الزعاترة: وجدل أربع سنوات على انتفاضة الأقصى!!

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث


عندما اندلعت انتفاضة الأقصى قبل أربعة أعوام كان مشروع أوسلو قد أتمَّ عامه السابع، وهو الذي بدأ عمليًا بحفل التوقيع الشهير في 13/9/1993 م، فيما كانت القضية الفلسطينية قد تحولت إلى لون من المماحكات بين جارين يختلفان حول قضايا الحدود والثروات والعلاقات الثنائية، وبات العالم على ما يشبه اليقين بأن زمن الصراع "الشرق أوسطي" قد انتهى، فيما بات الصهاينة يسنُّون أسنانهم لاختراق المنطقة والهيمنة عليها بعد أن لم يعد ثمة ما يبرر القطيعة بينهم وبين العالم العربي والإسلامي، بل إن الدولة العبرية قد حصدت من الاعتراف والعلاقات الثنائية مع دول العالم ما عجزت عن إنجازه خلال أربعة عقود.

جماهير حماس

بالنسبة للفلسطينيين كان المشهد مؤلمًا إلى حد كبير، فالمغتصبات كانت تتوسع على نحو مجنون، فيما لم يكن ما قدموه من تنازلات ضخمة للصهاينة- وعلى رأسها الاعتراف لهم بما نسبته 78% من أرض فلسطين التاريخية كافيًا- وها هو العدو يطالبهم بالتنازل عن أجزاء أخرى مما تبقى، بل إن ما يطالب به عمليًا هو أهم الأراضي التي تحوي مصادر المياه، فضلاً عن كونها تفتت الكيان الفلسطيني إلى كانتونات في شبه عزلة عن بعضها البعض.

حصل ذلك على رغم كل ما قدموه على الصعيد الأمني حيث تمكنوا من تحقيق الأمن للصهاينة حين عجزوا هم عن تحقيقه، ووضع أروع مجاهدي الشعب الفلسطيني في السجون كرمًا لعيون الالتزامات السياسية، لكن ذلك لم يكن كافيًا كي يحصلوا على دولتهم ذات السيادة على 22% من أرضهم المحتلة عام 67 بما في ذلك الجزء الشرقي من القدس، فضلاً عن عودة اللاجئين كما تنص القرارات الدولية.

كان الفلسطينيون كشعب يتعايشون مع سلطة عشَّش فيها الفساد برعاية الصهاينة أنفسهم، ومن ثم كانت معاناتهم تكبُر، لكن الأكثر إثارة للقهر بالنسبة لهم هو العرض الذي قدم لهم في ختام السنوات السبع العجاف، والذي كان عبارة عن كيانٍ مجزأ الأوصال بلا سيادة بمُسمى دولة على أقل من ثلثي مساحة الأراضي المحتلة عام 67 مع تقسيم للجزء الشرقي من القدس وتقسيم للمسجد الأقصى ومن دون عودة اللاجئين.

كان من الطبيعي والحالة هذه أن يقولوا لا، سيما عندما رأوا بأم أعينهم كيف تحقق المقاومة انتصارها التاريخي في جنوب لبنان، وهنا كان لا بد من الانتفاضة التي لا تبدو لحظة اندلاعها سوى مسألة هامشية باستثناء ما تعنيه عمليًا من سخط فيما يتعلق بمطالب الصهاينة للمرة الأولى بالسيطرة على المسجد الأقصى، سيما وهي تأتي في ظل صحوة إسلامية واسعة في المجتمع الفلسطيني، هي جزء من صحوة مماثلة في العالم العربي والإسلامي.

اندلعت الانتفاضة وكان الإجماع غير المسبوق في الشارع الفلسطيني على الوقوف في خندق المقاومة ، وكانت أعوام من البطولة غير مسبوقة أيضًا في التاريخ الفلسطيني، كما هي غير مسبوقة من ناحية المعاناة والخوف والتهديد الوجودي في تاريخ الدولة العبرية.

أربعة أعوام خسرت فيها الدولة العبرية الكثير، سياسيًا واقتصاديا وبشريًا، فيما ربح الفلسطينيون أنفسهم رغم المعاناة والتضحيات، وأكدوا للعالم أجمع أنهم شعب حي لا يقبل الذل ولا الهوان، وأن لا شارون ولا بوش ولا أي طاغية سيكون قادرًا على فرض الذل والاستسلام عليهم.

لم يخسر الفلسطينيون المعركة كما يروج دعاة الهزيمة؛ لأن الهزيمة في حق شعب يقاوم احتلالاً مدججًا بأدوات القوة لا يمكن أن تقع إلا في حال استسلام ذلك الشعب، وهو ما لم يحدث، إذ أثبت الفلسطينيون قدرتهم على صناعة الانتصار لو توفرت القيادة الجيدة والظرف العربي والدولي المعقول.

أربعة أعوام كانت حافلة بالبطولة وفيها الكثير من التضحيات والمعاناة، لكن البطولة كانت سيدة الموقف، حيث تسيّد الفلسطينيون المشهد برمته، وجاءت المقاومة العراقية السائرة على دربهم لتمنحهم أفقًا جديدًا بهزيمة الدولة التي توفر أدوات القوة لعدوهم، ومن ضمنها الغطاء السياسي والدعم الاقتصادي.

الفلسطينيون لم يشعروا طوال السنوات الأربع الماضية أنهم منهزمون، على العكس من ذلك فقد شعروا بالفعل أنهم المنتصرون، لأن فارق القوة الرهيب بينهم وبين عدوهم لا يوصف، لكن بطولتهم وصبرهم وصمودهم كانت أكبر من قدرة عدوهم على هزيمتهم، فكانت له الخيبة ولهم نياشين الانتصار، حتى لو لم يكن بمعناه الحرفي على الأرض، لأن الصمود في معركة كهذه لا يمكن إلا أن يكون انتصارًا وأي انتصار.

المصدر :

  • المقال للكاتب والمفكر الأستاذ ياسر الزعاترة

إخوان أون لاين