الشيخ عيسى بن محمد آل خليفة مرشد إخوان البحرين.. فوارق النشأة وعلامات الغياب

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
الشيخ عيسى بن محمد آل خليفة مرشد إخوان البحرين.. فوارق النشأة وعلامات الغياب

22 ديسمبر 2006

بدأ إخوانياً ولازال كذلك. صورة الإمام البنا التي فازَ بها في حلوان الخمسينات؛ لازالت تزّين مكتبه الخاص. شاركَ هناك، وقتئذ، في أنشطة الإخوان، وعندما بدأت محنة إخوان مصر شاركَ في توزيع منشوراتها المحظورة، وفي إخفاء المطلوبين للسلطات. جاء متجلّداً إلى بلاده بعباءة المحامي، وثمة وازعٌ عميق أن يواصل نبتة إخوانٍ سابقين انتظاراً لمرشدية جديدة في البحرين تتوازى مع المرشدية الإخوانية الناشئة في الكويت. سرعان ما سيكتشف أن خارطة البحرين مختلفة عن خرائط التنظيم الدولي للإخوان المسلمين، فها هنا توجد تضاريس لا يستطيع الفكر الإخواني الأصيل التلامُس معها من دون تنازلات، والتنازلات المطلوبة في نموذج الإخوان البحريني هي أعسر ما تكون في مثل هذه الأحوال: معارضة الاستبداد السياسي، التحالف مع قوى التحرّر، تبادل الأدوار بين المرحلية والجذرية. سيرة الشيخ عيسى بن محمد تنبئ أن شيئاً من هذه التنازلات النسقية لم يتم كاملاً - أو استعصى عليه ذلك - وهي سيرة ستحاول أن تعوّض عن ملامات المرشديات الكبرى؛ بتخليق مرشدية إخوانية تتناسب مع بيئة الداخل كما يفهمها إخوان البحرين. سيتخصص، كما النموذج الكويتي، في العمل الاجتماعي، وسيكون رائداً من روّاده الذين سينالون التكريم على أعلى مستوى. اجتهدَ مخلصا في تلمّس استراتيجية واضحة للعمل الاجتماعي العام، محاولاً مع إخوانه بناء ‘’الهيئة العالمية الخيرية’’، ولكنه لن يدخر شيئاً في سبيل تهيئة البنية التحتية للحركة الإخوانية في البحرين، بما يجعلها الأوسع امتداداً وحيّزاً.

عندما يبتعد الشيخ عيسى عن واجهة النشاط العام، وينزع عنه متطلبات الظهور الرسمي والمناصب العليا، فإنه يكون قد أنجز ما رمى إليه منذ البدء: تجذير القواعد الإخوانية وتقويتها بالأمكنة وبالواجهات السيّارة. المفارقة أن هذا الانشغال سيقطع خطوط التواصل العام، وسيُصبغ الحركة الإخوانية في البحرين بطوابع تكرارية توحي بالانغلاق الأيديولوجي والتوجّس من خرْق الممنوعات الكبرى، ثقافيا واجتماعيا وسياسيا. عند الغياب العام، سيغيب الشيخ عيسى تدريجياً عن مناطق التأثير الظاهرة، إلى أن يظهر فجأة في خطوة ‘’انقلابية’’ أواخر مارس/ آذار 2001 بمعية الشيخ عبدالأمير الجمري احتفاءً بانفراج تلك المرحلة ودعماً للوحدة بين الطائفتين الكريمتين. سيُنجز هذا اللقاء التاريخي بعضاً من أهدافه النبيلة، إلا أن الرمزين سيختفيان مجدداً في الأخير، وكلٌّ لظروفٍ مختلفة من وجه، ومتشابهة من وجهٍ آخر.

ظهر الشيخ عيسى في مؤتمر ‘’الإسلام والديمقراطية’’ في البحرين قبل سنتين، ثم سيتوارى للغياب. ظهرَ في تأسيس الواجهة السياسية للإخوان المسلمين، ولكنه ظهور رمزي لا يتعدى مقعداً شاغراً في الغالب في مجلس إدارة ‘’المنبر’’. سيتعامل معه الإخوان بوصفه أباً روحياً للجميع، فهو يُتابع من بعيد ويُقدّم النصح والمشورة والتسديد بالآراء. بفضل جهده المؤسسي، وجهاده في البناء، وسخائه في رعاية قواعد الإخوان.. فإنّ غياب الشيخ عيسى لن يؤثر على الإخوان، فقد عوّدهم على العمل المؤسساتي، وأشعرهم دوماً بالأمان والحماية. في الصورة الأخرى، سيؤدي غياب ‘’الأب الروحي’’ إلى تفاقم معضلات الإخوان التاريخية، وسيؤجج طوابعها الُمشار إليها، وسيُتيح، هذا الغياب، صعود قيادات شابة مقطوعة الصلة عن الإرث الجهادي للإخوان المسلمين، ولكنها منفتحة تماماً على الخطابات ‘’الجهادية’’ الجديدة. وهذه إحدى كوارث غياب ‘’المرشد’’.


المصدر

جريدة الوقت البحرينية