الشدائد في حياة المؤمنين 2

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
الشدائد في حياة المؤمنين 2

حروب صليبية صهيونية تستهدف إلغاء الهوية الاسلامية

بقلم الداعية فتحي يكن

القى الداعية الدكتور فتحي يكن خطبة الجمعة بمسجد الايمان في طرابلس فكان مما قاله:

تعرض المسلمون على امتداد القرن الماضي لحروب متلاحقة تستهدف إلغاء هويتهم الاسلامية .. ومع مطلع القرن الحادي والعشرين يشهد العالم الاسلامي حروبا أكثروضوحا وشراسة في نفس الاتجاه !!

  • في مطلع القرن الماضي أسقطت الخلافة الاسلامية العثمانية وتعرضت الهوية الاسلامية في تركيا لحرب إلغاء على مستوى التشريع واللغة والزي .
  • وبعد مؤتمر سايكس بيكو تعرضت الهوية الاسلامية لحرب إلغاء من قبل النزعات والقوى القومية والعرقية.
  • ومع بداية الانقلاب الشيوعي واجهت الاسلام والمسلمين حروب إلحاد حاقدة تستهدف معتقدات الأمة وجذورها الايمانية .
  • ومع قيام الكيان الصهويني في فلسطين شنت حرب إبادة جديدة على المسلمين وتراثهم الديني .
  • ومع تنامي وتفوق القوة العسكرية الأميركية،ومحاولة فرض هيمنتها على العالم،يشهد المسلمون حربا حاقدة تستهدف إجتثات هويتهم من جذورها،من خلال حروب إبادة تستعمل فيها جميع صنوف أسلحة الدمار الشامل !!

والمسلمون أمام خيار صعب .. إما أن يقبلوا بالأمرالواقع وينصاعوا للإملاءات الاميركية فيخسروا كل شيء،وأما أن يواجهوا التحدي بالرفض وبالمقاومة وينالوا إحدى الحسنين،النصر أو الشهادة،والنصر منهم ليس ببعيد إن هم أخلصوا النية،ووحدوا الصفوف،وأعدوا ما استطاعوا من قوة.

(وكان حقا علينا نصر المؤمنين)

والعمل على استئصالهم،بل ان ذلك واجب لا يجوز تركه أو اهماله، لأن ترك الداء في الجسد على هذا الحال من شأنه أن يقضي عليه.. ولكن شريطة التحري والتثبت كيما لا يأخذ بريء بذنب سواء، وحتى لا يظلم أحد بفعل لم يأته { يا ايها الذين آمنوا ان جاءكم فاسق بنبأ فتبيّنوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين}.


بعض مواقف الرسول من المنافقين

فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما بلغه خبر مسجد الضرار،وهو مسجد بناه جماعة من المنافقين معارضة لمسجد قباء، ليفرّقوا جماعة المسلمين، سألهم عن سبب بنائهم المسجد فحلفوا بالله ان أردنا الى الحسنى والله يشهد انهم لكاذبون.

فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم نفرا من أصحابه لينطلقوا اليه ويهدموه ففعلوا.

ولقد تحدث القرآن الكريم عن ذلك فقال:{ والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين وارصادا لمن حارب الله ورسوله من قبل وليحلفن ان أردنا الا الحسنى والله يشهد انهم لكاذبون.لا تقم فيهم أبدا، لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه، فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المتطهرين.أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أم من أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم، والله لا يهدي القوم الظالمين، لا يزال بنيانهم الذي بنوا ريبة في قلوبهم الا أن تقطع قلوبهم والله عليم حكيم} التوبة 107-108.

وجاء في كتاب نور اليقين للشيخ الخضري صفحة 83 قوله:" وكان يساعد المنافقين على مقاصدهم جماعة من عرب المدينة أعمى الله بصائرهم فأخفوا كفرهم خوفا على حياتهم.وكان يرأس هذه الحماعة عبد الله بن أبيّ بن سلول الخزرجي الذي كان مرشحا لرياسة أهل المدينة قبل هجرة النبي".

ومن المنافقين (نبتل بن الحرث) وهو الذي قال فيه رسول الله:" من أحب ان ينظر الى الشيطان فلينظر الى (نبتل بن الحرث)" وكان ياتي رسول الله يتحدث اليه، فينصت اليه ويسمع منه، ثم يأتي المنافقين يسخر من رسول الله ويقول: انما محمد أذن من حدثه شيئا صدقه.فانزل الله عز وجل فيه:{ ومنهم الذين يؤذون النبي ويقولون هو أذن.. قل أذن خير لكم يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين، ورحمة الذين آمنوا منكم والذين يؤذون رسول الله لهم عاب أليم}.

ومن المنافقين (مربع بن قيظي) وهو الذي قال لرسول الله يوم الخندق ان بيوتنا عورة فأذن لنا فلنرجع اليها.

فأنزل الله تبارك وتعالى فيه:{ يقولون ان بيوتنا عورة وما هي بعورة ان يريدون الا فرارا}.

وكان هؤلاء المنافقون يحضرون المسجد فيسمعون أحاديث المسلمين،ويسخرون منهم،ويستهزئون بدينهم.. فاجتمع يوما في المسجد منهم ناس، فرآهم رسول الله يتحدثون بينهم خافضي أصواتهم قد لصق بعضهم ببعض.

فامر بهم رسول الله فأخرجوا من المسجد اخراجا عنيفا.

فقام أبو أيوب خالد بن زيد الى عمرو بن قيس وكان صاحب آلهتهم في الجاهلية فأخذ برجله فسحبه حتى أخرجه من المسجد، ثم أقبل الى (رافع بن وديعة) فأمسك به ثم نتره نترا شديدا ولطم وجهه ثم أخرجه من المسجد وهو يقول:" أف لك منافقا خبيثا، أدراجك يا منافق من مسجد رسول الله".


ثانيا: منافق يـُبغضه

والشدة الثانية التي يواجهها دعاة الاسلام هي بغض المنافقين وكيدهم..

فالمنافقون موجودون في كل زمان ومكان، لا تكاد تخلو منهم فترة من فترات التاريخ لأن مبررات وجودهم قائمة، أو يمكن أن تقوم في كل حين..

فمنهم من يكون مبرر نفاقه تحقيق بعض المصالح الدنيوية، فيستر بستار التقوى والدين كيما يصل الى مراده..ومنهم من تكون غاية نفاقهم الايقاع بالمسلمين وتمزيق صفوفهم وايقاد الفتن بينهم بدافع من أنفسهم،أو بايعاز من غيرهم فيندسّون بين الصفوف لغاية في نفس يعقوب؟

ومنهم من يكون نفاقه خلقا ذميما درج عليه لا ينفك عنه، وطبعا أصيلا لا يكاد يبارحه أو يفارقه.. ومنهم من يتوسل بالنفاق ليكون من الحكام في حضوة ومن بطشهم في نجوة!

ومنهم من يتوسل بالنفاق ليحضى بغرض زائل،وجاه حائل يبيع دينه بدنياه!

والنفاق قد يكون نتيجة الحقد أو الحسد أو الاثنين معا..

والمنافقون لهم صفات وقسمات بيّنها رسول الله صلى الله عليه وسلم ليسهل على المؤمنين معرفتهم، وليتمكنوا من الحذر منهم... من ذلك قوله صلى الله عليه وسلم:" ثلاث من كن فيه فهو منافق وان صام وصلى وحج واعتمر وقال اني مسلم.. من اذا حدث كذب، واذا وعد أخلف، واذا اؤتمن خان" رواه أبو يعلى.

وقوله:" اربع من كن فيه كان منافقا خالصا، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها..اذا حدث كذب، واذا وعد أخلف، واذا عاهد غدر، واذا خاصم فجر"رواه احمد، وقوله:" آية المنافق ثلاث:اذا حدث كذب، واذا وعد أخلف، واذا عاهد غدر" رواه البخاري ومسلم.

ودعوة الاسلام ابتليت بهذا الصنف من الناس على مدار التاريخ.. يقبلون عليها للتخريب فيها، أو للتشكيك بأصحابها،أو ليحققوا عن طريقها مصلحة ويصلوا الى غاية"؟

ففي حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم كان المنافقون لا يألون جهدا ولا يتركون فرصة للايقاع بالمسلمين الا اهتبلوها واستغلوها {يريدون ليطفؤا نور الله بأفواههم والله متم نوره لو كره الكافرون}.


حديث الافك

جاء في كتب السيرة: أن عائشة رضي الله عنها كانت قد صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة بني المصطلق، فخرجت لحاجتها، ففقدت عقدا لها.

وعندما عادت تلتمسه في الموضع الذي فقدته فيه ارتحل المسلمون ومعهم الهودج وهم يظنون أنها فيه.. وعندما رجعت عائشة الى مضارب القوم لم تجد أحدا فجلست تنتظر وهي تظن أنهم سيفقدونها فيرجعون في طلبها.

فغلبتها عيناها فنامت، فلم تستيقظ الاوصفوان بن المعطل يقول: انا لله وانا اليه راجعون، زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكان صفوان قد تأخر عن القوم،فأناخ راحلته فقرّبها اليها فركبتها وما كلمها كلمة واحدة،ولم تسمع منه الا استرجاعه.

ثم سار بها حتى لحق بالجيش وقد نزل في (نحر الظهيرة) فلما رأى ذلك الناس تكلم كل منهم على شاكلته وما يليق به.. ووجد الخبيث المنافق عدو الله ابن أبي سلول متنفسا وفرصة لكيده وحقده فتنفس من كرب النفاق والحسد الذي بين ضلوعه،فجعل يستحكي الافك ويشيعه ويذيعه.. فلما قدموا المدينة فاض أهل الافك في الحديث ورسول الله ساكت لا يتكلم..

لقد كانت حادثة الافك امتحانا وابتلاء للرسول صلى الله عليه وسلم ولجميع الأمة الى يوم القيامة، ليرفع به أقواما ويضع آخرين،ويزيد الله الذي اهتدوا هدى وايمانا،ولا يزيد الظالمين الا خسارا.. واقتضى تمام الامتحان والابتلاء أن حبس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الوحي شهرا لا يوحى اليه في ذلك شيء، لتتم كلمته التي قدرها وقضاها وتظهر على أكمل الوجوه.

ويزداد المؤمنون الصادقون ايمانا وثباتا على العدل والصدق وحسن الظن بالله وأهل بيته والصديقين والصالحين من عباده.

ويزداد المنافقون افكا ونفاقا، ويظهر لرسول الله وللمؤمنين سرائرهم،ولتتم العبودية المرادة من الصديّقة عائشة وأبويها،ولتشتد الفاقة والرغبة منهم جميعا الى الله والذل له وحسن الظن به والرجاء منه..

وهذا ما جعل عائشة رضي الله عنها وأرضاها عندما جاء الوحي ببراءتها {ان الذين جاءوا بالافك عصبة منكم، لا تحسبوه شر لكم بل هو خير لكم، لكل امرئ منهم ما اكتسب من الاثم، والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم.لولا اذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا، وقالوا هذا افك مبين} النور 11-18.

جعلها تقول لأبويها اللذين قالا لها قومي الى رسول الله صلى الله عليه وسلم:" والله لا أقوم اليه ولا أحمد الا الله، هو الله الذي أنزل براءتي".

جاء في ظلال القرآن حول حادث الافك:"وان الانسان ليدهش حتى اليوم كيف أمكن أن تروج فرية ساقطة كهذه في جو الجماعة المسلمة حينذاك.. وان تحدث هذه الآثار الضخمة في جسم الجماعة، وتسبب هذه الآلام العاتية لأطهر النفوس وأكبرها على الاطلاق؟

لقد كانت معركة خاضها رسول الله صلى الله عليه وسلم وخاضتها الجماعة المسلمة يومذاك وخاضها الاسلام.. معركة ضخمة، لعلها أضخم المعارك التي خاضها رسول الله وخرج منها منتصرا، كاظما لآلامه الكبار، محتفظا بوقار نفسه وعموة قلبه وجميل صبره..

لقد احتسبها الله للجماعة المسلمة الناشئة درسا قاسيا.. فأدركهم بفضله ورحمته ولم يمسسهم بعقابه وعذابه.. فهي فعلة تستحق العذاب العظيم.. العذاب الذي يتناسب مع العذاب الذي سببوه للرسول صلى الله عليه وسلم وزوجه وصديقه وصاحبه الذي لا يعلم عليه الا خيرا.. والعذاب الذي يتناسب مع الشر الذي ذاع في الجماعة المسلمة وشاع، ويمس كل المقدسات التي تقوم عليها حياة الجماعة؟

لسان يتلقى عن لسان بلا تدبر ولا ترو ولا فحص ولا امعان نظر،حتى لكأن القول لا يمر على الآذان ولا تتملاه الرؤوس، ولا تتدبره القلوب.." من تفسير سورة النور.

وللخط الذي يتسببه النفاق والمنافقون في الصف الاسلامي تحدثت آيات القرآن الكريم بالتفصيل عن سمات النفاق ومواصفات المنافقين للتنبيه اليهم والتحذير منهم.. قال تعالى:{ ومن الناس من يقول آمنا بالله واليوم الآخر وما هم بمؤمنين* يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون الا أنفسهم وما يشعرون* في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون* واذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا انما نحن مصلحون* ألا انهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون* واذا قيل لهم آمنوا كما آمن الناس قالوا أنؤمن كما آمن السفهاء، الا انهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون* واذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا واذا خلو الى شياطينهم قالوا اننّا معكم انما نحن مستهزئون* الله يستهزئ بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون} البقرة 8_15.

بل ان الله تعالى كي يلفت المؤمنين الى شدة خطرهم على جسم الجماعة المسلمة اختصهم بسورة من سور القرآن هي سورة المنافقون قال تعالى:{ اذا جاءك المنافقون قالوا نشد انك لرسول الله والله يعلم انك لرسوله والله يشهد ان المنافقين لكاذبون* اتخذوا ايمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله انهم ساء ما كانوا يعملون* ذلك بأنهم آمنوا ثم كفروا فطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون* واذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وان يقولوا تسمع لقولهم كأنهم خشب مسندة يحسبون كل ضيحة عليهم هم العدو فاحذرهم قاتلهم الله أنّى يؤفكون* واذا قيل لهم تعالوا يستفغر لكم رسول الله لوّوا روسهم ورأيتهم يصدون وهم مستكبرون* سواء عليهم أستغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم ان الله لا يهدي القوم الفاسقين* هم الذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا ولله خزائن السموات والأرض ولكن المنافقين لا يفقهون* يقولون لئن رجعنا الى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون* يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون* وأنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول يا رب لولا أخرتني الى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين* ولن يؤخر الله نفسا اذا جاء أجلها والله خبير بما تعملون}.

والحركة الاسلامية لم تصب بما أصيبت به من فتن _في العصر الحديث _ ولم يتمكن بعض الحكام من البطش بها والتنكيل بأصحابها،لولا نفر من المنافقين باعوا أنفسهم للشيطان،وآخرين تخاذلوارهبا ورغبا واشتروا بآيات الله ثمنا قليلا، لبئس ما كانوا يشترون: {ومن الناس من يقول آمنا بالله، فاذا أوذي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله، ولئن جاء نصر من ربك ليقولن انا كنا معكم، أوليس الله بأعلم بما في صدور العالمين، ليعلمن الله الذين آمنوا وليعلمن المنافقين}.

وتحصن الدعاة بالله في مواجهة النفاق والمنافقين لا يعني السكوت عن أعمالهم وعدم فضح مؤامراتهم وكشف مخططاتهم ودوام التحذير منهم.

المصدر