السيسي في ورطة.. منصة رابعة تحاصر القاتل وتفضح القضاء

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
السيسي في ورطة.. منصة رابعة تحاصر القاتل وتفضح القضاء


منصة رابعة تحاصر القاتل وتفضح القضاء.jpg

كتب: سيد توكل

(25 ديسمبر 2017)

مقدمة

استمع قضاء الانقلاب في محكمة جنايات القاهرة إلى شهود الإثبات في هزلية فض اعتصام رافضي الانقلاب في ميدان رابعة، أكثر من أربع سنوات مضت على مجزرة اعتصامي "رابعة العدوية والنهضة"، خلفت وراءها قتلى وضحايا وأسر مشردة ومعتقلين، والقاتل يحاكم الضحايا!.

وكانت نيابة الانقلاب قد فجرت مفاجأة في ردها على أحد الشهود بقولها إنها لم تجد جثثًا أسفل المنصة التي كانت بالمكان، مشيرة إلى استماعها لـ70 من أولياء الدم.

لن يفعل

وبينما توجد عشرات القضايا بالقاهرة، والأقاليم؛ يُتهم فيها أنصار الشرعية بـ"العنف" و"القتل"، لم تنظر محكمة واحدة اتهامات أسر الضحايا للقتلة من سلطات الانقلاب، أو تُخضعهم لتحقيقات بشأن تلك المجازر، وفق منظمات حقوقية دولية. أرقام القتلى والمصابين أيضًا محل اختلاف، بين أنصار للاعتصام يعدونها بالآلاف، في مقابل تقارير حكومية وحقوقية تقول إنها لم تتجاوز الألف.

من جانبه قال د. محمد محسوب، وزير الدولة لشئون المجالس النيابية في حكومة الدكتور هشام قنديل: إن "إقرار النيابة العامة اليوم بعدم عثورها على أي جثث تحت منصة رابعة، وإقرار مسعفين بعدم مشاهدتهم لأي أسلحة مع معتصمين، وعدم وجود ممرات آمنة للمدنيين.. تأكيد ما هو مؤكد..".

مضيفًا:

"ألا يوجب إفراجًا عن معتقلين أبرياء؟، ومحاكمة قتلة مطلقين؟، وفتح تحقيق مع أبواق كراهية؟، ورد اعتبار للضحايا؟"، وختم بالقول: "لكنه لن يفعل"، في إشارة إلى السفيه السيسي.

وجاء التسلسل الزمني والمعلوماتي لأحداث وضحايا مجزرة فض الاعتصامين، في عامهما الرابع، وفق تقارير صحفية، ومعلومات وبيانات رسمية وغير رسمية، كالتالي:

حشد مقابل حشد

في 23 يونيو 2013، تجمع أنصار ثورة 25 يناير والرئيس المنتخب محمد مرسي، تتصدرهم جماعة "الإخوان"، في ساحة مسجد "رابعة العدوية"، بحي مدينة نصر، شرقي القاهرة، دعمًا لـ"شرعيته"، في مواجهة دعوات كانت في قمتها تطالبه بالدعوة لانتخابات رئاسية مبكرة، بعد نحو عام من وصوله إلى السلطة في صيف 2012.

بداية الاعتصام

ميدان "رابعة" المتاخم لمؤسسات ومقار عسكرية بارزة شهد يوم 28 يونيو 2013، بدأ اعتصامًا لأنصار الرئيس مرسي، قبل يومين من دعوات معارضة له بالاحتشاد ضده في الميادين، حتى جاء مساء 3 يوليو 2013، وأعلن وزير الدفاع - آنذاك - السفيه عبد الفتاح السيسي، الانقلاب على الرئيس مرسي وتعيين عدلي منصور رئيس المحكمة الدستورية أعلى محكمة بالبلاد رئيسًا معينًا - عنوة- للبلاد.

وقتها تحول "رابعة" في أنظار كثيرين، إلى محطة أولى بارزة، رغم اعتصامٍ ثانٍ عُرف بـ"النهضة"، في محافظة الجيزة غربي القاهرة، وبدأت من "رابعة" خطابات الرفض، ومظاهرات تحدي الانقلاب وقرار الانقلاب في مدة وصلت نحو شهر ونصف الشهر.

رصاص العسكر

وتخلل فترة الاعتصام بميداني "رابعة العدوية" و"النهضة"، مواجهات أمنية للمعتصمين، أبرزها مجزرتان بالقرب من اعتصام "رابعة"، هما: "الحرس الجمهوري" في 8 يوليو 2013، و"المنصة" في 27 من الشهر ذاته، خلّف الأول 51 شهيدًا على الأقل، وأكثر من 435 مصابًا، والحادث الثاني، نتج عنه 38 شهيدًا، وفق وزارة الصحة.

بينما حدثت مجازر مع معتصمي "النهضة"؛ منها مواجهات منطقة "بين السرايات"، غربي القاهرة، في 2 يوليو 2013، بالقرب من اعتصام "النهضة" خلفت 23 شهيدًا، وعشرات المصابين، حسب تقديرات رسمية وغير رسمية.

وبدت النوايا بفض اعتصامي "رابعة" و"النهضة" علنية يوم 31 يوليو 2013، حين فوَّضت حكومة الانقلاب وزير الداخلية السابق محمد إبراهيم، آنذاك، بإعداد الخطط اللازمة لمجزرة فض الاعتصامين، دون تحديد موعد بذلك.

وخلال الأسبوعين اللذين سبقا عملية الفض، فشلت مبادرات محلية ودولية، لإقناع المعتصمين بقبول الانقلاب العسكري، بالتزامن مع شحن إعلامي ضد الاعتصام، يقابله تزايد في أعداد المعتصمين التي قدرت بمئات الآلاف.

ساعة الصفر

في السادسة صباحًا من يوم الأربعاء، 14 أغسطس 2013، بدأت ميلشيات الموت تنفيذ قرار فض اعتصامي أنصار شرعية الرئيس محمد مرسي لقرابة 12 ساعة، وسط انقطاع للاتصالات، وتحليق طائرات عسكرية، وتقدم لمدرعات ومركبات شرطية وعسكرية، وأصوات للرصاص من مختلف جوانب الميدان؛ وسقط الآلاف جراء إطلاق النيران.

ووسط الفض، توالت أنباء سقوط شهداء كانت تمتلئ بهم قاعات مسجد "رابعة"، لا سيما قاعة المستشفى الميداني، وشوارعه المحيطة ومنصته الرئيسية.وخلال عملية الفض، أشيع أن ميليشيات الانقلاب سمحت بعبور المعتصمين عبر ممر آمن، إلا أن ذلك ثبت كذبه لاحقًا، ومع نهاية اليوم، بدأ المغادرون بالحشد عند مسجد "الإيمان" القريب من الاعتصام الذي تحول لمقر يمتلئ آلاف الجثث نقلت من "رابعة"، وحشود مماثلة لذويهم، وسط نحيب وذهول.

وفي اليوم ذاته، شهدت مصر أعمال تخريب مخطط لها من سلطات الانقلاب طالت كنائس وأقسام شرطة، ومنشآت حكومية، نفت جماعة "الإخوان" اتهامات حكومة الانقلاب لها بالمسئولية عنها.

كما شهد اليوم ذاته بيانات من مختلف أنحاء العالم ما بين إدانة للمجزرة، ودعم للانقلاب ومطالب بالتهدئة، بالتزامن مع وقفات احتجاجية أمام سفارات مصر في عواصم عربية، واستقالة محمد البرادعي، نائب الرئيس آنذاك؛ بعدما أتم دوره في المؤامرة العسكرية، بحجة الاحتجاج على "الفض الأمني بالقوة".

دائرة الدم

بعد يوم من فض "رابعة" و"النهضة"، أعلنت وزارة الصحة عن سقوط 333 شهيدًا مدنيًا، و1492 مصابًا خلال فض الاعتصامات. وأعلن "تحالف دعم الشرعية" المؤيد لشرعية الرئيس المنتحب محمد مرسي، في بيان عقب مجزرة الفض، أن ضحايا الفض تجاوزوا الـ2600 شهيد، فضلاً عن آلاف المصابين والمعتقلين.

كما قالت منظمة "العفو الدولية"، في أكتوبر 2013، إنها وثقت 600 حالة قتل، وأشارت إلى أن سلطات الانقلاب لم تمكنها من الوصول إلى كل أماكن المجزرة، والاعتداء بشكل ييسر لها الحصر بدقة.

فيما أكدت مصلحة الطب الشرعي في نوفمبر 2013 حصر 627 شهيدًا، خلال واقعة مجزرة اعتصام "رابعة" وحده.

وفي 16 أغسطس 2013، أعاد المتظاهرون تنظّيم أنفسهم، وخرجوا في مسيرة حاشدة بعد صلاة الجمعة إلى ميدان "رمسيس" (وسط القاهرة)؛ احتجاجًا على فض الاعتصامين، فرقتها قوات الأمن، وأسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 120 متظاهرًا، حسب مصلحة الطب الشرعي.

وفي 21 ديسمبر 2013، واستكمالاً لمخطط الانقلاب شكلت حكومة العسكر "لجنة تقصي الحقائق" حول انقلاب 30 يونيو؛ للنظّر في حوادث القتل، والمجازر التي سبقتها وأعقبتها.

وفي 25 ديسمبر 2013، أعلنت حكومة الانقلاب "القاتلة" أن جماعة "الإخوان" التي تصدرت الاعتصامين "منظمة إرهابية"!

وفي فبراير 2014، أحالت النيابة العامة هزلية عُرفت إعلاميا باسم "غرفة عمليات رابعة"، لمحاكمة 15 شخصًا بينهم قيادات، وأنصار للاعتصام بتهم متعلقة بالعنف، وهي التهم التي نفاها المتهمون، وشهدت القضية أحكامًا بالبراءة والسجن.

وفي مارس 2014، أصدر "المجلس القومي لحقوق الإنسان" وتديره حكومة الانقلاب، تقريرًا عن يوم الفض، قال فيه إن 632 قتيلا وزعمت أن بينهم 8 شرطيين، وأصيب 1942، وتم اعتقال 800 معتصم خلال تلك المجزرة.

وأشار التقرير الذي أوصى بفتح تحقيق قضائي مستقل في الأحداث إلى أنه من مساء يوم المجزرة وحتى يوم 17 أغسطس 2013 واصلت سلطات الانقلاب مجازرها في البلاد، خلفت 686 شهيداً.

محاكمة الضحايا!

قبيل الذكرى الثانية لفض "رابعة"، وفي نهاية شهر يونيو 2015، قام العسكر باغتيال نائب عام الانقلاب هشام بركات، الذي كان صاحب الإذن القضائي في فض الاعتصامين، بغرض تسريع إعدامات المعتقلين، وفي 12 أغسطس من العام ذاته سُمي ميدان "رابعة" باسمه "ميدان هشام بركات" رسميًا.

وفي 12 أغسطس 2015، أُحيلت للجنايات هزلية بعنوان "الفض المسلح لرابعة" تضم 739 متهمًا أبرزهم مرشد "جماعة الإخوان"، الدكتور محمد بديع، والذي اعتقلته سلطات الانقلاب والعديد من قيادات الإخوان في أماكن وأوقات متفرقة عقب مجزرة الفض، بتهم ملفقة بينها القتل وارتكاب عنف، ولم يصدر حكم فيها بعد.

في الذكرى الثانية لمجزرة الفض في 14 أغسطس 2015، قالت "هيومن رايتس ووتش"، الدولية في تقرير لها بعنوان "ينبغي إقرار تحقيق دولي في مذبحة رابعة"، إن "السلطات المصرية لم تحتجز أي مسئول حكومي أو أي فرد من قوات الأمن، المسئولة عن القتل الجماعي للمتظاهرين، في ميدان رابعة العدوية بالقاهرة منذ عامين".

ولم تفتح سلطات الانقلاب – بالطبع- أي تحقيق في ضحايا فض الاعتصامين، وفق بيانات حقوقية ومعارضة سابقة، دون إبداء أسباب، بينما فتحت عشرات القضايا بالقاهرة والمحافظات لأنصار الشرعية في الاعتصام.

وإلى اليوم، تخرج مسيرات عديدة و"سلاسل بشرية"؛ لإحياء ذكرى مجزرة رابعة والنهضة في أحياء مختلفة بمصر تواجهها ميلشيات العسكر بالرصاص، فيما تنظم بشكل دوري "سلاسل بشرية" تحمل إشارة "رابعة"، وصورًا للرئيس المنتخب محمد مرسي بقرى وأنحاء نائية بالبلاد.

أين العدالة؟

في الذكرى الثالثة، تراجعت آليات الحشد، بشكل لافت مع قيود قانون التظاهر والمواجهات الأمنية للمخالفين، وتركزت عبر منصات التواصل الاجتماعي لنعي ضحايا الاعتصام.

وفي 14 أغسطس 2016، طالبت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، البرلمان بإصدار قانون للعدالة الانتقالية، ليسمح بفتح تحقيق جديد ومحايد في واقعة الفض، وهو قانون بحسب الدستور يلزم إصداره، ولم يقدم البرلمان تفسيرًا لتأخيره حتى الآن.

وتحل الشهر القادم يناير الذكرى السابعة لثورة 25 يناير، وقال مراقبون إنه مع مرور الوقت دون محاكمات للقتلة، تحول الضحايا لمجرمين، وأعربوا عن أملهم في تحويل أسماء الضحايا إلى شخصيات، ووقائع حية ومشاعر إنسانية، تُجسدها أعمال فنية وأدبية.

المصدر