الصعيد بعد ثورة يناير.. بين عدالة المنتخب وظلم المنقلب
كتبه: رانيا قناوي
=مقدمة
في سلوك جديد يدل على دولة العنصرية التي يرعاها عبد الفتاح السيسي، كشفت تصريحات وزير التنمية المحلية الجديد اللواء أبو بكر الجندي عن أهالي الصعيد، وتحميلهم مسئولية انتشار العشوائيات في القاهرة، عن النظرة التي ينظر لها قيادات العسكر للشعب المصري، في الوقت الذي لا يجد هذا الشعب من العسكر سوى الإهمال وانهيار مستوى معيشتهم خلال العقود الماضية من الحكم العسكري.
ولعل تصريحات وزير التنمية المحلية، كشفت الفرق بين نظرة رئيس جاء بانتخابات ديمقراطية حرة وباختيار الشعب لأول مرة في تاريخه، وبين آخر جاء على ظهر دبابته، ووسط قواته، التي يستقوي بها على الشعب، وبالمقارنة بين نظام الحكمين، وبالعودة للوراء قليلاً يكشف التقرير التالي كيف كان يتعامل نظام الرئيس محمد مرسي مع أهالي الصعيد، الذي جعلهم محل نظره في أول زياره رسمية له بالصعيد، وبين أخر يعتبرهم عبئا على الدولة المصرية وسبب عشوائياتها.
كيف تعامل الرئيس مرسي مع الصعيد؟
أطلق الرئيس محمد مرسي، أمس، خطة شاملة لتنمية محافظات الصعيد، شاركت فيها عدة وزارات، تشمل مشروعات زراعية وصناعية وسياحية وخدمية وسكنية، توفر 2,5 مليون فرصة عمل حقيقية وتتكلف نحو 60 مليار جنيه، ويتم تنفيذها على مراحل تنتهي خلال 30 عامًا.
وعقب تولي الرئيس مرسي الحكم أعلن اهتمامه بالصعيد وسيناء وعقد الرئيس اجتماعًا وزاريًا من ديوان عام محافظة سوهاج حضره رئيس مجلس الوزراء والوزراء المعنيون بتنفيذ خطة التنمية ومحافظو كل من الفيوم والمنيا وبني سويف وأسيوط وسوهاج وقنا والأقصر وأسوان والبحر الأحمر والوادي الجديد وشدد الرئيس خلال الاجتماع علي ضرورة الاهتمام بالصعيد وتحسين الخدمات المقدمة لأبنائه وتعويضهم عن سنوات الإهمال.
وتم تدشين الخطة عمليًا من سوهاج من خلال افتتاح أول مشروع سكني كنواة ومقدمة لباكورة المدن السكنية بالصعيد، من خلال افتتاح افتتاح المشروع القومي للإسكان بحي الكوثر، والتي تضم 1272 وحدة سكنية كما عقد المؤتمر الجماهيري الحاشد بالصالة المغطاة بين أهل الصعيد؛ ليؤكد أن كل مشكلات ومطالب أهل الصعيد مشروعة ومطلوب تحقيقها.
تصريحات الجندي
فيما كشفت تصريحات وزير التمية المحلية الجديد اللواء أبو بكر الجندي، عن أهل الصعيد، لنظرة التي تنظر بها دولة الانقلاب للصعايدة، خاصة وأن وزير التنمية المحلية جاء من الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، ويحصل على دعم كبير من السيسي.
وشن نواب برلمان العسكر خاصة من محافظات الصعيد، هجوما حادا على وزير التنمية المحلية، حيث تقدم النائب محمد الغول، وكيل لجنة حقوق الإنسان، بسؤال إلى شريف إسماعيل، رئيس حكومة الانقلاب، وأبو بكر الجندى، وزير التنمية المحلية، فى ضوء تصريحات الأخير عن المشروعات التنموية التى تحققت فى صعيد مصر مقارنة بالوجة البحرى.
وطالب عضو مجلس النواب، في سؤاله، بالرد كتابيًا علية من خلال جدول إحصائى عن المشروعات التنموية التى تحققت فى الصعيد من قبل الحكومة الحالية، وذلك إعمالا بالدور الرقابى للبرلمان فى مراقبة أعمال الحكومة وتنفيذ الاستحقاقات الدستورية.
فيما تقدمت النائبة سحر صدقى، عضو برلمان العسكر، بمحافظة قنا، تقدمت ببيان عاجل موجه للواء أبو بكر الجندى وزير التنمية المحلية الجديد، بشأن تصريحاته الأخيرة عن الصعيد، التى قال فيها إن "الصعايدة سبب عشوائيات القاهرة".
وقالت سحر صدقي: إن صعيد مصر منبر الحضارات، وبه عديد من الكوادر المهمة بالدولة، معلمين وقضاة ووزراء وإعلاميين وسفراء ورؤساء جامعات ونواب برلمان، متسائلة: "هل كل هذه الشخصيات المرموقة فى المجتمع تسبب عشوائية فى القاهرة يا وزير التنمية المحلية؟".
وأضافت، أن الصعيد هو أساس التنمية، والمعروف لدى الكبير والصغير أن تنمية مصر تُبنى على أكتاف أبناء الصعيد، وهم ليسوا سببا فى العشوائيات كما يقول الوزير، ولكن السبب يكمن فى تباطؤ الحكومات وتراخيها عن العمل الجاد، والاكتفاء بالجلوس فى المكاتب المكيفة.
إهمال الصعيد
وعاش الصعيد سنوات طويلة في قبضة الإهمال مع دولة العسكر حتى تفاقمت أزماته في زمن السيسي، وصارت عصية على الحل، من انتشار الباعة الجائلين، وانهيار التعليم، وارتفاع نسبة الأمية، ونسبة الهجرة الداخلية للبحث عن مصدر رزق.
ومن الأزمات التي عصيت على الحل تصريف الأهالي مياه الصرف الصحي بمساكنهم في الترع، مما يتسبب في انتشار الأمراض، وانهيار قطاع الطرق، بعد أعوام من الإهمال، فضلاً عن انهيار قطاع السياحة بسبب إهمال حكومة الانقلاب، الأمر الذي تسبب في فقدان الآلاف لمصدر رزقهم، خاصة في محافظات قناة والأقصر وأسوان، بعد حوادث المنطاد، وشحوط المراكب النيلية.
المصدر
- تقرير: الصعيد بعد ثورة يناير.. بين عدالة المنتخب وظلم المنقلب بوابة الحرية والعدالة