الشيخ "عدنان عصفور": انتفاضة الأقصى حققت المرجو منها حتى الآن

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
الشيخ "عدنان عصفور": انتفاضة الأقصى حققت المرجو منها حتى الآن

[27-09-2003]

مقدمة


الشيخ "عدنان عصفور" عضو القيادة السياسية لحركة المقاومة الإسلامية (حماس):

المقاومة منغرسة في الواقع الفلسطيني وتتطلب المزيد من الدعم الإسلامي.

(حماس) تستمد قوتها من عقيدتها وأمتها.

مر 36 شهرًا منذ أن انطلقت انتفاضة الأقصى المباركة في 29 من سبتمبر عام 2000م، حققت خلالها الكثير من الإنجازات، وقليل من الإخفاقات غير المسئولة عنها إنْ كنا نعتبر استشهاد قيادات المقاومة على يد الاحتلال إخفاقًا وليس منحةً من الله- عز وجل.

ثارت تساؤلات عدة حول ما حققته الانتفاضة ومستقبلها، ودور الأطراف المختلفة تجاهها, حملنا تلك التساؤلات وعرضناها على الشيخ "عدنان عصفور"- عضو القيادة السياسية في حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وذلك في حوار عبر شبكة الإنترنت، فكانت تلك إجاباته على تساؤلاتنا.

نص الحوار

  • بدايةً، كيف تقيمون انتفاضة الأقصى بعد مرور 36 شهرًا على اندلاعها؟ وهل حققت الانتفاضة المرجو منها؟
انتفاضة الأقصى حققت الكثير من الأهداف المرجوة، ولعل أهم هذه الأهداف هو توازن الرعب وتوازن الدماء الذي حققته المقاومة مع الكيان الصهيوني، وهي أصبحت على بعد خطوات في تحقيق الهدف الاستراتيجي لها بدحر الاحتلال، وهذا ممكن قريبًا، خاصةً إذا علمنا مدى الخسارة التي أصابت الكيان الصهيوني في مجالات السياحة والاقتصاد والأمن.
وبالمجمل تُقاس إيجابيات الانتفاضة بسؤال: أين كنا؟ وأين أصبحنا؟ فقد كانت هناك عملية الخداع التي مارسها العدو الصهيوني على مدار سبع سنوات سبقت الانتفاضة، وأوهم الفلسطينيين والعالم العربي أنه حمامة سلام، وأنه كان مستعدًّا لإعطاء الفلسطينيين حقوقهم؛ فقد أزاح القناع عن وجهه العنصري الدموي، وها هو يستعى لتدمير المشروع الوطني، فإن كان هناك شيء بعد توازن الرعب الذي حققته الانتفاضة ذو قيمة استراتيجة، فهو نزع الثقة من هذا الكيان الاستيطاني، وتحويل الشعب الفلسطيني كله إلى تبني خيار المقاومة كخيار استراتيجي لنيل الحرية والاستقلال، وهذا يتعاظم يومًا بعد يوم.
  • ما تقييمك لمواقف الأطراف المباشرة في الصراع داخل فلسطين من الانتفاضة؟
المجاهدالشيخ "أحمد ياسين"
أما الأطراف المباشرة في الصراع، فإن كنت تقصد الصهاينة والفلسطينيين ومن خلف الطرفين، فأعتقد أن الفلسطينيين وعمقهم العربي والإسلامي والشعبي في خير، ثابتون على جهادهم ومقاومتهم، ومصرون على التمسك بحقوقهم، وماضون لنيل حريتهم على قاعدة التمسك بالوحدة الوطنية والمقاومة، وهذا يستلزم دعمًا أقوى وسندًا أشد منكم ومن إخوانكم في العالمين العربي والإسلامي، أما الصهاينة- وخلفهم حليفهم الاستراتيجي الأمريكان- فهم يمارسون طبيعتهم العدوانية العنصرية على الشهب الفلسطيني، متمثلاً ذلك بسفكهم للدماء؛ اغتيالاً وقتلاً، وهدمهم للمشروع الوطني الفلسطيني بالحصار والتضييق في الرزق، وهم قد أعلنوها إما نحن وإما هم، فنقول لهم: "نحن متجذرون في أرض فلسطين، والأقصى لنا، وسنبقى منغرسين في فلسطين".
  • تعرضت قيادات (حماس) لعمليات اغتيال من الاحتلال الصهيوني نجح منها ما نجح، وفشل ما فشل.. أولاً كيف حال القيادات الصحية والمعنوية الذين فشلت ضدهم عمليات الاغتيال، وخاصةً الشيخ المجاهد "أحمد ياسين
الحمد لله رب العالمين، الذي نجَّا شيخنا وشيخ الانتفاضة ورمزًا من رموز العالم العربي والإسلامي، وهذا يدلل على أن لهذا الرجل كرامة، بالإضافة إلى الكرامات السابقة في الماضي؛ كخروجه من السجن مرتين بعد أن حُكم عليه بالسجن المؤبد.. وإذ نعتقد أن للشيخ رمزية في القضية الفلسطينية، فإننا ندرك أن هذه القضية يرعاها الله سبحانه وتعالى.
فاطمئنوا.. الشيخ بعافية وصحة، وهو يمارس نشاطه كالمعتاد، لكنه يعيش ظرفًا أمنيًّا صعبًا نتيجة التهديد بالاغتيال من قِبَل العدو الصهيوني؛ لهذا يبتعد عن الكاميرات ووسائل الإعلام.
  • بماذا تفسر اختفاء قادة (حماس) مؤخرًا؟ هل هو خوف من الاستهداف أم مناورة؟
الاختفاء يأتي في سياق الأمر الشرعي: ﴿يَا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ﴾، فهو تعطيل بقدر المستطاع للاستهداف الصهيوني، ورد كيد العدو في نحره؛ حتى لا يصيب خيرًا.

حركة ولود

  • ما مدى تأثر حركة (حماس) بعمليات الاغتيال التي نالت بعض القادة من الناحية السياسية والإعلامية؟ ومدى قدرة القيادة على التعامل مع باقي القضايا الهامة خلال هذه الظروف الصعبة؟
حركة المقاومة الإسلامية (حماس) تخسر في حالة فقدان أي ابن لها؛ فكيف إذا كان هذا الابن ممن تربى على يديه كثير من الأبناء أمثال الجمالين "منصور" و"سليم"، والأستاذ "إسماعيل أبو شنب"! لكن هذه أمنيتهم، وحققت لهم بصدقهم وإخلاصهم، واعلم أن حركة قادتها شهداء منصورة- بإذن الله- وأن (حماس) "ولود ودود"، فكما أنجبت القادة، فستنبت دماء هؤلاء القادة قادة مشوا طريقهم وساروا على هديهم.
أما تأثير ذلك على الحركة من الناحية السسياسة والإعلامية، فإن الحركة مليئة بالقيادات السياسية والإعلامية، وهي قادرة على إخراج العدد اللازم منهم في كل مرحلة حسب متطلبات تلك المرحلة.
حركة المقاومة الإسلامية (حماس) عندها من القدرة والمرونة والقاعدة الصلبة التي تستطبع أن تواجه بها أي تهديدات وأي مشاريع تدميرية، كيف لا وهي متجذرة بين أبناء هذا الشعب، تستمد قوتها من دينها وعقيدتها، ومن ثَمَّ من عمقها العربي والإسلامي.
الرد على الجرائم الصهيونية المتوالية والمستمرة تتولاه (كتائب عز الدين القسام)؛ وهي التي تختار الزمان والمكان المناسبين لذلك، وليس معنى التأخير في الرد هو عدم الرد أو عدم القدرة على ذلك؛ إذ إن التجارب أثبتت أن (كتائب القسام) قادرة أن تثأر لدماء الشعب الفلسطيني وقيادته.
  • لم نسمع عن أي إجراء تجاه العملاء، خاصة بعد اغتيال الشهيد الشيخ "أبو شنب"، وكذلك محاولة الاغتيال الفاشلة للشيخ "أحمد يس"؛ ماهو السبب في عدم الملاحقة رغم أنهم السبب الرئيس في كل ما حدث؟
العملاء هم الخنجر المسموم في خاصرة الشعب الفلسطيني، لكنهم مع هذا قلة، أما خطرهم وضررهم فهو كبير جدًّا، وملاحقة العملاء هي مسئولية السلطة الفلسطينية يجب أن تعتقلهم وتحقق معهم، وتخضعهم للقانون.
وهي مقصرة بذلك، والذي منع الفصائل الفلسطينية من القيام بهذا الواجب هو الخشية من أن تتهم بأنها أصبحت تنازع السلطة سلطتها، وأنها بدأت تأخذ القانون بيدها، وإن استمرت في هذا التقصير سيضطر من أوذي من قبل العملاء بأن يأخذ حقه بيده، وهنا ستتحمل السلطة كافة هذه التداعيات.

الضغوط الخارجية

  • تعرضت الانتفاضة لضغوط عدة؛ بعضها داخلي والآخر خارجي، وآخرها الضغوط الأمريكية لتجميد أرصدتكم المالية، واستجابة بعض الدول والأنظمة الأوربية والعربية لها، والسؤال: كيف سيؤثر عليكم القرار الأوربي بوضعكم على قائمة الإرهاب؟
هذا قرار مستهجن وغريب، يصدر ممن مسَّتهم ويلات الاحتلال النازي، وذاقوا الطعم المر للاحتلال، وقاوموه في الوقت نفسه، وهم من يدعون الحرية ويدافعون عن حقوق الإنسان، ويتسمسكون بالديمقراطية؛ فأين الديمقراطية حينما يتدخلون في أمر ليس لهم به شأن.
كنا نفضل أن تبقى دول الاتحاد الأوربي على الحياد، ولا تقحم نفسها في هذا الصراع، وتخضع للإملاءات الأمريكية، فهي بذلك نزعت السيادة عن نفسها، والتحقت بالركب الصهيوني والأمريكي ذيلاً؛ فهي الخاسرة أولاً وأخيرًا.
أما نحن، فلن يؤثر علينا هذا القرار شيئًا؛ لأننا أصحاب حق، ماضون في المقاومة حتى نيل حقوقنا واستراجاع أرضنا بالطريقة التي نراها مناسبة لصد العدوان الصهيوني المتصاعد والمكثف على الشعب الفلسطيني لحماية شعبنا ومقدساتنا.
كنا نتوقع أن الاتحاد الأوربي سيقدم على إدانة الإرهاب الدولي الصهيوني، خاصة بعد أن قدمت فصائل المقاومة والتزمت بالهدنة التي لم يلتزم بها الكيان الصهيوني، ولم يعيرها اهتمام، ومضى في اغتيالاته.
  • هل تتوقع استمرار انتفاضة الأقصى، أم أنها ستلاقى نفس مصير الانتفاضة الأولى في ظل الظروف السلبية المحيطة بها؟
نتوقع أن الانتفاضة ماضية في طريقها حتى تحقيق أهدافها؛ وهي الحرية والاستقلال والعودة، وهذا يتطلب مزيدًا من الصبر والصمود، ومزيدًا من الدعم السياسي والمالي من الشعوب العربية والإسلامية.
  • هل يعنى ذلك أن لديكم خططًا للتعامل مع المرحلة القادمة من الصراع؟
حركة المقاومة الإسلامية (حماس) تبنت الجهاد والمقاومة استراتيجية لتحرير الأرض والمقدسات، والحوار الداخلي لبناء وحدة وطنية متماسكة لتصليب الجبهة الداخلية الفلسطينة والاستمرار في بناء العلاقات والاتصالات مع كافة الدول العربية والإسلامية والغربية؛ لتبيان عدالة القضية الفلسطينية واستجلاب الدعم السياسي والإعلامي والمالي للشعب الفلسطيني؛ لتثبيته على أرضه، وفضح ممارسات الكيان الصهيوني العدوانية، واعتماد حتى الصمود خيارًا واقعيًّا لصد التغول الصهيوني لتدميرالمشروع الوطني الفلسطيني.

الحكومة الجديدة

  • أثار البعض مؤخرًا قضية إنجاح حكومة "أحمد قريع"، التى يسعى لتشكيلها، ولكنكم رفضتم المشاركة فيها؛ فما سبب ذلك الرفض؟
تعتقد حركة المقاومة الإسلامية (حماس) أن الحل الصحيح للخلاف السياسي الفلسطيني هو الدخول في قيادة جماعية فلسطينية تنضبط ببرامج سياسية وطنية، ولا تكون محكومة بسقوف اتفاقات ظالمة للشعب الفلسطيني، والحكومة المزمع تشكيلها تخضع لهذا المعيار.
بناءً على ذلك نرفض المشاركة في اي حكومة يكون سقفها (أوسلو)، وإفرازاتها مثل (خارطة الطريق)؛ لأنها مشاريع ظالمة للشعب الفلسطيني، ولا تحقق الحد الأدنى لحقوقه ومطالبه، وهي بمجملها مشاريع أمنية هدفها حماية أمن الكيان الصهيوني على حساب أمن الشعب الفلسطيني.
ورغم ذلك أريد أن أنبه إلى نقطتين هامتين:
الأولى: نحن حريصون جدًّا على التمسك بخيار الوحدة الوطنية، وأن يوجه سلاح المقاومة إلى العدو الصهيوني فقط.
الثانية: الحركة تنظر إلى البرامج والسياسات، ولا تنظر إلى المواقع والأشخاص، والتقييم يكون بناء على ذلك، فإن كان من برامج هذه الحكومة حماية الشعب الفلسطيني والإصلاح المالي والإداري والسياسي، فإنها ستلقى منا دعمًا، وإن لم نكن أعضاء فيها.
نعتقد أن حكومة الإرهابي "شارون" ستمضي- وبقوة- في إفشال حكومة "أبو العلاء"، كما أفشلت حكومة "أبو مازن" سابقًا؛ لأننا نعتقد أن هذه الحكومة الصهيونية لا يوجد على أجندتها أي خيار للتهدئة أو الهدوء.
أما إذا انحاز "أبو العلاء" للمصلحة الفلسطينية، ودافع عن الشعب الفلسطيني وعن أمنه، فسوف يحصل على شرعية فلسطينية شعبية وفصائلية، تدعمه وتسانده في وجه المخططات الصهيونية الرامية إلى إفشاله.
  • ذكر البعض أن الدكتور "موسى الزعبوط"، الذي يمثل الكتلة الإسلامية في المجلس التشريعي وقريب من (حماس)، قد قَبل المشاركة في حكومة قريع؛ فما رأيكم؟
بخصوص الدكتور "موسى الزعبوط"، فهو عضو في المجلس التشريعي كما أشرت، وهو عضو في الكتلة الإسلامية في هذا المجلس، ونعتبر أنه قد اتخذ خياره بمفرده، كما كان شأنه في دخول المجلس التشرعي أصلاً، ونحترم هذا الخيار ونقدره، لكن ليس لنا به علاقة سياسية، وهو ليس ممثلاً عنا أو مندوبًا لنا؛ إذ لو أردنا أن ندخل حكومة لدخلناها صراحة وعلانية دون مواربة.
  • في حال قيام الحكومة الفلسطينية الجديدة بالاصطدام بحماس؛ هل سيتكرر نفس موقف الحركة عام 96 بعدم الصدام والاستسلام للاعتقالات، أم سيكون لها موقف آخر بغض النظر عن طبيعة هذا الموقف؟
نأمل من الحكومة الفلسطينية القادمة أن تنتفع وتقرأ تجربة الحكومات السابقة على مدار سنوات (أوسلو) العشر، وأنها قدمت الكثير للصهاينة، ولكن الصهاينة قابلوها بالإعلان المبدئي عن طرد رئيس السلطة الفلسطينية أو قتله، والتهديد بإبعاد كافة من عادوا من الفلسطينين من الخارج بواسطة (أوسلو)، وهذا يثبت أن الصهاينة ضد الشعب الفلسطيني بكليته، وما مطالبهم بتفكيك البنى التحتية للمقاومة إلا ليحققوا أمرًا واحدًا بإحدى الطريقتين؛ وهو أن يَقتل الشعب الفلسطيني نفسه بنفسه، أو يُقتل بالدبابات والطائرات الصهيونية.
(حماس) ستبقى حريصة على الوحدة الوطنية، وستبقى أسلحتها موجهة ضد الكيان الصهيوني فقط، لكنها ستبقى حريصة على سلاح المقاومة وشرعيته وحمايته.
  • كيف توفِّق حركة (حماس) بين تأكيدها حرصها على الوحدة الفلسطينية، و بين ممارسات السلطة ضدها، والتى تستفز أعضاء الحركة؟
حركة المقاومة الإسلامية (حماس) تعتبر الوحدة الوطنية هي الضمان الوحيد والسياج المانع لأي اقتتال داخلي، وهي تحرص على ذلك، حتى وإن كلفها ذلك الدماء؛ لأنها تعلم أن العدو الصهيوني يريد الاقتتال الداخلي حتى يقضي الشعب الفلسطيني على نفسه بنفسه، ويعفيه من مسئولية إفناء شعب بأكمله.
هذا لن يتحقق بالقدر الذي ستقاوم به الحركة الاعتقال السياسي بإنشاء قاعدة جماهيرية تتصدى لأي حركة من أي جهاز أمني، تأخذ على عاتقها اعتقال المجاهدين والمقاومين؛ إذ ستجد نفسها أمام قوة جماهيرية عارمة تقف حاجزًا بينها وبين من تريد اعتقاله.

المصدر