الرسالة الاسبوعية للاخوان المسلمين

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
الرسالة الاسبوعية للإخوان المسلمين


الاربعاء,13 أغسطس 2014

كفر الشيخ اون لاين | خاص

هذا الأسبوع

الصمت الحرام

والإعلان الصهيوني عن تحالف دول جوار السُنة معها

دعونا نحلم للحظة واحدة كيف ستكون هذه الأرض المضطربة (فلسطين) وكيف ستبدو بعد الاتفاق مع هذين الشعبين ..

اسمحوا لي أن أحلم أيضا.

تخيل لو يكون بمقدوري أن أسافر على متن طائرة من الرياض، وأطير مباشرة إلى القدس ، وأستقل حافلة أو سيارة أجرة، وأذهب إلى قبة الصخرة أو المسجد الأقصى، وأؤدي صلاة الجمعة، ثم أقوم بزيارة حائط المبكى وكنيسة القيامة، وإذا ما سنحت لي الفرصة في اليوم التالي، فبإمكاني أن أزور قبر إبراهيم في الخليل، وقبور الأنبياء الآخرين عليهم السلام جميعا، ثم أتابع طريقي وأزور بيت لحم مسقط رأس السيد المسيح، وأن يكون بمقدوري أن أواصل طريقي لزيارة متحف (يادفاشيم) كما زرت متحف المحرقة في واشنطن ويا له من سرور أن أتمكن من توجيه الدعوة، ليس للفلسطينيين فقط، بل للإسرائيليين الذين قد التقي بهم أيضا للمجيئ وزيارتي في الرياض، حيث بمقدورهم زيارة موطن أجدادي في الدرعية الذي عانى على يدي إبراهيم باشا ذات المصير الذي عانت منه القدس على يد نبوخذ نصر والرومان.

هذه فقرة من مقال نشرته صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية بعنوان (مبادرة السلام لا تزال توفر إطارا للسلام) في 7/7/2014م للأمير تركي الفيصل يحث فيها الحكومة الإسرائيلية على قبول مبادرة السلام التي قدّمها العاهل السعودي عام 2002 م وأقرتها الجامعة العربية وذهب وفد عربي إلى إسرائيل لنقل المبادرة مباشرة إلى شعبها وكما جاء في المقال وتجاهلتها إسرائيل رغم أنها كانت في صميم الرؤية التي وضعتها الجمعية العمومية للأمم المتحدة في قرار التقسيم عام 1947 م والتي فشل المجتمع الدولي في تنفيذه .. والنتيجة على حد وصفه (هي مأساة إنسانية للفلسطينيين الذين يعيشون تحت وطأة الاحتلال الإسرائيلي الظالم، وأيضا للإسرائيليين المحاصرين في وضع سيزيد مع مرور الوقت من عزلتهم الدولية).

عندما يكتب شخصا بحجم الأمير تركي الفيصل رئيس المخابرات السعودية الأسبق والسفير بعدها في أهم عاصمتين عالميتين هما لندن وواشنطن، فلابد أن يتوقف المراقب أمام كل كلمة يقولها أو يكتبها وأمام كل تعبير أو وصف يأتي في سياق كلماته، فقد جاءت فترة من الزمان في أوج فترات الأمة والعالم وهي نهايات الصراع بين الغرب والاتحاد السوفييتي وكان الرجل وقتها من أهم الشخصيات الفاعلة والعاملة والعالمة ببواطن الأمور ليس في بلده فقط ولا في المنطقة العربية أيضا بل على مستوى القمة في هذا الصراع، والرجل أيضا كان من معارضي العدوان الإسرائيلي على غزة عام 2006م وما زال من معارضي (الدعم التلقائي من الحكومة الأمريكية وبعض الحكومات الأوروبية لنتن ياهو ليضيف المزيد من القسوة وخدمة المصالح الشخصية) وهو يقصد مصالح نتن ياهو كما جاء في مقال له آخر يدين فيه حرب هذا العام 2014م رغم قوله عن حماس (أنها كررت أخطاء الماضي – فإن الصواريخ التي ترسلها على إسرائيل – حتى إذا وصل أحدها إلى تل أبيب لا تشكل خطرا على إسرائيل ولكنها تعرقل القضية الفلسطينية).

استدعاء التاريخ في مقال الأمير تركي الفيصل وربط ما حدث في القدس عام 586 قبل الميلاد في حرب الدولة البابلية ضد الآشوريين أي قبل 2600 عام ومسارات ما حدث في مدينة الدرعية عام 1819 بعد الميلاد بأمر الخليفة العثماني (كولي أمر للمسلمين وقتها) لوأد تمرد في دولته قبل 195 عاما أمرا يفتح مجالات لأسئلة لا إجابة مريحة لأحدها، غير أنه من الواضح أنها تريد إعطاء حقا تاريخيا للتيار السياسي الصهيوني في ما يفعله الآن في مدينة القدس التي يقوم الكيان كله (نتن ياهو ومعارضيه) بالعمل على هدم المسجد لإقامة هيكلهم المزعوم مكانه.

ثم ماذا يربط حائط المبكى بقبور الأنبياء ومسقط رأس المسيح عليه وعليهم جميعا سلام الله وصلواته ومتحف (يادفاشيم) وأيضا متحف المحرقة في واشنطن، ولماذا تجاهل رجل بحجم (مؤسسة أو دولة) كالأمير السعودي الإشارة ولو من باب المساواة على الأقل إلى تمني زيارة معالم قرية دير ياسين التي تقع في أكناف المسجد الأقصى وتم ذبح أهلها جميعا رجالا ونساءً وأطفالا في 9/4/1948م على يد العصابتين الصهيونيتين آرخون وشتيرن غدرا بعد توقيع معاهدة سلام طلبها رؤساء المستوطنات اليهودية المجاورة ووافق عليها أهل القرية استجابة لنداء سلام وهم لم يكونوا بأي حال من الأحوال من نسل البابليين الذين انسحبوا من منطقة الشام كلها بعد هزيمتهم على يد الفراعنة المصريين في معركة على الأرض الموعودة (غزة!!) فيما يُعْرف بالحرب المصرية البابلية عام 601 قبل الميلاد أي بعد خمسة عشرة سنة مما حدث للقدس وهو التاريخ الذي سجلته الألواح الأثرية التي تم العثور عليها، وفارق كبير بين تحقيق الروايات والأسباب بين القديم من الأحداث وبين ما تم تسجيله موثقا عام 1948 بعد الميلاد وما زال بعض شهوده أحياء وما كان عام 586 قبل الميلاد وعلى ألواح يقول الأثريون أنها لم تكتمل.

قائمة المحارق والمجازر الأخرى التي لحقت بمذبحة دير ياسين على أيدي الصهاينة كثيرة كصبرا وشاتيلا في لبنان وأحياء الشجاعية ورفح وخزاعة في غزة هذا الأسبوع والتي لم يأتي لها ذكر في مقال الأمير تركي الفيصل المنشور في هآرتس ولا في المقال الأخير الذي نشرته جريدة الشرق الأوسط بتاريخ 25 يوليو 2014م أثناء المعارك في غزة بعنوان (نحلم بقيادات فلسطينية أشد حذرا) مخطئاً حركة حماس لعدم قبولها المبادرة المصرية لوقف القتال والتي تضمنت نزع سلاحها ويقول فيها (إن معرفة أن أهل غزة سيتعرضون لسفك الدماء الوحشي والمعاناة، كان يجب أن يحد من غطرسة حماس لكنه لم يفعل، وكذلك استعداد حماس للتسبب بقدر كبير من المعاناة قبل العودة الحتمية إلى الهدنة أو وقف إطلاق النار، يظهر بجلاء هوة اللامبالاة التي سقطت فيها حماس)، ثم يأتي الأخطر في نفس المقال عندما تتطابق رؤية المسؤول السعودي السابق مع السياسة السعودية الآن تجاه بعض معارضيها على مستوى السياسة الخارجية بقوله (كما أن تماهي حماس مع الموقفين التركي والقطري هو أيضا سوء تقدير آخر، فقيادات هذين البلدين تبدي اهتماما أكبر بالكيفية التي يمكن أن تُحْرم بها مصر من دورها القيادي الشرعي، بدلا من منع نتن ياهو من إنزال الموت والدمار على أهل غزة).

لن نجادل الأمير تركي ابن الملك فيصل في رؤاه حول قضية فلسطين التي تختلف حسب ما يكتبه مع رؤية الوالد الراحل والذي كانت قضية فلسطين وحقوق شعبها الكاملة هي قضيته وقضية دولته وقضية العرب والمسلمين وبإجماع غير منقوص، ولا حول الدور القيادي الشرعي المزعوم لمصر السيسي الآن، وحتى مخالفة الأمير لنتن ياهو كشخص لا يُعَّول عليها أحد وتبقى صدمة أحداث العدوان على غزة الأخيرة وتعاون السعودية مع دول سُنية رئيسة في المنطقة مع حكومن نتن ياهو وهي مصر والأردن والإمارات كما جاء في جريدة (جيروزاليم بوست) 4/8/2014م قائمة .. هذه الصدمة التي توجه الاتهام مباشرة لهذه الدول وقادتها يفاقمها موقف آخر أشد نكالا عندما تعطي هذه الدول الوكالة الحصرية للتصرف في القضية نكاية في حركة حماس لقائد الانقلاب العسكري في مصر السفاح عبد الفتاح السيسي، مع اتهام الحركة بالأسلوب المباشر وغير المباشر بأنها ترفض السلام مع تأكيد السيد إسماعيل هنية رئيس الوزراء السابق وباستحضاره لخيانات الصهاينة وغدرهم بداية من دير ياسين إلى باقي مصائبهم بأن نوع السلام الذي يرفضونه هو الذي يريد الكيان الصهيوني الحصول عليه عن طريق ضغط دول الجوار ومحاصرتهم لقطاع غزة بعد أن فشلت الآلة العسكرية في فرضه، وتأتي قمة الخذلان عندما يكون الجنرال السيسي هو الوكيل ولا يتراجع القوم عندما يأتي تعريفه على لسان (رافيف دروكر) المعلق السياسي في القناة العاشرة الإسرائيلية على مسارات العدوان الأخير بالقول (بأن إسرائيل توقعت موقفا مؤيدا من السيسي الذي ارتبط بتحالف شجاع مع نتن ياهو، لكنها لم تتوقع أن يصبح صهيونيا!!).

قد يكون السكوت أحيانا من ذهب كما تقول حكمة إنسانية، أما أمام مشهد الحرب الأخيرة على غزة والشعب الفلسطيني ومستقبله ومستقبل المنطقة كلها والمقدسات الإسلامية والمسيحية التي تتعرض للامتهان، ثم تنهال الترحيبات الصهيونية بحلفائهم ويتم سوقها بأدلة يراها العدو والصديق ويعيشها الشعب في فلسطين، فإن الصمت عليها ممن توجهت إليهم سهام البينة بحجة أن العدو المشترك بينهم هي حركة حماس، فإنه باليقين .. الصمت الحرام.

ما قل ودل

بيان السادة العلماء الثمانين السعوديين في 7 شوال 1435هـ الموافق 4/8/2014م ويطلبون فيه نصرة غزة قد أزاح كابوس الاتهام لعلماء أهل السنة بالتحالف مع الكيان الصهيوني، وندرك أنه جهد المقل ولكنه يستحق الإشادة، بعد إعادة نشر بيان المفتي بعدم الموافقة على خروج الجماهير في الشوارع تعبيرا عن رأيهم نصرة لأهل فلسطين، ولا ينتقص من هذه الإشادة تعميم الإشارة إلى دور الدول غير المسلمة في نصرة الكيان الصهيوني وهي التي خرجت بعض شعوبها في مظاهرات واعتصامات كبيرة تعارض فيها السياسات الرسمية، ودفعت ملك وملكة السويد إلى الخروج على رأس مسيرة شعبية هائلة تنديدا بممارسات الكيان الصهيوني كما دفعت وزيرة بريطانية بالاستقالة من عملها احتجاجا على سياسات بلدها وهو ما لم يفعله وزير أو مسؤول في بلاد العُرْب والمسلمين.

الكذب الحرام

كتب كذبا وليد عبد الرحمن في جريدة الشرق الأوسط يوم 2/8/2014 أن فضيلة المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين محمد بديع أفتى للمعتصمين في رابعة بما يُسمى "جهاد النكاح"، وتلقفت وزارة الأوقاف المصرية التابعة لجنرال الانقلاب السيسي الخبر لتقول أن ما يُشاع عن فتوى أصدرها تنظيم "داعش" في العراق مشابهة للفتوى الكاذبة المنسوبة لفضيلة المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين يدل على أن الخداع باسم الدين سمة بين "داعش" والإخوان.

لا ندري مدى صدق ما نُسب إلى تنظيم "داعش" ولا ندري أصلا شيئا عن التنظيم ولا نحكم عليه لأنه لا توجد لدينا معلومات صحيحة وموثقة عنه، ومع ذلك فإننا نرفض ونستنكر دينا وشرعا وعرفا ما يُنْسب إلى "داعش" من ممارسات تجاه الإخوة العراق يين المسيحيين وباقي المعارضين له من أي ملة أو نحلة، ولكن الذي ندريه أن كلمة فضيلة المرشد العام للمعتصمين في رابعة كانت مذاعة على كل وسائل الإعلام العالمية، وما ندريه أيضا أن افتراء الكذب على الجماعة سيستمر برغم بأنه ليست بينها وبين أحد حربا مشروعة لا مُعْلنة ولا خفية وأن كل ما يُنْسب إليها بسوء عن عمد هو كذب حرام نفوض الله أمرنا فيه.

مقال الأسبوع

رسالة المسلم في حياته

بقلم: الأستاذ جمعة أمين عبد العزيز

نائب المرشد العام للإخوان المسلمين

من الأمور المسلّم بها أنه لا بد للمسلم من باعث قوي، ألا وهو الاعتقاد الجازم بأن رضا الله سبحانه وتعالى وبراءتنا أمامه يوم العرض عليه يوجبان على كل مسلم العمل المتكاتف الموحد لأداء التكاليف الشرعية عامة، ولإعلاء كلمة الله تبارك وتعالى خاصة، وفق الفهم السليم والصحيح للإسلام، ونه ينبني على هذا الباعث أن تكون كافة الممارسات نابعة من المنطلق التعبدي لله رب العالمين.

وبهذا الفهم فإنه يصبح لنا في هذا الوجود رسالة نسعى جميعًا إلى تحقيقها، وذلك بالعمل على أن تكون كلمة الله هي العليا، وذلك بأن تسود قيم وأحكام الإسلام وشرائعه في ربوع العالم، بدعوة أساسها الحكمة والوعظة الحسنة، حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله، وذلك بالنهوض بالأمة الإسلامية لتتبوأ مكانتها التي خلقنا من أجلها التي عبّر عنها ربعي بن عامر، حين قال: (إن الله ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله، ومن جور الحكّام إلى عدل الإسلام، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة). وبذلك نقوم بواجب الشهادة على العالمين (لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ ويَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا)(البقرة: 143)، ولا يتحقق ذلك إلا بالتعاون والوحدة بين الشعوب المسلمة للقيام بالتكاليف والواجبات الشرعية.

ومن أهم النجاحات: معرفة طبيعة المرحلة، وطبيعة المعركة، والنظر في الإمكانات المتاحة، والاستفادة منها، وترتيب أولوياتها، فضلًا عن معرفة الفرص المتاحة التي يجب الاستفادة منها لإزالة المعوقات التي تصد عن وضع مشروع إسلامي حضاري إستراتيجي شامل لكل متطلبات الأمة ورؤية كاملة لهمومها ومشاكلها وأسس تقدمها وقوتها، وليكون الإسلام مشروعًا قوميًّا للأمة لا مشروع جماعة فحسب، وطرحه على الأمة كحل أصيل وبديل ومتميز عن المشروعات الأخرى التيأثبتت فشلها.

ويضبط سيرنا لذلك أولويات من أهمها:

1) وضوح الرؤية وضوحًا لا لبس فيه ولا غموض.

2) تفهم الأفراد والقيادات بمستوياتها المختلفة الأهداف الكبيرة التي نسعى إلى تحقيقها.

3) الارتقاء والاهتمام بالعمل المؤسسي، وغير ذلك من الأمور الهامة.

إن أمتنا الإسلامية التي تدين بالإسلام عقيدة وشريعة، وتسعى جاهدة نحو التطبيق الكامل له شعيرة وشريعة كمنهاج حياة، وتمثل الدولة النموذج للفكر الإسلامي الصحيح حسب ما نعتقده ونؤمن به ونسعى إلى تحقيقه تدرجا دون إكراه أو عنف، عاملين بإخلاص إلى تلافي الصعاب والحرب التي يشنها أعداء المشروع الإسلامي لإفشاله أو تعويقه وتشويهه وما هم ببالغيه بإذن الله.

لقد أقيمت الدولة في الإسلام بجهد بشري عبر عملية طويلة متدرجة تم خلالها صياغة مجتمع متكامل -كيان أمة- انطلاقًا من عقيدة التوحيد، فالأمة الإسلامية هي جموع الشعوب الإسلامية التي تدين بالإسلام، ولما كان جوهر وظائف الدولة الإسلامية هو رعاية القيم الأساسية الإسلامية، ويعتبر تحقيق وممارسة تلك الوظائف بمثابة إنجاز، وفي الوقت نفسه تحقيق للمقاصد الشرعية، وبديهي أن المقاصد الشرعية مشتقة من القيم الأساسية، وهي: حفظ الدين في المقام الأول، ولذلك كان بداية العمل يبدأ مع النفس والقلب ليستوي نظامه ويقوم على عقد الإيمان وعقد الأخوة.

إنّ النفس الإنسانية، كما تحمل نوازع الخير، فإنها تحمل نوازع الشر، فالصراع يبدأ من داخل النفس، فإذا حُسم هذا الصراع لصالح الحق والخير والعدل تحقق الأمن والأمان على الأرض (الَّذِينَ آمَنُوا ولَمْ يَلْبِسُوا إيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وهُم مُّهْتَدُونَ) (الأنعام)، وإلا تحقق الخسران الذي يبدأ بخسارة النفس (قُلْ إنَّ الخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وأَهْلِيهِمْ يَوْمَ القِيَامَةِ أَلا ذَلِكَ هُوَ الخُسْرَانُ المُبِينُ) (الزمر).

من أجل ذلك كانت رسالة الرسل والأنبياء من قبل مخاطبة الفطرة السليمة، والعقول الرشيدة، بالحجة والبرهان، مخاطبة هادئة حتى يعرفوا ربهم ويثوبوا إلى رشدهم ليعودوا إلى دار السلام، ولا يتحقق ذلك إلا بالإقناع والعلم والنظر والتأمل، والتفكير والتدبر، لأنه لا توجد سلطة تجبر الناس على الإيمان (أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) (يونس).

وإنما هو سلطان العقل، وقوة الحجة والبرهان، خاصة وهي دعوة تأمر بالخير وتنهى عن الشر، وتحل الطيبات وتحرم الخبائث، وتضع عن الناس إصرهم والأغلال التي كانت عليهم، جاء بكل ذلك داعٍ يدعو إلى الله، هو رسولنا صلى الله عليه وسلم الحريص على الناس كافة (يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ ويَنْهَاهُمْ عَنِ المُنكَرِ ويُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ ويُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الخَبَائِثَ ويَضَعُ عَنْهُمْ إصْرَهُمْ والأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وعَزَّرُوهُ ونَصَرُوهُ واتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ) (الأعراف).

ونهج الدعوة إلى الحق بالحكمة والموعظة الحسنة دون إكراه أو إلزام، ليس نهج رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم فحسب، بل هو نهج إخوة له من قبل سبقوه وواصل هو المسير على الدرب نفسه حتى أتم الله به النعمة، وأسس النظام على التقوى (أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ ورِضْوَانٍ خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ واللَّهُ لا يَهْدِي القَوْمَ الظَّالِمِينَ) (التوبة).

ففي خطاب نوح عليه السلام إلى قومه (قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إن كُنتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وآتَانِي رَحْمَةً مِّنْ عِندِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وأَنتُمْ لَهَا كَارِهُونَ) (هود)، وفي خطاب إبراهيم عليه السلام لأبيه (يَا أَبَتِ إنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ العِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا) (مريم)، وفي خطاب يوسف (يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الوَاحِدُ القَهَّارُ) (يوسف).

ورسولنا صلى الله عليه وسلم في هذا النهج ليس بِدعًا من الرسل – كما ذكرنا -، فلقد أدبه ربه فأحسن تأديبه، فحين أمره ربه بالبلاغ والإنذار لم يتركه يختار أسلوب الدعوة فيالتبليغ والنذارة وهو صلى الله عليه وسلم من هو صاحب الخلق العظيم والسلوك الحميد، والعقل الراجح، والحكمة البالغة، ومع كمال الصفات الإنسانية فيه، تجد المولى يحدد له منهج الدعوة، بالحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتيهي أحسن، ليكون منهاجًا ربانيًّا ما كان للدعاة الخيرة فيه، والالتزام به واجب شرعيتعبدي، من خالفه حاد عن الصواب وخالف نهج المصطفى صلى الله عليه وسلم.

وهذا المنهج في الدعوة إلى الله، خطواته مرسومة، وقواعده محددة، وأصوله معلومة، من طبقه بفقه وبصيرة فتح الله له القلوب الغلف والأعين العمي، والآذان الصم، فتهفو نفسه المدعوة لهذا الخير، فيحبب الله له الإيمان ويزينه في قلبه، ويكرّه إليه الكفر والفسوق والعصيان، ويجعله من الراشدين، فضلًا من الله ونعمة.

كل ذلك بالحجة، والكلمة المؤثرة، حيث يقول للمخالفين: (تَعَالَوْا إلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وبَيْنَكُمْ) (آل عمران: 64)، وللمجادلين: (قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ)(الأنبياء: 24)، وللمعاندين: (وَإنَّا أَوْ إيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلالٍ مُّبِينٍ) (سبأ)، فهو ليس في حاجة إلى السنان، بل هو في حاجة إلى البيان بكلمات هي قذائف الحق أشد من السيف، تسقط حجج المكذبين، وتنتصر على أسلحة الجاحدين، وتدحض شبهات المفترين: (بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى البَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإذَا هُوَ زَاهِقٌ) (الأنبياء: 18).

ذلك لأنه لا يمكن أن يقوم هذا الدين بمشروعه الإسلامي على إكراه الناس على عبادة الله، فالداعي إلى الله يوضح الطريق ويترك للناس أن تختار (فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن ومَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ) (الكهف: 29). وهذه هي إرادة الله في خلقه (ولَوْ شَاءَ رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) (يونس: 99). (ولَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الهُدَى) (الأنعام: 35). (قُلْ فَلِلَّهِ الحُجَّةُ البَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ) (الأنعام).

إنّ الإسلام لم يستخدم الإجبار على الدخول فيه بالسيف فحسب – كما يدّعون ويفترون -، بل إنه لم يستخدم القهر العقلي حتى يؤمن الناس به، فلم يأت رسولنا صلى الله عليه وسلم بخوارق العادات كإبراء الأكمه والأبرص وإحياء الموتى، أو أنه يضرب بعصاه حجرًا فتنفجر منه المياه، وإن كانت رسالته صلى الله عليه وسلم لم تخل من المعجزات.

لكنّ معجزته الكبرى الخالدة التي جاء بها، هي القرآن، وهو البرهان الدائم، سواء في وجود رسولنا الكريم صلوات الله وسلامه عليه أم بعد موته صلى الله عليه وسلم (وقَالُوا لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِّن رَّبِّهِ قُلْ إنَّمَا الآيَاتُ عِندَ اللَّهِ وإنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُّبِينٌ أَوَ لَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (العنكبوت).

بل إنّ الشريعة الإسلامية تقرر عدم الاعتداد بالإيمان الناشئ عن إكراه (فَلَمْ يَكُ يَنفَعُهُمْ إيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا) (غافر: 85).

ولقد نزلت الآيات وظهرت الدعوة الإسلامية بوضوح، تبين الحق من الباطل، وتقرر أن لكل إنسان حرية الاختيار، وأنه محاسب على اختياره (لا إكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الغَيِّ) (البقرة: 256)، ومهمة الرسول صلى الله عليه وسلم هي البلاغ (إنْ عَلَيْكَ إلا البَلاغُ) (الشورى: 48)، فليس له أن يجبر الناس على شيء(لَسْتَ عَلَيْهِم بِمُسَيْطِرٍ) (الغاشية)، (ومَا أَنتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ) (ق: 45)، إنها الدعوة ابتداءً، والتبيان والحجة انتهاءً طالما لا يعتدى عليها ويترك للداعي الحرية في ذلك.

إنّ المسلم في عهد رسول الله صلى الله عليه كان القرآن هو النبع الصافيالذييستقي منه، على الرغم من وجود حضارة الرومان واليونان والفرس والهند والصين، وكانوا يقرءون القرآن لا بقصد المتعة والثقافة، ولكن ليوضع موضع التنفيذ، حتى أن المسلم حين يدخل الإسلام كان يخلع على عتبته كل ماضيه في الجاهلية، ويقف أمام الإسلام عاريًا كيوم ولدته أمه ليكتسي بكسائه (ولِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ) (الأعراف: 26)، كل ذلك في مراحل متدرجة حتى لا يفرض على الناس هذا المشروع، بل هم الذين يطالبون به، ويدافعون عنه، ويحمونه ويفتدونه بأرواحهم.

من أخبار الدعوة

بيان من الإخوان المسلمين

مقاومة تنتصر ودعم واجب

(قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ).

بفضل الله تعالى ثم بفضل تضحيات أبطال المقاومة، وصمود شعب غزة العظيم، انتصرت المقاومة وأفشلت العدوان الأثيم لأقوى جيش في المنطقة، وكبدته خسائر فادحة في الجنود والضباط، حاول تغطيتها بمجازر وحشية في صفوف المدنيين أطفالا ونساء وشيوخا، وبتدمير المنازل والمساجد والمستشفيات والمرافق المدنية، وها هو يسعى إلى الانسحاب بعيداً عن حدود قطاع غزة حتى يتفادى المزيد من الخسائر.

والآن تصر المقاومة على تحقيق مطالبها العادلة من وقف العدوان الغاشم، وضمان عدم تكرره، ورفع الحصار الظالم عن القطاع، وفتح المعابر للسماح بدخول الأفراد والاحتياجات التي تساعد أهالي القطاع على العيش الحر الكريم كسائر الناس، وإعادة إعمار القطاع، وتحقيق الحقوق الإنسانية التي ضرب الكيان الصهيوني بها عرض الحائط، مسنودا ببعض قوى البغي والظلم.

وهي الحقوق التي ينبغي أن تنتفض الأمة كلها لدعمها، وأن تستخدم كل الدول العربية والإسلامية كل ما لديها من وسائل لتلبيتها فورا، نصرة لإخوانهم المظلومين، وعملا بالحديث الشريف: (الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يُسْلِمُهُ، ولا يَخْذُلُه، مَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللهُ فِي حَاجَتِهِ، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً، فَرَّجَ اللهُ عَنْهُ بِهَا كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ)، لا سيما وأن المقاومة تحفظ قضية فلسطين والقدس الشريف والمسجد الأقصى حية، وإن تخلى عنها الخائنون . كما أن المقاومة هي خط الدفاع الأخير عن مصر أيضاً، وهي التي تحول بين العدو الصهيوني وبين تحقيق مطامعه وأحلامه التوسعية من الفرات إلى النيل (إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ).

ولهذا يصبح التخاذل عن نصرة المقاومة ومحاولة الضغط عليها لإدخالها في حظيرة الذل والانبطاح والتبعية موقفا خائنا لله ولرسوله وللعروبة وللإنسانية، قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ).

وفي هذا الصدد فإننا نقدر ونثمن الموقف الحر والإنساني لشعوب ودول أمريكا اللاتينية وللشعوب الحرة في أنحاء العالم، ونؤكد على الشعوب العربية والإسلامية أن تهب لنصرة المقاومة والقضية والمقدسات، التي تربطنا بها روابط الدين والعروبة والدم والتاريخ والمصير المشترك، وأن ترغم الحكومات على الانحياز للحق والشرف والكرامة.

(يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ).

والله أكبر ولله الحمد.

الإخوان المسلمون في الاثنين 08 شوال 1435 هـ الموافق 4أغسطس2014م

بيان مناصرة لأهلنا في غزةمن 80 عالم سعودي

بيان حركة النهضةبخصوص التطورات الخطيرة في ليبيا

بيان بخصوص حصولحركة البناء الوطني في الجزائرعلى الإعتماد

الحوت:الحل بعرسال من خلال مبادرة سياسيةتحفظ كرامة الجيش وسيادة لبنان

شئون تركية

استطلاعات ترجح حسم أردوغانلانتخابات الرئاسة التركية من أول جولة

تركيا للمؤتمر اليهودي الأمريكي:

أنتم لا تكترثون بسياسات إسرائيل الوحشيةونرحب بطلب استعادة جائزتكم من أردوغان

شئون مصرية

مصر تتصدرقائمة الدول

المستوردةللقمح الروسي خلال الموسم الماضي

مصر من بين 11 دولة على حافة الإفلاس

الحكومة المصريةتفرض سيطرتها على المساجد

حرائر في سجون العسكر .... جريمة لم يرتكبها حتى الاحتلال البريطاني

من معين التربية الإخوانية

متى نصر الله..تأملات في سورة الأحزاب

متى نصر الله وقد استشهد منأمتنا الكثير والكثير .. وأصيب منها الألوف والألوف ... وتكالب عليها من في الداخل ومن في الخارج ممن نعلمهم وممن لا نعلمهم؟!

هكذا ينتاب الكثير من أصحاب الحق والمدافعين عنه والمؤمنين به والباذلين دماءهم وأرواحهم في سبيله هذا السؤال المشروع وغيره من الأسئلة:

هل تأخر النصر؟ ولماذا؟ وما الأسباب؟ ومتى نصر الله؟

ولم كل هذه الدماء والتضحيات ولم يأت النصر بعد؟

وغيرها من التساؤلات المشروعة، وكل ذلك يحتاج منا أن نقف وقفات تربوية مع بعض آيات سورة الأحزاب نقرأها قراءة تربوية متأنية لندرك من خلالها أن نصر الله قادم وربما قائم فعلاً، وأن النصر له قواعد وقوانين وسنن إلهية لا بد من توافرها وتحققها، تمثلها هذه النقاط العشر:

1- نصر الله قريب وقادم وقائم وله جنود لا يعلمها إلا الله، ولا يعلم أحد متى تتنزل ولا كيف إلا هو وقد تكون هذه الجنود خفية لا يعلمها إلا هو ولا تخطر ببال أحد بل قد تكون هذه الجنود في صفوف أعدائنا، فينقلها الله ويعطف قلبها علينا لتكيد لأعدائنا، وقد تكون هذه الجنود من الجمادات، ولكننا لا نرى النصر ولا جنوده لحكمة يريدها الله: (فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا).

2- نصر الله قريب وقادم وقائم حين نقدم أقصى ما لدينا من جهد وتضحيات: نعم قدمنا آلاف الشهداء وآلاف الجرحى والمصابين وآلاف المعتقلين وبذلنا الوقت والجهد والمال والولد والنفس والحياة فيأتينا الرد الإلهي (وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا)، فهو معنا يرى مكاننا ويعلم حالنا.

3- نصر الله قريب وقادم وقائم حين تشتد المحنة وحين تزداد شراسة الباطل وتتجمع كل قوى الشر على أهل الحق من كل صوب وحدب وتحيط مؤامرتهم بنا من كل مكان، (إِذْ جَاؤُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ) فهي بشرى نصر الله القريب. 4- نصر الله قريب وقادم وقائم حين يتحقق الامتحان الإلهي ويصل المؤمنون إلى مرحلة الزلزلة وتبلغ المعاناة بالمؤمنين شدتها ويزداد البلاء نزولاً بهم وتضيق الأنفس وتنخلع القلوب وتبلغ الحلقوم وهي أقصى محنة تواجههم قبل نزول النصر (وَإِذْ زَاغَتْ الأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالا شَدِيدًا) حينئذ يتنزل النصر.

5- نصر الله قريب وقادم وقائم حين تتمايز الصفوف ويظهر مرضى القلوب والمنافقون على طبيعتهم وينكشف أمرهم لكل من خُدع بهم (وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلاَّ غُرُورًا).

6- نصر الله قريب وقادم وقائم حين تتساقط كل أوراق التوت ويظهر أدعياء الحق ويفتضح أمرهم وينكشف خذلانهم للحق وأهله (يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِن يُرِيدُونَ إِلاَّ فِرَارًا).

7- نصر الله قريب وقادم وقائم حين ينكشف المثبطون والمتخاذلون عن نصرة الحق ويظهر سوء سريرتهم ونقضهم للعهود، وحين يطهر الصف المسلم من الخبث وينقى من الشوائب (قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنكُمْ وَالْقَائِلِينَ لإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلاَّ قَلِيلاً)، وبالتالي تختفي من حياتنا المنطقة الرمادية فيتحقق النصر.

8- نصر الله قريب وقادم وقائم حين نكون على خطى الحبيب في نصرة الحق وحين يكون الإتباع للرسول والاقتداء به كاملاً في منهج حياتنا (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا).

9- نصر الله قريب وقادم وقائم حين تقوى صلتنا بالله عز وجل وحين لا يخاف العبد غير ربه فإنه كافٍ أمره، وتصبح الثقة في الله يقينًا لدى المؤمنين وحين نستبشر خيرًا بما نرى من وقائع اليوم ولو كانت مؤلمة وندرك أنها بشرى نصر الله القريب (وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلاَّ إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا).

10- نصر الله قريب وقادم وقائم حين يفي المؤمنون بعهدهم مع الله ويقدم الرجال دماءهم رخيصة لله ويثبت الباقون من خلفهم ويحافظون على العهد ويواصلون الطريق مهما كانت التضحيات (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً).

نصر الله قريب جدًّا، وللنصر وقت محدد يعلمه الله وحده لا يتأخر ولا يتقدم، والنصر يأتي بطريقة إلهية وترتيب رباني، حتى يعلم الجميع، ويوقنوا أن النصر من عند الله، والنصر له جنود لا يعلمها إلا الله، ولحظة النصر قد تأتي بدون مقدمات بل ربما نكون نعيشه ولا ندركه، وأن نصر الله يأتي بعد استنفادنا كل الوسع وبذلنا كل التضحيات واستيئاسنا من بوادر النصر، وإن الله عز وجل يهيئ هذه الأمة لأمر عظيم يتطلب منا عظيم التضحيات وآلاف الشهداء وليفضح الله كل المنافقين، وتصبح المعركة علنية واضحة بين الحق والباطل ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة، فأبشروا بنصر الله القريب واثبتوا على الحق وإنما النصر صبر ساعة (ويقولون متى هو قل عسى أن يكون قريبًا)، والله أكبر ولله الحمد.

من المنهاج

الله غايتنا ... واجبات

أيها الإخوان:

آمنوا بالله واعتدوا بمعرفته والاعتماد عليه والاستناد اليه، فلا تخافوا غيره ولا ترهبوا سواه، وأدوا فرائضه واجتنبوا نواهيه.

وتخلقوا بالفضائل وتمسكوا بالكمالات .. وكونوا أقوياء بأخلاقكم، أعزاء بما وهب الله لكم من عزة المؤمنينوكرامة الاتقياء الصالحين.

وأقبلوا على القرآن تتدارسونه، وعلى السيرة المطهرة تتذاكرونها، وكونوا عمليين لا جدليين، فإذا هدى الله قوما ألهمهم العمل، وما ضل قوم بعد هدى جاءهم إلا أوتوا الجدل.

وتحابوا فيما بينكم، واحرصوا كل الحرص على رابطتكم فهي سر قوتكم وعماد نجاحكم، واثبتوا حتى يفتح الله بينكم وبين قومكم بالحق وهو خير الفاتحين.

واسمعوا وأطيعوا لقيادتكم في العسر واليسر والمنشط والمكره، فهي رمز فكرتكم وحلقة الاتصال بينكم. وترقبوا بعد ذلك نصر الله وتأييده.

والفرصة آتية لا ريب فيها (ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم).

أيها الإخوان المسلمون:

لقد قام هذا الدين بجهاد أسلافكم على دعائم قوية من الإيمان بالله، والزهادة في متعة الحياة الفانية، وإيثار دار الخلود، والتضحية بالدم والروح والمال في سبيل مناصرة الحق، وحب الموت في سبيل الله، والسير في ذلك كله على هدي القرآن الكريم.

فعلى هذه الدعائم القوية أسسوا نهضتكم وأصلحوا نفوسكم، وركزوا دعوتكم، وقودوا الأمة إلى الخير، والله معكم ولن يتركم أعمالكم.

فلسطين الأبية

من يوميات العدوان

على "غزة" العزة

بتصرف من سلسلة كتابات بقلم أ. مصطفى اللداوي

الشركاء في العدوان على غزة

الفلسطينيون في قطاع غزة لا يواجهون جيش الكيان الصهيوني فقط، ولا يقاومون عدوانه وحسب، بل إنهم يواجهون منظومةً كبيرة، وتحالفاً دولياً، على كل المستويات السياسية والعسكرية والإعلامية، التي التقت على كسر إرادة الشعب الفلسطيني، وتحطيم كبريائه، والقضاء على مقاومته، ونزع سلاحه، وتجريده من كل أسباب ومقومات القوة، لمنعه من أن يكون قادراً على صد العدوان، ومنع الاعتداء، وليكون دوماً أمام العدو جبهةً رخوة، وأرضاً سهلة، ولقمةً سائغة، يجتاحها وقت شاء، ويعتدي عليها كلما أراد، فلا يخاف من ردةِ فعلٍ مقاومة، ولا من عملياتٍ مباغتة، ولا مفاجئاتٍ قاتلة.

خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة قامت الإدارة الأمريكية بتحويل ملايين الدولارات لتحصين نظام القبة الفولاذية، وتمكينه من صد صواريخ المقاومة، ومنعها من الوصول إلى المناطق الإسرائيلية، فضلاً عن قيامها بإجراءاتٍ عديدة لتعويض الخلل في الاقتصاد الإسرائيلي الذي تضرر بفعل الحرب.

كما سمحت وزارة الدفاع الأمريكية للجيش الإسرائيلي باستخدام المخزون الاستراتيجي للأسلحة الأمريكية الموجودة داخل الكيان الصهيوني، والاستفادة من مستودعات الذخيرة، وهي ذخائر نوعية وخطرة.

الجيش الإسرائيلي لا يقاتل الفلسطينيين بجنوده فقط، وإنما أصبح في صفوفه المئات من المتطوعين الأجانب والمقاتلين الغرباء، فقد أوردت تقارير صحفية بناءً على معلوماتٍ عليمة ووثيقة الصلة بجيش الكيان، أنه بات يضم الآن مئات المقاتلين الأجانب من الجنسيات الأمريكية والبريطانية والفرنسية والكندية والأسترالية والنيوزيلاندية والأوكرانية والجورجية وغيرهم.

الحقيقة أنهم شركاء مع العدو في عدوانهم علينا، وأن الذي يدفعهم للتدخل الفاعل والمباشر، هو أنهم جميعاً خائفين على مستقبل الكيان الصهيوني، ويرون أن هذه المعركة مختلفةٌ عن كل الحروب السابقة، وأن الجيش الإسرائيلي لا قِبَلَ له على مواجهة الجيل الفلسطيني المقاوم الجديد، الذي يصر على النصر، ويرفض الهزيمة، ولا يؤمن بالتفوق الإسرائيلي، ولا يعتقد بدوام قوته، واستمرار هيبته، بل يرى أن زمن صعوده قد ولى، وزمان انكساره وسقوطه قد حل.

الجمعة 11:30 الموافق 1/8/2014 ( اليوم السادس والعشرون للعدوان)

هم يريدون أن يقتلوا الفلسطينيين، وأن يدمروا بيوتهم ومساكنهم، وأن يرتكبوا في حقهم كل الموبقات والمحرمات، بينما لا يحق للفلسطيني أن يردع قاتله، ولا أن يصد المعتدي عليه، ولا أن يحاول قتله أو أسره، رغم أن قاتله يركب دبابةً ويقصف، ويجلس على مربض مدفع ويرمي، ويحمل رشاشه ويطلق رصاصه عشوائياً يصيب به من يشاء.

كيف يستغرب العدو الإسرائيلي أن تقوم المقاومة الفلسطينية بأسر ضابطٍ عسكري، كان على أرض المعركة في الميدان، يصدر الأوامر، ويوجه الجنود، ويحدد مناطق القصف، والجهات المقصودة، ويوزع بسلاحه الموت والدمار والخراب على الفلسطينيين، ولا يبالي أين تقع قذائفه، وعلى من تسقط حممه.

هل يتوقعون من الشعب ومقاومته أن يسلم بمواقفهم، وأن ينزل عند إرادتهم، فيتنازل لهم عن سلاحه، ويفكك صواريخه، ويردم أنفاقه، ويسلم صُنَّاعَه وفنييه، ويبلغ عن الخبراء والعلماء، ويلغي عقيدة المقاومة وإرادة الصمود، ويقبل بأن يعيش طالباً للأمان، وساعياً للعيش والعمل، ينتظر الإحسان، ويعيش على المساعدات والمعونات، تفرحه الهبات، وترضيه الهدايا والحسنات، إكراماً للعدو ليسعد، ونزولاً عند إرادته ليرضى.

هذا الشعب بات يدرك أنه لا يحميه من عدوه سوى سلاحه، ولا يقاتل نيابةً عنه سوى سواعد أبنائه، وأن العدو ينتظر ساعة ضعفه، ويتربص به في يوم غفلته واستراحته، ليعتدي عليه وينال منه، وأنه لا يجوز الصمت عليه.

هذه هي القاعدة الذهبية التي يجب أن يفهمها العدو، وأن يدركها الحليف، ليغير بها قناعاته السابقة، ومفاهيمه البالية، فلا ينتظر من الفلسطيني أبداً أن يفرط في حياة شعبه، وأن يستهين بدماء أهله، وأن يسكت عمن يقصف وطنه، ويخرب بلاده.

السبت 23:25 الموافق 1/8/2014 ( اليوم السادس والعشرون للعدوان)

منهجية المجازر وعقائدية الصمود

لم يغير العدو الإسرائيلي من منهجيته العدوانية منذ أن بدأت عصاباته الصهيونية في ارتكاب المجازر الدموية ضد الشعب الفلسطيني، إنها ذات السياسة التي اتبعها منذ سبعين عاماً، وما زال إلى اليوم يحاول تطبيقها، ويتعمد القيام بها، دونٍ خوفٍ من رادعٍ دولي، أو مساءلة قانونية، أو محاسبةٍ سياسية.

وهو يأمل أن يحقق من وراء مجازره البشعة ذات النتائج التي حققها في سنوات التأسيس وما قبلها، إذ كان يرتكب المجازر المروعة بحق السكان الأصليين للبلاد، ليحملهم على الهجرة والنزوح، ومغادرة البلدات والقرى، والتخلي عما لهم فيها من حقوقٍ وممتلكات، فراراً بحياتهم، وحرصاً على مستقبل أطفالهم، ليتسنى لليهود بعدها أن يغتصبوا أرضهم، ويستحلوا بلداتهم، ويستوطنوا في بيوتهم ومنازلهم، ويستولوا على أموالهم وممتلكاتهم، وكل ما كان لهم فيها من مدخراتٍ ومقتنيات.

إلا أن الفلسطينيين قد وعوا الدرس جيداً، واتعظوا من التجربة القديمة، فما عاد أحدٌ يصدق الإسرائيليين أو يؤمن لهم، فلا يسمع أحد نداءهم، ولا يستجيب إلى تعليماتهم، ولا يخاف من تهديداتهم، فقد أقسموا ألا يهاجروا من جديد، مهما كان حجم المعاناة وعدد الجرحى والشهداء، فتراهم يقولون بصدقٍ وإيمانٍ، أنهم لن يتركوا بيوتهم ولو نسفت، وأنهم سيبقون يعمرون ما دمره العدو منها، ولو دمرها ألف مرةٍ فإنهم سيعيدون بناءها، فهو يبني ونحن نعمر، بل إن بعضهم يهدد الإسرائيليين بالعودة إلى القرى والبلدات الفلسطينية التي هُجِّرُوا منها في العام 1948، وسيبنون في أرضهم الأصلية بيوتهم، وسيعمرون منازلهم، وستعود إليهم قراهم وبلداتهم التي دمرها وخربها الإسرائيليون.

الأرض في عرفنا باتت عقيدة، لا نفرط فيها ولا نتخلى عنها، وسلاحنا بين أيدينا يحميها ويحفظها، ورجالنا يذودون عنها بالأرواح والمهج، ويضحون في سبيل البقاء فيها بما يملكون، فلا يحلم العدو أن مجازره ستجبرنا على الرحيل، أو أن مذابحه ستدفعنا للبكاء والعويل، فما كان قديماً لن يتكرر، وما سيرونه منا سيكون جديداً وذا عجب، وليعلموا أننا هنا ها هنا باقون، وعلى أرضنا ثابتون، كبقاء الزيت والزيتون، والتين والزعتر والليمون.

السبت 17:20 الموافق 2/8/2014 (اليوم السابع والعشرون للعدوان)

غراس المقاومة جنى السياسة

لا اعتراض أن يقوم السياسيون بجني غراس المقاومين، وحصاد ما زرعته المقاومة، فهذا هو الشيء الطبيعي والمفترض أن يكون، وهو ما اتبعته كل الثورات السابقة، وعلى نهجه مضت كل الانتفاضات، والتزم به المقاومون جميعاً، فكان الجزائريون يفاوضون الاستعمار الفرنسي بينما ثورتهم قائمة، ومقاومتهم متقدة، لا تقف ولا تتراجع، وكذا كان حال الفيتناميين الذين كانوا يفاوضون تحت النار، وبيوت الصفيح في أرضهم تحترق، وأرواح الآلاف من شعبهم تزهق، ولكن بندقيتهم بقيت مشرعة، ومخازن سلاحهم بقيت عامرة، وأنفاقهم كانت تلهب الأرض لهيباً تحت أقدام الأمريكيين، فتفاجئهم كبركان، وتدمر وحداتهم كزلزال، وغالباً كان النصر حليف المقاومين، والغلبة للمفاوضين الوطنيين في ظل النار.

أيها المفاوضون في القاهرة أروا الله وشعبكم اليوم قوة مقاومتكم، وعدالة قضيتكم، وإنسانية مطالبكم، وشرعية شروطكم، وصدقية مواقفكم، وتسلحوا بعد الله عز وجل بإرادة شعبكم وصمود مقاومتكم، وكونوا لشعبكم خير رسل، ولمقاومتكم أفضل رواد، واعلموا أن الرائد لا يكذب أهله، وأن الرسول لا يخدع شعبه، وإياكم والغرور والتكبر، والتفاخر والتعالي، بل كونوا لبعضكم متواضعين، وفي مواجهة عدوكم كباراً أعزة، فما أنتم إلا أسماءً سمتها المقاومة، وأرادها الشعب.

الأحد 02:25 الموافق 3/8/2014 (اليوم الثامن والعشرون للعدوان)

المقاومة صدقٌ وإرادة قبل العدة والسلاح

يتبجح العدو الصهيوني أمام شعبه وفي وسائل الإعلام، أنه دمر أكثر من ثلثي مخزون المقاومة الفلسطينية من الصواريخ والأسلحة، وأنه اكتشف ودمر أغلب الأنفاق المؤدية إلى البلدات الإسرائيلية، وأن البنية التحتية لفصائل المقاومة قد تضررت كثيراً، وأنها تلقت ضربةً موجعة، طالت مخازن السلاح، ومنصات الصواريخ، والعقول المصنعة ومطلقيها، وأنه أصبح من الصعب عليها أن تستعيد عافيتها بسهولة، أو أن ترمم قدراتها بسرعة، كما يستحيل عليها في ظل إغلاق الأنفاق من الجانب المصري أن تعيد ملأ مخازنها، ولهذا فإن على المجتمع الدولي أن يبادر إلى اجتماعٍ مسؤول للتأكيد على نزع سلاح المقاومة الفلسطينية، وجعل قطاع غزة منطقة منزوعة السلاح، قبل المباشرة في مشاريع إعادة إعماره، وفتح معابره، وتحسين ظروفه الاقتصادية، لئلا تتكرر مأساة السكان مرةً أخرى. يعلم العدو الصهيوني أنه يكذب على شعبه ويخدعه، وأنه يخفي عنه الحقيقة كلها أو بعضها، أو يقسطها عليه على مراحل، لئلا يصدم ويحبط، أو يخيب في حكومته رجاؤه، ويفقد في جيش كيانه أمله، كما أنه يفرض على وسائل الإعلام رقابةً شديدة، لئلا تسرب خبراً، أو تؤكد نبأً، وهو إذ يكذب على شعبه، فإنه لا يصدق نفسه، وإنما يحاول أن يطمئن شعبه، ويمني نفسه، بأنه قد انتصر وحقق أهدافه، وأنه يمضي وفق الخطة التي وضعها، وأن بنية المقاومة في قطاع غزة قد تضررت، وأن الخطر المتوقع منها قد تراجع.

ذلك ليعلم العدو الصهيوني وأقطاب حكومته المتشددة المتطرفة، أن الفلسطينيين لن يتخلوا عن المقاومة، ولن يقبلوا بالضعف، ولن يستسلموا لمحاولات القهر، وأن مساعيه لتجريدهم من سلاحهم، والقضاء على روح المقاومة عندهم ستبوء دوماً بالفشل، ولن تؤدي النتيجة المرجوة، ولن تحقق لهم الأمل المنشود، ولن يكون من بين الفلسطينيين من يقبل بموت المقاومة، ويسلم بعجزه أمام قوة العدو، ويقبل منه لضعفه ما كان يرفضه دوماً، ذلك أن المقاومة روحٌ تسري، وعقيدة تسكن، ودماءٌ تجري، ووعيٌ كامن، وإرادة باقية، لا يمكن للقوة العمياء أن تقضي عليها، ولا للعنف الأهوج أن ينهي وجودها.

لكن ما خفي على العدو الإسرائيلي وغيره، أن مقاومة الفلسطينيين في قطاع غزة، بكل أشكالها وأطيافها، وبشعبها الحاضن الصابر العظيم، ما كانت سلاحاً فقط، ولا عتاداً فتاكاً، ولا أنفاقاً جديدة، بل كانت قبل هذا كله إرادةً من حديد، وتصميماً لا يلين، وعزماً جديداً لا يعرف المستحيل، ويقيناً بالنصر واثقاً لا يتزعزع، وثباتاً على الأهداف لا يهتز ولا يتردد، وصبراً عجيباً يصنع المعجزات.

إنها إرادة الشعب الذي صنع السلاح، وحفر الأنفاق، وواصل إطلاق الصواريخ، واجتاز الحدود، والتف خلف خطوط النار، واقتحم المعسكرات، وتسلل إلى الثكنات، واشتبك مع القواعد والحراسات، وقاتل العدو من نقطة الصفر، ونال من هيبة الجيش والشعب، وهزأ الحكومة والقادة، وفضح الأنظمة والسادة، وكشف زيف الجمهوريات الممالك، وبين غدر الرؤساء والملوك، إنه لشعبٌ قادرٌ دوماً أن يكون الأقوى بإرادته قبل سلاحه، وبيقينه قبل عتاده، وبصدقه وإخلاصه قبل صواريخه ومعداته.

الأحد 23:25 الموافق 3/8/2014 (اليوم الثامن والعشرون)

جيش الدفاع الفلسطيني

الفلسطينيون يستحقون أن يكون لهم جيشٌ وطني، يدافع عنهم، ويقاتل من أجلهم، ويصد بقدراته عدوهم، ويحقق الانتصار بإرادته عليه.

الفلسطينيون لديهم الرغبة الجامحة لأن يكون لهم جيشٌ وطني، قويٌ وعنيد، وصلبٌ وشديد، وشابٌ وجلدٌ، وصبورٌ ومتفاني، ويتمتع بعقيدةٍ صادقة، وله قيادة رشيدة، تتقدم الصفوف، وتضحي قبلهم، وتقدم أكثر منهم، وتكون مثالاً للجنود، وتجعل من نفسها لهم نموذجاً ومثالاً، يحتذون بهم ويتعلمون منهم، ويزرعون فيهم عقيدة الوطن.

الاثنين 17:30 الموافق 4/8/2014 (اليوم التاسع والعشرون للعدوان)

جيش العدو ينسحب من غزة

ما إن انبلج الفجر ولاح نور الصباح حتى كانت آخر عربات جيش العدو تنسحب من قطاع غزة، وتجتاز الحدود الشرقية والشمالية للقطاع، إذ ما إن دخلت الهدنة الإنسانية الأخيرة حيز التنفيذ، حتى أتم جيش العدو انسحابه التام من كافة المواقع والمناطق التي احتلها خلال أيام العدوان الثلاثين، فلم يعد له وجودٌ على الأرض، فقد أدارت الدبابات مقودها وعادت أدراجها، وغيرت العربات العسكرية اتجاهها ورجعت من حيث أتت، وخمدت النيران، وتوقفت المدافع، وسكتت الدبابات، وغابت أصوات القصف، وحل في غزة هدوء وسكون، وصمتٌ إلا من زحوف العائدين، وأفواج الراجعين.

حكومة الكيان تدعي أنها ألحقت بالمقاومة خسائر كبيرة، وأنها أضرت ببنيتها التحية، وضربت مخازنها، وقصفت منصاتها، وقتلت عناصرها، ولكنها حتى اليوم ما زالت تتخبط وتتعثر، لا تعرف شيئاً عن المقاومة، ولا تدرك حقيقة نتائج العدوان عليها، وإن كانت تحلم وتتخيل، وترجو وتتمنى، أن تكون ضرباتها قد أصابت، وقصفها قد نال من عديد المقاومة وعتادها، وأضر بتجهيزاتها ومخزونها، وأن المقاومة أصبحت عاجزة عن النهوض والمواصلة، وأنها لن تتمكن من استعادة قدرتها وتعويض ترسانتها من جديد.

ولعله يعرف أن المقاومة ما زالت تملك أنفاقاً تدخل منها، وتلف خلف مواقعه وثكناته، وتهاجم جنوده وتجمعاته خلف خطوط النار، رغم ادعائه بأنه دمر الأنفاق وخربها، ولكن المقاومة التي خرجت إليه من نفقٍ معروفٍ ومدمر، تنبؤه أن مستقبله في خطر، إن هو كذب وغدر، ولعل الخوف يسكن مستوطنيه أكثر، إذ أنهم رغم وقف إطلاق النار، إلا أنهم خائفين قلقين، لا يفكرون في العودة، ولا يجرؤون على القيام بها، حتى يتأكدوا أن الحرب قد وضعت أوزارها، ولا يكون هذا إلا إذا أعلنت المقاومة أنها ستلتزم بالهدنة.

الثلاثاء 14:00 الموافق 5/8/2014 (اليوم الثلاثون للعدوان)

ارفع رأسك ... أنت في غزة

بكلِ فخرٍ واعتزاز، وزهوٍ وكرامةٍ وانتعاش، نرفع الرأس عالياً ونفاخر، ونقف شامخين بين الأمم ونجاهر، وبعالي الصوت أمام العالمين نصدح، أننا إلى غزة ننتمي، وإليها ننتسب، وفوق أرضها نعيش، ومن مائها نرتوي، وتحت سمائها نستظل، وبين شعبها نعيش، وفي ثراها ندفن، ومنها نبعث، فهي منا ونحن منها، تربطنا بها وشائج قربى، ونياط قلب، وأواصر محبة، هي قلبٌ من الوطن، وجزءٌ من الأرض، اعتاد الثورة، وتعود على الانتفاض، يرفض الضعف والصغار، ويأبى أن يستذل أو يهان، ولا يسكت على الضيم والاعتداء، ولا يتردد في الثأر والانتقام، والثورة ورد الاعتبار.

فيا أيها الفلسطينيون في كل مكانٍ، في الوطن والشتات، تيهوا اليوم وافخروا بغزة، فهي مدينتكم القديمة، وحاضرة البحر العريقة، وبلدة العرب العتيقة، ممر التجار، ومعبر الرحالة والمحاربين، أمَّها جدُ نبيكم الأكرم، الهاشمي الاسم والنسب، فحملت من بعده نسب النبي وشرف الدوحة الهاشمية، فكانت غزة هاشم، مسكن الجبابرة، وأرض العظماء، ومقتل الغزاة المعتدين.

أيها العرب ويا أيها المسلمون، إنها غزة، مدينتكم الصامدة، وقطاعكم الحبيب، الذي راهنتم عليه وأملتهم فيه، فما خيب رجاءكم، وما ضيع آمالكم، وما أهدر أموالكم، ولا بعثر عونكم، ولا فرط في مساعداتكم، فكان عند حسن ظنكم به، صدق الله قلبه فصدقه وعده، فجهز بمالكم مقاومته، وأعد سلاحه، ودرب رجاله، وطور من قدراته، وأبدع في قتاله، وابتكر في وسائله وطرقه، حتى غدا القطاع بكل أهله جيشاً لا يهزم، وإرادةً لا ترد، وبأساً لا يهون، وعزماً لا يفل.

طوبى لمن أحب غزة وتعلق بها، وسهر من أجلها، وعمل لصالح أهلها، وجهز مقاتليها، وعمر بماله بنادق رجالها، واشترى حراً بما يملك صواريخاً يطلقها جهاداً باسمه على العدو ليدحرهم، وعلى المستوطنين ليردعهم، فيكون له في المعركة سهمٌ يباري به الآخرين، ويفخر به بين العالمين، ويتيه شكراً لله أن له في هذه الحرب نصيباً، وأنه في النصر شريك، فقد غرس في ترابها اسمه، وزرع في أرضها نسبه، فكان من الخالدين نذكرهم، ومن الباقين الذين لا ننسى بين الناس دوماً ذكرهم.

غزة الشرارة ومنها الانطلاقة، وهي البداية والبوابة، ومقدمة الجيش وطلائع المقاومة، هي شوكةٌ لن تنكسر، وصخرةٌ لن تتحطم، وإرادةٌ لن تتزعزع، وقوةٌ لن تهزم، ورأسٌ عالٍ لن تنحني، وأهلٌ أباةٌ، وشعبٌ عصيٌ، وسكانٌ جبابرة، ورثة عمالقة، مسلمون ومسيحيون، معاً يصنعون النصر، ويرسمون خطوط الغد، الذي سيكون نصراً وحرية، ووطناً حراً سيداً ومستقلاً، وما ذلك على الله بعزيز.

الثلاثاء 11:25 الموافق 5/8/2014 (اليوم الثلاثون للعدوان)

أبو مرزوق:"إسرائيل" هزمت بكل المقاييسوسنحقّق مطالبنا الفلسطينية مع كل التضحيات التي قدّمها شعبنا الحركة الإسلامية في الأردن :غزة انتصرتوالاحتلال يجر أذيال الفشل

استقالة وزيرة مسلمةرفضًا لسياسة بريطانيا الداعمة للصهاينة

"هاآرتس":أمريكا و"إسرائيل" تجسستا على حكم مرسي

وزير صهيوني يعترف:خسرنا معركتنا أمام حماس

الاحتلال الإسرائيليدمر 41 مسجدًا تدميرًا كليًا و120 جزئيًا

شهادات في إسرائيلعن جرائمها بحق غزة

4500 مولود فلسطيني في غزةخلال العدوان الصهيوني

ضابط إسرائيلي:قطاع غزة أخترع لجيوش العالم سلاحاً جديداً

كذابون ومخادعون من يومهم

فهمي هويدي

يوم الجمعة الماضي (الأول من أغسطس) أعلنت تل أبيب أن مقاتلين من حركة حماس اختطفوا ضابطا إسرائيليا خلال عملية عسكرية شرق رفح جنوب قطاع غزة، وأن ذلك حدث في بداية فترة وقف إطلاق النار الذي اتفق عليه لمدة 72 ساعة.

وفور إذاعة الخبر ردت إسرائيل بغارات مكثفة على رفح، أوقعت مجزرة بالمدينة، وكان من بين الأهداف التي تعرضت للقصف مدرسة تابعة للأمم المتحدة تجمع بداخلها 300 شخص قتل منهم عشرة وأصيب 35 بإصابات مختلفة. ولم يقف الأمر عند الانتقام الذي تولته طائرات إف 16، لأن إسرائيل سارعت إلى إبلاغ الأمم المتحدة وواشنطن ومصر بالقصة، ومن ثم توالت تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة ووزير الخارجية الأمريكي داعية إلى ضرورة إطلاق سراح الضابط على وجه السرعة ودون أي شروط.

بعدما أنهت الطائرات الإسرائيلية مذبحة رفح، أعلنت إسرائيل أن الضابط الذي ادعت اختطافه من جانب حماس، تم العثور على أشلاء تهمه في مكان قريب من العملية. الأمر الذي كان دليلا على أنه قتل ولم يختطف.

لم تكن هذه هي المفاجأة الوحيدة. لأنه تبين فيما بعد أن إسرائيل هي التي قتلته وأنها كانت تعلم ذلك، لكنها خدعت الجميع بحكاية اختطافه أثناء فترة وقف إطلاق النار، لكي تبرر المذبحة التي نفذتها في رفح.

هذه المعلومة كشفت عنها صحيفة "نيويورك تايمز" التي أعلنتها في خبر بثته على موقعها الإلكتروني يوم الأحد 3/8، ثم رفع بعد ذلك ولم يظهر له أثر.

خلاصة الخبر كما أوردته الصحيفة الأمريكية أن الضابط الإسرائيلي أصيب في معركة مع عناصر كتائب القسام قبل سريان موعد وقف القتال،وأنه تعرض للخطف فعلا، ولكن القوات الإسرائيلية أطلقت نيرانها على خاطفيه الذين حملوه إلى نفق كان يفترض أن يهربوا من خلاله، فقتلتهم جميعا وتعمدت قتله معهم، حتى لا يتم اختطافه حيا.

ونقلت الصحيفة عن مصدر عسكري هو الكولونيل لوند قوله إن هذا الذي لجأت إليه القوات الإسرائيلية يعد تطبيقا لما سمي بعملية "هانيبال" التي بمقتضاها يقطع الطريق على أي محاولة خطف عسكري إسرائيلي حيا من جانب "العدو"، حتى إذا اقتضى الأمر التضحية بحياة الإسرائيلي ذاته، إذ المهم ألا يبقى بين أيديهم حيا.

ليست هذه الكذبة أو الخدعة الوحيدة التي أطلقتها إسرائيل لكي تغطي بها ممارساتها الوحشية وتبرر جرائمها بحق الفلسطينيين، ذلك أن سجل الدولة العبرية حافل بمثل هذه النماذج.

والحرب التي نحن بصددها بدأت بكذبة أو خدعة مماثلة، إذ ادعت إسرائيل أن حركة حماس خطفت ثلاثة من المستوطنين، الذين تم العثور عليهم مقتولين في وقت لاحق.

ورغم أن العملية تمت في الضفة الغربية، وكانت إسرائيل تعلم أن حماس لم تكن طرفا فيها كما ذكر التليفزيون الألماني، إلا أن إسرائيل سارعت إلى شن غاراتها على القطاع ابتداءً من يوم 8 يوليو وشرعت في تدميره وإغراقه في بحر الدماء على النحو الذي يعرفه الجميع.

مما يذكر في هذا الصدد أن قطاع غزة ذاته سرقت منه إسرائيل 200 كيلومتر مربع في عام 1949 من خلال خدعة انطلت على الجميع ولم يكتشف أمرها إلا بعد فوات الأوان.

وقد كشف سر هذه الخديعة الدكتور سلمان أبوستة مؤسس هيئة أرض فلسطين في مقالة له نشرتها جريدة الحياة اللندنية في 16/3/2009م، إذ ذكر أنه طبقا لاتفاق الهدنة فإن المساحة الحقيقية للقطاع هي 555 كيلومترا مربعا، ولكن إسرائيل سرقت منه المائتي كيلومتر حتى أصبحت مساحته 362 كليومترا فقط، واستقر ذلك الوضع المستجد بمضي الوقت في الوثائق المتداولة وفي وسائل الإعلام.

خلاصة الحيلة كانت كالتالي:

إثر الاشتباكات التي حدثت بين القوات المصرية والإسرائيلية وبعدما استطاع الأخيرون محاصرة القوات المصرية في الفالوجة، عقدت اتفاقية للهدنة بين الطرفين في شهر فبراير عام 1949م، وبمقتضاها تم تحديد خط الهدنة كما لو كان سورا يحيط بقطاع غزة، إلا أن الجانب الذي خضع للسيطرة الإسرائيلية كانت فيه بعض القرى العربية، التي ظل يتردد عليها سكانها الذين تواجدوا في الجانب المصري، وقد تسبب دخول هؤلاء وخروجهم في وقوع بعض الحوادث بسبب الألغام المتفرقة، لذلك اقترح الإسرائيليون أن تقام منطقة عازلة بين الطرفين بحدود مائتي كيلومتر اقتطعت من المساحة التي خصصت لقطاع غزة، ووقعت اتفاقية سرية بهذا المعنى بين الطرفين مثل الجانب المصري فيها "الصاغ" حينذاك محمود رياض، ورغم النص على أن الخطوط الموضوعة مؤقتة وأنها لا تؤثر على اتفاقية الهدنة الرئيسية، إلا أن الإسرائيليين وضعوا أيديهم على المساحة المقتطعة وضموها في هدوء إلى حدود بلادهم، في حين خسر القطاع أكثر من نصف مساحته الحالية، ومسحت الخدعة الإسرائيلية خطوط الهدنة التي يفترض أن تكون المرجع الأصلي للحدود، ومن ثم تغلبت القوة على الحق وكتب بذلك فصل مهم في سجل الكذب والخداع، الذي ما برحت إسرائيل تضيف إليه فصلا جديدا كل حين.

دراسات

أصعب حروب إسرائيل

مؤمن بسيسو

ما تكبدته إسرائيل من خسائر عسكرية وسياسية وإعلامية -جراء حربها الغاشمة على غزة- يؤكد بما لا يدع مجالا للشك، أن هذه الحرب أصعب حروب إسرائيل.

لا تكاد تجد مسؤولا سياسيا أو قائدا عسكريا وأمنيا أو خبيرا إستراتيجيا داخل إسرائيل تُداخله العجرفة المعهودة أو يجترح المكابرة بشأن حقيقة الحرب على غزة التي يُتوقع أن تكون قد وضعت أوزارها، أو اقتربت من نهايتها بشكل أو بآخر مع نشر هذا المقال.

إذ تُجمع كل الدوائر والمجامع والمستويات الإسرائيلية المختلفة، رسميا وشعبيا، أن هذه الحرب تشكل أصعب حروب إسرائيل على الإطلاق، في ظل ذهول كامل جراء القدرات الفائقة التي أبدتها المقاومة الفلسطينية في إدارة المعركة وحسن استخدام تكتيكات المواجهة، بما أذلّ ناصية الجيش الذي ادعوا – دهرا - أنه لا يقهر، ووضعه في أشد لحظاته حرجا منذ نشأة إسرائيل.

ويمكن تصنيف تكتيكات المواجهة التي أرهقت إسرائيل عسكريا ضمن المحاور التالية:

"تُجمع الدوائر والمجامع الإسرائيلية المختلفة، أن هذه الحرب تشكل أصعب حروب إسرائيل على الإطلاق، في ظل ذهول كامل جراء القدرات الفائقة التي أبدتها المقاومة الفلسطينية في إدارة المعركة وحسن استخدام تكتيكات المواجهة".

أولا: فنّ إطلاق الصواريخ

منذ الساعات الأولى للحرب أدركت القيادتان السياسية والعسكرية في إسرائيل أن المخزون الصاروخي لقوى المقاومة الفلسطينية ليس مخزونا عاديا، وأن الأمر لا يتعلق بمئات الصواريخ بل بالآلاف التي تستطيع تهديد مناطق شاسعة داخل إسرائيل.

ولا يخفى أن دوائر البحث الإستراتيجي والتحليل الاستخباري العاملة ضمن المستوى العسكري والأمني والاستخباري الإسرائيلي تعكف على رصد وتفحص عدد الصواريخ التي يتم إطلاقها يوميا، ونوعيتها، ومداها، والجهات التي تطلقها، وطبيعة الأماكن والمواقع التي تستهدفها، وتضع كل هذه المعطيات تحت مجهر البحث والتحليل، لتخرج من بعد بالعديد من النتائج والخلاصات حول طبيعة الأداء المقاوم ومدى قوة واحترافية قوى المقاومة وحجم قدراتها الصاروخية، وهو ما يفيدها كثيرا في فهم تضاريس المعركة مع المقاومة، ورسم تصور واضح حول الأفق الزمني الذي يمكن أن يبلغه مسار المواجهة مع الفلسطينيين.

ولم تمضِ إلا بضعة أيام على بدء الحرب حتى أيقنت القيادتان السياسية والعسكرية في إسرائيل أن العقل الفلسطيني المقاوم الذي يتولى إدارة المنظومة الصاروخية الفلسطينية يمتاز بمهارات عالية وذكاء عسكري لافت، جسّده كثافة عدد الصواريخ المطلقة يوميا، وشمولها الجغرافي مختلف المدن والبلدات الإسرائيلية في طول وعرض إسرائيل، مع التركيز على منطقة الجنوب التي تشكل قلب العمل الصناعي والاقتصادي في إسرائيل، ومنطقة الوسط التي تشكل الثقل السياسي، دون أن تهمل مناطق الشمال التي أكدت مدى قدرة صواريخ المقاومة على النيل من العمق الجغرافي الإسرائيلي، وأشعرت الإسرائيليين بانعدام الأمن في كل مكان داخل إسرائيل.

بل إن وقع المفاجأة على قادة الاحتلال كان مدوّيا حين استمر إطلاق الصواريخ الفلسطينية على مدى أيام الحرب بوتيرة منتظمة تقريبا دون أي تغيير، وزاد الأمر تعقيدا فشل القبة الحديدية في اعتراض معظم الصواريخ الفلسطينية رغم كلفتها المادية الباهظة والهالة الدعائية الهائلة حولها التي تم تسويقها في المجتمع الإسرائيلي.

ولعل أخطر ما واجهته إسرائيل في إطار مواجهة صواريخ المقاومة الفلسطينية يكمن في استهداف المواقع العسكرية والأمنية الحساسة التي أعلنت المقاومة عن استهداف العديد منها في الوقت الذي حرص فيه مقص الرقيب الإسرائيلي على منع أي إشارة حولها في وسائل الإعلام الإسرائيلية، ناهيك عن دقة استهداف المستوطنات والبلدات المحيطة بغزة، والحشود والتجمعات العسكرية على التخوم عبر قذائف الهاون والقذائف الصاروخية قصيرة المدى.

ثانيا: حرب الشوارع والأنفاق

لم يكن جيش الاحتلال يتخيل في أسوأ سيناريوهاته أن الأيام التي قضاها على الأطراف الحدودية لغزة سوف تسجل في أسوأ سجلات الإخفاق العسكري منذ نشأة إسرائيل وحتى اليوم.

من أشد المفارقات التي تُظهر حجم الاستخفاف الإسرائيلي الرسمي بقوة وقدرات المقاومة الفلسطينية أن النقاشات التي جرت سابقا داخل أروقة الحكومة الإسرائيلية حول سبل وآليات التعاطي مع مشكلة غزة وصواريخها، والخيارات المطروحة في هذا الإطار التي يشكل اجتياح غزة بالكامل إحداها، كانت تتم بأريحية واضحة واستهتار بائن ينم عن جهل مدقع بحقائق وتضاريس الواقع، وتُظهر أن الأسباب الأساسية للإحجام الإسرائيلي عن اجتياح غزة سابقا لا ترتبط بالخشية من ثقل الخسائر العسكرية بقدر ما ترتبط بأسباب سياسية واقتصادية أخرى.

وحين اتخذ المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون السياسية والأمنية "الكابينت" قراره ببدء المعركة البرية في نطاق المناطق الشمالية والشرقية من قطاع غزة لاستدراج المقاتلين وهدم الأنفاق، كان يعتقد أن الأمر لا يعدو كونه مجرد جولة عسكرية اعتيادية لن تشهد أية مفاجآت، وأن الجهد العسكري الإسرائيلي لن يستغرق سوى بضعة أيام للتخلص من الأنفاق وتدمير منصات الصواريخ والإثخان في المقاتلين الفلسطينيين.

بل إن العالمين ببواطن الأمور، والقارئين لما بين السطور، يدركون أن الخطة الإسرائيلية البرية لم تكن محدودة بالمعنى الحرفي للكلمة، وأن القرار العسكري يقضي بدحرجة الخطة حسب التطورات الميدانية كي تخترق مناطق وأحياء وتجمعات هامة داخل القطاع، وتصيب قدرات المقاومة في مقتل إستراتيجي، إلا أن كل ذلك فشل منذ اللحظة الأولى للاجتياح البري على صخرة التصدي الأسطوري للمقاومة.

"لم يكن جيش الاحتلال يتخيل في أسوأ سيناريوهاته أن الأيام التي قضاها على الأطراف الحدودية لغزة سوف تسجل في أسوأ سجلات الإخفاق العسكري منذ نشأة إسرائيل وحتى اليوم".

ويمكن الإشارة إلى أهم التكتيكات العسكرية لقوى المقاومة في مواجهة الحملة البرية الإسرائيلية التي أذهلت القيادتين السياسية والعسكرية في إٍسرائيل، فيما يلي:

الأنفاق

تشير شهادات حية موثقة لجنود الاحتلال الذين شاركوا في معارك غزة البرية إلى مدى شراسة وضراوة وخطورة المواجهات مع رجال المقاومة الفلسطينية، وهو ما حدا بقيادات عسكرية وخبراء إستراتيجيين إسرائيليين إلى القول إن هذه الحرب تعتبر الأكثر صعوبة في تاريخ إسرائيل بسبب فشلها في مواجهة ظاهرة الأنفاق الأرضية التي استخدمت بكثرة إبان الحرب.

فقد لعبت الأنفاق الدور الأكثر محورية في إذلال الجيش الإسرائيلي وتكبيده خسائر فادحة في الأرواح والعتاد العسكري، عبر العمليات الهجومية التي فاجأت وحدات النخبة الإسرائيلية وجرعتها طعم الهزيمة والانكسار في حي التفاح، والشجاعية، ومناطق شرق خان يونس، ورفح، وبيت حانون، وكان من نتائجها فقد جندي وضابط إسرائيليين، فضلا عن عمليات الإنزال خلف خطوط العدو التي نفذتها المقاومة باقتدار كبير واحترافية عالية من خلال أنفاق متوسطة المدى استهدفت مواقع عسكرية في المستوطنات والمناطق القريبة من قطاع غزة، وأسفرت عن مقتل وجرح الكثير من جنود الاحتلال.

ولم يخلُ يوم في الحرب إلا وطالعتنا فيه الأنباء بحدث عسكري قوي وعملية جديدة للمقاومة عبر الأنفاق، ما أصاب المستويين السياسي والعسكري في إسرائيل بهستيريا الأنفاق، واضطر نتنياهو ووزراء حكومته وقادة جيشه للقول بأن الأنفاق تشكل تهديدا إستراتيجيا حقيقيا لا يمكن التهاون معه بأي حال من الأحوال.ولعل ما ضاعف الهستيريا الإسرائيلية الرسمية إزاء ظاهرة الأنفاق أن النفق الواحد كان يجري استخدامه أكثر من مرة من طرف المقاومة، وأن عددا من الأنفاق التي أعلن الجيش الإسرائيلي عن تدميرها قام عناصر المقاومة بإعادة استخدامها مرة أخرى، بشكل أذهل قادة الاحتلال وغرس فيهم أنياب القلق والإحباط بشكل غير مسبوق.

الكمائن وحرب الشوارع

لعل أكثر ما فاجأ قادة وجنود الاحتلال تلك الجرأة والجسارة غير المسبوقة التي تميز بها عناصر المقاومة في مواجهة الترسانة العسكرية الإسرائيلية الكبرى، فما أن اجتاحت الدبابات والآليات العسكرية الأطراف الشرقية والشمالية لمدن وبلدات القطاع حتى فوجئت بالمقاتلين الفلسطينيين يتصدون لها وجها لوجه من النقطة "صفر" في كثير من الأحيان، وينصبون لها الكمائن في كل مكان، في التحام ميداني مباشر كسر هيبة الجيش الإسرائيلي، وجعل الضباط والجنود يتحدثون عن مواجهات صعبة للغاية لم يشهدوا لها مثيلا من قبل، في وقت تعودوا فيه على خوض حروب ومواجهات خفيفة أشبه ما تكون بـ"النزهة" منذ تأسيس الكيان الإسرائيلي عام 1948، باستثناء حرب لبنان عام 2006 التي واجهت فيها إسرائيل مقاومة حقيقية.

"ما ضاعف الهستيريا الإسرائيلية الرسمية إزاء ظاهرة الأنفاق أن النفق الواحد كان يجري استخدامه أكثر من مرة من طرف المقاومة، وأن عددا من الأنفاق التي أعلن الجيش الإسرائيلي تدميرها قامت المقاومة بإعادة استخدامها مرة أخرى".

لقد أبدعت المقاومة الفلسطينية في نصب الكمائن وحرب الشوارع، وأعجزت جيش الاحتلال عن مواصلة التوغل في مناطق الاجتياح، وهو ما جعل وسائل الإعلام الإسرائيلية تتحدث عن حرب شوارع حقيقية تتأسس على فنون قتالية احترافية أتقنتها عناصر المقاومة، ووجدت تجسيداتها في الأعداد المتزايدة من القتلى والجرحى الذين حفلت بهم المستشفيات الإسرائيلية يوميا.

ثالثا: الحرب الاستخبارية

وتتمثل الركيزة الثالثة ضمن تكتيكات المواجهة في الحرب الاستخبارية التي قادتها المقاومة بإبداع منقطع النظير.

ففي الوقت الذي فشل فيه الاحتلال استخباريا عبر عجزه المكشوف عن جمع المعلومات عن منصات الصواريخ والأنفاق وأماكن اختفاء قادة وكوادر المقاومة وطبيعة القدرات القتالية للمقاومة، فإن المقاومة، وخصوصا كتائب القسام، أثبتت قدرات استخبارية لافتة من خلال جمع المعلومات عن المواقع العسكرية الإسرائيلية في محيط قطاع غزة والمناطق والبلدات الجنوبية في إسرائيل.

وبلغت القدرات الاستخبارية لدى المقاومة حدّ جمع المعلومات عن مواقع ومنشآت إستراتيجية مثل مبنى وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب التي تمكنت كتائب القسام من رصدها عبر تسيير طائرات استطلاعية بدون طيار فوقها، فضلا عن توفير معلومات دقيقة حول عمليات هجومية إسرائيلية قبل حدوثها، مثل عملية الإنزال البحري قبالة شاطئ السودانية شمال مدينة غزة إبان الحرب.

كما تمكنت المقاومة – استخباريا - من تحديد أماكن الحشود والتجمعات العسكرية الإسرائيلية في المناطق الحدودية قبل وأثناء عملية الاجتياح البري المحدود، وهو ما سمح لها بإدامة قصفها والاشتباك معها على الدوام.

رابعا: الحرب النفسية

جرت العادة أن تباشر إسرائيل بالحرب النفسية ضد الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة ضمن حملة متناسقة من الألف إلى الياء، فيما يلوذ الفلسطينيون برد الفعل ليس أكثر، إلا أن هذه الحرب قلبت ظهر المجنّ أمام القدرات الإسرائيلية المعهودة في مجال الحرب النفسية.

فقد فاجأت المقاومة الفلسطينية إسرائيل قبل اندلاع المعركة برسائل إعلامية مركزة ومتواترة، استهدفت إرباك المستويين: السياسي والعسكري في إٍسرائيل وضرب الجبهة الإسرائيلية الداخلية.

ومع بدء المعركة استمرت المقاومة التي تقودها كتائب القسام في تصدير رسائلها الإعلامية المؤثرة التي تنوعت في أشكالها ومضمونها وأهدافها بصورة شبه يومية، ما حدا بالعديد من المعلقين والخبراء الإستراتيجيين الإسرائيليين للتأكيد بأن إسرائيل خسرت الحرب النفسية مبكرا لصالح المقاومة الفلسطينية.

ولا ريب أن قوة رسائل الحرب النفسية للمقاومة الفلسطينية لم تأتِ من فراغ، وإنما تم إعدادها وصوغ مضامينها من قبل مختصين وخبراء في مجال الحرب النفسية، مما يؤشر إلى مستوى التطور الهام الذي بلغته المقاومة الفلسطينية على مختلف الأصعدة والمجالات، وهو ما ترك – بالتالي - أوضح الأثر على طبيعة إدارة الطرف الآخر (إسرائيل) للمعركة التي شابها الكثير من التخبط والإرباك، ومستوى الضعف الذي اعتور المجتمع لإسرائيلي والجبهة الإسرائيلية الداخلية.

ومقاومتهم، فإذا بها تنقلب مطرقة صلدة تهوي على رؤوس الإسرائيليين وحكومتهم النازية وجيشهم الغاشم الذي واجه - بحق- الحرب الأصعب في تاريخ إسرائيل.

منع الملتحين والمحجباتمن ركوب الحافلاتفي إحدى مدن شينجيانغ بالصين

ذكرت صحيفة صينية رسمية أن إحدى مدن منطقة شينجيانغ المسلمة في شمال شرق الصين منعت الملتحين والمحجبات من ركوب وسائل النقل المشترك مما أثار استياء مجموعة للدفاع عن حقوق الأويغور.

وقالت صحيفة "يومية كاراماي"أن سلطات كاراماي منعت ذوي "اللحى الكبيرة" والأشخاص الذين يضعون الهلال على ثيابهم، من ركوب حافلات البلدية.

كما منعت من استخدام وسائل النقل المشترك النساء المحجبات والمنقباب واللواتي يرتدين البرقع.

وحذرت الصحيفة من أن "الشرطة ستلقي القبض على الذين لا يتعاونون مع فرق التفتيش".

ويناهز عدد الأويغورعشراتالملايين في شينجيانع، وهم مسلمون يتحدثون اللغة التركية ويرفض قسم منهم الوصاية الصينية.

ويعتبر خبراء ومجموعات للدفاع عن حقوق الإنسان أن السياسة القمعية التي تطبقها بكين على ثقافة الأويغور وديانتهم تؤجج التوتر في شينجيانغ.

فقد تشددت السلطات في منع مسلمي المنطقة من القيام بأداء فريضة الصوم في رمضان هذه السنة، فيما تستهدف حملات متكررة منع ارتداء الحجاب فيها.

والله أكبر ولله الحمد.

والله الموفق وهو الهادي إلى سواء السبيل

والله أكبر ولله الحمد

وفي انتظار رؤيتكم ونصائحكم

أسرة رسالة الإخوان

[email protected]

[email protected]

المصدر