضاء في البنكالإسلامي للتنمية فتشكل 10% عام 2001م من تجارتها الإجمالية في مقابل 11.3% في عام 1999م (89) و قد بلغت الصادرات البينية لهذه الدول 49.9 بليون دولار أمريكي في عام 2000 بزيادة نسبة 24.4% علي مبلغ 40.1 بليون دولار أمريكي تحققت في عام 1999م , و تعد هذه النسبة ممتازة مقارنة بنسبة نمو الصادرات البينية 6.1% المسجلة عام 1999م , و هي أعلى قيمة من التجارة البينية لعام 1998م إلى 38.3 في عام (58)1999 , و قد قفزت إلى 53.1 بليون دولار أمريكي في عام 2000 أي بمعدل نمو نسبته 39% ... و على الرغم من هذا الأداء المثير للإعجاب . فإن الحصة النسبية من أجمالي تجارة الصادرات البينية بلغت 20% بينما كانت حصة إجمالي الواردات 13.1% في عام 2000م.(59)


و كذلك الشأن بالنسبة للتجارة البينية الخليجية فمازالت دون الطموحات حيث يتراوح حجمها بين 11 إلى 14 مليار دولار سنوياً أي ما يعادل 5 إلى 7% من حجم التجارة الخارجية الخليجية , وهو يعد قدرأ ضئيلاً قياساً إلى نسبة التجارة البينية البالغة 80% بين دول الإتحاد الأوربي(70) .


و ختاماً فأن من مؤشرات التفاؤل بمستقبل اقتصادي أفضل لعالمنا الإسلامي أن كل الدول الإسلامية تحاول جاهدة الخروج من أزماتها الاقتصادية و تحاول التغلب على المشكلات التي تعاني منها , و ذلك بما تتبعه من خطوات مثل :


1/ فتح المجال أمام التبادل التجاري , و تشجيع المناطق الحرة , و المعارض التجارية , و التجمعات الاقتصادية الصغيرة القائمة بين الدول الإسلامية , سواء أكانت في شكل ثنائيات اقتصادية أو تجمعات إقليمية مثل دول المغرب العربي , أو دول الخليج العربي .


2/ تدريب الأيدي العاملة المحلية بحيث تكون قادرة على النهوض بالتكنولوجيا و سوق العمل .


3/ تخفيض قيمة الرسوم الجمركية و الضرائب ذات الأثر المماثل , بالإضافة إلى إخراج التعريفة الجمركية الموحدة تجاة العالم الخارجي إلى حيز الوجود , و هذا يعد الخطوة الأولى إلى السوق الإسلامية المشتركة , و العمود الفقري للتكامل الاقتصادي و السبيل الأمثل لتقوية دور الدول العربية و الإسلامية عند التفاوض مع الدول الغربية و التكتلات الاقتصادية العالمية, و إن كان في مثل هذا الأمر صعوبة و يحتاج إلى جرأة , فعلى الدول الإسلامية التعاون فيما بينها , و أن تنظر نظرة مستقبلية في إطار المصلحة العامة لشعوبها .


و في هذا الإطار أحرزت القمة الخليجية ال 23 التي عقدت في الدوحة يومي 21 و 22و 23/12/2002م نتائج مهمة على صعيد التكامل الاقتصادي و التنمية(71) . و ذلك بالإعلان عن بدء تنفيذ الإتحاد الجمركي الخليجي اعتبارا من الأول من يناير2003م وقد تم إعفاء أكثر من 400 سلعة على مستوى دول التعاون مجتمعة ضمن الاتحاد الجمركي(72). و هذا يشكل نقلة نوعية في مسيرة العمل الخليجي المشترك باعتبارها خطوة هامة نحو إنشاء سوق خارجية مشتركة بحلول عام 2007م , و هي الأولى من نوعها في منطقة الشرق الأوسط , مع الحرص على الوصول إلى إصدار عملة خليجية موحدة و إقامة اتحاد نقدي في عام 2010م(73) , و بعد مرور شهرين على على انطلاق العمل الفعلي بالاتحاد الجمركي بين دول مجلس التعاون الخليجي قد يكون من المبكر جدا الحكم على مدى نجاح هذه الخطوة أو فشلها


4/ تشجيع الاستثمار المحلي في سبيل تحقيق الاكتفاء الذاتي في جميع الاتجاهات .


5/ تأسيس قاعدة اقتصادية بين الدول الإسلامية و العربية تقوم على تبادل المعلومات و الخيرات في هذه المجال .


6/ استحداث آليات جديدة و متطورة لترجمة الآمال و التطلعات الاقتصادية إلى واقع عملي في حياة المسلمين من تعاون و تكامل بالإضافة إلى تطوير البنية التحتية و تشجيع الاستثمار , و دعم المؤسسات المالية و الاقتصادية , و لا بد إن تتحول الأسواق الإقليمية : الخليجية و المغاربة إلى سوق عربية . و تتحول السوق العربية إلى سوق إسلامية مشتركة وهذه الطموحات لا تحقق بالتمني ولكن بالتخطيط والجدية ، وإيجاد البدائل التي نصنعها نحن التي تكون نابعة من هويتنا الدينية، ومتفقة ومبادئنا وقيمناالإسلامية، فإن ذلك لا محالة نظرية اقتصادية صحيحة مثمرة ، وهو مفتاح النصر في كل شيء والمقدمة الحقيقية لقوتنا السياسية والعسكرية ولنهضتنا الحضارية.


هذه هي بعض السبل لتفعيل إقامة السوق الإسلامية المشتركة، مع ذكر بعض الخطوات للتعامل مع العولمة الاقتصادية ، وعلى الأمة أن تسعى لاستلام دورها الريادي فتعمل لصناعة المستقبل وتفعيل مراكز البحوث ومعاهد الدراسات ، لتحقيق الكفاءة الفنية وصناعة الكوادر العاملة والمتخصصة ن وصناعة الأفكار والمبتكرات وفق التصورات الإسلامية لخدمة المصلحة العربية والإسلامية والبشرية جمعاء فالموقف من العولمة موقف مواجهة، الهزيمة فيه ممنوعة لأن القضية وجود أولا وجود. وتبدأ المواجهة بالتعامل الصحيح مع مباديء ديننا الحنيف ثم باستيعاب هذه العولمة وتفهمها ونقدها ، وان قدر هذه الأمة أن تصد كل فساد ن وبهذا نالت الخيرية : (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله)(74).


خاتمة في النتائج والتوصيات

بعد هذه الجولة فإن ما ذكرته من أفكار أحسبها هادفة إلي رفع الأداء الاقتصادي العربي الإسلامي وتعجيل الخطوات إلي إيجاد سوق إسلامية مشركة لمواجهة تحديات العولمة، ومع ذلك لا أزعم أنها تصور شامل واستراتيجي لما ينبغي تحقيقه، ولكنها قريبة منه، وتحوم حوله حتى نجعل من العالم (قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغداً من كل مكان)(75).


1/ وهذه بعض النتائج التي توصلت إليها، مع بعض التوصيات.


أولاً :

1/ إن المجتمع البشري لا يصل إلي السعادة والرخاء إلا بالرجوع إلى العوامل الواقعية التي تجمع بين البشر، ولا شك أن العامل المادي ليس هو العامل الحقيقي الذي يجمع بقدر ما هو عنصر لاختلاف والتنازع والاستغلال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (والله ما الفقر أخشى عليكم، ولكن أخشىعليكم أن تبسط عليكم الدنيا كما بسطت على من كان قبلكم فتنافسوها كما تنافسوها وتهلككم كما أهلكتم)(76).


2/ إذا كان الهدف من العولمة الإنفتاح والتعاون فلا حرج فيها، وإذا كان المقصد منها الأخذ والعطاء أن تكون الأمة الإسلامية والعربية مجرد مستهلك على المستوى الاقتصادي، والثقافي والفكري فهذا يرفضه كل حر أبين لأن هذه يعني الذوبان في الآخر على البشرية.


3/ لو التزمت العولمة بضوابط إنسانية، واتخذت ميزان العدل أسلوباً متبعا في جميع معاملاتها، فإنها بذلك لا تشكل خطراً على البشرية.


4/ أخطر المواقف التعامل مع العولمة بمعيار الرفض المطلق أو القبول المطلق، بل الأمر يحتاج إلي دراسة متأنية ومناقشة هادئة متزنة حتى نكون فاعلين مؤثرين.


5/ العولمة ليست قدراً محتوما – كما يتصور البعض – يحدد مصير الدول الإسلامية، بل هي ظرف تاريخي يتطور فيه النظام الرأسمالي، وأن المسلمين هم قدر الله، ومصير الأمة مرتبط إلي حد كبير بتعامل المسلمين وتفاعلهم مع التحديات الراهنة.


6/ الدعوة إلي إقامة سوق إسلامية مشتركة لا يتعارض إطلاقاً مع الدعوة إلي إقامة سوق عربية مشتركة إذا لا مانع من التعاون والتكامل الاقتصادي العربي – خاصة في هذه المرحلة – ثم التعاون بين المسلمين جميعاً.


ثانياً: التوصيات


1- مزيد من فهم العولمة والتعامل معها بحذر، وحرى بالدول الإسلامية قبل الانخراط في العولمة مناقشة الأمر مناقشة هادئة. وعدم التسرع في اتخاذ القرار..

2- عقد اجتماعات وندوات تضم الاقتصاديين والتجار لدراسة ظاهرة العولمة بشكل عميق، ووضع الخطط والبرامج الاقتصادية التي تدعم إقامة السوق الإسلامية المشتركة والاسواق المحلية والعربية بما يضمن لها التقديم والنجاح.

3- التعرف المبكر على نقاط الاختلال والضعف في الأداء الاقتصادي لتجاوزها، وتعزيز نقاط القوة والتميز.

4- إعادة النظر في البيئة الإنتاجية وعوامل إنجاح الجودة، وتخفيض التكاليف، وتحديث التقانات، ووضع معايير عالمية لا تعتمد فقط على فاعلية أو قدرة الاقتصاد بل تعتمد أيضا على المسؤولية الاجتماعية.

5- تشجيع الاستثمار الحكومي والخاص في البنية التحتية والخدمية لامتصاص البطالة وتوسيع السوق الداخلية والمشتركة.

6- الحد من قوى منظمة التجارة العالمية والتأكد من أن اللوائح عادلة ومناسبة لكل الدول الأعضاء، ووضع توجيهات لكبح جموح الشركات العابرة للقارات والحد من سيطرتها.

7- العمل على مساندة المجتمع المدني، ودفعه ليكون أكثر فاعلية، والعمل على زيادة مشاركة الأفراد المهمشين.

8- العمل على تعزيز التكامل الاقتصادي في وسط سريع التطور، وتجاوز مرحلة التنظير والأمنيات لمرحلة التخطيط الجاد والتطبيق العاجل لكل مشرعات التعاون الاقتصادي بين الدول الإسلامية، والدخول في التمويل المشترك لمشروعات التنمية الكبرى التي قد تفوق قدرات الدولة الواحدة، كاستصلاح الاراضي وزراعتها والصناعات الثقيلة والمعلوماتية والاتصالات.

9- تشجيع انتقال رؤوس الاموال والعمالة المدربة والخبرات والتكنولوجيا بين الدول الإسلامية.

10- محاولة تناسي جراحات الماضي، وتجاوز الخلافات وتغليب المصالح الاقتصادية على الخلافات السياسية وهذا ما أخذت به الدول الغربية فنجحت في إقامة سوق أوربية مشتركة.

11- التريث والتأكد من جميع الخطوات التنفيذية حتى لا تتعرض هذه التجربة للفشل، فإذا قامت وفشلت فمن الصعب أن تقوم مرة أخرى.

12- إزالة كافة المعوقات لإقامة السوقالإسلامية المشتركة والصبر على طول الطريق ، فإن السوق المشتركة لا تقام في يوم وليلة بل تحتاج إلي وقت وصبر.

13- توسيع دائرة الصناعة في الدول الإسلامية والحرص على تطويرها، وإنشاء العديد من الشركات الإسلامية التي تتولى تنفيذ مشروعات إسلامية مشتركة وتنسيق مجالات الإنتاج، وتقديم المشورة في النواحي التقنية والإدارة الصناعية والتنفيذ الصناعي.

14- العمل على زيادة التجارة بين الدول الإسلامية وتنميتها في كل المجالات وخاصة في المحاصيل الاستراتيجية، فإن ذلك يخدم الصالح العام ويقارب الخطى إلي إقامة سوق إسلامية مشتركة.

15- إيجاد آلية لتعويض بعض الدول الإسلامية عن انخفاض حصيلتها من الضرائب الجمركية بسبب تحرير تجارتها البينية.

وأختم حديثي بالتأكيد على أهمية إقامة السوق الإسلامية المشتركة خاصة في ظل إصرار الغرب على العولمة الاقتصادية فإنها تصبح فرض عين، وليس من باب التتمات والتحسينات، إذ إنها تعد خطاً دفاعياً مهماً عن هوية الأمة، وحصناً حصيناً لرعاية مصالحها ومع ذلك تظل السوق الإسلامية المشتركة مرحلة للتكامل الاقتصادي.

والحمد لله في البدء والختام والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للآنام.


المصادر والمراجع

1. إسرائيل والعرب والسوق أوسطية: د. محمود وهبة ،الناشر المكتبة الأكاديمية الطبعة الأولى سنة 1994

2. الإسلام والعولمة : د. احمد عبد الرحمن وآخرون الدار القومية العربية القاهرة سنة 1999

3. التقرير السنوي للبنك الاسلامى للتنمية سنة 1422

4. التقرير السنوي للبنك الاسلامى للتنمية سنة1421

5. التقرير الاقتصادي العربي الموحد سنة 2000

6. الجامع لأحكام القران : محمد بن احمد الانصارى القرطبى ، دار احياء التراث العربى ،بيروت ،طبع بالاوفست على الطبعه الثانية سنة 1376 /1957

7. جريدة الخليج الاقتصادى العددان 8373 و8615

8. جملة من الموضوعات من الشبكة المعلوماتية (الانترنت)

9. السوق الاسلامية المشتركة : د. بابللى مطبعة المدينة المنوره بالرياض الطبعة الثانية سنة 1976

10. السوق الاسلامية المشتركة : د. محمد بن على العقلا مؤسسة شباب الجامعة الاسكندرية سنة 2000

11. صحيح البخارى : المكتبة الاسلامية باستنبول نتركيا سنة 1979

12. صحيح الجامع الصغير وزيادتة (الفتح الكبير) محمد ناصر الالبانى اشرف على طبعة زهير الشاويش الطبعة الثالثة نالمكتب الاسلامى بيروت سنة 1408 /1988

13. صحيح مسلم : للامام ابى الحسين مسلم بن الحجاج القشيرى يجقيق محمد فؤاد عبد الباقى ،نشر ادارات البحوث العلمية والافتاء بالسعودية سنة 1400/1980

14. العولمة ندراسة تحليلية نقدية : د.عبد الله عثمان دار الوراق سنة 1999

15. فخ العولمة ،الاعتداء على الديمقراطية والرفاهية : هانس بيتر مارتين وهارالد شومان ،ترجمة عدنان عباس على ،عالم المعرفة ،238، سلسلة كتب ثقافة شهرية يصدرها المجلس الوطنى للثقافة والفنون والاداب الكويت ،جمادى الاخرة 1419،اكتوبر 1998

16. فى مواجهة العولمة :ا.د.زكريا بشير امام مركز قاسم للمعلومات وخدمات المكتبات الخرطوم السودان الطبعة الاولى سنة 1420/2000

17. القران الكريم

18. كتاب السنن :لابى داود سليمان بن اشعث الازدى السجستانى مؤسسة الريان بيروت الطبعة الاولى 1491/1998

19. مجلة اخبار النفط والصناعة عدد 389

20. مجلة الامارات اليوم العدد 123

21. مجلة البعث الاقتصادي العدد90

22. مجلة اتحاد المصارف العددان246و249

23. مجلة الدراسات الاعلامية العدد97

24. مجلة شؤون خليجية العددان 31 و176

25. مجلة الاقتصاد الاسلامى الاعداد38 و48 و208 و224 و230

26. مجلة الاقتصادى العدد188

27. مقاصد الشريعة الاسلامية :الشيخ محمد الطاهر بن عاشور تحقيق ودراسة محمد الطاهر اليساوى دار النفائس الاردن الطبعة الثانية 1421/2001

28. موطا الامام مالك رواية يحيى بن يحيى الليثى اعداد احمد راتب عرموش دار النفائس بيروت الطبعة السابعة سنة 4043/1983


الهوامش

(1) يرى د. على جمعة ان العولمة في حالة وليست مفهومها: (انظر الاسلام والعولمة/132 العولمة حالة مفهوم الدار.

(2) الاقتصادي الإسلامي / 59 العدد تاريخ 11/1430ه – 2/200م

(3) الاية 13 سورة الحجرات.

(4) الاية 22 سورة الزخرف

(5) القرطبي الجامع لأحكام للقران 16/83

(6) اخرجه مالك في الموطأ/ 529 رقم 1426: كتاب الأقضية،

(7) الآية 2 سورة المائدة.

(8) الآية 105 سورة آل عمران .

(10) الآية 105 سورة آل عمران.

(11) الآية 46 سورة الانفال

(12) الاية 4 سورة الصف

(13) الاقتصاد الاسلامي / 40 – العدد تاريخ 11/1420هـ - 2/2000م

(14) الاية 13 سورة الحجرات.

(15) الاية 2 سورة المائدة

(16) الاية 85 سورة هود.

(17) الاية 205 سورة البقرة .

(18) مجلة الاقتصاد الاسلامي العدد 83 صفحة 47.

(19) المزيد من التوسع يراجع المحور .

(20) د. باللي : السوق الإسلامية المشتركة /27، مطبعة المدينة بالرياض، الطبعة الثانية، 9768م.

(21) د. العقلا: السوق الإسلامية المشتركة /108، مؤسسة شباب الجامعة بالإسكندرية/2000م.

(22) التقرير الاقتصادي العربي الموحد، سبتمبر 2000 صفحة : 37.

(23) المرجع السابق/123.

(24) المرجع السابق .

(25) شؤون خليجية /176، المجلد الرابع العدد 31 خريف 2002م

(25) د. باللي السوق الإسلامية المشتركة/144

(26) الاقتاصاد الإسلامي /57 العدد 223 تاريخ 10/1420هـ /1/2000م

(27) ارخجه أبو داؤود في سننه 5/38 – رقم 4279 كتاب الملاحم ، باب تداعي الأمم على الإسلام ، وسكت عنه، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير 2/1359

(28) الاية 11 سورة الأنعام.

(29) الاية 97 سورة النساء.

(30) الاية 15 سورة الملك

(31) المرجع السابق .

(32) التقرير الاقتصادي الخليجي 2002 - 2003 ص13 ، الصادرة عن وحدة الدراسات – دار الخليج للصحافة والطباعة والنشر الطبعة الأولى الشارقة اكتوبر 2002 وينظر الملحق رقم 2 .

(33) نيبيل شبيل : قمة الألفية الشعار للفقراء والمكاسب للأغنياء اقتصاد وأعمال إسلام أونلاين. نت

(34) البعث الاقتصادي /17 العدد 9 تاريخ 2/200 ص 17

(35) شئون خليجية /211، مرجع سابق,.

(36) د. عبد الله عثمان ، د. عبد الرؤوف محمد آدم : العولمة ، دراسة تحليلية نقدية / 67 دار الوراق / 1999م .

(37) اخرجه مالك في الموطأ 293/ ررقم 1426 كتاب الاقضية ، باب القضاء في المرفق صححه في صحيح الجامع الصغير 2/1249.

(38) من الاية 7 سورة الحشر.

(39) فخ العولمة /171، مرجع سابق .

(40) المرجع السابق /169.

(41) د. العقلا : السوق الإسلامية المشتركة/10

(42) الاقتصاد الإسلامي /12 العدد 230 تاريخ 5/1421هـ - 8/200م

(43) د. زكريا بشير إمام : في مواجهة العولمة – 13 مركز قاسم للمعلومات وخدمات المكتبات الخرطوم ، السودان ، الطبعة الأولى سنة 1420 / 2000 نقلا عن A.J.TOYNBEE:A STUDY OF HISTRY

(44) شؤون الشرق الأوسط – 15 العدد 71 / ابريل / 1998م

(45) الاقتصاد الإسلامي 56 / العدد 259 ، شوال 1423هـ / ديسمبر 2002م .

(46) المرجع السابق /57

(47) مجلة الأعمال في دبي، المجلد 2 العدد 13، يناير 2002 صفحة 46.

(48) مغاوري شلبي: امريكا وأوروبا: تنافس على كعكة العولمة: الإسلام أو لاين ز نت/ اقتصاد وأعمال.

(49) وسام فؤاد: سينسبري مصر: غزو تجاري في ثوب العولمة !! إسلام أون لاين ز نت / اقتصاد وأعمال.

(50) العولمة في ميزان الإسلام: جمعية الإصلاح الإجتماعي: eslah.org/activity/esdarat/awlamaa

(51) عصام المجالي: تأثير العولمة وتحرير التجارة على المنطقة العربية اجتماعياً واقتصاديا، مجلة الإمارات اليوم/ 60 – 62 العدد 123 1-8 يوليو 2000

(52) التقرير الاقتصاددي العربي الموحد/ سبتمبر 2001 صفحة 29 و30

(53) أزمة المياه دولياً وعربيا وخليجياً واستراتيجية المواجهة: إعداد وحدة البحوث . مجلة شؤون خليجية/176، المجلد 4 ، عدد 31 خريف 2002

(54) الاقتصاد الإسلامي /41 العدد 224 بتاريخ 11/1420هـ - 2/2000م.

(55) التقرير السنوي للبنك الإسلامي للتنمية/ 122 ، سنة 1422هـ - 2001/2002م.

(56) ينظر حجم الاستثمارات لبعض المصارف الإسلامية في المللحق رقم (2) والملحق (3).

(57) الاقتصادي 32/ العدد 188 فبراير 2003 ، وقد بلغت عدد مشاريع الاستثمار الأجنبية في الصين 360 ألف مشروع حتى العام 2000 ن وبلغ حجم الاستثمارات الأجنبية 348.3 مليار دولار أمريكي، الاقتصادي /47.

(58) شؤون خليجية/ 176 مرجع سابق.

(59) انظر ما كتبته حنان عبد اللطيف حول (عولمة التجسس الاقتصادي ) إسلام أو لاين ز نت / اقتصاد واعمال.

(60) الاقتصادي/31، مرجع سابق.

(61) شؤون خليجية/206 مرجع سابق.

(62) التقرير السنوي للبنك الإسلامي للتنمية /112 و 113 ن لسنة 1421 هـ - 2000/ 2001

(63) المرجع السابق

(64) جريدة الخليج الاقتصادي /1/ العدد 8615، الجمعة 20/12/2002

(65) د. بابللي: السوق الإسلامية المشتركة/128/129.

(66) التقرير الاقتصادي العربي الموحد /213 بتاريخ سبتمبر 2001م.

(67) د. بابللي: السوق الإسلامية المشتركة/76.

(68) أخبار الن فط والصناعة /36/ العدد 389 ، السنة 34، فبراير 2003م

(69) د. بابللي : السوق الإسلامية المشتركة /114.

(70) لمزيد من التوسع يراجع ملحق 5/1و 5/2 و5/3 و 5/4.

(71) التقرير الاقتصادي العربي الموحد /د.

(72) جريدة الخليج الاقتصادي /9/العدد 8341 بتاريخ 7/1/1423هـ - 21/3/2002م.

(73) التقرير السنوي للبنك الإسلامي للتنمية / 94 لسنة 1422 /2001 – 2002م

(74) المرجع السابق /100

(75) الاقتصادي /34 مرجع سابق.

(76) المرجع السابق /33.

(77) المرجع السابق/3.

(79) الاية 110 آل عماران.

(80) الآية 112 سورة النحل.

(81) أخرجه البخاري في صحيحه 4/63: كتاب الجزية، باب الجزية والموادعة مع أهل الحرب