السقوط الصهيوني المرّوع في الشمال

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
لم تعد النسخة القابلة للطباعة مدعومة وقد تحتوي على أخطاء في العرض. يرجى تحديث علامات متصفحك المرجعية واستخدام وظيفة الطباعة الافتراضية في متصفحك بدلا منها.


من المؤكد أن الحملة الصهيونية على شمال القطاع تأتي في سياق مخطط وقرار إستراتيجي هو أبعد من إيقاف صواريخ القسام بالرغم مما أحدثته الصواريخ من إرباك واضطراب في أمن المغتصبات وخاصة سديروت، فالحملة تعكس قرارًا أمريكيًا صهيونيًا يقوم على:

أ- حرمان الشعب الفلسطيني من امتلاك وسائل قوة تحمي المقاومة وتردع العدو.

ب- حرمانه من قطف ثمرة مقاومته وانتفاضته التي دخلت عامها الخامس، وعدم تكرار نموذج الانسحاب من الجنوب اللبناني تحت وطأة المقاومة .

ج- حرمانه من أي وحدة حقيقية تؤمّن صموده وتوفر لشعبنا عناصر القوة والثبات في وجه الهجمة الصهيونية.

هذه هي الأبعاد الحقيقية للحملة الشرسة التي يتعرض لها شعبنا في شمال القطاع الصامد وفي كل مكان، وترجمة للمخطط بملامحه السابقة تم إعلان أهداف الحملة الإجرامية والتي تمثلت في:

أ- إيقاف صواريخ القسام .

ب- تقويض المقاومة الفلسطينية .

ج- ضرب حركة حماس.

د- إيجاد حزام آمن في شمال القطاع.

وبدأت آلة الحرب الصهيونية تعمل من الجو والبر فتقتل وتدمّر وتغتال وتقصف البيوت الآمنة بغية تحقيق هذه الأهداف، وسخّر العدو ماكينة إعلامية هائلة تساند حملته الإرهابية، ثم جاء الفيتو الأمريكي مساندًا للعدوان، ودليلاً على مشاركة أمريكا في الحرب القذرة ضد الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة.

وتصدى أهلنا والمجاهدون من أبناء شعبنا في الشمال وفي مقدمتهم كتائب الشهيد عز الدين القسام وصمّموا على رد العدوان وإيقاف توغله مهما كلف ذلك من ثمن، والثمن كان عزيزًا من الشهداء والجرحى والبيوت المدمرة والأراضي المجرّفة، ولكن الصورة العظيمة التي ترسخت في أذهان الشعب والأمة عن شمال القطاع كانت كبيرة وعظيمة، مع اليقين بان الدماء الطاهرة لن تذهب هدرًا.

والسؤال المطروح بعد مرور اثني عشر يومًا على الحملة المسعورة، هل حقق العدو أهدافه المعلنة؟ وهل استطاع أن يمرر مخططه الإستراتيجي المذكور أعلاه؟ الوقائع على الأرض والحالة الشعبية العامة تؤكد فشل حملة (أيام الندم) بالرغم من جسامة التضحيات، وهذا يتضح من خلال التجليات التالية:

1- فصواريخ القسام ما زالت تتساقط على مغتصبة سديروت، ويجري إطلاقها من بين الدبابات وفي ظل تلبد الأجواء بمختلف أصناف الطيران وخاصة (الزنانة) التي تحولت إلى طائرة حربية بما تقوم به من عمليات قصف للأفراد والتجمعات.

2- استمرت المقاومة بكل حيويتها، وتمكن المجاهدون من أبناء القسام من توجيه ضرباتهم خلف خطوط العدو وتنوعت وسائل المقاومة، وأظهر المجاهدون بأسًا شديدًا وفدائية فذة، إضافة إلى فشل العدو في ضرب البنية التحتية للمقاومة لأن الشعب الفلسطيني بات يشكل البنية الصلبة للمقاومة، ولم تعد بنية المقاومة محصورة في خلاياها أو مجموعاتها المقاتلة أو وسائل المقاومة التي تملكها- على أهميتها-، وقد تحّول القطاع من جنوبه إلى شماله ساحة إسناد للأهل في الشمال على الصعيد الجهادي والسياسي والإعلامي والخيري والإنساني؛ لأن المعركة هي معركة الجميع التي يجب أن ينتصر فيها الشعب والمقاومة بإذن الله، ثم امتد هذا الإسناد إلى مدن الضفة الغربية والمخيمات الفلسطينية في لبنان وإلى عواصم عربية عديدة.

3- حماس باتت شوكة في حلق العدو وموئلاً للمجاهدين، ومعقلاً لآمال الجماهير، ومحور الارتكاز في المواجهة مع العدو وقطب الرحى في حماية وحدة شعبنا وتعزيزها في ميدان المواجهة، على أن مفهومنا يقوم على أساس أن المستهدف ليس حماس فحسب في هذه الحملة بل وأيضًا كل فصائل المقاومة وكافة أبناء شعبنا الذي شكلوا الشرعية الحقيقية للانتفاضة والمقاومة، ومثلوا الخزّان المتدفق الذي تستمد منه المقاومة وسائل قوتها وعناصر استمرارها.

4- وأما الحزام الآمن: فالجنود الذين يخشون النزول من دباباتهم أضعف من أن يقوموا ببناء حزام آمن، وقوة جيشهم لن تتمكن من فعل ذلك، فالمقاومة والشعب والأرض سوف تلفظ هذا الوجود الباطل ولن تسمح له بالبقاء.

إذًا- بفضل الله- ثم ثبات المجاهدين وصلابتهم في وجه العدوان واحتضان شعبنا للمقاومة وبذلهم الغالي والنفيس شكل درعًا قويًا في وجه الحملة الشرسة، وهدمت جدار أيام الندم، والتي حولتها المؤسسات الإسلامية- يحفظها الله- إلى أيام فرج وتعاون وبذل وإنفاق في سبيل الله.

وأمام ذلك فإننا على يقين بأن العدو سوف يتراجع ويندحر، ولن يتمكن من الاستمرار في هذا المخطط الجبان، بل إن التطورات الحاصلة تنبئ بواقعٍ يتشكل على خلاف ما يخطط العدو، والقبضة الحديدية التي يستخدمها ضد شعبنا في كل أماكن تواجده بما فيه شمال القطاع، لن تحقق أهدافها بل ستكرس المأزق السياسي والأمني لشارون وحكومته، وسوف توسع من رقعة العداء للكيان الصهيوني خاصة وهم يرون الآتي:

5- قدرة المقاومة على الصمود، والعمل بهذه الجرأة والفدائية العالية.

6- اتساع دائرة العداء للكيان الصهيوني فالشعب الصهيوني لم يعد آمنًا حتى خارج فلسطين المحتلة، وما حصل في طابا يدلل على ذلك، فالأمة لا يمكن أن تبقى عاجزة أمام المجازر التي يتعرض لها شعبنا وللتحدي السافر لمشاعرها ومكوناتها الحضارية والثقافية.

7- إلى جانب أن التصعيد ضد المقاومة وارتفاع وتيرة الاستهداف أدى إلى مزيد من الالتفاف حول المقاومة والمجاهدين، بل وتحولت إلى عنوان الشرعية للشعب الفلسطيني؛ كونها تمثل النسيج الحقيقي لفصائل المقاومة بمختلف تياراتها السياسية، وهي المعبّر الحقيقي عن إرادة وتطلعات شعبنا في الحرية والعودة والتحرير.

فلنستبشر بنصر الله وتأييده، فان أصابنا قرح فقد أصاب القوم قرح مثله، وأكد الله سبحانه قوله ﴿وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لا يَرْجُونَ﴾ (النساء: 104).


ثبتكم الله إخواننا وأهلنا في الشمال وأيدكم ونصركم وأعزكم وأخزى عدوكم، وتقبل الله الشهداء وأسكنهم فسيح جناته مع الذين أنعم الله عليهم مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقًا.

المصدر : إخوان أون لاين