الشهيد عناني

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
عناني أحمد عواد .. شهيد الإخوان دفاعا عن الفلاحين


بقلم: عبد الحليم الكناني

مقدمة

سبق الأحزاب الاشتراكية في مصر في مقاومة استبداد ملاك الراضي ، وموظفي التفاتيش . ( جريدة الشعب الجديد – 29-6-1951 ).

إن ملايين الفلاحين لتلتاع نفوسهم حسرة وألما لما حدث لزعيمهم الشاب الذي أراد لهم الخير والإنصاف . (جريدة منبر الشرق فى 29 يونيو 1951)

شخصية الشهيد وصلته بدعوة الإخوان المسلمين

شهيد الإخوان دفاعا عن الفلاحين

" نشأ الأخ عناني احمد عواد رئيس شعبة الإخوان المسلمين في بيت مسلم هو محط أنظار أهل كفور نجم لما له من أياد بيض في حياتهم الاجتماعية والتعبدية وآتى الله عناني بسطة في الجسم وبسطة في العقل ، جعلته أهلا لن يكون دائما في الطليعة والقيادة .

اتصل الإخوان بعناني فلما لمس اللحن وتر قلبه الحساس استحال الى أنغام مشجية حلوة ذاب فيها وجدانه ونفسه وطغت على مشاعره كلها فتملكت وسيطرت عليه ، فأصبح جنديا للدعوة التي القى بها الله سبحانه وتعالى الى محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم فدوى صوته للعالمين بها بشيرا ونذيرا .

وتشاء الأقدار أن يغضب عبيد الشهوات والأطماع من عبد الحق الأوحد ، فيرسل عناني الى معتقل الطور في أعقاب الحرب باعتباره أحد المجرمين العتاة ،وتشاء الأقدار مرة أخرى أن يعود الإمام الشهيد من الحج ، ويعلم عناني بوصول أستاذه ومرشده الى الطور فيهيئ جوا يلتقي فيه الإمام بهؤلاء الذين يسمونهم المجرمين الخطرين على النفس والمال .

وفي اليومين الذين قضاهما الإمام الشهيد في الطور لم يفارقه عناني لحظة واحدة فكانت شحنة دافقة دافعة ظل أثرها يسير عناني من فضل الى فضل الى استشهاد في سبيل الله .

أذكر مرة أن كان أستاذنا الحبيب الشهيد في زيارة الى مديرية الشرقية ، وكان من ضمن المنهاج زيارة إحدى القرى الكبيرة وزعم بعض المفاليك من فلول أحد الأحزاب أن زيارة المرشد العام للإخوان المسلمين ستثير ضجة قد تنقلب الى عراك شديد بين أبناء البلدة .. ووصل ذلك الى جهات البوليس فقررت منع الزيارة .

وكان عناني موجودا، وغاظه كأحد أبناء الشرقية أن يحال بين المرشد وبين بلد في مديرية الشرقية ، فقرر أن يتحدى بوليس العالم كله ، ولايمس موكب المرشد العام سوء، وغاب عناني خمس دقائق وعاد هادئا باسما كأن لم يكن منذ لحظات ثائرا متجهما .

وجاء المغرب وخرجت لبعض شأني فألفيت "المندرة" التي كنا فيها محاصرة حصارا دقيقا رهيبا ، نعم وجدت إثنين وخمسين رجلا فقد أحصيتهم واحدا واحدا ومع كل رجل مدفع سريع الطلقات (مترليوز) .. وخفت ان تقع بذلك مأساة مابعدها مآس ..

فعدت مسرعا الى المندرة وألقيت بالخبر الى الإمام الشهيد وجلست على مقربة منه ، وبعد دقيقتين او ثلاث وقف فضيلته وقال إنه ذاهب في شأن خاص وقبل ان يصل الى الباب ناداني لأكون في شرف مرافقته وذهبت اليه فطلب مني ان آتيه بعناني دون ان يشعر احد ، وحضر عناني وذهبنا الى مكان بعيد عن الأعين ، وهناك وكزه المرشد في صدره وبان على وجهه الغضب فكأنما فقئ فيه حب الرمان ، وهنا فقط تنبه عناني وبكى وجثى على الأرض وعلا نحيبه وطلب أن يعفو عنه الإمام الشهيد لأنه نسي أن يستأذن قبل أن يقدم على فعلته .. فرفعه حسن البنا وقبله وقال له "الآن قد وعيت " .

قرية كفور نجم والأوضاع المتردية للفلاحين بمصر

وكانت أوضاع الفلاحين في قرية كفور نجم كشأنها في باقي ريف مصر المنكوب ، بل كانت أشد وانكى ، إذ كانت لحظها العاثر تقع في زمام تفتيش سمو الأمير محمد علي ، الذي عهد بإدارة التفتيش الى بعض محترفي الظلم والإستعباد للفلاحين الفقراء المستضعفين يساندهم بطبيعة الحال رجال البوليس المرتبطين معهم لا مع الفلاحين المستضعفين مصالح وروابط.. وحين نراجع ماورد عنها بصحف ذلك العهد يلفت نظرنا أولا ما نشرته جريدة الشعب الجديد قبيل حادث قتل الشيخ عناني عواد بأسابيع قليلة :

" لقد نشرنا ونشرت جريدة الجمهور المصري وقائع خطيرة نسبت إلى رجال الإدارة فى مركز أبو كبير وعلى رأسهم مأمور المركز .. واهل بلدة الآن بأكملها يتهمون البوليس بأنه دخل إلى بيوتهم وخرب أمتعتها وحطم أثاثها ومزق ثيابها وأراق أقواتها وأهدر حرياتها وكرامتها .

ويتهم خمسة من المواطنين رجال البوليس بأنهم عذبوهم بكل صنوف العذاب وأنهم سجنوا بغير حق وكانوا يهربونهم من سجن إلى سجن ومن نقطة إلى أخرى لتهريبهم من النيابة التي كانت تبحث عنهم .

هذا وقد قابل وفد من أهالي كفور نجم وزير الداخلية ووكيلها البرلماني وشكوا من هذه الحوادث فقيل لهم أن الذين عذبوا قد اتهمهم التفتيش بالشيوعية وقد عجب الوفد من هذه التهمة .

مقتل الشهيد عناني عواد زعيم الفلاحين بالقرية

لجأ هذا المجاهد الباسل فى دنيا الطغيان والجبروت ، لجأ فى أخريات حياته إلى الأستاذ أحمد حسين زعيم حزب مصر الفتاة ثم الحزب الاشتراكي باعتباره محاميا وطلب منه رفع بعض القضايا على التفتيش وإدارته ، فاعتبرت هذه كبيرة من الكبائر فلم يجرؤ أن يرفع أحد من العبيد رأسه أمام التفتيش فضلا عن أن يتجرأ علي رفع قضية.

فانهالت عليه الإضطهادات والتلفيقات ليحملوه على التنازل عن هذه القضايا ، ولكن عناني أحمد عواد الذى كان القدر قد أعده ليكون أول شهداء معركة التحرير وقف كالطود الراسخ لا تنال منه المؤامرات ولا التهديدات .

وكان الحل الأخير لدي المستكبرين في الأرض هو إسكات الصوت الذي يواجه ظلمهم ولم تفلح معه أساليب القهر والإرهاب.. فكانت عملية القتل المدبرة في وضح النهار وأمام نقطة الشرطة وبأيدي رجالها في نهار رمضان.

وهذه جوانب من تفاصيل الجريمة البشعة كما تناولتها الصحافة الحرة آنذاك : فنشرت جريدة منبر الشرق تحت عنوان :

"حادث كفور نجم البوليس والتفتيش والجبناء يقتلون داعية التحرر من الإقطاع " :

" روعت قرية كفور نجم بحادث مؤسف هو الأول من نوعه إذ وجد الشهيد عناني أحمد عواد قتيلا بجوار نقطة البوليس ، ففى ليلة الخامس عشر من رمضان تهاوت عدة " بلط " وفؤوس ومسدسات فى اتجاه الشهيد عناني أفندي احمد عواد داعية التحرر من الظلم والاستبداد والتخلص من ربقة العبودية والاستعباد ، وتفصيل الحادث كما يلي :

كانت بين الشهيد وتفتيش الأمير محمد على مشاحنات نتيجة رغبة التفتيش في معاملة الأهالي معاملة العبيد والأغنام ، فأبى ذلك الشهيد وأصر على أن يعيش الفلاح في سلام ، موفور الكرامة مهاب الجانب لا يستعبده أحد ولا يظلمه .

وكان يصيح فى الصاوي مفتش كفور نجم والحاكم بأمره هنالك مرددا قول عمر بن الخطاب " متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا " وكان من جراء ذلك أن اضطهده المفتش .

ولم يكتف الصاوي بذلك بل استعدى البوليس على الشهيد الكريم فأخذوا فى اضطهاده واستغلال سلطة وظيفتهم فى معاملته بعنف ، وكم قامت بينهم من مشادات انتصر فيها الشهيد لكرامته وأنصاره مما أوغر عليه نفوس المأمور وضابط المباحث .

ولم يخرج من إجماع اهل القرية إلا أشخاص جبناء أذلاء يوالون التفتيش ويشتغلون لحسابه .وقد تمت المؤامرة الرهيبة فى النهار فانهال المجرمون الآثمون على الشهيد الأعزل ببلطهم الحديدية ومسدساتهم حتى قضوا على حياته ، لينعموا بالراحة فى ظل التفتيش ومركز البوليس .

إن ملايين الفلاحين لتلتاع نفوسهم حسرة وألما لما حدث لزعيمهم الشاب الذى أراد لهم الخير والإنصاف ، فقدم نفسه ضحية غالية عزيزة فى الشهر المبارك دون أن يؤملوا خيرا فى حكومة تركت الأمر فوضى لا ضابط له .

فوا أسفاه ، و واحسرتاه ".

تناول الصحافة والكتاب الأحرار لقضية كفور نجم وشهيدها

كانت قضية كفور نجم وشهيدها الشيخ عناني عواد محط إهتمام الصحافة الحرة ، كما كانت محط اهتمام الكتاب والصحفيين الأحرار وعلى رأسهم الزعيم الوطني :

أحمد حسين والكاتب الحر : سيد قطب

فكانت لهم تعليقات وكتابات ثورية غاضبة حولها نقتطف منها تلك المقتطفات :

( مأساة كفور نجم ) بقلم أحمد حسين

" ومن كفور نجم تأتينا قصة طريفة وشائقة ، فهذا مزارع قد رفع على تفتيش الأمير محمد علي قضيتين وتوليت رفعهما بنفسي كوكيل عنه أى أن مزارعا شاء أن يحتكم إلى القانون وأنا الذي أومن بالقانون وبأننا نستطيع فى هذه الأيام المضطربة أن ننقذ المركب المترنحة إذا التزمنا جميعا جادة القانون ، فما راعني وراع الناس أن هذا المزارع قد ألقيت عليه صنوف الإضطهادات وتعاون رجال البوليس مع رجال التفتيش على أن يكيدوا لهذا المزارع وأهله وذويه وأن يفعلوا بهم الأفاعيل.

ولكن ذلك كله لم يزد المزارع إلا استمساكا بحقه وذودا عن كرامته فاذا بالتفتيش ورجال البوليس لا يجدون سبيلا للتخلص منه إلا باستخدام الجريمة السافرة والقوة الغاشمة متحدين القانون والنظام والدين والعرف والتقاليد " .

" حقائق يجب ان تعرف .. والآن لقد بدأنا " بقلم سيد قطب"

لقد بدأنا في هذه المرة بدءا أكيدا لأننا بدأنا بدءا صحيحا ، لقد خر اثنان من الفلاحين مضرجين بدمائهما الطاهرة ، أولهما في كفور نجم بتفتيش محمد علي والثاني في بهوت في تفتيش البدراوي .

لقد سالت دماؤهما في هذه المرة لا في ثأر عائلي ولافي معركة انتخابية كما اعتادت سجلات البوليس أن تسجل ولكنها سالت في معركة الأرض .. الأرض الطيبة التي روى تربتها الملايين بالعرق والدموع ولم ينالوا منها شيئا ثم هاهم أولاء أخيرا قد بدأوا يروونها بالدماء ولن تخونهم الثمرة في هذه المرة لأن بذرة الدم لم تخب يوما في التاريخ ولن تخيب .

الشهيد عناني عواد بين الإخوان والشيوعيين

رغم أن الشهيد عناني عواد كما قدمنا في ترجمته هو نائب شعبة الإخوان المسلمين بقرية كفور نجم ( ونائب في مصطلحات الإخوان تعني رئيس الشعبة وليس وكيلها كما جاء في بعض الكتابات ).

ورغم نشر ذلك في الأوراق والوثائق الرسمية المنشورة ومنها مجلة الإخوان المسلمين نصف الشهرية بمناسبة انعقاد مؤتمر رؤساء الشعب والمناطق للإخوان المسلمين .

ورغم ما أوردناه من مواقفه مع الإمام الشهيد حسن البنا والمنشورة في حينها بمجلة الدعوة الأسبوعية في بداية خمسينيات القرن الماضي .

ورغم ما أوردته الصحافة حينها من كلماته الدينية التي كان يستمد منها مواجهته للإقطاع ورجاله .رغم هذا كله نتعجب حين نجد السادة كتاب ومؤرخي الحركة الشيوعية ينسبون الرجل وببساطة الى اليسار المصري ويعدونه من قياداته !!! ..

والغريب انهم لا يذكرون شيئا عن تفاصيل حياة الرجل أو أي معلومات عن شخصيته .. ويتكرر الإدعاء ويتكرر النقل فينقل اللاحق عن السابق وهكذا حتى يعتبر الأمر حقيقة تاريخية ثابتة لا مجال فيها للشك أو الارتياب .

ومما وجدته في هذا المجال مؤخرا هذه الأمثلة :

نشر موقع "آفاق إشتراكية" الإلكتروني " البيأن التاسيسى لجبهة النضال الفلاحى" ومما جاء فيه  :

ولقد شهد الريف المصري في الماضي انتفاضات وتمردات الفلاحين المسلحة في مواجهة الاستبداد والطغيان الإقطاعي في العديد من قرى الريف المصري بهوت ، وكفور نجم ، البدارى، ساحل سليم،السرو، درين ، ابو الغيط ،ميت فضالة والبرامون ، وقد استشهد فى هذه المعارك عديد من قيادات اليسار فى الحركة الفلاحية من الفلاحين وأبنائهم المثقفين ،امثال عنانى عواد،،محمد عبد الفتاح ابو الريش ،غازى أحمد ، والمحامى عبد الحميد الخطيب .

كما نشر نفس الموقع دراسة بعنوان"الفلاحون واليسار المصري" وتحت عنوان جانبي "الإشتراكية تدخل كهوف الفلاحين" :

"وعلى عكس ماتوقع وابتغى الملاك والحكام منذ نهايات القرن التاسع عشر حتى منتصف القرن العشرين كان للاستغلال والقهر الذي مورس على الفلاحين رد فعله الإيجابي على حركة النضال الطبقي في الريف المصري ، فلقد ادى الوعي الطبقي التلقائي للفلاحين المتزايد بقدر ما يعانونه من عسف واضطهاد والذي زاد إدراكا وإصرارا بدخول الفكر الاشتراكي والحركة اليسارية المصرية الى كهوف فقراء الفلاحين والأجراء بعد الحرب العالمية الثانية الى قيام حركة نضالية فلاحية متسعة تستهدف استرداد حقوقهم الطبيعية في الأرض والكرامة والحياة الإنسانية .

ولقد تعاظمت هذه الحركة في الفترة من عام 1948 حتى قيام ثورة 23 يوليو 1952 وتجسدت في معارك الفلاحين ضد الظلم والسخرة في ( بهوت وكفور نجم وساحل سليم وميت فضالة والسرو ودراوة والبداري ودرين وأبو الغيط ) والعشرات من قرى مصر شمالا وجنوبا ، واستشهد في هذه المعارك والانتفاضات الكثيرون من القيادات المناضلة من أجل حق الفلاح في الحياة سواء من الأجراء ومعدمي وفقراء الفلاحين أو من أبنائهم المثقفين أمثال الشهداء "عناني عواد وغازي أحمد والمحامي عبد الحميد الخطيب " .

وتكرر نشر الدراسة والبيان في العديد من المواقع والمنتديات على أن المعلومات السابقة الواردة به من الحقائق والمسلمات .!!!

وتعجب حين تقارن ذلك بما كتبه محرر مجلة الدعوة الإخوانية بعد أن سرد بعض مواقف الشيخ عناني مع دعوة الإخوان وإمامها الشهيد فيقول :

" لا أقول هذا ليعلم الناس أن عناني جندي من جنود الإخوان ، فليس من الحكمة أن ينتسب الناس في الحركات الشعبية الى بيئتهم الخاصة بل يجب أن يكون انتسابهم دائما أبدا الى البيئة العامة ، أقصد الشعب .. الشعب البائس العاجز الذي بدأ ينهض ليتحرر من العبودية في جميع صورها وأشكالها " .

أرأيت الفارق ؟ .. الفارق بين الإدعاء ومحاولة تزوير التاريخ وبين إنكار الذات وإيثار المصلحة العامة على الدعاية الشخصية والمصالح الخاصة ؟ .. إنه ببساطة ودون تحيز الفرق بين الإخوان المسلمين والشيوعيين .

إقرأ أيضا

روابط داخلية

  1. مقال:الإخوان المسلمين و الفلاح
  2. مقال:الشجرة الطيبة دعوة الإخوان المسلمين (الحلقة الرابعة)

روابط خارجية

  1. مقال:الشهيد :عناني أحمد عواد : شهيد الإخوان دفاعا عن الفلاحين،بقلم:م.عبد الحليم الكناني ،موقع:نافذة مصر
  2. مقال:شهداء الإخوان المسلمين في مصـر (1928م- 1981م) ،موقع إخوان أون لاين