الفرق بين المراجعتين لصفحة: «العدوان الأمريكي و الصهيوني على سوريا .. لماذا الآن ؟؟»

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
لا ملخص تعديل
لا ملخص تعديل
 
(٣ مراجعات متوسطة بواسطة مستخدمين اثنين آخرين غير معروضة)
سطر ١: سطر ١:
'''<center> العدوان الأمريكي و الصهيوني على سوريا .. لماذا الآن ؟؟</center>'''  
'''<center><font color="blue"><font size=5>العدوان الأمريكي و الصهيوني على سوريا .. لماذا الآن ؟؟</font></font></center>'''


'''بقلم : الدكتور عبد العزيز الرنتيسي'''  
'''بقلم : الدكتور [[عبد العزيز الرنتيسي]]'''


في الوقت الذي لم يطرأ فيه على الموقف السوري أي تغيير يمكن للإدارة الأمريكية أن تغلف به هذه الهجمة على سوريا ، نرى أن المواقف الأمريكية و الصهيونية قد قفزت قفزات متسارعة في توجيه الاتهام و الإدانة لسوريا ، ثم في القيام بالعدوان السافر و الغاشم عليها ، فقد قام الجانب الصهيوني بالغارة الاستفزازية على دمشق ، و أما الجانب الأمريكي فقد تمثّل عدوانه في مشروع القانون المسمى "محاسبة سوريا و سيادة لبنان" ، هذا القانون الظالم الذي أقرّه مجلس النواب الأمريكي يوم الأربعاء 15/10/2003م بغالبية كبيرة ، فلماذا كانت هذه الاستفزازات العدوانية من كلا الجانبين الصهيوني و الأمريكي في هذا الوقت بالذات ؟ و ما سرّ هذا التزامن في التحرّك العدواني من الطرفين في آنٍ واحد ؟
[[ملف:د.عبدالعزيز الرنتيسى.jpg|تصغير|250px|يسار|'''<center>د.[[عبد العزيز الرنتيسي]]</center>''']]
 
في الوقت الذي لم يطرأ فيه على الموقف السوري أي تغيير يمكن للإدارة الأمريكية أن تغلف به هذه الهجمة على [[سوريا]] ، نرى أن المواقف الأمريكية و [[الصهيونية]] قد قفزت قفزات متسارعة في توجيه الاتهام و الإدانة ل[[سوريا]] ، ثم في القيام بالعدوان السافر و الغاشم عليها ، فقد قام الجانب [[الصهيونية|الصهيوني ]] بالغارة الاستفزازية على دمشق ، و أما الجانب الأمريكي فقد تمثّل عدوانه في مشروع القانون المسمى "محاسبة [[سوريا]] و سيادة لبنان" ، هذا القانون الظالم الذي أقرّه مجلس النواب الأمريكي يوم الأربعاء 15/10/[[2003]]م بغالبية كبيرة ، فلماذا كانت هذه الاستفزازات العدوانية من كلا الجانبين [[الصهيونية|الصهيوني ]] و الأمريكي في هذا الوقت بالذات ؟ و ما سرّ هذا التزامن في التحرّك العدواني من الطرفين في آنٍ واحد ؟


ما من شك أن لهذا العدوان من الطرفين اللذين يمثّلان محور الشر في عالمنا المعاصر أهدافه الخبيثة ، و أرى أن من بين الأهداف التي يريد أن يحقّقها محور الشر هذا ما يلي  :
ما من شك أن لهذا العدوان من الطرفين اللذين يمثّلان محور الشر في عالمنا المعاصر أهدافه الخبيثة ، و أرى أن من بين الأهداف التي يريد أن يحقّقها محور الشر هذا ما يلي  :


-محاولة يائسة للهروب من أزمات داخلية يعيشها كلاً من الطرفين ، فأما شارون و قادة العصابات الصهيونية الذين يتحكّمون في القرار الصهيوني فقد أخفقوا في توفير الأمن و الاستقرار لشعبهم كما وعدوه ، مما جعلهم على شفا جرفٍ سياسي هارٍ يوشك أن ينهار بهم ، و أما بوش و قادة الإرهاب الأمريكيين فيعيشون أزمة سياسية طاحنة أيضاً ، خاصة أنهم على أبواب الانتخابات القادمة بينما احتلال العراق أصبح يمثّل شوكة في حلق هذه القيادة و فشلاً كبيراً لها على كلّ الصعد : الصعيد العسكري ، و الصعيد الأمني ، و الصعيد الأخلاقي ، و الصعيد الاقتصادي ، مما خلق حالة من الاستياء في الشارع الأمريكي خاصة أنه يستقبل يومياً تقريباً أعداداً من النعوش الأمريكية القادمة من العراق ، و كذلك داخل المؤسسة العسكرية على مستوى الجنود و الضباط العاملين في العراق ، الذين يواجهون الموت في كلّ لحظة ، مما أدّى إلى خلق حالة من الرعب و الإحباط و التذمر داخل صفوف الجيش حيث إن هناك أغلبية بين القوات الأمريكية المقيمة في العراق تتمنّى العودة إلى أمريكا و الهروب من جحيم العراق .
-محاولة يائسة للهروب من أزمات داخلية يعيشها كلاً من الطرفين ، فأما شارون و قادة العصابات [[الصهيونية]] الذين يتحكّمون في القرار [[الصهيونية|الصهيوني ]] فقد أخفقوا في توفير الأمن و الاستقرار لشعبهم كما وعدوه ، مما جعلهم على شفا جرفٍ سياسي هارٍ يوشك أن ينهار بهم ، و أما بوش و قادة الإرهاب الأمريكيين فيعيشون أزمة سياسية طاحنة أيضاً ، خاصة أنهم على أبواب الانتخابات القادمة بينما احتلال [[العراق]] أصبح يمثّل شوكة في حلق هذه القيادة و فشلاً كبيراً لها على كلّ الصعد : الصعيد العسكري ، و الصعيد الأمني ، و الصعيد الأخلاقي ، و الصعيد الاقتصادي ، مما خلق حالة من الاستياء في الشارع الأمريكي خاصة أنه يستقبل يومياً تقريباً أعداداً من النعوش الأمريكية القادمة من [[العراق]] ، و كذلك داخل المؤسسة العسكرية على مستوى الجنود و الضباط العاملين في [[العراق]] ، الذين يواجهون الموت في كلّ لحظة ، مما أدّى إلى خلق حالة من الرعب و الإحباط و التذمر داخل صفوف الجيش حيث إن هناك أغلبية بين القوات الأمريكية المقيمة في [[العراق]] تتمنّى العودة إلى أمريكا و الهروب من جحيم [[العراق]] .


-محاولة يائسة من كلا الطرفين للتضييق على المقاومة الفلسطينية التي فضحت عجز الكيان الصهيوني في القدرة على البقاء و الاستمرار و قد أفقدته أمنه و استقراره و دمّرت اقتصاده بطريقة لم يعهدها من قبل ، فهم بممارسة الضغط على سوريا إنما يأملون أن تقوم سوريا بخطوات عملية ضد قيادة الفصائل الفلسطينية المقيمة في سوريا ، و هذا من شأنه أن يضيق على المقاومة من جانب ، و أن يخرج بعض الأنظمة التي لعبت دوراً ضد المقاومة الفلسطينية من دائرة الحرج الذي يخلقه لها الموقف السوري من جانب آخر .
-محاولة يائسة من كلا الطرفين للتضييق على المقاومة ال[[فلسطين]]ية التي فضحت عجز الكيان [[الصهيونية|الصهيوني ]] في القدرة على البقاء و الاستمرار و قد أفقدته أمنه و استقراره و دمّرت اقتصاده بطريقة لم يعهدها من قبل ، فهم بممارسة الضغط على [[سوريا]] إنما يأملون أن تقوم [[سوريا]] بخطوات عملية ضد قيادة الفصائل ال[[فلسطين]]ية المقيمة في [[سوريا]] ، و هذا من شأنه أن يضيق على المقاومة من جانب ، و أن يخرج بعض الأنظمة التي لعبت دوراً ضد المقاومة ال[[فلسطين]]ية من دائرة الحرج الذي يخلقه لها الموقف السوري من جانب آخر .


-محاولة يائسة من القيادة الأمريكية الشريرة لإقناع نفسها أولاً ، ثم إقناع الشعب الأمريكي ثانياً ، و إقناع العالم ثالثاً أنها لا زالت قادرة رغم ما تتلقّاه من صفعات في أفغانستان و العراق على تهديد أي قطرٍ على وجه الأرض ، و من هنا جاء التهديد إلى سوريا يفتقر إلى أي مبرّر يمكن لأمريكا أن تتذرع به اللهم إلا مبرر الصفاقة و الشر و العدوان و الغطرسة .
-محاولة يائسة من القيادة الأمريكية الشريرة لإقناع نفسها أولاً ، ثم إقناع الشعب الأمريكي ثانياً ، و إقناع العالم ثالثاً أنها لا زالت قادرة رغم ما تتلقّاه من صفعات في [[أفغانستان]] و [[العراق]] على تهديد أي قطرٍ على وجه الأرض ، و من هنا جاء التهديد إلى [[سوريا]] يفتقر إلى أي مبرّر يمكن لأمريكا أن تتذرع به اللهم إلا مبرر الصفاقة و الشر و العدوان و الغطرسة .


-توجيه التهديد لكلّ الدول العربية و الإسلامية في المنطقة من خلال توجيه التهديد لسوريا و العدوان الغاشم عليها ، فأمريكا و الكيان الصهيوني يأملان من العدوان على سوريا و تهديدها أن تعيش دول المنطقة من عربية و إسلامية في رعب مستمر يدفعها لتنفيذ الإملاءات الصهيو - أمريكية دون تردّد ، و التي من بينها التصدّي لمقاومة الشعب الفلسطيني و التضييق عليها ، و من بينها أيضاً المسارعة من قبل الدول العربية و الإسلامية لإقامة علاقات دبلوماسية و تجارية و ثقافية و أمنية مع الكيان الصهيوني ، و الاعتراف الواضح و الصريح بما يسمّى (دولة إسرائيل)..
-توجيه التهديد لكلّ الدول العربية و الإسلامية في المنطقة من خلال توجيه التهديد ل[[سوريا]] و العدوان الغاشم عليها ، فأمريكا و الكيان [[الصهيونية|الصهيوني ]] يأملان من العدوان على [[سوريا]] و تهديدها أن تعيش دول المنطقة من عربية و إسلامية في رعب مستمر يدفعها لتنفيذ الإملاءات الصهيو - أمريكية دون تردّد ، و التي من بينها التصدّي لمقاومة الشعب ال[[فلسطين]]ي و التضييق عليها ، و من بينها أيضاً المسارعة من قبل الدول العربية و الإسلامية لإقامة علاقات دبلوماسية و تجارية و ثقافية و أمنية مع الكيان [[الصهيونية|الصهيوني ]] ، و الاعتراف الواضح و الصريح بما يسمّى (دولة إسرائيل)..


-من الجانب الصهيوني أيضاً هي محاولة للهروب من الدائرة التي أصبحت قاعدة ثابتة خلقتها المقاومة الفلسطينية ، و التي تتمثّل بالردّ المؤلم على كلّ عمل إرهابي يرتكبه العدو الصهيوني ، و من هنا أراد الكيان الصهيوني أن يهرُب من هذه الدائرة التي كلّفته الكثير من المعاناة بتسديد ضربة لسوريا بدلاً من توجيه ضربة للفصائل الفلسطينية المقاومة ، تفادياً منها للردّ الحتمي و الذي أصبح إحدى المسلّمات على أي جريمة صهيونية يرتكبها العدو الصهيوني ، خاصة في ظلّ الاحتجاج الشديد داخل الكيان الصهيوني من قبل العديد من المثقّفين و من بينهم أساتذة جامعات ، و كذلك سياسيون و على رأسهم متسناع و بورج ، ثم التمرّد الذي حدث من قبل ضباط الاحتياط في سلاح الطيران الصهيوني و الذي شكّل صفعة قوية للمؤسسة العسكرية الصهيونية ، و شهادة واضحة على لاأخلاقية ما يقوم به العدو الصهيوني من عمليات لا يمكن أن توصف إلا أنها عمليات جبانة .
-من الجانب [[الصهيونية|الصهيوني ]] أيضاً هي محاولة للهروب من الدائرة التي أصبحت قاعدة ثابتة خلقتها المقاومة ال[[فلسطين]]ية ، و التي تتمثّل بالردّ المؤلم على كلّ عمل إرهابي يرتكبه العدو [[الصهيونية|الصهيوني ]] ، و من هنا أراد الكيان [[الصهيونية|الصهيوني ]] أن يهرُب من هذه الدائرة التي كلّفته الكثير من المعاناة بتسديد ضربة ل[[سوريا]] بدلاً من توجيه ضربة للفصائل ال[[فلسطين]]ية المقاومة ، تفادياً منها للردّ الحتمي و الذي أصبح إحدى المسلّمات على أي جريمة صهيونية يرتكبها العدو [[الصهيونية|الصهيوني]] ، خاصة في ظلّ الاحتجاج الشديد داخل الكيان [[الصهيونية|الصهيوني ]] من قبل العديد من المثقّفين و من بينهم أساتذة جامعات ، و كذلك سياسيون و على رأسهم متسناع و بورج ، ثم التمرّد الذي حدث من قبل ضباط الاحتياط في سلاح الطيران [[الصهيونية|الصهيوني ]] و الذي شكّل صفعة قوية للمؤسسة العسكرية [[الصهيونية]] ، و شهادة واضحة على لاأخلاقية ما يقوم به العدو [[الصهيونية|الصهيوني]] من عمليات لا يمكن أن توصف إلا أنها عمليات جبانة .


-أما الجانب الأمريكي فيريد من وراء هذه التهديدات و العقوبات و الفيتو الذي يحول دون إدانة العدوان الصهيوني أن يقدّم خدمة للكيان الصهيوني خاصة بين يدي الانتخابات القريبة القادمة ، فلا غرابة أن يتسابق الحزبان الجمهوري و الديموقراطي على كسب اللوبي الصهيوني الذي يلعب دوراً كبيراً في تحديد مسار و مصير الإنسان الأمريكي .
-أما الجانب الأمريكي فيريد من وراء هذه التهديدات و العقوبات و الفيتو الذي يحول دون إدانة العدوان [[الصهيونية|الصهيوني ]] أن يقدّم خدمة للكيان [[الصهيونية|الصهيوني ]] خاصة بين يدي الانتخابات القريبة القادمة ، فلا غرابة أن يتسابق الحزبان الجمهوري و الديموقراطي على كسب اللوبي [[الصهيونية|الصهيوني ]] الذي يلعب دوراً كبيراً في تحديد مسار و مصير الإنسان الأمريكي .


-كما أن الجانب الصهيوني و الجانب الأمريكي يحاولان خلق فتنة داخلية بين كلّ من سوريا و لبنان خاصة أن الجانب الأمريكي يعتبر الوجود السوري في لبنان أحد أسباب الإدانة الأمريكية لسوريا و العدوان عليها .
-كما أن الجانب [[الصهيونية|الصهيوني]] و الجانب الأمريكي يحاولان خلق فتنة داخلية بين كلّ من [[سوريا]] و لبنان خاصة أن الجانب الأمريكي يعتبر الوجود السوري في لبنان أحد أسباب الإدانة الأمريكية ل[[سوريا]] و العدوان عليها .


ربما كانت هذه بعض العوامل الحقيقية التي دفعت محور الشر في العالم للعدوان على سوريا ، فإن كان الأمر كذلك فعندئذ لن تكون سوريا هي الدولة العربية الأخيرة المستهدفة من قبل محور الشر ، و أرى أن علاج هذا الأمر لا يكون أبداً في مجلس الأمن الذي أصبح مؤسسة أمريكية على أقلّ تقدير من خلال الفيتو الأمريكي الذي يقلِب الحق باطلاً و الباطل حقاً ، أو الأمم المتحدة ، أو التزلّف إلى أمريكا ، أو التقارب مع الكيان الصهيوني ، و لكن العلاج يكمن في وضع أسس و قواعد راسخة من أجل تقوية الأمة الإسلامية و استنهاضها من جديد كي تواجه هذه التحدّيات الجسام ، بدون ذلك سنبقى نقدّم لمحور الشر من أمننا ، و ثرواتنا ، و سيادتنا , و كرامتنا دون أن نحصل على رضاه أو نوقف نهمه و إصراره على إذلالنا فقط لأننا مسلمون.
ربما كانت هذه بعض العوامل الحقيقية التي دفعت محور الشر في العالم للعدوان على [[سوريا]] ، فإن كان الأمر كذلك فعندئذ لن تكون [[سوريا]] هي الدولة العربية الأخيرة المستهدفة من قبل محور الشر ، و أرى أن علاج هذا الأمر لا يكون أبداً في مجلس الأمن الذي أصبح مؤسسة أمريكية على أقلّ تقدير من خلال الفيتو الأمريكي الذي يقلِب الحق باطلاً و الباطل حقاً ، أو الأمم المتحدة ، أو التزلّف إلى أمريكا ، أو التقارب مع الكيان [[الصهيونية|الصهيوني]] ، و لكن العلاج يكمن في وضع أسس و قواعد راسخة من أجل تقوية الأمة الإسلامية و استنهاضها من جديد كي تواجه هذه التحدّيات الجسام ، بدون ذلك سنبقى نقدّم لمحور الشر من أمننا ، و ثرواتنا ، و سيادتنا , و كرامتنا دون أن نحصل على رضاه أو نوقف نهمه و إصراره على إذلالنا فقط لأننا مسلمون.


== المصدر ==
== المصدر ==

المراجعة الحالية بتاريخ ٠٨:٤٨، ٢ يونيو ٢٠١٤

العدوان الأمريكي و الصهيوني على سوريا .. لماذا الآن ؟؟

بقلم : الدكتور عبد العزيز الرنتيسي

في الوقت الذي لم يطرأ فيه على الموقف السوري أي تغيير يمكن للإدارة الأمريكية أن تغلف به هذه الهجمة على سوريا ، نرى أن المواقف الأمريكية و الصهيونية قد قفزت قفزات متسارعة في توجيه الاتهام و الإدانة لسوريا ، ثم في القيام بالعدوان السافر و الغاشم عليها ، فقد قام الجانب الصهيوني بالغارة الاستفزازية على دمشق ، و أما الجانب الأمريكي فقد تمثّل عدوانه في مشروع القانون المسمى "محاسبة سوريا و سيادة لبنان" ، هذا القانون الظالم الذي أقرّه مجلس النواب الأمريكي يوم الأربعاء 15/10/2003م بغالبية كبيرة ، فلماذا كانت هذه الاستفزازات العدوانية من كلا الجانبين الصهيوني و الأمريكي في هذا الوقت بالذات ؟ و ما سرّ هذا التزامن في التحرّك العدواني من الطرفين في آنٍ واحد ؟

ما من شك أن لهذا العدوان من الطرفين اللذين يمثّلان محور الشر في عالمنا المعاصر أهدافه الخبيثة ، و أرى أن من بين الأهداف التي يريد أن يحقّقها محور الشر هذا ما يلي  :

-محاولة يائسة للهروب من أزمات داخلية يعيشها كلاً من الطرفين ، فأما شارون و قادة العصابات الصهيونية الذين يتحكّمون في القرار الصهيوني فقد أخفقوا في توفير الأمن و الاستقرار لشعبهم كما وعدوه ، مما جعلهم على شفا جرفٍ سياسي هارٍ يوشك أن ينهار بهم ، و أما بوش و قادة الإرهاب الأمريكيين فيعيشون أزمة سياسية طاحنة أيضاً ، خاصة أنهم على أبواب الانتخابات القادمة بينما احتلال العراق أصبح يمثّل شوكة في حلق هذه القيادة و فشلاً كبيراً لها على كلّ الصعد : الصعيد العسكري ، و الصعيد الأمني ، و الصعيد الأخلاقي ، و الصعيد الاقتصادي ، مما خلق حالة من الاستياء في الشارع الأمريكي خاصة أنه يستقبل يومياً تقريباً أعداداً من النعوش الأمريكية القادمة من العراق ، و كذلك داخل المؤسسة العسكرية على مستوى الجنود و الضباط العاملين في العراق ، الذين يواجهون الموت في كلّ لحظة ، مما أدّى إلى خلق حالة من الرعب و الإحباط و التذمر داخل صفوف الجيش حيث إن هناك أغلبية بين القوات الأمريكية المقيمة في العراق تتمنّى العودة إلى أمريكا و الهروب من جحيم العراق .

-محاولة يائسة من كلا الطرفين للتضييق على المقاومة الفلسطينية التي فضحت عجز الكيان الصهيوني في القدرة على البقاء و الاستمرار و قد أفقدته أمنه و استقراره و دمّرت اقتصاده بطريقة لم يعهدها من قبل ، فهم بممارسة الضغط على سوريا إنما يأملون أن تقوم سوريا بخطوات عملية ضد قيادة الفصائل الفلسطينية المقيمة في سوريا ، و هذا من شأنه أن يضيق على المقاومة من جانب ، و أن يخرج بعض الأنظمة التي لعبت دوراً ضد المقاومة الفلسطينية من دائرة الحرج الذي يخلقه لها الموقف السوري من جانب آخر .

-محاولة يائسة من القيادة الأمريكية الشريرة لإقناع نفسها أولاً ، ثم إقناع الشعب الأمريكي ثانياً ، و إقناع العالم ثالثاً أنها لا زالت قادرة رغم ما تتلقّاه من صفعات في أفغانستان و العراق على تهديد أي قطرٍ على وجه الأرض ، و من هنا جاء التهديد إلى سوريا يفتقر إلى أي مبرّر يمكن لأمريكا أن تتذرع به اللهم إلا مبرر الصفاقة و الشر و العدوان و الغطرسة .

-توجيه التهديد لكلّ الدول العربية و الإسلامية في المنطقة من خلال توجيه التهديد لسوريا و العدوان الغاشم عليها ، فأمريكا و الكيان الصهيوني يأملان من العدوان على سوريا و تهديدها أن تعيش دول المنطقة من عربية و إسلامية في رعب مستمر يدفعها لتنفيذ الإملاءات الصهيو - أمريكية دون تردّد ، و التي من بينها التصدّي لمقاومة الشعب الفلسطيني و التضييق عليها ، و من بينها أيضاً المسارعة من قبل الدول العربية و الإسلامية لإقامة علاقات دبلوماسية و تجارية و ثقافية و أمنية مع الكيان الصهيوني ، و الاعتراف الواضح و الصريح بما يسمّى (دولة إسرائيل)..

-من الجانب الصهيوني أيضاً هي محاولة للهروب من الدائرة التي أصبحت قاعدة ثابتة خلقتها المقاومة الفلسطينية ، و التي تتمثّل بالردّ المؤلم على كلّ عمل إرهابي يرتكبه العدو الصهيوني ، و من هنا أراد الكيان الصهيوني أن يهرُب من هذه الدائرة التي كلّفته الكثير من المعاناة بتسديد ضربة لسوريا بدلاً من توجيه ضربة للفصائل الفلسطينية المقاومة ، تفادياً منها للردّ الحتمي و الذي أصبح إحدى المسلّمات على أي جريمة صهيونية يرتكبها العدو الصهيوني ، خاصة في ظلّ الاحتجاج الشديد داخل الكيان الصهيوني من قبل العديد من المثقّفين و من بينهم أساتذة جامعات ، و كذلك سياسيون و على رأسهم متسناع و بورج ، ثم التمرّد الذي حدث من قبل ضباط الاحتياط في سلاح الطيران الصهيوني و الذي شكّل صفعة قوية للمؤسسة العسكرية الصهيونية ، و شهادة واضحة على لاأخلاقية ما يقوم به العدو الصهيوني من عمليات لا يمكن أن توصف إلا أنها عمليات جبانة .

-أما الجانب الأمريكي فيريد من وراء هذه التهديدات و العقوبات و الفيتو الذي يحول دون إدانة العدوان الصهيوني أن يقدّم خدمة للكيان الصهيوني خاصة بين يدي الانتخابات القريبة القادمة ، فلا غرابة أن يتسابق الحزبان الجمهوري و الديموقراطي على كسب اللوبي الصهيوني الذي يلعب دوراً كبيراً في تحديد مسار و مصير الإنسان الأمريكي .

-كما أن الجانب الصهيوني و الجانب الأمريكي يحاولان خلق فتنة داخلية بين كلّ من سوريا و لبنان خاصة أن الجانب الأمريكي يعتبر الوجود السوري في لبنان أحد أسباب الإدانة الأمريكية لسوريا و العدوان عليها .

ربما كانت هذه بعض العوامل الحقيقية التي دفعت محور الشر في العالم للعدوان على سوريا ، فإن كان الأمر كذلك فعندئذ لن تكون سوريا هي الدولة العربية الأخيرة المستهدفة من قبل محور الشر ، و أرى أن علاج هذا الأمر لا يكون أبداً في مجلس الأمن الذي أصبح مؤسسة أمريكية على أقلّ تقدير من خلال الفيتو الأمريكي الذي يقلِب الحق باطلاً و الباطل حقاً ، أو الأمم المتحدة ، أو التزلّف إلى أمريكا ، أو التقارب مع الكيان الصهيوني ، و لكن العلاج يكمن في وضع أسس و قواعد راسخة من أجل تقوية الأمة الإسلامية و استنهاضها من جديد كي تواجه هذه التحدّيات الجسام ، بدون ذلك سنبقى نقدّم لمحور الشر من أمننا ، و ثرواتنا ، و سيادتنا , و كرامتنا دون أن نحصل على رضاه أو نوقف نهمه و إصراره على إذلالنا فقط لأننا مسلمون.

المصدر